أنشطة تنصيرية مكثفة بمعرض القاهرة للكتاب
شريف الدواخلي- محمد جمال عرفة
معروضات لدار نشر مسيحية
القاهرة- تشهد أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الحالية أنشطة تنصيرية مكثفة، خاصة في المنطقة المحيطة بسور الأزبكية (وسط المعرض)، حيث توجد دور النشر المسيحية.
وهو ما اعترفت به إدارة المعرض في تصريح لـ"إسلام أون لاين. نت"، مشددة على رفضها لمثل هذه الأنشطة التنصيرية، ومضيفة أنها ترفض أيضا ما قالت إنها أنشطة دعوية تمارسها جماعات سلفية.
فبمجرد أن تطأ قدمك أرض المعرض المنعقد ما بين من 28 يناير و13 فبراير الجاري، تفاجأ بشاب وسيم يبدو عليه ملامح الوقار أو فتاة جميلة تتمتع بطلاقة اللسان، يطلبان منك أن تهبهما دقيقة من وقتك. ربما لا تعرهما أذنيك لو علمت بمقصدهما الحقيقي، بيد أن الكثير من الذين يقصدون المعرض للمرة الأولى يمثلون "صيدا ثمينا" لهؤلاء المنصرين.
البداية لا تكون مختلفة كثيرا، حيث لا يكشف المنصرون والمنصرات عن أنفسهم مبكرا، فيكون أول الحديث -كما يروي شاهد عيان لـ"إسلام أون لاين.نت- هو عرض صورة للسيدة مريم للزائر المسلم والحديث عن فضلها في القرآن الكريم ومكانتها في قلوب المسلمين والأقباط.
وبمجرد أن يشعر المنصر أو المنصرة أن كلامه بدأ يحوز إعجاب المستمع واهتمامه يسارع إلى إخراج عددا من الكتيبات، أبرزها "نؤمن بإله واحد، عقيدة الثالوث، الله الصمد، اسأل نجيب، والحياة الأفضل"، وهي غير مدون عليها اسم مؤلف ولا يوجد لها رقم إيداع، وجميعها كتيبات تنصيرية تهاجم أصول العقيدة الإسلامية، بحسب الشاهد الذي فضل عدم نشر اسمه.
بعدها يبدأ الحديث عن نصوص وتفسيرات محرفة للقرآن والسنة النبوية يزعم المنصرون أنها تؤكد "وجود الروح القدس"، فضلا عن الحديث المعسول عن الخلاص (أي قصر النجاة في الآخرة على أتباع المسيحية فقط)، ونفي وجود عذاب القبر أو سؤاله، والتأكيد على أن السيد المسيح -عليه السلام- سوف ينزل آخر الزمان لينقذ أتباعه فقط، وذلك على مرأى ومسمع من الجميع، خاصة على عناصر الأجهزة الأمنية المصرية التي تملأ أرجاء المعرض، وفقا للشاهد.
ثم يتطرق المنصرون والمنصرات، المميزين بحسن الهندام وعذوبة الأسلوب الذي لا يخلو من رسم ابتسامة عريضة، للشبهات المزعومة حول الإسلام ومحاولة التشكيك في مصداقية السنة المطهرة والقرآن الكريم بزعم أنهما كتبا بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكان القرآن الكريم بدون نقط، ثم وضع النقط بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، فكيف يكون الذي بين أيدينا صحيحا ؟!، بحسب تسائلهم.
ويميل هؤلاء المنصرون للحديث عن المعجزات المزعومة للقديسين، ويوزعون كتبا لمرقص عزيز، وزكريا بطرس، ومتياس نصر، وهم قمامصة في الكنيسة الأرثوذكسية يهاجمون الإسلام، فضلا عن الحديث عن عروض مالية وتوفير فرص العمل لمن يحتاج، معتبرين أنها "هدية من المسيح".
بؤر التنصير
وكشفت جولة ميدانية لـ"إسلام أون لاين. نت" في أروقة المعرض عن انتشار غير مسبوق في كثافته للمنصرين من شباب وفتيات، خاصة المنطقة المحيطة بسور الأزبكية (وسط المعرض)، حيث توجد دور النشر المسيحية التي اعتادت المشاركة في المعرض، مثل دار الكتاب المقدس، والإخوة، ودار النشر الأسقفية، وهي أكثر المناطق في المعرض ازدحاما، والتي يقصدها في الغالب البسطاء من الناس الذين يمثلون الصيد الثمين لهؤلاء المنصرين.
وبينما تسير في جنبات سور الأزبكية تفاجأ بأشخاص يفرضون أنفسهم عليك، ويوزعون مجانا "سي ديهات" (أقراص مدمجة) عليها فيلم عن المسيح، ومواد تنصيرية أخري. كما يوجد المنصرون بكثافة في سرايا 3، خاصة الدور العلوي الذي يكتظ بالعديد من دور العرض المسيحية.
محفل ثقافي بحت
هذه الأنشطة التنصيرية اعترف بوجودها الكاتب الصحفي حلمي النمنم، نائب رئيس الهيئة العامة للكتاب، الجهة المنظمة للمعرض الدولي، مضيفا في تصريح لـ"إسلام أون لاين. نت": "أرفض هذه الأنشطة؛ فالمعرض محفل ثقافي بحت، ولهذا السبب أرفض أيضا قيام بعض الجماعات السلفية بالدعوة للإسلام".
وأضاف النمنم: "إنني أسمي هذا الأمر تنابزا مذهبيا، ونحن في الهيئة نسعى لمنعه؛ لأن من شروط العقد الذي يوقع بين دور النشر والهيئة -قبل بدأ المعرض- ألا تقوم (الدور) بأنشطة دعوية إسلامية أو مسيحية، ومن يخالف ذلك يتعرض لإلغاء عقده، وربما حظر مشاركته في الأعوام المقبلة"، مشيرا إلى أن "هذا لم يحدث مع أي دار نشر حتى الآن".
ولفت إلى أن "هذه الدورة من المعرض شهدت للمرة الأولى إبعاد دور النشر السلفية عن نظيرتها المسيحية حتى لا يتنافسا في دعوة المسيحيين والمسلمين"، معتبرا أن "القضاء على هذه الظاهرة يحتاج لسنوات". ويشارك في الدورة الحالية 800 ناشر، بزيادة 35 ناشرا عن الدورة الماضية، منهم 63 أجنبيا و200 عربي، والبقية من المصريين.
أسعار بخسة
مواجهة الأنشطة التنصيرية انتقل إلى الشبكة العنكبوتية؛ حيث شنت العديد من منتديات ومواقع مكافحة التنصير على الإنترنت حملة تحذير من الأنشطة التنصيرية المكثفة في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
وتلفت الحملة إلى بيع دور نشر مسيحية كتبا بأسعار بخسة تصل لحد بيع 20 كتابا و"سي دي" بخمسة جنيهات ونصف فقط (حوالي دولار واحد)، فضلا عن عرض كتب لكتاب مسلمين مشهورين بالطعن في الإسلام أو يشوهون صورته، مثل خليل عبد الكريم وسيد القمني، على أنهم مفكرون إسلاميون، بالإضافة إلى تبادل أرقام الهواتف والبريد الإلكتروني مع الشباب للتواصل معهم لاحقا بهدف التنصير.
ويشارك في هذه الحملة عشرات المواقع والمنتديات، أبرزها "مجموعة المرصد الإسلامي لمقاومة التنصير"، وتنتقد بشدة ما تعتبره تغافلا أمنيا عن أنشطة التنصير، وتركيز صحف ومجلات ومواقع إلكترونية فقط على ما يقولون إنه إقبال سلفي على المعرض لشراء الكتب من شباب يلبسون الجلباب ويطلقون اللحى.
فتحت عنوان "معرض القاهرة الدولي للتنصير.. الكتاب سابقا"، نشرت عدة منتديات منها، "فرسان الحقيقة" و"المنتدي الإسلامي" وغيرها الكثير، رسالة جاء فيها: "أيعقل هذا في بلد الأزهر.. وبلد عمرو بن العاص وحسن البنا والغزالي والقرضاوي.. إن قرابة 100 دار نشر مسيحية في المعرض تنادي على الزائرين بعروض سخية بأصوات تصم الآذان: "أربعة كتب بربع جنيه.. كتاب وقلم بـ75 قرشا وغيرها"، وأن بعض البائعين يعطون من يطلب هذه الكتب كيسا به كتيبات كثيرة مجانا تدعو كلها إلى التنصير، وبعضهم لا يأخذ أي أموال من المشتري.
وكان تقرير لوزارة الأوقاف المصرية قد كشف السبت 23 -1 -2010 عن وجود نشاط تنصيري أجنبي في المناطق الحدودية للبلاد، مستغلة الظروف التي يعيشها السكان، وعلى رأسها الأمية الدينية.
كما يردد بعض الناشطين الأقباط أن قساوسة تابعين للكنيسة الأرثوذكسية بمصر يقومون بعمليات تنصير على نطاق واسع، معتبرين الأمر "فريضة من فرائض الكتاب المقدس"، وهو ما تنفيه الكنيسة. ويمثل الأقباط ما بين 5 و8% من سكان مصر البالغ نحو 80 مليون نسمة، بحسب مركز "بيو" الأمريكية للأبحاث.
http://www.islamonline.net/Arabic/ne...02/06/15.shtml
تعليق