أيها الأحبة في الله :
إن لنا موعدا مع الله قد اقترب وعلينا أن نتجهز لهذا الموعد قبل فوات الأوان (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (الانبياء 1-2)
ألا إن الموعد قريب وإن لقاء الله وشيك وأنتم يا من غرتكم الدنيا وانشغلتم بها وظننتم أن الحياة الدنيا لعب ولهو فهل لكم من مهرب أو مفر من لقاء الله ؟
لقد تجرأتم على الله جل وعلا وبارزتموه بالمعاصي وينادى عليكم للصلاة فلا تجيبون وآثرتم اللهو واللعب وصار أحدكم على دنياه وماله وولده أكثر حرصا من صلاته وطاعته لله رب العالمين ، فكيف بكم وقد انتهى الأجل وحان الموعد ورأيتم ملك الموت أمامكم ؟
أتقول ملك الموت ؟
نعم أخي . إنه ملك الموت وهو الموكل بقبض الأرواح وهذا يومك وقد جاء إليك هذه المرة .
أكنت تسمع به من قبل ؟ هو الذي قبض روح فلان ابن فلان وفلانة بنت فلان ، هو الذي من دخل بيتك وأخذ أباك أو أمك أو عمك أو خاك أو أختك أو ابنك أو ابنتك . هو الذي قبض روح جارك فلان رغم أنه كان صغيرا، وقبض روح فلان مع أنه لم يكن مرضا .
هو من لا يستأذن على الملوك ، ولا يمنع دخوله مانع ، هو من لا يتردد في تنفيذ أمر الله ، ولا يشفق على صغير لصغره أو على كبير لكبره ولا يرحم مريضا لمرضه ولا يخاف من أحد لبطشه وقوته .
إنه الآن أمامك وقد جاء إليك أنت ويريدك أنت وما جاء لغيرك بل أنت مهمته إنه ملك الموت وهاهو أمامك الآن ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (السجدة:11) يا عبدالله : هذا يومك ، وهذه ساعتك ، لقد وفَّاكَ الله رزقك فلم يعد لك في الدنيا نصيب من طعام ولا شراب ولا حتى نفس هواء لقد وفاك الله أجلك فلم يعد في عمرك بقية .
ولو كانت لك أمنية لتمنيت أن يطيل الله في عمرك ساعة ترجع فيها لربك أو تودع فيها أهلك أو تكتب فيها وصيتك ولكن أمنيتك مستحيلة فقد قال لك ربك من قبل ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (لأعراف:34)
يا ملك الموت : إنني ضعيف فارحم ضعفي وأمهلني ساعة أتوب فيها إلى ربي .
يا ملك الموت : إنني فقير فارحمني لفقري واتركني ساعة أبر فيها أهلي .
يا ملك الموت : إنني صغير فارحمني لصغري واتركني لحظات أصطلح فيها على ربي .
يا ملك الموت : إنني غريب فارحم غربتي وأمهلني قليلا لعلي أكتب وصيتي لأهلي .
يا ملك الموت : إنني أستحي من لقاء ربي فاتركني قليلا أسجد لله سجدة ألقى بها ربي .
يا ملك الموت : خذ أبي فهو رجل كبير مؤمن مستعد للقاء الله واتركني لعلي أعمل صالحا فيما تركت .
يا ملك الموت : خذ أمي فهي مصلية صائمة جاهزة للقاء الله واتركني فأنا لست مستعدا الآن .
يا ملك الموت : خذ أولادي فهم صغار وهم بعد الموت مع الأبرار واتركني لعلي أتهيأ وأتجهز للقاء الله .
وملك الموت لا يجيبك ، ولا يتأثر بكلامك ، ولا يرق لحالك . ولو نطق لقال لك ليس لي من الأمر شيء بل هذا أمر الله وأنا عبده المطيع ، أما تعلم يا عبد الله أننا معشر الملائكة من صفاتنا ما أخبر به القرآن الكريم ( عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6)
يا عبد الله : إن ربك فعال لما يريد ، إذا أراد شيئا فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82)
يا عبد الله : ألم تعلم من قبل أنك ستموت ؟ ألم تعرف أن الموت كأس وكل الناس شاربه والقبر باب وكل الناس داخله ألم تقرأ قول ربك ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185)
يا عبد الله : أكنت تظن أنك تهرب من الموت أو أن ملكك يمنعك منه أو مالك يفديك أو أهلك يمنعوك أو أنك تخيف ملك الموت بقوتك ونسيت قول ربك : قل ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجمعة:8)
يا عبد الله : أكنت تظن أنه بوسعك أن تهرب من الموت كما تهرب من عباد الله ونسيت قول ربك جل وعلا {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ }النساء78
يا عبد الله : أنسيت نفسك أم اغتررت بدنياك أم زين لك الشيطان أمرا فنسيت ربك وموعدك معه )يأَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (الانفطار 6 )الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (الانفطار:7) ( فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) (الانفطار:8)
يا عبد الله : أتطلب مني أن أخذ غيرك وأتركك وأنا مرسل من رب العالمين الذي قال ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (قّ:29)
يا عبد الله : سنوات مضت من عمرك وأنت معرض عن ربك تسمع المؤذن ينادي على الصلاة وتعرض وكأن الأمر لا يعنيك ، ما الذي شغلك عن ربك ؟ العمل ... ؟ الوظيفة .... ؟ السفر ..... ؟ الزوجة .... ؟ الأولاد ... ؟ المسلسلات ...؟ الأفلام... ؟ الأغاني ...؟ الأصحاب ورفقاء السوء ..... ؟ التدخين والمسكرات .... ؟ ألم تقرأ يوما في القرآن الكريم نداء رب العالمين لك ولغيرك ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16)
يا عبد الله : لقد غرتك الدنيا واتبعت الشيطان وحزبه وسلكت مسلك الضالين من عباده ونسيت ما خلقت من أجله وانشغلت بما تكفل الله لك به . فقد خلقك الله لعبادته وتكفل لك برزقك فأبيت إلا أن تخالف ربك وجعلت الدنيا أكبر همك وأعرضت عما خلقت من أجله ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) (57) ) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذريات 56 - 58 )
يا عبد الله : لا تلومن إلا نفسك أنت من استهان بربه وأبيت إلا العصيان والتمرد والجحود فقد أعطاك الله ما يكفيك فأبيت إلا أن تطلب ما يطغيك فاقترضت من عباد الله ولم ترد ما أخذته منهم واستعرضت بقوتك التي هي منحة من ربك على عباد الله وقد أكرموك وأعطوك وقلت لهم ليس لكم عندي شيء وأكلت الربا وقد حرمه الله عليك وعققت أباك وأمك ولم ترحم ضعفهما ونسيت أن الله لا يغفل عن الظالم بل يمهله ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) (إبراهيم:42) ونبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي موسى – رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) قال ثم قرأ ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)
يا عبد الله : هذا هو آخر يوم لك في الدنيا وهذه هي آخر ساعة لك فيها وهاهي اللحظة الحاسمة وهاهي السكرات تحل بك الآن ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (قّ:19)
يا عبد الله : كيف تجد الموت ؟ وما مرارة النزع ؟ لكأنك تحت صخرة عظيمة تتنفس من خرم إبرة إنك الآن في كرب وشدة لا يشعر بها غيرك ولقد قال نبيك يوم أن نزل به الموت وحلت به السكرات جعل يدخل يده في ركوة بها ماء ويمسح بها وجهه ويقول كما جاء في صحيح البخاري ( لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات ) وعند الترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم أنه صلى الله عليه وسلم يقول ( اللهم هون عليَّ سكرات الموت )
لقد ذكر القرطبي في تفسيره أن بني إسرائيل قالوا لعيسى عليه السلام أحيي لنا سام ابن نوح فقال لهم: دلوني على قبره، فخرج وخرج القوم معه، حتى انتهى إلى قبره فدعا الله فخرج من قبره وقد شاب رأسه. فقال له عيسى: كيف شاب رأسك ولم يكن في زمانكم شيب؟ فقال: يا روح الله، إنك دعوتني فسمعت صوتا يقول: أجب روح الله، فظننت أن القيامة قد قامت، فمن هول ذلك شاب رأسي. فسأله عن النزع فقال: يا روح الله إن مرارة النزع لم تذهب عن حنجرتي؛ وقد كان من وقت موته أكثر من أربعة آلاف سنة، فقال للقوم: صدقوه فإنه نبي .
تخيل نفسك يا عبد الله وقد حل بك الموت وسقط جسدك على الأرض ذليلا مهانا وقد تمثلت جرائمك أمامك ، وتفريطك في حق مولاك ، وما جمعته من دنياك خلفته لغيرك ينتفع به وتحاسب أنت عليه .
أتدري ماذا قال الصالحون قبلك حين أدركهم الموت ؟
• معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال :أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، اللهم إني كنت قبل اليوم أخافك وأنا اليوم أرجوك ، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار أو لغرس الأشجار ولكني كنت أحبها لظمأ الهواجر – يعني الصيام في شدة الحر - ومكابدة الساعات الطوال – يعني قيام الليل – ومزاحمة العلماء في حلق الذكر – يعني طلب العلم .
• ويقول عمر بن عبد العزيز – خامس الخلفاء الراشدين _ رحمه الله - : حين حضرته الوفاة : اللهم إنك أمرتني فلم أئتمر وزجرتني فلم أنزجر غير أني أقول لا إله إلا الله .
• ويقول الإمام الشافعي_ رحمه الله _ يوم حضرته الوفاة حين سأله تلميذه الربيع : يا إمام كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت من الدنيا راحلا ولإخواني مفارقا وبكأس المنية شاربا وعلى الله تعالى واردا ولا أدري نفسي تصير إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها ثم أنشأ يقول :
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعـاظمني ذنبــي فلمــــا قرنتــه بعفوك ربي كان عفــوك أعظما
ومــا زلت ذا عفــــو عن الـذنب سيدي تجود وتعفو منة وتكرما
ولولاك ما يغوى بإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما
إن لنا موعدا مع الله قد اقترب وعلينا أن نتجهز لهذا الموعد قبل فوات الأوان (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ) (1) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ) (الانبياء 1-2)
ألا إن الموعد قريب وإن لقاء الله وشيك وأنتم يا من غرتكم الدنيا وانشغلتم بها وظننتم أن الحياة الدنيا لعب ولهو فهل لكم من مهرب أو مفر من لقاء الله ؟
لقد تجرأتم على الله جل وعلا وبارزتموه بالمعاصي وينادى عليكم للصلاة فلا تجيبون وآثرتم اللهو واللعب وصار أحدكم على دنياه وماله وولده أكثر حرصا من صلاته وطاعته لله رب العالمين ، فكيف بكم وقد انتهى الأجل وحان الموعد ورأيتم ملك الموت أمامكم ؟
أتقول ملك الموت ؟
نعم أخي . إنه ملك الموت وهو الموكل بقبض الأرواح وهذا يومك وقد جاء إليك هذه المرة .
أكنت تسمع به من قبل ؟ هو الذي قبض روح فلان ابن فلان وفلانة بنت فلان ، هو الذي من دخل بيتك وأخذ أباك أو أمك أو عمك أو خاك أو أختك أو ابنك أو ابنتك . هو الذي قبض روح جارك فلان رغم أنه كان صغيرا، وقبض روح فلان مع أنه لم يكن مرضا .
هو من لا يستأذن على الملوك ، ولا يمنع دخوله مانع ، هو من لا يتردد في تنفيذ أمر الله ، ولا يشفق على صغير لصغره أو على كبير لكبره ولا يرحم مريضا لمرضه ولا يخاف من أحد لبطشه وقوته .
إنه الآن أمامك وقد جاء إليك أنت ويريدك أنت وما جاء لغيرك بل أنت مهمته إنه ملك الموت وهاهو أمامك الآن ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (السجدة:11) يا عبدالله : هذا يومك ، وهذه ساعتك ، لقد وفَّاكَ الله رزقك فلم يعد لك في الدنيا نصيب من طعام ولا شراب ولا حتى نفس هواء لقد وفاك الله أجلك فلم يعد في عمرك بقية .
ولو كانت لك أمنية لتمنيت أن يطيل الله في عمرك ساعة ترجع فيها لربك أو تودع فيها أهلك أو تكتب فيها وصيتك ولكن أمنيتك مستحيلة فقد قال لك ربك من قبل ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (لأعراف:34)
يا ملك الموت : إنني ضعيف فارحم ضعفي وأمهلني ساعة أتوب فيها إلى ربي .
يا ملك الموت : إنني فقير فارحمني لفقري واتركني ساعة أبر فيها أهلي .
يا ملك الموت : إنني صغير فارحمني لصغري واتركني لحظات أصطلح فيها على ربي .
يا ملك الموت : إنني غريب فارحم غربتي وأمهلني قليلا لعلي أكتب وصيتي لأهلي .
يا ملك الموت : إنني أستحي من لقاء ربي فاتركني قليلا أسجد لله سجدة ألقى بها ربي .
يا ملك الموت : خذ أبي فهو رجل كبير مؤمن مستعد للقاء الله واتركني لعلي أعمل صالحا فيما تركت .
يا ملك الموت : خذ أمي فهي مصلية صائمة جاهزة للقاء الله واتركني فأنا لست مستعدا الآن .
يا ملك الموت : خذ أولادي فهم صغار وهم بعد الموت مع الأبرار واتركني لعلي أتهيأ وأتجهز للقاء الله .
وملك الموت لا يجيبك ، ولا يتأثر بكلامك ، ولا يرق لحالك . ولو نطق لقال لك ليس لي من الأمر شيء بل هذا أمر الله وأنا عبده المطيع ، أما تعلم يا عبد الله أننا معشر الملائكة من صفاتنا ما أخبر به القرآن الكريم ( عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم:6)
يا عبد الله : إن ربك فعال لما يريد ، إذا أراد شيئا فلا راد لأمره ولا معقب لحكمه ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82)
يا عبد الله : ألم تعلم من قبل أنك ستموت ؟ ألم تعرف أن الموت كأس وكل الناس شاربه والقبر باب وكل الناس داخله ألم تقرأ قول ربك ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185)
يا عبد الله : أكنت تظن أنك تهرب من الموت أو أن ملكك يمنعك منه أو مالك يفديك أو أهلك يمنعوك أو أنك تخيف ملك الموت بقوتك ونسيت قول ربك : قل ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (الجمعة:8)
يا عبد الله : أكنت تظن أنه بوسعك أن تهرب من الموت كما تهرب من عباد الله ونسيت قول ربك جل وعلا {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ }النساء78
يا عبد الله : أنسيت نفسك أم اغتررت بدنياك أم زين لك الشيطان أمرا فنسيت ربك وموعدك معه )يأَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) (الانفطار 6 )الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (الانفطار:7) ( فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) (الانفطار:8)
يا عبد الله : أتطلب مني أن أخذ غيرك وأتركك وأنا مرسل من رب العالمين الذي قال ( مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (قّ:29)
يا عبد الله : سنوات مضت من عمرك وأنت معرض عن ربك تسمع المؤذن ينادي على الصلاة وتعرض وكأن الأمر لا يعنيك ، ما الذي شغلك عن ربك ؟ العمل ... ؟ الوظيفة .... ؟ السفر ..... ؟ الزوجة .... ؟ الأولاد ... ؟ المسلسلات ...؟ الأفلام... ؟ الأغاني ...؟ الأصحاب ورفقاء السوء ..... ؟ التدخين والمسكرات .... ؟ ألم تقرأ يوما في القرآن الكريم نداء رب العالمين لك ولغيرك ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (الحديد:16)
يا عبد الله : لقد غرتك الدنيا واتبعت الشيطان وحزبه وسلكت مسلك الضالين من عباده ونسيت ما خلقت من أجله وانشغلت بما تكفل الله لك به . فقد خلقك الله لعبادته وتكفل لك برزقك فأبيت إلا أن تخالف ربك وجعلت الدنيا أكبر همك وأعرضت عما خلقت من أجله ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) (57) ) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذريات 56 - 58 )
يا عبد الله : لا تلومن إلا نفسك أنت من استهان بربه وأبيت إلا العصيان والتمرد والجحود فقد أعطاك الله ما يكفيك فأبيت إلا أن تطلب ما يطغيك فاقترضت من عباد الله ولم ترد ما أخذته منهم واستعرضت بقوتك التي هي منحة من ربك على عباد الله وقد أكرموك وأعطوك وقلت لهم ليس لكم عندي شيء وأكلت الربا وقد حرمه الله عليك وعققت أباك وأمك ولم ترحم ضعفهما ونسيت أن الله لا يغفل عن الظالم بل يمهله ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ) (إبراهيم:42) ونبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن أبي موسى – رضي الله عنه - أنه قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ) قال ثم قرأ ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102)
يا عبد الله : هذا هو آخر يوم لك في الدنيا وهذه هي آخر ساعة لك فيها وهاهي اللحظة الحاسمة وهاهي السكرات تحل بك الآن ( وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ) (قّ:19)
يا عبد الله : كيف تجد الموت ؟ وما مرارة النزع ؟ لكأنك تحت صخرة عظيمة تتنفس من خرم إبرة إنك الآن في كرب وشدة لا يشعر بها غيرك ولقد قال نبيك يوم أن نزل به الموت وحلت به السكرات جعل يدخل يده في ركوة بها ماء ويمسح بها وجهه ويقول كما جاء في صحيح البخاري ( لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات ) وعند الترمذي وابن ماجه وأحمد وغيرهم أنه صلى الله عليه وسلم يقول ( اللهم هون عليَّ سكرات الموت )
لقد ذكر القرطبي في تفسيره أن بني إسرائيل قالوا لعيسى عليه السلام أحيي لنا سام ابن نوح فقال لهم: دلوني على قبره، فخرج وخرج القوم معه، حتى انتهى إلى قبره فدعا الله فخرج من قبره وقد شاب رأسه. فقال له عيسى: كيف شاب رأسك ولم يكن في زمانكم شيب؟ فقال: يا روح الله، إنك دعوتني فسمعت صوتا يقول: أجب روح الله، فظننت أن القيامة قد قامت، فمن هول ذلك شاب رأسي. فسأله عن النزع فقال: يا روح الله إن مرارة النزع لم تذهب عن حنجرتي؛ وقد كان من وقت موته أكثر من أربعة آلاف سنة، فقال للقوم: صدقوه فإنه نبي .
تخيل نفسك يا عبد الله وقد حل بك الموت وسقط جسدك على الأرض ذليلا مهانا وقد تمثلت جرائمك أمامك ، وتفريطك في حق مولاك ، وما جمعته من دنياك خلفته لغيرك ينتفع به وتحاسب أنت عليه .
أتدري ماذا قال الصالحون قبلك حين أدركهم الموت ؟
• معاذ بن جبل – رضي الله عنه – قال :أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، اللهم إني كنت قبل اليوم أخافك وأنا اليوم أرجوك ، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لكرى الأنهار أو لغرس الأشجار ولكني كنت أحبها لظمأ الهواجر – يعني الصيام في شدة الحر - ومكابدة الساعات الطوال – يعني قيام الليل – ومزاحمة العلماء في حلق الذكر – يعني طلب العلم .
• ويقول عمر بن عبد العزيز – خامس الخلفاء الراشدين _ رحمه الله - : حين حضرته الوفاة : اللهم إنك أمرتني فلم أئتمر وزجرتني فلم أنزجر غير أني أقول لا إله إلا الله .
• ويقول الإمام الشافعي_ رحمه الله _ يوم حضرته الوفاة حين سأله تلميذه الربيع : يا إمام كيف أصبحت ؟ قال : أصبحت من الدنيا راحلا ولإخواني مفارقا وبكأس المنية شاربا وعلى الله تعالى واردا ولا أدري نفسي تصير إلى الجنة فأهنيها أم إلى النار فأعزيها ثم أنشأ يقول :
ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي جعلت رجائي نحو عفوك سلما
تعـاظمني ذنبــي فلمــــا قرنتــه بعفوك ربي كان عفــوك أعظما
ومــا زلت ذا عفــــو عن الـذنب سيدي تجود وتعفو منة وتكرما
ولولاك ما يغوى بإبليس عابد فكيف وقد أغوى صفيك آدما
[read]
مسابقة حاملي القران
سجل اسمك ولا يفوتك الخير الان لديك الفرصه
http://forum.mustafahosny.com/showthread.php?t=68135
اللهم انى لى ذنوبا فيما بينى وبينك وذنوبا فيما بينى وبين خلقك
اللهم ماكان لك منها فاغفره وماكان منها لخلقك فتحمله عنى
امــــــــيــــــــــن
[/read]سجل اسمك ولا يفوتك الخير الان لديك الفرصه
http://forum.mustafahosny.com/showthread.php?t=68135
اللهم انى لى ذنوبا فيما بينى وبينك وذنوبا فيما بينى وبين خلقك
اللهم ماكان لك منها فاغفره وماكان منها لخلقك فتحمله عنى
امــــــــيــــــــــن
تعليق