بسم الله الرحمن الرحيم
ماذا يعني انتمائي للإسلام ؟؟
أولاً - أن أكون مسلمًا في عقيدتي
ولكن كيف ؟؟
1ـ أن أكون مؤمنًا بأن خالق الكون إله حكيم قدير عليم قيوم،بدليل أن هذا الكون من الإحسان والإتقان والتناسق وافتقار بعض أجزائه إلى بعض بحيث يستحيل عليه البقاء والاستمرار دون إمساك هذا الإله العلي القدير { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون } ( الأنبياء : 22 ) .
2ـ أن أكون مؤمنًا بأن الخالق ـ جل شأنه ـ لم يخلق هذا الكون عبثًا ولا سدى ؛لأنه لا يتأتى لمن اتصف بالكمال أن يكون عابثًا فيما خلق، ويستحيل فهم مراد الله بهذا الخلق بالتفصيل إلا عن طريق رسول منه ووحي ..{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون، فتعالى الله الملك الحق لا اله إلا هو رب العرش الكريم }( المؤمنون : 116).
3ـ أن أكون مؤمنًا بأن الله سبحانه قد أرسل الرسل وأنزل الكتب لتعريف الناس به وبغاية خلقهم ومنشئهم ومعادهم، وكان آخر أولئك الرسل الكرام محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي أيده الله بالقرآن الكريم المعجزة الخالدة .{ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة } ( النحل : 36 ) .
4ـ أن أكون مؤمنًا بأن الغاية من الوجود الإنساني هي معرفة الله ـ عز وجل ـ كما وصف نفسه وطاعته وعبادته {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } ( الذاريات : 56 ـ 58).
5 ـ أن أكون مؤمنًا بأن جزاءالمؤمن المطيع هو الجنة، وأن جزاء الكافر العاصي هو النار { فريق في الجنة وفريق في السعير } ( الشورى 7 ) .
6 ـ أن أكون مؤمنًا بأن الإنسان يكسب الخير والشر باختياره ومشيئته، ولكنه لا يوقع الخير إلا بتوفيق من الله وعون، ولا يوقع الشر جبرًا عن الله، ولكنه في إطار إذنه ومشيئته { ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها } ( سورة الشمس ) . { كل نفس بما كسبت رهينة } ( المدثر 38 ) .
7 ـ أن أكون مؤمنًا بأن التشريع حق الله وحده لا يجوز تعديه، وأنه يمكن للعالم المسلم أن يجتهد في استنباط الأحكام في إطار ما شرعه الله { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب }.
8 ـ أن أتعرف على الله من أسماء وصفات تليق بجلاله .. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لله تسعة وتسعون اسمًا ـ مائة إلا واحدًا ـ لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر ) رواه البخاري ومسلم .
9 ـ أن أتفكر في خلق الله وليس في ذاته، امتثالاً لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره ) رواه أبو نعيم في الحلية .
10 ـ أما صفاته ـ تعالى ـ فقد أشارت إليها آيات كثيرة من القرآن الكريم، والتي يقتضيها كمال الألوهية، فهنالك آيات أشارت إلى وجود الله ـ تبارك وتعالى ـ وهنالك آيات أشارت إلى صفتي البقاء والقدم لله ـ تبارك وتعالى ـ وهنالك آيات أشارت إلى مخالفة الله ـ تبارك وتعالى ـ للحوادث من خلقه، وتنزهه عن الولد والوالد والشبيه والنظير .. وهنالك آيات أشارت إلى قيام الله ـ تبارك وتعالى ـ بنفسه واستغنائه عن خلقه مع حاجتهم إليه .. وهنالك آيات أشارت إلى وحدانية الله في ذاته وصفاته وأفعاله وتصرفاته .. وهنالك آيات أشارت إلى قدرة الله ـ تعالى ـ وباهر عظمته .. وهنالك آيات أشارت إلى سعة علم الله ـ تبارك وتعالى ـ وإحاطته بكل شيء .. وهنالك آيات أشارت إلى إرادة الله وأنها فوق كل إرادة ومشيئة .. وهنالك آيات أشارت إلى اتصاف الله بالحياة الكاملة .
وهنالك آيات وآيات أشارت إلى صفات وكمالات لله ـ تبارك وتعالى ـ لا تتناهى ولا تدرك كنهها عقول البشر، سبحانه لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه .
11 ـ أعتقد أن رأي السلف أولى بالاتباع، حسمًا لمادة التأويل والتعطيل، ولتفويض علم هذه المعاني إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ وأن تأويلات الخلف لا توجب الحكم عليهم بكفر ولا فسوق، ولا تستدعي هذا النزاع الطويل بينهم وبين غيرهم قديمًا وحديثًا .
12 ـ أن أعبد الله لا أشرك به شيئًا، استجابة لدعوة الله على مدار الرسالات والرسل التي دعاهم فيها إلى عبادته وحده وعدم الخضوع لسواه { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ( النحل : 36 ) .
13 ـ أن أخشاه ولا أخشى غيره .. وأن تكون خشيتي له دافعة للبعد عن مساحطه ومحارمه { ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } ( النور :52).
{ إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير } ( الملك : 12 ) .
14 ـ وأن أذكره وأديم ذكره، وأن يكون صمتي فكرًا ونطقي ذكرًا، فذكر الله ـ تعالى ـ هو العلاج النفسي الأقوى، وهو السلاح الأمضى أمام عاديات الزمن وكروب الحياة ونائباتها، وهذا ما تفتقر إليه البشرية اليوم .. وصدق الله ـ تعالى ـ حيث يقول : { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب }( الرعد : 28). { ومن يعش عن الذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين، وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أتهم مهتدون } ( الزخرف : 36 ) .
ولقد اعترف الدكتور ( بريل ) بذلك حيث قال : ( إن المرء المتدين حقًّا لا يعاني قط مرضًا نفسيًّا )، كما قال العالم النفسي ( ديل كارنيجي ) : ( إن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهرا القلق والتوتر العصبي وأن يشفيا من الأمراض ) .
15 ـ وأن أحب الله حبًّا يجعل قلبي مشغوفًا بجلاله متعلقًا به مما يحفزني إلى الاستزادة من الخير دائمًا وإلى التضحية والجهاد في سبيله أبدًا، لا يمنعني عن ذلك حطام دنيا أو وشيجة قربى، امتثالاً لقوله ـ تعالى ـ : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } ( التوبة : 24 )، وطمعًا في حلاوة الإيمان التي أشار إليها الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) رواه البخاري .
16 ـ أن أتوكل على الله في كل شأني وأن أعتمد عليه في كل أمري .. وهذا من شأنه أن يبعث في نفسي من القوة والروح المعنوية ما أستيسر به الصعاب { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } ( الطلاق : 3 ) .
ومن أروع ما أوصانا به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي .
17 ـ أن أشكر الله ـ تعالى ـ على نعمائه التي لا تحصى وفضله ورحمته التي لا تدرك، والشكر من صفات التأدب مع من أنعم وأحسن وتفضل { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون } ( النحل 78 ) . { وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون . وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون } ( يس : 34، 35 ) .
ولقد وعد الله ـ تعالى ـ الشاكرين بمزيد من الإنعام كما توعد أهل الجحود والنكران بمزيد من الخسران : { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } ( إبراهيم : 7 ) .
18 ـ أن أستغفر الله وأديم استغفاره .. فالاستغفار كفارة للخطيئة ومجدد للتوبة والإيمان وباعث على الراحة والاطمئنان .. { ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا } ( النساء 110) . { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم } ( آل عمران : 135 ) .
19 ـ أن أراقب الله ـ تعالى ـ في سري وجهري مستشعرًا قول الله ـ تعالى ـ : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم } ( المجادلة : 7) .
ثانيًا - أن أكون مسلمًا في عبادتي
{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } ( الأنعام : 163 ) .
ـ أن تكون عبادتي حية متصلة بالمعبود .. وهذه درجة الإحسان في العبادة، فقد سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإحسان فقال:( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) متفق عليه .
ـ أن تكون عبادة خاشعة أستشعر فيها حرارة الوصال ولذة الخشوع .. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحدثنا ونحدثه، فإذا حضرت الصلاة كأنه لم يعرفنا ولم نعرفه ) أخرجه الأزدي . وإلى هذا يشير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله : ( كم من قائم حظه من صلاته التعب والنصب ) أخرجه النسائي . وقوله : ( كم من صائم حظه من صومه الجوع والعطش ) أخرجه النسائي .
ـ أن أكون في عبادتي حاضر القلب، منخلعًا عما حولي من مشاغل الدنيا وهمومها، وإلى هذا يشير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: ( لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه ) مسند الفردوسي وإسناده ضعيف . وقيل : ( الصلاة من الآخرة، فإذا دخلت فيها خرجت من الدنيا ) .
وروي عن الحسن أنه قال :( كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع ).
ـ أن أكون في العبادة طمعًا لا أقنع ونهمًا لا أشبع .. أتقرب إلى الله بالنوافل استجابة لقول الله ـ تعالى ـ في الحديث القدسي : ( من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ن ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ) رواه مسلم .
ـ أن أحرص على قيام الليل، وأروض نفسي على ذلك حتى تعتاده، فإن قيام الليل من أقوى المولدات الإيمانية .. وصدق الله ـ تعالى ـ حيث يقول :{ إن ناشئة الليل هي أشد وطئًا وأقوم قيلاً } ( المزمل : 6 ) ولقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله : { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون } ( الذاريات : 17 )، { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون } ( السجدة : 16 ) .
[ فيما يلي بعض النوافل التي يحسن المداومة عليها والإكثار منها : قيام الليل، صلاة الضحى، صلاة التراويح، صوم الاثنين والخميس، صوم يوم عرفة لغير الحاج، يوم عاشوراء، ستة أيام من شوال، الأيام البيض من كل شهر 13، 14، 15، والاعتكاف ] .
ـ أن تكون لي مع القرآن الكريم جلسات وتأملات وبخاصة عند الفجر، لقوله ـ تعالى ـ : { إن قرآن الفجر كان مشهودًا } ( الإسراء : 78)، أتلوه بتدبر وتفكر وخشوع وحزن لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا ) أبو نعيم في الحلية.
كما أن علي أن أتذكر قول الله ـ تعالى ـ : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله } ( الحشر : 21 )، وقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ) أخرجه الترمذي . وقوله : ( أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن ) أخرجه أبو نعيم في فضائل القرآن .
وفي حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوَّم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد، اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم ألم حرف، ولكن ألف ولام وميم ) رواه الحاكم .
وفي وصيته لأبي ذر : ( عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء ) رواه ابن حبان .
ـ أن يكون الدعاء معراجي إلى الله في كل شأن من شئوني، فالدعاء مخ العبادة .. وأن أحرص على المأثور منه، وصدق الله حيث يقول : { ادعوني أستجب لكم }
تاااابع
ماذا يعني انتمائي للإسلام ؟؟
أولاً - أن أكون مسلمًا في عقيدتي
ولكن كيف ؟؟
1ـ أن أكون مؤمنًا بأن خالق الكون إله حكيم قدير عليم قيوم،بدليل أن هذا الكون من الإحسان والإتقان والتناسق وافتقار بعض أجزائه إلى بعض بحيث يستحيل عليه البقاء والاستمرار دون إمساك هذا الإله العلي القدير { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون } ( الأنبياء : 22 ) .
2ـ أن أكون مؤمنًا بأن الخالق ـ جل شأنه ـ لم يخلق هذا الكون عبثًا ولا سدى ؛لأنه لا يتأتى لمن اتصف بالكمال أن يكون عابثًا فيما خلق، ويستحيل فهم مراد الله بهذا الخلق بالتفصيل إلا عن طريق رسول منه ووحي ..{ أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا ترجعون، فتعالى الله الملك الحق لا اله إلا هو رب العرش الكريم }( المؤمنون : 116).
3ـ أن أكون مؤمنًا بأن الله سبحانه قد أرسل الرسل وأنزل الكتب لتعريف الناس به وبغاية خلقهم ومنشئهم ومعادهم، وكان آخر أولئك الرسل الكرام محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي أيده الله بالقرآن الكريم المعجزة الخالدة .{ ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة } ( النحل : 36 ) .
4ـ أن أكون مؤمنًا بأن الغاية من الوجود الإنساني هي معرفة الله ـ عز وجل ـ كما وصف نفسه وطاعته وعبادته {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون . ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين } ( الذاريات : 56 ـ 58).
5 ـ أن أكون مؤمنًا بأن جزاءالمؤمن المطيع هو الجنة، وأن جزاء الكافر العاصي هو النار { فريق في الجنة وفريق في السعير } ( الشورى 7 ) .
6 ـ أن أكون مؤمنًا بأن الإنسان يكسب الخير والشر باختياره ومشيئته، ولكنه لا يوقع الخير إلا بتوفيق من الله وعون، ولا يوقع الشر جبرًا عن الله، ولكنه في إطار إذنه ومشيئته { ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها } ( سورة الشمس ) . { كل نفس بما كسبت رهينة } ( المدثر 38 ) .
7 ـ أن أكون مؤمنًا بأن التشريع حق الله وحده لا يجوز تعديه، وأنه يمكن للعالم المسلم أن يجتهد في استنباط الأحكام في إطار ما شرعه الله { وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب }.
8 ـ أن أتعرف على الله من أسماء وصفات تليق بجلاله .. فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( لله تسعة وتسعون اسمًا ـ مائة إلا واحدًا ـ لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة، وهو وتر يحب الوتر ) رواه البخاري ومسلم .
9 ـ أن أتفكر في خلق الله وليس في ذاته، امتثالاً لقول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره ) رواه أبو نعيم في الحلية .
10 ـ أما صفاته ـ تعالى ـ فقد أشارت إليها آيات كثيرة من القرآن الكريم، والتي يقتضيها كمال الألوهية، فهنالك آيات أشارت إلى وجود الله ـ تبارك وتعالى ـ وهنالك آيات أشارت إلى صفتي البقاء والقدم لله ـ تبارك وتعالى ـ وهنالك آيات أشارت إلى مخالفة الله ـ تبارك وتعالى ـ للحوادث من خلقه، وتنزهه عن الولد والوالد والشبيه والنظير .. وهنالك آيات أشارت إلى قيام الله ـ تبارك وتعالى ـ بنفسه واستغنائه عن خلقه مع حاجتهم إليه .. وهنالك آيات أشارت إلى وحدانية الله في ذاته وصفاته وأفعاله وتصرفاته .. وهنالك آيات أشارت إلى قدرة الله ـ تعالى ـ وباهر عظمته .. وهنالك آيات أشارت إلى سعة علم الله ـ تبارك وتعالى ـ وإحاطته بكل شيء .. وهنالك آيات أشارت إلى إرادة الله وأنها فوق كل إرادة ومشيئة .. وهنالك آيات أشارت إلى اتصاف الله بالحياة الكاملة .
وهنالك آيات وآيات أشارت إلى صفات وكمالات لله ـ تبارك وتعالى ـ لا تتناهى ولا تدرك كنهها عقول البشر، سبحانه لا نحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه .
11 ـ أعتقد أن رأي السلف أولى بالاتباع، حسمًا لمادة التأويل والتعطيل، ولتفويض علم هذه المعاني إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ وأن تأويلات الخلف لا توجب الحكم عليهم بكفر ولا فسوق، ولا تستدعي هذا النزاع الطويل بينهم وبين غيرهم قديمًا وحديثًا .
12 ـ أن أعبد الله لا أشرك به شيئًا، استجابة لدعوة الله على مدار الرسالات والرسل التي دعاهم فيها إلى عبادته وحده وعدم الخضوع لسواه { ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ( النحل : 36 ) .
13 ـ أن أخشاه ولا أخشى غيره .. وأن تكون خشيتي له دافعة للبعد عن مساحطه ومحارمه { ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } ( النور :52).
{ إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير } ( الملك : 12 ) .
14 ـ وأن أذكره وأديم ذكره، وأن يكون صمتي فكرًا ونطقي ذكرًا، فذكر الله ـ تعالى ـ هو العلاج النفسي الأقوى، وهو السلاح الأمضى أمام عاديات الزمن وكروب الحياة ونائباتها، وهذا ما تفتقر إليه البشرية اليوم .. وصدق الله ـ تعالى ـ حيث يقول : { الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب }( الرعد : 28). { ومن يعش عن الذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين، وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أتهم مهتدون } ( الزخرف : 36 ) .
ولقد اعترف الدكتور ( بريل ) بذلك حيث قال : ( إن المرء المتدين حقًّا لا يعاني قط مرضًا نفسيًّا )، كما قال العالم النفسي ( ديل كارنيجي ) : ( إن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي والاستمساك بالدين كفيلان بأن يقهرا القلق والتوتر العصبي وأن يشفيا من الأمراض ) .
15 ـ وأن أحب الله حبًّا يجعل قلبي مشغوفًا بجلاله متعلقًا به مما يحفزني إلى الاستزادة من الخير دائمًا وإلى التضحية والجهاد في سبيله أبدًا، لا يمنعني عن ذلك حطام دنيا أو وشيجة قربى، امتثالاً لقوله ـ تعالى ـ : { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين } ( التوبة : 24 )، وطمعًا في حلاوة الإيمان التي أشار إليها الرسول الأعظم ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله : ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) رواه البخاري .
16 ـ أن أتوكل على الله في كل شأني وأن أعتمد عليه في كل أمري .. وهذا من شأنه أن يبعث في نفسي من القوة والروح المعنوية ما أستيسر به الصعاب { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } ( الطلاق : 3 ) .
ومن أروع ما أوصانا به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ) رواه الترمذي .
17 ـ أن أشكر الله ـ تعالى ـ على نعمائه التي لا تحصى وفضله ورحمته التي لا تدرك، والشكر من صفات التأدب مع من أنعم وأحسن وتفضل { والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون } ( النحل 78 ) . { وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبًّا فمنه يأكلون . وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون } ( يس : 34، 35 ) .
ولقد وعد الله ـ تعالى ـ الشاكرين بمزيد من الإنعام كما توعد أهل الجحود والنكران بمزيد من الخسران : { وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد } ( إبراهيم : 7 ) .
18 ـ أن أستغفر الله وأديم استغفاره .. فالاستغفار كفارة للخطيئة ومجدد للتوبة والإيمان وباعث على الراحة والاطمئنان .. { ومن يعمل سوءًا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورًا رحيمًا } ( النساء 110) . { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم } ( آل عمران : 135 ) .
19 ـ أن أراقب الله ـ تعالى ـ في سري وجهري مستشعرًا قول الله ـ تعالى ـ : { ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم } ( المجادلة : 7) .
ثانيًا - أن أكون مسلمًا في عبادتي
{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين } ( الأنعام : 163 ) .
ـ أن تكون عبادتي حية متصلة بالمعبود .. وهذه درجة الإحسان في العبادة، فقد سئل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الإحسان فقال:( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) متفق عليه .
ـ أن تكون عبادة خاشعة أستشعر فيها حرارة الوصال ولذة الخشوع .. قالت عائشة ـ رضي الله عنها ـ : ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحدثنا ونحدثه، فإذا حضرت الصلاة كأنه لم يعرفنا ولم نعرفه ) أخرجه الأزدي . وإلى هذا يشير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله : ( كم من قائم حظه من صلاته التعب والنصب ) أخرجه النسائي . وقوله : ( كم من صائم حظه من صومه الجوع والعطش ) أخرجه النسائي .
ـ أن أكون في عبادتي حاضر القلب، منخلعًا عما حولي من مشاغل الدنيا وهمومها، وإلى هذا يشير الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: ( لا ينظر الله إلى صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه ) مسند الفردوسي وإسناده ضعيف . وقيل : ( الصلاة من الآخرة، فإذا دخلت فيها خرجت من الدنيا ) .
وروي عن الحسن أنه قال :( كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع ).
ـ أن أكون في العبادة طمعًا لا أقنع ونهمًا لا أشبع .. أتقرب إلى الله بالنوافل استجابة لقول الله ـ تعالى ـ في الحديث القدسي : ( من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ن ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ) رواه مسلم .
ـ أن أحرص على قيام الليل، وأروض نفسي على ذلك حتى تعتاده، فإن قيام الليل من أقوى المولدات الإيمانية .. وصدق الله ـ تعالى ـ حيث يقول :{ إن ناشئة الليل هي أشد وطئًا وأقوم قيلاً } ( المزمل : 6 ) ولقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله : { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون } ( الذاريات : 17 )، { تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون } ( السجدة : 16 ) .
[ فيما يلي بعض النوافل التي يحسن المداومة عليها والإكثار منها : قيام الليل، صلاة الضحى، صلاة التراويح، صوم الاثنين والخميس، صوم يوم عرفة لغير الحاج، يوم عاشوراء، ستة أيام من شوال، الأيام البيض من كل شهر 13، 14، 15، والاعتكاف ] .
ـ أن تكون لي مع القرآن الكريم جلسات وتأملات وبخاصة عند الفجر، لقوله ـ تعالى ـ : { إن قرآن الفجر كان مشهودًا } ( الإسراء : 78)، أتلوه بتدبر وتفكر وخشوع وحزن لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا ) أبو نعيم في الحلية.
كما أن علي أن أتذكر قول الله ـ تعالى ـ : { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله } ( الحشر : 21 )، وقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ) أخرجه الترمذي . وقوله : ( أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن ) أخرجه أبو نعيم في فضائل القرآن .
وفي حديث عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : ( إن هذا القرآن مأدبة الله فاقبلوا مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله والنور المبين والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه، لا يزيغ فيستعتب، ولا يعوج فيقوَّم، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق من كثرة الرد، اتلوه فإن الله يأجركم على تلاوته كل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم ألم حرف، ولكن ألف ولام وميم ) رواه الحاكم .
وفي وصيته لأبي ذر : ( عليك بتلاوة القرآن فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء ) رواه ابن حبان .
ـ أن يكون الدعاء معراجي إلى الله في كل شأن من شئوني، فالدعاء مخ العبادة .. وأن أحرص على المأثور منه، وصدق الله حيث يقول : { ادعوني أستجب لكم }
تاااابع
تعليق