وما قتلوه ما صلبوه ! ( الرد على القس عوض سمعان )

تقليص

عن الكاتب

تقليص

أَبُو عُبَـيِّدة اكتشف المزيد حول أَبُو عُبَـيِّدة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عمود الاسلام
    1- عضو جديد
    • 4 ينا, 2007
    • 52

    #16
    ان الله لا يمكن ان يرسل نبي في الارض لكي يشقة فكيف اذا كان الذي اتة يبشر في سيد البشر ابا القاسم محمد صلى الله عليه وسلم.
    ان الله اكرم بنو ادم في العقل لاكن العالم الان كله يفكر في القلب والرحمة انا اقول لكم لا تاتي الرحمة الا في الشدة لان في الشدة بعض الاحيان رحمة الى الناس.


    ان الله يعلم خافية الاعين وخافية الصدور وان الشدة في البئس عند الله لرحمة الى الناس اجمعين.
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 11 ماي, 2020, 03:36 ص.
    الله لا اله الا هو الحي القيوم

    تعليق

    • محب المصطفى
      مشرف عام

      • 7 يول, 2006
      • 17075
      • مسلم

      #17
      المشاركة الأصلية بواسطة عمود الاسلام
      ان الله لا يمكن ان يرسل نبي في الارض لكي يشقة فكيف اذا كان الذي اتة يبشر في سيد البشر ابا القاسم محمد صلى الله عليه وسلم.
      لم افهم تلك الكلمة

      خصوصا وانا اعلم ان هناك احد الانبياء الذي قتلهم اليهود قد قتلوه كذلك .
      شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

      سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
      حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
      ،،،
      يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
      وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
      وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
      عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
      وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




      أحمد .. مسلم

      تعليق

      • عمود الاسلام
        1- عضو جديد
        • 4 ينا, 2007
        • 52

        #18
        شكرا لكم اخي واتمنا لكم التوفيق .
        الله لا اله الا هو الحي القيوم

        تعليق

        • أَبُو عُبَـيِّدة
          2- عضو مشارك
          حارس من حراس العقيدة
          عضو شرف المنتدى

          • 30 ديس, 2006
          • 152

          #19
          الأدلة النقلية على عدم صلب المسيح من العهد القديم



          أولاً : التوراة ( العهد القديم ) لا يُعتمد عليها في النقل والإعتقاد والعمل

          إن توراة العهد القديم كانت ولازالت موضوع جدل شديد بين علماء نقد النصوص الكتابية مما جعلها لا يعتمد عليها في النقل والإعتقاد والعمل : ( صدرت جميع هذه الكتب عن أناس مقتنعين بأن الله دعاهم لتكوين شعب يحتل مكاناً في التاريخ ... ظل عدد كبير منهم مجهولاً .. معظم عملهم مستوفى من تقاليد الجماعة ، وقبل أن تتخذ كتبهم صيغتها النهائية انتشرت زمناً طويلاً بين الشعب ، وهي تحمل آثار ردود فعل القراء في شكل تنقيحات وتعليقات ، وحتى في شكل إعادة صيغة بعض النصوص إلى حد هام أو قليل الأهمية ، لا بل أحدث الأسفار ما هي إلا تفسير وتحديث لكتب قديمة ) ( الترجمة الكاثوليكية ص 29 , 30 ) .
          فالعهد القديم مجموعة من الروايات اليهودية عبر آلاف السنين , وهى مليئة بالأوهام ولا نعرف مؤلفي هذه الروايات : " إن العهد القديم ثمرة للتجارب السياسية والعقلية والروحانية التي مرت بالإسرائيليين عبر القرون . ونحن لا نعرف إلا مؤلفي أجزاء قليلة لهذا العهد . وتنسب هذه الأجزاء في معظم الأحيان إلى الأنبياء والرسل والكهنة والقديسين الذين لم تُعرف أسماء معظهم , ويعتبر بعض أسفار الكتاب المقدس " مجموعة مركبة " جمعت موادها من المصادر المختلفة ودونت في صورتها الحالية على أيدي النساخ " .
          (The New Funk & Wagnall's Encyclopaedia(New York,1949), vol.4,p.1300)

          " إن مؤلفي هذه الأجزاء من الكتاب المقدس ( العهد القديم ) غير معروفين وهى تنسب خطأ بكل تأكيد إلى الأشخاص الذين عُرف الأن أنهم لم يكونوا قادرين على تحريرها في صورتها الحالية " .
          (Staley Cook : Introduction to the Bible ( Penguin Books),1956.p.34.)


          " فقد كانت العادة منتشرة أن ينسب كتاب دوِّن في زمن معاصر أو قريب إلى نبي قديم أو مفكر " .
          (Bratton's History Of The Bible,pp.89-90)

          وهؤلاء النساخ لم يكونوا معصومين من مختلف الأخطاء , بل صدر منهم الخطأ المتعمد أثناء النسخ : " كثيرًا ما وقع إلتباس في النصوص الكتابية لأن الكتابة العبرية غالبًا ما تهمل فيها الحركات وفي القرن السابع إهتدى الباحثون إلى وسيلة واضحة لكتابة الحركات...لاشك أن هنالك عددًا من النصوص المشوهة التي تفصل النص المسوري الأول عن النص الأصلى فمن المحتمل أن تقفز عين الناسخ من كلمة إلى كلمة تشبهها وترد بعد بضعة أسطر، مهملة كل ما يفصل بينهما ومن المحتمل أيضًا أن تكون هناك أحرف كُتبت كتابة رديئة فلا يحسن الناسخ قراءتها فيخلط بينها وبين غيرها وقد يُدخل الناسخ في النص الذى ينقله لكن في مكان خاطيء تعليقًا هامشيًا يحتوي على قراءة مختلفة أو على شرح ما ، والجدير بالذكر أن بعض النساخ الأتقياء أقدموا بإدخال تصحيحات لاهوتية على تحسين بعض التعابير التي كانت تبدوا لهم معرضة لتفسير عقائدي خطر " (الترجمة الكاثوليكية ( ******ية ) ص 53 ) .

          فنسبة هذه الأسفار إلى أنبياء بني إسرائيل محل نزاع كبير , فمنها ما هو مجمع عليه على أنها لا تـنسب إلى أي نبي , ومنها ما هو مشكوك في نسبته إلى نبي بعينه , وأما ما أجمعوا عليه أنها تنسب لنبي معين فهو إجماع يخلو من سند متصل ومحقق , وإنما أجمعوا عليه لمجرد ذكر اسم النبي في السفر !

          ( راجع كتابنا " ثم يقولون هذا من عند الله ! " ) .


          ثانيًا : شهادة العهد القديم على نجاة المسيح عليه السلام من الصلب

          لقد تكلف كُتَّاب الأناجيل في تفسير بعض الفقرات الواردة في العهد القديم , وبالأخص في سفر المزامير , والتي لا تدل قطعًا على أنها نبوءة , لكنهم فسروها في ضوء الحوادث التي مر بها المسيح على حد زعمهم , واعتبروها نبوءة لما حدث مع المسيح . فإن كان إطلاق هذه الآيات على المسيح صحيحًا فإننا في وسعنا أن نثبت نجاة المسيح عليه السلام من الصلب والموت من فقرات العهد القديم نفسه , وبالأخص من المزامير ذاتها , وفيما يلي تقسيم هام لبعض الفقرات من المزامير :

          الأول: الفقرات التي تشير إلى دعاء المسيح أن يخلصه الله من الصلب .

          ومنها: " عند دعائي استجبت لي يا إله بري، في الضيق رحبت لي، تراءفْ علّى واسمع صلاتي " (المزمور 4/1).
          "عد يا رب، نج نفسي، خلصني من أجل رحمتك، لأنه ليس في الموت ذكرك " ( المزمور 6/4 - 5).
          " إليك يا رب أصرخ، وإلى السيد أتضرع، ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى الحفرة ؛ هل يحمدك التراب ؟ هل يخبر بحقك؟، استمع يا رب، وارحمني يا رب، كن معيناً لي " (المزمور 30/8 - 10 ).
          " عليك يا رب توكلت، لا تدعني أخزى مدى الدهر، بِعَدْلِكَ نجني، أمِلْ إلي أذنك، وسريعاً أنقذني، كن لي صخرة حصن، بيت ملجأ لتخليصي، لأن صخرتي ومعقلي أنت، من أجل اسمك تهديني وتقودني، أخرجني من الشبكة التي خبئوها لي، لأنك أنت حصني ( المزمور 31/1-4 ).
          " الرحمن يا الله لأنه بك احتمت نفسي، وبظل جناحيك أحتمي، إلى أن تعبر المصائب، أصرخ إلى الله العلي، الله المحامي عني " ( المزمور 57/1 2 ).

          الثاني: الفقرات التي أشارت إلى رفع المسيح، وتخليصه من الصلب .

          منها: " ابعدوا عني يا جميع فاعلي الإثم، لأن الرب قد سمع صوت بكائي، سمع الرب تضرعي، الرب يقبل صلاتي " ( المزمور 6/8 - 9 ).
          " الرب صخرتي وحصني ومنقذي.... خلَّصَني لأنه سُربي " ( المزمور 18/2 - 19 ).
          " حي هو الرب، ومبارك صخرتي.... إلى الأبد " ( المزمور 18/46 - 50 ).
          " إلهي فاتكل عليه، لأنه ينجيك من فخ الصياد، ومن الوباء الخطر، بخوافيه يظللك، وتحت أجنحته تحتمي، ترس ومجن حقه، لا تخشى من خوف الليل، ولا من سهم يطير... لأنك قلت: يا رب، أنت ملجأي، جعلت العلا مسكنك، لا يلاقيك شر، ولا تدنو ضربة من خيمتك، لأنه يوصي ملائكته بك ليحفظوك في كل طرقك، على الأيدي يحملونك، لئلا تصدم بحجر رجلك، على الأسد والصل تطأ، الشبل والثعبان تدوس، لأنه تعلق بي أنجيه، أرفعه لأنه عرف اسمي، يدعوني فأستجيب له، معه أنا في الضيق، أنقذه وأمجده، من طول الأيام أشبعه، وأريه خلاصي " (المزمور 91/2 - 16).

          الثالث : الفقرات التي تشير إلى القبض على يهوذا ومحاكمته وصلبه بدلاً من المسيح .

          منها: " لأنك أقمت حقي ودعواي، جلست على الكرسي قاضياً عادلاً، انتهرت الأمم، أهلكت الشرير،.. تورطت الأمم في الحفرة التي عملوها، في الشبكة التي أخفوها انتشبت أرجلهم، معروف هو الرب قضاءً أمضى: الشرير يعلق بعمل يده " ( المزمور 9/4 - 16)، فهل تحقق قضاء الله الماضي في يهوذا أم تخلف ؟
          " الشرير يتفكر ضد الصديق، ويحرّق عليه أسنانه، الرب يضحك به، لأنه رأى أن يومه آت، الأشرار قد سلوا السيوف، ومدوا قوسهم لرمي المسكين والفقير، لقتل المستقيم طريقهم، سَيْفُهُم يدخل في قلبهم وقسيهم تنكسر " ( المزمور 37/12 - 15 )، من ذا الذي ارتدت المؤامرة عليه، فدخل سيفه في قلبه، وانكسرت قسيه بفشل مؤامرته كما في مزمور آخر : " يؤخذون بالمؤامرة التي فكروا بها " ( المزمور10 : 2 ).
          " يا الله أنت عرفت حماقتي وذنوبي عنك لم تخف، غطى الخجل وجهي، صرت أجنبياً عند إخوتي، وغريباً عند بني أمي،.... أنت عرفت عاري وخزيي وخجلي، قدامك جميع مضايقي، العار قد كسر قلبي فمرضت، انتظرت رقة فلم تكن، ومعزين فلم أجد، ويجعلون في طعامي علقماً، وفي عطشي يسقونني خَلاًّ" ( المزمور 69/5 - 21 )، فمن هو صاحب الحماقة والذنوب والعار والخزي والخجل، من هو ذاك الذي كسر العار قلبه، ذاك الذي سقوه الخل وهو على الصليب، هل يعقل أن نقول : إنه المسيح؟ لا، إنه يهوذا الخائن.
          " خاصِمْ يا رب مخاصِمي، قاتِلْ مقاتلي،.. ليخر وليخجل الذين يطلبون نفسي، ليرتد إلى الوراء، ويخجل المتفكرون بإساءتي.. لأنهم بلا سبب أخفوا لي هوة شبكتهم، بلا سبب حفروا لنفسي، لتأته التهلكة وهو لا يعلم، ولتنشب به الشبكة التي أخفاها، وفي التهلكة نفسها ليقع " (المزمور 35/1 -8 ).
          مِن كل ما تقدم لا نخلص إلا بأن المزامير تنبأت بحق بأن الله مخلص مسيحه، يستجيبه من سماء قدسه، يرفعه من أبواب الموت، يرفعه فوق القائمين عليه، يرسل من العُلا فيأخذه. أما يهوذا الإسخريوطي الذي حفر له هذه الحفرة، وأتى على رأس الجمع من جنود وخدام ليقبضوا على المسيح سيده، فإنه في الحفرة نفسها يقع، وبعمل يديه يعلق، رجع تعبه على رأسه، وعلى هامته هبط ظُلمه، صار عاراً عند البشر، فقُبض عليه هو بدلاً من المسيح، وحوكم هو، وصلب بدلاً منه.وهكذا تستقيم النبوءة في المزامير، وهكذا تتجلى النبوءة في المزامير في أسطع وأروع وأسمى ما تكون النبوءة، ليست آية نحرفها، أو كلمة نُحوّر معناها، بل صورة كاملة، عشرات الآيات، عشرات المزامير، كلها تنطق بصورة واحدة متكاملة، تتكرر كثيراً، ولكن أبداً لا تتغير.
          فها هي المزامير كلها في الكتاب المقدس، الذي يؤمن به المسيحيون، ويتداولونه، وإليها فليرجع، ولن يزيده هذا إلا يقيناً وتقديراً لهذه الحقيقة التي انتهينا إليها.
          والإحتجاج بالمزامير على نجاة المسيح قديم، بل يرجع للمسيح إن صح ما في إنجيل برنابا. فقد جاء فيه أن المسيح قال: " إن واحداً منكم سيسلمني فأباع كالخروف، ولكن ويل له، لأنه سيتم ما قاله داود أبونا عنه، أنه سيسقط في الهوة التي أعدها للآخرين" ( برنابا 213/24 - 26 ).
          كما ثمة نبوءات أو نصوص. تمنع أن يكون المسيح قد صلب منها ما جاء في سفر الأمثال: " الأشرار يكونون كفارة لخطايا الأبرار " ( أمثال 21/18 ).
          ويورد المحققون نصاً توراتياً آخر يدل على نجاة المسيح وصلب غيره، فقد جاء في سفر الأمثال : " بر الكامل يقوم طريقه، أما الشرير فيسقط بشره بر المستقيمين، ينجيهم، وأما الغادرون فيؤخذون بفسادهم، الصديق ينجو من الضيق، ويأتي الشرير مكانه " ( الأمثال 11/5 - 8 ).

          ( لمزيد بيان في هذا الباب راجع كتاب : " المسيح في مصادر العقائد المسيحية" للواء مهندس / أحمد عبد الوهاب ) .

          يتبع ...

          تعليق

          • أَبُو عُبَـيِّدة
            2- عضو مشارك
            حارس من حراس العقيدة
            عضو شرف المنتدى

            • 30 ديس, 2006
            • 152

            #20
            ثانيًا : الأناجيل وحادثة الصلب


            يقول القس عوض سمعان عن شهادة المسيح على صلبه قبل حادثة الصلب : ( ولما أدرك تلاميذه أنه هو المسيح المخلص المنتظر , وأنه سيملك على العالم إلى الأبد , كما أشارت التوراة ...وجال في خاطرهم أنه لن يموت مثل الناس , قال لهم إنه :" ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويقتل وفي اليوم الثالث يقوم . فأخذه بطرس إليه وابتدأ ينتهره قائلاً : " حاشاك يارب ! لا يكون هذا ! " . فالتفت وقال لبطرس : " اذهب عني يا شيطان . أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله ولكن بما للناس . حينئذ قال يسوع لتلاميذه : " إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه , ويحمل صليبه ويتبعني " ( متَّى 16 : 21- 24 ) . ) ( قضية صلب المسيح ص 20 ) .

            1- إن أول نقد يوجه لما زعمه القس عوض سمعان , هو أنه ادعى أن المسيح هو الذي قال : أنه ينبغي أن يُقتل ويقوم من الأموات بعد أن يتألم , وهذا غير صحيح , بل إن هذا من قول الكاتب , فلقد جاء في إنجيل متَّى ما نصه : " من ذلك الوقت ابتدأ يسوع يظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم كثيرًا من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ويُقتل وفي اليوم الثالث يقوم " ( متَّى 16 : 21 ) , وكما نرى أن القول قول الكاتب وليس المسيح , وأنا أعلم أن في متَّى 20 : 17 – 19 وفي مرقس 8 :31 وفي لوقا 9 : 22 , 44 . وغير ذلك , نُسب هذا القول إلى المسيح مباشرة , لكن الغرض من كلامي هنا هو تصحيح النقل من الأناجيل .

            2- النص الذي استشهد به القس عوض سمعان : " إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه , ويحمل صليبه ويتبعني " . لا يُعبر عن صلب المسيح , بل كما قال المفسرون : "عندما استخدم الرب يسوع الصورة المجازية عن حمل أتباعه لصلبانهم ليتبعوه , عرف التلاميذ ما كان يعنيه , فلقد كان الصلب إحدى الوسائل الرومانية لتنفيذ الإعدام . وكان على المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام أن يحملوا صلبانهم ويسيروا في الشوارع إلى موقع تنفيذ الحكم . لقد كان إتِّباع الرب يسوع يعني التسليم الكامل , والمخاطرة حتى الموت , دون أي رجوع , أو نكوص " ( التفسير التطبيقي ص 1927 ) .
            فالأمر لا يخرج عن كونه شعار للتضحية والجهاد في سبيل الله كما بَيَّن المفسرون , ولا يعني هذا أن المسيح يشير إلى صلبه المزعوم .

            3- استنكار بطرس وتوبيخه للمسيح على حد قول كاتب إنجيل متَّى يدل على أن فكرة الصلب لم تدر بخلد التلاميذ في يوم من الأيام , وهذا يتنافى مع زعم النصارى أن المسيح عليه السلام كان يخبرهم دائمًا بأنه سيُصلب !

            4- أما عن آلام المسيح التي أشار إليها النص وأيضًا في متَّى 17 : 9 : " كذلك ابن الإنسان سيتألم منهم ( من اليهود ) " وفي لوقا 17 : 25 : " ينبغي أولاً أن يتألم كثيرًا ويرفض من هذا الجيل " , فهى ليست دليلاً على الصلب , إنما هى دليل على وقوع البلاء والإيذاء من قبل الكتبة والكهنة واليهود , وهذه ضريبة الدعوة إلى الله , والمسيح في هذا متساوٍ مع غيره من الأنبياء .



            [motr1]* الرد على القس عوض سمعان فيما زعم أن المسيح تنبأ بصلبه ![/motr1]

            [hide]
            إن ما يُثبت أن النصوص التي ذكرها القس عوض سمعان في كتابه ( قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض ) والتي تحدثت عن صلب ابن الإنسان وقيامته من الموت بعد ثلاثة أيام وثلاث ليال ( كما في متَّى 20 : 17 – 19 وفي مرقس 8 :31 وفي لوقا 9 : 22 , 44, وغير ذلك ) غير صحيحة , هى أنها صدرت عن كُتَّاب لم يسطروا أقوال المسيح عنه مباشرة في الزمن الذي عاش فيه عليه السلام , ولم يروا أفعاله بأعينهم , بل سطروا ذلك بعد أن انتشرت فكرة صلب المسيح وقيامته من الأموات – كما سنبين ذلك في الأدلة التاريخية - , كما أن تأويل لفظ : " ابن الإنسان " الذي جاء ذكره في الأناجيل يُحتمل أن يصف المسيح به غيره وهو المصلوب .

            ومن أكبر الأدلة على فساد تلك النصوص وبطلان الإستشهاد بها أن المدة التى ظل المصلوب فيها في القبر لم تكن ثلاثة أيام وثلاث ليال كما جاء منسوبًا إلي المسيح: "حينئذ أجاب قوم من الكتبة والفريسيين قائلين : يا معلم نريد أن نرى منك آية. فأجاب وقال لهم : جيل شرير وفاسق يطلب آية ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي , لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال " ( متَّى 12 : 38 – 40 ) .

            يوم الجمعة : وُضع بالمقبرة عند غروب الشمس .
            يوم السبت : من المفروض أنه بالمقبرة .
            يوم الأحد : ( غير موجود بها ) .
            المجموع : يوم واحد وليلتان .

            والقس عوض سمعان جعل للمسيح شهادة بعد صلبه مستندًا على ما جاء في الأناجيل , وهذا استدلال ساقط وليس بحجة , لأن أصل هذه الدعوى والذي نقل عنه كلاً من كاتبي إنجيلي متَّى ولوقا هو إنجيل مرقس كما ذكر المحققون ( الترجمة الكاثوليكية ص 29 ) , والجزء الأخير من إنجيل مرقس والذي به ظهور المسيح مرة أخرى ورفعه بعد صلبه المزعوم دخيل ومحرف وليس له وجود في أقدم المخطوطات اليدوية , وقد اعترف بهذا أكابر علماء المسيحية :

            ( وهناك سؤال لم يلقى جوابًا : كيف كانت خاتمة الكتاب( إنجيل مرقس ) ؟ من المسلم به على العموم أن الخاتمة كما هي الأن (16/9-20) قد أُضيفت لتخفيف ما في نهاية كتاب من توقف فجائي في الآية 8 . ولكننا لن نعرف أبدًا هل فُقدت خاتمة الكتاب الأصلية أم هل رأى مرقس أن الإشارة إلى تقليد الترائيات في الجليل في الآية لا تكفي لاختتام روايته ) ( الترجمة الكاثوليكية ص 124 ) .

            ويقول د. وليم باركلي أستاذ العهد الجديد بجامعة جلاسجو في تفسيره للعهد الجديد : (نهاية الإنجيل المفقودة : هناك حقيقة مثيرة قي إنجيل مرقس وهى أنه يتوقف في نسخه الأصلية إلى حد ( 16 : 8 ) , أما الأعداد الباقية ( 16 : 9 – 20 ) فليست موجودة في أقدم النسخ وأصحها , كل ما هنالك أنها وجدت مؤخرًا في نسخ أقل قيمة ومتأخرة في ترتيبها الزمني . كما أن أسلوبها اللغوي يختلف عن بقية الأناجيل حتى أنه يستحيل أن يكون كاتبها هو نفس كاتب الإنجيل ) ( تفسير العهد الجديد – وليم باركلي – المجلد الأول متَّى ومرقس ) .

            ويقول المعلقون على الترجمة العربية المشتركة للكتاب المقدس , وهم صفوة مختارة من علماء الكنائس المسيحية : ( ما جاء في الآيات 9 إلى 20 لا يرد في أقدم المخطوطات ) (الترجمة العربية المشتركة ص 86 ) .

            فإذا كان الأصل الذي نقل منه كاتبي متَّى ولوقا لم يرد فيه أن المسيح ظهر لتلاميذه , فكيف عرف الظهور طريقه إليهما ؟!

            يقول علماء الكتاب المقدس : ( تعرف أناجيل متَّى ومرقس ولوقا بالأناجيل الإزائية , أي أنه يمكن وضع نصوصها في ثلاثة أعمدة متوازية تساعد على المقارنة بينهم , وذلك يعود إلى أن متَّى ولوقا إعتمدا على مرقس في نقل أناجيلهم مع مصدر أخر مشترك بينهما (مجهول) وبجانب وثيقتين(مجهولتين)خاصتين بكل منهما....هذا الرأي يُعرض اليوم بدقة أوفر كثيرًا مما كان له عند نشأته , ومن أكبر فوائده أنه يُسهل البحث في عمل متَّى ولوقا التحريري , فإن عمل التحرير الأدبي يُبين أسباب ما يُرى في الأناجيل الإزائية من إضافات وإغفال وتفسير , ولكن يحسن أن نذكر أن النقاد في أيامنا لا يجرؤون على الجزم هل الوثيقة المشتركة بين متَّى ولوقا هى وثيقة خطية أو مصدر شفهي ولا يجزمون هل كان نص مرقس الذي استعمله متَّى ولوقا النص الذي بين أيدينا أو نصًا أخر ) ( الترجمة الكاثوليكية ص 29).
            فكيف يمكن الإستدلال بنصوص مجهولة المصدر على عقيدة أساسية تقوم عليها الديانة كلها ؟!

            وأما ما جاء في إنجيل يوحنا أن مريم المجدلية كانت شاهدة على قيامة المسيح , فلا يحتج به لأمرين :

            الأول : تضارب الأناجيل في هذا الأمر – كما سيأتي بيانه - .

            الثاني : عدالة مريم المجدلية , فمريم هذه هى تلك المرأة التي " خرج منها سبعة شياطين " (لوقا 8 : 2 , مرقس 16 : 9 ) . وبعض الدارسين يشك في تصرفات هذه المرأة التي كانت مصابة بالأمراض العصبية ( انظر قاموس الكتاب المقدس لهاستنجز ص 906 ) .

            ولا يمكن أن يكون قولها أساسًا متينًا للعقائد المهمة عن حياة المسيح وموته .

            وعلى هذا فلا حجة في استدلال القس عوض سمعان بظهور المسيح بعد صلبه المزعوم زاعمًا أنه صرح لتلاميذه أنه قام من الموت , كما أن أمر الظهور به تناقض وتضارب كبير – كما سنبين إن شاء الله - .

            [/hide]

            تعليق

            • أَبُو عُبَـيِّدة
              2- عضو مشارك
              حارس من حراس العقيدة
              عضو شرف المنتدى

              • 30 ديس, 2006
              • 152

              #21
              الأدلة النقلية على عدم صلب المسيح من الأناجيل


              إن الناظر في الأناجيل التي جعلها النصارى عمدتهم في إثبات قصة الصلب يجد عجبًا , فيما اشتملت عليه من تناقضات , وما احتوت عليه من خرافات , وما انتهت إليه من أكاذيب وضلالات !


              أولاً : الأناجيل لا يعتمد عليها في النقل والإعتقاد والعمل !

              إن أول نقد يُوجه للنصارى في اعتقادهم بالصلب , هو أن الأناجيل التي جعلوها المصدر الأول في الإيمان بحادثة الصلب ليست بحجة , فهى روايات مجهولة لا تفيد علمًا ولا عملاً, متناقضة في متنها , ساقطٌ سندها ( كما سنبين إن شاء الله ) .

              وليس في مقدور أحد في عصرنا الراهن أن يحدد بالضبط زمن ومكان تدوين هذه الأناجيل ولا من كتبها , ولا يعلم أحد في أيدي من وقعت هذه الأسفار قبل أن تصل إلى عهدنا هذا ؟! وما عدالة من وقعت تحت يده ؟! وهل هو محب للدين أم عدو له ؟!

              فنسبة العهد الجديد إلى المسيح عليه السلام أمر لم يقل به أحد على وجه المعمورة , فإن عدم نسبة أي سفر من أسفاره إلى المسيح عليه السلام من الأمور التي لا خلاف عليها , ولا يمكن بالطبع أن يكون المسيح عليه السلام هو الذي كتب قصة الصلب وما تلاها من أحداث كما هو موجود في العهد الجديد , وهذه الأناجيل جميعها كُتبت بعد حادثة الصلب بزمن طويل – كما سنبين إن شاء الله - .

              فإشكالية تدوين الكتب المقدس معقدة تمامًا , نظرًا للظروف الهامة والقاسية , التي مرت بها هذه الأسفار من اضطهادات وخلافات , فضلاً عن عدم حفظ المتن ونقله بالتواتر المقطوع بصحته عن المسيح عليه السلام , والذي يفيد العلم القطعي , وحسبنا ما ذكره علماء الكتاب المقدس في مقدمتهم لتلك الأناجيل :
              ( فلا بد لنا اليوم من النظر إليه في البيئة التي نشأ فيها وإلى انتشاره في أول مرة فلا غنى لكل مدخل إلى العهد الجديد , مهما كان مختصرًا , عن البحث عن الأحوال التي حملت المسيحيين الأوائل علــى إعداد مجموعة جديدة لأسفار مقدسة , ولا غنى بعد ذلك عن البحث كيف أن تلك النصوص , وقد نسخت ثم نسخت مرارًا ومن غير انقطاع , أمكنها أن تجتاز نحو أربعة عشر قرنًا من التاريخ الحافل بالأحداث التي مضت بين تأليفها من جهة وضبطها على وجه شبه ثابت عند اختراع الطباعة من جهة أخرى , ولا غنى له في الوقت نفسه عن أن يشرح كيف يمكن ضبط النص بعدما طرق عليه من اختلاف في الروايات في أثناء النسخ ) ( المدخل إلى العهد الجديد ص 7 , مقدمة الترجمة الكاثوليكية للرهبنة ******ية ) .

              وأيضًا جاء في نفس المقدمة : ( لم تخل مؤلفات الكتبة المسيحيين الأقدمين من شواهد مأخوذة من الأناجيل أو تلمح إليها , ولكنه يكاد يكون من العسير كل مرة الجزم هل الشواهد مأخوذة من نصوص مكتوبة كانت بين أيدي هؤلاء الكتبة , أم هل اكتفوا باستذكار أجزاء من التقليد الشفهي , ومهما يكن من أمر , فليس هناك قبل السنة 140 أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة , ولا يذكر أن لمؤلف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم , فلم يظهر إلا في النصف الثاني من القرن الثاني شهادات ازدادت وضوحًا على مر الزمن بأن هناك مجموعة من الأناجيل ( أكتر من 200 إنجيل ) وأن لها صفة ما , وقد جرى الإعتراف بتلك الصفة على نحو تدريجي ) ( الترجمة الكاثوليكية ص9) .

              ويقول القس المهتدي / نوح كلر : ( ... وعندما التحقت بجامعة " غانزاغا " الكاثوليكية بولاية واشنطن خريف 1972م اكتشفت أن مصداقية هذا الكتاب المقدس – لا سيما " العهد الجديد منه " – تعرضت لتشكيك كبير من قِبَل كثير من الباحثين المسيحيين أنفسهم , نتيجة للدراسات الحديثة في تأويل النصوص وإعادة قراءتها . وفي أثناء دراستي مادة اللاهوت قرأت ترجمة نورمان بيرين الإنجليزية لكتاب " إشكالية يسوع التاريخي " الذي كتبه يواكيم يريمياس , وهو واحد من أبرز علماء " العهد الجديد " في القرن العشرين الذين أمضوا سنوات طويلة في دراسة هذه النصوص دراسة متعمقة , ساعده فيها تمكنه من اللغات القديمة التي كتبت بها أصول هذه النصوص . وقد اتفق يريمياس في نهاية الأمر مع اللاهوتي الألماني رودلف بولتمان على أنه " يمكن القول دون أدنى ريب : إن الحلم بكتابة السيرة الذاتية ليسوع قد انتهى للأبد ! " . وهذا يعني أن حياة السيد المسيح – كما عاشها بالفعل – لا يمكن إعادة نسجها إعتمادًا على ما ورد في العهد الجديد بلا أي درجة من الثقة ) ( هكذا أسلمت , رحلة البحث عن معنى ص 11 -12 ) .

              ومن هذا يثبت أن الأناجيل ليست حجة في النقل والعلم والعمل , فأين سندها المتصل المحقق وأول سؤال عن كتبة الأناجيل غير معلوم ؟!


              يتبع...

              تعليق

              • أَبُو عُبَـيِّدة
                2- عضو مشارك
                حارس من حراس العقيدة
                عضو شرف المنتدى

                • 30 ديس, 2006
                • 152

                #22
                ثانيًا : تناقضات روايات الصلب في الأناجيل !


                تتحدث الأناجيل الأربعة عن تفاصيل كثيرة في رواية الصلب ،ولكن عند تفحص هذه الروايات نجد كثيراً من التناقضات والإختلافات التي لا يمكن الجمع بينها ، ولا جواب عنها إلا التسليم بكذب بعض هذه الروايات ، أو تكذيب رواية متَّى في مسألة ، وتكذيب مرقس في أخرى ...

                ولقد حاول القس عوض سمعان والقس منيس عبد النور وغيرهم التعرض لهذه التناقضات, لكنهم أولوا النصوص وفق هواهم , وأخذوا يدَّعون ما لم يخطر على بال الكتبة مطلقًا , فردودهم لا تستحق عناء الرد , بل إن عرض هذه الردود فقط يُثبت أن المسيح لم يُصلب, وذلك من سخافتها وسذاجتها , فما هى إلا تكهونات وفرضيات مضحكة ليست واجبة التسليم , ولا يقبلها من له مسحة من عقل , بل إني أرى أنهم لو سكتوا عن الرد وأغلقوا بابهم وبكوا على حالهم , لكان أفضل لهم من هذه الردود التي ضاعفت المشكلة أضعافًا مضاعفة ! , ولمن أراد أن يطلع على تلك الردود فليراجع كتاب القس عوض سمعان ( قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض ص 89-92) . وأيضًا كتاب (شبهات وهمية حول الكتاب المقدس ص 326 – 410 ) للدكتور منيس عبد النور .


                من هذه التناقضات :

                1- هل ذهب رؤساء الكهنة للقبض على المسيح ؟

                مَن الذي ذهب للقبض على يسوع ؟ يقول متَّى : " جمع كثير بسيوف وعصي من عند رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب " ( متَّى 26/52 ) وزاد مرقس بأن ذكر من الجمع الكتبة والشيوخ ( انظر مرقس 14/43 ) ، وذكر يوحنا أن الآتين هم جند الرومان وخدم من عند رؤساءَ الكهنة ( انظر يوحنا 18/3 ) ولم يذكر أي من الثلاثة مجيء رؤساء الكهنة. ولكن لوقا ذكر أن رؤساء الكهنة جاءوا بأنفسهم للقبض على المسيح إذ يقول: " قال يسوع لرؤساء الكهنة وقواد جند الهيكل والشيوخ المقبلين عليه " ( لوقا 22/52 ) , فالتناقض بين لوقا والباقين ظاهر .

                2- متى حوكم المسيح ؟

                وتذكر الأناجيل محاكمة المسيح ، ويجعلها لوقا صباح الليلة التي قبض عليه فيها فيقول: " ولما كان النهار اجتمعت مشيخة الشعب رؤساء الكهنة والكتبة ، وأَصعدوه إلى مجمعهم قائلين : إن كنت أنت المسيح فقل لنا؟ " ( لوقا 22/66 - 67 ) . لكن الثلاثة يجعلون المحاكمة في ليلة القبض عليه فيقول مرقس: " فمضوا بيسوع إلى رئيس الكهنة ، فاجتمع معه جميع رؤساء الكهنة والشيوخ والكتبة ....." ( مرقس 14/53 ) ( وانظر : متَّى 26/57 ، ويوحنا 18/3 ) .

                3- كم مرة سيصيح الديك ؟

                وتبع بطرس المسيح ليرى محاكمته ، وقد أخبره المسيح بأنه سينكره في تلك الليلة ثلاث مرات قبل أن يصيح الديك مرتين حسب مرقس : " قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات" (مرقس 14/72 ) .ومَرةً حسب الثلاثة، يقول لوقا: " قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلاث مرات."( لوقا 22/60) ( انظر : متَّى 26/74 ، يوحنا 18/27 ) وقد ذكر الثلاثة خلال القصة صياحاً واحداً فقط، خلافاً لما زعمه مرقس.

                4- أين تعرفت الجارية على بطرس أول مرة ؟

                وكان سبب إنكار بطرس المتكرر أن بعض الموجودين في المحاكمة تعرفوا على المسيح ، وهنا تتفق الأناجيل في أنه تعرفت عليه في المرة الأولى جارية.وذكر متَّى ويوحنا أنه كان حينذاك خارج الدار : " وأما بطرس فكان جالساً خارجاً في الدار.فجاءت إليه جارية قائلة: وأنت كنت مع يسوع الجليلي"( متَّى 26/69 ، 75 ) ، ويؤكده يوحنا " وأما بطرس فكان واقفاً عند الباب خارجاً" (يوحنا 8/16) . وذكر مرقس ولوقا أنه كان داخل الدار يستدفيء من البرد ، يقول مرقس: " بينما كان بطرس في الدار أسفل جاءت إحدى جواري رئيس الكهنة. فلما رأت بطرس يستدفيء نظرت إليه وقالت: وأنت كنت مع يسوع الناصري" (مرقس 14/ 66 ) ، وفي لوقا: " ولما أضرموا ناراً في وسط الدار وجلسوا معاً جلس بطرس بينهم. فرأته جارية جالساً عند النار فتفرست فيه وقالت: وهذا كان معه. .". (لوقا 22/55-56 ) .

                5- من الذي تعرف على المسيح في المرة الثانية ؟

                وأما المرة الثانية فقد تعرفت عليه حسب متى جارية أخرى " ثم إذ خرج إلى الدهليز رأته أخرى فقالت للذين هناك: وهذا كان مع يسوع الناصري"( متى 26/71 ) ولكن حسب مرقس الذي رأته نفس الجارية، يقول: " فرأته الجارية أيضاً، وابتدأت تقول للحاضرين: إن هذا منهم" (مرقس 14/69 ) وحسب لوقا الذي رآه هذه المرة رجل من الحضور وليس جارية " وبعد قليل رآه آخر وقال: وأنت منهم.فقال بطرس: يا إنسان لست أنا" (لوقا 22/58 ) وذكر يوحنا أن هذا الرجل أحد عبيد رئيس الكهنة " قال واحد من عبيد رئيس الكهنة، وهو نسيب الذي قطع بطرس أذنه أما رأيتك أنا معه في البستان. فأنكر بطرس أيضاً" (يوحنا 18/26 ) .

                6- لماذا حبس بارباس ؟

                وتختلف الأناجيل في تحديد السبب الذي من أجله حبس باراباس في سجن بيلاطس ، فيذكر يوحنا بأنه كان لصاً : " وكان باراباس لصاً" (يوحنا 18/40 ) واتفق مرقس ولوقا على أنه صاحب فتنة ، وأنه قتل فيها فاستوجب حبسه، يقول لوقا: " أطلق لنا باراباس، وذاك كان قد طرح في السجن لأجل فتنة حدثت في المدينة وقتل".( انظر : مرقس 15/7 ، لوقا 23/19 ) .

                7- من الذي حمل الصليب المسيح أم سمعان ؟

                وصدر حكم بيلاطس بصلب المسيح ، وخرج به اليهود لتنفيذ الحكم ، وفيما هم خارجون لقيهم رجل يقال له سمعان، فجعلوه يحمل صليب المسيح , يقول مرقس : " ثم خرجوا لصلبه، فسخروا رجلا ممتازاً كان آتياً من الحقل ، وهو سمعان القيرواني أبو الكسندروس وروفس ليحمل صليبه " ( مرقس 15/20 – 22 ) و ( انظر : متَّى 27/32 ، لوقا 23/26). لكن يوحنا يخالف الثلاثة ، فيجعل المسيح حاملاً لصليبه بدلاً من سمعان , يقول يوحنا : " فأخذوا يسوع ومضوا به ، فخرج وهو حامل صليبه إلى الموضع الذي يقال له الجمجمة " ( يوحنا 19/17 ) , ولم يذكر يوحنا شيئاً عن سمعان القيرواني .

                8- نهاية يهوذا !

                يتحدث العهد الجديد عن نهايتين مختلفتين للتلميذ الخائن يهوذا الأسخريوطي الذي خان المسيح وسعى في الدلالة عليه مقابل ثلاثين درهماً من الفضة، فيقول متَّى: " فأوثقوه ومضوا به، ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي، حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ، قائلاً: قد أخطأت، إذ سلمت دماً بريئاً. فقالوا: ماذا علينا.أنت أبصر. فطرح الفضة في الهيكل وانصرف.ثم مضى وخنق نفسه. فأخذ رؤساء الكهنة الفضة وقالوا: لا يحل أن نلقيها في الخزانة لأنها ثمن دم. فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري مقبرة للغرباء. لهذا سمي ذلك الحقل حقل الدم إلى هذا اليوم" . (متَّى 27/2-5) .

                ولكن سفر أعمال الرسل يحكي نهاية أخرى ليهوذا وردت في سياق خطبة بطرس، حيث قال: " أيها الرجال الأخوة كان ينبغي أن يتم هذا المكتوب الذي سبق الروح القدس فقاله بفم داود عن يهوذا الذي صار دليلاً للذين قبضوا على يسوع. إذ كان معدوداً بيننا، وصار له نصيب في هذه الخدمة. فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم، وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها. وصار ذلك معلوماً عند جميع سكان أورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما أي حقل دم". (أعمال 1/16-20).

                فقد اختلف النصان في جملة من الأمور :

                - كيفية موت يهوذا، فإما أن يكون قد خنق نفسه ومات : " ثم مضى وخنق نفسه"، وإما أن يكون قد مات بسقوطه، حيث انشقت بطنه وانسكبت أحشاؤه فمات : " وإذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها "، ولا يمكن أن يموت يهوذا مرتين، كما لا يمكن أن يكون قد مات بالطريقتين معاً.

                - من الذي اشترى الحقل، هل هو يهوذا : " فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم"، أم الكهنة الذين أخذوا منه المال : " فتشاوروا واشتروا بها حقل الفخاري " ؟!

                - هل مات يهوذا نادماً : " لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم...قد أخطأت، إذ سلمت دماً بريئاً" , أم معاقباً بذنبه كما يظهر من كلام بطرس ؟!

                - هل رد يهوذا المال للكهنة : " وردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ " أم أخذه واشترى به حقلاً : " فإن هذا اقتنى حقلاً من أجرة الظلم "؟!

                - هل كان موت يهوذا قبل صلب المسيح وبعد المحاكمة : " ودفعوه إلى بيلاطس البنطي الوالي، حينئذ لما رأى يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين ندم... فطرح الفضة في الهيكل وانصرف ثم مضى وخنق نفسه " , أم أن ذلك كان فيما بعد، حيث مضى واشترى حقلاً ثم مات في وقت الله أعلم متى كان ؟!

                9- وقت الصلب !

                يقول مرقس : " وكانت الساعة الثالثة فصلبوه " ( مر 15 : 25 ). لكن يوحنا يقول أن ذلك حدث بعد الساعة السادسة : " وكان استعداد الفصح ونحو الساعة السادسة . فقال – بيلاطس – لليهود هوذا ملككم فصرخوا خذه خذه اصلبه .. فجينئذ أسلمه ليصلب " ( يو 19 : 14-16 ).

                10- ما موقف المصلوبين من جارهما على الصليب ؟

                وتتحدث الأناجيل عن تعليق المسيح على الصليب ، وأنه صلب بين لصين أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره ، ويذكر متَّى ومرقس أن اللصين استهزءا بالمسيح، يقول متَّى:" بذلك أيضاً كان اللصّان اللذان صلبا معه يعيّرانه"(متَّى 27/44 ، ومثله في مرقس 15/32) .
                بينما ذكر لوقا بأن أحدهما استهزء به، بينما انتهر الآخر، يقول لوقا: " وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلاً: إن كنت أنت المسيح فخلّص نفسك وإيانا. فأجاب الآخر وانتهره قائلاً: أولا تخاف الله، .. فقال له يسوع: الحق أقول لك: إنك اليوم تكون معي في الفردوس" ( لوقا 23/39 - 43) .

                11- آخر ما قاله المصلوب قبل موته !

                أما اللحظات الأخيرة في حياة المسيح فتذكرها الأناجيل، وتختلف في وصف المسيح حينذاك، فيصور متَّى ومرقس حاله حال اليائس القانط يقول ويصرخ : " إلهي إلهي لماذا تركتني " ثم يُسلم الروح ( متَّى 27/46 - 50 ومرقس 15/34 - 37 ) .
                وأما لوقا فيرى أن هذه النهاية لا تليق بالمسيح، فيصوره بحال القوي الراضي بقضاء الله حيث قال: " يا أبتاه في يديك أستودع روحي " ( لوقا 23/46 ) .
                - وتتحدث الأناجيل الأربع عن قيامة المسيح بعد دفنه ، وتمتلىء قصص القيامة في الأناجيل بالمتناقضات التي تجعل من هذه القصة أضعف قصص الأناجيل.

                13- متى أتت الزائرات إلى القبر ؟

                تتحدث الأناجيل عن زائرات للقبر في يوم الأحد ويجعله مرقس بعد طلوع الشمس، فيقول : "وباكراً جداً في أول الأسبوع أتين إلى القبر، إذ طلعت الشمس" (مرقس 16/2).لكن لوقا ومتَّى يجعلون الزيارة عند الفجر ، وينُص يوحنا على أن الظلام باقٍ، يقول يوحنا: " في أول الأسبوع جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً، والظلام باق، فنظرت الحجر مرفوعاً عن القبر". (يوحنا 20/1 ) ، ( انظر : متَّى 28/1 ، لوقا 24/1).

                14- من زار القبر ؟

                أما الزائرات والزوار، فهم حسب يوحنا مريم المجدلية وحدها كما في النص السابق:" جاءت مريم المجدلية إلى القبر باكراً " (يوحنا 20/1 - 3), وأضاف متَّى مريمَ أخرى : " جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر " (متَّى 28/1 ) .

                ويذكر مرقس أن الزائرات هن مريم المجدلية وأم يعقوب وسالومة : " اشترت مريم المجدلية ومريم أم يعقوب وسالومة حنوطاً ليأتين ويدهنّه. " ( مرقس 16/1 ) .

                وأما لوقا فيفهم منه أنهن نساء كثيرات ومعهن أناس، يقول لوقا: "وتبعته نساء كنّ قد أتين معه من الجليل ونظرن القبر وكيف وضع جسده. ثم في أول الأسبوع أول الفجر أتين إلى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ اناس. فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر." (لوقا 23/ 55 - 24/1 ) وهذا كله إنما كان في زيارة واحدة !

                15- متى دُحرِج الحجر؟

                ثم هل وجد الزوار الحجر الذي يسد القبر مدحرجاً أم دُحرج وقت الزيارة ؟
                يقول متَّى: "وبعد السبت عند فجر أول الإسبوع جاءت مريم المجدلية ومريم الأخرى لتنظرا القبر . وإذا زلزلة عظيمة حدثت.لأن ملاك الرب نزل من السماء، جاء ودحرج الحجر عن الباب ، وجلس عليه " ( متَّى 28/2 ) فيفهم منه أن الدحرجة حصلت وقت الزيارة . بينما جاء في بقية الأناجيل أن الزائرات وجدن الحجر مدحرجاً، يقول لوقا: " أتين الى القبر حاملات الحنوط الذي أعددنه ومعهنّ أناس. فوجدن الحجر مدحرجاً عن القبر" (لوقا 24/2). ( وانظر : مرقس 16/4 ، يوحنا 20/1 ) .

                16- ماذا رأت الزائرات ؟

                شاهدت الزائرات في القبر شاباً جالساً عن اليمين، لابساً حُلة بيضاء حسب مرقس ( انظر مرقس 16/5 ) ، ومتَّى جعل الشاب ملاكاً نزل من السماء . ( انظر : متَّى 28/2 ) ، ولوقا جعلهما رجلين بثياب براقة . (انظر: لوقا 24/4)، وأما يوحنا فقد جعلهما ملَكين بثياب بيضٍ أحدهما عند الرأس ، والآخر عند الرجلين . ( انظر يوحنا 20/12 ).

                17- هل أسرت الزائرات الخبر أم أشاعته ؟

                ويتناقض مرقس مع لوقا في مسألة : هل أخبرت النساء أحداً بما رأين أم لا ؟ فمرقس يقول: " ولم يقلن لأحد شيئاً ، لأنهن كن خائفات " ( مرقس 16/8 ) ، ولوقا يقول: "ورجعن من القبر ، وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله " ( لوقا 24/9 ) .

                18- لمن ظهر المسيح أول مرة ؟

                وتختلف الأناجيل مرة أخرى في عدد مرات ظهور المسيح لتلاميذه ، وفيمن لقيه المسيح في أول ظهور . فمرقس ويوحنا يجعلان الظهور الأول لمريم المجدلية ( انظر مرقس 16/9 ، يوحنا 20/14 ) . ويضيف متَّى: مريم الأخرى ( انظر : متَّى 28/9 ) ، بينما يعتبر لوقا أن أول من ظهر له المسيح هما التلميذان المنطلقان لعمواس ! ( انظر : لوقا 24/13 ) .

                19- كم مرة ظهر المسيح ؟ وأين ؟

                ويجعل يوحنا ظهور المسيح للتلاميذ مجتمعين ثلاث مرات . ( انظر يوحنا 20/19 ، 26) بينما يجعل الثلاثة للمسيح ظهوراً واحداً (انظر متَّى 28/16، مرقس 16/14،لوقا 24/36).
                ويراه لوقا قد تم في أورشليم، فيقول: " ورجعا إلى أورشليم، ووجدا الأحد عشر مجتمعين هم والذين معهم، وهم يقولون: إن الرب قام بالحقيقة وظهر لسمعان...، وفيما هم يتكلمون بهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم"( لوقا 24/33 - 36)، بينما يقول صاحباه إن ذلك كان في الجليل : " أما الأحد عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع. ولما رأوه سجدوا له" ( متَّى 28/10) ( وانظر مرقس 16/7 ) .

                20-كم مكث المسيح قبل رفعه ؟

                ونشير أخيراً إلى تناقض كبير وقعت فيه الأناجيل ، وهي تتحدث عن ظهور المسيح ، ألا وهو مقدار المدة التي قضاها المسيح قبل رفعه !
                ويفهم من متَّى ومرقس أن صعوده كان في يوم القيامة من الموت – زعمًا- ( انظر متَّى 28/8 - 20 ، مرقس 16/9 - 19 ، ولوقا 24/1 - 53 ) لكن يوحنا في إنجيله جعل صعوده في اليوم التاسع من القيامة المزعومة . ( انظر : يوحنا 20/26 ، 21/4 ) ، بيد أن مؤلف أعمال الرسل - والمفترض أنه لوقا - جعل صعود المسيح للسماء بعد أربعين يوماً من القيامة المزعومة ( انظر : أعمال 1/13 ) .


                يتبع ...

                تعليق

                • أَبُو عُبَـيِّدة
                  2- عضو مشارك
                  حارس من حراس العقيدة
                  عضو شرف المنتدى

                  • 30 ديس, 2006
                  • 152

                  #23
                  ثالثًا : شهادة الأناجيل على نجاة المسيح من الصلب !


                  إن خبر تنبؤ المسيح بقتله وصلبه كما يزعم النصارى ، معارَض بنصوص كثيرة ، أخبر المسيح فيها بنجاته ، ومنها :

                  1- قوله حسبما جاء في إنجيل يوحنا : " فأرسل الفريسيون ورؤساء الكهنة خداماً ليمسكوه، فقال لهم يسوع: أنا معكم زمانا يسيراً بعد ثم أمضي إلى الذي أرسلني، ستطلبونني ولا تجدونني وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا ".

                  وقد فهم منه اليهود أنه أراد نجاته منهم : " فقال اليهود فيما بينهم: إلى أين هذا مزمع أن يذهب حتى لا نجده نحن ؛ ألعله مزمع أن يذهب إلى شتات اليونانيين ، ويعلم اليونانيين ، ما هذا القول الذي قال: ستطلبونني ولا تجدونني، وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا" ( يوحنا 7/32 – 36 ).
                  فأي مكان على الأرض من الممكن أن يكتشفه أعداء المسيح عليه السلام , فما الذي عناه المسيح حين قال : " وحيث أكون أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا " ؟‍! أي مكان هذا إن لم تكن السماء التي رفع إليها ؟! بل إن مصداق قوله عليه السلام : " ثم أمضي إلى الذي أرسلني " تجده في القرآن الكريم حين قال تعالى : {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ }آل عمران55 .

                  2- ومرة أخرى جاهر المسيح بنجاته منهم قائلاً : " أعلم من أين أتيت، وإلى أين أذهب، وأما أنتم، فلا تعلمون من أين آتي، ولا إلى أين أذهب …. قال لهم يسوع أيضاً: أنا أمضي، وستطلبونني وتموتون في خطيتكم، حيث أمضى أنا، لا تقدرون أنتم أن تأتوا. فقال اليهود: ألعله يقتل نفسه حتى يقول: حيث أمضي أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا. فقال لهم: أنتم من أسفل. أما أنا فمن فوق. أنتم من هذا العالم … فقال لهم يسوع: متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون إني أنا هو، ولست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علمني أبي، والذي أرسلني هو معي، ولم يتركني الأب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يرضيه " ( يوحنا 8/21 - 29 ).

                  3- ثم مرة أخرى، لما أعطى يهوذا اللقمة قال لتلاميذه: " يا أولادي أنا معكم زماناً قليلاً بعد، ستطلبونني، وكما قلت لليهود حيث أذهب أنا لا تقدرون أنتم أن تأتوا، أقول لكم أنتم الآن..... قال له سمعان بطرس: يا سيد، إلى أين تذهب، أجابه يسوع: حيث أذهب لا تقدر الآن أن تتبعني، ولكنك ستتبعني أخيراً " ( يوحنا 13/32 - 36 ).

                  وقد رأى المحققون في هذه النصوص نبوءة واضحة بنجاة المسيح عليه السلام من يد أعدائه، وأنه سيرفع للسماء، فهو المكان الذي لا يقدرون عليه، ولو كان مقصده الموت، فإن ذلك أمر يطيقه كل أحد، لقد كان المسيح يتحدى أعداءه وهو يقول: " هو ذا بيتكم، يترك لكم خراباً، لأني أقول لكم: إنكم لا ترونني من الآن، حتى تقولوا: مبارك الآتي باسم الرب " ( متَّى 23/28 - 29 ).

                  4- ومن النصوص التي تحدثت أيضاً عن نجاة المسيح قوله: "هو ذا تأتي ساعة وقد أتت الآن، تتفرقون فيها، كل واحد إلى خاصته، وتتركونني وحدي، وأنا لست وحدي، لأن الآب معي، قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام، في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم " (يوحنا 16/32 - 33) فأين هذا من القول بصفع المسيح وصلبه وضربه ؟!

                  5- ومن النصوص الدالة أيضاً على نجاة المسيح قول كاتب إنجيل يوحنا: " من عند الله خرج، وإلى الله يمضي " ( يوحنا 13/3 ) ولو كان المقصود الموت، فكل الناس إلى الله تمضي، والقول بأن مضيه إنما يكون بعد الدفن ثلاثاً، يحتاج لدليل يثبت ذلك.

                  6- ومن النصوص الدالة أيضاً على نجاة المسيح ما جاء في إنجيل متَّى : " فقال لهم يسوع: هل يستطيع بنو العرس أن ينوحوا مادام العريس معهم ؛ ولكن ستأتي أيام، حين يرفع العريس عنهم، فحينئذ يصومون " ( متَّى 9/15 )، ومقصده رفعه للسماء بغير قتل أو صلب . وهذا ما يفهمه من عنده مسحة من عقل , ومن المحال أنه يعني برفعه صلبه وموته وقيامته, فظاهر النص يفيد الرفع والنجاة , ولا يفيد الصلب والهلاك .

                  7- ومن أظهر الأدلة الإنجيلية التي تصرح بنجاة المسيح عليه السلام من القتل أو الصلب ورفعه إلى السماء بعد إلقاء الشبه على غيره , ما جاء في إنجيل لوقا : " ولما سأله الفريسيون : متى يأتي ملكوت الله ؟ أجابهم وقال : لا يأتي ملكوت الله بمراقبة ولا يقولون هوذا ههنا أو هوذا هناك , لأن ها ملكوت الله داخلكم . وقال لتلاميذه: ستأتي أيام فيها تشتهون أن تروا يومًا واحدًا من أيام ابن الإنسان ولا ترون , ويقولون لكم هوذا ههنا أو هوذا هناك . لا تذهبوا ولا تتبعوا لأنه كما أن البرق الذي يبرق من ناحية تحت السماء يضيء إلى ناحية تحت السماء كذلك يكون ايضًا ابن الإنسان في يومه ولكن ينبغي أولاً أن يتألم كثيرًا ويُرفض من هذا الجيل . وكما كان في أيام نوح كذلك يكون ايضًا في أيام ابن الإنسان .كانوا يأكلون ويشربون ويزوجون ويتزوجون إلى اليوم الذي فيه دخل نوح الفلك وجاء الطوفان واهلك الجميع . كذلك ايضًا كما كان في أيام لوط كانوا يأكلون ويشربون ويشترون ويبيعون ويغرسون ويبنون ولكن اليوم الذي فيه خرج لوط من سدوم أمطر نارًا وكبريتًا من السماء فأهلك الجميع هكذا يكون في اليوم الذي فيه يظهر ابن الإنسان في ذلك اليوم من كان على السطح وامتعته في البيت فلا ينزل ليأخذها والذي في الحقل كذلك لا يرجع إلى الوراء اذكروا امراة لوط من طلب أن يخلص نفسه يهلكها ومن اهلكها يحييها . أقول لكم : إنه في تلك الليلة يكون اثنان على فراش واحد فيؤخذ الواحد ويترك الأخر ! تكون اثنتان تطحنان معًا فتؤخذ الواحدة وتترك الأخرى ! يكون اثنان في الحقل فيؤخذ الواحد ويترك الأخر ! فأجابوا وقالوا له : أين يا رب ؟! فقال لهم : حيث تكون الجثة هناك تجتمع النسور ! " ( لوقا 17 : 22 – 37 ) .

                  لقد بَيَّنَ المسيح عليه السلام أنه ستأتي أيام على الحواريين يشتاقون فيه لرؤيته , وذلك بعد رفعه عليه السلام وإلقاء الشبه على غيره كما سيأتي من سياق كلامه عليه السلام , ثم وضح لهم أن كثيرين سيظنون أنه هنا أو هناك , لأنهم لم يعلموا حقيقة ما حدث من إلقاء الشبه على غيره , ولهذا نهاهم عليه السلام أن يصدقوا كلامهم قائلاً لهم : " لا تذهبوا ولا تتبعوا لأنه كما أن البرق الذي يبرق من ناحية تحت السماء يضيء إلى ناحية تحت السماء كذلك يكون ايضًا ابن الإنسان في يومه " . وهذا تشبيه واضح يُبـين إلقاء شبهه على غيره كما أن مصدر البرق تحت السماء يضيء في ناحية أخرى فيظن الناس أن هذا مصدر البرق , ويؤكد ذلك المعنى الترجمة التفسيرية " كتاب الحياة " إذ جاء فيها : " فكما أن البرق الذي يلمع تحت السماء من إحدى الجهات يضيء في جهة أخرى " .

                  ثم ذكر المسيحُ نوحًا عليه السلام مذكرًا تلاميذه بمعاناته مع قومه حتى أنجاه الله ومن معه في الفلك المشحون , وكذلك لوطًا عليه السلام إذ أنجاه الله من القوم الظالمين , ثم قال عليه السلام : " هكذا يكون في اليوم الذي فيه يظهر ابن الإنسان " , وابن الإنسان هنا هو يهوذا يوم أن يُظهر خيانته لسيده , ولا يعقل أن يكون المسيح هو ابن الإنسان في هذه الفقرة , لأن حديث المسيح عليه السلام عن نوح ولوط جاء فيه نجاتهم من الهلاك , وهلاك من أرادوا بهما السوء , وهذا هو القاسم المشترك بينهما , فهل يعقل أن يضرب المسيح هذه الأمثلة لكي يشير إلى قتله وصلبه وانتصار الخائن عليه أم أنه يتحدث عن نصر الله له بعد البلاء والإيذاء الواقع عليه - كما نصر الله نوحًا ولوطًا - وهلاك من أراد خيانته ؟!

                  ثم أمر المسيح عليه السلام تلاميذه المقربين بالإبتعاد والفرار عندما يظهر ابن الإنسان يهوذا بخيانته , ثم قال – والنص لا يحتاج إلى تعليق - : " أقول لكم : إنه في تلك الليلة يكون اثنان على فراش واحد فيؤخذ الواحد ويترك الأخر ! تكون اثنتان تطحنان معًا فتؤخذ الواحدة وتترك الأخرى ! يكون اثنان في الحقل فيؤخذ الواحد ويترك الأخر ! " . ونتساءل : ما الذي جعل المسيح يأمر تلاميذه بالفرار في تلك اللحظة قائلاً لهم : " من كان على السطح وامتعته في البيت فلا ينـزل ليأخذها والذي في الحقل كذلك لا يرجع إلى الوراء " ؟! إن هذا ليس له معنى سوى أن يهوذا سيُلقى عليه شبه المسيح عليه السلام , وقد يفتن هذا الصفوة من أتباع المسيح ولهذا أمرهم بالفرار , لكنه كان يعلم أنهم لن يلتزموا بما قال ولهذا قال المسيح لهم : " كلكم تشكون فيَّ في هذه الليلة" ( مت 26 : 31 , مر 14 : 27 ) .

                  لقد ذهب علماء الكتاب المقدس إلى تأويل الفقرات السالفة الذكر حول المجيء الثاني للمسيح في نهاية الزمان وذلك لما ورد في إنجيل متَّى ( 24 : 36 – 41 ) , ومن يقارن بين الفقرات الواردة في إنجيلي متَّى ولوقا لا يستطيع أن يجزم بذلك .


                  يتبع ....

                  تعليق

                  • أَبُو عُبَـيِّدة
                    2- عضو مشارك
                    حارس من حراس العقيدة
                    عضو شرف المنتدى

                    • 30 ديس, 2006
                    • 152

                    #24
                    أدلة النصارى العقلية على الصلب ونقدها




                    لخص القس عوض سمعان أدلة النصارى العقلية على صلب المسيح – كما زعموا – نستعرضها من خلال نقلنا لما جاء في كتابه " قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض " :

                    1- يقول القس عوض سمعان : " كان الصليب قبل ظهور المسيحية مكروهًا لدى الناس عامة, لأنه كان آلة الإعدام التي يُقتل عليها أشر المجرمين . ولكن من ظهورها إلى الآن والمسيحيون ينقشون رسمه على أيديهم ومعابدهم ومقابرهم , وقد أشارت جريدة الأهرام القاهرية إلى هذه الحقيقة , فجاء في عددها الصادر في 25/9/1969 أن علماء الأثار عثروا في الإسكندرية على مقابر منقوش عليها صلبان , يرجع تاريخها إلى القرنين الآول والثاني للميلاد . فضلاً عن ذلك فإن ملوكهم يزينون به تيجانهم وعروشهم وملابسهم الرسمية . وهذا دليل واضح على أن الصليب حمل منذ ذلك العهد معنى جليلاً , لا يمكن أن يكون سوى أن المسيح الذي ينقشون رسم صليبه في كل مكان باعتزاز وفخار , هو فاديهم ومخلصهم " (قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض ص 7 , 8 ) .

                    عجبنا من أناس يقول كتابهم : " ملعون من تعلق على خشبة " ( تثنية 21 : 23 ) , وهم في نفس الوقت يخالفون ما جاء في كتابهم ويعظمون الخشبة التي عُلق عليها ربهم - كما زعموا - !

                    كيف يستجيز مسيحي عاقل أن يعظم خشبة علق عليها أسمى شخصية عندهم ؟! أليس من باب أولى أن يكون هذا الصليب مكروهًا وممقوتًا لموت المخلص عليه ؟! وأي فرحة بصليب مات عليه مخلص البشر ؟! يقول النصارى : لأنه مات عليه من أجلنا ولعن عليه من أجلنا ( غلا 3 : 13 ) .

                    وأقول : لو كان الأمر كذلك لرأينا تعظيم الصليب على يد تابعي المسيح الذين زعمتم أنهم شهود عيان , فلا يوجد أي دليل ديني أو حتى تاريخي على تعظيم التلاميذ للصليب ورسمه على أيديهم ونقوشهم وملابسهم , وما ذكره القس عوض سمعان من أن علماء الأثار عثروا في الإسكندرية على مقابر منقوش عليها صلبان , يرجع تاريخها إلى القرنين الآول والثاني للميلاد يثبت ذلك , فلو كانت هناك شهادة لأتباع المسيح الأوائل , ما ذهب القس يبحث في رفات الأموات ومقابرهم , فما زعمه القس ليس فيه أي دليل عقلي على صلب المسيح .
                    والعجيب في الأمر أن القس يستدل من رسومات على المقابر على صحة معتقد , وكأن العقائد أصبحت غامضة إلى هذا الحد الذي يجعلنا نثبت صحتها من خلال رسمة على مقبرة !

                    فاعلم أيها الباحث المنصف أنه لا توجد أي شهادة تثبت أن الصليب كان رمزًا لصلب المسيح وخلاص النفوس , وأقدم شهادة عندهم على ذلك , هو ما ذكره يوسابيوس القيصري في كتابه " حياة قسطنطين العظيم " من أن الأخير رأى في الظهيرة صليبًا من نور في السماء فوق الشمس - ! – يحمل هذه الكتابة " اغلب بهذا " وكان هذا في القرن الرابع , ومنذ تلك اللحظة كان قسطنطين يستخدم هذه العلامة للخلاص وكوقاية من كل القوات المعادية والمقاومة , وأمر بأن تعمل أخرى مثيلات لها لتوضع على رؤوس كل جيشه . (حياة قسطنطين العظيم ص 32-34 ) .

                    وهناك من النصارى من يقول أن الصليب شعار مقتبس من الحضارة المصرية القديمة, فيقول الدكتور النصراني صابر جبرة في كتابه (مجد الكتاب المقدس) ص103 : ( إن كلمة الحياة عند المصريين القدماء تُرسم كما يُرسم الصليب (يقصد مفتاح الحياة أونخ ) , وليس بعيداً أن يكون رسم الصليب مقتبساً من الفكر المصري بمعنى نهاية الحياة , أو الحياة التي تلي الصلب ) ( انظر أيضًا " خلاصة تاريخ المسيحية في مصر " ص 20 , 21 – تأليف لجنة التاريخ القبطي ) .

                    2- يقول القس عوض سمعان : " كما يتضح من كتب التاريخ أن المسيحيين كانوا يقابلون منذ نشأتهم بالهزء والسخرية , لاعتقادهم أن المسيح الذي يعتزون به , قد صلبه اليهود , وعلى الرغم من ذلك لم يتحولوا عن هذا الإعتقاد قيد شعرة . وبما أنه لا يعقل إطلاقًا أن يتحمل الناس الهزء والسخرية بسبب تمسكهم بموضوع لا نصيب له من الصواب , إذًا لا بد أن حادثة صلب المسيح هى حادثة حقيقية " ( قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض ص 8 ) .

                    إن هذه النقطة التي أثارها القس سمعان , تُعد من أقوى الحجج لإثبات أن المسيح لم يُصلب , لأن التاريخ المسيحي الذي يستدل به القس ذكر وجود فرق كانت تنكر صلب المسيح عليه السلام ( كما سنبين إن شاء الله ) , وقُوبلوا بالإضطهاد والتعذيب والقتل , ليس فقط من قبل اليهود , ولكن من الفرق المسيحية الأخرى التي كانت تعتقد الصلب , حتى قُضي عليها تمامًا , فانظر إلى حال هؤلاء وما عانوه من الإضطهاد والإبادة فضلاً عن الهزء والسخرية , لكنهم لم يتزعزعوا أو يتحولوا عن هذا الإعتقاد قيد شعرة . وبما أنه لا يعقل إطلاقًا أن يتحمل الناس القتل والإبادة بسبب تمسكهم بموضوع لا نصيب له من الصواب , إذًا لا بد أن حادثة صلب المسيح هى حادثة خرافية .

                    3- يقول القس عوض سمعان : " يواظب كثيرون من المسيحيين منذ القرن الميلادي الثاني على تخصيص يومي الأربعاء والجمعة من كل أسبوع للصوم والصلاة معًا بصفة خاصة . كما يقيمون كل عام في يوم الجمعة ( المعروف بالجمعة الحزينة أو العظيمة ) اجتماعًا دينيًا هامًا يذكرون فيه حادثة صلب المسيح , ويشربون في هذا اليوم خلاً ممزوجًا بمر اقتداءً به , للدلالة على مشاركتهم إياه في بعض الآلام التي قاساها في هذه الحادثة , الأمر الذي يؤكد لنا أن اليهود كانوا قد عزموا على صلب المسيح يوم الأربعاء السابق لعيد الفصح لديهم , ونفذوا الصلب فيه يوم الجمعة التالي ليوم الأربعاء المذكور " ( قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض ص 8 ) .

                    ونتساءل : فما بال القرون الأولى ؟‍!

                    لقد زعم القس أن هذه الطقوس كانت تُقام منذ القرن الثاني , فماذا كان حال المسيحيين في القرن الأول , وكيف استجاز المسيحيون في القرن الثاني أن يفعلوا شيئًا لم يقره المسيح لهم ولم يفعله المسيحيون في القرن الأول بل ولم يفعله المسيحيون من الطوائف الأخرى في ذلك الزمان ؟!
                    ثم إننا لا نأخذ العقائد من أفعال الناس , إنما من المصادر الدينية المعتمدة التي أُرسل بها الرسول المبلغ عن الله , وقد بينا وسنبين أن مصادر النصارى الدينية الرئيسية منقطعة السند , ولا يُعلم مصادرها , ولا كتبتها , وهى متناقضة في متنها خاصة في أحداث الصلب .

                    يقول صفوة من علماء الكتاب المقدس : ( فليس هناك قبل السنة 140 أي شهادة تثبت أن الناس عرفوا مجموعة من النصوص الإنجيلية المكتوبة , ولا يذكر أن لمؤلف من تلك المؤلفات صفة ما يلزم , فلم يظهر إلا في النصف الثاني من القرن الثاني شهادات ازدادت وضوحًا على مر الزمن بأن هناك مجموعة من الأناجيل وأن لها صفة ما , وقد جرى الإعتراف بتلك الصفة على نحو تدريجي ) ( الترجمة الكاثوليكية ص9) .

                    وفي الثامن من إبريل من عام 1996 م نشرت مجلة التايم الأمريكية ملفًا يحمل عنوان "البحث عن يسوع" وفيه ذكرت المجلة أن بعض الباحثين يكذبون الأناجيل فماذا يمكن أن يصدقه المسيحيون ؟!..وتضمن الملف تشكيكًا في كل شيء : " العشاء الأخير ..كتبة الأناجيل ..وواقعة الصلب " .

                    وليست هذه المجلة هي أول من يكشف النقاب عن هذا الأمر بل سبقها أراء العديد من علماء الكتاب المقدس من مختلف الطوائف المسيحية المعروفة , ففي عدد 4 مارس من عام 1991 م لجريدة لوس أنجلوس الأمريكية تم نشر بيان صادر عن 200 عالم من الجامعات والكليات اللاهوتية يشيرون فيه أن أكثر من نصف ما ورد على لسان المسيح في الإناجيل هو عمل مؤلفي الأناجيل وليس للمسيح دخل فيه وذلك بعد دراسات استمرت عدة سنوات !

                    ومثيل ذلك أيضًا تلك الدراسات التي قام بها معهد ( وستار ) بكاليفورنيا على مدار ست سنوات والتي شارك فيها أفضل علماء الكتاب المقدس مكانة وقدرًا , حتى جاء القرار النهائي لتلك الدراسات عام 1992 م في ندوة سنوية شهيرة تحمل عنوان " ندوة يسوع" والتي انعقدت بالولايات المتحدة الأمريكية بأن 80% من الأقوال المنسوبة للمسيح بالأناجيل إما كاذبة لا أصل لها , وإما محتملة الكذب , و20% من بقية الأقوال المنسوبة للمسيح إما صادقة أو محتملة الصدق, وقد أعادت جريدة الدستور المصرية نشر هذه الحقائق في عددها الثلاثين الصادر يوم الأربعاء 12 أكتوبر2005م.

                    هذا وقد نقلت جريدة الدستور المصرية في هذا العدد أيضًا مضمون الوثيقة الصادرة من الهيئة الكهنوتية للكنيسة الكاثوليكية بالفاتيكان والتي تحذر فيها المؤمنين من أجزاء غير صحيحة في الكتاب المقدس .

                    يتبع ....

                    تعليق

                    • أَبُو عُبَـيِّدة
                      2- عضو مشارك
                      حارس من حراس العقيدة
                      عضو شرف المنتدى

                      • 30 ديس, 2006
                      • 152

                      #25
                      ((الأدلة العقلية على عدم صلب المسيح عليه السلام))



                      إن الذي يقرأ قصة الصلب في الأناجيل يلاحظ أن الشخص الذي صلبته اليهود لم يكن المسيح عليه السلام فيما يلي :

                      1- لم يكن المسيح معروفًا بشخصه لدى رجال الشرطة التي أمرت بالقبض عليه ولذا أخذوا معهم يهوذا ليعينه لهم . ( مت 26 : 47-65 , مر 14 : 43-50 , لو 22 : 47-54 , يو 18 : 3-11 ) .
                      2- أن اليهود قتلت رجلاً لم تعينه بإقرار الأناجيل – ولم تعرفه إلا بشهادة يهوذا الإسخريوطي أنه ذلك المطلوب – وأما الأناجيل فلا دليل فيها صادق بتحقيق ذلك , ولا خبر قاطع للحجة , كيف لا ؟‍! ونصوص الأناجيل والكتب النصرانية متضافرة دالة على عدم صلب المسيح – عليه السلام – ووقوع الشبه على غيره .

                      3- جاء في الأناجيل أن المصلوب قد استسقى اليهود فأعطوه خلاً ممزوجًا بمرارة , فذاقه ولم يشربه , وذلك بعد أن نادى : إلهي إلهي لما تركتني ؟ ( مت 27 : 46 ) . وهذا ما لا يقبله من له مسحة من عقل , لأن المسيح عليه السلام , كان يطوي أربعين يومًا وليلة ( مت 4 : 2 ) , ومن يصبر على الجوع والعطش أربعين يومًا وليلة , كيف يظهر الحاجة والمذلة والمهانة لأعدائه بسبب عطش يوم واحد؟! هذا لا يفعله أدنى الناس , فكيف بخواص الأنبياء ؟ , فيكون حينئذ المدعي للعطش غيره – يقينًا – وهو الذي شبه لهم , وللخروج من هذا المأزق زعم علماء الكتاب المقدس أن المسيح : " لم يكن يسأل الله - ! - , ولكنه كان يقتبس العدد الأول من المزمور الثاني والعشرين , تعبيرًا عن الآلام المبرحة التي عانها " ( التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 1968 ) .

                      فحتى لو صح ما يزعمه علماء الكتاب المقدس , فهذا كلام يقتضي عدم الرضا بالقضاء وعدم التسليم لأمر الله تعالى , والمسيح عليه السلام منـزه عن ذلك , فيكون المصلوب غيره, لاسيما والنصارى يقولون : إن المسيح عليه السلام نزل ليؤثر العالم على نفسه ويخلصه من الشيطان ورجسه , فكيف يتفق هذا مع ذلك , وهو على خلافه تمامًا ؟!

                      5- جاء في العهد القديم أن إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وهارون عليهم السلام , لما حضرهم الموت , كانوا مستبشرين بلقاء ربهم , فلم يجزعوا من الموت , ولم يهابوا مذاقه ولم يعيبوه مع أنهم عبيد الله , والمسيح بزعمكم ولد الله , فكان ينبغي أن يكون أثبت منهم , ولما لم يكن ذلك منه , دل على أن المصلوب غيره .

                      6- نطقت الأناجيل بأن المسيح عليه السلام نشأ بين ظهور اليهود في مواسمهم وأعيادهم وهياكلهم يعظهم ويعلمهم ويناظرهم , ويعجبون من براعته وكثرة تحصيله , حتى كانوا هم يقولون : أليس هذا ابن يوسف ؟ أليست أمه مريم ؟ أليس أخواه عندنا ؟ فمن أين له هذه الحكمة ؟ وإذا كان كذلك في غاية الشهرة والمعرفة عندهم , فلم نصت الأناجيل على أنهم وقت ما أرادوا القبض عليه لم يحققوه , حتى دفعوا لأحد تلاميذه , وهو يهوذا ثلاثين درهمًا ليدلهم عليه ؟ وعلامة ذلك أن يقبله . ولما أمسكوه وربطوه , وتركه التلاميذ وهربوا , سأله رئيس الكهنة : أستحلفك بالله الحي أن تقول لنا : هل أنت المسيح ابن الله؟ فقال له : أنت قلت ذلك ! ( مت 26 : 63-64 ) .

                      ترى هل يمكن أن تلتبس شخصية المسيح على رئيس الكهنة والجمع الكبير حتى يستحلفه باسم الله الحي ؟! ولماذا ظل المقبوض عليه صامتًا أمام تكرار السؤال من رئيس الكهنة مما دعاه أن يقول له : " أما تجيب بشيء " ( مت 26 : 62 ) ؟!

                      7- في إنجيل متَّى ( 26 : 31 ) أخبر المسيح عليه السلام أن تلاميذه سيشكون فيه في هذه الليلة , فزعم بطرس أنه لو شك جميعهم ما يشك هو , فقال له المسيح أنه سينكره في هذه الليلة قبل صياح الديك !

                      فإذا كان المسيح عليه السلام قد شهد عليهم بالشك , بل على خيارهم بطرس فإنه خليفته عليهم , فقد انخرم حينئذ الوثوق بأقوال النصارى في صلب المسيح , وجزم بإلقاء الشبه , فما الذي يمنع الشبه أو يحيله , فإذا جوزوا قلب الماء خمرًا ( يو 2 : 1-12 ) , جوزوا أيضًا إلقاء الشبه من غير استحالة !

                      8- لم يقع الشك من رئيس الكهنة فقط , ولا من تلاميذ المسيج حتى " بطرس " فحسب, بل من جميع من كان في المشهد , وحتى الذين اقتادوا عيسى لصلبه , سألوه قائلين : " إن كنت أنت المسيح فقل لنا ؟! فقال لهم : إن قلت لكم لا تصدقوني , وإن سألت لا تجيبوني ولا تطلقوني " ( لو 22 : 67 ) !

                      فما هى الحقيقة التي لو أخبرهم بها لن يصدقوه ؟! نعم .... أنه ليس المسيح !

                      فالمعنى واضح : إن قلت لكم لست أنا المسيح لا تصدقوني , وإن سألتكم بعدها أن تطلقوا سراحي لا تجيبون طلبي , ويستحيل أن يكون المعنى : إن قلت لكم أنا المسيح لا تصدقوني , لأنهم إذا كانوا لا يصدقونه أنه المسيح فلماذا جاءوا به ؟ بل إنهم كانوا أعرف الناس به , فهو الذي بشر ووعظ في وسطهم وأمام أعينهم في كل وقت وحين . فلم يبق إلا المعنى الوحيد المعقول , وهو : إن قلت لكم لست أنا المسيح لا تصدقوني ولا تجيبوني إلى ما أريد ولا تطلقونني .

                      وهنا قد يتساءل البعض لماذا شك الجند ورئيس الكهنة والكهنة في شخصية المأخوذ ؟!

                      وذلك لأنهم كانوا يعهدون في المسيح معالم معنوية، في كلامه، وذكائه وشجاعته، وعلمه، بل وصوته، وهم اليوم لا يرون شيئاً من ذلك، وهو ما حصل مع هيردوس: " وأما هيردوس فلما رأي يسوع فرح جداً، لأنه كان يريد من زمان طويل أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة، وترجى أن يرى آية تصنع منه، وسأله بكلام كثير، فلم يجبه بشيء … فاحتقره هيرودس مع عسكره، واستهزأ به " ( لوقا 23/8 - 11 )، لقد رآه دون الرجل العظيم الذي كان يسمع عنه، بل لم يجد لديه أياً من معالم العظمة التي كان يسمع عنها.

                      9- في إنجيلي ( لو 4 : 10 , مت 4 : 6 ) : " مكتوب أنه يوصي ملائكته بك فعلى أيديهم يحملونك , لكي لا تصطدم بحجر رجلك " , فكيف تكون الوصية للملائكة حتى لا تصدم رجل المسيح بحجر , ثم يترك للصلب والتعذيب والإهانة ؟!

                      10- ولنا أن نتساءل عن تضرع المسيح ودعائه وطلبه صرف الصلب عنه حين قال : "يا آبتاه إن امكن فلتعبر عني هذه الكاس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت"(مت26 : 39) , فهل يجبر الأب ابنه – مع التحفظ – على أمر لا يتحمله أو يطيقه: " ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت " ؟! وهل كان المسيح بجهل أنه سيصلب ، وإذا كان يعلم أنه سيصلب فما فائدة هذا الدعاء والتضرع؟! فقيام المسيح بالدعاء دليل على ثقته بأن الله سيستجيب له. ثم لا يليق أن يقال بأن الله رد المسيح خائباً بعد هذا التضرع والدعاء ، فمثل هذا لا يحدث إلا مع عصاة العباد.

                      ومما يؤكد استجابة الله للمسيح: ظهور ملاك له ليقويه ( انظر لوقا 22/43 ) فهل كان ذلك الملاك يضحك عليه ؟ أم يعينه فينجيه . وهذا هو ما يليق بعدل الله ورحمته، وأن الله استجاب للمسيح فأنجاه، وصلب يهوذا الخائن، فهذا أليق بعدل الله وكرمه من القول بعدم استجابته للمسيح وصلبه.

                      فاستجابة الله للأنبياء والصالحين حال دعائهم أمر مشهود، فقد وعد رسله بالنجاة ؛ كما وعد دواد : " لا أموت، بل أحيا، وأحدث بأعمال الرب.. إلى الموت لم يسلمني "( مزمور 118/17 – 18 ) .
                      وأيضًا : " قريب هو الرب من المنكسري القلوب ويخلص المنسحقي الروح.كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب , يحفظ جميع عظامه واحد منها لا ينكسر . الشر يميت الشرير ومبغضو الصديق يعاقبون . الرب فادي نفوس عبيده وكل من اتكل عليه لا يعاقب " ( مزامير 43 : 18 – 22 ) .
                      وفي رسالة يعقوب : " صلاة الإيمان تشفي المريض، والرب يقيمه….كان إيليا إنسانا تحت الآلام، ومثلنا صلى صلاة أن لا تمطر، فلم تمطر على الأرض ثلاث سنين وستة أشهر، ثم صلى أيضاً فأعطت السماء مطراً، وأخرجت الأرض ثمرها " ( يعقوب 5/15 – 18 ) .

                      11- إذا نظر الباحث المنصف إلى أفعال المسيح عليه السلام قبيل رفعه دون صلب , يجد حرصه على الحياة والنجاة ظاهرًا واضحًا , خاصة حين قال لتلاميذه : " لكن الأن من له كيس فلياخذه ومزود كذلك ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفًا لأني أقول لكم أنه ينبغي أن يتم في أيضًا هذا المكتوب : وأحصي مع آثمة لأن ما هو من جهتي له انقضاء. فقالوا : يا رب هوذا هنا سيفان , فقال لهم : يكفي ) ( لو 22 : 36- 38 ) .


                      يتبع .....

                      تعليق

                      • أَبُو عُبَـيِّدة
                        2- عضو مشارك
                        حارس من حراس العقيدة
                        عضو شرف المنتدى

                        • 30 ديس, 2006
                        • 152

                        #26
                        أدلة النصارى التاريخية على صلب المسيح



                        لم تخرج أدلة النصارى التاريخية على صلب المسيح عليه السلام عن هذه الأدلة :

                        أولاً : شهادة التلاميذ - الأوفياء - على صلبه .
                        ثانيًا : شهادة الأناجيل والعهد القديم وتواتر مسألة الصلب فيهما .
                        ثالثًا : شهادة بعض المؤرخين من الوثنيين واليهود على حادثة الصلب .
                        رابعًا : شهادة المخطوطات القديمة للكتاب المقدس .
                        خامسًا : الرسالة التي رفعها بيلاطس إلى طيبارس قيصر عن صلب المسيح .

                        والناظر إلى تلك الأدلة لا يحد فيها ما يؤيد نظرية الصلب المزعوم , ونبين ذلك إن شاء الله:


                        أولاً : شهادة التلاميذ – الأوفياء- على صلبه

                        عن أي شهادة يتحدثون ؟!

                        لقد بَيَّـنَا أن المسيح عليه السلام قد أخبر عن شك المقربـين له فيه , قبل لحظة القبض عليه, فشهادة التلاميذ في هذا الشأن مردودة , لأنهم تركوه وهربوا : " تركه التلاميذ كلهم وهربوا " ( متَّى 26 : 56 , مرقس 14 : 50 ) وذلك حين قُبض عليه ماعدا شاب لابس إزارًا تبعه على عريه فأمسكه الجنود . فترك الإزار وهرب منهم عريانًا كما جاء في (مرقس 14 : 51-52 ) ,ومشى بطرس وراء المسيح , ولكنه تركه أيضًا حين وقع في مصيبة , بل قال ثلاث مرات : " إني لست أعرف الرجل " ( مت 26 : 69-75 , مر 14 : 66-72 , لو 22 : 54 – 62 ) .

                        وأما ساعة الصلب المزعوم للمسيح فلا أحد من هؤلاء شهد هذا الحادث بعينه , باستثناء ما جاء في الأناجيل من أنه كانت هناك نساء كثيرات ينظرن من بعيد وهن كن قد تبعن يسوع يخدمنه . ( مت 27 : 55 , مر 15 : 40 – 41 ) .

                        ومن تنقل عنه المشاهدة من النساء ( يو 19 : 25- 27 ) لا يؤمن عليهن الإشتباه والوهم , بل ذكر كاتب إنجيل يوحنا أن مريم المجدولية وهى أعرف الناس بالمسيح اشتبهت فيه وظنته البستاني , وهو قد كان صاحب آيات , وخوارق عادات , فلا يبعد أن يلقى شبهه على غيره !

                        ولقد أقر علماء الكتاب المقدس أن التلاميذ والمقربـين للمسيح قد فروا هاربين لحظة القبض عليه , وذلك في تعليقهم على قول المسيح : " كلكم تشكون فيَّ في هذه الليلة لأنه مكتوب أني اضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية " ( مت 26 : 31 ) .

                        يقول صفوة من علماء الكتاب المقدس : " أعلن كل التلاميذ استعدادهم للموت دون التخلي عن يسوع. ولكن لم تمض بضع ساعات حتى تركه الجميع . فما أرخص الكلام! من السهل أن نقول إننا مكرسون للمسيح , ولكن لا يكون لأقوالنا معنى إلا بامتحانها في بوتقة الإضطهاد . فما مدى قوة إيمانك ؟ هل هو من القوة بحيث يثبت أمام امتحان عسير؟ وللمرة الثانية في ذلك المساء , أنبأ الرب يسوع تلاميذه بأنهم سيتركونه ( انظر لو 22: 31-38 , يو 13 : 31-38 عن المرة الأولى ) " . ( التفسير التطبيقي للكتاب المقدس ص 1959 ) .

                        إن ما ذكره علماء الكتاب المقدس أكبر طعن في إيمان التلاميذ وفي عدالتهم كرواة – هذا إذا كان لهم مرويات أصلاً - بجانب إعترافهم على أن الجميع قد تركوا المسيح , فكيف يزعمون أنهم شهود عيان ؟!

                        فإذا كانت هذه شهادة علماء الكتاب المقدس عن عدم عدالة التلاميذ كرواة , فكيف بغيرهم ممن لم نعلم عن سيرتهم شيئًا كالنساء اللاتي كن عند القبر ؟!


                        * الرد على القس عوض سمعان !

                        لقد وضع القس عوض سمعان في الباب الرابع من كتابه " قضية صلب المسيح بين مؤيد ومعارض " ص 43 , شهادات رسل المسيح عن صلبه , وأخذ ينقل من الأسفار المنسوبة لهم ( للرسل ) والتي هى أصلاً محل نزاع قديم بين طوائفهم , النصوص التي ذكروا فيها صلب المسيح .

                        ذكر القس مبتدئًا بعض الشهادات لبطرس ناقًلا عن سفر أعمال الرسل ورسالة بطرس الأولى . وسفر أعمال الرسل من الأسفار التي ضُمت إلى قانون الكتاب المقدس في أزمنة متأخرة , وهو بالطبع وفقًا للضوابط الشرعية الإسلامية في قبول الأخبار ساقط لا يُقبل به خبر , ولا هو حتى محل نظر , كغيره من أسفار الكتاب المقدس .

                        وتذكر التقاليد أن مؤلف هذا السفر هو لوقا الذي يُنسب إليه الإنجيل الثالث والذي كان رفيقًا لبولس – وكلاهما لم يُعاصرا المسيح عليه السلام - : " لكن أقل ما يقال أن هذا الأمر قابل للبحث " ( الترجمة الكاثوليكية ص 372 ) , هذا أقل ما يقال !

                        وتاريخ تأليفه في نحو السنة 80 م في وقت ينقص أو يزيد عشر سنوات ( المصدر السابق ص 373 ) , أي بعد رفع المسيح عليه السلام بعشرات السنين , فهل مثل هذا السفر يصح الإستدلال به ؟!

                        أما بالنسبة لرسائل بطرس ( الأولى والثانية ) التي يزعم النصارى أنه ألفها وكتبها بيده , فبطرس أمي لا يعرف الكتابة : " فلما رأوا جرأة بطرس ويوحنا وقد أدركوا أنهما أميان من عامة الناس , فأخذهم العجب , وكانوا يعرفونهما من صحابة يسوع " ( الترجمة الكاثوليكية أع 4 : 13 ) , وهذه الترجمة الحرفية الصحيحة للكلمة اليونانية (أجراماتوي) وهى من الجذر (جراما) أي يكتب , فبطرس ويوحنا لم يعرفا الكتابة أصلاً , وقد أقر علماء الكتاب المقدس بأن الرسالة الأولى لبطرس قد كُتبت باللغة اليونانية , وفيها من الجودة البلاغية ما يجعل من العسير نسبتها إلى بطرس الصياد الجليلي .

                        وفي رد علماء الكتاب المقدس على هذا الأمر يقولون : ( لربما استطاع بطرس الإعتماد على سلوانس في إنشاء مؤلفه - ! - )( الترجمة الكاثوليكية ص 736 ) .

                        كما أن عدالة بطرس كناقل لأخبار المسيح مجروحة بنص الأناجيل , فلقد جعل كاتب إنجيل متَّى بطرس وكيلاً للمسيح يحل ويربط كما يشاء , لكنه ما لبث في نفس الصفحة أن جعل بطرس شيطانًا ومعثرة للمسيح , وذلك حين قال له المسيح : " اذهب عني يا شيطان . أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله بل للناس -!-" ( مت16 : 21-23, مر 8 : 31-33 ) .

                        واستشهد القس عوض سمعان بعد ذلك ببعض الأقوال المنسوبة إلى يوحنا ( الرسول ) , فنقل عن الرسالة الأولى والرؤيا زاعمًا أن يوحنا الرسول أي ابن زبدي الذي نُسب إليه الإنجيل الرابع هو المؤلف !

                        وأنا لا أدري لماذا يخفي القس عوض سمعان حقيقة هذه الرسائل المنسوبة إلى يوحنا ؟!

                        إن اللافت للنظر أن الرسائل الثلاثة المنسوبة إلى يوحنا لا يصرح كاتبها أنه يوحنا الرسول كما يزعم القوم .

                        يقول علماء الكتاب المقدس : " يكاد يكون ثابتًا أن كاتب الرسائل الثلاث واحد . فإن أزمة واحدة تنعكس في كل من الرسالة الأولى والثانية , لا بل في الثالثة أيضًا على وجه غير مباشر . إن الرسائل الثلاث يشبه بعضها بعضًا بالفكر واللغة والإنشاء شبهًا شديدًا " (الترجمة الكاثوليكية ص 761) .

                        ويقول أوريحانوس : ( وترك أيضًا رسالة قصيرة جدًا وربما أيضًا رسالة ثانية وثالثة , ولكنهما ليسا معترفًا بصحتهما من الجميع , وهما معًا لا تحتويان على مائة سطر ) ( تاريخ الكنيسة ليوسابيوس القيصري ص 275 ) .

                        فإذا كان أوريجانوس ينقل رفض الكنيسة للرسالة الثانية والثالثة , وقد أقر علماء الكتاب المقدس أن كاتب الرسائل الثلاثة واحد كما أشرنا , فلا بد من إنكار الأولى من باب أولى!

                        أما عن رؤيا يوحنا فهى إلى يومنا هذا محل نزاع بين علماء نقد النصوص الكتابية , وأقوال علماء النصرانية في هذا الأمر متضاربة , نذكر منها :

                        يقول ديونسيوس : ( لقد رفض البعض ممن سبقونا السفر وتحاشوه كليًا , منتقدينه إصحاحًا إصحاحًا , ومدعين بأنه بلا معنى , وعديم البراهين , وقائلين بأن عنوانه مزور , لأنهم يقولون إنه ليس من تصنيف يوحنا , ولا هو رؤيا , لأنه يحجبه حجاب كثيف من الغموض , ويؤكدون أنه لم يكتبه لأي واحد من الرسل , أو القديسين , أو أي واحد من رجال الكنيسة ) , ثم يستطرد قائلاً : ( لأجل هذا لا أنكر أنه يدعى يوحنا , وأن هذا السفر من كتابة شخص يدعى يوحنا , وأوافق أيضًا أنه من تصنيف رجل قديس ملهم بالروح القدس , ولكنني لا أصدق بأنه هو الرسول ابن زبدي , أخ يعقوب كاتب إنجيل يوحنا والرسالة الجامعة ) ( المصدر السابق ص 229, 330 ) .

                        ويقول أكلمندس الإسكندري : ( وأما عن سفر الرؤيا فإن آراء أغلبية الناس لا تزال منقسمة ) ( المصدر السابق ص 126 ) .

                        ويقول صفوة من علماء الكتاب المقدس المعاصرين : ( لا يأتينا سفر الرؤيا بشيء من الإيضاح عن كاتبه . لقد أطلق على نفسه اسم يوحنا ولقب نبي (1/1و4و9و22/8-9), ولم يذكر قط أنه أحد الإثنى عشر . هناك تقليد على شيء من الثبوت وقد عُثر على بعض آثاره منذ القرن الثاني , وورد فيه أن كاتب سفر الرؤيا هو الرسول يوحنا . وقد نُسب إليه أيضًا الإنجيل الرابع . بيد أنه ليس في التقليد القديم إجماع على هذا الموضوع . وقد بقي المصدر الرسولي لسفر الرؤيا عرضة للشك مدة طويلة في بعض الجماعات المسيحية ) ( الترجمة الكاثوليكية ص 796 ) .

                        أما الإستشهاد الإخير للقس عوض سمعان فكان من رسالة يعقوب , وهذه الرسالة منذ القدم أيضًا كانت محل نزاع بين علماء الكنيسة , يقول يوسابيوس القيصري أبو التاريخ الكنسي : ( هذا ما دُون عن يعقوب كاتب أول رسالة في الرسائل الجامعة . ومما تجدر ملاحظته أن هذه الرسالة متنازع عليها . أو على الأقل أن الكثيرين من الأقدمين لم يذكروها في كتابتهم ) ( تاريخ الكنيسة ص 88 ) .

                        ومن المعروف جدًا أن مارتن لوثر كينج زعيم حركة الإصلاح الكنسية ( البروتستنانت ) قال عن هذه الرسالة أنه يجب إزالتها من الكتاب المقدس , ولهذا رجح علماء الكتاب المقدس أحد الآراء التي تقول : ( أنه كان هناك تقليد فيه أقوال يعقوب , أشبه , إذا روعي ما تجب مراعاته بالتقليد الذي يتناول الأناجيل الثلاثة الأولى "متَّى ومرقس ولوقا", وأن كاتبًا استعمله فأراد أن يجعل مؤلفه في ظل شخص مشهور جريًا على العادات الأدبية في ذلك الزمان ) ( الترجمة الكاثوليكية ص 722 ) .

                        فمن هذا كله يسقط الإستدلال بهذه الرسائل , فهى لا تفيد علمًا قطعيًا , ولا حتى ظنيًا, ونسبتها إلى رسل المسيح عليه السلام لا دليل عليه البتة , فالإستدلال بها على أنها أقوال الرسل أمر لا يقره من له مسحة من عقل !

                        أما عن زعم النصارى : أن يوحنا بن زبدي كان شاهد عيان على ما حدث وقد سطر هذا في إنجيله ( يو 19 : 35 ) , فهذا ما لا يقره علماء نقد النصوص الكتابية , فهناك إجماع على عدم نسبة هذا الإنجيل ليوحنا بن زبدي أصلاً , كما أنه كان أميًا لا يجيد الكتابة كما ذكرنا , وبهذا يسقط زعمهم .


                        يتبع ....

                        تعليق

                        • أَبُو عُبَـيِّدة
                          2- عضو مشارك
                          حارس من حراس العقيدة
                          عضو شرف المنتدى

                          • 30 ديس, 2006
                          • 152

                          #27
                          ثانيًا : شهادة الأناجيل والعهد القديم وتواتر مسألة الصلب فيهما


                          يدعي بعضهم فيما يموه به على عوام المسلمين أن مسألة الصلب متواترة في الكتاب المقدس , فالعلم بها قطعي !

                          والجواب على هذه الشبهة أن دعوى التواتر ممنوعة , وذلك للآتي :

                          1- إنقطاع سند الكتاب المقدس بعهديه .( انظر كتابنا " ثم يقولون هذا من عند الله! ").

                          2- إن التواتر عبارة عن إخبار عدد كثير لا يُجَوز العقل إتفاقهم وتواطأهم على الكذب بشيء قد أدركوه بحواسهم إدراكا صحيحًا لا شبهة فيه , وكان خبرهم بذلك متفقًا لا اختلاف فيه , هذا إذا كان التواتر في طبقة واحدة رأوا بأعينهم شيئًا وأخبروا به , فإن كان التواتر في طبقات كان ما بعد الأولى مخبرًا عنها , ويشترط أن يكون أفراد كل طبقة لا يجوز عقل عاقل تواطأهم على الكذب في الإخبار عمن قبلهم , وأن يكون كل فرد من كل طبقة قد سمع جميع الأفراد الذين يحصل بهم التواتر ممن قبلهم , وأن يتصل السند هكذا إلى الطبقة الأخيرة , فإن اختل شرط من هذه الشروط لا ينعقد التواتر .

                          وأنى للنصارى بمثل هذا التواتر , والذين كتبوا الأناجيل والرسائل المعتمدة عندهم لا يبلغون عدد التواتر فضلاً عن عدم معرفة أسمائهم وأماكن وأزمنة كتابتهم لتلك الرسائل . ثم إن ما عزى إليهم لم ينقله عنهم عدد التواتر بالسماع منهم طبقة بعد طبقة إلى العصر الذي صار للنصارى فيه ملك وحرية يظهرون فيهما دينهم .

                          ثم نسأل : ما هى عدالة من نقلوا تلك الروايات – هذا إذا كانوا معروفين أصلاً - ؟!

                          ولعل ما جاء في الكتاب الشهير " ثقتي في الكتاب المقدس " لجوش مكدويل , وترجمة الدكتور/ منيس عبد النور , يبين حقيقة انقطاع سند مؤلفات العهد الجديد إنقطاعًا يصل إلى مئات السنين :

                          اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image_398.jpg 
مشاهدات:	276 
الحجم:	19.4 كيلوبايت 
الهوية:	734543


                          (( صورة طبق الأصل من المرجع المشار إليه ص 40 ))

                          تعليق

                          • أَبُو عُبَـيِّدة
                            2- عضو مشارك
                            حارس من حراس العقيدة
                            عضو شرف المنتدى

                            • 30 ديس, 2006
                            • 152

                            #28
                            أما عن قولهم أن كتب العهد القديم قد بشرت بصلب المسيح عليه السلام ونوهت بها تنويهًا . فنقول إن هذا غير مسلم به , بل أنتم الذين تأولتم عبارات من تلك الكتب المنقطعة سندًا والمرفوضة متنًا , وجعلتموها مشيرة إلى هذه القصة , وهناك العديد من النصوص التي يمكن تأويلها بنجاة المسيح من الصلب والقتل كما بيَّنا .

                            يقول السيد/ جمال الدين الأفغاني – رحمه الله – في هذا الصدد : " إنكم – معشر النصارى – فصلتم قميصًا من تلك الكتب ألبستموها للمسيح . كما أنكم تدعون أن الذبائح الوثنية كانوا يشيرون بها إلى صلب المسيح فكأن جميع خرافات البشر وعبادتهم الوثنية حجج لكم على عقيدتكم هذه , وإن كان قد سبقوكم إلى مثلها . على أن كثيرًا من تلك العبارات حجة عليكم لا لكم كما هو مبسوط في محله " ( عقيدة الصلب والفداء ص 34-35 ) .


                            يتبع ....

                            تعليق

                            • أَبُو عُبَـيِّدة
                              2- عضو مشارك
                              حارس من حراس العقيدة
                              عضو شرف المنتدى

                              • 30 ديس, 2006
                              • 152

                              #29
                              ثالثًا : شهادة بعض المؤرخين الوثنيين واليهود على حادثة الصلب


                              يزعم النصارى أن بعض المؤرخين الوثنيين من الرومان واليونانيين قد ذكروا أن المسيح قد صلب , ونقول : إذا وجد في كتابات مؤرخي الوثنيين الأقدمين أن المسيح صلب كما في تواريخ تاسيتوس ولوسيان وكلسوس , فلا يعتد بقولهم , وذلك لأن المؤرخين الأقدمين من الوثنيين قد أخذوا في كتابة تواريخهم في القرن الثاني إعتمادًا على الإشاعات المنتشرة في ذلك الوقت ,فهم لم يكونوا حاضري قضية المسيح ولا أحد منهم . فمدار نقلهم في تواريخهم لصلب المسيح , إنما مصدره أقوالكم وأقوال اليهود التي لا حجة فيها , لأن الأمر اشتبه على من حضر الموقف كما بيَّنا .

                              ولو لاحظنا احتقار تاسيتوس للنصارى على سبيل المثال في ذلك الوقت لما استغربنا منه مثلاً هذا القول الذي صدر عنه بدون تحقيق ولا تمحيص , فأقوالهم كأقوال نصارى أوربا في القرون الوسطى في محمد صلى الله عليه وسلم ودينه , فقد كانت كلها مبنية على الإشاعات الكاذبة والإختلاقات التي فجرتها الكنيسة .

                              ومما يدل على صحة قولنا في تاسيتوس هذا خاصة وغيره من مؤرخي الوثنيين عامة : أنهم كانوا يأخذون بالإشاعات والأكاذيب المنتشرة حولهم ويحشرونها في تواريخهم بدون تحر ولا بحث , أنه دون في تاريخ اليهود خرافات عديدة مضحكة ظنها حقائق ثابتة كما جاء في دائرة المعارف البريطانية ( مجلد 13 صفحة 658 ) , منها أنه كان يقول : إن اليهود والنصارى يعبدون إلهًا رأسه رأس حمار !

                              ولقد أجمعنا وإياكم على ضلال الوثنيين والرومان وسخافة عقولهم , حيث عبدوا النار التي يُوجدها الحطب , وعبدوا التماثيل والمنحوتات التي يصنعونها بأيديهم , فعقول هذا شأنها كيف تكون حجة على العقلاء ؟! بل كيف يُؤخذ منهم شهادة على صحة العقائد؟!

                              لقد ظل الرومان والوثنيون يضطهدون المسيحيين في القرون الأولى , وشأن العدو أن يشكك في عقيدة عدوه , ويشوه دينه , ويتبع منه العورات , ولاشك أنهم تتبعوا أقوال اليهود أنهم قتلوا المسيح عليه السلام فصلبوه , فنقلوا ذلك اعتمادًا على أقوال اليهود واعتقادكم , في حين أن اليهود لم يقتلوا المسيح ولم يصلبوه !

                              ثم إن العمدة في مسألة الصلب هى الأناجيل – المشكوك في صحتها أصلاً - , ومن المعلوم أن المؤرخين في مختلف العصور , اعتمدوا على نقل تاريخ الأمم من خلال كتبهم المعتمدة دون التعرض لصحة هذه الكتب والمصادر , خاصة إذا كان هؤلاء المؤرخون من أمم وثنية , لا تعلم عن ضبط الرواية وتحقيق سندها شيئًا .

                              وأول من قام بهذا علماء الإسلام , وقد ذكر ذلك الأستاذ الدكتور أسد رستم , أستاذ التاريخ في الجامعة اللبنانية في الأربعينات , وهو مسيحي الديانة , في مقدمة كتابه ( مصطلح التاريخ ) , إذ يقول :


                              ( أول من نظم نقد الروايات التاريخية .. ووضع القواعد لذلك , هم علماء الدين الإسلامي فإنهم اضطروا اضطرارًا إلى الإعتناء بأقوال النبي – صلى الله عليه وسلم – وأفعاله , وتوزيع العدل فقالوا : إن هو إلا وحي يوحى , ما تُلي منه فهو قرأن , وما لم يُتل فهو السنة , فانبروا لجمع الأحاديث ودرسها وتدقيقها , فاتحفوا علم التاريخ بقواعد لا تزال في أسسها وجوهرها محترمة في الأوساط العلمية حتى يومنا هذا ) .

                              والخلاصة أن أمثال هذه التواريخ المبنية على مثل هذه الأوهام والجهل لا تفيد النصارى شيئًا وهى لا قيمة لها بالمرة فلا يصح الإحتجاج بها . وأولى لهم البحث في سند أناجيلهم ومصادرها وتاريخ نشأتها !

                              وأما ما زعمه النصارى أن المراجع الدينية والتاريخية الرئيسية عند اليهود كالتلمود وتاريخ يوسيفوس , زعمت صلب المسيح , فهذا من توهمهم , فالتلمود ذكر أمورًا كثيرة عن المسيح عليه السلام لا يمكن تصديقها , مثل أنه ابن زنا وأن أمه بغي عاهرة , وأنه ساحر كذاب زعم النبوة , فنال جزاءه ومات على الصليب , فاعتقادكم بصلب المسيح موافقة منكم لهم !

                              والقرآن الكريم برأ المسيح وأمه عليهما السلام من كل نقص أصابهما منكم ومنهم , فنسب لمريم العفة والطهارة بعد أن برأها من تهمة الزنا , فقال تعالى : {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء91 , وقال تعالى:{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً }النساء156, وبرأ المسيح من كل التهم السالفة , فقال تعالى : {وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }المائدة46 , وقال تعالى : {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ }آل عمران45 , وهذه الوجاهة من آثارها : إجابة دعوته ونصره وحفظه وحمايته من شر أعدائه الذين يكيدون له , ولهذا قال تعالى : {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً }ال عمران 157 .

                              وهذا التلمود كتبه مجموعة من الحاخامين المتعصبين , وأقدم مخطوط للتلمود يعود للقرن التاسع الميلادي , فلا حجة ملزمة فيه , كما أن ما فيه ليس بجديد , لأن اليهود إلى يومنا هذا يتباهون بصلب المسيح وانتصارهم عليه , فليس في الإستدلال بما عندهم جديد , فهم يصرحون ويفتخرون بأنهم قتلة المسيح ليل نهار , وأنهم خلصوا البشرية من شره فصلبوه , وهذا من الضلال الذي عاشوا عليه كغيرهم !

                              وعن تاريخ يوسيفوس اليهودي , الذي يُعد أهم المراجع التاريخية لدى اليهود , فيزعم النصارى أنه جاء به أن المسيح قد صُلب , وعلى فرض أنه جاء ذلك في تاريخ يوسيفوس, فكما قلت ليس في هذا أي دليل هام , فاليهود يزعمون ذلك مفتخرين ومتباهين به في كل وقت وكل حين من خلال أقوالهم في مختلف المناسبات .

                              وما قد يُرى في بعض نسخ كتاب " يوسيفوس " من ذكر للمسيح المصلوب فإنما هو من فعل بعض المسيحيين المتأخرين بهدف أن يُثبتوا إعترافات اليهود من خلال كتب مؤرخيهم ( شهادة خطية ) بما فعله أسلافهم من صلب للمسيح .

                              ولقد ذكر الراهب القمص أنطونيوس الأنطواني في مقدمته لتاريخ يوسيفوس أن الطبعة المنتشرة بين النصارى قام بها كل من نقولا مدور وإبراهيم سركيس في بيروت 1872م وهى تخالف ما لدى اليهود قطعًا , كما ذكر أن هذا التاريخ به الكثير من المعلومات الخاطئة عن المكابيين بخلاف ما ورد في السفرين , ويعلل ذلك قائلاً : ( ويرجع السبب في ذلك إلى أنه كتب تاريخه – أي يوسيفوس – في روما فكان بعيدًا عن الأحداث , كما أنه كتب بعد سنة 70 م , أي بعد الثورة المكابية بقرنين من الزمان ) ( انظر تاريخ اليهود ليوسيفوس – إعداد القمص أنطونيوس الأنطواني ص 7 ) .

                              فإذا كان السبب وراء هذه الأخطاء الكثيرة , فهذا أولى برفض ما جاء في تاريخ يوسيفوس عن صلب المسيح لنفس السبب المذكور , وكل هذا على فرض وجود ذكر للمسيح في تاريخ يوسيفوس كما يزعم النصارى .

                              ثم ما الدليل على صدق تاريخ يوسيفوس ؟! أو بمعنى أخر : ما المرجع الذي استند إليه النقاد وجعلوه عمدتهم في تصحيح تاريخ يوسيفوس , فما جاء من تاريخ يوسيفوس موافقًا له عُد صحيحًا , وما جاء مخالفًا له عُد خطأً ؟! إنه الكتاب المقدس , الذي هو مشكوك في صحته أصلاً !

                              إن الناظر إلى ما جاء في تاريخ يوسيفوس عن المسيح في بعض النسخ , يجد كلامًا عجيبًا لا يمكن أن يصدر عن يهودي , بل كاتبه مسيحي حتى النخاع , ولبيان ما أعني أعرض ما جاء في بعض نسخ تاريخ اليهود ليوسيفوس عن المسيح : " وكان أيضًا في هذا الوقت رجل حكيم اسمه يسوع إن كان جائزًا أن يُدعى إنسانًا - !! - , وكان صانعًا عجائب كثيرة ومعلمًا للذين أرادوا أن يتعلموا الحق , وكان له تلاميذ كثيرين من اليهود والأمم . هو المسيح الذي اشتكى عليه رؤساؤنا وأكابر أمتنا وسلمه بيلاطس البنطي للصلب , ومع هذا كله الذين تبعوه من البداءة لم يتركوه وقد قام حيًا بعد ثلاثة أيام من صلبه كما كان قد تنبأ بعض الناس الذين يدعون مسيحيين الذين يعترفون به رئيسًا لهم- !! -)( تاريخ اليهود ليوسيفوس ص 104 ) .


                              يتبع ....

                              تعليق

                              • أَبُو عُبَـيِّدة
                                2- عضو مشارك
                                حارس من حراس العقيدة
                                عضو شرف المنتدى

                                • 30 ديس, 2006
                                • 152

                                #30
                                رابعًا : شهادة المخطوطات القديمة للكتاب المقدس


                                يقول القس عوض سمعان : ( هناك نسخ كثيرة من الكتاب المقدس يرجع تاريخها إلى القرون الأولى , من أهمها : - (أ) النسخة الإخميمية , ويرجع تاريخها إلى القرن الميلادي الثالث , وقد اكتشفها العلامة " تشستر بيتي " في إخميم بمصر سنة 1945م , وهو محفوظة الآن في لندن . (ب) نسخة سانت كاترين , ويرجع تاريخها إلى ما قبل القرن الرابع . وقد اكتشفتها بعثة أمريكية بمساعدة علماء مصريين من جامعة الإسكندرية (جامعة فاروق سابقًا ) سنة 1950م ...(ج) النسخة السينائية , ويرجع تاريخها إلى القرن الرابع , وكانت مودعة بمكتبة الفاتيكان . لكن عندما اقتحم نابليون إيطاليا , نقل هذه النسخة إلى باريس ليدرسها العلماء هناك ...(د) النسخة الإسكندرية , ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس , وهى مودعة في المتحف البريطاني ... (هـ) النسخة الأفرائمية , ويرجع تاريخها إلى القرن الخامس أيضًا . وهى مودعة في متحف في باريس , وقد قارن كثير من العلماء هذه النسخ بالكتاب المقدس الموجود بين أيدينا الآن , فلم يجدوا اختلافًا في موضوع ما , الأمر الذي يدل على أن حادثة صلب المسيح الواردة بهذا الكتاب حادثة حقيقية ) ( قضية صلب المسيح ص 13 , 14 ) .

                                يتبع القساوسة دائمًا في ترويج سلعتهم , القاعدة الإعلامية : التكرار خير مروج للسلعة , وهذا يذكرنا بقول جوبلز وزير دعاية هتلر : " كلما كان حجم الكذب أكبر كانت فرصة تصديقه أكبر " !

                                ألم يخجل القس عوض سمعان من ذكره - نصوص من القرن الثالث - فهل عجز ربكم الذي أحيا الموتى وشفا المرضى ( مع التحفظ ) أن يخلف إنجيلاً كاملاً معتمدًا منه يعود إلى الزمن الذي كان يعيش فيه قبل أن يموت ( زعمًا ) ؟!

                                ونقول : إن هذا الحوار فيه خلاصنا , فلا بد أن تكون رسالة الله لنا واضحة , معتمدة منه تبارك وتعالى , لا يزيغ عنها إلا هالك , لا أن تلقى في جبال وكهوف ثم يجيء أحد البدو فجاءة بعد مئات السنين ليكتشف كلمة الله الضائعة !

                                إن الأمر الذي يُدهش الباحثين هو أنه لا توجد نسخة أصلية كاملة لجزء واحد من العهدين , قال عنها أصحاب الكنيسة أو علماء اليهود أو مجامعهم : إنها نسخة " أصلية وموثوق بها " . ويصر العلماء المسيحيون على قدم بعض نسخه لإثبات أصلية نصوص الكتاب المقدس , ونرى من اللازم أن نفصل القول في هذه القضية أيضًا .

                                أما ما يتعلق بوجود النسخة الأصلية أو المسطرة بيد المؤلف أو أحد أسفاره فإنه لا يمكن إنكار الحقيقة القائلة : " لا توجد نسخة للكتاب المقدس ألفه المؤلف نفسه ( أو ألفت في عصر المؤلف " .

                                وكما جاء في دائرة المعارف البريطانية ( 3/577-578 , لندن 1973 ) :

                                " التصرف في أماكن كثيرة من النصوص أمر واضح ...آلاف من التعارضات والفروق بين الوثائق والمخطوطات المتداولة " .

                                وتقول دائرة المعارف الأمريكية :

                                " هناك خلاف وفروق عديدة بين النسخ القديمة للمخطوطات " .

                                ( وفي سنة (1707م) عدَّ "جون ميل " الخلافات الموجودة في العهد الجديد فقط . فوجدها ثلاثين ألفًا ).

                                (Encyclo.Americana,vol.3,p656; George Milligan : The New Testament And Its Transmission(London & Glagow,1932),pp.3,108.)

                                ( ولكن البحوث والإحصائيات المتأخرة أثبتت عددها ما يقرب إلى مائتين وخمسين ألفًا 250.000 ) .

                                (Danial-Rops: Life Of Jesus,p.32)

                                وقد أفردت الترجمة الكاثوليكية جزءً كبيرًا في مقدمتها للعهد الجديد عن المخطوطات , والجدير بالذكر أن هذه الترجمة تعد من أهم المراجع المسيحية , لاحتوائها على مقدمات وشواهد مأخوذة من الترجمة المسكونية الفرنسية والتي عكف على ضبطها أعظم علماء الكتاب المقدس مكانة وعلمًا , لذا أذكر بعضًا مما جاء فيها عن مخطوطات العهد الجديد على وجه التحديد :

                                ( إن نسخ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة , بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية , ولكن عددها كثير جدًا على كل حال , هناك فوارق أخرى بين المخطوطات تتناول معنى فقرات بأكملها , واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير , فإن نص العهد الجديد قد نُسخ ثم نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء التي تحول دون أن تتصف أية نسخة كانت مهما بُذل فيها من الجهد ، ويضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحيانا عن حسن نية أن يصوبوا ما جاء فى مثالهم وبدا لهو أنه يحتوى على أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا على النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأ ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن الإستعمال لكثير من الفقرات للعهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدى أحيانا كثيرة إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت عليها التلاوة بصوت عال ، ومن الواضح أن ما ادخله النساخ من التبديل على مر القرون قد تراكم بعضه على بعضه الأخر فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مثقلاً بمختلف ألوان التبديل ظهرت في عدد كبير من القراءات ) (الترجمة الكاثوليكية ص 12-13) .

                                والأن أيها النصارى الفضلاء هيئوا أنفسكم إلى تلك الصدمة والتي مصدرها مقدمة العهد الجديد للترجمة الكاثوليكية والتي أشرف على إخراجها صفوة من علماء الكتاب المقدس , تقول المقدمة حين تحدثها عن نص العهد الجديد :


                                صورة طبق الأصل من المقدمة ص 12 .
                                اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	image_414.jpg 
مشاهدات:	241 
الحجم:	64.2 كيلوبايت 
الهوية:	734549

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة كريم العيني, 4 أغس, 2024, 04:57 م
                                ردود 5
                                52 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 13 يول, 2024, 03:38 م
                                ردود 11
                                115 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 29 يون, 2024, 02:40 ص
                                ردود 3
                                66 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 19 ماي, 2024, 01:27 ص
                                ردود 0
                                42 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة د.أمير عبدالله, 5 ماي, 2024, 03:09 ص
                                ردود 0
                                38 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة د.أمير عبدالله
                                يعمل...