بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
صدق الله القائل "وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا" .. "لو نشاء لقلنا مثل هذا"! .. هذا هو قول الجهال المستكبرين أمثال مسيلمة الكذاب الذي ظن أن القرآن سجعا يمكنه أن ينقل منه .. مثل قوله "يا ضفدع ابنة ضفدعين نِقّي ما تنِقّين أعلاك في الماء وأسفلك في الطين. لا الشارب تمنعين. ولا الماء تكدرين" و قوله " الفيل ما الفيل وما أدراك ما الفيل له ذنب ونبيل وخرطوم طويل" .. فرد الخلاق العليم عليه و على أمثاله ممن سبقوه و ممن تبعوه من السفهاء بقوله المعجز "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" .. إن كلمة مثله التي تحدى بها الخالق جميع خلقه في قوله "لا يأتون بمثله" .. تعني أن تأتي بأسلوب جديد متفرد كما هو القرآن الكريم .. فلم يكن طلب الإتيان من الجن و الإنس بالاتيان بمثله بمعنى المحاكاة في سجع و الغش من القرآن بل بمعنى أن تأتي بشيئ جديد و أسلوب لم يأتي به بشر من قبل كما القرآن .. كأنك تخترع نظما خاصا ونمطا خاصا من الكلام و هذا ما عجز عنه كل فطاحل العرب مع استخدامهم لنفس الحروف العربية .. إن من المعاني الكثيرة لمثله هو إن القرآن الكريم ليس شعرا و ليس نثرا بل هو اسلوب متفرد معجز .. و إلا لكنا قد اعتبرنا قول مسيلمة الكذاب الغشاش السابق من مثله .. إن إحدى معاني مثله الكثيرة أن لا تجد تناقضا أو اختلافا كما يقول الله تعالى في كتابه الكريم "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا" .. و هذا من إعجاز الله تعالى فعندما حاول الصليبي انيس شروش أن يأتي ببعض التفاهات كما فعل سلفه مسيلمة الكذاب الذي أراد أن يغش من القرآن الكريم القائل "وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ" و قوله "قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ" .. وجدنا شروش يقول في سورة اسمها سورة التجسد "سبحانه رب العالمين أن يتخذ من خلقه ولدا" الآية السادسة .. و يقول "إلها سرمديا واحدا أحدا" ثم تجده في السورة المسماة سورة الإيمان يقول عن يسوع "أنت هو ابن الله حقّا بك آمنّا" الآية التاسعة .. فكيف يكون واحدا أحدا ثم يكون هو ابن نفسه و ثلاثة أقانيم تنفصل .. نعم أقانيم تنفصل فواحد في السماء ساكن في نور لم يره أحد و لم يدنو منه أحد لا يموت .. و آخر عريان في نهر الأردن يعمده يوحنا أمسكوه و دنوا منه و بصقوا في وجهه و صلبوه و قتلوه و مات .. و ثالث نازل من السماء كحمامة على كتف يسوع و هو الذي حبلت منه مريم يعطيه الله لمن يشاء .. فما الفرق بين هذا الثالوث و الثالوث الهندوسي عابدي كرشنا ابن الإله الواحد في ثلاثة .. إن من معاني مثله الكثيرة هو الإخبار بالغيب "سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ" .. و من ذلك الإعجاز قوله "لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ" .. و هاهي الذرة و أصغر منها يكتشفها العالم اليوم كما أخبر سبحانه و تعالى .. إن من معاني مثله أن يتحقق الوعد الحق مستقبلا فها هو النبي صلى الله عليه و سلم في مكة في زمن الاستضعاف يعده القرآن الكريم بالنصر فيقول "وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ" فيأتي النصر .. و لا يزال التحدي قائما إلى يوم القيامة
تعليق