في إحدى حواراتي على البريد الخاص، قدمت لي سيدة مثالاً جديداً عن التجسد و شرحته بالاستنساخ ، و لكون هذا الموضوع جديد نسبياً و لم أسمع به من قبل وددت أن أطرح لكم هذا المثال مع الرد عليه حتى تعم الفائدة ..
المثال:
الاستنساخ
لكي نقرب العقيدة المسيحية للعقل البشري الذي لا يستطيع فهم بنوة لله يجب أن نعرف ما هو الاستنساخ ، هو نسخة طبق الأصل ( صورة مطابقة للأصل ) ، خلية حية مأخوذة من خلايا جسمك ، تزرع في رحم ما دون اللجوء لأي طريقة جنسية ، ولا يأخذ حيوان منوي من الرجل ، وبذلك يكون المولود صورة طبق الأصل عنك أنت ، في الخلايا ، في التركيب ، في الجينات ، في الصيغة الدموية ، في الشكل ، وبذلك يكون لك ابن من دون ممارسة جنسية مع امرأة ، ولكنه ابنك .. وأنت أباه ... وهي أمه .. وهو أنت أيضا .. هل تنكر ذلك وهو أيضا أنت لأنه خليتك وشكلك ودمك وجيناتك وكل شيء فيك ، لا يمكن أن يميز بينك وبينه إنسان ، كذلك المسيح هو صورة الله ، الله نفخ في العذراء بقدرته الكبيرة ( زرع خلية من خلاياه فيها ) ، من منا رأى الله !!؟؟ لا أحد رأى الله ولكن المسيح هو صورة الله ، المسيح خبر لنا عن شكل الله ... وأراد أن يأتي إلى عالمنا بشكل إنسان ، يماثلنا في الشرب والأكل والحياة ولكنه طاهر ، وقوي ، وقادر ،، جاء ليوصل لنا رسالة سماوية ، جاء من أجل العمل الفدائي والكفارة لكي يبعد عنا الخطية التي ارتكباها آدم وحواء .. جاء من الروح القدس وحملت به عذراء نقية طاهرة ، هذا الإنسان كان المسيح ، ُحبلت العذراء من الروح القدس أي الله ، وولدت المسيح الذي هو الله في الجسد ، مماثل ومطابق لله في كل شيء ، وأن المسيح هو شكل الله وجسد الله وكلمة الله وعقل الله وروح الله ، وقوة الله وهو الله، يعني المسيح والله طبيعة واحدة وخلية واحدة، ولكن الله غير منظور والمسيح منظور الذي تجسد على شكل إنسان..... إذا النتيجة هي واحد : ألآب والابن والروح القدس هي إله واحد ...
ألآب = الله الغير منظور
الابن = الله المنظور = المسيح
الروح القدس = الله روح الله + روح الجسد = روح واحدة
إذا الله هو واحد.... ومن هنا نستخلص أن المسيح له طبيعة الله ، لذلك كان المسيح يقيم الموتى ، ويشفي المرضى ، وأبرأ الأكمة ( الأعمى منذ الولادة) وغفر خطايا الخطاة .... لأنه هو الله ، والله فيه ، يعني خلية واحدة .... غفر الخطايا ، وقبل السجود من الساجدين له ...
أما لماذا المسيح يقول أنا جئت من أبي ، فالجواب بين يديك ، ابنك بالاستنساخ ألم يأت منك ، من خليتك ، وهو مطابق لجسمك ، ودمك ، وخلاياك ، ولكن دون ممارسة جنسية ، طبعا سيقول لك أبي ، ولماذا يقول المسيح أنا هو الله ، لأن ما الفرق بين خليتك وخلية ابنك المستنسخ !!؟؟ أولست أنت فيه وهو فيك ..... ما الفرق بين الله وخلية الله !!؟؟ كذلك ما الفرق بين الله وروح الله !!؟؟ وما الفرق بين الله وكلمة الله !!؟؟ كلها تدل على أنها الله الواحد الأحد .... كلمة الله تخرج من فم الله ولا تخرج من فم إنسان آخر ...
عندما نفخ الله تلك الروح في العذراء ، كأنه وضع خلية حية من خلاياه فيها ، وعندما اكتملت فترة مجيء المسيح ولد ، وتربى وعاش بيننا في الجسد ، ولكن لا يعني أن السماء والعالم كانا فارغين عندما كان المسيح في بطن العذراء أو عندما كان بيننا أي الله على الأرض ، كيف !!؟؟
حسنا ، عندما نأخذ منك خلية ، ونزرعها في رحم إمرأة ، هل هذا يعني انك أصبحت مقيد !!؟؟ أنت لست مقيد ... يمكنك السفر .. العمل ... الذهاب ... النوم .. ولكن خليتك مزروعة في المرأة .... فما بالك الله القادر على كل شيء ،،،، كذلك الله عندما زرع خليته الحية في العذراء لم يكن محدودا ، إنما كان في السماء وكان أيضا معنا على الأرض ، وكان في بطن العذراء ، وكان ولا يزال في القارات السبع وفي كل بيت ومع كل إنسان ، وكان ولا زال في كل مكان .. الله ليس محدود كالانسان ، نحن لا نستطيع أن نتواجد في مكانين مختلفين وبنفس الوقت ولكن الله على كل شيء قدير ...
الاستنساخ ليست عملية محرمة ، والله فتح أعين العلماء لكي تتقرب الفكرة لكثيرين ممن يجدوا صعوبة في فهم التجسد ....
أما أن تسأل لماذا الله جاء بالجسد ، لأنها مشيئته ، كما له مشيئة في السماء فله مشيئة في الأرض ، هل تستطيع أن تسأل الله من أين جاء وما هو أصله وكيف وجد !!؟؟
الله كبير وعلى كل شيء قدير .... فلا تتعجب من مجيئه للأرض..... جاء لأرضنا لأنه يحبك ، ويريد خلاصك من خطاياك وآثامك ... وكل من ينكر المسيح بأنه الله ، المسيح لن يتعرف عليه يوم الحساب .... فما الفرق بين خلية المسيح وخلية الله ، أليس واحد .. إذاً المسيح هو الله ..... وابن الله ... وابن الإنسان ... أيضا لأنه لم ينكر أمه تلك الانسانة العذراء التي ولدته ... تلك الانسانة الرقيقة الطاهرة الوديعة .... الله حكيم وعادل ومحب ووديع .. وهو على كل شيء قدير ، هل تستطيع أن تنفي قدوم الله بالجسد !!؟؟ قل له بنفسك عرفني طرقك يا رب ... الرب يبارك حياتك
================================================== ============================
الرد /1/
السيدة الفاضلة ##
السلام عليك و على رسل الله جميعاً ..
مثالك الذي قدمته لي بصراحة جميل جداً ، و محاولة جيدة لإيضاح التثليث و التجسد و ما إلى ذلك من عقائد الديانة المسيحية.
و لكن بصراحة أكثر هنالك من العيوب الخطيرة في هذا المثال الذي قد لا يجدها القارئ العادي غير الدارس من أصدقائك المسلمين أو غير المسلمين ، أو حتى قد لا تكونين انتبهتي إليها نفسك.
نحن كمسلمين نؤمن بالميلاد المعجز لعيسى عليه السلام - أو يسوع كما يسميه إنجيل العربية - دونما تدخل بشري، و نؤمن بأن الله أجرى المعجزات على يديه بإذنه، و أنه شفى المريض و الأكمه و الأبرص بإذن الله ، و أنه أحيى الميت بإذن الله ، و أنه صنع من الطين كهيئة الطير فصار طيراً بإذن الله .. هذا لا خلاف عليه بيننا و بينكم .
فالله ليس بحاجة لحيوان منوي أو خلية ليقوم بمعجزاته، و أكبر دليل على ذلك هو خلق آدم أب البشرية . حيث خلقه بلا أب و لا أم .. فخلق آدم في الحقيقة أكثر إعجازاً و صعوبة من خلق عيسى أو يسوع عليه السلام مع أن الإثنين هين عند الله، فلا نقاش في ذلك.
في مثالك السابق عن الاستنساح وقعت في مغالطة كبيرة:
أول هذه الأخطاء، و هي خارج الموضوع، عبارة عن خطأ علمي .. ذلك أن الخلية لا تزرع في رحم المرأة عند الاستنساخ، بل يقوم العلماء بأخذ بيضة ملقحة (حيوان منوي من الرجل أياً كان و بيضة من المرأة) ثم يقومون بتخريب نواة هذه الخلية الأولى للإنسان و زرع نواة الخلية المأخوذة عن الرجل المستنسخ عنه، لتنمو هذه البيضة الملقحة بأعضاء الخلية الأولى - سيتوبلاسما و ما إلى ذلك - و نواة الخلية المأخوذة عن المستنسخ منه.. و بعد ذلك يزرعونها في رحم المرأة لتبدأ بالتكاثر على أنها بيضة ملقحة.
كل ذلك خارج عن الموضوع الأصلي و إنما هو تصحيح لبعض المعلومات العلمية لا غير.
الخطأ الآخر الذي وقعت فيه في مثالك:
عندما يقوم أحد بالاستنساخ عني فإنه بذلك يستنسخ شخصاً آخر غيري - دوني - لا يساويني - و لسنا واحداً - و لا نشكل كينونة واحدة. ولو أن هذه المستنسخ يشبهني بكل تفاصيلي الجسدية ، إلا أنه ليس أنا .. قد يكون جيد الطباع أو سيئ الطباع .. فهل لو قام هذا المستنسخ بفعل جريمة أعاقب بدلاً عنه ؟ بالطبع لا.. فأنا أنا و هو هو و لسنا واحداً على الإطلاق .. فلا يخضع هذا المستنسخ ضمن إرداتي و مشيئتي لأنه مختلف عني ، والعكس صحيح. فلن يقول أحد عن هذا المسخ أنه وائل – إن كان على علم بالأمر ولم يختلط عليه الشبه الكبير لجهل – و لن أجرؤ على القول مثلاً: أنا و المسخ واحد، فإذهب أيها المسخ و عاشر زوجتي بدلاً عني! لو قام زوجك المستقبلي على سبيل المثال باستنساخ بشر عنه فهل سترضين مثلاً أن يعاشرك بدلاً عن زوجك؟ إن مجرد رفضك لمثل هذا العمل يبين لك الخطأ الذي وقعتي فيه في مثالك هذا.
----------------------------
أقتبس من كلامك:
((كذلك المسيح هو صورة الله ، الله نفخ في العذراء بقدرته الكبيرة ( زرع خلية من خلاياه فيها ) ، من منا رأى الله !!؟؟ لا أحد رأى الله ولكن المسيح هو صورة الله ، المسيح خبر لنا عن شكل الله))
إن مجرد كون المسيح هو صورة الله لا يجعل من المسيح إلهاً مع الله أو الله نفسه. ذلك أن الكتاب المقدس ينفي ذلك فيقول:
فخلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورَتِه، على صورةِ اللهِ خلَقَ البشَرَ، ذَكَرًا وأُنثى خلَقَهُم.
الكتاب المقدس – التكوين 1: 27
مع تسجيل اعتراض المسلمين على هذا القول ، فالله في الإسلام ليس كمثله شيء.
في إحدى المناظرات للشيخ أحمد ديدات رحمه الله يقول للقس جيمي سواغارت ما معناه: عندما يُذكر الآب فإن الناس يتخيلون ذلك الشيخ الكبير الجالس على كرسي عرشه جاعلاً الأرض أسفل قدميه، و عندما يُذكر الإبن فإنهم يتخيلون ذلك الشاب الوسيم ذو الملامح الأوروبية و الأنف المعكوف ذو الشعر الأشقر المنسدل على الكتقين كما هو حال أبطال هوليوود، و عندما يُذكرالروح القدس فإنهم يتخيلون تلك الحمامة البيضاء التي نزلت على المسيح عند العماد، و مهما حاولو دمج هذه الصور الثلاثة في أذهانهم فإنهم يفشلون . و لكن عندما تسألهم كم صورة ترون يكذبون علينا و على أنفسهم و يقولون: صورة واحدة لإله واحد!
------------------------
أقتبس عن كلامك:
((جاء ليوصل لنا رسالة سماوية))
أقول بأن الله ليس بحاجة لينزل بنفسه إلى الأرض ليوصل لنا هذه الرسالة السماوية، فلهذا كان يرسل لنا الرسل و الأنبياء لتوصيل رسالته إلينا و أيدهم بالمعجزات الكثيرة الدالة على صدق رسالتهم و نبوءتهم .. و إلا فلماذا انتظر الله آلاف السنين منذ زمن آدم إلى زمن المسيح لكي يتجسد في شخص المسيح ليضرب و يهان و يستهزء به و يعذب و يقتل بعد ذلك كفارة عن عمل هو أقدر القادرين على غفرانه دونما حاجة لمثل ذلك؟ وفق للعقيدة المسيحية فإن الله ترك آلاف الناس و الأجيال تلو الأجيال تعيش و تموت ليأتي إلى الأرض بعد ذلك في هيئة بشر فيكفر عنهم خطيئة أمام الله .. الله نزل إلى الأرض ليكفر الخطيئة أمام نفسه؟ لماذا كل هذا؟
بالنسبة لرواية الأناجيل عن معجزة ولادة المسيح ، فلنا فيها وقفة لاحقة تبين لك مدى خطورة هذه الرواية.. سأتركها لوقت لاحق بإذن الله.
--------------------
أقتبس عن كلامك:
((حبلت العذراء من الروح القدس أي الله))
لن أطلب منك الكثير ، فجل ما أريده أن تأتيني بنص واحد من الكتاب المقدس يقول صراحة: الروح القدس هو الله !
أقتبس عن كلامك:
((وولدت المسيح الذي هو الله في الجسد))
أيضاً أطلب منك النص الواضح الذي يقول أن المسيح هو الله في الجسد
--------------------------
أقتبس عنك:
((وولدت المسيح الذي هو.. كلمة الله))
كل أنبياء الله هم "أخلّـاء الله" إلا أن النبي إبراهيم وحده الذي تلقّى هذا اللقب كإشارة رسمية إلى شخصه "خليل الله" كما في العدد [يعقوب 2: 23 - آمَنَ إبراهيمُ باللهِ فبَرَّرَهُ اللهُ لإيمانِهِ ودُعيَ خليلَ الله].
في الحقيقة، فإن المسلمين يشيرون وفقاً لعقيدتهم إلى النبي إبراهيم على أنه "خليل الله" و إلى النبي موسى على أنه "كليم الله". إلا أن كون النبي إبراهيم هو "خليل الله" لا يعني أبداً أن باقي الأنبياء هم "أعداء الله".
و بالمثل، فإن كون عيسى (عليه السلام) هو "كلمةٌ" من الله و "روحٌ" منه فإن ذلك لا يعني بأنه "جزءٌ" من الله، وأن هذه الإشارة حصرية لشخصه. فمثلاً نقرأ في القرآن الكريم:
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ (آدم) وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29)
القرآن الكريم – الحجر
إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (40)
القرآن الكريم - النحل
لكي أوضح مثل هذه المصطلحات، لنأخذ مثالاً عن المصطلح "بيت الله" أو "بيتي" كما هو موجود في الكتاب المقدس العدد [أخبار الأيام الأول 9: 11] و القرآن الكريم في الآية [البقرة 2: 125]. إذا كان الله غير محدود ببيت أو موقع محددين – وهذا ما يوافق عليه كلاً من المسلمين و المسيحيين – فماذا نعني بكلمة "بيت الله"؟ إن كل بيت على وجه الأرض هي ملك لله و لكننا لا نقول عن نوادي الخمر و الدعارى أنها "بيوت الله" بل نقول أن دور العبادة هي "بيوت الله". إن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة بأن الله يظهر استحسانه على هذه البيوت بأن يُشركها مع اسمه. إن الله يهب هذه الألقاب لهؤلاء الذين يود أن يمنحهم استحسانه من بين كل خلائقه بموجب التقوى و العبادة الخالصة لله تعالى من خلال مخلوقاته. إن جهد عيسى (عليه السلام) المتفاني في العبادة و تقواه لخالقه هو سبب مكافأته بمنحه لقب روح الله و كلمته.
و بالمثل، فإن الإشارة إلى عيسى بأنه "كلمة" من الله لا يعني أبداً أن عيسى هو "جزء" من الله. فعلى سبيل المثال في أمكنة كثيرة من الكتاب المقدس يشير فيها الله إلى "كلمته – أمره" كما في العدد:
يُضَمُّ هَارُونُ إِلى قَوْمِهِ لأَنَّهُ لا يَدْخُلُ الأَرْضَ التِي أَعْطَيْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيل لأَنَّكُمْ عَصَيْتُمْ قَوْلِي عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةَ.
الكتاب المقدس – سفر العدد 20: 24
“Aaron shall be gathered unto his people: for he shall not enter into the land which I have given unto the children of Israel, because ye rebelled against my word at the water of Meribah.”
((وضعت النص كما هو في نسخة الملك جيمس للمزيد من الشرح حول المقصود بـ: الكلمة))
هل "قولي – my word" هنا تعني "عيسى"؟ هنالك أمثلة أخرى لا تحصى.
------------------
أقتبس عن كلامك:
((ومن هنا نستخلص أن المسيح له طبيعة الله ، لذلك كان المسيح يقيم الموتى ، ويشفي المرضى ، وأبرأ الأكمه))
إن المعجزات التي أجراها عيسى عليه السلام لم تكن أبداً دليل ألوهية له، فماذا عن حزقيال الذي قيل أنه أحيا جثثاً أكثر بكثير مما أحياه عيسى في كل حياته؟ يقال أن حزقيال قد أحيا مدينة بكاملها من الموت:
وحلَّت عليَ يَدُ الرّبِّ، فأخرَجني بالرُّوحِ ووضعَني في وسَطِ الوادي وهوَ مُمتلِئِّ عِظامًا وقادني بَينَ العِظامِ وحَولَها، فإذا هيَ كثيرةٌ جدُا على أرضِ الوادي ويابسةٌ تمامًا. فقالَ لي: ((يا اَبنَ البشَرِ أتعودُ هذِهِ العِظامُ إلى الحياةِ؟)) فقُلتُ: ((أيَّها السَّيِّدُ الرّبُّ أنتَ وحدَكَ تعلَمُ)). فقالَ لي: ((تنبَّأْ على هذِهِ العِظامِ وقُلْ لها: أيَّتُها العِظامُ اليابسةُ إِسمعي كلِمةَ الرّبِّ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ لهذِهِ العِظامِ: سأُدخلُ فيكِ روحًا فتَحيينَ. أجعَلُ علَيكِ عصَبًا وأكسيكِ لَحمًا وأبسُطُ علَيكِ جلدًا وأنفخُ فيكِ روحًا، فتحيَينَ وتعلمينَ أنِّي أنا هوَ الرّبُّ)).فتنبَّأتُ كما أُمِرتُ. وبَينَما كُنتُ أتنبَّأُ سمِعتُ بخشخشةٍ، فإذا العِظامُ تتقاربُ، كُلُّ عَظْمةٍ إلى عَظْمةٍ. ورَأيتُ العَصبَ واللَّحمَ علَيها، والجلدَ فَوقَها، وما كانَ فيها روحٌ بَعدُ. فقالَ الرّبُّ لي: ((تنبَّأْ للرُّوحِ، تنبَّأْ يا اَبنَ البشَرِ، وقُلْ للرُّوحِ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ: تعالَ أيَّها الرُّوحُ مِنَ الرِّياحِ الأَربعِ وهُبَ في هؤلاءِ الموتى فيَحيَوا)). فتنبَّأتُ كما أمرَني، فدخلَ فيهِمِ الرُّوحُ فحيَوا وقاموا على أرجلِهِم جيشًا عظيمًا جداً.
الكتاب المقدس – حزقيال 37: 1-11
إذا كنا بصدد البحث عن السلطات و المعجزات كدليل على الألوهية، فماذا عن يشوع الذي قيل أنه أوقف الشمس و القمر لمدة يوم كامل. هل يمكن لأحد أن يفعل هذا إلا الله العلي؟ :
ثُمَ كلَّمَ يَشوعُ الرّبَّ يومَ سلَّمَ الرّبُّ الأموريِّينَ إلى بَني إِسرائيلَ، فقالَ على مشهَدٍ مِنْ بَني إِسرائيلَ: ((يا شمسُ قِفي على جبعونَ وعلى وادي أيلُونَ اَثبُتْ يا قمرُ)).فتَوقَّفَتِ الشَّمسُ وثبَتَ القمرُ إلى أنِ اَنتَقَمَ الشَّعبُ مِنْ أعدائِهِم، وذلِكَ مكتوبٌ في كتابِ ياشَرَ. فتَوقَّفَتِ الشَّمسُ في أعلى السَّماءِ ولم تَغِبْ مُدَّةَ يومِ كامِلٍ.
الكتاب المقدس – يشوع 10: 12-13
كما أن أليشع قيل أنه أحيا الموتى، أحيا نفسه، شفى أبرص، أطعم مائة شخص بعشرين رغيف شعير و حبات ذرة قليلة، و شفى رجلاً أعمى:
* ثُمَ قامَ وتمَشَّى في الغُرفَةِ، ذهابًا وإيابًا، وصَعِدَ السَّريرَ وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ فعَطَسَ الصَّبيُّ سَبعَ مرَّاتٍ وفتَحَ عينَيهِ.[الكتاب المقدس – الملوك الثاني 4: 35]
* وفي ذلِكَ الحينِ كانَ بَعضُ الإسرائيليِّينَ يَقبِرونَ مَيْتًا، فلمَّا رأوا الغُزاةَ رمَوا المَيْتَ في قبرِ أليشَعَ وهرَبوا. فلمَّا مَسَ عِظامَ أليشَعَ عاشَ وقامَ على قدَمَيهِ. [الكتاب المقدس–الملوك الثاني 13: 21]
* فنَزَلَ نُعمانُ إلى الأردُنِّ، وفي مائِهِ غطَسَ سَبعَ مرَّاتٍ، كما قالَ رَجلُ اللهِ، فتَعافى لَحمُهُ وصارَ كلَحمِ طِفلٍ وطَهُرَ. [الكتاب المقدس – الملوك الثاني 5: 14]
* فقَدَّمَ الخادِمُ لهُمُ الطَّعامَ، فأكلوا وفَضَلَ عَنهُم كما قالَ الرّبُّ.[الكتاب المقدس–الملوك الثاني 4: 44]
* وصلَّى أليشَعُ وقالَ: ((يا ربُّ فَتِّحْ عينَيهِ لِيَرى)). ففَتَحَ الرّبُّ عَينَي خادِمِ أليشَعَ فرَأى. [الكتاب المقدس – الملوك الثاني 6: 11]
و يقال أن إيليا قد أحيا الموتى و جعل قصعة دقيق و خابية من الزيت لا ينفذان لأيام عديدة :
وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ ثَلاثَ مرَّاتٍ وصرَخ إلى الرّبِّ وقالَ: ((أيُّها الرّبُّ إلهي، لِتَعُدْ رُوحُ الصَّبيِّ إليهِ)). فاَستَجابَ الرّبُّ لَه، فعادَت روحُ الصَّبيِّ إليهِ وعاشَ.
الكتاب المقدس- الملوك الأول 17: 21-22
فالرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ قالَ: قَصعَةُ الدَّقيقِ عِندَكِ لا تفرَغُ، وخابيَةُ الزَّيتِ لا تَنقُصُ إلى أنْ يُرسِلَ الرّبَّ مطَرًا.
الكتاب المقدس- الملوك الأول 17: 14
و ماذا عن موسى (عليه السلام) و معجزاته الكثيرة من شق البحر و تحويله العصى إلى ثعبان و الماء إلى دم و غير ذلك؟ و هلمّ جرّ.
حتى عيسى (عليه السلام) نفسه يخبرنا بأن المعجزات لا تثبت شيئاً بعينه:
فسيَظهرُ مُسَحاءُ دجّالونَ وأنبـياءُ كذّابونَ، يَصنَعونَ الآياتِ والعَجائبَ العَظيمةَ ليُضَلِّلوا، إنْ أمكَنَ، حتّى الّّذينَ اَختارَهُمُ اللهُ.
الكتاب المقدس- متى 24: 24
إذاً فحتى المسحاء الدجالون يستطيعون أن يقدموا المعجزات و العجائب العظيمة حتى أن أكثر الرجال علماً يخدع بهم.
لقد كان لعيسى بداية (و هي الولادة) و نهاية [وصرَخَ يَسوعُ مرّةً ثانيةً صَرْخَةً قَوِيَّةً وأسلَمَ الرّوحَ - متى 27: 45] إلا أن ملكيصادق قيل أنه ليس لأيامه بداية و لا لحياته نهاية ولكنه "على مثال ابن الله":
وكانَ مَلكِيصادَقُ هذا مَلِكَ ساليمَ وكاهِنَ اللهِ العليِّ، خرَجَ لِمُلاقاةِ إبراهيمَ عِندَ رُجوعِهِ بَعدَما هزَمَ المُلوكَ وباركَهُ، وأعطاهُ إبراهيمُ العُشْرَ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وتَفسيرُ اسمِهِ أوَّلاً مَلِكُ العَدلِ، ثُمَّ مَلِكُ ساليمَ، أي مَلِكُ السَّلامِ. وهوَ لا أبَ لَه ولا أُمَّ ولا نسَبَ، ولا لأيَّامِهِ بِداءَةٌ ولا لِحياتِهِ نِهايَةٌ. ولكِنَّهُ، على مِثالِ ابنِ اللهِ، يَبقى كاهِنًا إلى الأبَدِ. فانظُروا ما أعظَمَه! إبراهيمُ نَفسُهُ، وهوَ رَئيسُ الآباءِ، أعطاهُ العُشْرَ مِنْ خِيرةِ الغَنائمِ.
الكتاب المقدس – العبرانيين 7: 1-4
يقال أن سليمان كان مع الله منذ البدء قبل كل الخليقة:
الرّبُّ اَقتناني أوَّلَ ما خلَقَ مِنْ قديمِ أعمالِهِ في الزَّمانِ. مِنَ الأزلِ صنَعَني، مِنَ البَدءِ، مِنْ قَبلِ أنْ كانتِ الأرضُ. وُجدتُ وما كانَ غَمْرٌ، ولا مياهٌ في قلبِ الينابيعِ. قَبلَ أنْ تُخلَقَ الجبالُ وقَبلَ التِّلالِ وُجدْتُ، حينَ لم تكُنْ أرضٌ ولا مياهٌ، ولا حَفنةٌ مِنْ تُرابِ الكَونِ. وكُنتُ حينَ كوَّنَ السَّماواتِ وحَوَّقَ حولَ وجهِ الغَمْرِ، وثَبَّتَ الغُيومَ في العَلاءِ وفَجرَ ينابيعَ المياهِ. وكُنتُ حينَ حَوَّطَ البحرَ فلا تَعبُرُ المياهُ حُدودَهُ، وحينَ أرسى أساساتِ الأرضِ. وكُنتُ حيالَهُ بأمانٍ، وفي بَهجةٍ يومًا بَعدَ يومِ، ضاحِكًا أمامَهُ كُلَ حينٍ، ضاحِكًا في أرضِهِ الآهلةِ، ومُبتَهجا معَ بَني البشَرِ.
الكتاب المقدس – الأمثال 8: 22-31
حسنٌ إذن، هل عيسى (عليه السلام) إله لأنه أجرى المعجزات من خلال سلطته الذاتية بينما كان الآخرون بحاجة إلى الله ليجروا هذه المعجزات؟ لنقرأ الآتي:
· فدَنا مِنهُم يَسوعُ وقالَ لهُم: ((نِلتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأرضِ)) [متى 28: 18]
· فلمَّا شاهَدَ النَّاسُ ما جرَى، خافوا ومَجِّدوا اللهَ الّذي أعطى البشَرَ مِثلَ هذا السُّلطانِ. [متى 9: 8]
· وأمَّا إذا كُنتُ بإصبعِ اللهِ أطرُدُ الشَّياطينَ، فمَلكوتُ اللهِ أقبلَ علَيكُم. [لوقا 11: 20]
· أرَيتُكُم كثيرًا مِنَ الأعمالِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِندِ الآبِ. [يوحنا 10: 32]
· وأمّا إذا كُنتُ بِرُوحِ اللهِ أطرُدُ الشَّياطينَ، فمَلكوتُ اللهِ حَلَّ بَينَكُم. [متى 12: 28]
· أنا لا أقدِرُ أنْ أعمَلَ شيئًا مِنْ عِندي. فكما أسمَعُ مِنَ الآبِ أحكُمُ، وحُكمي عادِلٌ لأنِّي لا أطلُبُ مَشيئَتي، بل مشيئَةَ الّذي أرسَلَني. [يوحنا 5: 30]
· الأعمالُ الّتي أعمَلُها باَسمِ أبـي تَشهَدُ لي [يوحنا 10: 25]
· ... لا أعمَلُ شيئًا مِنْ عِندي ولا أقولُ إلاَ ما عَلَّمَني الآبُ. والآبُ الّذي أرسَلَني هوَ مَعي وما تَركني وَحدي، لأنِّي في كُلِّ حينٍ أعمَلُ ما يُرضيهِ. [يوحنا 8: 28-29]
· يا بَني إِسرائيلَ اَسمَعوا هذا الكلامَ: كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلاً أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ. [أعمال الرسل 2: 22]
فنحن نرى أنه حتى الحواري بطرس (الملقب بالصخرة) شهد على الملأ بعد سنوات من رحيل عيسى بأنه – أي عيسى – كان "رجلاً" و ليس "الله أو ابن الله الذي أجرى المعجزات بقدرته الذاتية". ثم أكمل ليتأكد من عدم إضلال الناس بمعجزات عيسى ليظنوا بأنه كان أكثر من مجرد إنسان، و ذلك بتأكيده بأنه لم يكن عيسى الذي يقوم بالمعجزات بل كان حاله كحال الكثير من الأنبياء من قبله. إن الله هو الذي أجرى المعجزات و أنبياء الله هم الأدوات التي أجرى الله بها معجزاته. بعبارة أخرى، فإن النقطة التي كان بطرس يحاول إيضاحها لهؤلاء الناس هي أن يتذكروا دائماً كيف أن شق البحر لم يجعل من موسى إلهاً أو إبناً لله، و أن إحياء الموتى لم يجعل من أليشع إلهاً أو إبناً لله، فكذلك يجب أن يكون الحال مع عيسى.
ماذا كان الهدف من وراء هذه المعجزات؟ لنقرأ العدد [يوحنا 11: 42] حيث نجد أن عيسى قبل أن يقيم لعازر من الأموات أكد على نقطة كيلا تسيء فهمه الجماهير المحتشدة في الذي سيفعله و السبب الذي دفعه لذلك. نجده يصرح علناً أمام الله - و هم يستمعون – بأن حاله كحال الأنبياء السابقين و أن المعجزات التي أجريت على يديه هي لإثبات أنه مرسلٌ من عند الله و أنه كان نبياً حقيقياً:
وأنا أعرِفُ أنَّكَ تَستَجيبُ لي في كُلِّ حينٍ. ولكنِّي أقولُ هذا مِنْ أجلِ هَؤُلاءِ النـّاسِ حَولي، حتّى يُؤمِنوا أنَّكَ أنتَ أرسَلتَني.
الكتاب المقدس – يوحنا 11: 42
--------------------------
أقتبس عن كلامك:
((ومن هنا نستخلص أن المسيح له طبيعة الله ، لذلك.. غفر الخطايا))
يعلمنا الإسلام بأن المسلم يثاب على كل شدة يصبر عليها خلال حياته، و أن كل شدة يصبر عليها فإن الله يخصصها ليمحو بها خطيئة سابقة لهذا الشخص. حتى أصغر الأمور مثل وخز الإبرة فإن لها نفس المعاملة. فكم سيكون ثوابه عظيماً من صبر على الشلل! إن جزاءه يمكن أن يكون الغفران عن كل خطاياه. إن كانت المسيحية تؤمن أن غفران الخطايا دليل على الألوهية، فماذا نقول عن الملايين الكثيرة من البشر في الكهنوت المسيحي و الذين قبولوا "اعترافات" الناس بشكل علني و "غفروا لهم خطاياهم" عبر الألفي سنة الأخيرة؟ هل هم جميعاً ذريةً لله و جزءً من الثالوث المقدس؟ هل كانوا يتصلون بالله هاتفياً و يستأذنوه ليغفر لكل شخص أو كان لهم "سلطان مغفرة الخطايا"؟
في كتاب (الأناجيل الخمسة The Five Gospels) - الذي كتبه /24/ من العلماء المسيحيين من أكثر الجامعات الأمريكية و الكندية بروزاً في أيامنا – نقرأ في الصفحة 44:
"إن القصص التي تحكي عن عيسى وهو يشفي شخصاً مشلولاً موجودة في كل الأناجيل التي نقلت إلينا. إلا أن الرواية في إنجيل يوحنا [يوحنا 5: 1-9] مختلفة بشكل جوهري... إن الجدال الذي دار قد اعترض قصة الإبراء – و التي نقرأها بسلاسة لو قمنا بحذف الأعداد [مرقس 2: 5-10] – و هذا الجدال غائب فيما رواه يوحنا في إنجيله... عادةً فإن العلماء يستنبطون من ذلك – بناءً على هذا الدليل – بأن مرقس قد أضاف هذا الجدال على ما كانت عليه القصة الأصلية لمجرد الإبراء... فلو أن هذه الكلمات قد نسبت إلى عيسى، فإن العدد /10/ [سأُريكُم أنَّ اَبنَ الإنسانِ لَه سُلطانٌِ على الأرضِ ليَغفِرَ الخَطايا] يقدم لنا زعماً جريئاً و جديداً عن عيسى و الذي يخوله أن يغفر الخطايا لكل البشرية... إن الكنيسة الأولى كانت في طريقها للزعم بأن لها الحق في غفران الخطايا و أن سلطتها في ذلك أتت من عيسى مباشرة"
و من ناحية أخرى: حتى لو أهملنا كل الأدلة فإن إصرارنا على سلطان غفران الخطايا الوارد في العدد [مرقس 2: 1-12] دونما إبصار، فإن ذلك سينجم عنه إلغاء كامل مطلق لأحد أسس الإيمان المسيحي، ألا و هو الفداء. فإن كان الله قادر على أن يغفر الخطايا بهذه السهولة بمجرد أنه قال: مغفورة لك خطاياك – فكان الأولى به أن يغفر الله خطيئة آدم دونما حاجة لتجسد و ضرب و إهانة و تعذيب و صلب و قتل! أليس هذا صحيحاً؟
------------------
أقتبس عن قولك:
((وقبل السجود من الساجدين له))
بالنسبة للسجود فقد ورد في الإنجيل في عدة مواضع منها:
[يوحنا 9: 38 - قالَ: ((آمنتُ، يا سيِّدي!)) وسجَدَ لهُ]
[متى 28: 17 - فلمَّا رأوْهُ سَجَدوا لَه]
أرجو ملاحظة أن الكلمة المترجمة "سجد" في كلا العددين هي في اليونانية (prosekunesan) و المشتقة من الكلمة (pros-ku-neh'-o – بروسكونيهو). إن المعنى الحرفي لهذه الكلمة: (يقبّل، كما يلعق الكلب يد صاحبه). و بالمعنى العام فإن هذه الكلمة تعني: (ينحني – يجثو – يحبو – يركع – يُطرح على الأرض). أرجو فحص المعنى الحقيقي لهذه الكلمة في فهرس معجم سترونغ Strong. هل تقبيل يد أحدهم يماثل السجود له؟ إنها الترجمة الانتقائية يا عزيزتي:
و من ناحية أخرى، فإن العددين أعلاه من إنجيل يوحنا و إنجيل متى ليسا الوحيدين في الكتاب المقدس الذين طُبّق عليهما الترجمة الانتقائية للتأثير على القارئ في تبني معتقد محدد. فعلى سبيل المثال في "إنجيل متى" فإن ما يسمى بـ"الترجمة" الإنكليزية (حالها كحال الترجمة العربية) قد ذكرت أن عيسى قد سجد له المجوس الذين قدموا من الشرق [متى 2: 11] و رئيساً يهودياً [متى 9: 18] كما سجد له من كان في القارب [متى 9: 18] و المرأة الكنعانية [متى 15: 25] بالإضافة إلى أم يعقوب و يوحنا أبناء زبدي [متى 20: 20] و مريم المجدلية و مريم الأخرى [متى 28: 9].
و باعتبار أن السجود لغير الله خطيئة تكفر صاحبها، لذا، فإن القارئ يفهم من ذلك أن عيسى هو الله باعتبار أنه تغاضى عن "سجودهم" له. و باعتبار أن عيسى (عليه السلام) لم يقل أبداً لأحد "أعبدوني!" و لا في كل الكتاب المقدس (كما قال الله ذلك بنفسه في أماكن عدة)، لذا، و مرة أخرى يقولون أن عيسى كان "يلمح" لنا في طلبه أن نسجد له. و لكننا نرى بوضوح أن ما أراد المؤلف قوله في هذه الأعداد هو أن هؤلاء الناس قد "انكبّوا على قدمي عيسى" أو أنهم قد "جثوا أمامه".
كيف نفسر "جثوّ الناس أمام عيسى" في هذه الحالة؟ هل نفهم من هذا أنهم كانوا "يصّلون" له؟ ليس هذا أبداً. لنطلب من الكتاب المقدس أن يشرح لنا ذلك:
فلمَّا رأت أبيجايِلُ داوُدَ، نزَلَت في الحالِ عَنْ حمارِها واَنحنَت حتى الأرضِ أمامَهُ، ووقَعَت على رِجليهِ وقالت: ((عليَ يقعُ اللَّومُ يا سيِّدي، فَدَعْني أنا جاريَتكَ أتكلَّمُ على مسمَعِكَ، وأصغِ أنتَ لِكلامي))
الكتاب المقدس – صموئيل الأول 25: 23-24
عندما "جثت" أبجابيل أمام الملك داوود حتى لمس وجها الأرض، هل كانت بذلك "تسجد له أو تعبده"؟ هل كانت "تصلي" له؟ عندما قالت له ((يا سيدي my lord)) هل عنت بذلك أنه إلهٌ لها؟ و بالمثل:
فتَقَدَّمَت واَرْتَمَت على قدَمَيهِ إلى الأرضِ، وأخذَتِ اَبنَها وذهَبَت.
الكتاب المقدس – الملوك الثاني 4: 37
وجاءَ إخوتُه بِأنفُسِهِم فاَرتَمَوا بَينَ يَدَيهِ وقالوا: ((ها نحنُ عبيدٌ لكَ)).
الكتاب المقدس – التكوين 50: 18
ثُمَ عبَروا النَّهرَ ليأتوا بهِ وبأهلِهِ ويعمَلوا لَه ما يريدُ. وبَينما كانَ المَلِكُ يعبُرُ الأردُنَّ تقدَّمَ إليهِ شِمعي وركَعَ أمامَهُ.
الكتاب المقدس – صموئيل الثاني 19: 18
إن كلمة ((سَجَدَ – worship)) هي إحدى الكلمات في اللغة العربية و الإنكليزية و التي تحمل في طياتها معنىً مزدوجاً. المعنى المعروف بين الناس هو "سجود العبادة". هذا المعنى يقفز إلى الأذهان مباشرة عند قراءة هذه الكلمة. إلا أن كلمة "سَجَدَ" تحمل معنىً آخر وهو "سجود الاحترام – سجود الوقار – سجود التبجيل" (راجعي في معجم ميريام ويبستر الجامعي، الطبعة العاشرة Merriam Webster’s Collegiate Dictionary, tenth edition). إن المعنى الثاني أكثر شيوعاً في إنكلترا عليه في باقي الدول. إلا أن المعنى الأول يبقى الأكثر شيوعاً و استخداماً في أي بلد متحدث باللغة الإنكليزية أو العربية. و مع ذلك فإنه من المألوف في بريطانيا – حتى عصرنا هذا – أن تجد أناساً يعبّرون عن نبلهم بـ"السجود و الإنحناء".
و كلمة سجد في اللغة العربية تحمل معنيين أيضاً: سجود العبادة و سجود التبجيل. و دليل ذلك قوله تعالى للملائكة في سورة الحجر عند خلق آدم [فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ] و مثيل ذلك سجود أخوة يوسف عليه السلام في قوله تعالى في سورة يوسف [وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا]
لقد قام المترجمون بترجمة العدد بشكل صحيح من الناحية "الفنية"، إلا أن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة قد ضاع تماماً.
و ختاماً أقدم الدليل القاطع تبديداً لأي شكوك في النفس ، أدعوك لاقتناء نسخة من الكتاب المقدس الحديث بالإنكليزية (New English Bible) أو البحث عنه في الإنترنت حيث سنجد فيه ترجمة للأعداد المقتبسة أعلاه من إنجيل متى كالتالي:
[2: 11] انحنى إلى الأرض “bowed to the ground”.
[14: 33] انكبّ على قدميه “fell at his feet”.
[28: 9] جثى مطروحاً على الأرض أمامه “falling prostrate before him”.
[28: 17] جثى مطروحاً على الأرض أمامه “fell prostrate before him” ...إلخ
أرجو أيضاً قراءة هذه الأعداد في النسخة الكاملة للكتاب المقدس، الترجمة الأمريكيـة (The Complete Bible, an American Translation” By Edward Goodspeed and J. M. Powis Smith) من الموقع:
http://www.questia.com/PM.qst?a=o&d=82396727
و الذي ترجم الأعداد أعلاه بأمانة أيضاً:
[2: 11] ألقوا بأنفسهم على الأرض و قاموا بتجيله:
“they threw themselves down and did homage to him”
[14: 33] انكبّوا على الأرض أمامه “fell down before him”
[28: 9] ذهبتا إليه و أمسكتا بقدميه و انحنتا أمامه على الأرض:
“and they went up to him and clasped his feet and bowed to the ground before him”
[28: 17] انحنوا أمامه “bowed down before him”
في الحقيقة فمن غير المستغرب في الكتاب المقدس أن نجد الناس "تسجد" لأنبياء الله. فعلى سبيل المثال نجد الملك الوثني نبوخذنصر قد "سجد" للنبي دانيال في العدد:
فوَقَعَ المَلِكُ نَبوخذنَصَّرُ على وجهِهِ ساجدًا لدانيالَ وأمرَ لَه بِتَقدِمَةٍ وذبيحَةِ رِضًى. وقالَ المَلِكُ لدانيالَ: ((إلهُكُم هوَ إلهُ الآلِهَةِ حقُا وربُّ المُلوكِ، لأنَّكَ قَدِرتَ أنْ تكشِفَ هذا السِّرَّ)). وأكرَمَ المَلِكُ دانيالَ، فوَهَبَهُ هدايا كثيرةً، وسَلَّطَهُ على كُلِّ إقليمِ بابِلَ، وجعَلَهُ على الدَّوامِ سيِّدَ حُكَّامِها جميعًا.
الكتاب المقدس – دانيال 2: 46-48
إن هذا النص يصف "جثوّ أحدهم على الأرض" أو "احناء رأسه على الأرض" تعبيراً عن الاحترام و التبجيل، تماماً كما وصفت الأعداد أعلاه سجود التبجيل لنبي الله عيسى (عليه السلام). إن هذا لا يعني أن الملك كان يصلي للنبي دانيال (عليه السلام). عندما يقرأ الناس وصفاً مماثلاً لأناس "ينكبون على الأرض" أمام النبي عيسى (عليه السلام) فإنهم يصرون دون تردد أن عيسى (عليه السلام) لابد و أن يكون هو الله لأنه تقبّل "صلاتهم" له و لم يعترض عليها. و من ناحية أخرى فإننا نجد هنا مثالاٍ عن نيبي آخر من عند الله (لم يعترض) على (سجود) الآخرين له. فهل هذا يعني أيضاً أن النبي دانيال هو الله أيضاً؟ الجواب واضح بالنفي. يجب علينا أن نأخذ بالكتاب المقدس كوحدة أدبية كاملة ثم نطبق معياراً ثابتاً على كل الحالات لغرض الوصول إلى المعنى الحقيقي لكلماته.
مرة أخرى فإن مثل هذا التلاعب الرهيب في الترجمات بهدف دفع القارئ للتبني المسبق لمعتقد ما قد كشفه الله تعالى في القرآن الكريم:
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنـدِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّـهِ الْكَذِبَ وَهـُمْ يَعْلَمُونَ (78)
القرآن الكريم – آل عمران
سأكتفي بهذا القدر من التعليق ، على أمل أن أكمل ذلك في وقت لاحق بإذن الله، فتقبلي مني تلك الكلمات بصدر رحب.
بارك الله فيك و فينا إن شاء الله و هدانا جميعاً إلى صراطه المستقيم – آمين.
-------------------
الرد /2/
أقتبس عن كلامك:
((أما لماذا المسيح يقول أنا جئت من أبي ، فالجواب بين يديك ، ابنك بالاستنساخ ألم يأت منك ، من خليتك ، وهو مطابق لجسمك ، ودمك ، وخلاياك ، ولكن دون ممارسة جنسية ، طبعا سيقول لك أبي))
إن قول المسيح لله أنه أباه لا يعني أبداً الأبوة الحقيقية التي كنت ترمين إليها في مثالك ..
حسنٌ، و كيف يخاطب المسيحيون الله؟ ماذا يخبرنا عيسى في هذا الشأن؟ لنقرأ ذلك:
فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الّذي في السَّماواتِ.
الكتاب المقدس – متى 5: 45
فكونوا أنتُم كاملينَ، كما أنَّ أباكُمُ السَّماويَّ كامِلٌ.
الكتاب المقدس – متى 5: 48
((وأنا أتَقبَّلُكُم وأكونُ لكُم أبًا وتكونونَ لي بَنينَ وبَناتٍ)) يَقولُ الرَّبُّ القَديرُ.
الكتاب المقدس – رسالة كورنثوس الثانية 6: 17-18
هنالك أعداد لا تحصى في الكتاب المقدس تشير إلى ذلك. و لكي نستوعب المقصود بكلمة "الآب" ما علينا إلا قراءة العدد التالي:
فقالَ لهُم يَسوعُ: ((لَو كانَ اللهُ أباكُم لأحبَبتُموني. لأنِّي خَرَجتُ وجِئتُ مِنْ عِندِ اللهِ، وما جِئْتُ مِنْ تِلقاءِ ذاتي، بل هوَ الّذي أرسَلَني))
الكتاب المقدس – يوحنا 8: 42
إذاً حب الله و رسله هو ما يجعل من الله "أباً" لأحدهم. نقرأ بالمثل:
فأنتُم أولادُ أبـيكُم إبليسَ، وتُريدونَ أنْ تَتَّبِعوا رَغَباتِ أبـيكُم
الكتاب المقدس – يوحنا 8: 44
من الواضح أن كلاً من الله و إبليس ليس أباً فعلياً لأي منهم. إن كلمة "الآب" المستخدمة من قبل اليهود في ذلك الوقت تحمل نفس المعنى المستخدم من قبل المسيحيين للإشارة إلى القسيس. لا يقصد منها المعنى الحرفي للكلمة، و إلا لكان الكتاب المقدس يشهد بأن كل مؤمن بعيسى (عليه السلام) هو أيضاً ابناً فعلياً لله.
لاحظي أيضاً بأن يوسف سُمّي "أباً" لفرعون في العدد [سفر التكوين 45: 8 - فالآن لم تُرسِلوني أَنتُم إِلى ههُنا، بَلِ اللهُ أَرسَلَني وهو قد صَيَّرَني كأَبٍ لِفِرعَون] كما أن أيوب سُمّي "أباً" للمساكين في العدد [سفر أيوب 29: 16 - وكُنتُ أَبًا لِلمساكين]. عندما نقرأ كل هذا نفهم كيف أن اليهود كانوا يشيرون إلى الله العلي بكلمة "الآب".
--------------------
أقتبس عن كلامك:
((ولماذا يقول المسيح أنا هو الله ، لأن ما الفرق بين خليتك وخلية ابنك المستنسخ !!؟؟))
في إحدى مناظرات الشيخ أحمد ديدات مع القس ستانلي شوبرخ ، تحدى الشيخ الجمهور و الموجودين بمن فيهم القسيس نفسه أن يجدوا عدداً يقول فيه عيسى بصراحة و بكل وضوح أنه هو الله أو يقول لهم أعبدوني بنص لا يقبل التأويل من الكتاب المقدس على أن يتم تعميده في تلك الليلة، و زاد التحدي على طول المناظرة فوضع عنقه تحت المقصلة إن وجد أحدهم نصاً من الكتاب المقدس يقول فيه على لسان عيسى أنه الله!!
فيا عزيزتي ماغي ، إن كنت وجدت مثل هذا النص فلا تبخلي على المسلمين طول الشقاء و الدراسة و اقبلي تعميدي على يديك فور عودتي إلى سوريا ..
ابحثي في طول الكتاب المقدس و عرضه فلن تجدي نصاً واحداً يقول فيه المسيح: أنا الله أو اعبدوني!
---------------------
أقتبس عن كلامك:
((كذلك ما الفرق بين الله وروح الله !!؟؟ وما الفرق بين الله وكلمة الله !!؟؟ كلها تدل على أنها الله الواحد الأحد .... كلمة الله تخرج من فم الله ولا تخرج من فم إنسان آخر ...))
هنالك فرق كبير من الله و روح الله ، و بين الله و كلمة الله ! فبالإضافة إلى كونها ألقاب كما بينت و شرحت لك في التعليق رقم /1/ من هذه الدراسة، فهل كون الابن هو كلمة الله المتجسدة في شخص يسوع المسيح أن الله أصبح بلا كلام بعد التجسد أو أن صفة الكلام قد انتفت عنه؟ كلا! لقد كلم الله الآب يسوع المسيح عند عماده بصوت عظيم من المساء وفقاً للأناجيل قائلاً: ((هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت)). فكيف نطق الله بكلمات مع أن الكلمة كانت قد تجسدت على الأرض؟ ألا يعني أن الله لم يكن بحاجة إلى أقنوم آخر لتكون عنده هذه القدرة على الكلام؟ هاهو الآب قد تكلم دونما حاجة للأقنوم الآخر المتجسد على الأرض في جسد يسوع المسيح! خروج مثل هذه الكلمات من فم الآب مع غياب الأقنوم المتجسد، هل يعني ذلك أن أقنوم آخر قد ولد في تلك اللحظة و كلمة أخرى قد ولدت مختلفة عن أقنوم الابن (الكلمة) المتجسد في شخص يسوع المسيح؟
أرجو أن أكون قد أوضحت فكرتي...
--------------
أقتبس عن كلامك:
((عندما نفخ الله تلك الروح في العذراء ، كأنه وضع خلية حية من خلاياه فيها ، وعندما اكتملت فترة مجيء المسيح ولد ، وتربى وعاش بيننا في الجسد))
إن الكيفية التي نفخ الله فيها في رحم مريم العذراء عليها السلام هي نفس الكيفية التي ينفخ الله فيها في رحم كل امرأة قد كتب لها الحمل و الولادة، فما أرواحنا إلا نفخ من الله تعالى في أرحام أمهاتنا ، و إلا فكيف تفسرين دخول الروح إلى الجسد في بطن الأم؟ إن الله هو واهب الحياة و هو واهب الروح، فالنفخ في الأرحام لا تعني أبداً أن الله قد وضع خلية من خلاياه فيها كما تقولين..
لقد كانت زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام – سارة – عاقراً و كان زوجها شيخ كبير ، و مع ذلك فقد حملت بإذن الله بإبنها إسحق ، و جعل الله إبراهيم سبباً ظاهرياً لهذا الحمل. و لو كان إبراهيم عليه السلام هو السبب وراء هذا الحمل فكان الأولى بزوجته أن تحمل من وقت طويل. و لكن الله قد نفخ في رحم زوجته سارة عليها السلام بعد أن أذن لها أن تحمل بولدها إسحق عليهم السلام جميعاً. و الأمثلة على ذلك كثير.
-----------------------------
أقتبس عن قولك:
((ولكن لا يعني أن السماء والعالم كانا فارغين عندما كان المسيح في بطن العذراء أو عندما كان بيننا أي الله على الأرض ، كيف !!؟؟ حسنا ، عندما نأخذ منك خلية ، ونزرعها في رحم إمرأة ، هل هذا يعني انك أصبحت مقيد !!؟؟ أنت لست مقيد ... يمكنك السفر .. العمل ... الذهاب ... النوم .. ولكن خليتك مزروعة في المرأة .... فما بالك الله القادر على كل شيء ،،،، كذلك الله عندما زرع خليته الحية في العذراء لم يكن محدودا ، إنما كان في السماء وكان أيضا معنا على الأرض ، وكان في بطن العذراء ، وكان ولا يزال في القارات السبع وفي كل بيت ومع كل إنسان ، وكان ولا زال في كل مكان .. الله ليس محدود كالانسان ، نحن لا نستطيع أن نتواجد في مكانين مختلفين وبنفس الوقت ولكن الله على كل شيء قدير ...))
إن مثل هذا التشبيه يدفعني للقول بأن الله عندما زرع خلية من خلاياه كما تقولين، فإنه بذلك قد أخذ جزء منه و أودعه في رحم مريم عليها السلام. و هنا أسألك : و هل الله يتجزأ؟ كلا إن الله واحد لا يتجزأ فكيف تضربين المثل بذلك و كأن الله قد أودع جزء صغير منه في رحم مريم عليها السلام لينمو و يكبر في أحشائها و يخرج مولوداً صغيراً من بعد أن كان جزءً صغيراً من الله ؟ هل أوضحت لك الخطأ الذي وقعت فيه في مثل هذا التشبيه؟
إن المسيحيين و المسلمين يتفقون بأن الله غير محدود بزمان أو مكان ، و هو معنا أينما كنا .. و لكن هنالك فرق كبير بين القولين..
يقول المسيحيون أن الله هو معنا بذاته و جوهره على الأرض و في السماء و في أي مكان ، و بذلك فإنهم قد حدوا الله العلي بالكون المكون من الزمان و المكان كأحد أبعاده الأساسية ، و الله منزه عن الزمان و المكان.. و بناء على هذا القول ، فهل نفهم أن الله موجود أيضاً في دورات المياه؟ كلا ! تعالى الله عن ذلك ..
أما المسلمون فإن لهم قول مختلف هو أقرب للعقل و أكثر تبجيلاً لله و توقيراً له.. فنحن نقول الله غير محدود بالكون و الزمان و المكان ، فهو بذاته و جوهره خارج نطاق هذا الكون ، و لكنه معنا أينما كنا بعلمه السابق للخلق، فالله منزه أن يكون محدوداً بأبعاد الزمان و المكان الموجودين في الكون . يؤمن المسلمون أن الله قد خلق سبع سماوات طباقاً ، أي كل سماء طبقة فوق السماء الأخرى ، أما الله فإنه خارج هذا الكون المتغير المحدود بالزمان و المكان، حيث ينتفي الزمان و المكان و يبقى مفهوم الأزلية خارج نطاق هذا الكون .. هذا هو مفهومنا عن الله و وجوده معنا.
------------------------------
أقتبس عن كلامك:
((أما أن تسأل لماذا الله جاء بالجسد ، لأنها مشيئته))
إن مثل هذا الكلام لا نجده في الكتاب المقدس، إي لا نجد عدداً صريحاُ يقول أن الله قد تجسد في جسد يسوع المسيح، و إلا فأرجو أن تأتيني بالعدد الذي يقول ذلك لنقوم بدراسته سوياً ..
------------------------
أقتبس عن كلامك:
((إذاً المسيح هو .. ابن الإنسان ... أيضا لأنه لم ينكر أمه تلك الانسانة العذراء التي ولدته))
بل أقول لك : إن المسيح أنكر أمه أمام الناس المحتشدين ضارباً مثلاً لا يحتذى به في الأناجيل عن بر الوالدين و ذلك في الأعداد من إنجيل متى 12: 46-50
وبَينَما يَسوعُ يُكلِّمُ الجُموعَ، جاءَتْ أمُّهُ وإخوَتُهُ ووقَفوا في خارِجِ الدّارِ يَطلُبونَ أن يُكلِّموهُ. فقالَ لَه أحَدُ الحاضِرينَ: ((أُمُّكَ وإخوتُكَ واقفونَ في خارجِ الدّارِ يُريدونَ أنْ يُكلِّموكَ)). فأجابَهُ يَسوعُ: ((مَنْ هيَ أُمّي، ومَنْ هُمْ إخْوَتي؟)) وأشارَ بـيدِهِ إلى تلاميذِهِ وقالَ: ((هؤُلاءِ هُمْ أُمّي وإخوَتي. لأنَّ مَنْ يعمَلُ بمشيئةِ أبـي الّذي في السَّماواتِ هوَ أخي وأُختي وأُمّي.))
نحن المسلمون ننزه المسيح عن مخاطبة أمه بهذا الأسلوب ، بل القرآن يقول عنه أنه كان باراً بأمه و لم يكن جباراً شقياً ..
------------
أقتبس عن كلامك:
((هل تستطيع أن تنفي قدوم الله بالجسد !!؟؟))
نعم ، فلا العقل يقبل هذا التجسد ولا يليق بالله أن يتجسد في بشر ، ولا نص في الكتاب المقدس يؤيد مثل هذا التجسد، و إلا فأتيني بالنص لنقوم بدراسته سوياً كما وعدتك
بارك الله فيك و في جهدك و جعل الهداية في قلوبنا جميعاً – آمين
أستودعك الله و قد انتهيت من التعليق على هذه الدراسة .. أرجو ألا يفسد الحوار للود قضية بيننا ، ففي النهاية الله يحكم بيننا و لم يكن ليجعل بشراً حكماً بين الناس في الحياة الآخرة.. فالحمد لله على عدل الله و رحمته.
و السلام عليك و على رسل الله أجمعين
المثال:
الاستنساخ
لكي نقرب العقيدة المسيحية للعقل البشري الذي لا يستطيع فهم بنوة لله يجب أن نعرف ما هو الاستنساخ ، هو نسخة طبق الأصل ( صورة مطابقة للأصل ) ، خلية حية مأخوذة من خلايا جسمك ، تزرع في رحم ما دون اللجوء لأي طريقة جنسية ، ولا يأخذ حيوان منوي من الرجل ، وبذلك يكون المولود صورة طبق الأصل عنك أنت ، في الخلايا ، في التركيب ، في الجينات ، في الصيغة الدموية ، في الشكل ، وبذلك يكون لك ابن من دون ممارسة جنسية مع امرأة ، ولكنه ابنك .. وأنت أباه ... وهي أمه .. وهو أنت أيضا .. هل تنكر ذلك وهو أيضا أنت لأنه خليتك وشكلك ودمك وجيناتك وكل شيء فيك ، لا يمكن أن يميز بينك وبينه إنسان ، كذلك المسيح هو صورة الله ، الله نفخ في العذراء بقدرته الكبيرة ( زرع خلية من خلاياه فيها ) ، من منا رأى الله !!؟؟ لا أحد رأى الله ولكن المسيح هو صورة الله ، المسيح خبر لنا عن شكل الله ... وأراد أن يأتي إلى عالمنا بشكل إنسان ، يماثلنا في الشرب والأكل والحياة ولكنه طاهر ، وقوي ، وقادر ،، جاء ليوصل لنا رسالة سماوية ، جاء من أجل العمل الفدائي والكفارة لكي يبعد عنا الخطية التي ارتكباها آدم وحواء .. جاء من الروح القدس وحملت به عذراء نقية طاهرة ، هذا الإنسان كان المسيح ، ُحبلت العذراء من الروح القدس أي الله ، وولدت المسيح الذي هو الله في الجسد ، مماثل ومطابق لله في كل شيء ، وأن المسيح هو شكل الله وجسد الله وكلمة الله وعقل الله وروح الله ، وقوة الله وهو الله، يعني المسيح والله طبيعة واحدة وخلية واحدة، ولكن الله غير منظور والمسيح منظور الذي تجسد على شكل إنسان..... إذا النتيجة هي واحد : ألآب والابن والروح القدس هي إله واحد ...
ألآب = الله الغير منظور
الابن = الله المنظور = المسيح
الروح القدس = الله روح الله + روح الجسد = روح واحدة
إذا الله هو واحد.... ومن هنا نستخلص أن المسيح له طبيعة الله ، لذلك كان المسيح يقيم الموتى ، ويشفي المرضى ، وأبرأ الأكمة ( الأعمى منذ الولادة) وغفر خطايا الخطاة .... لأنه هو الله ، والله فيه ، يعني خلية واحدة .... غفر الخطايا ، وقبل السجود من الساجدين له ...
أما لماذا المسيح يقول أنا جئت من أبي ، فالجواب بين يديك ، ابنك بالاستنساخ ألم يأت منك ، من خليتك ، وهو مطابق لجسمك ، ودمك ، وخلاياك ، ولكن دون ممارسة جنسية ، طبعا سيقول لك أبي ، ولماذا يقول المسيح أنا هو الله ، لأن ما الفرق بين خليتك وخلية ابنك المستنسخ !!؟؟ أولست أنت فيه وهو فيك ..... ما الفرق بين الله وخلية الله !!؟؟ كذلك ما الفرق بين الله وروح الله !!؟؟ وما الفرق بين الله وكلمة الله !!؟؟ كلها تدل على أنها الله الواحد الأحد .... كلمة الله تخرج من فم الله ولا تخرج من فم إنسان آخر ...
عندما نفخ الله تلك الروح في العذراء ، كأنه وضع خلية حية من خلاياه فيها ، وعندما اكتملت فترة مجيء المسيح ولد ، وتربى وعاش بيننا في الجسد ، ولكن لا يعني أن السماء والعالم كانا فارغين عندما كان المسيح في بطن العذراء أو عندما كان بيننا أي الله على الأرض ، كيف !!؟؟
حسنا ، عندما نأخذ منك خلية ، ونزرعها في رحم إمرأة ، هل هذا يعني انك أصبحت مقيد !!؟؟ أنت لست مقيد ... يمكنك السفر .. العمل ... الذهاب ... النوم .. ولكن خليتك مزروعة في المرأة .... فما بالك الله القادر على كل شيء ،،،، كذلك الله عندما زرع خليته الحية في العذراء لم يكن محدودا ، إنما كان في السماء وكان أيضا معنا على الأرض ، وكان في بطن العذراء ، وكان ولا يزال في القارات السبع وفي كل بيت ومع كل إنسان ، وكان ولا زال في كل مكان .. الله ليس محدود كالانسان ، نحن لا نستطيع أن نتواجد في مكانين مختلفين وبنفس الوقت ولكن الله على كل شيء قدير ...
الاستنساخ ليست عملية محرمة ، والله فتح أعين العلماء لكي تتقرب الفكرة لكثيرين ممن يجدوا صعوبة في فهم التجسد ....
أما أن تسأل لماذا الله جاء بالجسد ، لأنها مشيئته ، كما له مشيئة في السماء فله مشيئة في الأرض ، هل تستطيع أن تسأل الله من أين جاء وما هو أصله وكيف وجد !!؟؟
الله كبير وعلى كل شيء قدير .... فلا تتعجب من مجيئه للأرض..... جاء لأرضنا لأنه يحبك ، ويريد خلاصك من خطاياك وآثامك ... وكل من ينكر المسيح بأنه الله ، المسيح لن يتعرف عليه يوم الحساب .... فما الفرق بين خلية المسيح وخلية الله ، أليس واحد .. إذاً المسيح هو الله ..... وابن الله ... وابن الإنسان ... أيضا لأنه لم ينكر أمه تلك الانسانة العذراء التي ولدته ... تلك الانسانة الرقيقة الطاهرة الوديعة .... الله حكيم وعادل ومحب ووديع .. وهو على كل شيء قدير ، هل تستطيع أن تنفي قدوم الله بالجسد !!؟؟ قل له بنفسك عرفني طرقك يا رب ... الرب يبارك حياتك
================================================== ============================
الرد /1/
السيدة الفاضلة ##
السلام عليك و على رسل الله جميعاً ..
مثالك الذي قدمته لي بصراحة جميل جداً ، و محاولة جيدة لإيضاح التثليث و التجسد و ما إلى ذلك من عقائد الديانة المسيحية.
و لكن بصراحة أكثر هنالك من العيوب الخطيرة في هذا المثال الذي قد لا يجدها القارئ العادي غير الدارس من أصدقائك المسلمين أو غير المسلمين ، أو حتى قد لا تكونين انتبهتي إليها نفسك.
نحن كمسلمين نؤمن بالميلاد المعجز لعيسى عليه السلام - أو يسوع كما يسميه إنجيل العربية - دونما تدخل بشري، و نؤمن بأن الله أجرى المعجزات على يديه بإذنه، و أنه شفى المريض و الأكمه و الأبرص بإذن الله ، و أنه أحيى الميت بإذن الله ، و أنه صنع من الطين كهيئة الطير فصار طيراً بإذن الله .. هذا لا خلاف عليه بيننا و بينكم .
فالله ليس بحاجة لحيوان منوي أو خلية ليقوم بمعجزاته، و أكبر دليل على ذلك هو خلق آدم أب البشرية . حيث خلقه بلا أب و لا أم .. فخلق آدم في الحقيقة أكثر إعجازاً و صعوبة من خلق عيسى أو يسوع عليه السلام مع أن الإثنين هين عند الله، فلا نقاش في ذلك.
في مثالك السابق عن الاستنساح وقعت في مغالطة كبيرة:
أول هذه الأخطاء، و هي خارج الموضوع، عبارة عن خطأ علمي .. ذلك أن الخلية لا تزرع في رحم المرأة عند الاستنساخ، بل يقوم العلماء بأخذ بيضة ملقحة (حيوان منوي من الرجل أياً كان و بيضة من المرأة) ثم يقومون بتخريب نواة هذه الخلية الأولى للإنسان و زرع نواة الخلية المأخوذة عن الرجل المستنسخ عنه، لتنمو هذه البيضة الملقحة بأعضاء الخلية الأولى - سيتوبلاسما و ما إلى ذلك - و نواة الخلية المأخوذة عن المستنسخ منه.. و بعد ذلك يزرعونها في رحم المرأة لتبدأ بالتكاثر على أنها بيضة ملقحة.
كل ذلك خارج عن الموضوع الأصلي و إنما هو تصحيح لبعض المعلومات العلمية لا غير.
الخطأ الآخر الذي وقعت فيه في مثالك:
عندما يقوم أحد بالاستنساخ عني فإنه بذلك يستنسخ شخصاً آخر غيري - دوني - لا يساويني - و لسنا واحداً - و لا نشكل كينونة واحدة. ولو أن هذه المستنسخ يشبهني بكل تفاصيلي الجسدية ، إلا أنه ليس أنا .. قد يكون جيد الطباع أو سيئ الطباع .. فهل لو قام هذا المستنسخ بفعل جريمة أعاقب بدلاً عنه ؟ بالطبع لا.. فأنا أنا و هو هو و لسنا واحداً على الإطلاق .. فلا يخضع هذا المستنسخ ضمن إرداتي و مشيئتي لأنه مختلف عني ، والعكس صحيح. فلن يقول أحد عن هذا المسخ أنه وائل – إن كان على علم بالأمر ولم يختلط عليه الشبه الكبير لجهل – و لن أجرؤ على القول مثلاً: أنا و المسخ واحد، فإذهب أيها المسخ و عاشر زوجتي بدلاً عني! لو قام زوجك المستقبلي على سبيل المثال باستنساخ بشر عنه فهل سترضين مثلاً أن يعاشرك بدلاً عن زوجك؟ إن مجرد رفضك لمثل هذا العمل يبين لك الخطأ الذي وقعتي فيه في مثالك هذا.
----------------------------
أقتبس من كلامك:
((كذلك المسيح هو صورة الله ، الله نفخ في العذراء بقدرته الكبيرة ( زرع خلية من خلاياه فيها ) ، من منا رأى الله !!؟؟ لا أحد رأى الله ولكن المسيح هو صورة الله ، المسيح خبر لنا عن شكل الله))
إن مجرد كون المسيح هو صورة الله لا يجعل من المسيح إلهاً مع الله أو الله نفسه. ذلك أن الكتاب المقدس ينفي ذلك فيقول:
فخلَقَ اللهُ الإنسانَ على صورَتِه، على صورةِ اللهِ خلَقَ البشَرَ، ذَكَرًا وأُنثى خلَقَهُم.
الكتاب المقدس – التكوين 1: 27
مع تسجيل اعتراض المسلمين على هذا القول ، فالله في الإسلام ليس كمثله شيء.
في إحدى المناظرات للشيخ أحمد ديدات رحمه الله يقول للقس جيمي سواغارت ما معناه: عندما يُذكر الآب فإن الناس يتخيلون ذلك الشيخ الكبير الجالس على كرسي عرشه جاعلاً الأرض أسفل قدميه، و عندما يُذكر الإبن فإنهم يتخيلون ذلك الشاب الوسيم ذو الملامح الأوروبية و الأنف المعكوف ذو الشعر الأشقر المنسدل على الكتقين كما هو حال أبطال هوليوود، و عندما يُذكرالروح القدس فإنهم يتخيلون تلك الحمامة البيضاء التي نزلت على المسيح عند العماد، و مهما حاولو دمج هذه الصور الثلاثة في أذهانهم فإنهم يفشلون . و لكن عندما تسألهم كم صورة ترون يكذبون علينا و على أنفسهم و يقولون: صورة واحدة لإله واحد!
------------------------
أقتبس عن كلامك:
((جاء ليوصل لنا رسالة سماوية))
أقول بأن الله ليس بحاجة لينزل بنفسه إلى الأرض ليوصل لنا هذه الرسالة السماوية، فلهذا كان يرسل لنا الرسل و الأنبياء لتوصيل رسالته إلينا و أيدهم بالمعجزات الكثيرة الدالة على صدق رسالتهم و نبوءتهم .. و إلا فلماذا انتظر الله آلاف السنين منذ زمن آدم إلى زمن المسيح لكي يتجسد في شخص المسيح ليضرب و يهان و يستهزء به و يعذب و يقتل بعد ذلك كفارة عن عمل هو أقدر القادرين على غفرانه دونما حاجة لمثل ذلك؟ وفق للعقيدة المسيحية فإن الله ترك آلاف الناس و الأجيال تلو الأجيال تعيش و تموت ليأتي إلى الأرض بعد ذلك في هيئة بشر فيكفر عنهم خطيئة أمام الله .. الله نزل إلى الأرض ليكفر الخطيئة أمام نفسه؟ لماذا كل هذا؟
بالنسبة لرواية الأناجيل عن معجزة ولادة المسيح ، فلنا فيها وقفة لاحقة تبين لك مدى خطورة هذه الرواية.. سأتركها لوقت لاحق بإذن الله.
--------------------
أقتبس عن كلامك:
((حبلت العذراء من الروح القدس أي الله))
لن أطلب منك الكثير ، فجل ما أريده أن تأتيني بنص واحد من الكتاب المقدس يقول صراحة: الروح القدس هو الله !
أقتبس عن كلامك:
((وولدت المسيح الذي هو الله في الجسد))
أيضاً أطلب منك النص الواضح الذي يقول أن المسيح هو الله في الجسد
--------------------------
أقتبس عنك:
((وولدت المسيح الذي هو.. كلمة الله))
كل أنبياء الله هم "أخلّـاء الله" إلا أن النبي إبراهيم وحده الذي تلقّى هذا اللقب كإشارة رسمية إلى شخصه "خليل الله" كما في العدد [يعقوب 2: 23 - آمَنَ إبراهيمُ باللهِ فبَرَّرَهُ اللهُ لإيمانِهِ ودُعيَ خليلَ الله].
في الحقيقة، فإن المسلمين يشيرون وفقاً لعقيدتهم إلى النبي إبراهيم على أنه "خليل الله" و إلى النبي موسى على أنه "كليم الله". إلا أن كون النبي إبراهيم هو "خليل الله" لا يعني أبداً أن باقي الأنبياء هم "أعداء الله".
و بالمثل، فإن كون عيسى (عليه السلام) هو "كلمةٌ" من الله و "روحٌ" منه فإن ذلك لا يعني بأنه "جزءٌ" من الله، وأن هذه الإشارة حصرية لشخصه. فمثلاً نقرأ في القرآن الكريم:
فَإِذَا سَوَّيْتُهُ (آدم) وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29)
القرآن الكريم – الحجر
إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ (40)
القرآن الكريم - النحل
لكي أوضح مثل هذه المصطلحات، لنأخذ مثالاً عن المصطلح "بيت الله" أو "بيتي" كما هو موجود في الكتاب المقدس العدد [أخبار الأيام الأول 9: 11] و القرآن الكريم في الآية [البقرة 2: 125]. إذا كان الله غير محدود ببيت أو موقع محددين – وهذا ما يوافق عليه كلاً من المسلمين و المسيحيين – فماذا نعني بكلمة "بيت الله"؟ إن كل بيت على وجه الأرض هي ملك لله و لكننا لا نقول عن نوادي الخمر و الدعارى أنها "بيوت الله" بل نقول أن دور العبادة هي "بيوت الله". إن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة بأن الله يظهر استحسانه على هذه البيوت بأن يُشركها مع اسمه. إن الله يهب هذه الألقاب لهؤلاء الذين يود أن يمنحهم استحسانه من بين كل خلائقه بموجب التقوى و العبادة الخالصة لله تعالى من خلال مخلوقاته. إن جهد عيسى (عليه السلام) المتفاني في العبادة و تقواه لخالقه هو سبب مكافأته بمنحه لقب روح الله و كلمته.
و بالمثل، فإن الإشارة إلى عيسى بأنه "كلمة" من الله لا يعني أبداً أن عيسى هو "جزء" من الله. فعلى سبيل المثال في أمكنة كثيرة من الكتاب المقدس يشير فيها الله إلى "كلمته – أمره" كما في العدد:
يُضَمُّ هَارُونُ إِلى قَوْمِهِ لأَنَّهُ لا يَدْخُلُ الأَرْضَ التِي أَعْطَيْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيل لأَنَّكُمْ عَصَيْتُمْ قَوْلِي عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةَ.
الكتاب المقدس – سفر العدد 20: 24
“Aaron shall be gathered unto his people: for he shall not enter into the land which I have given unto the children of Israel, because ye rebelled against my word at the water of Meribah.”
((وضعت النص كما هو في نسخة الملك جيمس للمزيد من الشرح حول المقصود بـ: الكلمة))
هل "قولي – my word" هنا تعني "عيسى"؟ هنالك أمثلة أخرى لا تحصى.
------------------
أقتبس عن كلامك:
((ومن هنا نستخلص أن المسيح له طبيعة الله ، لذلك كان المسيح يقيم الموتى ، ويشفي المرضى ، وأبرأ الأكمه))
إن المعجزات التي أجراها عيسى عليه السلام لم تكن أبداً دليل ألوهية له، فماذا عن حزقيال الذي قيل أنه أحيا جثثاً أكثر بكثير مما أحياه عيسى في كل حياته؟ يقال أن حزقيال قد أحيا مدينة بكاملها من الموت:
وحلَّت عليَ يَدُ الرّبِّ، فأخرَجني بالرُّوحِ ووضعَني في وسَطِ الوادي وهوَ مُمتلِئِّ عِظامًا وقادني بَينَ العِظامِ وحَولَها، فإذا هيَ كثيرةٌ جدُا على أرضِ الوادي ويابسةٌ تمامًا. فقالَ لي: ((يا اَبنَ البشَرِ أتعودُ هذِهِ العِظامُ إلى الحياةِ؟)) فقُلتُ: ((أيَّها السَّيِّدُ الرّبُّ أنتَ وحدَكَ تعلَمُ)). فقالَ لي: ((تنبَّأْ على هذِهِ العِظامِ وقُلْ لها: أيَّتُها العِظامُ اليابسةُ إِسمعي كلِمةَ الرّبِّ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ لهذِهِ العِظامِ: سأُدخلُ فيكِ روحًا فتَحيينَ. أجعَلُ علَيكِ عصَبًا وأكسيكِ لَحمًا وأبسُطُ علَيكِ جلدًا وأنفخُ فيكِ روحًا، فتحيَينَ وتعلمينَ أنِّي أنا هوَ الرّبُّ)).فتنبَّأتُ كما أُمِرتُ. وبَينَما كُنتُ أتنبَّأُ سمِعتُ بخشخشةٍ، فإذا العِظامُ تتقاربُ، كُلُّ عَظْمةٍ إلى عَظْمةٍ. ورَأيتُ العَصبَ واللَّحمَ علَيها، والجلدَ فَوقَها، وما كانَ فيها روحٌ بَعدُ. فقالَ الرّبُّ لي: ((تنبَّأْ للرُّوحِ، تنبَّأْ يا اَبنَ البشَرِ، وقُلْ للرُّوحِ: هكذا قالَ السَّيِّدُ الرّبُّ: تعالَ أيَّها الرُّوحُ مِنَ الرِّياحِ الأَربعِ وهُبَ في هؤلاءِ الموتى فيَحيَوا)). فتنبَّأتُ كما أمرَني، فدخلَ فيهِمِ الرُّوحُ فحيَوا وقاموا على أرجلِهِم جيشًا عظيمًا جداً.
الكتاب المقدس – حزقيال 37: 1-11
إذا كنا بصدد البحث عن السلطات و المعجزات كدليل على الألوهية، فماذا عن يشوع الذي قيل أنه أوقف الشمس و القمر لمدة يوم كامل. هل يمكن لأحد أن يفعل هذا إلا الله العلي؟ :
ثُمَ كلَّمَ يَشوعُ الرّبَّ يومَ سلَّمَ الرّبُّ الأموريِّينَ إلى بَني إِسرائيلَ، فقالَ على مشهَدٍ مِنْ بَني إِسرائيلَ: ((يا شمسُ قِفي على جبعونَ وعلى وادي أيلُونَ اَثبُتْ يا قمرُ)).فتَوقَّفَتِ الشَّمسُ وثبَتَ القمرُ إلى أنِ اَنتَقَمَ الشَّعبُ مِنْ أعدائِهِم، وذلِكَ مكتوبٌ في كتابِ ياشَرَ. فتَوقَّفَتِ الشَّمسُ في أعلى السَّماءِ ولم تَغِبْ مُدَّةَ يومِ كامِلٍ.
الكتاب المقدس – يشوع 10: 12-13
كما أن أليشع قيل أنه أحيا الموتى، أحيا نفسه، شفى أبرص، أطعم مائة شخص بعشرين رغيف شعير و حبات ذرة قليلة، و شفى رجلاً أعمى:
* ثُمَ قامَ وتمَشَّى في الغُرفَةِ، ذهابًا وإيابًا، وصَعِدَ السَّريرَ وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ فعَطَسَ الصَّبيُّ سَبعَ مرَّاتٍ وفتَحَ عينَيهِ.[الكتاب المقدس – الملوك الثاني 4: 35]
* وفي ذلِكَ الحينِ كانَ بَعضُ الإسرائيليِّينَ يَقبِرونَ مَيْتًا، فلمَّا رأوا الغُزاةَ رمَوا المَيْتَ في قبرِ أليشَعَ وهرَبوا. فلمَّا مَسَ عِظامَ أليشَعَ عاشَ وقامَ على قدَمَيهِ. [الكتاب المقدس–الملوك الثاني 13: 21]
* فنَزَلَ نُعمانُ إلى الأردُنِّ، وفي مائِهِ غطَسَ سَبعَ مرَّاتٍ، كما قالَ رَجلُ اللهِ، فتَعافى لَحمُهُ وصارَ كلَحمِ طِفلٍ وطَهُرَ. [الكتاب المقدس – الملوك الثاني 5: 14]
* فقَدَّمَ الخادِمُ لهُمُ الطَّعامَ، فأكلوا وفَضَلَ عَنهُم كما قالَ الرّبُّ.[الكتاب المقدس–الملوك الثاني 4: 44]
* وصلَّى أليشَعُ وقالَ: ((يا ربُّ فَتِّحْ عينَيهِ لِيَرى)). ففَتَحَ الرّبُّ عَينَي خادِمِ أليشَعَ فرَأى. [الكتاب المقدس – الملوك الثاني 6: 11]
و يقال أن إيليا قد أحيا الموتى و جعل قصعة دقيق و خابية من الزيت لا ينفذان لأيام عديدة :
وتمَدَّدَ على الصَّبيِّ ثَلاثَ مرَّاتٍ وصرَخ إلى الرّبِّ وقالَ: ((أيُّها الرّبُّ إلهي، لِتَعُدْ رُوحُ الصَّبيِّ إليهِ)). فاَستَجابَ الرّبُّ لَه، فعادَت روحُ الصَّبيِّ إليهِ وعاشَ.
الكتاب المقدس- الملوك الأول 17: 21-22
فالرّبُّ إلهُ إِسرائيلَ قالَ: قَصعَةُ الدَّقيقِ عِندَكِ لا تفرَغُ، وخابيَةُ الزَّيتِ لا تَنقُصُ إلى أنْ يُرسِلَ الرّبَّ مطَرًا.
الكتاب المقدس- الملوك الأول 17: 14
و ماذا عن موسى (عليه السلام) و معجزاته الكثيرة من شق البحر و تحويله العصى إلى ثعبان و الماء إلى دم و غير ذلك؟ و هلمّ جرّ.
حتى عيسى (عليه السلام) نفسه يخبرنا بأن المعجزات لا تثبت شيئاً بعينه:
فسيَظهرُ مُسَحاءُ دجّالونَ وأنبـياءُ كذّابونَ، يَصنَعونَ الآياتِ والعَجائبَ العَظيمةَ ليُضَلِّلوا، إنْ أمكَنَ، حتّى الّّذينَ اَختارَهُمُ اللهُ.
الكتاب المقدس- متى 24: 24
إذاً فحتى المسحاء الدجالون يستطيعون أن يقدموا المعجزات و العجائب العظيمة حتى أن أكثر الرجال علماً يخدع بهم.
لقد كان لعيسى بداية (و هي الولادة) و نهاية [وصرَخَ يَسوعُ مرّةً ثانيةً صَرْخَةً قَوِيَّةً وأسلَمَ الرّوحَ - متى 27: 45] إلا أن ملكيصادق قيل أنه ليس لأيامه بداية و لا لحياته نهاية ولكنه "على مثال ابن الله":
وكانَ مَلكِيصادَقُ هذا مَلِكَ ساليمَ وكاهِنَ اللهِ العليِّ، خرَجَ لِمُلاقاةِ إبراهيمَ عِندَ رُجوعِهِ بَعدَما هزَمَ المُلوكَ وباركَهُ، وأعطاهُ إبراهيمُ العُشْرَ مِنْ كُلِّ شيءٍ. وتَفسيرُ اسمِهِ أوَّلاً مَلِكُ العَدلِ، ثُمَّ مَلِكُ ساليمَ، أي مَلِكُ السَّلامِ. وهوَ لا أبَ لَه ولا أُمَّ ولا نسَبَ، ولا لأيَّامِهِ بِداءَةٌ ولا لِحياتِهِ نِهايَةٌ. ولكِنَّهُ، على مِثالِ ابنِ اللهِ، يَبقى كاهِنًا إلى الأبَدِ. فانظُروا ما أعظَمَه! إبراهيمُ نَفسُهُ، وهوَ رَئيسُ الآباءِ، أعطاهُ العُشْرَ مِنْ خِيرةِ الغَنائمِ.
الكتاب المقدس – العبرانيين 7: 1-4
يقال أن سليمان كان مع الله منذ البدء قبل كل الخليقة:
الرّبُّ اَقتناني أوَّلَ ما خلَقَ مِنْ قديمِ أعمالِهِ في الزَّمانِ. مِنَ الأزلِ صنَعَني، مِنَ البَدءِ، مِنْ قَبلِ أنْ كانتِ الأرضُ. وُجدتُ وما كانَ غَمْرٌ، ولا مياهٌ في قلبِ الينابيعِ. قَبلَ أنْ تُخلَقَ الجبالُ وقَبلَ التِّلالِ وُجدْتُ، حينَ لم تكُنْ أرضٌ ولا مياهٌ، ولا حَفنةٌ مِنْ تُرابِ الكَونِ. وكُنتُ حينَ كوَّنَ السَّماواتِ وحَوَّقَ حولَ وجهِ الغَمْرِ، وثَبَّتَ الغُيومَ في العَلاءِ وفَجرَ ينابيعَ المياهِ. وكُنتُ حينَ حَوَّطَ البحرَ فلا تَعبُرُ المياهُ حُدودَهُ، وحينَ أرسى أساساتِ الأرضِ. وكُنتُ حيالَهُ بأمانٍ، وفي بَهجةٍ يومًا بَعدَ يومِ، ضاحِكًا أمامَهُ كُلَ حينٍ، ضاحِكًا في أرضِهِ الآهلةِ، ومُبتَهجا معَ بَني البشَرِ.
الكتاب المقدس – الأمثال 8: 22-31
حسنٌ إذن، هل عيسى (عليه السلام) إله لأنه أجرى المعجزات من خلال سلطته الذاتية بينما كان الآخرون بحاجة إلى الله ليجروا هذه المعجزات؟ لنقرأ الآتي:
· فدَنا مِنهُم يَسوعُ وقالَ لهُم: ((نِلتُ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ والأرضِ)) [متى 28: 18]
· فلمَّا شاهَدَ النَّاسُ ما جرَى، خافوا ومَجِّدوا اللهَ الّذي أعطى البشَرَ مِثلَ هذا السُّلطانِ. [متى 9: 8]
· وأمَّا إذا كُنتُ بإصبعِ اللهِ أطرُدُ الشَّياطينَ، فمَلكوتُ اللهِ أقبلَ علَيكُم. [لوقا 11: 20]
· أرَيتُكُم كثيرًا مِنَ الأعمالِ الصَّالِحَةِ مِنْ عِندِ الآبِ. [يوحنا 10: 32]
· وأمّا إذا كُنتُ بِرُوحِ اللهِ أطرُدُ الشَّياطينَ، فمَلكوتُ اللهِ حَلَّ بَينَكُم. [متى 12: 28]
· أنا لا أقدِرُ أنْ أعمَلَ شيئًا مِنْ عِندي. فكما أسمَعُ مِنَ الآبِ أحكُمُ، وحُكمي عادِلٌ لأنِّي لا أطلُبُ مَشيئَتي، بل مشيئَةَ الّذي أرسَلَني. [يوحنا 5: 30]
· الأعمالُ الّتي أعمَلُها باَسمِ أبـي تَشهَدُ لي [يوحنا 10: 25]
· ... لا أعمَلُ شيئًا مِنْ عِندي ولا أقولُ إلاَ ما عَلَّمَني الآبُ. والآبُ الّذي أرسَلَني هوَ مَعي وما تَركني وَحدي، لأنِّي في كُلِّ حينٍ أعمَلُ ما يُرضيهِ. [يوحنا 8: 28-29]
· يا بَني إِسرائيلَ اَسمَعوا هذا الكلامَ: كانَ يَسوعُ النـاصِريُّ رَجُلاً أيَّدَهُ اللهُ بَينكُم بِما أجرى على يَدِهِ مِنَ العجائِبِ والمُعجِزاتِ والآياتِ كما أنتُم تَعرِفونَ. [أعمال الرسل 2: 22]
فنحن نرى أنه حتى الحواري بطرس (الملقب بالصخرة) شهد على الملأ بعد سنوات من رحيل عيسى بأنه – أي عيسى – كان "رجلاً" و ليس "الله أو ابن الله الذي أجرى المعجزات بقدرته الذاتية". ثم أكمل ليتأكد من عدم إضلال الناس بمعجزات عيسى ليظنوا بأنه كان أكثر من مجرد إنسان، و ذلك بتأكيده بأنه لم يكن عيسى الذي يقوم بالمعجزات بل كان حاله كحال الكثير من الأنبياء من قبله. إن الله هو الذي أجرى المعجزات و أنبياء الله هم الأدوات التي أجرى الله بها معجزاته. بعبارة أخرى، فإن النقطة التي كان بطرس يحاول إيضاحها لهؤلاء الناس هي أن يتذكروا دائماً كيف أن شق البحر لم يجعل من موسى إلهاً أو إبناً لله، و أن إحياء الموتى لم يجعل من أليشع إلهاً أو إبناً لله، فكذلك يجب أن يكون الحال مع عيسى.
ماذا كان الهدف من وراء هذه المعجزات؟ لنقرأ العدد [يوحنا 11: 42] حيث نجد أن عيسى قبل أن يقيم لعازر من الأموات أكد على نقطة كيلا تسيء فهمه الجماهير المحتشدة في الذي سيفعله و السبب الذي دفعه لذلك. نجده يصرح علناً أمام الله - و هم يستمعون – بأن حاله كحال الأنبياء السابقين و أن المعجزات التي أجريت على يديه هي لإثبات أنه مرسلٌ من عند الله و أنه كان نبياً حقيقياً:
وأنا أعرِفُ أنَّكَ تَستَجيبُ لي في كُلِّ حينٍ. ولكنِّي أقولُ هذا مِنْ أجلِ هَؤُلاءِ النـّاسِ حَولي، حتّى يُؤمِنوا أنَّكَ أنتَ أرسَلتَني.
الكتاب المقدس – يوحنا 11: 42
--------------------------
أقتبس عن كلامك:
((ومن هنا نستخلص أن المسيح له طبيعة الله ، لذلك.. غفر الخطايا))
يعلمنا الإسلام بأن المسلم يثاب على كل شدة يصبر عليها خلال حياته، و أن كل شدة يصبر عليها فإن الله يخصصها ليمحو بها خطيئة سابقة لهذا الشخص. حتى أصغر الأمور مثل وخز الإبرة فإن لها نفس المعاملة. فكم سيكون ثوابه عظيماً من صبر على الشلل! إن جزاءه يمكن أن يكون الغفران عن كل خطاياه. إن كانت المسيحية تؤمن أن غفران الخطايا دليل على الألوهية، فماذا نقول عن الملايين الكثيرة من البشر في الكهنوت المسيحي و الذين قبولوا "اعترافات" الناس بشكل علني و "غفروا لهم خطاياهم" عبر الألفي سنة الأخيرة؟ هل هم جميعاً ذريةً لله و جزءً من الثالوث المقدس؟ هل كانوا يتصلون بالله هاتفياً و يستأذنوه ليغفر لكل شخص أو كان لهم "سلطان مغفرة الخطايا"؟
في كتاب (الأناجيل الخمسة The Five Gospels) - الذي كتبه /24/ من العلماء المسيحيين من أكثر الجامعات الأمريكية و الكندية بروزاً في أيامنا – نقرأ في الصفحة 44:
"إن القصص التي تحكي عن عيسى وهو يشفي شخصاً مشلولاً موجودة في كل الأناجيل التي نقلت إلينا. إلا أن الرواية في إنجيل يوحنا [يوحنا 5: 1-9] مختلفة بشكل جوهري... إن الجدال الذي دار قد اعترض قصة الإبراء – و التي نقرأها بسلاسة لو قمنا بحذف الأعداد [مرقس 2: 5-10] – و هذا الجدال غائب فيما رواه يوحنا في إنجيله... عادةً فإن العلماء يستنبطون من ذلك – بناءً على هذا الدليل – بأن مرقس قد أضاف هذا الجدال على ما كانت عليه القصة الأصلية لمجرد الإبراء... فلو أن هذه الكلمات قد نسبت إلى عيسى، فإن العدد /10/ [سأُريكُم أنَّ اَبنَ الإنسانِ لَه سُلطانٌِ على الأرضِ ليَغفِرَ الخَطايا] يقدم لنا زعماً جريئاً و جديداً عن عيسى و الذي يخوله أن يغفر الخطايا لكل البشرية... إن الكنيسة الأولى كانت في طريقها للزعم بأن لها الحق في غفران الخطايا و أن سلطتها في ذلك أتت من عيسى مباشرة"
و من ناحية أخرى: حتى لو أهملنا كل الأدلة فإن إصرارنا على سلطان غفران الخطايا الوارد في العدد [مرقس 2: 1-12] دونما إبصار، فإن ذلك سينجم عنه إلغاء كامل مطلق لأحد أسس الإيمان المسيحي، ألا و هو الفداء. فإن كان الله قادر على أن يغفر الخطايا بهذه السهولة بمجرد أنه قال: مغفورة لك خطاياك – فكان الأولى به أن يغفر الله خطيئة آدم دونما حاجة لتجسد و ضرب و إهانة و تعذيب و صلب و قتل! أليس هذا صحيحاً؟
------------------
أقتبس عن قولك:
((وقبل السجود من الساجدين له))
بالنسبة للسجود فقد ورد في الإنجيل في عدة مواضع منها:
[يوحنا 9: 38 - قالَ: ((آمنتُ، يا سيِّدي!)) وسجَدَ لهُ]
[متى 28: 17 - فلمَّا رأوْهُ سَجَدوا لَه]
أرجو ملاحظة أن الكلمة المترجمة "سجد" في كلا العددين هي في اليونانية (prosekunesan) و المشتقة من الكلمة (pros-ku-neh'-o – بروسكونيهو). إن المعنى الحرفي لهذه الكلمة: (يقبّل، كما يلعق الكلب يد صاحبه). و بالمعنى العام فإن هذه الكلمة تعني: (ينحني – يجثو – يحبو – يركع – يُطرح على الأرض). أرجو فحص المعنى الحقيقي لهذه الكلمة في فهرس معجم سترونغ Strong. هل تقبيل يد أحدهم يماثل السجود له؟ إنها الترجمة الانتقائية يا عزيزتي:
و من ناحية أخرى، فإن العددين أعلاه من إنجيل يوحنا و إنجيل متى ليسا الوحيدين في الكتاب المقدس الذين طُبّق عليهما الترجمة الانتقائية للتأثير على القارئ في تبني معتقد محدد. فعلى سبيل المثال في "إنجيل متى" فإن ما يسمى بـ"الترجمة" الإنكليزية (حالها كحال الترجمة العربية) قد ذكرت أن عيسى قد سجد له المجوس الذين قدموا من الشرق [متى 2: 11] و رئيساً يهودياً [متى 9: 18] كما سجد له من كان في القارب [متى 9: 18] و المرأة الكنعانية [متى 15: 25] بالإضافة إلى أم يعقوب و يوحنا أبناء زبدي [متى 20: 20] و مريم المجدلية و مريم الأخرى [متى 28: 9].
و باعتبار أن السجود لغير الله خطيئة تكفر صاحبها، لذا، فإن القارئ يفهم من ذلك أن عيسى هو الله باعتبار أنه تغاضى عن "سجودهم" له. و باعتبار أن عيسى (عليه السلام) لم يقل أبداً لأحد "أعبدوني!" و لا في كل الكتاب المقدس (كما قال الله ذلك بنفسه في أماكن عدة)، لذا، و مرة أخرى يقولون أن عيسى كان "يلمح" لنا في طلبه أن نسجد له. و لكننا نرى بوضوح أن ما أراد المؤلف قوله في هذه الأعداد هو أن هؤلاء الناس قد "انكبّوا على قدمي عيسى" أو أنهم قد "جثوا أمامه".
كيف نفسر "جثوّ الناس أمام عيسى" في هذه الحالة؟ هل نفهم من هذا أنهم كانوا "يصّلون" له؟ ليس هذا أبداً. لنطلب من الكتاب المقدس أن يشرح لنا ذلك:
فلمَّا رأت أبيجايِلُ داوُدَ، نزَلَت في الحالِ عَنْ حمارِها واَنحنَت حتى الأرضِ أمامَهُ، ووقَعَت على رِجليهِ وقالت: ((عليَ يقعُ اللَّومُ يا سيِّدي، فَدَعْني أنا جاريَتكَ أتكلَّمُ على مسمَعِكَ، وأصغِ أنتَ لِكلامي))
الكتاب المقدس – صموئيل الأول 25: 23-24
عندما "جثت" أبجابيل أمام الملك داوود حتى لمس وجها الأرض، هل كانت بذلك "تسجد له أو تعبده"؟ هل كانت "تصلي" له؟ عندما قالت له ((يا سيدي my lord)) هل عنت بذلك أنه إلهٌ لها؟ و بالمثل:
فتَقَدَّمَت واَرْتَمَت على قدَمَيهِ إلى الأرضِ، وأخذَتِ اَبنَها وذهَبَت.
الكتاب المقدس – الملوك الثاني 4: 37
وجاءَ إخوتُه بِأنفُسِهِم فاَرتَمَوا بَينَ يَدَيهِ وقالوا: ((ها نحنُ عبيدٌ لكَ)).
الكتاب المقدس – التكوين 50: 18
ثُمَ عبَروا النَّهرَ ليأتوا بهِ وبأهلِهِ ويعمَلوا لَه ما يريدُ. وبَينما كانَ المَلِكُ يعبُرُ الأردُنَّ تقدَّمَ إليهِ شِمعي وركَعَ أمامَهُ.
الكتاب المقدس – صموئيل الثاني 19: 18
إن كلمة ((سَجَدَ – worship)) هي إحدى الكلمات في اللغة العربية و الإنكليزية و التي تحمل في طياتها معنىً مزدوجاً. المعنى المعروف بين الناس هو "سجود العبادة". هذا المعنى يقفز إلى الأذهان مباشرة عند قراءة هذه الكلمة. إلا أن كلمة "سَجَدَ" تحمل معنىً آخر وهو "سجود الاحترام – سجود الوقار – سجود التبجيل" (راجعي في معجم ميريام ويبستر الجامعي، الطبعة العاشرة Merriam Webster’s Collegiate Dictionary, tenth edition). إن المعنى الثاني أكثر شيوعاً في إنكلترا عليه في باقي الدول. إلا أن المعنى الأول يبقى الأكثر شيوعاً و استخداماً في أي بلد متحدث باللغة الإنكليزية أو العربية. و مع ذلك فإنه من المألوف في بريطانيا – حتى عصرنا هذا – أن تجد أناساً يعبّرون عن نبلهم بـ"السجود و الإنحناء".
و كلمة سجد في اللغة العربية تحمل معنيين أيضاً: سجود العبادة و سجود التبجيل. و دليل ذلك قوله تعالى للملائكة في سورة الحجر عند خلق آدم [فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ] و مثيل ذلك سجود أخوة يوسف عليه السلام في قوله تعالى في سورة يوسف [وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا]
لقد قام المترجمون بترجمة العدد بشكل صحيح من الناحية "الفنية"، إلا أن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة قد ضاع تماماً.
و ختاماً أقدم الدليل القاطع تبديداً لأي شكوك في النفس ، أدعوك لاقتناء نسخة من الكتاب المقدس الحديث بالإنكليزية (New English Bible) أو البحث عنه في الإنترنت حيث سنجد فيه ترجمة للأعداد المقتبسة أعلاه من إنجيل متى كالتالي:
[2: 11] انحنى إلى الأرض “bowed to the ground”.
[14: 33] انكبّ على قدميه “fell at his feet”.
[28: 9] جثى مطروحاً على الأرض أمامه “falling prostrate before him”.
[28: 17] جثى مطروحاً على الأرض أمامه “fell prostrate before him” ...إلخ
أرجو أيضاً قراءة هذه الأعداد في النسخة الكاملة للكتاب المقدس، الترجمة الأمريكيـة (The Complete Bible, an American Translation” By Edward Goodspeed and J. M. Powis Smith) من الموقع:
http://www.questia.com/PM.qst?a=o&d=82396727
و الذي ترجم الأعداد أعلاه بأمانة أيضاً:
[2: 11] ألقوا بأنفسهم على الأرض و قاموا بتجيله:
“they threw themselves down and did homage to him”
[14: 33] انكبّوا على الأرض أمامه “fell down before him”
[28: 9] ذهبتا إليه و أمسكتا بقدميه و انحنتا أمامه على الأرض:
“and they went up to him and clasped his feet and bowed to the ground before him”
[28: 17] انحنوا أمامه “bowed down before him”
في الحقيقة فمن غير المستغرب في الكتاب المقدس أن نجد الناس "تسجد" لأنبياء الله. فعلى سبيل المثال نجد الملك الوثني نبوخذنصر قد "سجد" للنبي دانيال في العدد:
فوَقَعَ المَلِكُ نَبوخذنَصَّرُ على وجهِهِ ساجدًا لدانيالَ وأمرَ لَه بِتَقدِمَةٍ وذبيحَةِ رِضًى. وقالَ المَلِكُ لدانيالَ: ((إلهُكُم هوَ إلهُ الآلِهَةِ حقُا وربُّ المُلوكِ، لأنَّكَ قَدِرتَ أنْ تكشِفَ هذا السِّرَّ)). وأكرَمَ المَلِكُ دانيالَ، فوَهَبَهُ هدايا كثيرةً، وسَلَّطَهُ على كُلِّ إقليمِ بابِلَ، وجعَلَهُ على الدَّوامِ سيِّدَ حُكَّامِها جميعًا.
الكتاب المقدس – دانيال 2: 46-48
إن هذا النص يصف "جثوّ أحدهم على الأرض" أو "احناء رأسه على الأرض" تعبيراً عن الاحترام و التبجيل، تماماً كما وصفت الأعداد أعلاه سجود التبجيل لنبي الله عيسى (عليه السلام). إن هذا لا يعني أن الملك كان يصلي للنبي دانيال (عليه السلام). عندما يقرأ الناس وصفاً مماثلاً لأناس "ينكبون على الأرض" أمام النبي عيسى (عليه السلام) فإنهم يصرون دون تردد أن عيسى (عليه السلام) لابد و أن يكون هو الله لأنه تقبّل "صلاتهم" له و لم يعترض عليها. و من ناحية أخرى فإننا نجد هنا مثالاٍ عن نيبي آخر من عند الله (لم يعترض) على (سجود) الآخرين له. فهل هذا يعني أيضاً أن النبي دانيال هو الله أيضاً؟ الجواب واضح بالنفي. يجب علينا أن نأخذ بالكتاب المقدس كوحدة أدبية كاملة ثم نطبق معياراً ثابتاً على كل الحالات لغرض الوصول إلى المعنى الحقيقي لكلماته.
مرة أخرى فإن مثل هذا التلاعب الرهيب في الترجمات بهدف دفع القارئ للتبني المسبق لمعتقد ما قد كشفه الله تعالى في القرآن الكريم:
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنـدِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّـهِ الْكَذِبَ وَهـُمْ يَعْلَمُونَ (78)
القرآن الكريم – آل عمران
سأكتفي بهذا القدر من التعليق ، على أمل أن أكمل ذلك في وقت لاحق بإذن الله، فتقبلي مني تلك الكلمات بصدر رحب.
بارك الله فيك و فينا إن شاء الله و هدانا جميعاً إلى صراطه المستقيم – آمين.
-------------------
الرد /2/
أقتبس عن كلامك:
((أما لماذا المسيح يقول أنا جئت من أبي ، فالجواب بين يديك ، ابنك بالاستنساخ ألم يأت منك ، من خليتك ، وهو مطابق لجسمك ، ودمك ، وخلاياك ، ولكن دون ممارسة جنسية ، طبعا سيقول لك أبي))
إن قول المسيح لله أنه أباه لا يعني أبداً الأبوة الحقيقية التي كنت ترمين إليها في مثالك ..
حسنٌ، و كيف يخاطب المسيحيون الله؟ ماذا يخبرنا عيسى في هذا الشأن؟ لنقرأ ذلك:
فتكونوا أبناءَ أبيكُمُ الّذي في السَّماواتِ.
الكتاب المقدس – متى 5: 45
فكونوا أنتُم كاملينَ، كما أنَّ أباكُمُ السَّماويَّ كامِلٌ.
الكتاب المقدس – متى 5: 48
((وأنا أتَقبَّلُكُم وأكونُ لكُم أبًا وتكونونَ لي بَنينَ وبَناتٍ)) يَقولُ الرَّبُّ القَديرُ.
الكتاب المقدس – رسالة كورنثوس الثانية 6: 17-18
هنالك أعداد لا تحصى في الكتاب المقدس تشير إلى ذلك. و لكي نستوعب المقصود بكلمة "الآب" ما علينا إلا قراءة العدد التالي:
فقالَ لهُم يَسوعُ: ((لَو كانَ اللهُ أباكُم لأحبَبتُموني. لأنِّي خَرَجتُ وجِئتُ مِنْ عِندِ اللهِ، وما جِئْتُ مِنْ تِلقاءِ ذاتي، بل هوَ الّذي أرسَلَني))
الكتاب المقدس – يوحنا 8: 42
إذاً حب الله و رسله هو ما يجعل من الله "أباً" لأحدهم. نقرأ بالمثل:
فأنتُم أولادُ أبـيكُم إبليسَ، وتُريدونَ أنْ تَتَّبِعوا رَغَباتِ أبـيكُم
الكتاب المقدس – يوحنا 8: 44
من الواضح أن كلاً من الله و إبليس ليس أباً فعلياً لأي منهم. إن كلمة "الآب" المستخدمة من قبل اليهود في ذلك الوقت تحمل نفس المعنى المستخدم من قبل المسيحيين للإشارة إلى القسيس. لا يقصد منها المعنى الحرفي للكلمة، و إلا لكان الكتاب المقدس يشهد بأن كل مؤمن بعيسى (عليه السلام) هو أيضاً ابناً فعلياً لله.
لاحظي أيضاً بأن يوسف سُمّي "أباً" لفرعون في العدد [سفر التكوين 45: 8 - فالآن لم تُرسِلوني أَنتُم إِلى ههُنا، بَلِ اللهُ أَرسَلَني وهو قد صَيَّرَني كأَبٍ لِفِرعَون] كما أن أيوب سُمّي "أباً" للمساكين في العدد [سفر أيوب 29: 16 - وكُنتُ أَبًا لِلمساكين]. عندما نقرأ كل هذا نفهم كيف أن اليهود كانوا يشيرون إلى الله العلي بكلمة "الآب".
--------------------
أقتبس عن كلامك:
((ولماذا يقول المسيح أنا هو الله ، لأن ما الفرق بين خليتك وخلية ابنك المستنسخ !!؟؟))
في إحدى مناظرات الشيخ أحمد ديدات مع القس ستانلي شوبرخ ، تحدى الشيخ الجمهور و الموجودين بمن فيهم القسيس نفسه أن يجدوا عدداً يقول فيه عيسى بصراحة و بكل وضوح أنه هو الله أو يقول لهم أعبدوني بنص لا يقبل التأويل من الكتاب المقدس على أن يتم تعميده في تلك الليلة، و زاد التحدي على طول المناظرة فوضع عنقه تحت المقصلة إن وجد أحدهم نصاً من الكتاب المقدس يقول فيه على لسان عيسى أنه الله!!
فيا عزيزتي ماغي ، إن كنت وجدت مثل هذا النص فلا تبخلي على المسلمين طول الشقاء و الدراسة و اقبلي تعميدي على يديك فور عودتي إلى سوريا ..
ابحثي في طول الكتاب المقدس و عرضه فلن تجدي نصاً واحداً يقول فيه المسيح: أنا الله أو اعبدوني!
---------------------
أقتبس عن كلامك:
((كذلك ما الفرق بين الله وروح الله !!؟؟ وما الفرق بين الله وكلمة الله !!؟؟ كلها تدل على أنها الله الواحد الأحد .... كلمة الله تخرج من فم الله ولا تخرج من فم إنسان آخر ...))
هنالك فرق كبير من الله و روح الله ، و بين الله و كلمة الله ! فبالإضافة إلى كونها ألقاب كما بينت و شرحت لك في التعليق رقم /1/ من هذه الدراسة، فهل كون الابن هو كلمة الله المتجسدة في شخص يسوع المسيح أن الله أصبح بلا كلام بعد التجسد أو أن صفة الكلام قد انتفت عنه؟ كلا! لقد كلم الله الآب يسوع المسيح عند عماده بصوت عظيم من المساء وفقاً للأناجيل قائلاً: ((هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت)). فكيف نطق الله بكلمات مع أن الكلمة كانت قد تجسدت على الأرض؟ ألا يعني أن الله لم يكن بحاجة إلى أقنوم آخر لتكون عنده هذه القدرة على الكلام؟ هاهو الآب قد تكلم دونما حاجة للأقنوم الآخر المتجسد على الأرض في جسد يسوع المسيح! خروج مثل هذه الكلمات من فم الآب مع غياب الأقنوم المتجسد، هل يعني ذلك أن أقنوم آخر قد ولد في تلك اللحظة و كلمة أخرى قد ولدت مختلفة عن أقنوم الابن (الكلمة) المتجسد في شخص يسوع المسيح؟
أرجو أن أكون قد أوضحت فكرتي...
--------------
أقتبس عن كلامك:
((عندما نفخ الله تلك الروح في العذراء ، كأنه وضع خلية حية من خلاياه فيها ، وعندما اكتملت فترة مجيء المسيح ولد ، وتربى وعاش بيننا في الجسد))
إن الكيفية التي نفخ الله فيها في رحم مريم العذراء عليها السلام هي نفس الكيفية التي ينفخ الله فيها في رحم كل امرأة قد كتب لها الحمل و الولادة، فما أرواحنا إلا نفخ من الله تعالى في أرحام أمهاتنا ، و إلا فكيف تفسرين دخول الروح إلى الجسد في بطن الأم؟ إن الله هو واهب الحياة و هو واهب الروح، فالنفخ في الأرحام لا تعني أبداً أن الله قد وضع خلية من خلاياه فيها كما تقولين..
لقد كانت زوجة إبراهيم الخليل عليه السلام – سارة – عاقراً و كان زوجها شيخ كبير ، و مع ذلك فقد حملت بإذن الله بإبنها إسحق ، و جعل الله إبراهيم سبباً ظاهرياً لهذا الحمل. و لو كان إبراهيم عليه السلام هو السبب وراء هذا الحمل فكان الأولى بزوجته أن تحمل من وقت طويل. و لكن الله قد نفخ في رحم زوجته سارة عليها السلام بعد أن أذن لها أن تحمل بولدها إسحق عليهم السلام جميعاً. و الأمثلة على ذلك كثير.
-----------------------------
أقتبس عن قولك:
((ولكن لا يعني أن السماء والعالم كانا فارغين عندما كان المسيح في بطن العذراء أو عندما كان بيننا أي الله على الأرض ، كيف !!؟؟ حسنا ، عندما نأخذ منك خلية ، ونزرعها في رحم إمرأة ، هل هذا يعني انك أصبحت مقيد !!؟؟ أنت لست مقيد ... يمكنك السفر .. العمل ... الذهاب ... النوم .. ولكن خليتك مزروعة في المرأة .... فما بالك الله القادر على كل شيء ،،،، كذلك الله عندما زرع خليته الحية في العذراء لم يكن محدودا ، إنما كان في السماء وكان أيضا معنا على الأرض ، وكان في بطن العذراء ، وكان ولا يزال في القارات السبع وفي كل بيت ومع كل إنسان ، وكان ولا زال في كل مكان .. الله ليس محدود كالانسان ، نحن لا نستطيع أن نتواجد في مكانين مختلفين وبنفس الوقت ولكن الله على كل شيء قدير ...))
إن مثل هذا التشبيه يدفعني للقول بأن الله عندما زرع خلية من خلاياه كما تقولين، فإنه بذلك قد أخذ جزء منه و أودعه في رحم مريم عليها السلام. و هنا أسألك : و هل الله يتجزأ؟ كلا إن الله واحد لا يتجزأ فكيف تضربين المثل بذلك و كأن الله قد أودع جزء صغير منه في رحم مريم عليها السلام لينمو و يكبر في أحشائها و يخرج مولوداً صغيراً من بعد أن كان جزءً صغيراً من الله ؟ هل أوضحت لك الخطأ الذي وقعت فيه في مثل هذا التشبيه؟
إن المسيحيين و المسلمين يتفقون بأن الله غير محدود بزمان أو مكان ، و هو معنا أينما كنا .. و لكن هنالك فرق كبير بين القولين..
يقول المسيحيون أن الله هو معنا بذاته و جوهره على الأرض و في السماء و في أي مكان ، و بذلك فإنهم قد حدوا الله العلي بالكون المكون من الزمان و المكان كأحد أبعاده الأساسية ، و الله منزه عن الزمان و المكان.. و بناء على هذا القول ، فهل نفهم أن الله موجود أيضاً في دورات المياه؟ كلا ! تعالى الله عن ذلك ..
أما المسلمون فإن لهم قول مختلف هو أقرب للعقل و أكثر تبجيلاً لله و توقيراً له.. فنحن نقول الله غير محدود بالكون و الزمان و المكان ، فهو بذاته و جوهره خارج نطاق هذا الكون ، و لكنه معنا أينما كنا بعلمه السابق للخلق، فالله منزه أن يكون محدوداً بأبعاد الزمان و المكان الموجودين في الكون . يؤمن المسلمون أن الله قد خلق سبع سماوات طباقاً ، أي كل سماء طبقة فوق السماء الأخرى ، أما الله فإنه خارج هذا الكون المتغير المحدود بالزمان و المكان، حيث ينتفي الزمان و المكان و يبقى مفهوم الأزلية خارج نطاق هذا الكون .. هذا هو مفهومنا عن الله و وجوده معنا.
------------------------------
أقتبس عن كلامك:
((أما أن تسأل لماذا الله جاء بالجسد ، لأنها مشيئته))
إن مثل هذا الكلام لا نجده في الكتاب المقدس، إي لا نجد عدداً صريحاُ يقول أن الله قد تجسد في جسد يسوع المسيح، و إلا فأرجو أن تأتيني بالعدد الذي يقول ذلك لنقوم بدراسته سوياً ..
------------------------
أقتبس عن كلامك:
((إذاً المسيح هو .. ابن الإنسان ... أيضا لأنه لم ينكر أمه تلك الانسانة العذراء التي ولدته))
بل أقول لك : إن المسيح أنكر أمه أمام الناس المحتشدين ضارباً مثلاً لا يحتذى به في الأناجيل عن بر الوالدين و ذلك في الأعداد من إنجيل متى 12: 46-50
وبَينَما يَسوعُ يُكلِّمُ الجُموعَ، جاءَتْ أمُّهُ وإخوَتُهُ ووقَفوا في خارِجِ الدّارِ يَطلُبونَ أن يُكلِّموهُ. فقالَ لَه أحَدُ الحاضِرينَ: ((أُمُّكَ وإخوتُكَ واقفونَ في خارجِ الدّارِ يُريدونَ أنْ يُكلِّموكَ)). فأجابَهُ يَسوعُ: ((مَنْ هيَ أُمّي، ومَنْ هُمْ إخْوَتي؟)) وأشارَ بـيدِهِ إلى تلاميذِهِ وقالَ: ((هؤُلاءِ هُمْ أُمّي وإخوَتي. لأنَّ مَنْ يعمَلُ بمشيئةِ أبـي الّذي في السَّماواتِ هوَ أخي وأُختي وأُمّي.))
نحن المسلمون ننزه المسيح عن مخاطبة أمه بهذا الأسلوب ، بل القرآن يقول عنه أنه كان باراً بأمه و لم يكن جباراً شقياً ..
------------
أقتبس عن كلامك:
((هل تستطيع أن تنفي قدوم الله بالجسد !!؟؟))
نعم ، فلا العقل يقبل هذا التجسد ولا يليق بالله أن يتجسد في بشر ، ولا نص في الكتاب المقدس يؤيد مثل هذا التجسد، و إلا فأتيني بالنص لنقوم بدراسته سوياً كما وعدتك
بارك الله فيك و في جهدك و جعل الهداية في قلوبنا جميعاً – آمين
أستودعك الله و قد انتهيت من التعليق على هذه الدراسة .. أرجو ألا يفسد الحوار للود قضية بيننا ، ففي النهاية الله يحكم بيننا و لم يكن ليجعل بشراً حكماً بين الناس في الحياة الآخرة.. فالحمد لله على عدل الله و رحمته.
و السلام عليك و على رسل الله أجمعين
تعليق