ملخص الإشكال :
وفقا للقراءه الأصح لنص مرقص 1- 2 , يرد النص هكذا " كما هو مكتوب فى اشعياء النبى " , و لكنك اذا فتحت نسخة الفاندايك مثلا , ستجد النص هكذا " كما هو مكتوب فى الأنبياء "....لقد أزال النساخ كلمة " اشعياء " , و استبدلوها بكلمة " الأنبياء "
لماذا فعل النساخ ذلك ؟... الإجابه بكل بساطه أن هذا النص لا يوجد فى سفر اشعياء بل يوجد فى سفر ملاخى , و بالتالى شعر النساخ أن هناك خطأ ما , فقاموا بإصلاحه .
اذن هل كان مرقص معصوما ؟ هل كان يوحى اليه من الله ؟ أم هل أخطأ الوحى ؟
أعتقد أنك فهمت أين المشكله .. إن هذا الخطأ يؤدى الى القول بأن مرقص لم يكن بكتب بوحى من الله , و إلا لماذا وقع فى هذا الخطأ ؟ فمن المسلم به أن الوحى لا يخطىء .
و لكن كيف أجاب دانيال والاس على هذا الإشكال ؟.... بالطبع لم يصرح دانيال والاس بسقوط عصمة الكتاب المقدس , و لكنه حاول تجميل الصوره , و خلاصة كلامه أنه لا توجد اجابه قويه على هذا السؤال بل مجرد اقتراحات تفتقد للأدله , و اكتفى بأن يقول " لا أعلم ".
أترككم مع جزء من مقال دانيال والاس (1 ) :
اذا كانت قراءة " فى اشعياء النبى " ليست ناتجة عن تغيير عرضى أو متعمد , فهل نجرؤ أن نصفها بأنها القراءه الأصليه ؟ .. إن كل الأدله تشير نحو هذا الإتجاه .
إن هذا يترك لنا سؤالين : كيف نفسر اذن القراءه " فى الأنبياء " ؟ , و ما تأثير هذا على العصمه ؟ .. التفسير هو أن قراءة " فى الأنبياء " قراءة ثانوية بكل وضوح , ربما تسبب فيها العديد من النساخ الأتقياء الذين ظنوا أن قراءة " اشعياء " تمثل تناقضا .
و بالتالى , غيروا القراءة الى " الأنبياء " . يبدو جدا أن هذه قراءة متوقعه ربما حدثت فى مناطق متعدده دون أن يكون بينهم تواطؤ أو اتصال تكوينى .
فى ذات الوقت , اذا كانت الترجمه اللاتينيه ل " إريناؤوس " قد تشكلت بواسطة شواهد متأخره , اذن فمن المحتمل أن هذه القراءه قد نشأت كقراءة بيزنطيه .
من الجدير بالملاحظه أن " أستريوس " يقرأ " فى الأنبياء " . لقد كان تلميذا ل " لوسيان " و كان أول أب كنسى يستخدم شكل النص البيزنطى , حسبما نعلم . ( اقترح هورت أن " لوسيان " هو أبو النص البيزنطى . هذا الإقتراح - بالصدفه - لم يكن على أى حال من الأحوال ضروريا لنظرية " هورت " , و لكنه كان حدسا مقبولا يمكن جدا أن يكون صحيحا ).
و بالتالى فقراءة " فى الأنبياء " إما أن تكون قد نشأت فى أكثر من منطقه بواسطة نساخ أتقياء , أو ابتدأها الأنموذج الأصلى البيزنطى , و بالتالى أثر على معظم الشواهد اليونانيه التاليه ..... فى كلا الحالين , تفسير القراءة أمر سهل , فهى " تصحيح " لكلمات مرقص .
الآن , ما علاقة كل هذا بموضوع العصمه ؟ .. هناك ثلاث إجابات لا بد أن نقولها .. الأولى : أن الدليل ساحق بأن مرقص قد كتب " فى اشعياء النبى " . و مهما كان ايمان أى انسان بخصوص العصمه , فإنه يبدو لى أنه يجب عليهم أن يتلائموا مع هذا الدليل .
الثانيه : عندما نتعامل مع النقد النصى , اذا أردنا أن نقترب الى النص من منظور " انطلق من فرضية العصمه " , اذن سنرغم بحسب المنطق أن نستمسك ب " التصحيح التخمينى " فى بعض المواضع ( مثل لوقا 2 - 2 ) . سيكون الأمر على هذا النحو لأن هناك مشاكل عديده أكثر صعوبه تتعلق ب " العصمه " أكثر مما نجده فى نص مرقص 1 - 2 .... و لكن اذا كان هذا هو أسلوبنا , أفلا يجدر بنا أن نصحح النص فى أى وقت نجده غير متوافق مع لاهوتنا فى أى موضع آخر ؟... إن هناك فقرات يبدو أنها تشير الى أن يسوع كان أقل من إله حقيقى .. أليس لنا الحق أن نغيرها لتتلائم مع قناعاتنا العقيديه ؟.. إنك اذا بدأت فى استخدام هذه الطريقه الدوغماتيه فلن تملك أن تتوقف .
فى النهايه , كل انسان يؤمن بما يريد أن يؤمن به , و سيكون كتابه المقدس شبيها بالكتاب المقدس الخاص ب " توماس جيفرسون " ( الذى أزال الفقرات المزعجه له , و بصفة رئيسيه النصوص المعجزيه ) .
إن هذا لا يعتبر تمجيدا لإله الكتاب المقدس الذى يعمل فى التاريخ ... لا ينبغى أبدا أن نفصل بين اللاهوت و التاريخ , و عندما يحدث هذا لن تكون المسيحية خيرا من أى دين آخر .
الثالثه : بكل بساطه علينا أن نكون أمناء مع الدليل المعروض أمامنا .. من المقبول أحيانا أن تقول " إننى لا أعرف " .. إن " العصمة " لا تتوقف حياتها أو موتها على نص مرقص 1 - 2 .
هناك العديد من المفسرين الذين يتبنون قراءة " اشعياء " و مع ذلك يؤكدون على " العصمه " ( فى الواقع , سأغامر و أقول أن معظم العلماء المؤمنين بالعصمه يتبنون هذه القراءه ) .
على الرغم من ذلك , إن لديهم خيارات فيما يجرى ... ربما ليست لديهم الإجابه , و لكن أن نقول بكل بساطه أن القراءة " فى اشعياء " خطأ هو سلوك متغطرس .
البعض يقترح أن سفر اشعياء كان على رأس الأسفار الموجوده فى درج أسفار الأنبياء , و لذلك ما قصده مرقص هو " فى درج اشعياء " ..ربما يكون الأمر كذلك , و لكننا لا نمتلك أدلة كافيه .
هناك اقتراحات أخرى أيضا , و لكنها لا تمثل اجابات قويه ... مثل أى عقيدة أخرى , فإننا نؤسس ايماننا على ما نظن أن الكتب المقدسه تعلم به , و نضع الفقرات الصعبه فى القسم الغامض ... هذا لأن العقيدة تؤسس على الفقرات الواضحه التى تبدو لنا أنها غامرة .
هناك أوقات نقول فيها بكل بساطه " إننى لا أعلم معنى هذا , و لكنى أعلم ما الذى لا يعنيه ".. لماذا ينبغى أن يكون النص الوارد فى مرقص 1 - 2 أمرا مختلفا ؟
فى نفس الوقت , كلما نظرنا متفحصين فى الكتب المقدسه , كلما فرحنا بدقة الحقيقه المنسوجه فيها .. لا يبنغى علينا أن نخشى من النظر بفحص أكثر نحو نص مرقص 1 - 2 -- أو نحو أى فقرة أخرى صعبه , و لكن علينا أن نخشى من غطرستنا -- و هى الغطرسه التى يحمل عليها فى الغالب الخوف و الجهل , و ليس الدليل .
وفقا للقراءه الأصح لنص مرقص 1- 2 , يرد النص هكذا " كما هو مكتوب فى اشعياء النبى " , و لكنك اذا فتحت نسخة الفاندايك مثلا , ستجد النص هكذا " كما هو مكتوب فى الأنبياء "....لقد أزال النساخ كلمة " اشعياء " , و استبدلوها بكلمة " الأنبياء "
لماذا فعل النساخ ذلك ؟... الإجابه بكل بساطه أن هذا النص لا يوجد فى سفر اشعياء بل يوجد فى سفر ملاخى , و بالتالى شعر النساخ أن هناك خطأ ما , فقاموا بإصلاحه .
اذن هل كان مرقص معصوما ؟ هل كان يوحى اليه من الله ؟ أم هل أخطأ الوحى ؟
أعتقد أنك فهمت أين المشكله .. إن هذا الخطأ يؤدى الى القول بأن مرقص لم يكن بكتب بوحى من الله , و إلا لماذا وقع فى هذا الخطأ ؟ فمن المسلم به أن الوحى لا يخطىء .
و لكن كيف أجاب دانيال والاس على هذا الإشكال ؟.... بالطبع لم يصرح دانيال والاس بسقوط عصمة الكتاب المقدس , و لكنه حاول تجميل الصوره , و خلاصة كلامه أنه لا توجد اجابه قويه على هذا السؤال بل مجرد اقتراحات تفتقد للأدله , و اكتفى بأن يقول " لا أعلم ".
أترككم مع جزء من مقال دانيال والاس (1 ) :
اذا كانت قراءة " فى اشعياء النبى " ليست ناتجة عن تغيير عرضى أو متعمد , فهل نجرؤ أن نصفها بأنها القراءه الأصليه ؟ .. إن كل الأدله تشير نحو هذا الإتجاه .
إن هذا يترك لنا سؤالين : كيف نفسر اذن القراءه " فى الأنبياء " ؟ , و ما تأثير هذا على العصمه ؟ .. التفسير هو أن قراءة " فى الأنبياء " قراءة ثانوية بكل وضوح , ربما تسبب فيها العديد من النساخ الأتقياء الذين ظنوا أن قراءة " اشعياء " تمثل تناقضا .
و بالتالى , غيروا القراءة الى " الأنبياء " . يبدو جدا أن هذه قراءة متوقعه ربما حدثت فى مناطق متعدده دون أن يكون بينهم تواطؤ أو اتصال تكوينى .
فى ذات الوقت , اذا كانت الترجمه اللاتينيه ل " إريناؤوس " قد تشكلت بواسطة شواهد متأخره , اذن فمن المحتمل أن هذه القراءه قد نشأت كقراءة بيزنطيه .
من الجدير بالملاحظه أن " أستريوس " يقرأ " فى الأنبياء " . لقد كان تلميذا ل " لوسيان " و كان أول أب كنسى يستخدم شكل النص البيزنطى , حسبما نعلم . ( اقترح هورت أن " لوسيان " هو أبو النص البيزنطى . هذا الإقتراح - بالصدفه - لم يكن على أى حال من الأحوال ضروريا لنظرية " هورت " , و لكنه كان حدسا مقبولا يمكن جدا أن يكون صحيحا ).
و بالتالى فقراءة " فى الأنبياء " إما أن تكون قد نشأت فى أكثر من منطقه بواسطة نساخ أتقياء , أو ابتدأها الأنموذج الأصلى البيزنطى , و بالتالى أثر على معظم الشواهد اليونانيه التاليه ..... فى كلا الحالين , تفسير القراءة أمر سهل , فهى " تصحيح " لكلمات مرقص .
الآن , ما علاقة كل هذا بموضوع العصمه ؟ .. هناك ثلاث إجابات لا بد أن نقولها .. الأولى : أن الدليل ساحق بأن مرقص قد كتب " فى اشعياء النبى " . و مهما كان ايمان أى انسان بخصوص العصمه , فإنه يبدو لى أنه يجب عليهم أن يتلائموا مع هذا الدليل .
الثانيه : عندما نتعامل مع النقد النصى , اذا أردنا أن نقترب الى النص من منظور " انطلق من فرضية العصمه " , اذن سنرغم بحسب المنطق أن نستمسك ب " التصحيح التخمينى " فى بعض المواضع ( مثل لوقا 2 - 2 ) . سيكون الأمر على هذا النحو لأن هناك مشاكل عديده أكثر صعوبه تتعلق ب " العصمه " أكثر مما نجده فى نص مرقص 1 - 2 .... و لكن اذا كان هذا هو أسلوبنا , أفلا يجدر بنا أن نصحح النص فى أى وقت نجده غير متوافق مع لاهوتنا فى أى موضع آخر ؟... إن هناك فقرات يبدو أنها تشير الى أن يسوع كان أقل من إله حقيقى .. أليس لنا الحق أن نغيرها لتتلائم مع قناعاتنا العقيديه ؟.. إنك اذا بدأت فى استخدام هذه الطريقه الدوغماتيه فلن تملك أن تتوقف .
فى النهايه , كل انسان يؤمن بما يريد أن يؤمن به , و سيكون كتابه المقدس شبيها بالكتاب المقدس الخاص ب " توماس جيفرسون " ( الذى أزال الفقرات المزعجه له , و بصفة رئيسيه النصوص المعجزيه ) .
إن هذا لا يعتبر تمجيدا لإله الكتاب المقدس الذى يعمل فى التاريخ ... لا ينبغى أبدا أن نفصل بين اللاهوت و التاريخ , و عندما يحدث هذا لن تكون المسيحية خيرا من أى دين آخر .
الثالثه : بكل بساطه علينا أن نكون أمناء مع الدليل المعروض أمامنا .. من المقبول أحيانا أن تقول " إننى لا أعرف " .. إن " العصمة " لا تتوقف حياتها أو موتها على نص مرقص 1 - 2 .
هناك العديد من المفسرين الذين يتبنون قراءة " اشعياء " و مع ذلك يؤكدون على " العصمه " ( فى الواقع , سأغامر و أقول أن معظم العلماء المؤمنين بالعصمه يتبنون هذه القراءه ) .
على الرغم من ذلك , إن لديهم خيارات فيما يجرى ... ربما ليست لديهم الإجابه , و لكن أن نقول بكل بساطه أن القراءة " فى اشعياء " خطأ هو سلوك متغطرس .
البعض يقترح أن سفر اشعياء كان على رأس الأسفار الموجوده فى درج أسفار الأنبياء , و لذلك ما قصده مرقص هو " فى درج اشعياء " ..ربما يكون الأمر كذلك , و لكننا لا نمتلك أدلة كافيه .
هناك اقتراحات أخرى أيضا , و لكنها لا تمثل اجابات قويه ... مثل أى عقيدة أخرى , فإننا نؤسس ايماننا على ما نظن أن الكتب المقدسه تعلم به , و نضع الفقرات الصعبه فى القسم الغامض ... هذا لأن العقيدة تؤسس على الفقرات الواضحه التى تبدو لنا أنها غامرة .
هناك أوقات نقول فيها بكل بساطه " إننى لا أعلم معنى هذا , و لكنى أعلم ما الذى لا يعنيه ".. لماذا ينبغى أن يكون النص الوارد فى مرقص 1 - 2 أمرا مختلفا ؟
فى نفس الوقت , كلما نظرنا متفحصين فى الكتب المقدسه , كلما فرحنا بدقة الحقيقه المنسوجه فيها .. لا يبنغى علينا أن نخشى من النظر بفحص أكثر نحو نص مرقص 1 - 2 -- أو نحو أى فقرة أخرى صعبه , و لكن علينا أن نخشى من غطرستنا -- و هى الغطرسه التى يحمل عليها فى الغالب الخوف و الجهل , و ليس الدليل .
__________________________
(1 ) المصدر : مقال ل " دانيال والاس " بعنوان :
Mark 1:2 and New Testament Textual Criticism
تعليق