مدافعة الشبهات - منقول

تقليص

عن الكاتب

تقليص

بن الإسلام مسلم اكتشف المزيد حول بن الإسلام
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • بن الإسلام
    6- عضو متقدم

    حارس من حراس العقيدة
    • 30 سبت, 2009
    • 961
    • محاسب ولكنى داعى الى الله
    • مسلم

    مدافعة الشبهات - منقول

    مدافعة الشبهات

    د. عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف

    أجهش العلامة إبراهيم بن جاسر[1] - رحمــه الله - (ت 1338هـ) بالبكاء، لما قرئ عليه في كتاب (منهـاج السُّنة النبوية في نقض الشيعة والقدرية لابن تيميةحيث جاء قول ابن المطهِّر الحلي[2] وما فيه من شبهات ومغالطات، ثم قال الجاسر لطلابه: أيها الإخوان! لو لم يقيِّض الله لهذا الطاغية وأمثاله مثل هذا الإمام الكبير؛ فمن الذي يستطيع الرد والإجابة عن هذه الشبهات[3]؟
    وإذا تجاوزنا ما قاله العلاَّمة ابن جاسر؛ إذ لا تخلو الأرض من قائم لله - تعالى - بحجة، وتحدثنا عن السبيل إلى التعامل مع الشبهات ومدافعتها.
    فالشبهــة إن كانت واضحة البطلان، ظاهرة العوار لكل ذي عينيــن، لا يُلتفــت إليها؛ فإن الخوض في إبطالها تضييع للــزمــان، وإتعاب للحيوان[4]، وإنما المـدافعة للشبهات التي يَضِل بها بعض الناس[5]؛ «إذ لا يشبه على الناس الباطل المحض، بل لا بد أن يُشاب بشيء من الحق»[6].

    كمــا ينبغي التوسط مع الشبهات في حدِّ ذاتها؛ فالشبهات المغمــورة، والاعتراضات المطمورة لا يُلتفت إليها بدعوى الرد والمناقشة؛ إذ في ردِّها إظهارٌ لها بعد اندراسها، وإحياءٌ لرميمها، ولكن الشبهات التي استفحلتْ وأوقعت حيرة ولبساً عند فئام من المسلمين، فالمتعيَّن مدافعاتها ومناظرة أربابها ومجادلتهم. قال ابن تيمية: «كل من لم يناظــر أهل الإلحــاد والبــدع مناظرة تقطع دابرهم، لم يكن أعطى الإسلام حقه، ولا وفَّــى بموجب العلــم والإيمان، ولا حصــل بكلامه شفاء الصدور وطمأنينة النفوس...»[7].

    وكذا التوسط مع الشبهات أثناء سماعها من الآخــرين، أو ورودها من المخاطبين؛ فلا يزجر كل سائل تَعْرض له شبهة، ولا يُهمَل كل من وقع في حيرة أو اشتباه؛ فهذا الإعراض والإهمال قد أفضى ببعضهم إلى زندقة، وخروج عن الإسلام والسُّنة. وكذا الحذر مما يقابل ذلك، من تَقَصُّــد الشبهــات، أو دعوة الناشئة إلى إثارة أي شبهة أو إشكال، كما يفعله بعض المعاصرين؛ فإن تتبُّع الشـــبهات وحصــرها ليـس مقــدوراً ولا مشروعاً؛ فالشبهات لا تنقضى ويستحـــيل حصــرها. ولا يكلِّــف اللــه نفساً إلا وُسْعها؛ «فالمعارضات الفاســدة التي يمكن أن يوردها بعــض النــاس علــى الأدلة لا نهاية لها؛ فإن هذا من باب الخواطر الفاسدة، ولا يحصيه أحد إلا الله... فالخواطر الفاسدة التي تقدح في المعلــومات لا نهــاية لها، ولا يمكن استقصاء ما يَرِد على النفوس من وساوس الشيطان»[8]. «والقرآن لا يُذكــر فيــه مخاطبة كل مبطل بكل طريق، ولا ذَكَر كلَّ ما يخطــر بالبال من الشبهات وجوابها؛ فإن هذا لا نهاية له ولا ينضبط»[9].

    كما لا تُذكــر الشبهــة ابتــداءً واستقــلالاً، بل يقــرر الحق، ويبيِّن الهدى بأدلته وبراهينه (النقلية والعقلية)، ثم يجيء الجواب عن الشبهات الواردة عَقِب هذا التقرير والتأصيل[10].

    ومــن مدافعــة الشبــهات: تحقيق اليقين، وترسيخ الإيمان؛ فإذا انشرح القلبُ بالإيمان وخالط بشاشة القلوب؛ فلا يقع انتكاس أو ارتداد. قال ابن القيم: «ومتى وصل اليقين إلى القلب، امتلأ نوراً وإشراقاً، وانتفى عنه كلُّ ريب وشك وسخــط وهــمٍّ وغــمٍّ، فامتــلأ محبــة لله، وخــوفاً منه، ورضاً به»[11].
    قال الله - تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإنسِ وَالْـجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ * وَلِتَصْغَى إلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} [الأنعام: ٢١١ - ٣١١]. يقول العـــلاَّمة محمــد الأمـــين الشنقيــطي - رحمه الله -: «في هذه الآية ترتيب غريب عجيب، بالغ في الحُسْن؛ لأن السبب الأول: هو الغرور والخديعة، فتسبَّب عن الغرور والخديعة أن صغت إليه قلوبهم ومالت، ثم تسبب عن صوغ القلوب وميلها أنهم أحبوه ورضوه، ثم تسبب عن كونهم أحبوه ورضوه أن اقترفوه... والمؤمنون يعرفون زخارف الشيطان ووحيه؛ فيتباعدون منه ويجتنبونه»[12].
    ومفهوم الآية
    أن الإيمان باليوم الآخر يحقق مجانبة الإصغاء إلى هذا الخداع والتزويق؛ فالمؤمنون بالآخرة قد استنارت بصائرهم، فنظروا في حقائق الأمور؛ فلا يهولوهم زُخرُف القول، أو معسول الكلام.
    وكذا؛ فإن تربية الأمة على الاستعلاء بالإيمان، والاعتزاز بالإسلام ولزوم السُّنة، لَيُحقق مَنَعة وسلامة من الشبهات؛ فالشبهــات تَعْلــق بالقلــوب الضعيفــة والنفوس المنهزمة؛ فهي محل قابل لتلك الشبهات، وكم جرَّت الهزيمة النفسية من ضعــف وخَوَر، وانسياق مع الشبهات، وانصياع للاعتراضات!

    ومن الحقائق الإيمانية التي ينبغي استصحابها في مدافعة الشبهات أن في القرآن العظيم ما يردُّ على كل مخالف، كما قال - تعالى -: {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إلاَّ جِئْنَاكَ بِالْـحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: ٣٣]. قال الإمـام أحمـد بن حنبـل - رحمه الله -: «لو تدبَّر إنسان القرآن كان فيه ما يردُّ على كل مبتدع وبدعته»[13]. كما أن أهل السُّنة يجزمون أن أهل البدع لا يكادون يحتجون بحجة سمعية أو عقلية إلا وهي عند التأمُّل حجة عليهم[14].

    ومن الأجوبة المهمة تجاه الشبات عموماً: الاحتجاج بمحكمات الشــريعة، والتمســك بجُمَـــل الإسلام والسُّنــة؛ إذ لا يحتج بالمتشابه المحتـمـل علــى المحــكَم القطعــي الجلــي إلا أهل الزيغ، وقد احتفى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بهذا الجواب المجمل، كما في رسالته المتينة: «كشف الشبهات».

    ومن سبل المدافعة ما قرَّره يحيى العمراني (ت 558هـ) قائلاً: «ولا تزول الشبهة عن قلوب العامة إلا من حيث دخلت، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يزيل الشبهة من حيث علم دخولها»[15]. (ثم ساق الأدلة على ذلك).

    ومما ينبغي مراعاته في هذا المقام: النظر في أحوال أرباب الشبهات، ومدافعتهم بالأسلوب الأقوم والملائم، والذي يحقق دفع الشبهة وإظهار السُّنة: «والألفاظ في المخاطبات تكون بحسب الحاجات، كالسلاح في المحاربات، فإذا كان عدو المسلمين - في تحصُّنهم وتسلُّحهم - على صفة غير الصفة التي كانت عليها فارس والروم، كان جهادهم بحسب ما توجبه الشريعة التي مبناها على تحري ما هو لله أطوع وللعبد أنفــع»[16]. وقال العلاَّمة ابن الوزير (ت 840 هـ) - رحمــه الله -: «المحامي عن السُّنة، الذابُّ عن حماها كالمجاهد في سبيل الله - تعالى - يُعدُّ للجهاد ما استطاع من الآلات والعدة والقوة، كما قال - تعالى -: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ}[الأنفال: ٠٦]» [17].

    كما يُحذَّر من السِّباب والشتائم وبذاءة القلم واللسان أثناء معالجة الشبهات: «فإن الرد بمجرد الشتم والتهويل لا يعجز عنه أحد»[18]. والكلام البذيء يدل على انقطاع صاحبه وقلة علمه، كما قال العمراني في الانتصار: 1/91. وعليه أنا يجانب البغي والعدوان، ويتحرى العدل والإنصاف؛ «فـالإنسان إذا اتبع العدل نُصِر على خصمه، وإذا خرج عنه طمع فيه خصمه»[19].
    وليحرص على مطالعة أحوال السلف وآدابهم في التعامل مع الشبهات، وجدال المخالفين ومناظرتهم[20]، كما يتعين الرسوخ في العلم الشرعي، والتمكُّن من الفقه لدين الله تعالى، والدراية بأساليب الحوار، وطرائق دفع الشبهات، والدُرْبة على المحاورات والمناظرات.قال ابن عبد البر: « ليس كل عالم تتأتى له الحجة، ويحضره الجواب، ويسرع إليه الفهم بمقطع الحجة ومن كانت هذه خصاله، فهو أرفع العلماء،وأنفعهم مجالسة ومذاكرة»[21].
    ثم إن علـــيه - أولاً وأخيراً - أن يستعين بالله وحده؛ فما لم يكن بالله لا يكــون، وكما قـــال الشيخ الإمام محمــد بن عبد الوهاب - رحمه الله -: «لكن إذا أقبلت على الله، وأصغيت إلى حججه وبيناته، فلا تخف ولا تحزن، إن كيد الشيطان كان ضعيفاً، والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين، كما قال - تعالى -: {وَإنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: ٣٧١]» [22].



    الـــهـــامــــش

    [1] انظر ترجمته في علماء نجد للبسام: 1/277 - 293.

    [2] في كتابه - المردود عليه - منهاج الكرامة، وقد سمَّاه ابن تيمية: منهاج الندامة، كما سمى مؤلفه بابن المنجِّس، ووصفه بأنه أجهل خلق الله بالسُّنة، انظر: منهاج السُّنة: 1/21، 4/127.

    [3] علماء نجد للبسام: 1/281.

    [4] مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب: 4/93.

    [5] انظر: التدمرية، ص: 106.

    [6] مجموع الفتاوى: 8/37.

    [7] درء تعارض العقل والنقل: 1/357، وانظر: زاد المعاد: 3/639.

    [8] الدرء: 3/162، 262.

    [9] الدرء: 8/88.

    [10] انظر: كتاب الإيمان لابن تيمية، وكتاب فقه الرد على المخالف لخالد السبت، ص: 283.

    [11] مدارج السالكين: 2/398.

    [12] العذب النمير، تحقيق: خالد السبت: 2/581، 584 = باختصار.

    [13] أخرجه الخلاَّل في السُّنة: 1/547.

    [14] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية: 6/254، وحادي الأرواح لابن القيم، ص: 208.

    [15] الانتصار ( الجزء الأول): 1/94.

    [16] مجموع الفتاوى لابن تيمية: 4/107.

    [17] إيثار الحق على الخلق، ص: 20.

    [18] مجموع الفتاوى: 4/186.

    [19] الدرء: 8/409.

    [20] انظر: كتاب فقه الرد على المخالف لخالد السبت، وقد انتفعت به في هذا المقال. ومنهج الجدل والمناظرة لعثمان علي حسن.

    [21] جامع بيان العلم: 2/968.

    [22] كشف الشبهات، ص: 39.



    المصدر: مجلة البيان - العدد 269 - محرم 1431هـ
  • متعلم
    5- عضو مجتهد

    حارس من حراس العقيدة
    عضو شرف المنتدى
    • 12 أكت, 2006
    • 778
    • مسلم

    #2
    جزاكم الله خيرًا على النقل، وأسأل الله أن يجزي الكاتب عنا خير الجزاء.

    أنصح لنفسي ولإخوتي بتدبر المقال جيدًا .. فكل عبارة من عباراته تحتاج في شرحها إلى مقالة مستقلة بل مقالات، ولا أبالغ.

    تعليق

    • بن الإسلام
      6- عضو متقدم

      حارس من حراس العقيدة
      • 30 سبت, 2009
      • 961
      • محاسب ولكنى داعى الى الله
      • مسلم

      #3
      أخى الكريم / متعلم

      أسعدنا مرورك

      جزاك الله خيراً

      فعلاً هذا الموضوع مهم لكل من يتصدى للرد على الشبهات

      تعليق

      • أبو حمزة
        اللجنة العلمية
        مشرف شرف المنتدى

        • 29 مار, 2007
        • 2345
        • مهندس مجاهد
        • مسلم

        #4
        قمت بنقل الموضع للقسم المختص
        بارك الله فى الناقل والكاتب

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة أحمد هاني مسعد, منذ 6 يوم
        ردود 0
        13 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة أحمد هاني مسعد
        ابتدأ بواسطة عبدالحميد حسين سيد أحمد, منذ 4 أسابيع
        ردود 0
        34 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة عبدالحميد حسين سيد أحمد
        ابتدأ بواسطة أحمد هاني مسعد, 19 نوف, 2024, 11:57 ص
        ردود 0
        32 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة أحمد هاني مسعد
        ابتدأ بواسطة أحمد الشامي1, 25 أكت, 2024, 09:42 م
        ردود 0
        22 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة أحمد الشامي1
        بواسطة أحمد الشامي1
        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 أكت, 2024, 01:29 ص
        رد 1
        16 مشاهدات
        0 ردود الفعل
        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
        بواسطة *اسلامي عزي*
        يعمل...