يوحنا 7: 8 - مشكلة العيد
صراع القراءات وتضارب التفاسير !
بقلم العبد الفقير إلى الله أبو المنتصر شاهين الملقب بـ التاعب
الحمد لله نحمده , ونستعين به ونستغفره , ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مُضِل له , ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمداً عبده ورسوله , وصفيه من خلقه وخليله , بلَّغ الرسالة , وأدى الأمانة , ونصح الأمة , فكشف الله به الغمة , ومحى الظلمة , وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاه اليقين , وأشهد أن عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله , وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .
ثم أما بعد ؛
«اللَّهُمَّ رَبَّ جِبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِى لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِى مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ »(صحيح مسلم-1847).
۞ مُقدمة:
مشكلة أثارت حولها الكثير من الجدل, البعض يجد في تبعيات هذه المشكلة هدماً وتدميراً للعقيدة المسيحية, والبعض الآخر يعتقد أن المشكلة كلها مُجَرَّد زوبعة في فنجان, ولا ننسى أبداً فريق المسيحيين الذين لا يهمهم الكتاب من قريب أو بعيد ! لقد كتبت في ما مضى مقالة حول هذه المشكلة بعنوان (يسوع كذاب في أصل الكتاب) ولاقى إستحساناً لدى الأصدقاء المسيحيين لدرجة أنني وجدت الكثيرين قد قاموا بإدلاء آرائهم ازاء ما قمت بكتابته. لعل بعضهم اعتقد أن ما وضعته في المقالة الأولى هو كل ما أعرفه حول المشكلة ! ولكن الحقيقة هي أنني كنت مُقيَّداً بعدد صفحات مُعيَّنة, لذلك لم أستطع سرد تفاصيل المشكلة وعرض أقوال العلماء بإستفاضة. أما الآن فليس عليّ قيد, وسأقوم بسرد تفاصيل هذه المشكلة الرائعة بالإضافة إلى مناقشة آراء بعض المسيحيين, أما أولائك الذين لم يريدوا أن يلتزموا آداب الحوار فسأغض الطرف عنهم, وسأبحث جاهداً في وسط كتاباتهم على أي مادة علمية تستحق رداً وتفنيداً.
العدد الذي سنقوم بدراسته موجود ضمن قصة "يسوع في عيد المظال" والتي نجدها في الإصحاح السابع من إنجيل يوحنا. وقدم قدم لنا كاسبر جريجوري موجزاً جميلاً عن المشكلة:
Caspar R. Gregory: Canon And Text Of The NT - Page 504 There are a few cases in the New Testament in which, as we may see, for example, in John 7:8, changes have been made for a definite purpose which we might call dogmatical or even apologetical. In the verse mentioned Jesus says : "I go not up to this feast," using the phrase which was rendered in Greek by ouk anabainw. Some good Christian in early times, reading this and finding two verses later that Jesus actually did go up to that feast, said to himself apparently : "That cannot be. Jesus cannot have said that He was not going up to the feast. He can only have said that He did not intend to go at that moment. He must have left room open for His later going up to Jerusalem." And therefore this Christian wrote over the ouk or on the margin beside ouk the word oupw, "not yet," and caused Jesus to say : " I am not going up to this feast yet
يوجد بعض الحالات في العهد الجديد - كما نرى على سبيل المثال في يوحنا 7 : 8 - أجريت فيها تغييرات لسبب مُحدد يمكننا أن نسمّيه لاهوتي أو حتى دفاعي. في النص المذكور يقول يسوع: "أنا لا أصعد إلى هذا العيد", باستخدام الكلمة التي عُبرَ عنها في اليونانية بـ (ουκ αναβαινω), أحد المسيحيين الخيرين في العصور المبكرة بقرائته لهذا النص وجد بعد نصين أن يسوع في الواقع صعد إلى العيد, فقال لنفسه على ما يبدو: "لا يمكن أن يكون ذلك, يسوع لا يمكن أن يكون قد قال أنه لن يصعد إلى العيد, هو بالتأكيد قال أنه في تلك اللحظة لا ينوي الصعود إلى العيد. هو لا شك قد ترك المجال مفتوحا لصعوده إلى أورشليم فيما بعد", لهذا كتب هذا المسيحي فوق الكلمة (ουκ) أو بجانبها كلمة (ουπω) "ليس بعد", مما جعل يسوع يقول: "أنا لست أصعد بعد إلى العيد".
في هذا المُختصر المفيد والغير مُخِّل وجدنا الآتي:
·هناك تغيير مُتعمد في النص لغرض لاهوتي أو دفاعي.
·التغيير تم في العصور المبكرة على أحد المسيحيين الخيرين.
·التغيير يؤثر على فهمنا لمجريات القصة وأيضاً على نظرتنا لشخصية يسوع.
هذه هي نقاط النقاش الرئيسية والتي منها جائت أهمية دراسة هذه المشكلة, حيث أن التغيير في النص لم يأتي جراء سهو أو إهمال, وإنما التغيير كان عن عمد مع سبق الإصرار والترصد, كان لسبب ويجب علينا دراسة السبب جيداً. علينا أيضاً أن نلفت الأنظار إلى التغييرات التي حدثت في النص في زمن مبكر, وعلى المسيحي أن يدرك أنه ليس أحدٌ غَيَّر وبدل في الكتاب إلا الذي كان يقوم بنسخ الكتاب وهو المسيحي صاحب الكتاب. وفي النهاية هذا التغيير في النص أدى بالتبعية إلى تغيير مفوهمنا للقصة ونظرتنا لشخصية يسوع, وهذا جوهر الموضوع وأهم ما فيه, فنحن آمنا وعرفنا أن في العهد الجديد مواضع كثيرة حدث فيها التبديل والتغيير والإضافة والحذف, ولكننا نريد تلميع المواضع التي حدث فيها تغيير وهذا التغيير أثر على نظرتنا للمسيحية.
تعليق