إتفاقية "سيداو" و طمس الهوية العربية
بقلم / ندى آدم
خرج علينا منذ أيام قليلة على احدى القنوات الفضائية الشهيرة مطرب مغمور معروف بنزقه وأفكاره المنحلة ولا اجد داعيا هنا لذكر اسمه..وقال بالنص" ان من حق المرأة أن تستخدم نفسها وجسدها كسلعة " وأضاف سيادتة " ان الحرية الجنسية على شاشات التليفزيون هى بداية التقدم والتطور"...!!الحقيقة لم أصدق نفسى وكذبت أذنى فيما سمعت وأقنعت نفسى بأن شخص مثله معروف عنه الخروج عن المألوف ..
من الطبيعى أن يتشدق بمثل هذا الكلام الفارغ.. ونسيت الامر برمتة ولكنى فوجئت بنفس الكلام يتكرر على مسامعى من احدى صديقاتى ووجدتها تؤكد على نفس الكلام وتسألنى بغرابة "هو انتى متعرفيش اتفاقية سيداو؟؟؟"..
كانت المرة الأولى التى اسمع فيها هذا المصطلح الغريب وقررت أن أقرا بنفسى وأتابع ..وبالفعل وجدت خبر منشور فى احدى الصحف المصرية يقول " وافقت مشيرة خطاب وزيرة الدولة لشئون الاسرة والسكان على التوقيع على اتفاقية سيداو التى مفادها اعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة فاتبيح لها اقامة علاقات جنسية مع من تحب وأن يكون لها حرية التصرف فى جسدها ...وجاءت موافقتها برغم اعتراض الأزهر على بنود هذه الاتفاقية لما تتضمنه من مخالفة للشريعة الاسلامية..وبالبحث والتقصى عرفت بالفعل أن هذه الاتفاقية ليست بجديدة ..فهى اتفاقية دولية خاصة بحقوق المرأة أصدرتها منظمة الأمم المتحدة عام 1967م وأخذت مراحل عديدة كان أخرها مؤتمر نيويورك- القاهرة الذى توج بمؤتمر بكين بالصين والذى نتج عنه هذه الاتفاقية المشؤومة التى يطلقون عليها الأسم الاقرب للصحة وهو " اتفاقية سواد" بدلا من اتفاقية " سيداو".
كان لابد لنا أن نتكلم عن هذه الاتفاقية مرارا وتكرارا لنستبين سبيل من يريدون فرقتنا الداخلية..ولنوضح مدى خطورة هذة الاتفاقية الدولية وأنها منافية للشريعة الأسلامية ولعاداتنا وتقاليدنا وينبغى رفضها وعدم الأعتراف بها وهى بالفعل اتفاقية تقوم على أنقاض الأسرة المسلمة ، حيث نبشت بنودها المستترة فى قضية القضاء على التمييز ضد المرأة ورفع الظلم عنها وازالة كل أشكال التمييز بينها وبين الرجل ، ضاربين عرض الحائط بالفروق الفردية الخلقية والنفسية والشرعية بين الرجل والمرأة التى أقرها الله سبحانة وتعالى على لسان المرأة الصالحة والدة "مريم" " وليس الذكر كالأنثى"..مستندين فى قولهم بقول الله عز وجل " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم عن بعض للرجال نصيب مما أكتسبوا وللنساء نصيبا مما اكتسبن"ا ثم سعوا لحمل كل الدول الاسلامية لقبول بنود هذه الاتفاقية والعمل على تنفيذها فورا .وتتطلب الاتفاقية من الدول الأعضاء اتخاذ جميع التدابير المناسبة لتغيير الأنماط الأجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة للقضاء على الممارسات والعادات العرفية القائمة على الأفكار الدونية أو الفوقية لأحد الجنسين أو على الأدوار النمطية للمرأة.وبمعنى آخر أنها تدعو الى عدم التمييز بين المرأة والرجل فى مجالات العمل فالمرأة تستطيع أن تقوم بكل الأعمال التى يقوم بها الرجل ، مهما كانت شاقة ، مما يعطيها الحق أن حصل على فرص التوظيف والأجر نفسها التى يحصل عليها الرجل .
ومن العجيب أن نجد بعض الدول الاسلامية قد صدقت على هذه الاتفاقية وفى مقدمتهم تونس والجزائر ويذكر أن عددهم مئة وستا وثمانين دولة ، أما اكبر الدول التى لم تصدق حتى الآن هم ايران ، سويسرا، الصومال، السودان ، والولايات المتحدة.
ونحن كمسلمين قد نجد بعض التوافق معها فى شأن حرصها على تقديم الرعاية للمراة الا ان الاسلام يخالفها فى حدود وكيفية هذه الرعاية فهو يدعو الى احاطة المراة والاسرة والمجتمع عموما بالرعاية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى نجد فى بعض ما تصنفة " سيداو" من رعاية ، يصنفة الاسلام ظلما للمراة والمجتمع عموما.
واذا ما اخذنا بنود هذه الاتفاقية بالتناول نجد انه فى المجال الصحى ومن الأساليب التي اعتمدتها الاتفاقية من أجل العمل على خفض خصوبة النساء وبالتالى الحد من الإنجاب المتكرر إدراج ما يسمى ببرامج الصحة الإنجابية والتى للأسف الشديد دخلت لكل البلاد على أنها برامج صحية بأسماء رنانة خصوصا ما يسمى بالأمومة الآمنة أو السالمة والتى تدعو إلى حصر عدد الولادات للأمهات في أقل عدد ممكن، والسعى إلى تقديم خدمات موانع الحمل المختلفة بكافة اشكالها على أوسع نطاق ممكن، تحت مظلة ما يسمى بالجنس الآمن _ آمن من الأمراض التناسلية، والإيدز، والحمل غير المرغوب فيه _ وللأسف الشديد لأى امرأة كانت؛ مراهقة, متزوجة ’أرملة, عازبة..حتى تكون فى أمان من الحمل غير المرغوب فيه - خصوصاً للأمهات المراهقات والعازبات- الذى ينتج عن طريق الزن ا" لا تعتبر اتفاقية التمييز الزنى أمراً مشيناً على المرأة إلا في حالة حصول الأمر بالإكراه، أما إذا حصل الأمر برضى الطرفين، فهو حق مشروع ومطالب به لتعلقه بالحرية الشخصية للأفراد، ويظهر دعم الاتفاقية للزنى بدفاعها عن حقوق المراهقين الجنسية وما يتعلق بها من حرية في الممارسة دون رقابة الأهل، وبحقهم في الحصول على المعلومات والخدمات التي تساعدهم على فهم حياتهم الجنسية، والتي تحرص مثل هذه الاتفاقيات على حمايتها من جهة، ولكونه يساعد على منع الزواج المبكر الذي تدعو الاتفاقية إلى تجنبه"، والذىينتج عن طريق الزواج العرفى المنتشر حاليا، الذى أحل لهم كبديل للزواج المبكر!.
كما توجد أجندة اخرى للصحة الإنجابية بجانب الجنس الآمن كإباحة الإجهاض وتقنينه وجعله حقاً من حقوق المرأة، تحت مسمى الإجهاض الآمن. إن الهدف المستتر للدعوة إلى تحديد النسل هو الحد من تكاثر السكان في الدول النامية تكاثراً كبيراً يؤدي في المستقبل إلى تكوين كتلة بشرية كبيرة يمكن أن تقلب موازين القوى وتشكل خطراً على الدول الكبرى المسيطرة على زمام العالم.
كما عملت الاتفاقية على المحاربة الشرسة والقوية لختان الإناث خاصة فى السودان ومصر والسعى الحثيث على إصدار قانون جديد لمحاربة ختان الاناث دون التفريق بين الختان الوارد فى السنه النبوية الشريفة والختان غير الشرعى ((التشوية التناسلى للمرأة أو ما يعرف بالختان الفرعونى)). وبالنسبة للقانون فقد سن هذا القانون فى سنه 1925م، وكان واضحا فيه إجازة ختان السنة وإلغاء الختان الفرعونى من قبل أهل التشريع الإسلامى فى هذه البلاد, وفى وقتنا الحاضر بحمد الله ومنته فقد صدرت الفتوى الشرعية الكافية والوافية من مجمع الفقة الاسلامى والتى تبريء ختان الإناث السنى الشرعى الآمن من التشويه التناسلى للمرأة الذى فيه ما فيه من الأضرار والمضاعفات النفسية والصحية والجنسية والإسلام منها براء.
أما المجال القانوني فإنه يطالب بإعطاء المرأة الأهلية القانونية المماثلة لأهلية الرجل، مما يجعلها تستطيع مباشرة عقودها بنفسها ومن بين هذه العقود عقد الزواج الذي كما هو معلوم هو من العقود المدنية في الغرب، والمقصود بذلك طبعاً التشريعات الدينية التي تفرض الولاية في الزواج وتجعل شهادة المرأة كشهادة رجلين في بعض الحالات, و إبطال حكم الإسلام في قسمة الميراث بين الذكر والأنثى، محاولين بذلك إلغاء تشريع سماوي وارد ومفروض في قوله تعالى : (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيباً مفروضاً)، كما أنهم يحاولون إلغاء التحديد الشرعي لهذا النصيب الذي بيَّنه الله تعالى بقوله : (للذكر مثل حظ الأنثين)
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن قاعدة التنصيف في الإرث التي يعترض عليها البعض ليست قاعدة مطردة، لأن هناك حالات يتساوى فيها الذكر والأنثى كما في حال تساوي نصيب الأب وهو مذكر مع نصيب الأم وهي أنثى في ميراث ابنهما، إضافة إلى أن هناك بعض حالات يتجاوز فيها نصيب المراة نصيب الرجل.
وفى النهاية يفرض التساؤل نفسه الى متى نجبر على اتفاقيات لا تلائم مجتمعنا الاسلامى؟هي قضية غربية فالدول الاوروبية تزيد بها جداً على الدول العربية فالخيانة الزوجية المنتشرة عندهم تعد عنفاً، و عدم طاعة الابناء يعتبر ايضا عنفاً وعدم الاحترام تعدى العنف الجسدي المباشر ليصل إلى القتل في أوروبا وأمريكا، والكثير من الدراسات اثبتت ان نسبة العنف مرتفعة جدا في الدول الاوروبية و الولايات المتحدة فالاصح تصويب وضع المرأة في تلك الدول قبل وعظ العالم بها لانهم يحتاجون الى مئات السنين حتى يصلوا إلى المرتبة التي وصلها الدين الاسلامي في تعامله مع المرأة .
ان الله تعالى خلق الرجل والمرأة من طينة واحدة ثم خلق منها زوجها ، فنجد ان كليهما: الرجل والمرأة على قدم المساواة والتكريم لقوله تعالى" ولقد كرمنا بني ادم" فالتكريم هنا هو اعلى درجات المساواة. فالاصل في الشريعة الاسلامية ان المرأة تتساوى مع الرجل في التكاليف الشرعية ، فمثلا الفرائض مطلوبة من الرجل والمرأة على السواء ، لكن الشريعة الاسلامية ولطبيعة التكوين والخلقة لكل من الرجل والمرأة، جعلت لهما اختلافاً وهذا الاختلاف وظيفي ، فالمرأة لها خصائص ووظائف، لا يستطيع الرجل القيام بها ، وكذلك الحال بالنسبة للرجل ، وهذه هي القاعدة الاساسية، فالاختصاص الوظيفي لا يعني عدم المساواة ، اما سيداو او ما يسمى باتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة، فهذه كلمة حق اريد بها باطل ، يريدون ان تكون المساواة لاخراج المرأة عن اختصاصها وطبيعتها، واخراج الرجل عن طبيعته واختصاصه.
مما وصلنى على ايميلى واطلب رايكم فيه ؟
تعليق