كتاب رد السهام عن الأنبياء الأعلام عليهم الصلاة والسلام - أكرم حسن مرسي
تَقْدِيمُ الدَّكْتُورِ/ وَدِيع أَحْمَد فَتْحِي
الشَّمَّاس المَصْرِي السَّابِقِ بِالكَنِيسَةِ المِصْرِيَّةِ بسمِ اللهِ والحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، محمدٍ بنِ عبدِ اللهِ, عليه صلواتُ وسلامُ اللهِ. بينَ أيدينا اليومَ كتابٌ فريدٌ في نوعِه، وذو أهميةٍ بالغةٍ. وترجعُ أهميتُه إلى أنّهُ موضوعُ الساعةِ، وهو: ردُّ السهامِ عن أنبياءِ اللهِ، الذين كرّمهم اللهُ في كتابِه الوحيدِ الموجودِ على الأرضِ الآن، أعني به: القرانِ الكريمِ. فالقرانُ هو الكتابُ الوحيدُ الصحيحُ على وجهِ الأرضِ الآنَ، وذلكَ منذُ أكثرَ منِ أربعةَ عشرَ قرنًا، وإلى يومِ القيامةِ. ولأنّ كتبَ اليهودِ والنصارى الحاليّةِ، والتي كتبوها بأيديهم ثمّ قالوا هي منْ عندِ اللهِ، مليئةٌ بالخزعبلاتِ والافتراءاتِ على الأنبياءِ، لذلكَ قاموا بصبِّ جاماتِ غضبِهم على كتابِ اللهِ بدلًا منَ أنْ يفهموا أو يعقلوا. وجاءَ في كتبِهم التي كتبوها بأيديهم, وحرّفوا فيها الحقَّ، أنَّ كلَّ الرسلِ والأنبياءِ فعلوا الكبائرَ واستهانوا بالحرماتِ، ليقولَ كلُّ يهوديٍّ ونصرانيٍّ أنّهم ليسوا أقلَّ منِ الأنبياءِ والرسلِ فيما يفعلونَه منِ الكبائرِ كلَّ يومٍ بلا حياءٍ، ويسمّونها بأسماءِ محبّبةٍ إلى قلوبِهم، مثلما دعَوا الزنا (مُمارسةَ الحبِّ) ، والزاني (الصديقَ = البويْ فرِنْدْ) والخمرَ (المشروباتِ الروحيةِ) ... !
ولأنّ القرآنَ يفضحُ سوءاتِ هذه الكتبِ، إنهالُوا عليه بالنقدِ, وألقَوا الشبهاتِ حولَ آياتِه الكريمةِ، وليتّهمُوه بأنّ فيهِ أيضًا مثلَ ما في كتبِهم من قاذوراتٍ وتخاريفَ ... ولقدْ تصدّى لهمُ المسلمونَ المحبّونَ لكتابِ اللهِ ورسولِ اللهِ، والعالمينَ بأهمّيةِ الردِّ على هذه الشبهاتِ، أنّهُ تثبيتٌ للمسلمينَ، وهدايةٌ للمسيحيّينَ. وهذا هو أوّلُ كتابٍ أقرأَهُ يتصدّى لهذا النوعِ من الشبهاتِ، ويجمعُ الردَّ على ما قالَه المهاجمونَ عنِ الأنبياءِ في القرانِ الكريمِ وسنة النبيِّ العظيم، ظانّينَ أنّهم يُطفئونَ نورَ اللهِ بأفواهِهم، ولكنّ اللهَ مُتمُّ نورِه ولوْ كرِهَ الكافرونَ، ولوْ كرِهَ المُشركونَ. وهذا عملٌ فريدٌ في نوعِه، جديدٌ في موضوعِه، تناولَ معظمَ شبهاتِ اليهوِد والنصارى حولَ الأنبياءِ مستخدمينَ القرآنَ نفسَهُ، ولذلك أجدُه كتابًا هامًا جدًّا ومفيدًا، ونافعًا للعلمِ الدينيّ، فهو يشرحُ ما يَسْتَغْلِقُ أمرُهُ على المسلمين أنفسِهم، وليس لردِّ الشبهاتِ فقطْ، ففيهِ الشرحُ والتوضيحُ لكثيرٍ من الآياتِ الكريمةِ، مُستعينا بأمّهاتِ الكتبِ التي سطّرَها علماءُ الأمةِ من السلفِ الصالحِ، موضحًا الإسرائيلياتِ، والرواياتِ الموضوعةِ، والتي يتناقلُها العوامُّ ظانّين أنّها صحيحةٌ دينيًا ... ففيه منِ الفوائدِ ما لا يُحصى، وأدعُو اللهَ أنْ ينتفعَ به كلُّ منْ يبحثُ عن الحقِّ والعلمِ الدينيّ النافعِ، وأنْ يجعلَهُ في ميزانِ حسناتِ كاتبِهِ الشابِّ الواعدِ: أكرمَ حسنٍ، وأتمنّى أنْ تُنشرَ كتبُهُ مطبوعةً، وتُترجمَ، لتعمَّ الفائدةُ لكلِّ المسلمين حولَ العالمِ، سبحانَه هو وليُّ ذلك.
كتبَ هذِهِ السطورَ دكتور/ وَدِيع أحمد فتحي
مقدمة المؤلف / أكرم حسن مرسي
إنِ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ، ونستغفرُهُ ونعوذُ باللهِ منْ شرورِ أنفسنِا، ومنِ سيئاتِ أعمالِنا، منْ يهدِهِ اللهُ فلا مُضلَّ لهُ، ومنْ يُضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ، سبحانَه على حلمِهِ بعد علمِهِ، سبحانَهُ على عفوِهِ بعدَ قدرتِهِ سبحانَه لا يُهزمُ، ولا يُغلبُ، ولا يقتل، ولا يُصلبُ، خلقَ عيسى منْ غيرِ ذكرٍ، وخلقَ حواءَ مِن غيرِ أنثى، وخلقَ آدمَ مِن ترابٍ، وأشهدُ أنّ محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ نصَّ عليْهِ موسى وبشّرَ به عيسى وهو دعوةُ إبراهيمَ - صلى اللهُ عليهِ وعليهم أجمعين-. فبعدَ أنْ منَّ اللهُ - سبحانه وتعالى - على عبدِهِ الفقيرِ (أكرمَ حسن) بكتابةِ كتابِه الأوّلِ - ردُّ السهامِ عن خيرِ الأنامِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - - والذي قدْ حقّقَ نجاحًا كبيرًا، وحبًّا عظيمًا له بينَ الإخوانِ بفضلٍ منه - سبحانه وتعالى -؛ كنتُ قد دفعت فيه عددًا كثيرًا من الشبهاتِ التي أُثيرتْ حولَ النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقدْ شرعتُ في كتابِةِ جزءٍ آخرَ، فاستخرتُ اللهَ - سبحانه وتعالى - في ذلك فوجدتُني أكتبُ كتابًا آخرَ؛ هذا هو الكتابُ الذي بينَ أيدينا، وذلك لأنّ الشبهاتِ التي تُثارُ حولَ النبيِّ محمد - صلى الله عليه وسلم - تزدادُ يومًا بعدَ يومٍ؛ لأنّ بعضَهم يأتي بشبهاتٍ مِن خيالِه المريضِ ويجعلُ مِن لا شُبهةَ شبهةً وافتراءً ... هذا بجانب روايات غير صحيحات، وأقول العلماء الممتلئة بالأخطاء .. فأردتُ أنْ أنتظرَ قليلاً حتّى أقومَ بجمعِ أكثرِ شبهاتِهم التي لمْ أكتبْها في كتابِي الأوّلِ - واللهُ المستعانُ - أمّا الكتابُ الذي بينَ أيدينا أسميتُهُ: "ردُّ السهام عنِ الأنبياءِ الأعلامِ - عليهم الصلاةُ والسلامُ -" .
الذي دعاني لكتابتِهِ دواعٍ عدّةٌ منها: أولًا: هجومُ المُنصّرين الشرسُ في إعلامِهم على أفضلِ الأعلامِ أنبياءِ اللهِ -عليهم السلامُ- مدّعين أنّ القرآنَ الكريمَ ما عصمَهم -عليهم السلام- مِن الكبائرِ فهمْ مثلُ باقي البشرِ يزنون ويسرقون ... وأنّ السنّةَ هي التي ساءتْ للأنبياءِ وليس الكتابُ المقدّسُ، مثلَ: قصةِ موسى والحجرِ ... ثانيًا: تصحيح ما جاءَ في كتبِ التفاسيرِ من أقوال أهلِ الكتابِ وغيرهم؛ تتنافى مع شرعِنا، وما نُسبَ لبعضِ السلفِ من أغلاطٍ ... ثالثًا: بيانُ أنّ أنبياءَ القرآنِ الكريمِ ليسوا كأنبياءِ الكتابِ المقدّسِ الذي نُسبَ إليهم أشنعَ التهمِ، مثل: الزنا، وزنا المحارمِ، والقتلِ بغيرِ حقٍّ، وشربِ الخمرِ، والعُريِّ، والسكرِ والعرْبدةِ، والكذبِ والاحتيالِ، ومصارعةِ الربِّ، والكفرِ به - سبحانه وتعالى - مثل صناعةِ عجلٍ ذهبيٍّ والسجودِ لغيره ... فأنبياءُ القرآنِ والسنَّةِ قدوةٌ للناسِ يتأسَّى بهم كلُّ صاحبِ فطرةٍ سليمةٍ ... اختارَهم اللهُ - سبحانه وتعالى - مِن خلقِه؛ يقولُ - سبحانه وتعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (٩٠) } (الأنعام) . ويقولُ - سبحانه وتعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (٧٣) } (الأنبياء) . رابعًا: إنّ الكتابَ يبيّنُ للقارئِ أنّ القرآنَ الكريمَ لم تكنْ مصادرُه المزعومةُ هي مِن كتبِ أهلِ الكتابِ كما يزعمُ المعترضون اليومَ وكلَّ يومٍ ...
وأودُّ أنْ أشيرَ إلى أربعِ نقاطٍ:
١ - إنّني اعتمدتُ في منهجِ هذا الكتابِ على جمعِ الشبهاتِ التي تنالُ من أنبياءِ اللهِ - عليهم السلامُ - والردُّ عليْها بأسلوبٍ هادئٍ بعيدًا عن الانفعالِ والانسياقِ وراءَ العواطفِ وركوبِ الشططِ والمغالاةِ، ولم أسلكْ مسلكَ هؤلاءِ بالتعميةِ على القارئِ وإخفاءِ الحقائقِ التي لا يستطيعُ عاقلٌ أنْ يُنكرَها ومنصفٌ أنْ يجحدَها، ومن المعلومِ عندنا أنّ الأحاديثَ تعتمدُ على الإسنادِ سندًا ومتنًا؛ فلولاهُ لقالَ من شاءَ ما شاءَ ولكنّني وجدتُ المعترضين يعتمدون في إثارةِ شُبُهاتِهم حولَ الرسلِ والأنبياءِ - عليهم السلامُ - على أحاديثَ - جُلُّها- ضعيفةُ الإسنادِ، أو صحيحةٌ لم يفهموها إمّا لجهلِهم أو لسوءِ نيتِهم، ووجدتُهم يعمَدُون إلى الكذبِ والتدليسِ وبترِ الأحاديثِ والاستدلالِ بما ليس فيها وذلك لِما تنطوي عليه قلُوبُهم ...
٢ - عندما أذكر في كتابِي هذا أنّ الكتابَ المقدّسَ يقولُ ... فهذا ليس إقرارًا منّي على أنّ كلَّ ما فيه مقدّسٌ، ولكن هذا بحسبِ اعتقادِهم هُم ... وحينما أقولُ: إنّ بولسَ الرسولَ قالَ ... أو بطرس الرسول قال: .... فهذا ليس إقرارًا منّي بأنّه رسولٌ مِن عندِ اللهِ - سبحانه وتعالى - بلْ ذلك بحسبِ اعتقادِهم هُم ...
٣ - قمتُ بتحقيقِ كلِّ ما جاءَ في الكتابِ، وعَزْوِ القولِ إلى قائلِه ... وأمّا عن استخدامي لنصوصِ الكتابِ المقدّسِ فكانَ الأساسُ الذي اعتمدتُ عليه هو مِن نسخةِ الفانديكِ، ولو ذكرتُ نصًّا مِن غيرِها بيّنتُ ذلك ... وأمّا بالنسبةِ لتخريجِ وتحقيقِ الأحاديثِ، فقدْ سلكتُ منهجًا هو: إنْ كانَ الحديثُ في صحيحِ البخاريّ ومسلمٍ اكتفيتُ بالتخريجِ فقطْ، وإنْ كانَ غيرَ ذلك رجعتُ إلى كتبِ تحقيقِ الشيخِ الألبانيّ، والشيخِ شُعَيْبَ الأرْنَؤوطَ لمُسْنَدِ الإمامِ أحمدَ (مؤسسةُ قرطبةَ - القاهرةُ) . فإنْ لم أجدْ ما أريدُ ذهبتُ إلى كتبِ التراجمِ والرجالِ ...
واللهَ أسألُ أنْ ينتفعَ به كلُّ مَن قرأَه، ومَن ساعدَ على نشرِه، وأنْ يُكتبَ له القبولَ في السماءِ وفي الأرضِ، وأنْ يجعلَه في ميزانِ حسناتي يومَ أُدْرَجُ في أكفاني.
كتبَهُ / أكرمُ حَسَن مُرْسِي
باحثٌ في مقارنةِ الأديانِ
٢٩ ذو الحجةِ ١٤٣٠ هـ
١٦ ديسمبرَ ٢٠٠٩ م
تعليق