مثالٌ تطبيقيٌّ
وقد رأيتُ أن أضع هنا مثالاً تطبيقيًّا على ما مضى بيانه، تتضح الصورة من خلاله..
واخترتُ المثال من كلام المستشرق موراني نفسه، حيثُ يقول في (ملتقى أهل التفسير)
http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=3628&page=1&pp=15
تحت عنوان: ((قراءة : لا اله الا هو اليه المصير)) ما نصه:
((عثرت بين أوراقي المتعددة على جريدة بالعنوان : (مجلة الأبحاث) لجامعة ولاية سارلند الألمانية من عام 1999 فيها تقارير ودراسة قصيرة حول المصاحف التي قام بترتيبها والبحث فيها فرقة من المستشرقين والباحثين المحلّيين بصنعاء بين عامي 1987 و1992 وعام 1996 و1997 . كذلك تمّ ترميم عدد كبير من القطع القرآنية وتصويرها على أفلام . وجدير بالذكر أنّ جميع المصاحف قد كتب على الرق وبمختلف الخطوط , منه بالخط الحجازي المائل ومنه بالخطوط الكوفية على يد نساخ وخطاطين عدة . كثير من هذه المصاحف قد نسخ في النصف الثاني من القرن الأول الهجري .
لقد عثر أحد الباحثين المقيمين في صنعاء في تلك الفترة على قطعة من مصحف فيها , على اللوحة (الرق) التي تهمنا هنا , آخر سورة الزمر وتليه مباشرة بداية سورة غافر بعدم ذكر اسم السورة وبدون غير فاصل ما بين الآيات. وأشار الباحث في تعليقاته على هذه القطعة الى العبارات التالية في آخر الآية 3 :
لا اله الاّ هو اليه المصير
وجاءت هذه العبارات بالخط الحجازي بالرسم التالي :
لا اليه الاّ هو اليه المصير
مشيرا في ذلك الى أن في ( لا اله) زيادة الياء وشكله كما جاء في (اليه المصير) , بالمعني أن كلتا العبارتين ( اله ) و(اليه) قد كتبتا على نفس الشكل , بنفس الرسم, كما يتبين ذلك واضحا على الصورة الضوئية التي أضافه الباحث في هذا الموضع .
هذا , ولا يستبعد هذا الباحث , الذي قضى أربع سنوات في صنعاء , أنّ الرسم في كلتا الحالتين (اليه ــ بالياء) قد يجعل القراءة التالية من باب الاحتمال :
لا اله الا هو اله المصير,
بدلا من:
(اليه المصير)
غير أنه يشير الى آيات أخرى التي تثبت صحة القراءة : (اليه المصير) . فمن هنا يقترح أنّ البحث يجب أن يرجع الى هذه الرسوم القديمة , أي الى المصاحف في صنعاء والى دراسة طبيعتها والقراءات فيها .
هذا ما ذكر الباحث حول القراءة المحتملة للآية 3 في سورة غافر .
فأقول : لا شكّ في أنّ الرسم قد جاء كما ذكرنا ( لا اليه الا هو اليه المصير) , غير أنّ العبارة ( لا اليه الا هو) لا معنى له من قريب أو بعيد , فمن هنا تم التسوية عند هذا الباحث بين (اله ) و(اليه) وقرأهما (اله) في كلتا الحالتين , أي قرأ ( اله المصير) .
غير أنه قد غفل أمرا بالغ الأهمية ولم يطرحه للمناقشة كما لم يضعه في عين الاعتبار.
اذ انه من الملاحظ أنّ بين العبارتين (لا اليه) و(اليه المصير) ليس هناك الا كلمتان قصيرتان فحسب وهما : (الاّّ هو) . أما الناسخ فانه , كما يبدو لي , لم يكتب الآية من حفظه, بل نسخها من نسخة أخرى ....فما حدث في هذا الموضع فهو يحدث عند غيره :
وهو ظاهرة انتقال النظر في القراءة من كلمة الى كلمة أخرى ( أو حتى الى سطر آخر) بقزف عين الناسخ من كلمة , وفي هذه الآية : القزف عند الكتابة من ( اله) الى الكلمة (اليه) المصير فكتب في كلا الموضعين سهوا : (اليه) .
وهذه الظاهرة التي عرفها العلماء القدماء , منهم ابن خلكان , وكانوا يسمونها بـالعبور من سطر الى سطر ـ ( أنظر وفيات الأعيان , ج 4 , ص 183 بتحقيق احسان عباس) , هذه هي الظاهرة التي نواجهها في هذا الموضع أيضا في بداية سورة غافر , فلا داع اذا لاحتمالات أخرى لقراءة (اله المصير) .
للأسف , لم يقدم هذا الباحث رسما للآيات الأخرى فيها (اليه المصير) الواردة ربما في مصاحف أخرى في صنعاء بنفس الخط المائل ومن نفس العصر : مثل المائدة , 18 و الشورى , 15 , التغابن , 3 . ومن هنا بقي احتمال قراءته بغير دليل قاطع . وذلك حتى ولو نبّهنا الى أنّ كتابة الفتحة الطويلة في هذه المصاحف القديمة تتم بالياء , مثل : التورية ( نعم , هكذا) بدلا من التوراة . أما كتابة (اليه ) مرة بالمعنى (اله) ومرة بالمعنى ( اليه) , أي بغير تمييز بينهما في الرسم , فذلك موضوع الشك فيه , فمن هنا لا أراه الا سهوا من الناسخ كما بيّنته .
لقد تم جمع القراءات القرآنية في 8 مجلدات ( الكويت , ذات السلاسل . 1402 الى 1405 هـ) غير أنّ المصاحف في صنعاء تسجل قراءات أخرى غير واردة في هذا المعجم القيم , مثل :
قيل جا الحق ( بدلا من : قل جاء الحق) , وهنا أيضا يتساءل القاريء بغير الطعن في القرآن , بل باحثا في تطور كتابة النص , : ما هو (الدور) للياء في هذا المقام : وهو : قيل , هل هو (قال) , الفتحة الطويلة , أم قيل كما هو ( ما لا يسمى اسمه) , وذلك الى جانب أمثلة أخرى في مصاحف صنعاء .
هذا , وانقطعت الأعمال قي صنعاء منذ مدة حسب علمي ولا أعلم شخصيا ما هو السبب لذلك . ربما يفيدنا الأعضاء المشاركون في هذا الملتقى بما لديهم من الأخبار حول الأنشطة العلمية المتركزة على هذه المصاحف القديمة في دار المخطوطات بصنعاء .
الـدكتور م . مــورانـي
مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
[email protected] )).
لقد عثر أحد الباحثين المقيمين في صنعاء في تلك الفترة على قطعة من مصحف فيها , على اللوحة (الرق) التي تهمنا هنا , آخر سورة الزمر وتليه مباشرة بداية سورة غافر بعدم ذكر اسم السورة وبدون غير فاصل ما بين الآيات. وأشار الباحث في تعليقاته على هذه القطعة الى العبارات التالية في آخر الآية 3 :
لا اله الاّ هو اليه المصير
وجاءت هذه العبارات بالخط الحجازي بالرسم التالي :
لا اليه الاّ هو اليه المصير
مشيرا في ذلك الى أن في ( لا اله) زيادة الياء وشكله كما جاء في (اليه المصير) , بالمعني أن كلتا العبارتين ( اله ) و(اليه) قد كتبتا على نفس الشكل , بنفس الرسم, كما يتبين ذلك واضحا على الصورة الضوئية التي أضافه الباحث في هذا الموضع .
هذا , ولا يستبعد هذا الباحث , الذي قضى أربع سنوات في صنعاء , أنّ الرسم في كلتا الحالتين (اليه ــ بالياء) قد يجعل القراءة التالية من باب الاحتمال :
لا اله الا هو اله المصير,
بدلا من:
(اليه المصير)
غير أنه يشير الى آيات أخرى التي تثبت صحة القراءة : (اليه المصير) . فمن هنا يقترح أنّ البحث يجب أن يرجع الى هذه الرسوم القديمة , أي الى المصاحف في صنعاء والى دراسة طبيعتها والقراءات فيها .
هذا ما ذكر الباحث حول القراءة المحتملة للآية 3 في سورة غافر .
فأقول : لا شكّ في أنّ الرسم قد جاء كما ذكرنا ( لا اليه الا هو اليه المصير) , غير أنّ العبارة ( لا اليه الا هو) لا معنى له من قريب أو بعيد , فمن هنا تم التسوية عند هذا الباحث بين (اله ) و(اليه) وقرأهما (اله) في كلتا الحالتين , أي قرأ ( اله المصير) .
غير أنه قد غفل أمرا بالغ الأهمية ولم يطرحه للمناقشة كما لم يضعه في عين الاعتبار.
اذ انه من الملاحظ أنّ بين العبارتين (لا اليه) و(اليه المصير) ليس هناك الا كلمتان قصيرتان فحسب وهما : (الاّّ هو) . أما الناسخ فانه , كما يبدو لي , لم يكتب الآية من حفظه, بل نسخها من نسخة أخرى ....فما حدث في هذا الموضع فهو يحدث عند غيره :
وهو ظاهرة انتقال النظر في القراءة من كلمة الى كلمة أخرى ( أو حتى الى سطر آخر) بقزف عين الناسخ من كلمة , وفي هذه الآية : القزف عند الكتابة من ( اله) الى الكلمة (اليه) المصير فكتب في كلا الموضعين سهوا : (اليه) .
وهذه الظاهرة التي عرفها العلماء القدماء , منهم ابن خلكان , وكانوا يسمونها بـالعبور من سطر الى سطر ـ ( أنظر وفيات الأعيان , ج 4 , ص 183 بتحقيق احسان عباس) , هذه هي الظاهرة التي نواجهها في هذا الموضع أيضا في بداية سورة غافر , فلا داع اذا لاحتمالات أخرى لقراءة (اله المصير) .
للأسف , لم يقدم هذا الباحث رسما للآيات الأخرى فيها (اليه المصير) الواردة ربما في مصاحف أخرى في صنعاء بنفس الخط المائل ومن نفس العصر : مثل المائدة , 18 و الشورى , 15 , التغابن , 3 . ومن هنا بقي احتمال قراءته بغير دليل قاطع . وذلك حتى ولو نبّهنا الى أنّ كتابة الفتحة الطويلة في هذه المصاحف القديمة تتم بالياء , مثل : التورية ( نعم , هكذا) بدلا من التوراة . أما كتابة (اليه ) مرة بالمعنى (اله) ومرة بالمعنى ( اليه) , أي بغير تمييز بينهما في الرسم , فذلك موضوع الشك فيه , فمن هنا لا أراه الا سهوا من الناسخ كما بيّنته .
لقد تم جمع القراءات القرآنية في 8 مجلدات ( الكويت , ذات السلاسل . 1402 الى 1405 هـ) غير أنّ المصاحف في صنعاء تسجل قراءات أخرى غير واردة في هذا المعجم القيم , مثل :
قيل جا الحق ( بدلا من : قل جاء الحق) , وهنا أيضا يتساءل القاريء بغير الطعن في القرآن , بل باحثا في تطور كتابة النص , : ما هو (الدور) للياء في هذا المقام : وهو : قيل , هل هو (قال) , الفتحة الطويلة , أم قيل كما هو ( ما لا يسمى اسمه) , وذلك الى جانب أمثلة أخرى في مصاحف صنعاء .
هذا , وانقطعت الأعمال قي صنعاء منذ مدة حسب علمي ولا أعلم شخصيا ما هو السبب لذلك . ربما يفيدنا الأعضاء المشاركون في هذا الملتقى بما لديهم من الأخبار حول الأنشطة العلمية المتركزة على هذه المصاحف القديمة في دار المخطوطات بصنعاء .
الـدكتور م . مــورانـي
مستشرق . كلية الآداب . جامعة بون . ألمانيا
[email protected] )).
وسأكتفي بهذا المثال المرير من جهةِ النَّاقل موراني والمنقول عنه؛ لأنه يَشِي لنا بحجم الجهل لدى الغرب حول القرآن الكريم، وتأريخ القرآن، وكيف تم تدوينه، وكيف وصل إلينا.
لابد لنا أن نرصد بعض الجوانب المريرة في المثال المذكور:
- فهو يبحث في اختلافات القراءات في آية، بعيدًا عن مصادر القراءات المعتمدة لدى المسلمين، وهذا وإنْ كان كأن لم يكن من جهة البحث العلمي؛ لأنَّه بحثٌ في غير محلِّه؛ إلا أنَّه يحتمل أمرين لا ثالث لهما: إما جهل هؤلاء الباحثين بالقرآن، والجاهل لا عبرة به ولا بكلامه، وإما حقدهم الدفين وافتراءاهم، ولا عبرة بأثر الحقد في البحث العلمي أيضًا؛ لأنه تعوزه المصداقية والإنصاف وقصد الصدق والتحري في البحث.
وبناءً على ما سبق تأصيله في المداخلات السابقة فإنَّه لا مجال هنا لقبول مثل هذا المثال المذكور هنا؛ لأنه لم تتوفر فيه شروط القبول السابق بيانها في المداخلات السابقة.
ـ ثم هو يبحث في رسومٍ مختلفة، ولا يبحث في الرسم العثماني، وهذا مشكلةٌ أخرى، وقد سبقت الإشارة إلى ضرورة الرسم العثماني؛ لتعلُّقِه بالقراءات القرآنية، ويظهر ذلك من خلال النظر في مثل ((الصراط)) ((المصيطرون))، ونحوهما مما رُسِمَ على أصله ليدل على وجهٍ واحدٍ فيه، وما رُسِمَ على غير أصله ليدل على وجهين في قراءته، نحو إبدال السين صادًا فيما أصله السين، ليدل على قراءةٍ له بالصاد بجوار القراءة بالسين التي هي الأصل، وهذا ملمح لم يفطن له هؤلاء الذين زعموا لأنفسهم حق البحث، ثم جاؤوا ليقولوا لنا ((رسوم))!!
ألا فليعلموا أنه ليس لدينا رسمًا سوى الرسم الذي عُرِفَ بالعثماني، واشتهر به، فهذا هو الرسم المعتمد، وقد بدا لك من الإشارة السابقة تعلُّقه بالقراءات القرآنية الواردة.
ومضى قول مالكٍ فيمن أراد أن يكتب مصحفًا الآن بأن يكتبه ((على الكتبة الأولى))، كما سبقت حكاية أبي عمرو المقرئ الإجماع على هذا الأمر؛ فراجع ما مضى في ذلك مشكورًا.
ـ ثم إِنَّهُ لا مجال هنا للكلام عن قضية تحول النظر التي أثارها موراني، بناءً على تسويته بين القرآن وغيره في طريقة التلقِّي، وقد يخالفه غيره فيرى ذلك ليس تحولا للنظر، وإنما هو خطأ في القراءات القرآنية.. وهكذا ينفتح لهم الطريق على مصراعيه نحو طعنٍ وتشكيكٍ في القرآن والإسلام.. هكذا ظنوا!!
وهذا كله خطأٌ محضٌ، لا قيمة به، ولا يُلْتَفَتُ إليه؛ لأنَّ النسخة المشار إليها لا نعرف لها إسنادًا منها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، نقلاً عن الوحي، ولم تشتهر بين المسلمين، ولم تنقل بالإسناد الصحيح من عصرها وحتى الساعة، كما وقد عُثِرَ فيها كما ترى على ما يخالف الرسم العثماني..
وبعض هذا كفيلٌ بإسقاطها، فكيف به مجموعًا؟!
فالبحث الآن يُعَدُّ بحثًا في فراغٍ، أو فيما لا طائل تحته؛ لأنَّه بعد أن يقول موراني ما يقول، سيأتي لنا لنقول له: لا قيمة بهذه النسخ عندنا.
والواجب عليه إن كان يكتب لنا أن يكتب بما هو حجة عندنا لا بما ننكره.
وكذا إن كان يكتب عن الإسلام فالواجب عليه حينئذٍ أن يكتب عن الإسلام كما هو الإسلام، لا كما يراه هو أو غيره.
فالرؤية الشخصية شيءٌ، والحقيقة التي ينبغي إيضاحها في البحث العلمي شيءٌ آخر.
ولذا فعليه هو وغيره أن يكتبوا عن الإسلام كما هو الإسلام، بغض النظر عن رؤيتهم الشخصية بعد هذا..
- ثم هو يبحث في نسخةٍ خطيةٍ لم يذكر لنا مدى موافقتها للسماع الذي هو الأصل والحكم لدى المسلمين في نقل القرآن (كما سبق بيانه)؟
وأكتفي بهذه الملاحظات التي لم يفطن لها الناقل والمنقول عنه، وقد سبق التفصيل فيها فلا أكرره ثانية..
ومن هنا أراني أنطلق إلى القراءات القرآنية في نظرةٍ إجماليَّةٍ تمهيديَّة لها الآن فأقول:
القراءات القرآنية ليست شيئًا مباينًا للقرآن، أو منقصلاً عنه، ولكنها جزءٌ من القرآن العظيم، فهي جزءٌ من المعجزة القرآنية الخالدة، وبأيها قرأ المسلم أجزأه ذلك.
ثم هي تعود في حقيقتها إلى الحروف السبعة التي نزل عليها القرآن الكريم، وهذا مجمعٌ عليه على مدار أربعة عشر قرنًا من الزمان، رغم الاختلاف في تحديد ماهية الحروف السبعة الواردة في الحديث، من حيث ظاهر العبارات، لكن الباحث الجيد يستطيع أن يعود بأكثر هذه الأقوال إلى قولٍ واحدٍ متفقٍ في تحديد المراد بالأحرف السبعة.
وقد نطقت الروايات بالحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرفٍ، وهي التيسير على هذه الأمة الضعيفة، ثم بلغها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، وقرأَ بها أصحابُه، وبلَّغوها مَنْ بعدهم.
وقد اتفق أهل العلم على أن الأحرف السبعة والقراءات من بعدها تتعلق باللفظ، زيادةً ورسمًا، ولا تؤدِّي إلى تناقض المعنى أو اختلال النظم القرآني، بل هي جزءٌ من المعجزة القرآنية، فكأنَّه معجزاتٌ في معجزةٍ واحدةٍ، وهذا أبلغ في الإعجازِ لِمَنْ تَدَبَّر!
خلاصة ذلك الآن: أَنَّ القراءات القرآنية جزءٌ من الوحي، وجزءٌ من المعجزة القرآنية الخالدة بأبعادها وإعجازها، فتجري عليها أحكام القرآن، نظمًا وإعجازًا، كما تجري عليها شروط نقل القرآن..
وقد اشترط العلماء في نقل القراءات موافقة الرسم العثماني، وموافقة بعض أوجه اللغة، مع صِحَّةِ السَّنَدِ، وهذا كله يقطع ببطلان المثال التطبيقي المذكور آنفًا في كلام موراني؛ لأنه لم يلتزم أحد هذه الشروط المشار إليها مثلاً، فلا هو موافق للرسم العثماني، ولا هو صحيح السَّنَدِ مثلاً، بل لا يُعْرَف هذا أصلا، ولم يشتهر لدى أحدٍ من الناس، ولم يعرفه أحدٌ منهم، وإنما هو وجادة ونسخة وجِدَتْ في مكتبةٍ أثبت الاختبار الكربوني أو أثبت رسم الخط أنها كُتِبَتْ في زمنٍ ما؟!
كلا؛ فالقرآن لا يثبت بمثل هذا، وليس حفريةً نتطلَّب لها اختبارًا كربونيًا قد يصدق اليوم ويكذب غدًا تبعًا لتطور نظريات العلوم..
وإنما هو كتابٌ ثابتٌ لا يتغير ولا يتبدَّل، رسمًا ونظمًا وقراءات وترتيبًا، فكان المناسب له ثبات النقل الذي لا يتغير عبر الأزمنة، وهو المشافهة والتلقِّي سماعًا، كابرًا عن كابرٍ، ثم الرسم العثماني يقف بجوار السماع جنبًا إلى جنبٍ ليحكم بصحَّةِ المكتوب!
على أنه مما تجدر الإشارة إليه: أنه لا قيمة بما هو خارجٌ معروف متواتر لدى المسلمين الآن، فما يُكْتَشَف اليوم أو غدًا في قِطَعٍ مبتوتة السند والصلة هنا أو هناك فلا عبرة به، كما سبق وأشرتُ إليه مرارًا.
وبهذا التمهيد القصير أكتفي الآن، ولنا عودةٌ إلى الموضوع بأكثر من هذا إن شاء الله في وقتٍ لاحقٍ، بإذن الله تعالى.
فإلى لقاءٍ إن شاء الله تعالى.............
https://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=3061&page=4
تعليق