لماذا صمتت إيرلندا عن إعتداءات رجال الدين على الأطفال؟
أ. ف. ب.
GMT 13:56:00 2010 الجمعة 23 أبريل
التجاوزات الجنسيَّة بحق آلاف الاطفال التي ارتكبها اعضاء من الاكليروس الكاثوليكي الايرلندي بقيت طي الكتمان طوال عقود، لكن التساؤلات تدور حول الاسباب التي دفعت بالكنيسة والشرطة والاساتذة وحتى الاهالي للسكوت عنها.
دبلن: حتى التسعينات، "كان متعذرا بكل بساطة تحدي الكنيسة" كما قال كيفن لالور الطبيب النفساني ومدير مدرسة العلوم الاجتماعية في دبلن انستيتيوت اوف تكنولوجي. وكانت هالة تحيط بالكنيسة الايرلندية منذ بداية القرن العشرين عندما اصبحت "قوة معادية لبريطانيا قبل الاستقلال" في العام 1921. وخرجت من تلك المعركة "بشعور من الزهو".
واضاف لالور الذي كتب بضع دراسات عن هذا الموضوع "كانت الكنيسة في ايرلندا ذراعا للدولة اكثر من اي بلد آخر". وكانت السلطات الكنسية الكاثوليكية تتولى ادارة القسم الاكبر من المدارس والمستشفيات وتتدخل في كل التفاصيل بما في ذلك تشكيل الحكومة.
وكانت الكنيسة الواسعة النفوذ، تتمتع بسلطة ايضا على الصعيد الاخلاقي. وقالت سو دونيللي استاذة العلوم الاجتماعية في جامعة دبلن ان "الكاهن كان الرمز الاسمى للاخلاقية والعفة ويحظى باحترام فائق. وما كان احد ليصدق المعتدى عليه جنسيا، سواء في مجموعته واصدقائه وعائلته".
ففي العام 1990، نشرت صحيفة اقليمية مقالة عن اعتداء كاهن على الاطفال في ابرشية فرنز (جنوب شرق)، فأجري تحقيق واسع اسفر عن صدور تقرير يحمل اسم كاتبه في العام 2005. وذكرت دونيللي ان "الناس لم يصدقوا ذلك، واحتشدوا امام مكاتب الصحيفة واحرقوا نسخها وقاطعوا المعلنين" فيها.
واوضح لالور ان الطفل الضحية غالبا ما كان لا يتلقى الدعم حتى من قبل ابويه، في تلك الفترة التي كانت فيها "والدة تقول لطفل يشكو من معاقبة الاستاذ اياه:"لقد استحقيت العقاب". اما الشرطة "فكانت تعتقد ان التحدث بتكتم مع الاسقف كانت كانت افضل ما يمكن القيام به، اذا كان الامر يتعلق بالاخلاق وليس بالقانون"، كما قال لالور. لذلك غالبا ما كان الكهنة ينقلون، واحيانا ليبدأوا حياة جديدة في مكان آخر.
ويتذكر لالور "كان متعذرا علينا التحدث في هذا الموضوع مع اي كان، وخصوصا الشرطة والاساتذة والاهالي. ولم تكن تتوافر اي آلية" لمعالجة المشكلة. وكان يتعين على المعتدى عليه من اجل ان يتكلم، تجاوز "صعوبة الحديث عن الجنس" ايضا في مجتمع ايرلندي محافظ جدا ويتجاوز بالتالي صعوبة الا يبقى "كاثوليكيا صالحا"، كما اشارت دونيللي.
وكان الطفل يواجه ايضا الخوف "من انزال مزيد من العقاب القاسي فيه"، كما اضاف بادي دويل، احد اوائل الضحايا الذين فجروا القضية من خلال كتابه "كتيبة الله" الصادر عن دار كوربي للنشر في 1990. وفي حديثه عن طفولته في اصلاحية كان يتولى رجال الدين ادارتها، والتي دخلها هذا اليتيم في الرابعة من عمره في العام 1955، قال "اذا ما قلنا شيئا ما، كنا نتعرض للضرب وكان يمكن ان يحرموننا من الطعام او من اي اتصال مع الاطفال الاخرين".
وقالت هيلين باكلي الخبيرة في حماية الاطفال في معهد الثالوث الاقدس في دبلن، ان الناس لم "يكونوا ايضا واعين فعلا" لتلك المشكلة. واضافت "حتى قبل 15 الى 20 عاما كان يسود الاعتقاد بان التجاوزات الجنسية يقترفها اشخاص تافهون ومرضى عقليون او مدمنون على الكحول". واضافت ان الناس في التسعينات بدأوا يتحدثون يدفعهم الى ذلك "هيئات عدة لتقديم النصح تأسست في ذلك الوقت". وقالت "فقدت الكنيسة هالتها". وقال لالور "فجأة انتقلنا من الحظر التام للموضوع" الى الحديث عنه بصراحة مطلقة والى استقالة ستة اساقفة ايرلنديين كان آخرهم جيمس موريارتي.
http://www.elaph.com/Web/news/2010/4/555156.html#