السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سنعرض في هذا الموضوع بعض أدلة صدق نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام
أمثلة من الغيب الذي أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام :
1- إخبارُه عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر يستغرق وصوله أكثر من شهر يومذاك ، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً).( البخاري ح (1254 ).
2- تنبؤه صلى الله عليه وسلم بنصر بدر في وقت كان المسلمون يعانون في مكة صنوف الاضطهاد ؛ وفي وسط هذا البلاء نزل على النبي عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) (سورة القمر).
فقال عمر بن الخطاب [أي في نفسه] : أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يثِب في الدرع، وهو يقول : }سيهزم الجمع ويولون الدبر{ فعرفت تأويلها يومئذ.( تفسير ابن كثير (4/266).فهذه الآية نزلت قبل الهجرة بسنوات تتحدث عن غزوة بدر، واندحار المشركين فيها، وتتنبأ بهزيمتهم وفلول جمعهم.
وقبيل معركة بدر أدرك النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب تحقق الوعد القديم الذي وعده الله، فقام إلى العريش يدعو ربه ويناجيه: ((اللهم إني أنشِدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئت لم تُعبَد بعدَ اليوم))...
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عريشه، وهو يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر .( البخاري ح (2915).)
وكان في اليوم السابق ليوم بدر ، جعل رسول الله يتفقد أرض المعركة المرتقبة، ويشير إلى مواضع مقتل المشركين فيها، ويقول : ((هذا مصرع فلان)) قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. قال أنس: فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم .( مسلم ح (1779))
3- إخبارُه عن شهادة عمرَ وعثمانَ وعلي، رضي الله عنهم أجمعين، فقد أخبر أن موتهم سيكون شهادة،.
فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراءٍ هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد)).( مسلم ح (2417).) فشهد لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة ، وهو أمر غيب لا يعلمه أحد إلا الله تبارك وتعالى.
وكما أخبر النبي عثمانَ بشهادته، فقد أخبره أنها ستكون في فتنة طلب منه أن يصبر عليها، فقد جاء في صحيح البخاري أن أبا موسى الأشعري جلس مع النبي صلى الله عليه وسلم على بئر أريس في حائط من حيطان المدينة .يقول أبو موسى : فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمانُ بن عفان. فقلت: على رسْلك، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((ائذن له ، وبشره بالجنة على بلوى
تصيبه )) يقول أبو موسى: فجئتُه، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله r بالجنة على بلوى تصيبُك.
( البخاري ح (3674).)
4- أخبار الصحابة بأن أول الفتن خروج المنافقين على عثمان بن عفان رضي الله عنه وطلب نزعه من الخلافة ثم قتله ، وقد أخبر النبي عثمان ببعض معالم هذه الفتنة فقال له: ((يا عثمانُ، إنه لعل الله يقمّصُك قميصاً، فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه لهم )).( الترمذي ح (3705)، وأحمد في المسند ح (24639)) .
قال المباركفوري: "يعني إن قصدوا عزلك عن الخلافة، فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم لكونك على الحقّ، وكونهم على الباطل , فلهذا الحديث كان عُثمانُ ما عزل نفسهُ حين حاصرُوهُ يوم الدّار ".( تحفة الأحوذي (10/137).
5- أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام بمقتل عمار بن ياسر في فتنة تقع بين المسلمين فقد رآه النبي عليه الصلاة والسلام عند بناء مسجده يحمل لبِنَتين لبنتين فيما كان الصحابة يحملون لبِنة لبِنة، فجعل عليه الصلاة والسلام ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار، تقتلُه الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ، ويدعونه إلى النار))، قال أبو سعيد: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن. (رواه البخاري ح (428)، ومسلم (5192) واللفظ للبخاري)
قال النووي في شرحه للحديث : " وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله r من أوجه : منها أن عمارًا يموت قتيلًا , وأنه يقتله مسلمون , وأنهم بغاةٌ , وأن الصحابة يقاتِلون , وأنهم يكونون فِرقتين : باغية , وغيرها, وكل هذا قد وقع مثل فلق الصبح , صلى الله وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى". شرح النووي (8/40).وقد قتِل عمارُ في جيش علي سنة سبع وثلاثين للهجرة النبوية.
6- بشّر النبي عليه الصلاة والسلام بفتوح اليمن والشام والعراق واستيطان المسلمين بهذه البلاد، حيث قال : (( تُفتَح اليمن فيأتي قوم يُبِسُّون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)).( مسلم ح (1875).)
قال النووي: "قال العلماء: في هذا الحديث معجزاتٌ لرسول الله ، لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب [اليمن ثم الشام ثم العراق]، ووجِد جميعُ ذلك كذلك بحمد الله وفضله".( شرح صحيح مسلم (9/159). )
وأما فتح فارس، فقد بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فقال: ((لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي في الأبيض)).( مسلم ح (2919))
وذكر ابن كثير أن أول من رأى القصر الأبيض ضرار بن الخطاب، فجعل الصحابة يكبرون ويقولون: هذا ما وعدنا الله ورسوله .( البداية والنهاية (7/64))
ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفتح مصر؛ دعا إلى الإحسان إلى أهلها إكراماً لهاجر أم إسماعيل، فقد كانت من أرض مصر، كما أخبر بدخولهم في الإسلام واشتراكهم مع إخوانهم في التمكين له، قال صلى الله عليه وسلم : ((إنكم ستفتحون مصر .. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً))،. رواه مسلم ح (2543)
7- أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتوح التي تقع على أيدي أصحابه ومن بعدهم، وأنها تستمر إلى ثلاثة أجيال بعده صلى الله عليه وسلم قبل أن تتوقف، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمانٌ يغزو فِئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم، فيفتح لهم)).( رواه البخاري ح (3649)، ومسلم ح (2532) واللفظ له).
8- تنبأ صلى الله عليه وسلم بهلاك عمه أبي لهب وزوجِه على الكفر، حين أخبر - فيما نقله عن ربه - ببقائهما على الكفر وهلاكهما على ذلك، قال تعالى: } تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ { (المسد: 1-5)، فكيف جزم النبي بضلال عمه، وهو أقرب الناس إليه، ومَظِنة الميل إليه؟ هل كان ذلك إلا بإعلام الله له.
قال الشيخ الشعراوي في كتابه معجزة القرآن( ألم يكن أبو لهب يستطيع محاربة الإسلام بهذه الآية ؟ الم يكن يستطيع أن يستخدمها سلاح ضد القرآن ؟)
قالت له الآية ياأبا لهب انت ستموت كافرا" , ستموت مشركا" وستعذب في النار , وكان يكفي أن يذهب أبو لهب لأي جماعة من المسلمين ويقول لا إله إلا الله , محمد رسول الله , أنا أسلمت وقرآنكم خطأ !, وهذا لم يحدث فقد كان القول من الله تعالى الذي يعلم الغيب.
9- عندما انقضت غزوة الأحزاب، وولت جموعهم الأدبار، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه فقال: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم)). (البخاري ح (4110).
وهكذا كان، إذ كانت غزوة الأحزاب آخر غزاة غزتها قريش في حربها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد غزاهم المسلمون بعدها، وفتحوا مكة بعون الله وقدرته.
10-تنبؤ الرسول عليه الصلاة والسلام بهزيمة الفرس وغلب الروم فقد نزل عليه قوله: ]غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون * بنصر الله[ (الروم: 2-5).
وتناقلت قريش هذه النبوءة الغريبة التي خالفت أهواءهم التي مالت إلى جانب الفرس إخوانِهم في الوثنية، بينما أحب المسلمون انتصار الروم لما هم عليه من الكتاب، واستبشروا بالخبر.
يروي الترمذي بإسناده عن ابن عباس قال: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما إنهم سيغلبون.
فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا [أي بدوام انتصار الفرس] كان لنا كذا وكذا [أي من الرهن]، وإن ظهرتم [أي بانتصار الروم] كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم [أي في هذه السنينِ الخمس].
فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا جعلته إلى دون العشر [أي طلب منه زيادة الأجل إلى تسع سنين، لأن البضع في لغة العرب مادون العشر]، والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.
قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر.
قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ]غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين [. الترمذي ح (3193).
لقد كان الأمر كما تنبأ عليه الصلاة والسلام، ففي عام 623م استطاع هرقل أن يخرج الفرس من بلاد الرومان. وفي عام 626م وصل الرومان إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، ولو تأملنا قوله تعالى: ]غلبت الروم * في أدنى الأرض [ لوقفنا على برهان آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم ، لأن قوله تعالى: ] في أدنى الأرض [ يشير إلى حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية.
11- من الغيوب التي كشفت لنبينا صلى الله عليه وسلم خبر أم حرام بنت ملحان ، فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا)) قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: ((أنتِ فيهم)) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)) فقلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: ((لا)). البخاري ح (2924).
وقد ركبت أمُّ حرامٍ بنتِ مِلحانٍ البحرَ في زمن معاوية رضي الله عنه، فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت.كما جاء في البخاري ح (2789)، ومسلم ح (1912).
وقد نقل الطبراني وغيره أن قبرها معروف في جزيرة قبرص. (الطبراني ح (316)، وأبو نعيم في الحلية ح (2/62).
سنعرض في هذا الموضوع بعض أدلة صدق نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام
أمثلة من الغيب الذي أخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام :
1- إخبارُه عن موت النجاشي في أرض الحبشة في يوم وفاته، وهذا خبر يستغرق وصوله أكثر من شهر يومذاك ، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه ، خرج إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربعاً).( البخاري ح (1254 ).
2- تنبؤه صلى الله عليه وسلم بنصر بدر في وقت كان المسلمون يعانون في مكة صنوف الاضطهاد ؛ وفي وسط هذا البلاء نزل على النبي عليه الصلاة والسلام قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ (44) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) (سورة القمر).
فقال عمر بن الخطاب [أي في نفسه] : أي جمع يهزم؟ أي جمع يُغلَب؟ فلما كان يوم بدر رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يثِب في الدرع، وهو يقول : }سيهزم الجمع ويولون الدبر{ فعرفت تأويلها يومئذ.( تفسير ابن كثير (4/266).فهذه الآية نزلت قبل الهجرة بسنوات تتحدث عن غزوة بدر، واندحار المشركين فيها، وتتنبأ بهزيمتهم وفلول جمعهم.
وقبيل معركة بدر أدرك النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب تحقق الوعد القديم الذي وعده الله، فقام إلى العريش يدعو ربه ويناجيه: ((اللهم إني أنشِدُك عهدَك ووعدَك، اللهم إن شئت لم تُعبَد بعدَ اليوم))...
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من عريشه، وهو يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر .( البخاري ح (2915).)
وكان في اليوم السابق ليوم بدر ، جعل رسول الله يتفقد أرض المعركة المرتقبة، ويشير إلى مواضع مقتل المشركين فيها، ويقول : ((هذا مصرع فلان)) قال أنس: ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. قال أنس: فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم .( مسلم ح (1779))
3- إخبارُه عن شهادة عمرَ وعثمانَ وعلي، رضي الله عنهم أجمعين، فقد أخبر أن موتهم سيكون شهادة،.
فقد جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراءٍ هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد)).( مسلم ح (2417).) فشهد لنفسه بالنبوة، ولأبي بكر بالصديقية، ولعثمانَ وعليَ وطلحةَ بالشهادة ، وهو أمر غيب لا يعلمه أحد إلا الله تبارك وتعالى.
وكما أخبر النبي عثمانَ بشهادته، فقد أخبره أنها ستكون في فتنة طلب منه أن يصبر عليها، فقد جاء في صحيح البخاري أن أبا موسى الأشعري جلس مع النبي صلى الله عليه وسلم على بئر أريس في حائط من حيطان المدينة .يقول أبو موسى : فجاء إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عثمانُ بن عفان. فقلت: على رسْلك، فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: ((ائذن له ، وبشره بالجنة على بلوى
تصيبه )) يقول أبو موسى: فجئتُه، فقلت له: ادخل، وبشّرك رسول الله r بالجنة على بلوى تصيبُك.
( البخاري ح (3674).)
4- أخبار الصحابة بأن أول الفتن خروج المنافقين على عثمان بن عفان رضي الله عنه وطلب نزعه من الخلافة ثم قتله ، وقد أخبر النبي عثمان ببعض معالم هذه الفتنة فقال له: ((يا عثمانُ، إنه لعل الله يقمّصُك قميصاً، فإن أرادوك على خلعه، فلا تخلعه لهم )).( الترمذي ح (3705)، وأحمد في المسند ح (24639)) .
قال المباركفوري: "يعني إن قصدوا عزلك عن الخلافة، فلا تعزل نفسك عنها لأجلهم لكونك على الحقّ، وكونهم على الباطل , فلهذا الحديث كان عُثمانُ ما عزل نفسهُ حين حاصرُوهُ يوم الدّار ".( تحفة الأحوذي (10/137).
5- أخبر الرسول عليه الصلاة والسلام بمقتل عمار بن ياسر في فتنة تقع بين المسلمين فقد رآه النبي عليه الصلاة والسلام عند بناء مسجده يحمل لبِنَتين لبنتين فيما كان الصحابة يحملون لبِنة لبِنة، فجعل عليه الصلاة والسلام ينفض التراب عنه، ويقول: ((ويح عمار، تقتلُه الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ، ويدعونه إلى النار))، قال أبو سعيد: يقول عمار: أعوذ بالله من الفتن. (رواه البخاري ح (428)، ومسلم (5192) واللفظ للبخاري)
قال النووي في شرحه للحديث : " وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله r من أوجه : منها أن عمارًا يموت قتيلًا , وأنه يقتله مسلمون , وأنهم بغاةٌ , وأن الصحابة يقاتِلون , وأنهم يكونون فِرقتين : باغية , وغيرها, وكل هذا قد وقع مثل فلق الصبح , صلى الله وسلم على رسوله الذي لا ينطق عن الهوى , إن هو إلا وحي يوحى". شرح النووي (8/40).وقد قتِل عمارُ في جيش علي سنة سبع وثلاثين للهجرة النبوية.
6- بشّر النبي عليه الصلاة والسلام بفتوح اليمن والشام والعراق واستيطان المسلمين بهذه البلاد، حيث قال : (( تُفتَح اليمن فيأتي قوم يُبِسُّون فيتحملون بأهلهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق فيأتي قومٌ يُبِسُّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)).( مسلم ح (1875).)
قال النووي: "قال العلماء: في هذا الحديث معجزاتٌ لرسول الله ، لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب [اليمن ثم الشام ثم العراق]، ووجِد جميعُ ذلك كذلك بحمد الله وفضله".( شرح صحيح مسلم (9/159). )
وأما فتح فارس، فقد بشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، فقال: ((لتفتحن عصابة من المسلمين كنز آل كسرى الذي في الأبيض)).( مسلم ح (2919))
وذكر ابن كثير أن أول من رأى القصر الأبيض ضرار بن الخطاب، فجعل الصحابة يكبرون ويقولون: هذا ما وعدنا الله ورسوله .( البداية والنهاية (7/64))
ولما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفتح مصر؛ دعا إلى الإحسان إلى أهلها إكراماً لهاجر أم إسماعيل، فقد كانت من أرض مصر، كما أخبر بدخولهم في الإسلام واشتراكهم مع إخوانهم في التمكين له، قال صلى الله عليه وسلم : ((إنكم ستفتحون مصر .. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً))،. رواه مسلم ح (2543)
7- أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفتوح التي تقع على أيدي أصحابه ومن بعدهم، وأنها تستمر إلى ثلاثة أجيال بعده صلى الله عليه وسلم قبل أن تتوقف، ففي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمانٌ يغزو فِئام من الناس، فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: نعم، فيفتح لهم)).( رواه البخاري ح (3649)، ومسلم ح (2532) واللفظ له).
8- تنبأ صلى الله عليه وسلم بهلاك عمه أبي لهب وزوجِه على الكفر، حين أخبر - فيما نقله عن ربه - ببقائهما على الكفر وهلاكهما على ذلك، قال تعالى: } تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ { (المسد: 1-5)، فكيف جزم النبي بضلال عمه، وهو أقرب الناس إليه، ومَظِنة الميل إليه؟ هل كان ذلك إلا بإعلام الله له.
قال الشيخ الشعراوي في كتابه معجزة القرآن( ألم يكن أبو لهب يستطيع محاربة الإسلام بهذه الآية ؟ الم يكن يستطيع أن يستخدمها سلاح ضد القرآن ؟)
قالت له الآية ياأبا لهب انت ستموت كافرا" , ستموت مشركا" وستعذب في النار , وكان يكفي أن يذهب أبو لهب لأي جماعة من المسلمين ويقول لا إله إلا الله , محمد رسول الله , أنا أسلمت وقرآنكم خطأ !, وهذا لم يحدث فقد كان القول من الله تعالى الذي يعلم الغيب.
9- عندما انقضت غزوة الأحزاب، وولت جموعهم الأدبار، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه فقال: ((الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم)). (البخاري ح (4110).
وهكذا كان، إذ كانت غزوة الأحزاب آخر غزاة غزتها قريش في حربها مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد غزاهم المسلمون بعدها، وفتحوا مكة بعون الله وقدرته.
10-تنبؤ الرسول عليه الصلاة والسلام بهزيمة الفرس وغلب الروم فقد نزل عليه قوله: ]غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذٍ يفرح المؤمنون * بنصر الله[ (الروم: 2-5).
وتناقلت قريش هذه النبوءة الغريبة التي خالفت أهواءهم التي مالت إلى جانب الفرس إخوانِهم في الوثنية، بينما أحب المسلمون انتصار الروم لما هم عليه من الكتاب، واستبشروا بالخبر.
يروي الترمذي بإسناده عن ابن عباس قال: (كان المشركون يحبون أن يظهر أهل فارس على الروم، لأنهم وإياهم أهلُ أوثان، وكان المسلمون يحبون أن يظهر الروم على فارس لأنهم أهلُ كتاب، فذكروه لأبي بكر، فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما إنهم سيغلبون.
فذكره أبو بكر لهم، فقالوا: اجعل بيننا وبينك أجلاً، فإن ظهرنا [أي بدوام انتصار الفرس] كان لنا كذا وكذا [أي من الرهن]، وإن ظهرتم [أي بانتصار الروم] كان لكم كذا وكذا، فجعل أجلاً خمس سنين، فلم يظهر الروم [أي في هذه السنينِ الخمس].
فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا جعلته إلى دون العشر [أي طلب منه زيادة الأجل إلى تسع سنين، لأن البضع في لغة العرب مادون العشر]، والله قد وعد بظفر الروم في بضع سنين.
قال أبو سعيد: والبضع ما دون العشر.
قال: ثم ظهرت الروم بعد، قال ابن عباس: فذلك قوله تعالى: ]غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين [. الترمذي ح (3193).
لقد كان الأمر كما تنبأ عليه الصلاة والسلام، ففي عام 623م استطاع هرقل أن يخرج الفرس من بلاد الرومان. وفي عام 626م وصل الرومان إلى ضفاف دجلة داخل حدود الدولة الفارسية، ولو تأملنا قوله تعالى: ]غلبت الروم * في أدنى الأرض [ لوقفنا على برهان آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم ، لأن قوله تعالى: ] في أدنى الأرض [ يشير إلى حقيقة علمية كشف عنها العلم الحديث، وهي أن البقعة التي انتصر فيها الفرس على الروم في منطقة الأغوار قريباً من البحر الميت هي أدنى الأرض، أي أخفض مكان في الأرض كما تؤكده الموسوعة البريطانية.
11- من الغيوب التي كشفت لنبينا صلى الله عليه وسلم خبر أم حرام بنت ملحان ، فقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا)) قالت أم حرام: قلتُ: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: ((أنتِ فيهم)) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم)) فقلتُ: أنا فيهم يا رسول الله؟ قال: ((لا)). البخاري ح (2924).
وقد ركبت أمُّ حرامٍ بنتِ مِلحانٍ البحرَ في زمن معاوية رضي الله عنه، فصُرعت عن دابتها حين خرجت من البحر، فهلكت.كما جاء في البخاري ح (2789)، ومسلم ح (1912).
وقد نقل الطبراني وغيره أن قبرها معروف في جزيرة قبرص. (الطبراني ح (316)، وأبو نعيم في الحلية ح (2/62).
تعليق