غريزة حب الزينة عند المرأة
قد يفهم بعض الناس أن تعاليم الإسلام فيما يتعلق بمظهر المرأة ولباسها و زينتها هي ما يُضيق الخناق عليها ويقيد حريتها ويكبل خطاها, فالحقيقة الشرعية غير ذلك تماما وباديء ذي بدء لابد من الإشارة الى بداهة هي من نافلة القول وهي أن تعاليم الإسلام في تنظيم العلافة بين الرجل والمرأة من أجل إقامة الأسرة الكريمة تشير الى أهمية الأسباب المؤدية الى تكوين الرغبة في الإقتران بها, أي يمكن القول أن الزينة والتزيين من قبل المرأة مطلوب منها شرعا, ويتمثل ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم,( إن نظر اليها سرته)(1)
وفي ضوء ذلك فعلى المرأة المسلمة أن تفهم أن الإسلام لا يدعوها الى ترك الزينة والإعراض عنها بالكلية بحيث تفقد فطرتها.
يقول عز وجل :(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) (آل عمران : 110 ), ويقول تعالى:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً)(البقرة : 143 )
فنحن أمة وسط , ينبغي لنا أن نأخذ من كل أمر أيسره وأقربه الى العقل والمنطق والفطرة السليمة, والزينة للمرأة مطلوبه ولكن لا إفراط ولا تفريط , فالمبالغة في التزيين بما يحل وما لا يحل , وبما يضر وما ينفع أمر مذموم, كما أن ترك الزينة بالكلية أو إهمالها مذموم أيضا,
قال تعالى:(قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف : 32 )
فالمطلوب
من المسلمة التوسط في هذا الأمر وخير الأمور أوسطها , وكما هو هومعروف فإن لباس التقوى خير لباس كما قال تعالى:((يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (الأعراف : 26 )
يقول ابن كثير:(يمتن الله على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش , فاللباس : ستر عورات وهي السوءآت ,والرياش والريش : ما يُتجمل به ظاهرا, فالأول من الضروريات , والريش من التكملات والزيادات,...ولباس التقوى هو الإيمان بالله وخشيته والعمل الصالح والسمت الحسن).
إن اللافت للنظر المجرد أن في هذا الزمان صار جل اهتمام الناس وبخاصة النساء بالمظهر المجرد واللباس الزائد عن الحاجة وهو الريش وتجردوا من خير لباس وهو لباس التقوى إلا من رحم الله وقليل ما هم.
والعجيب في هذا الأمر أن هذه الفتن ليست وليدة العصر , قال الإمام أحمد: حدثنا عثمان بن عمر، حدثنا المستمر بن الريان، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد أن رسول الله قال: « كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة فصنعت رجلين من خشب فكانت تمشي بين امرأتين قصيرتين، واتخذت خاتما من ذهب وحشت تحت فصه أطيب الطيب والمسك، فكانت إذا مرت بالمجلس حركته فنفح ريحه ».
رواه مسلم من حديث المستمر، وخليد بن جعفر، كلاهما عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعا قريبا منه. وقال الترمذي: حديث صحيح.
أي يمكن القول ان موضة الكعب العالي للنساء قديمة وقبل عصر الفضائيات , وكذلك تقول عائشة رضي الله عنها برواية عروة: ( كن نساء بني اسرائيل يتخذن أرجلاً من الخشب يتشرفـّن للرجال في المسجد ، فحرّم الله عليهـّن المساجد ، وسلط عليهن الحيضة ). قال الحافظ " أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن مسعود .
وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتباع سنن الهالكين والمرأة المؤمنة العاقلة تعرف كيف تتزين ومتى تتزين ولمن تتزين.
تعليق