هل شهد القران لصحة الكتاب المقدس؟
بقلم العبد الفقير لله " كرم عثمان"
كنت فى حوار مع احدى النصارى وقلت له إن عقديتنا فى الكتاب المقدس تقول إنه محرف , فقال لى كيف يكون محرف والقران قال إنه وحى من عند الله بل واحتكم إليه وأيضا شهد بصحته وقال هذا الدليل على ما أقولواستشهد بالآيات والأحاديث الآتيه :
( 1) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ النحل(43)
( 2 )وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ المائدة 43
( 3 )الم يقل نبى الاسلام عن التوراه("آمنت بك وبمن أنزلك )المصدر:صحيح أبي داود
الرد بعون الله ومدده :
( أولا ) لا خلاف أن القران والسنة أقرت بما لا يدع مجال للشك أن الكتاب المقدس محرف .
فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خائنة مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }المائدة13
فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ البقرة79.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال إنه أتى الشام فرأى النصارى يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم فقال : لأي شيء تصنعون هذا , قالوا : هذا كان تحية الأنبياء قبلنا , فقلت نحن أحق أن نصنع هذا بنبينا , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنهم كذبوا على أنبيائهم كما حرفوا كتابهم , إن الله عز وجل أبدلنا خيرًا من ذلك السلام تحية أهل الجنة
( أخرجه أحمد في مسنده " مسند الكوفيين " برقم 18591).
سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد السادس 2694
إن بني إسرائيل لما طال الأمد وقست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم ، استهوته قلوبهم ، واستحلته ألسنتهم ، وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم ، حتى نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون ، فقالوا : _ الأصل : فقال _ اعرضواهذا الكتاب على بني إسرائيل ، فإن تابعوكم عليه ، فاتركوهم ، وإن خالفوكم فاقتلوهم . قال : لا ، بل ابعثوا إلى فلان _ رجل من علمائهم _ فإن تابعكم فلن يختلف عليكم بعده أحد . فأرسلوا إليه فدعوه ، فأخذ ورقة فكتب فيها كتاب الله ، ثم أدخلها في قرن، ثم علقها في عنقه ، ثم لبس عليها الثياب ، ثم أتاهم ، فعرضوا عليه الكتاب فقالوا : تؤمن بهذا ؟ فأشار إلى صدره _ يعني الكتاب الذي في القرن _ فقال : آمنت بهذا ،وما لي لا أومن بهذا ؟ فخلوا سبيله . قال : وكان له أصحاب يغشونه فلما حضرته الوفاة أتوه ، فلما نزعوا ثيابه وجدوا القرن في جوفه الكتاب ، فقالوا : ألا ترون إلى قوله : آمنت بهذا ، وما لي لا أومن بهذا ، فإنما عنى بـ( هذا ) هذا الكتاب الذي في القرن قال : فاختلف بنو إسرائيل على بضع وسبعين فرقة ، خير مللهم أصحاب أبي القرن ] . ( صحيح ) . وله شاهد مختصرا جدا من رواية أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بني إسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه ، وتركوا التوراة ( ثانيا ) هذه الايات لا تقول ان الكتاب المقدس ليس محرف ولكن الفهم الخاطئ وترديد الكلام هو من أوجد هذه المشكله ونطرح ايه ايه ونرد عليها بعون الله ومده :
( 1) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ النحل(43)
( أ ) قوله الله عز وجل (فاسألوا أهل الذكر ) هو أمر من الله عز وجل إلى كفار قريش وليس للمسلم كما تدعى وهو أمر خاص بواقعة معينة وذلك حينما قال كفار قريش إن الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الله لهم اسألوا أهل اليهود والنصارى هل بعث الله إليهم أنبياء ورسل بشر أم ملائكة .
تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ } رد لقول قريش: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، أي جرت السنة الإِلهية بأن لا يبعث للدعوة العامة إلا بشراً يوحي إليه على ألسنة الملائكة، والحكمة في ذلك وقد ذكرت في سورة «الأنعام» فإن شككتم فيه. { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ } أهل الكتاب أو علماء الأخبار ليعلموكم. { إِن كُنْتُم لاَ تَعْلَمُونَ }
تفسير الكشاف/ الزمخشري (ت 538 هـ)
قالت قريش: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، فقيل { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِى إِلَيْهِمْ } على ألسنة الملائكة { فاسألوا أَهْلَ ٱلذّكْرِ } وهم أهل الكتاب، ليعلموكم أن الله لم يبعث إلى الأمم السالفة إلا بشراً.
تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحيۤ إِلَيْهِمْ } ، نزلت في مشركى مكة حيث أنكروا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم،
وقالوا: الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً، فهلاّ بعث إلينا مَلَكاً؟
تفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل/ النسفي (ت 710 هـ)
وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نوحي إِلَيْهِمْ } ـ يوحى إليهم ـ على ألسنة الملائكة. { نوحي } حفص { فَٱسْأَلُواْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ } أهل الكتاب ليعلموكم أن الله لم يبعث إلى الأمم السالفة إلا بشراً.
تفسير أضواء البيان في تفسير القرآن/ الشنقيطي (ت 1393 هـ)
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه لم يرسل قبله صلى الله عليه وسلم من الرسل إلا رجالاً، أي لا ملائكة. وذلك أن الكفار استغربوا جداً بعث الله رسلاً من البشر، وقالوا: الله أعظم من أن يرسل بشراً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق. فلو كان مرسلاً أحداً حقاً لأرسل ملائكة كما بينه تعالى في آيات كثيرة، كقوله:
{ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاس }
( ب ) من أساليب القران المعروفه لغويا أسلوب توجيه السؤال وقد يكون هذا السؤال (استنكاري أو استنفاري أو استفساري ) والسؤال استنكاري وهو من باب أقامة الحجة مع معرفة الاجابه مسبقا وهو أسلوب متداول في القران :
* يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤوا إن الله مخرج ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون
* يأهل الكتاب لِمَ تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون
* يا أهل الكتاب لِمَ تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون
* يا أهل الكتاب لِمَ تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون
وللعلم توجيه السؤال هنا من الله عز وجل إلى كفار قريش لأن اليهود والمسلمين وحتى النصارى يتفقون أن الانبياء والرسل بشر وليسوا ملائكه, فلما اتفقوا المسلمين والنصارى واليهود فى هذا الأمر أمر الله عز وجل سؤال كفار قريش لليهود والنصارى من باب إقامة الحجه عليهم لأن الأنبياء والرسل الذى كانوا قبل النبى محمد كانوا فى هؤلاء القوم ( اليهود والنصارى ) .
( 2 )وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ المائدة43
( أ ) هذه الايه لا تقول أن الكتاب المقدس لم يحرف ولكن لو عرفت سبب نزول هذه الايه لعرفت المعنى فالنبي مر على قوم من اليهود يجلدون رجل زنى فاستغرب أنهم يجلدونه وفى كتابهم حد الزنا الرجم واليك الحديث
سبب النزول :
عن البراء بن عازب قال: مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيهودي محممًا مجلودًا، فدعاهم فقال: "أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم" قالوا: نعم، قال: فدعا رجلا من علمائهم فقال: "أنشدك الله الذي أنـزل التوراة على موسى عليه السلام، هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟" قال: لا ولولا أنك نشدتني لم أخبرك، نجد حد الزاني في كتابنا الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذ أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عليه الحد، فقلنا: تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا على التحميم والجلد مكان الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه"، فأمر به فرجم، فأنـزل الله تعالى:يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إلى قوله إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ يقولون ائتوا محمدًا فإن أفتاكم بالتحميم والجلد فخذوابه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، إلى قوله تعالى:وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ قال: في اليهود، إلى قوله وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قال: في النصارى إلى قوله:وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ قال: في الكفار كلها. رواه مسلم،
http://www.qurancomplex.com/Display....085.htm&tran s
والشاهد من هذا الحديث أن اليهود على عادتهم حرفوا حكم الله الثابت عندهم من حد رجم الزاني والزانية رغم ثبوته عندهم إلى يومنا هذا بالعهد القديم:
وإِن أُخِذَ رَجُلٌ يُضاجعُ امرَأَةً مُتَزَوِّجَة، فلْيَموتا كِلاهُما، الرَّجُلُ المُضاجعُ لِلمَرأَةِ والمرأة، واَقلعٍَ الشَّرَّ مِن إِسْرائيل. وإِذا كانت فَتاةٌ عَذْراءُ مَخطوبةً لِرَجُلٍ ، فصادَفَها رَجُل في المَدينَةِ فضاجَعَها ، فأَخرِجوهُما كِلَيهِما إِلى بابِ تِلك المَدينة واَرجُموهما بالحِجارةِ حتَّى يَموتا. أَمَّا الفَتاة، فلأَنَّها لم تَصرُخْ وهي في مَدينة، وأَمَّا الرَّجُل، فلأَنَّه اَغتصَبَ امرأَةَ قَريبِه، فاَقلعَِ الشَرَّ مِن وَسْطِكَ ) تثنية 22- 22 :24والشاهد من هذا الحديث أن اليهود على عادتهم حرفوا حكم الله الثابت عندهم من حد رجم الزاني والزانية رغم ثبوته عندهم إلى يومنا هذا بالعهد القديم:
فالأمر هنا في الايه خاص بالرجم لذلك قال الله (وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ) لاحظ حكم الله ولم يقل أحكام الله
وبينا أن الحكم هذا موجود حتى ألان في التوراة التي بين أيدينا (تثنية 22- 22 :24 ) فالامر خاص ولا يعمم وحديث الله هنا فقط عن حد الرجم واليك أيضا الادله من التفاسير حتى يكون الكلام أوضح :
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ)
يعنـي تعالـى ذكره: وكيف يحكمك هؤلاء الـيهود يا مـحمد بـينهم، فـيرضون بك حكماً بـينهم، وعندهم التوراة التـي أنزلتها علـى موسى، التـي يقرّون بها أنها حقّ وأنها كتابـي الذي أنزلته علـى نبـي، وأن ما فـيه من حكم فمن حكمي، يعلـمون ذلك لا يتناكرونه ولا يتدافعونه، ويعلـمون أن حكمي فـيها علـى الزانـي الـمـحصن الرجم، وهم مع عملهم بذلك { يَتَولَّوْنَ } يقول: يتركون الـحكم به بعد العلـم بحكمي فـيه جراءة علـيّ وعصياناً لـي.
تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ)
المسألة الأولى: هذا تعجيب من الله تعالى لنبيّه عليه الصلاة والسلام بتحكيم اليهود إياه بعد علمهم بما في التوراة من حد الزاني، ثم تركهم قبول ذلك الحكم، فعدلوا عما يعتقدونه حكماً حقاً إلى ما يعتقدونه باطلاً طلباً للرخصة، فلا جرم ظهر جهلهم وعنادهم في هذه الواقعة من وجوه: أحدها: عدولهم عن حكم كتابهم، والثاني: رجوعهم إلى حكم من كانوا يعتقدون فيه أنه مبطن، والثالث: إعراضهم عن حكمه بعد أن حكموه، فبيّن الله تعالى حال جهلهم وعنادهم لئلا يغتر بهم مغتر أنهم أهل كتاب الله ومن المحافظين على أمر الله،
تفسير معالم التنزيل/ البغوي (ت 516 هـ)
قوله تعالى: { وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ } ، هذا تعجيب للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه اختصار، أي: كيف يجعلونك حكماً بينهم فيرضون بحكمك وعندهم التوراة؟ { فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ } ، وهو الرجم، { ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَمَآ أُوْلَـٰئِكَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ } ، أي: بمصدّقين لك.
تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ)
وَكَيْفَ يُحَكّمُونَكَ وَعِندَهُمُ ٱلتَّوْرَٰةُ فِيهَا حُكْمُ ٱللَّهِ } تعجيب من تحكيمهم من لا يؤمنون به، والحال أن الحكم منصوص عليه في كتابهم الذي يدعون الإيمان به،
تفسير التحرير والتنوير/ ابن عاشور (ت 1393 هـ)
والاستفهام للتعجب، ومحلّ العجب مضمون قوله: { ثمّ يتولّون من بعد ذلك } ، أي من العجيب أنّهم يتركون كتابهم ويحكّمونك وهم غير مؤمنين بك ثُمّ يتولّون بعد حكمك إذا لم يرضهم. فالإشارة بقوله: { من بعد ذلك } إلى الحكم المستفاد من { يُحكّمونك } ، أيّ جمعوا عدم الرضي بشرعتهم وبحكمك. وهذه غاية التّعنّت المستوجبة للعجب في كلتا الحالتين،
تفسير خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
يوضح الحق سبحانه وتعالى : كيف يأتون طلبا للحكم منك وعندهم التوراة، وهم لم يؤمنوا بك يا محمد رسولاً من الله، فكيف يرضاك من لم يؤمن بك حَكَما؟ لا بد أن في ذلك مصلحة مناقضة لما في التوراة، ولو لم تكن تلك المصلحة مناقضة لنفذوا الحكم الذي عندهم، وهم إنما جاءوا إليك يا رسول الله طمعا في أن تعطي شيئا من التسهيل وظنوا - والعياذ بالله - أنك قد توفر لهم أكل السُّحت وسماع الكذب.
{ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ ٱلتَّوْرَاةُ } وهي مسألة عجيبة يجب أن يُفظن إليها؛ لأن عندهم التوراة فيها حكم الله، فلو حكموك في أمر ليس في التوراة لكان الأمر مقبولاً، لكن أن يحكموك في أمر له حكم في التوراة، وبعد ذلك يطلعك الله عليه لتكشفه فتقول يا رسول الله: هاتوا ابن صوريا ليأتي بحكم التوراة. ويعترف ابن صوريا بوجود حكم الرَّجم في التوراة. إذن هم رغبوا في الاحتيال، وأراد الله أن يثبت لرسوله صلى الله عليه وسلم لوناً في الإعلام عن هؤلاء المارقين على أحكام الله، هم يعلمون أن الرسول أُمّي، لم يقرأ ولم يكتب، فمن الذي أخبره بالحكم الموجود بالتوراة؟
قول النبى صلى الله عليه وسلم "آمنت بك وبمن أنزلك
حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، ثنا ابن وهب، حدثني هشام بن سعد، أن زيد بن أسلم حدّثه، عن ابن عمر قال: أتى نفرٌ من يهود فدعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى القُف فأتاهم في بيت المدارس فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلاً منَّا زنى بامرأة فاحكم بينهم، فوضعوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسادةً فجلس عليها ثم قال: "ائتوني بالتوراة" فأتي بها. فنزع الوسادة من تحته ووضع التوراة عليها ثم قال: "آمنت بك وبمن أنزلك ". ثم قال: "ائتوني بأعلمكم" فأتي بفتى شابٍّ، ثم ذكر قصة الرجم .... الحديث ) .
وهذا الحديث غير صحيح والعله فى عدم صحة هذا الحديث " هشام بن سعد " ونحن فى ديننا لا نحتكم ولا نعتمد الا على الصحيح
ذكره العقيلي في "الضعفاء" (4/341)
وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/89) :
كان ممن يقلب الأسانيد ، وهو لا يفهم ، ويسند الموقوفات من حيث لا يعلم فلما كثر مخالفته الأثبات فيما يروي عن الثقات بطل الإحتجاج به وإن اعتبر بما وافق الثقات من حديثه فلا ضير ) .
. وقال أبو يعلى الخليلي في "الإرشاد"(1/344/156) :
( قالوا : إنه واهي الحديث ) .
قال ابن حزم ( الفصل 1/237 ) .
( وأما الخبر بأن النبي عليه السلام أخذ التوراة و قال : "آمنت بما فيك" فخبر مكذوب ، موضوع ، لم يأت قط من طرق فيها خير ، ولسنا نستحل الكلام في الباطل لو صح ، فهو من التكلف الذي نهينا عنه ، كما لا يحل توهين الحق ، ولا الإعتراض فيه )
,وقال احمدبن حنبل :
ليس بمحكم للحديث ، ولم يرضه
قال يحيى بن معين امام اهل الجرح والتعديل
ضعيف.
الحمدلله الذي بنعمته تتم الصالحات
تعليق