عيون الشعب
بقلم: عبد الوهاب عدس
مظاهرات المسيحيين في التحرير.. خطر!
لم أتخيل أبداً.. أن يخرج أخوة لنا من الأقباط.. في مظاهرة بميدان التحرير.. ولم أتخيل أن يوجد متطرفون مسيحيون بهذه الصورة بيننا.. ولا أدري سبباً واحداً.. وراء إدعائهم بالاضطهاد.. ولماذا ظهرت نغمة الاضطهاد هذه الأيام بهذه الدرجة؟! والاستقواء بالكنيسة.. وبالخارج بصورة غير مسبوقة في كل تاريخنا.. وإيه حكاية التصريح ببناء الكنائس التي يطالبون بها عمال علي بطال.. وفي كل مناسبة.. هل يريدون بناء كنيسة في كل شارع وحارة!!
أما الأخطر.. فهو ما يطالبون به من إلغاء تدريس مادة الدين في المدارس.. وكيف يمنح هؤلاء المتطرفون أنفسهم الحق في ذلك؟ ناقص إنهم يطالبون بإلغاء جامعة الأزهر.
بداية.. أعترف بأنني نشأت في بدايات تعليمي الأولي داخل الكنيسة الإنجيلية بشارع مصر بمدينة الإسماعيلية.. وكنت أحرص علي الذهاب مع والدي المرحوم عبدالرءوف عدس.. إلي الكنيسة في كل المناسبات.. وكان أعز أصدقاء والدي المرحوم جندي نصير.. أشهر جواهرجي في منطقة القناة.. وامتدت العلاقة إلي ابنه عادل.. إلي اليوم.. كما كان يجلس إلي جواري علي نفس المقعد زميل العمر عادل عدلي تكلا.. في مختلف مراحل التعليم.. وفي الجامعة تواصلت العلاقة مع الصديق سمير عزيز زخاري.. ومازالت.. لم أشعر أبداً.. أن هناك مسلما ومسيحيا.. ولم يتحدث أي مسيحي أعرفه.. عن أي اضطهاد.. أو أي تفرقة.. أو معاملة مختلفة.. أو تمييز.. أو أي شيء مما نسمعه هذه الأيام.
لكن المؤلم حقاً.. إن الأخوة المسيحيين.. قاموا ببناء أكبر عدد من الكنائس.. خلال العشرين السنة الماضية.. بما يفوق كل تاريخهم.. وإذا قارنا بين عدد الكنائس في مصر.. وعدد المسيحيين.. فإننا لابد أن نتوقف ونتأمل.. لماذا يطالبون ببناء المزيد؟ هل يريدون كنيسة لكل مسيحي!
والأهم.. أنه لا يتدخل أي مخلوق في أسلوب بناء الكنائس.. ولا هذه الأسوار الخرسانية الفولاذية.. المغلقة تماماً.. حتي الأمن الذي يضع أنفه في كل شيء.. لا يتدخل.. والحرية كاملة للأخوة المسيحيين داخل كنائسهم.. عكس المسلمين تماماً.
ولا أجد أي مبرر أمام الأخوة الأقباط في إدعاء الاضطهاد.. لأنهم مميزون في كل شيء.. حتي في أقسام الشرطة.. في كل خلاف.. فإن الانحياز دائماً للأقباط حتي لو كان ذلك علي حساب حق المسلم.. ولم يعترض أي مسلم.. ولم يخرجوا في مظاهرة بميدان التحرير.
لابد أن نتحدث بصراحة.. ونضع أيدينا علي الآفة التي تهدد حياتنا.. ونكشف الحقيقة.. بأن هناك متطرفين مسيحيين.. أكثر تشدداً وعنفاً من أي متطرف مسلم.. وقد كشف هذا التطرف نفسه بنفسه.. سواء داخل الكنيسة أو خارجها.. في الداخل أو في الخارج.
ولابد أن نعترف أن بعض القيادات الكنسية.. قامت بدور مؤثر في تغذية وتنمية الشعور لدي المسيحيين بأنهم من المضطهدين.. وربما كان هدفهم الحقيقي هو تقوية الكنيسة.. واظهارها بأنها القوة التي تحمي وتصون المسيحيين وحقوقهم.. من إرهاب واضطهاد مزعومين.. غير حقيقيين.. وبذلك تصبح الكنيسة الملجأ والحصن بدلاً من الدولة!! وهو وضع معكوس.. ومرفوض.. يؤدي إلي الاستقواء علي الدولة والصيد في الماء العكر.. وفرض مطالب غير معقولة وغير مقبولة.. مبالغ فيها والأسوأ.. الاحتماء بحصون الكنائس عند كل حادث أو شجار عادي أو أقل من العادي.
إننا أمام حالة مغلوطة.. للأسف شارك فيها أيضا مسلمون.. من الذين يزايدون علي حساب المسلمين.. من الذين يبحثون عن دور.. حتي لو كان علي حساب الحق.. من الذين يسيرون في الزفة أو الهوجة.. الذين يشعلون الفتنة وهم لا يشعرون.. انهم مجرد مرددون لشعارات غير حقيقية.. واهية.. لا يدرون مدي خطورتها.. انهم يدفعون المسيحيين إلي تنمية إحساسهم الكاذب بما يسمونه "عقدة الاضطهاد".. بالرغم من أنه لا يوجد أصلاً اضطهاد.. إنما هي نغمة تتردد.. عند كل مشكلة أو أزمة للحصول علي مزيد من المكاسب المبالغ فيها أيضا.. وكما قلت تقوية الكنيسة.. علي حساب الدولة!!
أما حكاية نجع حمادي.. فهي رد فعل طبيعي لقضية الشرف.. المعروفة في الصعيد.. فاغتصاب شاب مسيحي طفلة مسلمة في الغيطان.. وعدم تقديمه للمحاكمة.. كان وراء الجريمة.. وهذا عرف معمول به في الصعيد.. والجناة أمام القضاء حالياً.. فلماذا كل هذه الضجة.. فالقضاء سوف يقول كلمته!!
إنني أتعجب.. وكلي أسي وحزن وأسف.. لما وصل إليه حال الأصدقاء المسيحيين.. ولماذا يدعون بغير الحقيقة.. وما هدفهم الحقيقي.
أقول.. إن مظاهراتهم في التحرير.. خطر كبير.. فإن في أيديهم مكاسب أكثر من أي وقت مضي.. وإذا لم ينتبهوا.. فإن الخسارة سوف تكون للجميع مسلمين ومسيحيين.. فلا تلعبوا بالنار.. ولا تنقادوا وراء إدعاءات هدامة معكوسة.. فكلنا أبناء وطن واحد.. ومصير واحد.
http://www.algomhuria.net.eg/algomhu...d/detail05.asp
بتاريخ 18/2/2010
تعليق