رد شبهة وافتراء عن حديث: أمرت أن أقاتل الناس

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ابو اسامه المصرى مسلم اكتشف المزيد حول ابو اسامه المصرى
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ابو اسامه المصرى
    2- عضو مشارك
    • 28 ديس, 2008
    • 121
    • محامى
    • مسلم

    رد شبهة وافتراء عن حديث: أمرت أن أقاتل الناس

    هل كان النبى عليه الصلاة والسلام يقاتل الناس ليجبرهم على اعتناق الاسلام

    يعتقد الكثير من النصارى بان النبى محمد عليه الصلاة والسلام كان يقاتل الناس ليجبرهم على دخول الاسلام وهو اعتقاد خاطئ ومغلوط ويستشهدون فى ذلك بالايات القرءانيه التى تحرض المسلمين على قتال المشركين وبقول رسول الله عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخارى عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَاللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ وَيُقِيْمُوْا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهَمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى) [77]رواه البخاري ومسلم
    وهذا الاعتقاد الخاطئ من النصارى يكون عائدا لعدة امور منها
    1- عدم فهمهم والمامهم بدين الاسلام على حقيقته وانه الدين الحق الذى جاء ليخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة الله الواحد القهار ومن ظلم الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الاخره
    2- عدم فهمهم ومعرفتهم بالنبى عليه الصلاة والسلام وانه لم يبعث الا ليتمم مكارم الاخلاق ومحاسنها وعدم معرفتهم بسماحته وعفوه وكرمه واحسانه الذى تجلى فى كل مواقفه مع المشركين رغم اساءتهم اليه والى اصحابه ومنها
    -موقفه مع اهل مكه لما فتحها عفا عنهم رغم انهم قتلوا جماعه من اصحابه وكالوا لهم الايذاء واخرجوه من مكه ومن بين قومه فقال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء
    -موقفه مع اهل الطائف لما ارسل الله اليه ملك الجبال وقال له لو امرتنى ان اطبق عليهم الاخشبين لفعلت فقال له النبى عليه الصلاة والسلام لا عسى ان يخرج من اصلابهم من يقول لا اله الا الله
    -موقفه مع ثمامه بن اوثال الذى قتل جماعه من اصحابه ورغم ذلك عفا عنه النبى عليه الصلاة والسلام
    -وصاياه لاصحابه دائما عند خروجهم للجهاد فى سبيل الله وقوله لهم لا تقتلوا شيخا ولا طفلا ولا امرأه ولا تقطعوا شجرا وامرهم بالاحسان الى كل شئ حتى انه امرهم بالاحسان عند القتل او الذبح واذا قتلتم فأحسنوا القتله واذا ذبحتم فأحسنوا الذبح
    ومع ذلك فانى اتحدى اى نصرانى ان يثبت لنا ان النبى عليه الصلاة والسلام قاتل لمجرد القتل وانما كان يجاهد لتكون كلمة الله هى العليا اى ليعرف الناس انه لا معبود بحق الا الله وان ما يعبد من دونه باطل وغير مستحق للعباده وعلى هذا النهج سار اصحابه من بعده كما ان الواقع والتاريخ وكتب السير والحقائق والوقائع تؤكد ان النبى عليه الصلاة والسلام ما قاتل الا لتكون كلمة الله هى العليا وما قاتل الا من منع دعوة الاسلام من الوصول الى الناس او منع الناس من الدخول فى الاسلام وهكذا كان حال الصحابه من بعد رسول الله خرجوا يجاهدون لنشر دين الاسلام ولتعبيد الانفس لله وما خرجوا لدنيا او مال قالها ربعى لرستم قائد الفرس لما قال له قبل القادسيه لما خرجتم عودا من حيث جئتم ولكم علينا فى كل عام طعام وشراب ونفقه فقال ربعى هيهات هيهات نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد الى عبادة الله الواحد القهار ومن ظلم الاديان الى عدل الاسلام ومن ضيق الدنيا الى سعة الاخره فهذه هى الرساله التى من اجلها يقاتل المسلم والمقاتله لا تعنى فى كل الاحوال القتل انما تعنى الجهاد والسعى فى نشر دين الاسلام حتى وان وقع القتل فالقتل يصيب المسلمين ويصيب اعدائهم الذين يمنعون دعوة الاسلام من الوصول الى الناس لذلك لما سمح امبراطور الصين لمحمد بن ابى القاسم بدخول المسلمين الى اهل الصين لدعوتهم الى الاسلام ما قاتله بن ابى القاسم لان الغرض تحقق بغير قتال لذلك انا احببت ان افند هذا الادعاء وذلك بنقل شرح وكلام اهل العلم لقول النبى عليه الصلاة والسلام امرت ان اقاتل الناس
    شرح حديث(أمرت أن أقاتل الناس حتىيشهدوا) الأربعون النووية لابن عثيمين
    الحديث الثامن
    عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَاللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَحَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُاللهِ وَيُقِيْمُوْا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَعَصَمُوا مِنِّي دِمَاءهَمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِوَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ تَعَالَى) [77]رواه البخاري ومسلم
    الشرح
    أُمِرْتُ بالبناء لما لم يسمّ فاعلهُ، لأنالفاعل معلوم و هو الله عزّ وجل، وإبهام المعلوم سائغ لغة واستعمالاً سواء: فيالأمور الكونية. أو في الأمور الشرعية.
    - في الأمور الكونية: قال الله عزّ وجل: (وَخُلِقَالْإِنْسَانُ ضَعِيفاً)(النساء: الآية28) والخالق هو الله عزّوجل.
    - وفي الأمور الشرعية: كهذاالحديث: أُمِرْتُ أَنْ أُقاتِلَ وكقوله صلى الله عليه وسلم : أُمِرْتُ أَنْأَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاء[78]
    وقوله: أُمِرْتُ أي أمرنيربي.
    والأمرُ: طلب الفعل على وجه الاستعلاء، أي أن الآمر أوطالب الفعل يرى أنه في منزلة فوق منزلة المأمور، لأنه لو أمر من يساويه سمي عندهمالتماساً، ولو طلب ممن فوقه سمي دعاءً وسؤالاً.
    وقوله: أَنْ أُقَاتِلَالنَّاسَ هذا المأمور به.
    والمقاتلة غيرالقتل.
    - فالمقاتلة: أن يسعى في جهاد الأعداء حتى تكون كلمة اللههي العليا.
    -والقتل: أن يقتل شخصاً بعينه، ولهذا نقول: ليس كل ماجازت المقاتلة جاز القتل، فالقتل أضيق ولا يجوز إلا بشروط معروفة، والمقاتلة أوسع،قال الله تبارك وتعالى: ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوافَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُواالَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّه) (الحجرات: الآية9) فأمربقتالها وهي مؤمنة لايحل قتلها ولا يباح دمها لكن من أجلالإصلاح.
    ولذلك أمرت الأمة أن توافق الإمام في قتال أهل البغيالذين يخرجون على الإمام بشبهة، قالوا: فإذا قرر الإمام أن يقاتلهم وجب على الرعيّةطاعته وموافقته دفعاً للشر والفساد، وهنا نقاتل مسلمين لأجل إقامة العدل وإزالةالفوضى. وقاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه مانعي الزكاة ولكن لايقتلهم، بل قاتلهمحتى يذعنوا للحق . حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله (حتى) هل هيللتعليل بمعنى أن أقاتل ليشهدوا، أو هي للغاية بمعنى أقاتلهم إلى أنيشهدوا؟
    والجواب: هي تحتمل أن تكون للتعليل ولكن الثاني أظهر،يعني أقاتلهم إلى أن يشهدوا.
    و(حتى) تأتي للتعليل وتأتي للغاية، فقولهتعالى: ( قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَامُوسَى) (طـه:91)
    فهذه للغاية ولا تصح للتعليل، لأن بقاءهم عاكفينعلىالعجل لا يستلزم حضور موسى عليه السلام
    وقوله عزّ وجل عنالمنافقين: (لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا )(المنافقون: الآية7) فحتى هنا للتعليل، يعني لا تنفقوا لأجل أن ينفضوا عن رسولالله، وليس المعنى لا تنفقوا حتى ينفضّوا، فإذا انفضّواأنفقوا.
    حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أي حتىيشهدوا بألسنتهم وبقلوبهم، لكن من شهد بلسانه عصم دمه وماله، وقلبه إلى الله عزّوجل.
    أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أي لا معبود حقّ إلا اللهعزّ وجل، فهو الذي عبادته حقّ، وما سواه فعبادتهباطلة.
    وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُوْلُ اللهِ محمد: هوابن عبدالله، وأبرز اسمه ولم يقل: وأني رسول الله للتفخيم والتعظيم. ورسول الله: يعنيمرسله.
    وَيُقِيْمُوا الصَّلاةَ أي يفعلوها قائمة وقويمة علىماجاءت به الشريعة. والصلاة هنا عامة، لكن المراد بها الخاص، وهي الصلوات الخمس،ولهذا لو تركوا النوافل فلا يقاتلون .
    وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ أييعطوها مستحقّها. والزكاة: هي النصيب المفروض في الأموال الزكوية. ففي الذهب مثلاًوالفضة وعروض التجارة: ربع العشر، أي واحد من أربعين. وفيما يخرج من الأرض مما فيهالزكاة: نصف العشر إذا كان يسقى بمؤونة، والعشر كاملاً إذا كان يسقى بلا مؤونة. وفيالماشية: كما هو في السُّنة.
    فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أي شهدوا أن لاإله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقاموا الصلاة وآتواالزكاة.
    عَصَمُوا أي منعوا.
    مِنِّي دِمَاءهَموَأَمْوَالَهُم أي فلا يحل أن أقاتلهم وأستبيح دماءهم، ولا أن أغنم أموالهم، لأنهمدخلوا في الإسلام.
    إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلامِ هذا استثناء لكنه استثناءعام، يعني: إلا أن تباح دماؤهم وأموالهم بحق الإسلام، مثل: زنا الثيّب، والقصاص وماأشبه ذلك، يعني: إلا بحق يوجبه الإسلام.
    وَحِسَابُهُمْ عَلَىاللهِ تَعَالَى أي محاسبتهم على الأعمال على الله تعالى، أما النبي صلى الله عليهوسلم فليس عليه إلا البلاغ.
    فهذا الحديث أصلٌ وقاعدةٌ في جواز مقاتلةالناس،وأنه لايجوز مقاتلتهم إلا بهذا السبب.
    من فوائد هذاالحديث:
    .1أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد مأمور يوجه إليه الأمركما يوجّه إلى غيره لقوله: أُمِرْتُ.
    .2جواز إبهام المعلوم إذا كان المخاطب يعلمه، لقوله: أُمِرْتُ فأبهم الآمر لأن المخاطب يعلم ذلك.
    .3وجوب مقاتلة الناس حتى يقوموا بهذهالأعمال.
    فإذا قال قائل: لماذا لا يكون الأمر للاستحباب؟
    والجواب: لا يكون للاستحباب،لأن هذا فيه استباحة محرّم،واستباحة المحرّم لاتكون إلا لإقامة واجب.
    ولهذا استدل بعض الفقهاء - رحمهم الله - على وجوب الختان بأن الختان قطع شيء من الإنسان محترم، والأصلالتحريم فلا يجوز قطع أي عضو أوجلدة من بدنك، فلما استبيح هذا القطع دلّ على وجوبالختان، إذ لا يستباح المحرّم إلا لأداء واجب وعلى هذا فنقول: الأمر هناللوجوب.
    فرضية الجهاد:الجهاد قد يكون فرض كفاية، وقد يكون فرضعين، ولا يمكن أن يكون فرض عين على جميع الناس لقوله تعالى: (وَمَا كَانَالْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍمِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا ) (التوبة:122)
    أي القاعدون ( فِيالدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْيَحْذَرُونَ )[التوبة:122].
    .4وجوب شهادة أن لا إله إلا الله بالقلب واللسان، فإنأبداها بلسانه ولاندري عما في قلبه أخذنا بظاهره ووكلنا سريرته إلى الله عزّ وجلووجب الكفّ عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك، ولا يجوز أن نتهمه ونقول: هذا الرجلقالها كاذباً، أو خوفاً من قتل أو أسر،لأننا لا ننقب عن قلوبالناس.
    .5أنه لابد أن يعتقد الإنسان أن لا معبود حق إلا الله، فلايكفي أن يعتقد أن الله معبود بحق، لأنه إذا شهدأن الله تعالى معبود بحق لم يمنع أنغيره يعبد بحق أيضاً. فلا يكون التوحيد إلا بنفي وإثبات: لا إله إلا الله، نفيالألوهية عما سوى الله وإثباتها لله عزّ وجل.
    .6أن المقاتلة لا ترتفع إلا بشهادة أن محمداً رسول الله،وأما الدخول في الإسلام فيكون بشهادة أن لا إله إلا الله، لكن لو شهدت طائفة أن لاإله إلا الله وأبت أن تشهد أن محمداً رسول الله فإنهاتقاتل.
    وشهادة أن محمداً رسول الله تستلزم: تجريد المتابعة له،وأن لايتبع من سواه، وتصديقه فيما أخبر واجتناب ماعنه نهى وزجر، وأن لايعبد اللهإلا بما شرع.
    .7 وجوبإقامة الصلاة، لأنه إذا لم يقمها فإنه لا يمتنع قتاله، بل قد قال الفقهاء - رحمهمالله - يُقاتَل أهل بلد تركوا الأذان والإقامة وإن صلوا، لأن الأذان والإقامة منشعائر الدين الظاهرة، فإذا قال قوم: نحن لا نؤذن ولانقيم ولكن نصلي، وجب أنيقاتلوا.
    واستدلّوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قوماًأمسك حتى يطلع الفجر، فإن سمع أذاناً كفّ عن قتالهم، وإلا قاتلهم[79] .
    كذلك قال الفقهاء: يقاتل أهل بلد تركواصلاة العيد وإن لم تكن فرضاً على الأعيان كفريضة ا لصلواتالخمس.
    قالوا: لأن صلاة العيد من شعائر الإسلام الظاهرة، فيقاتلأهل البلد إذا تركوا صلاتي العيدين
    .8وجوب إيتاء الزكاة، لأنها جزء مما يمنع مقاتلةالناس.
    ولابد أن يكون إيتاء الزكاة إلى مستحقّها، فلا يكفي أنيعطيها غنيّاً من أقاربه أو أصحابه لأن ذلك لايجزئ، لقوله تعالى: (إِنَّمَاالصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَاوَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِاللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة:60)
    .9إطلاق الفعل على القول، لقوله: إِذَا فَعَلُوْا ذَلِكَمع أن في جملة هذه الأشياء الشهادتين، وهما قول، ووجه ذلك: أن القول حركةاللسان،وحركة اللسان فعل، ويصح إطلاق الفعل على القول بأن يكون القول في جملةأفعال،كما في الحديث، فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة من الأفعال بلاشك.
    كما يطلق القول على الفعل، وهذا كثير كما في حديث عمار بن ياسر رضي اللهعنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم حين تيمّم قال بيديه هكذا وضرب بهماالأرض[80]،وهذافعل.
    .10أن الكفار تباح دماؤهم وأموالهم، لقوله: عَصَمُوا مِنِّيْدِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فيقتلون، أو يؤسرون حسب ما تقتضيه الحال، وتغنمأموالهم. وهذا مما اختصّ به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد صحّ عنه أنه قال: أُعْطِيْتُ خَمْسَاً لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِيْ: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مِسِيْرَةَ شَهْر، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدَاًوَطَهُوْرَاً، وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ مِنْ قَبْلِيَ ... [81]والغنائم هي أموالالكفار إذا أخذناها بالقتال. أما الأمم السابقة فلا تحل لهم الغنائم،وقد ورد أنهميجمعونها ثم تنزل نار من السماء فتحرقها[82]
    .11أنه قد يستباح الدم والمال بحق الإسلام وإن لم يكن من هذه المذكوراتالتي في الحديث، وقد نوقش أبو بكرٍ الصّديق رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاةفأجاب: بأن الزكاة حق المال، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: إِلاَّ بِحَقِّالإِسْلامِ وقال رضي الله عنه: والله لو منعوني عناقاً - أو قال: عقالاً - كانوايؤدونه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك[83].
    وأسباب إباحة القتل في الإسلام ليس هذاموضع بسطها،لكنها معلومة بالتتبّع.
    .12أن حساب الخلق على الله عزّ وجل، وأنه ليس على الرسولصلى الله عليه وسلم إلا البلاغ، وكذلك ليس على من ورث الرسول إلا البلاغ، والحسابعلى الله عزّ وجل.
    فلا تحزن أيها الداعي إلى الله إذا لم تقبل دعوتك، فإذاأدّيت ما يجب عليك فقد برئت الذمة والحساب على الله تعالى،كما قال الله تعالىلنبيّه صلى الله عليه وسلم: (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ* إِلاَّ مَنْ تَوَلَّىوَكَفَرَ) [الغاشية:22-23] يعني لكن من تولى وكفر (فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُالْعَذَابَ الْأَكْبَرَ*إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَاحِسَابَهُمْ )[الغاشية:24-26]
    فلا تحزن أيها الداعي إلى الله إذا رد قولك، أو إذا لميقبل لأول مرة، لأنك أديت ما يجب عليك.
    ولكن اعلم أنك إذا قلتحقاً تريد به وجه الله فلابد أن يؤثر، حتى لو رد أمامك فلابد أن يؤثر،وفي قصة موسىعليه السلام عبرة للدعاة إلى الله،وذلك أنه جُمعَ له السحرة من كل وجه في مصر،واجتمعوا، وألقوا حبالهم وعصيّهم حتى كانت الأرض تمشي ثعابين، حتى إن موسى عليهالسلام خاف (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) (طـه:67)
    فلما اجتمعوا كلهم قال لهم: (وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُواعَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) (طـه:61)
    كلمات يسيرة، قال الله عزّ وجل: (فَتَنَازَعُواأَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى) (طـه:62)
    يعني أنهم تنازعوا فوراً، والفاء في قوله: (فَتَنَازَعُوا) للسببية والترتيب والتعقيب.
    فتأمل كيف أثرت هذهالكلمات من موسى عليه السلام بهؤلاء السحرة، فلابد لكلمة الحق أن تؤثر، لكن قد تؤثرفوراً وقد تتأخر. والله ا لموفق.




    [77] - أخرجه البخاري – كتاب: الإيمان، باب:: فإن تابوا وأقاموا الصلاة، (25)، ومسلم – كتاب: الإيمان،باب: الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقيمواالصلاة، (22)،(36).
    [78] - أخرجه البخاري – كتاب: الأذان، باب: السجود على سبعة أعضاء، (809)، ومسلم- كتاب: الصلاة، باب: أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب وعقص الرأس في الصلاة، (490)،(230)
    [79] - أخرجه مسلم – كتاب: الصلاة، باب: الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سمع فيهم الأذان، (382)،(9)
    [80] - أخرجه البخاري – كتاب: التيمم، باب: المتيمم هل ينفخ فيهما، (338)، ومسلم – كتاب: الحيض، باب: التيمم، (368)،(110)
    [81] - أخرجه البخاري – كتاب: التيمم، باب، (325)، ومسلم – كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب، (521)، (3)
    [82] - أخرجه الترمذي- كتاب: تفسير القرآن، باب: من سورة الأنفال، (3085)
    [83] - أخرجه البخاري- كتاب: الزكاة، باب: أخذ العناق في الصدقة، (1456)، ومسلم- كتاب الإيمان، باب: الأمربقتالالناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة، (20)، (32)
    حديث: أمرت أن أقاتل الناس
    وعن ابن عمر -- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله -تعالى- رواه البخاري ومسلم
    هذا الحديث -حديث ابن عمر -- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة .
    قوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا يعني: أن شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وما يلزم عنها من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، هذه لا بد من مطالبة الناس بها جميعا، المؤمن والكافر، وللناس جميعا أُرْسِلَ إليهم المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وأُمِرَ أن يقاتلهم بقول الله -جل وعلا-: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وبقوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ … الآية.
    حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .
    فأمر الله -جل وعلا- بالقتال حتى تُلْتَزم الشريعة، وهذا لا يعني أنه يُبْتَدأ بالقتال؛ بل هذا يكون بعد البيان، وبعد الإنذار، فقد كان -عليه الصلاة السلام- لا يغزو قوما حتى يؤذنهم، يعني: حتى يأتيهم البلاغ بالدين، فقد أرسل -عليه الصلاة والسلام- الرسائل المعروفة إلى عظماء أهل البلاد فيما حوله، يبلغهم دين الله -جل وعلا-، ويأمرهم بالإسلام، أو فالقتال، وهذا ذائع مشهور.
    إذن فقوله -عليه الصلاة والسلام-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا يعني بعد البيان والإعذار، فهو يقاتلهم حتى يلتزموا بالدين، وهل هذا يعني أنه هو الخيار الوحيد؟
    الجواب: هذا في حق المشركين؛ ولهذا حمل طائفة من أهل العلم أن الناس هنا هم المشركون الذين لا تُقْبَل منهم الجزية، ولا يقرون على الشرك.
    أما أهل الكتاب، أو من له شبهة كتاب، فإنه يُخيَّر، أهل تلك الملل ما بين المقاتلة -يعني: بين القتال- أو أن يُعطُوا الجزية، حتى يكونوا في حماية أهل الإسلام، يعني: أنهم تدخل البلد، ويكون هؤلاء رعايا لدولة الإسلام، وبذلك لا يقتلون.
    وهذا في حق أهل الكتاب واضح؛ فإن أهل الكتاب مخيَّرون بين ثلاثة أشياء:
    إمَّا أن يسلموا، فتُعْصَم دماؤهم وأموالهم.
    وإما أن يُقَاتَلُوا حتى يظهر دين الله.
    وإما أن يرضوا بدفع الجزية، وهي ضريبة على الرءوس، مال على كل رأس، فيبقوا رعايا في دولة الإسلام، ويسمون أهل الذمة.
    قوله -عليه الصلاة والسلام-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .
    المقصود بالشهادة هنا شهادة لا إله إلا الله، يعني: أن يقولوا: لا إله إلا الله، فأول الأمر أنه يُكَفّ عن قتالهم بأن يقولوا هذه الكلمة، وقد يكون قالها تعوذا، فتعصمه هذه الكلمة حتى يُنْظر عمله، ومعلوم في الصحيح قصة أسامة، وقصة خالد، حيث قتل من قال لا إله إلا الله، فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- القاتل، قال: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟ قال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا -يعني: من القتل- قال: فكيف تفعل بها إذا جاء يحاج بها يوم القيامة؟ فندم، وود أنه لم يفعل ذلك، فهذا يُكتفى فيه بالقول.
    فإذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله المقصود به هنا -يعني في مبدأ الأمر- أن يقول الكافر: أشهد أن لا إله إلا الله، أو أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
    ومن هنا اختلف العلماء: لم أضاف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعدها؟
    قال: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة .
    ومن المعلوم أنه لا يشترط -يعني بالإجماع- أنه لا يشترط في الكف عن قتال الكافر أن يقيم الصلاة وأن يؤتي الزكاة، فقالوا: هذا باعتبار المآل، يعني: قالت طائفة: هذا باعتبار المآل، يعني: يُكْتَفَى منه بالشهادتين، فيكف عنى دمه، ثم يطالب بحقها، وأعظم حقوقها الظاهرة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يكون دخل في الدين بصدق، كما قال- جل وعلا-: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ .
    فتبين بهذا أن قوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ليست على ظاهرها، من أنه لا يُكَفّ عنه حتى تجتمع الثلاثة: الشهادة، والصلاة، والزكاة.
    معلوم أنه قد يشهد قبل حلول الصلاة، ووقت الصلاة ربما، والصلاة تحتاج إلى طهارة، وإلى غسل، إلى غير ذلك، والزكاة تحتاج إلى شروط، من دوران الحول، وشروط أُخَر معروفة لوجوبها.
    قال طائفة من أهل العلم: إن المقصود هنا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أي: يلتزموا بها، يعني: أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويلتزم بجميع شعائر الإسلام، وأعظمها حقّ البدن، وحقّ الله -جل وعلا- المتعلق بالبدن، وهو الصلاة، وحق الله -جل وعلا- المتعلق بالمال وهو الزكاة.
    ومعنى الالتزام أن يقول: أنا مخاطب بهذه، فمعناها أنه دخل في العقيدة، وفي الشريعة، فإنه قد يقول: لا إله إلا الله. ولا يؤدي بعض الواجبات، لا يؤدي الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ويقول: أنا لم أدخل إلا في التوحيد، ما التزمت بهذه الأعمال.
    فقالوا: دل قوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة على وجوب الالتزام بالعبادات، يعني: أن يعتقد أنه مخاطب بكل حكم شرعي، وأنه لا يخرج عن الأحكام الشرعية؛ لأن هناك من العرب من قبلوا بشرط ألا يُخَاطبوا بترك شرب الخمر، أو ألا يكونوا مخاطبين بعدم نكاح المحارم، وأشباه ذلك.
    فالالتزام بالشريعة معناه: أن يكون معتقدا دخوله في الخطاب بكل حكم من أحكام الشريعة، وهذا -كما هو معلوم- مقترن بالشهادتين.
    لهذا قال العلماء: تُقاتَل الطائفة الممتنعة عن أداء شريعةٍ من شعائر الله، قالوا: تقاتل الطائفة الممتنعة عن أداء التزام شعيرة من شعائر الإسلام، واجبة أو مستحبة، ومعنى قولهم: "تقاتل الطائفة الممتنعة": أنه لو اجتمع أناس فقالوا: نحن نلتزم بأحكام الإسلام، لكن لا نلتزم بالأذان، بمعنى أن الأذان ليس لنا، وإنما لطائفة من الأمة أخرى.
    أو يقولون: نلتزم إلا أن بالزكاة، فالزكاة لسنا مخاطبين بأن نعطيها الإمام، يعني: أنهم يعتقدون أن شيئا من الشريعة ليسوا داخلين فيه، هذا الذي يسمى "الامتناع" الطائفة الممتنعة يعني: التي تقول هذا الحكم ليس لي، وإنما لكم، مثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر، يعني بعض مانعي الزكاة الذين ارتدوا، ومثل الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم، وأنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة، وأنهم غير مخاطبين بتحريم الزنا وأشباه ذلك.
    فيه تفاصيل لهذا، المقصود أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: أن أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة أن هذا لأداء حقوق كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
    اختلف العلماء في الفرد الذي يمتنع عن أداء الصلاة، يمتنع يعني يقول: لا أؤديها. أما الذي لا يلتزم، بمعنى يقول: أنا غير مخاطب. فسواء كان فرد أو جماعة، فإنه كافر، ليس له حق، ولا يُعْصَم ماله ولا دمه.
    لكن الذي يمتنع عن الأداء، مع التزامه بذلك، فاختلفوا: هل يُقْتَل تارك الصلاة؟ والصحيح فيها أن لا يُقْتَل حتى يستتيبه إمام أو نائبه، ويتضايق وقت الثانية عنها، ويؤمر بها ثلاثا، ثم بعد ذلك يقتل مرتدا على الصحيح.
    فاختلفوا أيضا في المانع للزكاة هل يُقْتَل؟ على روايتين عند الإمام أحمد، وعلى قولين -أيضا- عند بقية العلماء، يعني قوله: أنه يقتل، والثاني لا يقتل في الفرد الذي يمتنع عن أداء الزكاة.
    وهكذا في سائر الأحكام والصوم والحج، ثَمَّ خلاف بين أهل العلم فيمن تركه، هل يُقْتَل؟ يعني: وأصر على الترك، ودعاه الإمام وقال: افعل، هل يقتل أو لا يقتل؟ اختلفوا في هذا كله بما هو مبسوط في كتب الفروع، ومعروفة.
    قال -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك: فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم .
    دَلَّ على أن الكافر مباح المال، ومباح الدم، وأن ماله -وهو الحربي- أن ماله مباح، يعني: لا شيء في سرقة مال الحربي، وهو من بينك وبينه حرب، تحاربه، فوجدت شيئا من ماله، فلا له لا يحرم ماله؛ لأنه قد أُبِيحَ دمه، وأبيح ماله بالتبع، بخلاف المعاهد والمستأمن، أو من خانك؛ فإنه لا يجوز أن تعتدي على شيء من أموالهم، حتى ولو كان غير مسلم، إلا إذا كان حربيا.
    يعني: أن المستأمن والمعاهد والذِّمي -ولو خانوا في المال- فإنه لا يجوز التعدي على أموالهم، وإذا لم يخونوا من باب أولى؛ لأنهم لم يُبَحْ مالهم، وقد جاء في الحديث: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك لأنك تعاملهم لحق الله -جل وعلا-، فلا تستبيح مالهم لأجل ما هم عليه؛ بل تؤدي فيهم حق الله -جل وعلا.
    أما مَن ليس كذلك -يعني المشرك الذي أبَى أن يشهد ألا إله إلا الله، وأن يقيم الصلاة، وأن يؤتي الزكاة- فهذا لا يحرم ماله ودمه؛ بل يباح منه الدم، فيقتل على الكفر؛ لأنه أصر على ذلك، يعني بعد إقامة الحجة عليه، أو بعد الإعذار؛ لأن هذه هو الأصل.
    وجاء في صحيح مسلم ما هو بخلاف الأصل، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حديث ابن عباس المعروف: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غزا قوما وهم غارُّون يعني: بدون أن يؤذنهم. وهذا كالاستثناء من الأصل، وله بعض أحكامه مما هو استثناء من القاعدة، فالأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقاتل قوما حتى يؤذنهم، حتى يبلغهم، وربما فعل غير ذلك في قصة بني المصطلق المعروفة، أنه غزاهم وهم غارُّون، في تفاصيل ذلك.
    قال: عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله جل وعلا .
    حق الإسلام: يعني ما جاء في الإسلام التشريع به، من إباحة الدم، أو إباحة المال، فإذا شهدوا الشهادتين، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإنهم إخواننا، فتحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، يعني: إلا بما أباح الإسلام، أو شرع الله -جل وعلا- في هذه الشريعة أن دمهم مباح، مثل الثيب الزاني، والنفس بالنفس، وما أشبه ذلك مما هو معروف، وسيأتي بعضه في الحديث: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى الثلاث .
    قال: وحسابهم على الله عز وجل .
    هذا لما تقدم من أنه قد يشهد، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة ظاهرا، فنقول: نقبل منه الظاهر، ونَكِلُ سريرته إلى الله -جل وعلا- كحال المنافقين، المنافقون نعلم أنهم كفار، لكن نعصم دمهم ومالهم بما أظهروه، وحسابهم على الله -جل وعلا.
    بهذا نقول: الكفر كفران:
    كفر رِدّة : تترتب عليه الأحكام، من إباحة المال والدم.
    وكفر نفاق: نعلم أنه كافر، ويُحْكَم عليه بأنه كافر، لكن لا تترتب عليه أحكام الكفر؛ لأنه ملحق بالمنافقين، وهذا معروف في تفاصيله في كلام أهل العلم.
    فتح الباري بشرح صحيح البخاري
    قوله : ( حدثنا عبد الله بن محمد ) ‏
    ‏زاد ابن عساكر " المسندي " وهو بفتح النون كما مضى , قال حدثنا أبو روح هو بفتح الراء . ‏
    ‏قوله : ( الحرمي ) ‏
    ‏هو بفتح المهملتين , وللأصيلي حرمي , وهو اسم بلفظ النسب تثبت فيه الألف واللام وتحذف , مثل مكي بن إبراهيم الآتي بعد , وقال الكرماني : أبو روح كنيته , واسمه ثابت والحرمي نسبته , كذا قال . وهو خطأ من وجهين : أحدهما في جعله اسمه نسبته , والثاني في جعله اسم جده اسمه , وذلك أنه حرمي بن عمارة بن أبي حفصة واسم أبي حفصة نابت , وكأنه رأى في كلام بعضهم واسمه نابت فظن أن الضمير يعود على حرمي لأنه المتحدث عنه , وليس كذلك بل الضمير يعود على أبي حفصة لأنه الأقرب , وأكد ذلك عنده وروده في هذا السند " الحرمي " بالألف واللام وليس هو منسوبا إلى الحرم بحال لأنه بصري الأصل والمولد والمنشأ والمسكن والوفاة . ولم يضبط نابتا كعادته وكأنه ظنه بالمثلثة كالجادة والصحيح أن أوله نون . ‏
    ‏قوله : ( عن واقد بن محمد ) ‏
    ‏زاد الأصيلي : يعني ابن زيد بن عبد الله بن عمر فهو من رواية الأبناء عن الآباء , وهو كثير لكن رواية الشخص عن أبيه عن جده أقل , وواقد هنا روى عن أبيه عن جد أبيه , وهذا الحديث غريب الإسناد تفرد بروايته شعبة عن واقد قاله ابن حبان , وهو عن شعبة عزيز تفرد بروايته عنه حرمي هذا وعبد الملك بن الصباح , وهو عزيز عن حرمي تفرد به عنه المسندي وإبراهيم بن محمد بن عرعرة , ومن جهة إبراهيم أخرجه أبو عوانة وابن حبان والإسماعيلي وغيرهم . وهو غريب عن عبد الملك تفرد به عنه أبو غسان مالك بن عبد الواحد شيخ مسلم , فاتفق الشيخان على الحكم بصحته مع غرابته , وليس هو في مسند أحمد على سعته . وقد استبعد قوم صحته بأن الحديث لو كان عند ابن عمر لما ترك أباه ينازع أبا بكر في قتال مانعي الزكاة , ولو كانوا يعرفونه لما كان أبو بكر يقر عمر على الاستدلال بقوله عليه الصلاة والسلام " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " , وينتقل عن الاستدلال بهذا النص إلى القياس إذ قال : لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ; لأنها قرينتها في كتاب الله . والجواب أنه لا يلزم من كون الحديث المذكور عند ابن عمر أن يكون استحضره في تلك الحالة , ولو كان مستحضرا له فقد يحتمل أن لا يكون حضر المناظرة المذكورة , ولا يمتنع أن يكون ذكره لهما بعد , ولم يستدل أبو بكر في قتال مانعي الزكاة بالقياس فقط , بل أخذه أيضا من قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه " إلا بحق الإسلام " , قال أبو بكر : والزكاة حق الإسلام . ولم ينفرد ابن عمر بالحديث المذكور . بل رواه أبو هريرة أيضا بزيادة الصلاة والزكاة فيه كما سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في كتاب الزكاة . ‏
    ‏وفي القصة دليل على أن السنة قد تخفى على بعض أكابر الصحابة ويطلع عليها آحادهم , ولهذا لا يلتفت إلى الآراء ولو قويت مع وجود سنة تخالفها , ولا يقال كيف خفي ذا على فلان ؟ والله الموفق . ‏
    ‏قوله : ( أمرت ) ‏
    ‏أي : أمرني الله ; لأنه لا آمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الله , وقياسه في الصحابي إذا قال أمرت فالمعنى أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا يحتمل أن يريد أمرني صحابي آخر لأنهم من حيث إنهم مجتهدون لا يحتجون بأمر مجتهد آخر , وإذا قاله التابعي احتمل . والحاصل أن من اشتهر بطاعة رئيس إذا قال ذلك فهم منه أن الآمر له هو ذلك الرئيس . ‏
    ‏قوله : ( أن أقاتل ) ‏
    ‏أي : بأن أقاتل , وحذف الجار من " أن " كثير . ‏
    ‏قوله : ( حتى يشهدوا ) ‏
    ‏جعلت غاية المقاتلة وجود ما ذكر , فمقتضاه أن من شهد وأقام وآتى عصم دمه ولو جحد باقي الأحكام , والجواب أن الشهادة بالرسالة تتضمن التصديق بما جاء به , مع أن نص الحديث وهو قوله " إلا بحق الإسلام " يدخل فيه جميع ذلك . فإن قيل : فلم لم يكتف به ونص على الصلاة والزكاة ؟ فالجواب أن ذلك لعظمهما والاهتمام بأمرهما ; لأنهما إما العبادات البدنية والمالية . ‏
    ‏قوله : ( ويقيموا الصلاة ) ‏
    ‏أي : يداوموا على الإتيان بها بشروطها , من قامت السوق إذا نفقت , وقامت الحرب إذا اشتد القتال . أو المراد بالقيام الأداء - تعبيرا عن الكل بالجزء - إذ القيام بعض أركانها . والمراد بالصلاة المفروض منها , لا جنسها , فلا تدخل سجدة التلاوة مثلا وإن صدق اسم الصلاة عليها . وقال الشيخ محيي الدين النووي في هذا الحديث : إن من ترك الصلاة عمدا يقتل . ثم ذكر اختلاف المذاهب في ذلك . وسئل الكرماني هنا عن حكم تارك الزكاة , وأجاب بأن حكمهما واحد لاشتراكهما في الغاية , وكأنه أراد في المقاتلة , أما في القتل فلا . والفرق أن الممتنع من إيتاء الزكاة يمكن أن تؤخذ منه قهرا , بخلاف الصلاة , فإن انتهى إلى نصب القتال ليمنع الزكاة قوتل , وبهذه الصورة قاتل الصديق مانعي الزكاة , ولم ينقل أنه قتل أحدا منهم صبرا . وعلى هذا ففي الاستدلال بهذا الحديث على قتل تارك الصلاة نظر ; للفرق بين صيغة أقاتل وأقتل . والله أعلم . وقد أطنب ابن دقيق العيد في شرح العمدة في الإنكار على من استدل بهذا الحديث على ذلك وقال : لا يلزم من إباحة المقاتلة إباحة القتل لأن المقاتلة مفاعلة تستلزم وقوع القتال من الجانبين , ولا كذلك القتل . وحكى البيهقي عن الشافعي أنه قال : ليس القتال من القتل بسبيل , قد يحل قتال الرجل ولا يحل قتله . ‏
    ‏قوله : ( فإذا فعلوا ذلك ) ‏
    ‏فيه التعبير بالفعل عما بعضه قول , إما على سبيل التغليب , وإما على إرادة المعنى الأعم , إذ القول فعل اللسان . ‏
    ‏قوله : ( عصموا ) ‏
    ‏أي : منعوا , وأصل العصمة من العصام وهو الخيط الذي يشد به فم القربة ليمنع سيلان الماء . ‏
    ‏قوله : ( وحسابهم على الله ) ‏
    ‏أي : في أمر سرائرهم , ولفظة " على " مشعرة بالإيجاب , وظاهرها غير مراد , فإما أن تكون بمعنى اللام أو على سبيل التشبيه , أي : هو كالواجب على الله في تحقق الوقوع . وفيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما يقتضيه الظاهر , والاكتفاء في قبول الإيمان بالاعتقاد الجازم خلافا لمن أوجب تعلم الأدلة , وقد تقدم ما فيه . ويؤخذ منه ترك تكفير أهل البدع المقرين بالتوحيد الملتزمين للشرائع , وقبول توبة الكافر من كفره , من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو باطن . فإن قيل : مقتضى الحديث قتال كل من امتنع من التوحيد , فكيف ترك قتال مؤدي الجزية والمعاهد ؟ فالجواب من أوجه , أحدها : دعوى النسخ بأن يكون الإذن بأخذ الجزية والمعاهدة متأخرا عن هذه الأحاديث , بدليل أنه متأخر عن قوله تعالى ( اقتلوا المشركين ) . ‏
    ‏ثانيها : أن يكون من العام الذي خص منه البعض ; لأن المقصود من الأمر حصول المطلوب , فإذا تخلف البعض لدليل لم يقدح في العموم . ‏
    ‏ثالثها : أن يكون من العام الذي أريد به الخاص , فيكون المراد بالناس في قوله " أقاتل الناس " أي : المشركين من غير أهل الكتاب , ويدل عليه رواية النسائي بلفظ " أمرت أن أقاتل المشركين " . فإن قيل : إذا تم هذا في أهل الجزية لم يتم في المعاهدين ولا فيمن منع الجزية , أجيب بأن الممتنع في ترك المقاتلة رفعها لا تأخيرها مدة كما في الهدنة , ومقاتلة من امتنع من أداء الجزية بدليل الآية . ‏
    ‏رابعها : أن يكون المراد بما ذكر من الشهادة وغيرها التعبير عن إعلاء كلمة الله وإذعان المخالفين , فيحصل في بعض بالقتل وفي بعض بالجزية وفي بعض بالمعاهدة . ‏
    ‏خامسها : أن يكون المراد بالقتال هو , أو ما يقوم مقامه , من جزية أو غيرها . سادسها : أن يقال الغرض من ضرب الجزية اضطرارهم إلى الإسلام , وسبب السبب سبب , فكأنه قال : حتى يسلموا أو يلتزموا ما يؤديهم إلى الإسلام , وهذا أحسن , ويأتي فيه ما في الثالث وهو آخر الأجوبة , والله أعلم . ‏
    عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلاه إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى ) متفق عليه.
    شرح خالد بن سعود البلهيد
    هذا الحديث في بيان التعامل مع الكفار ، وبيان حرمة دم المسلم وماله ، وفي الحديث مسائل:
    الأولى – دل الحديث على وجوب قتال الكفار على اختلاف أجناسهم لقوله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس) وهذا الحكم لم ينسخ ,بل باق إلى يوم القيامة ويشمل كل أنواع الكفار فالأصل قتالهم عند الإستطاعة على ذلك لإعلاء كلمة الله قال تعالى ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) وهذا قتال الطلب ، والجهاد ضربان : قتال طلب وهو أعلاهما, وقتال دفع وكلاهما قد دلت النصوص على شرعيته خلافا لمن زعم أنه لا جهاد في الإسلام إلا جهاد الدفع متابعة وانسياقا وراء المستشرقين في أطروحاتهم وهي شبهة فاسدة شاعت في أوساط متأخري المفكرين . وليس القتال مقصودا لذاته في الإسلام وإنما شرع القتال وسيلة لنشر الدين وإظهاره في الأرض وإزالة العوائق والموانع التي تحول دون سماع الحق واتباعه ، ولهذا جعل الشارع الحكيم للقتال آدابا وضوابط تهذبه وترقى به وتميزه عن الوحشية والظلم.
    الثانية – جعل النبي صلى الله عليه وسلم دخول الكفار في الإسلام غاية لترك القتال كما قال تعالى ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) وقد دل القرآن أيضا على أنهم إذا أعطوا الجزية وعاهدوا ترك قتالهم كما قال تعالى ( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ) وثبت في صحيح مسلم من حديث بريدة الطويل قوله صلى الله عليه وسلم ( وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ) والحاصل أن الكفار يخيرون إما أن يدخلوا في الإسلام وإما أن يعاهدوا ويعطوا الجزية وإما القتال فإن أسلموا أو أعطوا الجزية كف عنهم وإلا قوتلوا.
    الثالثة – في الحديث إشارة إلى أن الطريق الشرعي في دخول الإسلام هو النطق بالشهادتين فحسب لقوله صلى الله عليه وسلم ( حتى يشهدوا ) أي يقروا بالتوحيد والرسالة ، ولا يصح إسلام أحد بغير هذا ، خلافا لمن زعم من المتكلمين أن أول واجب على المكلف هو النظر في الآيات أو الشك ثم النظر أو غير ذلك من التكلفات السمجة المخالفة للكتاب والسنة واعتقاد منهج السلف الصالح.
    الرابعة – من أقرّ بالشهادتين قبل منه ,وعصم دمه وماله وعومل معاملة المسلمين ثم إذا دخل في الإسلام أمر ببقية شرائع الإسلام فإن التزم كان مسلما وإن لم يلتزم الشرائع أو وحصل منه شيء من النواقض بطل إسلامه ولم يحكم له بذلك ، ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أسامة بن زيد قتله من قال لا إلاه إلا الله لما رفع عليه السيف ، ولم يكن صلى الله عليه وسلم يشترط على من جاءه يريد الإسلام أن يلتزم الصلاة والزكاة ، وروي أنه قبل من ثقيف الإسلام واشترطوا عدم الزكاة ، وأخذ الإمام أحمد بهذا وقال يصح الإسلام على الشرط الفاسد ثم يلزم بشرائع الإسلام ، وفي ذلك مخرج حسن للداعية الذي يباشر دعوة الكفار أن يتألفهم في بادئ الأمر على قبول الشهادتين ولا يأمرهم بالفرائض وترك ماهم عليه من المحرمات فإنه يشق عليهم ذلك من أول وهلة في الغالب فإذا اطمأنت قلوبهم بالإيمان وحصل منهم إذعان أمرهم بالشرائع ، وهذا أدب التدرج في فقه دعوة الكفار وتألفهم على الإسلام.
    الخامسة – قوله صلى الله عليه وسلم ( إلا بحق الإسلام) يفيد جواز قتل من أبيحت حرمته بحق الإسلام ولو نطق بالشهادتين ، فمن ارتكب فعلا يبيح دم المسلم بالشرع قتل وأبيح دمه وماله كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا يحل دم امرىء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة ) ، ويدخل في ترك الدين أنواع كثيرة من الردة كالكفر والشرك والسحر والإستهزاء بالله أو رسوله أو الشعائر وترك الصلاة وادعاء الغيب ونحو ذلك مما دل الشرع على الكفر به .
    السادسة – أفاد الحديث عظم حرمة دم المسلم وتحريم قتله لأي سبب من الأسباب مهما أخل بالواجبات وفعل من الكبائر إلا ما دل الشرع عليه ،
    فلا يحل لأحد التعرض للمسلم وانتهاك حرمته ، والإستخفاف بدماء المسلمين واستباحتها من طريقة الخوارج قاتلهم الله ، وفي سنن النسائي عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم". ونظر ابن عمر -- يوما إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: "ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك". وكذلك الذمي المعاهد حرم الشرع دمه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما ) رواه البخاري. وقد كان السلف شديدوا الورع في دماء المسلمين قال بشير بن عقبة " قلت ليزيد الشخير ما كان مطرف يصنع إذا هاج الناس قال يلزم قعر بيته ولا يقرب لهم جمعة ولا جماعة حتى تنجلي " ، وأول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ومن لم يصب دما حراما فهو في فسحة من أمره ، وتساهل العبد في دماء الناس دليل على ضعف بصيرته وقلة ورعه وتعرضه للفتن والله المستعان.
    السابعة – قوله صلى الله عليه وسلم ( وحسابهم على الله عز وجل ) يعني أن الشهادتين وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة تعصم دم صاحبها وماله في الدنيا أما في الآخرة فحسابه على الله عز وجل فإن كان صادقا أدخله الله الجنة بذلك وإن كان كاذبا كان في جملة المنافقين الذين يدخلهم الله في الدرك الأسفل من النار كما قال تعالى ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ) ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل المنافقين الذين يظهرون الإسلام معاملة
    حديث: أمرت أن أقاتل الناس
    وعن ابن عمر -- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله -تعالى- رواه البخاري ومسلم
    ................................................
    تخريج الحديث .. .
    رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردذبه البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما الذين هما أصح الكتب المصنفة.
    ................................................
    رواي الحديث .. .
    هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، يكنى أبا عبد الرحمن، أمه زينب بنت مظعون، أسلم بمكة مع أبيه ولم يكن بالغًا حينئذٍ، وهاجر مع أبيه إلى المدينة وعرض على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم بدر فرده ويوم أحد فرده لصغر سنه، وعرض عليه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه
    وعن سعيد بن المسيب قال: كان أشبه ولد عمر بعمر عبد الله، وأشبه ولد عبد الله بعبد الله سالم
    مات بمكة سنة أربع وسبعين وقيل سنة ثلاث وسبعين وهو ابن أربع وثمانين سنة رضي الله عنه رحمه الله ورضي عنه وأرضاه .
    ................................................
    شرح الحديث .. .
    هذا الحديث -حديث ابن عمر -- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة .
    قوله: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا يعني: أن شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وما يلزم عنها من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، هذه لا بد من مطالبة الناس بها جميعا، المؤمن والكافر، وللناس جميعا أُرْسِلَ إليهم المصطفى -عليه الصلاة والسلام-، وأُمِرَ أن يقاتلهم بقول الله -جل وعلا-: وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً
    وبقوله: قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ … الآية.
    حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .
    فأمر الله -جل وعلا- بالقتال حتى تُلْتَزم الشريعة، وهذا لا يعني أنه يُبْتَدأ بالقتال؛ بل هذا يكون بعد البيان، وبعد الإنذار، فقد كان -عليه الصلاة السلام- لا يغزو قوما حتى يؤذنهم، يعني: حتى يأتيهم البلاغ بالدين، فقد أرسل -عليه الصلاة والسلام- الرسائل المعروفة إلى عظماء أهل البلاد فيما حوله، يبلغهم دين الله -جل وعلا-، ويأمرهم بالإسلام، أو فالقتال، وهذا ذائع مشهور.
    إذن فقوله -عليه الصلاة والسلام-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا يعني بعد البيان والإعذار، فهو يقاتلهم حتى يلتزموا بالدين، وهل هذا يعني أنه هو الخيار الوحيد؟
    الجواب: هذا في حق المشركين؛ ولهذا حمل طائفة من أهل العلم أن الناس هنا هم المشركون الذين لا تُقْبَل منهم الجزية، ولا يقرون على الشرك.
    أما أهل الكتاب، أو من له شبهة كتاب، فإنه يُخيَّر، أهل تلك الملل ما بين المقاتلة -يعني: بين القتال- أو أن يُعطُوا الجزية، حتى يكونوا في حماية أهل الإسلام، يعني: أنهم تدخل البلد، ويكون هؤلاء رعايا لدولة الإسلام، وبذلك لا يقتلون.
    وهذا في حق أهل الكتاب واضح؛ فإن أهل الكتاب مخيَّرون بين ثلاثة أشياء:
    إمَّا أن يسلموا، فتُعْصَم دماؤهم وأموالهم.
    وإما أن يُقَاتَلُوا حتى يظهر دين الله.
    وإما أن يرضوا بدفع الجزية، وهي ضريبة على الرءوس، مال على كل رأس، فيبقوا رعايا في دولة الإسلام، ويسمون أهل الذمة.
    قوله -عليه الصلاة والسلام-: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله .
    المقصود بالشهادة هنا شهادة لا إله إلا الله، يعني: أن يقولوا: لا إله إلا الله، فأول الأمر أنه يُكَفّ عن قتالهم بأن يقولوا هذه الكلمة، وقد يكون قالها تعوذا، فتعصمه هذه الكلمة حتى يُنْظر عمله، ومعلوم في الصحيح قصة أسامة، وقصة خالد، حيث قتل من قال لا إله إلا الله، فلما سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- القاتل، قال: أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله؟ قال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا -يعني: من القتل- قال: فكيف تفعل بها إذا جاء يحاج بها يوم القيامة؟ فندم، وود أنه لم يفعل ذلك، فهذا يُكتفى فيه بالقول.
    فإذن قوله -عليه الصلاة والسلام-: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله المقصود به هنا -يعني في مبدأ الأمر- أن يقول الكافر: أشهد أن لا إله إلا الله، أو أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.
    ومن هنا اختلف العلماء: لم أضاف إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة بعدها؟
    قال: حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة .
    ومن المعلوم أنه لا يشترط -يعني بالإجماع- أنه لا يشترط في الكف عن قتال الكافر أن يقيم الصلاة وأن يؤتي الزكاة، فقالوا: هذا باعتبار المآل، يعني: قالت طائفة: هذا باعتبار المآل، يعني: يُكْتَفَى منه بالشهادتين، فيكف عنى دمه، ثم يطالب بحقها، وأعظم حقوقها الظاهرة إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، حتى يكون دخل في الدين بصدق، كما قال- جل وعلا-: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ .
    فتبين بهذا أن قوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ليست على ظاهرها، من أنه لا يُكَفّ عنه حتى تجتمع الثلاثة: الشهادة، والصلاة، والزكاة.
    معلوم أنه قد يشهد قبل حلول الصلاة، ووقت الصلاة ربما، والصلاة تحتاج إلى طهارة، وإلى غسل، إلى غير ذلك، والزكاة تحتاج إلى شروط، من دوران الحول، وشروط أُخَر معروفة لوجوبها.
    قال طائفة من أهل العلم: إن المقصود هنا ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة أي: يلتزموا بها، يعني: أن يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، ويلتزم بجميع شعائر الإسلام، وأعظمها حقّ البدن، وحقّ الله -جل وعلا- المتعلق بالبدن، وهو الصلاة، وحق الله -جل وعلا- المتعلق بالمال وهو الزكاة.
    ومعنى الالتزام أن يقول: أنا مخاطب بهذه، فمعناها أنه دخل في العقيدة، وفي الشريعة، فإنه قد يقول: لا إله إلا الله. ولا يؤدي بعض الواجبات، لا يؤدي الصلاة، ولا يؤدي الزكاة، ويقول: أنا لم أدخل إلا في التوحيد، ما التزمت بهذه الأعمال.
    فقالوا: دل قوله: ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة على وجوب الالتزام بالعبادات، يعني: أن يعتقد أنه مخاطب بكل حكم شرعي، وأنه لا يخرج عن الأحكام الشرعية؛ لأن هناك من العرب من قبلوا بشرط ألا يُخَاطبوا بترك شرب الخمر، أو ألا يكونوا مخاطبين بعدم نكاح المحارم، وأشباه ذلك.
    للشرح بقية بإذن الله .. .
    من شرح الشيخ صالح عبدالعزيز ال الشيخ
    فالالتزام بالشريعة معناه:
    أن يكون معتقدا دخوله في الخطاب بكل حكم من أحكام الشريعة، وهذا -كما هو معلوم- مقترن بالشهادتين.
    لهذا قال العلماء: تُقاتَل الطائفة الممتنعة عن أداء شريعةٍ من شعائر الله، قالوا: تقاتل الطائفة الممتنعة عن أداء التزام شعيرة من شعائر الإسلام، واجبة أو مستحبة، ومعنى قولهم: "تقاتل الطائفة الممتنعة": أنه لو اجتمع أناس فقالوا: نحن نلتزم بأحكام الإسلام، لكن لا نلتزم بالأذان، بمعنى أن الأذان ليس لنا، وإنما لطائفة من الأمة أخرى.
    أو يقولون: نلتزم إلا أن بالزكاة، فالزكاة لسنا مخاطبين بأن نعطيها الإمام، يعني: أنهم يعتقدون أن شيئا من الشريعة ليسوا داخلين فيه، هذا الذي يسمى "الامتناع" الطائفة الممتنعة يعني: التي تقول هذا الحكم ليس لي، وإنما لكم، مثل مانعي الزكاة في عهد أبي بكر، يعني بعض مانعي الزكاة الذين ارتدوا، ومثل الذين يزعمون سقوط التكاليف عنهم، وأنهم غير مخاطبين بالصلاة والزكاة، وأنهم غير مخاطبين بتحريم الزنا وأشباه ذلك.
    فيه تفاصيل لهذا، المقصود أن قوله -عليه الصلاة والسلام-: أن أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة أن هذا لأداء حقوق كلمة التوحيد "لا إله إلا الله محمد رسول الله".
    اختلف العلماء في الفرد الذي يمتنع عن أداء الصلاة، يمتنع يعني يقول: لا أؤديها. أما الذي لا يلتزم، بمعنى يقول: أنا غير مخاطب. فسواء كان فرد أو جماعة، فإنه كافر، ليس له حق، ولا يُعْصَم ماله ولا دمه.
    لكن الذي يمتنع عن الأداء، مع التزامه بذلك، فاختلفوا: هل يُقْتَل تارك الصلاة؟ والصحيح فيها أن لا يُقْتَل حتى يستتيبه إمام أو نائبه، ويتضايق وقت الثانية عنها، ويؤمر بها ثلاثا، ثم بعد ذلك يقتل مرتدا على الصحيح.
    فاختلفوا أيضا في المانع للزكاة هل يُقْتَل؟ على روايتين عند الإمام أحمد، وعلى قولين -أيضا- عند بقية العلماء، يعني قوله: أنه يقتل، والثاني لا يقتل في الفرد الذي يمتنع عن أداء الزكاة.
    وهكذا في سائر الأحكام والصوم والحج، ثَمَّ خلاف بين أهل العلم فيمن تركه، هل يُقْتَل؟ يعني: وأصر على الترك، ودعاه الإمام وقال: افعل، هل يقتل أو لا يقتل؟ اختلفوا في هذا كله بما هو مبسوط في كتب الفروع، ومعروفة.
    قال -عليه الصلاة والسلام- بعد ذلك: فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم .
    دَلَّ على أن الكافر مباح المال، ومباح الدم، وأن ماله -وهو الحربي- أن ماله مباح، يعني: لا شيء في سرقة مال الحربي، وهو من بينك وبينه حرب، تحاربه، فوجدت شيئا من ماله، فلا له لا يحرم ماله؛ لأنه قد أُبِيحَ دمه، وأبيح ماله بالتبع، بخلاف المعاهد والمستأمن، أو من خانك؛ فإنه لا يجوز أن تعتدي على شيء من أموالهم، حتى ولو كان غير مسلم، إلا إذا كان حربيا.
    يعني: أن المستأمن والمعاهد والذِّمي -ولو خانوا في المال- فإنه لا يجوز التعدي على أموالهم، وإذا لم يخونوا من باب أولى؛ لأنهم لم يُبَحْ مالهم، وقد جاء في الحديث: أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك لأنك تعاملهم لحق الله -جل وعلا-، فلا تستبيح مالهم لأجل ما هم عليه؛ بل تؤدي فيهم حق الله -جل وعلا.
    أما مَن ليس كذلك -يعني المشرك الذي أبَى أن يشهد ألا إله إلا الله، وأن يقيم الصلاة، وأن يؤتي الزكاة- فهذا لا يحرم ماله ودمه؛ بل يباح منه الدم، فيقتل على الكفر؛ لأنه أصر على ذلك، يعني بعد إقامة الحجة عليه، أو بعد الإعذار؛ لأن هذه هو الأصل.
    وجاء في صحيح مسلم ما هو بخلاف الأصل، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حديث ابن عباس المعروف: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غزا قوما وهم غارُّون يعني: بدون أن يؤذنهم. وهذا كالاستثناء من الأصل، وله بعض أحكامه مما هو استثناء من القاعدة، فالأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقاتل قوما حتى يؤذنهم، حتى يبلغهم، وربما فعل غير ذلك في قصة بني المصطلق المعروفة، أنه غزاهم وهم غارُّون، في تفاصيل ذلك.
    قال: عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله جل وعلا .
    حق الإسلام: يعني ما جاء في الإسلام التشريع به، من إباحة الدم، أو إباحة المال، فإذا شهدوا الشهادتين، وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فإنهم إخواننا، فتحرم دماؤهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، يعني: إلا بما أباح الإسلام، أو شرع الله -جل وعلا- في هذه الشريعة أن دمهم مباح، مثل الثيب الزاني، والنفس بالنفس، وما أشبه ذلك مما هو معروف، وسيأتي بعضه في الحديث: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى الثلاث .
    قال: وحسابهم على الله عز وجل .
    هذا لما تقدم من أنه قد يشهد، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة ظاهرا، فنقول: نقبل منه الظاهر، ونَكِلُ سريرته إلى الله -جل وعلا- كحال المنافقين، المنافقون نعلم أنهم كفار، لكن نعصم دمهم ومالهم بما أظهروه، وحسابهم على الله -جل وعلا.
    بهذا نقول: الكفر كفران:
    كفر رِدّة : تترتب عليه الأحكام، من إباحة المال والدم.
    وكفر نفاق: نعلم أنه كافر، ويُحْكَم عليه بأنه كافر، لكن لا تترتب عليه أحكام الكفر؛ لأنه ملحق بالمنافقين، وهذا معروف في تفاصيله في كلام أهل العلم.
    تم بحمد الله شرح هذا الحديث
    من شرح الشيخ صالح عبدالعزيز ال الشيخ
    كتبته وجمعته ونقلته من كلام اهل العلم للعظه والفائده
    ابو اسامه المصرى
    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 11 ماي, 2024, 12:19 ص.

مواضيع ذات صلة

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 2 أسابيع
ردود 0
116 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, منذ 3 أسابيع
ردود 0
24 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 14 أكت, 2024, 04:41 ص
ردود 0
240 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 27 سبت, 2024, 09:29 م
ردود 0
116 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة أحمد الشامي1
بواسطة أحمد الشامي1
ابتدأ بواسطة الشهاب_الثاقب, 13 أغس, 2024, 06:03 ص
ردود 3
118 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة الشهاب_الثاقب
يعمل...