نتائج العلمانية في العالم العربي والإسلامي

تقليص

عن الكاتب

تقليص

ظل ظليل مسلم اكتشف المزيد حول ظل ظليل
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ظل ظليل
    مشرف قسم الإستشراق والتغريب والتبشير

    • 26 أغس, 2008
    • 3506
    • باحث
    • مسلم

    نتائج العلمانية في العالم العربي والإسلامي

    نتائج العلمانية في العالم العربي والإسلامي


    قد كان لتسرب العلمانية إلى المجتمع الإسلامي أسوأ الأثر على المسلمين في دينهم ودنياهم .

    وهاهي بعض الثمار الخبيثة للعلمانية :
    1- رفض الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى ، وإقصاء الشريعة عن كافة مجالات الحياة ، والاستعاضة عن الوحي الإلهي المُنزَّل على سيد البشر محمد بن عبدالله - - ، بالقوانين الوضعية التي اقتبسوها عن الكفار المحاربين لله ورسوله ، واعتبار الدعوة إلى العودة إلى الحكم بما أنزل الله وهجر القوانين الوضعية ، اعتبار ذلك تخلفًا ورجعية وردة عن التقدم والحضارة ، وسببًا في السخرية من أصحاب هذه الدعوة واحتقارهم ، وإبعادهم عن تولي الوظائف التي تستلزم الاحتكاك بالشعب والشباب ، حتى لا يؤثروا فيهم .

    2- تحريف التاريخ الإسلامي وتزييفه ، وتصوير العصور الذهبية لحركة الفتوح الإسلامية ، على أنها عصور همجية تسودها الفوضى ، والمطامع الشخصية .

    3- إفساد التعليم وجعله خادمًا لنشر الفكر العلماني وذلك عن طريق :
    أ - بث الأفكار العلمانية في ثنايا المواد الدراسية بالنسبة للتلاميذ ، والطلاب في مختلف مراحل التعليم .
    ب - تقليص الفترة الزمنية المتاحة للمادة الدينية إلى أقصى حد ممكن .
    جـ - منع تدريس نصوص معينة لأنها واضحة صريحة في كشف باطلهم .
    د - تحريف النصوص الشرعية عن طريق تقديم شروح مقتضبة ومبتورة لها ، بحيث تبدو وكأنها تؤيد الفكر العلماني ، أو على الأقل أنها لا تعارضه .
    هـ - إبعاد الأساتذة المتمسكين بدينهم عن التدريس ، ومنعهم من الاختلاط بالطلاب ، وذلك عن طريق تحويلهم إلى وظائف إدارية أو عن طريق إحالتهم إلى المعاش .
    و - جعل مادة الدين مادة هامشية ، حيث يكون موضعها في آخر اليوم الدراسي ، وهي في الوقت نفسه لا تؤثر في تقديرات الطلاب .

    4- إذابة الفوارق بين حملة الرسالة الصحيحة ، وهم المسلمون ، وبين أهل التحريف والتبديل والإلحاد ، وصهر الجميع في إطار واحد ، وجعلهم جميعًا بمنزلة واحدة من حيث الظاهر ، وإن كان في الحقيقة يتم تفضيل أهل الكفر والإلحاد والفسوق والعصيان على أهل التوحيد والطاعة والإيمان .
    فالمسلم والنصراني واليهودي والشيوعي والمجوسي والبرهمي كل هؤلاء وغيرهم ، في ظل هذا الفكر بمنزلة واحدة يتساوون أمام القانون ، لا فضل لأحد على الآخر إلا بمقدار الاستجابة لهذا الفكر العلماني .
    وفي ظل هذا الفكر يكون زاج النصراني أو اليهودي أو البوذي أو الشيوعي بالمسلمة أمرًا لا غبار عليه ، ولا حرج فيه ، كذلك لا حرج عندهم أن يكون اليهودي أو النصراني أو غير ذلك من النحل الكافرة حاكمًا على بلاد المسلمين .
    وهم يحاولون ترويج ذلك في بلاد المسلمين تحت ما سموه بـ ( الوحدة الوطنية ) .
    بل جعلوا ( الوحدة الوطنية ) هي الأصل والعصام ، وكل ما خالفوها من كتاب الله أو سنة رسوله - - طرحوه ورفضوه ، وقالوا : ( هذا يعرض الوحدة الوطنية للخطر !! ) .

    5- نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية ، وتهديم بنيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الاجتماعية ، وتشجيع ذلك والحض عليه : وذلك عن طريق :
    أ - القوانين التي تبيح الرذيلة ولا تعاقب عليها ، وتعتبر ممارسة الزنا والشذوذ من باب الحرية الشخصية التي يجب أن تكون مكفولة ومصونة .
    ب - وسائل الإعلام المختلفة من صحف ومجلات وإذاعة وتلفاز التي لا تكل ولا تمل من محاربة الفضيلة ، ونشر الرذيلة بالتلميح مرة ، وبالتصريح مرة أخرى ليلاً ونهارًا .
    جـ - محاربة الحجاب وفرض السفور والاختلاط في المدارس والجامعات والمصالح والهيئات .

    6- محاربة الدعوة الإسلامية عن طريق :
    أ - تضييق الخناق على نشر الكتاب الإسلامي ، مع إفساح المجال للكتب الضالة المنحرفة التي تشكك في العقيدة الإسلامية ، والشريعة الإسلامية .
    ب - إفساح المجال في وسائل الإعلام المختلفة للعلمانيين المنحرفين لمخاطبة أكبر عدد من الناس لنشر الفكر الضال المنحرف ، ولتحريف معاني النصوص الشرعية ، مع إغلاق وسائل الإعلام في وجه علماء المسلمين الذين يُبصِّرون الناس بحقيقة الدين .

    7- مطاردة الدعاة إلى الله ، ومحاربتهم ، وإلصاق التهم الباطلة بهم ، ونعتهم بالأوصاف الذميمة ، وتصويرهم على أنهم جماعة متخلفة فكريًا ، ومتحجرة عقليًا ، وأنهم رجعيون ، يُحارون كل مخترعات العلم الحديث النافع ، وأنهم متطرفون متعصبون لا يفقهون حقيقة الأمور ، بل يتمسكون بالقشور ويَدعون الأصول .

    8- التخلص من المسلمين الذين لا يهادنون العلمانية ، وذلك عن طريق النفي أو السجن أو القتل .

    9- إنكار فريضة الجهاد في سبيل الله ، ومهاجمتها واعتبارها نوعًا من أنواع الهمجية وقطع الطريق .
    وذلك أن الجهاد في سبيل الله معناه القتال لتكون كلمة الله هي العليا ، وحتى لا يكون في الأرض سلطان له القوة والغلبة والحكم إلا سلطان الإسلام ، والقوم - أي العلمانيين - قد عزلوا الدين عن التدخل في شؤون الدنيا ، وجعلوا الدين - في أحسن أقوالهم - علاقة خاصة بين الإنسان وما يعبد ، بحيث لا يكون لهذه العبادة تأثير في أقواله وأفعاله وسلوكه خارج مكان العبادة .
    فكيف يكون عندهم إذن جهاد في سبيل إعلاء كلمة الدين ؟!!
    والقتال المشروع عند العلمانيين وأذنابهم إنما هو القتال للدفاع عن المال أو الأرض ، أما الدفاع عن الدين والعمل على نشره والقتال في سبيله ، فهذا عندهم عمل من أعمال العدوان والهمجية التي تأباها الإنسانية المتمدنة !!

    10- الدعوة إلى القومية أو الوطنية ، وهي دعوة تعمل على تجميع الناس تحت جامع وهمي من الجنس أو اللغة أو المكان أو المصالح ، على ألا يكون الدين عاملاً من عوامل التجميع ، بل الدين من منظار هذه الدعوة يُعد عاملاً من أكبر عوامل التفرق والشقاق ، حتى قال قائل منهم : ( والتجربة الإنسانية عبر القرون الدامية ، دلَّت على أن الدين - وهو سبيل الناس لتأمين ما بعد الحياة - ذهب بأمن الحياة ذاتها ) .
    هذه هي بعض الثمار الخبيثة التي أنتجتها العلمانية في بلاد المسلمين ، وإلا فثمارها الخبيثة أكثر من ذلك بكثير .
    والمسلم يستطيع أن يلمس أو يدرك كل هذه الثمار أو جُلها في غالب بلاد المسلمين ، وهو في الوقت ذاته يستطيع أن يُدرك إلى أي مدى تغلغلت العلمانية في بلدٍ ما اعتمادًا على ما يجده من هذه الثمار الخبيثة فيها .
    والمسلم أينما تلفت يمينًا أو يسارًا في أي بلد من بلاد المسلمين يستطيع أن يدرك بسهولة ويسر ثمرة أو عدة ثمار من هذه الثمار الخبيثة ، بينما لا يستطيع أن يجد بالسهولة نفسها بلدًا خاليًا من جميع هذه الثمار الخبيثة .

    المصدر / كتاب " العلمانية وثمارها الخبيثة " محمد شاكر الشريف .

  • ظل ظليل
    مشرف قسم الإستشراق والتغريب والتبشير

    • 26 أغس, 2008
    • 3506
    • باحث
    • مسلم

    #2
    وسائل العلمانية في تحريف الدين في نفوس المسلمين وتزييفه

    للعلمانية وسائل متعددة في تحريف الدين في نفوس المسلمين منها :

    1- إغراء بعض ذوي النفوس الضعيفة والإيمان المزعزع بمغريات الدنيا من المال والمناصب ، أو النساء لكي يرددوا دعاوى العلمانية على مسامع الناس ، لكنه قبل ذلك يُقام لهؤلاء الأشخاص دعاية مكثفة في وسائل الإعلام التي يسيطر عليها العلمانيون لكي يظهروهم في ثوب العلماء والمفكرين وأصحاب الخبرات الواسعة ، حتى يكون كلامهم مقبولاً لدى قطاع كبير من الناس ، وبذلك يتمكنون من التلبيس على كثير من الناس .

    2- القيام بتربية بعض الناس في محاضن العلمانية في البلاد الغربية ، وإعطائهم ألقابًا علمية مثل درجة ( الدكتوراه ) أو درجة ( الأستاذية ) ، ثم رجوعهم بعد ذلك ليكونوا أساتذة في الجامعات ، ليمارسوا تحريف الدين وتزييفه في نفوس الطبقة المثقفة على أوسع نطاق ، وإذا علمنا أن الطبقة المثقفة من خريجي الجامعات والمعاهد العلمية ، هم في الغالبية الذين بيدهم أزِمَّة الأمور في بلادهم ، علمنا مدى الفساد الذي يحدث من جراء وجود هؤلاء العلمانيين في المعاهد العلمية والجامعات .

    3- تجزئ الدين والإكثار من الكلام والحديث والكتابة عن بعض القضايا الفرعية ، وإشغال الناس بذلك ، والدخول في معارك وهمية حول هذه القضايا مع العلماء وطلاب العلم والدعاة لإشغالهم وصرفهم عن القيام بدورهم في التوجيه ، والتصدي لما هو أهم وأخطر من ذلك بكثير .

    4- تصوير العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله - في كثير من وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية - على أنهم طبقة منحرفة خلقيًا ، وأنهم طلاب دنيا من مال ومناصب ونساء حتى لا يستمع الناس إليهم ، ولا يثقوا في كلامهم ، وبذلك تخلو الساحة للعلمانيين في بث دعواهم .

    5- الحديث بكثرة عن المسائل الخلافية ، واختلاف العلماء وتضخيم ذلك الأمر ، حتى يخيل للناس أن الدين كله اختلافات وأنه لا اتفاق على شيء حتى بين العلماء بالدين ، مما يوقع في النفس أن الدين لا شيء فيه يقيني مجزوم به ، وإلا لما وقع هذا الخلاف ، والعلمانيون كثيرًا ما يركزون على هذا الجانب ، ويضخمونه لإحداث ذلك الأثر في نفوس المسلمين ، مما يعني انصراف الناس عن الدين .

    6- إنشاء المدارس والجامعات والمراكز الثقافية الأجنبية ، والتي تكون خاضعة - في حقيقة الأمر - لإشراف الدول العلمانية التي أنشأت هذه المؤسسات في ديار المسلمين ، حيث تعمل جاهدة على توهـين صلة المسلم بدينه إلى أقصى حدٍّ ممكن ، في نفس الوقت الذي تقوم فيه بنشر الفكر العلماني على أوسع نطاق ، وخاصة في الدراسات الاجتماعية ، والفلسفية ، والنفسية .
    7- الاتكاء على بعض القواعد الشرعية والمنضبطة بقواعد وضوابط الشريعة ، الاتكاء عليها بقوة في غير محلها وبغير مراعاة هذه الضوابط ، ومن خلال هذا الاتكاء الضال والمنحرف يحاولون تروج كل قضايا الفكر العلماني أو جُلها .
    فمـن ذلك مثلاً قاعدة ( المصالح المرسلة ) يفهمونها على غير حقيقتها ويطبقونها في غير موضعها ، ويجعلونها حجة في رفض كل ما لا يحبون من شرائع الإسلام ، وإثبات كل ما يرغبون من الأمور التي تقوي العلمانية وترسخ دعائمها في بلاد المسلمين .
    وكذلك قاعدة ( ارتكاب أخف الضررين واحتمال أدنى المفسدتين ) وقاعدة ( الضرورات تبيح المحظورات ) ، ( ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) ، ( وصلاحية الإسلام لكل زمان ) ، ( واختلاف الفتوى باختلاف الأحوال ) ، يتخذون من هذه القواعد وأشباهها تُكأة في تذويب الإسلام في النحل والملل الأخرى ، وتمييعه في نفوس المسلمين .
    كما يتخذون هذه القواعد أيضًا منطلقًا لنقل كل النظم الاقتصادية ، والسياسية السائدة في عالم الكفار إلى بلاد المسلمين ، من غير أن يتفطن أكثر الناس إلى حقيقة هذه الأمور .
    وفي تصوري أن هذا المسلك من أخطر المسالك وأشدها ضررًا لما فيه من شبهة وتلبيس على الناس أن هذه الأمور إنما هي مرتكزة على قواعد شرعية معترف بها ، وكشف هذا المسلك على وجه التفصيل ومناقشة كثير من هذه الأمور على وجه البسط والتوضيح في حاجة إلى كتابة مستقلة لكشف كل هذه الأمور وتوضيحها وإزالة ما فيها من لبس أو غموض .
    ونحن نحب أن نؤكد هنا أن اعتمادهم على هذه القواعد أو غيرها ليس لإيمانهم بها ، وليس لإيمانهم بعموم وشمول وكمال الدين الذي انبثقت منه هذه القواعد ، وإنما هي عندهم أداة يتوصلون بها إلى تحقيق غاياتهم الضالة المنحرفة .

    تعليق

    • ظل ظليل
      مشرف قسم الإستشراق والتغريب والتبشير

      • 26 أغس, 2008
      • 3506
      • باحث
      • مسلم

      #3

      واجب المسلمين

      في ظل هذه الأوضاع بالغة السوء التي يعيشها المسلمون ، فإن على المسلمين واجبًا كبيرًا وعظيمًا ألا وهو العمل على تغيير هذا الواقع الأليم الذي يكاد يُحرِّف الأمة كلها بعيدًا عن الإسلام .
      والمسلمون جميعهم اليوم مطالبون ببذل كل الجهد : من الوقت والمال والنفس والولد لتحقيق ذلك ، وإن كان العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله وأصحاب القوة والشوكة عليهم من الوجوب ما ليس على غيرهم ، لأنهم في الحقيقة هم القادة وغيرهم من الناس تبع لهم .
      ولا خروج للمسلمين من هذا الواقع الأليم إلا بالعلم والعمل ، فالعلم الذي لا يتبعه عمل لا يغير من الواقع شيئًا ، والعمل على غير علم وبصيرة يُفسد أكثر مما يُصلح .
      ولا أقصد بالعلم العلم ببعض القضايا الفقهية الفرعية ولا ببعض الآداب ومحاسن العادات ، كما يحرص كثير من الناس على مثل هذه الأمور ، ويضعونها في مرتبة أكبر من مرتبتها في ميزان الإسلام ، ولكني أقصد بالعلم ، العلم الذي يورث إيمانًا صحيحًا صادقًا في القلب ، مؤثرًا حب الله ورسوله ودينه على كل ما سوى ذلك ، وباعثًا على العمل لدين الله والتمكين له في الأرض وإن كلفه ذلك ما كلفه من بذل النفس والنفيس ، ولن يتأتى ذلك إلا بالعلم الصحيح بحقيقة دين الإسلام ، واليقين الكامل التام الشامل بحقيقة التوحيد أساس البنيان في دين الإسلام ، ثم لابد مع ذلك من العلم بالمخاطر التي تتهدد الأمة الإسلامية ، والأعداء الذين يتربصون بها والدعوات الباطلة والهدامة التي يُروَّج لها ، وما يتبع ذلك من تحقيق البراءة من أعداء الدين ، وتحقيق الولاية للمؤمنين الصادقين .
      وإذا كان من الواجب على المسلمين طلب العلم والدأب في تحصيله وسؤال أهل الذكر ، ليكون المرء على بصيرة كاملة ووعي صحيح ، فإن من الواجب على أصحاب القلم - من الكُتَّاب والناشرين - العمل على الإكثار من نشر الكتاب الإسلامي الذي يربط المسلمين بالإسلام كله ، والذي يُعطي كل شرعة من شرائع الإسلام وكل حكم من أحكامه قدره ومنزلته في ميزان الإسلام ، بحيث لا يزيد به عن قدره ولا ينزل به عن مرتبته ، ولا يضخم جانبًا على حساب جوانب أخرى متعددة ، وفي هذا الصدد فإن الكُتَّاب والناشرين مدعُوُّون بقوة إلى الالتزام بذلك ، وخاصة في تلك الظروف العصيبة الحرجة التي تمر بها الأمة الإسلامية ، فلا يليق بهم ولا ينبغي لهم أن يُجَاروا رغبات العوام وغيرهم في الإكثار والتركيز على جانب معين من جوانب الدين مع إهمال جوانب أخرى هي في ميزان الإسلام أجلّ قدرًا وأخطر شأنًا .

      ونحن في هذا الصدد لا نريد أن نقع فيما وقع فيه غيرنا فندعو إلى إهمال الجانب الأقل في ميزان الإسلام لحساب الجانب الأكبر ، ولكنا ندعو إلى التوازن بحيث تكون الكتابات في الجوانب المختلفة متوازنة مع مرتبتها وثقلها في ميزان الإسلام ، فلا يُقبل أن تكون المكتبة الإسلامية مملوءة بالكتابات المختلفة المتنوعة عن الجن ، والسحر ، والشعوذة ، والورع ، والزهد ، والأذكار ، وفضائل الأعمال ، وفروع الفروع الفقهية ، وأشباه ذلك ([1]) ، بينما نجد المكتبة تكاد تكون خاوية من الكتاب الميسر الصالح للتناول لتناول العام في مجالات بالغة الأهمية .

      مثل : أحكام الفقه السياسي في الإسلام : أو بالتعبير القديم ( الأحكام السلطانية ) .
      ومثل : مناقشة النحل الكثيرة التي بدأت تنتشر في عالم المسلمين ( كالعلمانية ، والديمقراطية ، والقومية ، والاشتراكية ، والأحزاب ذات العقائد الكفرية كحزب البعث ، والأحزاب القومية ، وغير ذلك ) .

      ومثل : الكتابات التي تتحدث عن الجهاد ، لا أقصد الجهاد بمعنى فرضيته ودوامه إلى قيام الساعة ، ولكن أقصد إلى جانب ذلك الكلام عن جهاد المرتدين اليوم في عالم الحكام ، وأصحاب السلطان الذين تبنوا المذاهب الاشتراكية ، والعلمانية ، والقومية ، والديمقراطية ، وغير ذلك ودعوا إليها وألزموا الناس بها .

      ومثل : الحديث عن كيفية العمل لإعادة الخلافة الضائعة ، إلى غير ذلك من المواضيع ذات الأهمية البالغة في حياة المسلمين ، وإذا نظر الإنسان إلى ما كُتب في هذه المواضيع ، وما كُتب في المواضيع الأخرى لهاله التباين الشديد في هذا الأمر ، وإذا نظر أيضًا إلى كمية المباع من ذاك ومن هذا لهاله الأمر أكثر وأكثر .

      قد يقول الكتاب والناشرون : إن الناس لديهم عزوف عن قراءة هذه المواضيع ، لكن منذ متى كان لصاحب الرسالة التي يريد لها الذيوع والانتشار أن يطاوع الأهواء والرغبات ، وإذا كان حقًّا ما يُقال عن هذا العزوف ، فأنتم مشتركون بنصيب وافر في ذلك ؛ لأنكم طاوعتموهم على ذلك ، ولم تبصروهم بأهمية التوازن وعدم تضخيم جانب وإهمال جوانب أخرى ؛ لأن هذا الأمر سيؤدي بالناس في النهاية إلى حصر الإسلام وتضييق نطاقه في إطار عبادة من العبادات أو أدب من الآداب أو عادة من العادات ، بل قد انحصر الإسلام فعلاً عند كثير من الناس في أداء الصلاة ، وصيام رمضان ، وبعضهم انحصر الإسلام عنده في مجموعة من الأذكار ، وبعضهم انحصر الإسلام عنده في حسن الخلق ، وبعضهم انحصر الإسلام عنده في هيئة أو زي أو لباس ، وبعضهم انحصر الإسلام عنده في العلم ببعض فروع الفقه ، أو العلم ببعض قضايا مصطلح الحديث ، وهكذا .

      فإذا خاطبت الكثير منهم عن عموم الإسلام وشموله وحدثتهم عن بعض القضايا الهامة والملحة والمنبثقة من توحيد الله والإيمان باليوم الآخر مثل الحديث عن الحكم بما أنزل الله ، والالتزام بشرعه ووجوب السعي لإقامة دولة الإسلام وإعادة الخلافة ، وبيان بطلان المذاهب الكفرية كالعلمانية ، والديمقراطية ، وغير ذلك ، ظنوك تتحدث عن دين غير دين الإسلام ، وقالوا : هذا اشتغال بالسياسة ، ولا يجوز إدخال الدين في السياسة .

      ومثل هؤلاء لو تأكد عليهم الكلام في مثل هذه القضايا في خطب الجمعة ، وفي دروس وحلقات العلم في المساجد ، وفي الكتابات الميسرة التي يمكنهم قراءتها وفهمها بيسر ، لم يصدر عنهم مثل هذا الكلام الضال المنحرف .

      ونحن يجب علينا كتابًا وناشرين ألا نشارك في تزييف الدين وتجزئته عن طريق عرضه عرضًا ناقصًا مقصورًا على جانب من جوانبه استجابة لرغبة القراء ، ولحركة البيع والشراء ، فنكون بذلك محققين لهدف كبير من أهداف العلمانية في تضييق نطاق الدين وعزله عن الحياة .
      وقد يقول الكتاب والناشرون : نحن لا نكتب في هذه الأمور لأنها مسائل كبيرة والخطأ فيها ليس بالهين ، وهي تحتاج إلى علم كثير هو ليس في وسعنا ، وأنا معهم في هذا القول في أن كثيرين ممن يكتب هذه الأيام لا يصلح للكتابة في هذه الأمور .. إما لعدم فقههم لهذه الأمور ، وإما لأن فقههم لها قاصر ومبتور ، وإذا كان ذلك صحيحًا - وهو صحيح - في حق كثيرين ، فأين العلماء الكبار ، وأين الشيوخ الأجلاء ، وإذا لم يكن هذا هو دورهم ومهمتهم ، فما هو دورهم إذن في العمل على تغيير هذا الواقع الأليم ؟!

      وفي إطار الحديث عن العلم ونشره فإن فئة المعلمين من المدرسين والأساتذة من أدنى مراحل التعليم إلى أعلاها عليهم واجب من أهم الواجبات العامة في حقهم وآكدها وهذا الواجب يتمثل في :

      1- العمل على أسلمة المناهج بحيث تصب كل المناهج العلمية في إطار خدمة الإسلام ، وبحيث لا يكون الهدف العلمي البحت ، هو الهدف الوحيد من تدريس هذا العلم ، ونظرًا لأن ديننا من عند الله لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وأن المكتشفات العلمية هي من خلق الله فلا تعارض إذن ولا تناقض بين العلم والدين ، وبالتالي فإن كثيرًا من الحقائق العلمية يمكن استخدامها كأدلة في مجال الإيمان ، وكثير من القوانين العلمية يمكن استخدامها كردود أو إبطال لنظريات إلحادية من وجهة نظر العلم التجريبي الذي يؤمن به الملحدون ولا يعولون على غيره ، وعلى ذلك فإن المناهج العلمية الموضوعة للتلاميذ والطلاب لابد أن يراعى فيها ذلك ، ولابد من توضيح ذلك الأمر بأوضح بيان ، ولا يكفي فيه الإشارة والتلميح ، وهذا الأمر واجب أكيد في حق أولئك الذين يضعون هذه المناهج ويقررون تدريسها .

      2- تنقية المواد العلمية من الكفريات والضلالات المدسوسة بها ، فقد يحدث أن يضع هذه المواد ومناهجها أناس غرباء على الدين ، فالواجب على المدرس المسلم ألا يقوم بتدريس المادة العلمية كما هي ، بل لا يحق له ذلك ، وينبغي عليه كشف هذه الضلالات للطلاب وتحذيرهم منها ، وبيان الصواب فيها ، فلا يكتفي المعلم بدوره كمعلم للمادة فقط ، بل يربط هذه العلوم بالإسلام وينقيها مما فيها من الشوائب ويكون في الوقت نفسه داعية وواعظًا ومرشدًا إلى جانب كونه معلمًا ومثقفًا .

      3- أن ينتهز المعلم الفرصة كلما سنحت له لتوضيح مفهوم من مفاهيم الإسلام ، أو لتثبيت عقيدة من العقائد أو لبيان قضية من قضايا المسلمين أو لتعليم أدب من آداب الإسلام ، وهكذا .
      وكل هذه الأمور يستتبع بالضرورة تحقيقها أن يرتفع المعلمون بمستواهم العلمي والشرعي في كثير من الأمور حتى يكونوا أكفاء لهذه المهمة النبيلة التي شرفهم الله بحملها .


      ----------------------------------
      ([1]) ونحن أكدنا وما زلنا نؤكد أنه لا يحق لأحد أن يظن مجرد الظن أننا نقلل من أي شيء - وإن كان صغيرًا - تناوله حكم الإسلام ، حتى ولو كان ما يتعلق بأدب قضاء الحاجة ، وما ندعو إليه فقط هو إعطاء كل جانب ما يستحقه في ميزان الإسلام ، وهذا الذي أكدناه وذكرناه إنما هو طريقة العلماء المنبثقة عن الفهم الصحيح للنصوص الشرعية .



      تعليق

      • فارس الميـدان
        مشرف عام أقسام
        المذاهب الفكرية الهدامة
        ومشرف عام قناة اليوتيوب

        • 17 فبر, 2007
        • 10117
        • مسلم

        #4
        للرفــــع ..
        الحمد لله الذى جعل فى كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى .. الإمام أحمد ..

        تعليق

        مواضيع ذات صلة

        تقليص

        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
        ردود 0
        212 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
        ردود 0
        42 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
        ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
        ردود 0
        61 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Islam soldier
        بواسطة Islam soldier
        ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
        ردود 0
        98 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة عادل خراط
        بواسطة عادل خراط
        ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
        ردود 3
        113 مشاهدات
        0 معجبون
        آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
        بواسطة Ibrahim Balkhair
        يعمل...