من هو الخليفة المقصود في هذه الآية !!!!!

تقليص

عن الكاتب

تقليص

م /الدخاخني مسلم اكتشف المزيد حول م /الدخاخني
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 5 (0 أعضاء و 5 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • إيمان أحمد
    مشرفة الأقسام الإسلامية

    • 9 يون, 2006
    • 2427
    • مسلمة

    #16
    أولا : موقف من رفض الأمانة ؟ !
    ماذا حدث لمن رفض الأمانة ؟
    بعد رفض السماوات والأرض والجبال لقبول الأمانة التى عرضها الله عز وجل وممارسة حقهن فى ذلك ، كان من عدل الله أنه خيرهن مرة أخرى ، ولكن هذه المرة اقتصر التخيير على الطاعة التامة لله والاستجابة لأمره إذا كلفهن بعمل ما أو سخرهن لوظيفة ما ، حتى وإن كانت لصالح الإنسان ، فاختاروا جميعا الطاعة والخضوع لله عز وجل ، يكلفهن بما يشاء وسوف يلتزمن تمام الالتزام .
    وقد كانت السماوات والأرض عند ذلك متلاصقات متراكمات ، فكانت السماوات دخانا ملتصقا بالأرض على غير هيأتها اليوم ، كما قال عز وجل :
    ] أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا [ [الأنبياء/30] .
    وقال أيضا : ] ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [ [فصلت/11] والمعنى أى تهيأن بأمر الله على الوضع الذى يسمح للإنسان أن يكون مستخلفا فى الأرض مستفيدا منكن بحيث يتحقق فيكن الوضع الأمثل لكى يكون أمينا فى الأرض مخولا فيها على وجه الاختبار .
    ومعنى قوله : قالتا أتينا طائعين ، أى استجابت السماوات والأرض وقالتا أتينا مذللين مسخرين ، تنفيذا لمراد رب العالمين .
    قال ابن عباس رضى الله عنه في قوله تعالى : قال الله تبارك وتعالى للسماوات اطلعي شمسي وقمري ونجومي وقال للأرض شققي أنهارك وأخرجي ثمارك قالتا أتينا طائعين ، وقال ابن كثير : قالتا أتينا طائعين أي بل نستجيب لك مطيعين بما فينا مما تريد خلقه من الملائكة والجن والإنس جميعا مطيعين لك ، ويذكر عن الحسن البصري أنه قال : لو أبيا عليه أمره لعذبهما عذابا يجدان ألمه (تفسير ابن كثير4/94)
    وقال ابن جرير الطبرى : ( قال الله للسماء والأرض جيئا بما خلقت فيكما أما أنت يا سماء فأطلعي ما خلقت فيك من الشمس والقمر والنجوم وأما أنت يا أرض فأخرجي ما خلقت فيك من الأشجار والثمار والنبات وتشققي عن الأنهار قالتا أتينا طائعين جئنا بما أحدثت فينا من خلقك مستجيبين لأمرك لا نعصي أمرك ) ( تفسير ابن جرير الطبرى 24/98 ) ويقول القرطبى : ( قالتا أتينا طائعين فيه أيضا وجهان : أحدهما : أنه ظهور الطاعة منهما حيث انقادا وأجابا فقام مقام قولهما وقال أكثر أهل العلم : بل خلق الله فيهما الكلام فتكلمتا كما أراد تعالى ) ( القرطبى 15/343 ، 344 ، وانظر فى هذا المعنى أيضا فتح البارى ح8ص556 ،557 ، تاريخ الأمم والملوك الطبرى 1/23 )
    وبعد استجابة السماء والأرض للتسخير والطاعة ، فصل الله السماء عن الأرض ، وجعل السماء سبعا طباقا ، وزين السماء الدنيا بالنجوم والكواكب ، وثبت الأرض بالجبال حتى تسكن ولا تضطرب ، وذلك ليتمكن الإنسان من الحياة فيها ، فقال الله عز وجل يصف الوضع النهائى الأمثل الذى سيظل عليه العالم إلى يوم القيامة :
    ] قلْ أَئِنَّكُمْ لَتكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ، وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ، فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [ [فصلت/12:9] .
    كل ذلك حتى يجعل اللَّهُ من رفض الأمانة مسخرا طائعا لمن قبلها وهو الإنسان ، فكيَّف هذه المخلوقات وفق سنن ونواميس ، وأجراها على أسباب وقوانين وعلل ومعلولات ، تسمح بقبول فعل الإنسان وتأثيره فيها وتعطيه معنى التملك والسلطنة ، والقوة والهيمنة ما دام يعمل وفق هذه السنن ، فلا معنى لوجود هذه المخلوقات فى الأرض أو فى السماوات إلا هذا ، بجوار أنها مسبحة موحدة ، عابدة ساجدة ، تظل على هذا الحال إلى يوم القيامة ، ثم يبدلها اللَّه بعد ذلك إلى وضع جديد ، لانتهاء دورها وما قامت من أجله ، يبدلها الله فى الآخرة إلى وضع يتناسب مع محاسبة الإنسان على الأمانة التى سيحملها ، فقال الله تعالى مبينا هذه الحقيقة :
    } يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ { [إبراهيم/48] .
    ومن ثم فإن الوحيد المستفيد من كل ما على الأرض هو الإنسان ، وكل ما فى الأرض مخلوق لأجله بنص القرآن ، ومن أجل الاستخلاف الذى كرمه اللَّه به قال تعالى : ] هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ { [البقرة/29] .
    وهذه الآية دليل واضح على أن كل من فى الأرض مخلوق من أجل الإنسان كما بينت الآية التى أعقبتها مباشرة أن السبب فى تبوء الإنسان هذه المنزلة استخلافه فى الأرض : } وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [ [البقرة/30] .
    فأعطاه الله مقومات الخليفة من العلم الحرية والاستطاعة فى معيشته على الأرض ، لينظر هل سيكون أمينا صادقا أو كاذبا فى وصفه بالأمانة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ؟ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ )
    وقال تعالى : } وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ { [الأعراف/10] .
    ولهذا يذكِّر الله الإنسان فى القرآن دائما بهذه النعم ، وبوجوب شكر الله عليها ، ولكن الإنسان فى أغلب الأحيان جاحد لذلك ، فقال تعالى :
    ] اللَّهُ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمْ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمْ الأَنهَارَ ، وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [ [إبراهيم/34:32] .
    وقال سبحانه وتعالى : ] أَلَمْ نَجْعَلْ الأَرْضَ مِهَادًا ، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ، وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا ، وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا ، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا ، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ، وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا ، وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا ، وَأَنزَلْنَا مِنْ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ، لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا ، وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا ، إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا [ [النبأ/17:6] .
    وقال سبحانه وتعالى : ] خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ، وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ، وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ، وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ، وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ ، وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ، هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ، يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ، وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ، وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ ، وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ، وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ، أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ، وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ { [النحل/19:3] وهناك الكثير والكثير من آيات القرآن التى تشرح هذه المعانى بتفصيل طويل .
    وعلى ذلك فكل هذه المخلوقات مسخرات بأمر الله ، قائمات على خدمة الإنسان ، باقيات على هذا الحال مدام الإنسان باق للاختبار والابتلاء ، إضافة إلى كونها عابدات طائعات لربها ، قبلت الطاعة بإرادتها ، فبقاؤها على هذا الحال يرتبط ببقاء الإنسان إلى يوم القيامة مستخلفا فى الأرض ، فإذا انتهت الدنيا ، تكورت الشمس وتبعثرت النجوم وسيرت الجبال ، وعطلت العشار ، وتبخرت البحار والأنهار ، وزلزلت الأرض ، وتهيأت بأمر الله لوضع جديد يحاسب فيه الإنسان على الأمانة ، فقال تعالى :
    ] إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ، وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ، وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ ، وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ ، وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ، وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ ، وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ، وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ، وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ، وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ ، وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ ، وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ، عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [ [التكوير/14:1] .
    وقال تعالى أيضا : ] إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ ، وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ ، وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ ، وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ ، عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ [ [الانفطار/5:1] .
    وقال فى موضع آخر من القرآن : ] إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالهَا ، وَأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا ، وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا ، يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ، بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ، يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ، فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [ [الزلزلة/8:1] .
    فالسماوات التى رفعها الله وفصلها عن الأرض من أجل هذا الإنسان والتى قال الله فيها : ] الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعْ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ، ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ [ [الملك/4:3] .
    هذه السماوات سوف تتغير بعد انتهاء دورها ، وأداء وظيفتها فى تهيئة العالم لاستخلاف الإنسان فى الأرض : } وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلا ، الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا { [الفرقان/26:25] .
    فأنت أيها القارئ العاقل ترى الكون كما هيأه الله فى كمال الانضباط ، كل يسير خاضعا لأمر الله لا الشمس تتأخر لحظة ، ولا القمر يتخلف ليلة ، ولا النجوم تترك مواقعها ، كما قال تعالى :
    } وَآيَةٌ لَهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ، لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ { [يس/40:37] .
    وعلى ذلك يمكن لك أيها القارئ أن تدرك : لماذا خلق العالم على هذا الوضع الذى نراه ؟ وهل سيبقى على ذلك أبدا ؟ أم ليوم معلوم عند الله ثم ينتهى ويتغير ؟ وهل هذا العالم الذى نعيش فيه على الأرض يحقق فعلا تميزا مخصوصا للإنسان ينفرد به عن غيره ؟ وكثير من الأسئلة التى تتردد على الأذهان حول هذا الموضوع ، يمكن لأى إنسان بسهولة ويسر بعد العلم بهذه الحقائق العظمى أن يجيب عليها وهو على يقين من أمره .

    وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
    أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

    تعليق

    • باحث سلفى
      =-=-=-=-=-=

      حارس من حراس العقيدة
      • 13 فبر, 2007
      • 5183
      • مسلم (نهج السلف)

      #17
      من صانع الإنسان الذى أنزل له القرآن
      ارجو تغيير هذا اللفظ لانه لايجوز وصف الله الا بما وصف به نفسه ورسوله
      وجزاكم الله خيرا
      أدوات للباحثين على الشبكة: البحث في القرآن الكريم هنا تفاسيره هنا القرآن بعدة لغات هنا سماع القرآن هنا القراءات القرآنية هنا
      الإعجاز العلمي هنا بحث في حديث بإسناده هنا و هنا معاجم عربية هنا معاجم اللغات هنا
      كتب وورد
      هنا المكتبة الشاملة هنا كتب مصورة هنا و هنا وهنا وهنا وهنا وهنا و هنا وهنا وهناوهنا وهنا وهنا وهنا وهنا كتب مخطوطة هنا
      للتأكد من الأخبار العصرية موقع فتبينوا

      تعليق

      • إيمان أحمد
        مشرفة الأقسام الإسلامية

        • 9 يون, 2006
        • 2427
        • مسلمة

        #18
        المشاركة الأصلية بواسطة باحث سلفى
        ارجو تغيير هذا اللفظ لانه لايجوز وصف الله الا بما وصف به نفسه ورسوله
        وجزاكم الله خيرا
        أخ باحث جزاك الله خير الجزاء

        ولكن من قال أيها الأخ الباحث أنه وصف لم يصف الله به نفسه

        ألم تقرأ قول الله تعالى : "وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ(88)

        فيجوز أيها الأخ الكريم وصف الله بأنه صانع كل شئ

        وبالله التوفيق

        وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
        أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

        تعليق

        • إيمان أحمد
          مشرفة الأقسام الإسلامية

          • 9 يون, 2006
          • 2427
          • مسلمة

          #19
          نكمل بحول الله

          ثانيا : موقف من قبل الأمانة ؟ !
          بعد أن ذكر الله ماحدث لمن رفض الأمانة وأنه سيسخره بعدله لمن قبل الأمانة إلى يوم القيامة ، فقال سبحانه يصف ذلك : } هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ { [البقرة/29] وقوله وهو بكل شئ عليم أى هو الوحيد الذى يعلم سر تهيئة السماء والأرض ومن عليها على هذا النحو الذى سيظهر الوضع الحالى ، لا يعلم ذلك غيره ، ولذا ذكر الله بعدها مباشرة فى الآية التالية : موقف من قبل الأمانة وهو الإنسان فقال تعالى : } وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [ [البقرة/30] فبين للملائكة سر خلق الإنسان وتهيئة الكائنات من حوله على هذا الوضع الجديد .
          وقد ورد فى القرآن ما يدل على أن الملائكة والجن خلقهما الله قبل الإنسان ، الملائكة خلقت من نور ، والجن خلق من النار ، ولم يذكر القرآن تفاصيل نشأة هذه المخلوقات ، غير أن الملائكة كانت تسبح الله وتقدسه وتعبده ، وكان الجن من نسل الجان ، وهو أصلهم كما أن آدم أصل البشر ، كانوا فى موضع ابتلاء واختبار على وجه مخصوص لم يبينه الله لنا ، ولم يبين تفاصيله كما هو الحال فى شأن الإنسان ، وهو سبحانه وحده الذى يعلم تفاصيل نشأة الجن وكيف تحققت حكمته عند خلقهم ، وإن كان قد ذكر أنه خلق الجن والإنس لعبادته فقال : } وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ { [الذاريات/56] لكن الإنسان سيؤدى العبادة لله من خلال ابتلائه بالاستخلاف فى الأرض ، أما الجن فسيؤدى العبادة من خلال ابتلائه بشئ آخر لم يبينه الله لنا بدليل صحيح ، وهذا القدر هو ما يكفينا نحن البشر فى إدارك ما نريده عن استخلاف الإنسان فى الأرض وعلاقته بمن حوله .
          وقد كان مع الملائكة شخص من الجن يسمى إبليس ، رفعه الله إلى منزلة الملائكة ، وإن كنا لا ندرى التفاصيل التى تبين السبب فى وجودة بينهم وكيف حدث هذا ، لكنه كان يشاركهم فى التسبيح والتقديس والطاعة والعبادة ، ولما قال تعالى : ] وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (30) [ أراد الله بذلك أن يبتلى الملائكة وإبليس على وجه الخصوص بالإنسان ، لينظر موقفهم من استخلافه فى الأرض ، فقالوا : ] قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [ وقد كان الرد المتوقع من الملائكة ومعهم إبليس أن يكون بخلاف ما صدر منهم ، كأن يقولوا : أنت ربنا والكل عبيدك افعل بنا ما تشاء فإنك أنت العليم الحكيم ، أما قولهم : أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ؟ عليه تعقيب بسؤال : ومن أدراكم أنه سوف يفسد فى الأرض ويسفك الدماء ، هل اطلعتم على الغيب ؟ ودليل هذا القول ، أن قال الله بعد ذلك : ] قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) [ وقال بعد أن أثبت لهم أن آدم هو الأفضل لو علمه الله : } قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ {
          وقولهم : وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ، عليه تعقيب آخر : أن العابد لا يذكر عبادته لمعبوده إلا على وجه التقصير والافتقار إلى المزيد ، كما كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما تشققت قدماه من كثرة العبادة : ( أفلا أكون عبد شكورا ) ودائما ما كان يقول : ( أعنى اللهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) فكيف وصفت الملائكة نفسها بالتسبيح والتقديس على وجه الرفعة لأنفسهم ، والتقليل من شأن الإنسان فى تسبيحه وتقديسه لله وأنه سفاك للدماء ؟ ولذا اختبرهم الله وابتلاهم بالسجود لآدم عليه السلام : ] وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ { .
          لكن هناك سؤالان لا يفارقان الأذهان : كيف علمت الملائكة أن الإنسان يمكن أن يفسد فى الأرض أو يسفك الدماء ؟ وهل هم معترضون أم يستعلمون ويستفسرون ؟
          فى الحقيقة لا نستطيع الجزم بإجابة معينة للسؤال الأول لأنه لم يرد نص صريح يبين كيف علمت الملائكة أن الإنسان سيفسد فى الأرض أو يسفك الدماء ؟ كما أن أولى من يجيب عن هذا السؤال هم الملائكة أنفسهم وأنى لنا أن نعلم ما فى نفوسهم ؟ لا سيما أن الله لم يكشف ما فى نواياهم كما حدث لإبليس .
          وهناك أقوال أخرى للمفسرين ، كقولهم : علمت الملائكة ذلك من الجن لأنهم أسبق من الإنس ، فأفسدوا فى الأرض وسفكوا الدماء ، ولكن يمكن الاستدراك على ذلك ، بأنه لم يرد نص صريح فى القرآن أو السنة يؤيد هذا القول ؟ وهل أبدان الجن مكونة من دماء كدماء الإنسان حتى إذا ما قتل أحدهم سالت دماؤه ؟ !

          وقيل : علموا ذلك لأن الله هو الذى أخبرهم مسبقا بأنه سيخلق الإنسان ليفسد فى الأرض ويسفك الدماء ؟ لكن المعنى لا دليل عليه أيضا ، ولا يستقيم لو صح ذلك ، كما أن الله نفى علمهم عندما قال لهم تعقيبا على قولهم : إنى أعلم ما لا تعلمون ؟

          وهناك قول آخر وهو الأقرب من وجهة نظرى
          أن الملائكة ربما علمت ذلك من معنى الاستخلاف نفسه ، فالمستخلف فى الشئ أمين عليه ، فيمكن أن يؤدى الأمانة إلى صاحبها وممكن أن يستأثر بها لنفسه ، ولو أدى ذلك إلى القضاء على الآخرين ، كما لو فرضنا مثلا ولله المثل الأعلى أن صاحب مزرعة استخلف فى مزرعته بعض العاملين فيها فترة معينة على وجه الابتلاء والاختبار ، يستفيدوا منها ولكن حسب توجيه المالك الحقيقى ، فهم مستخلفون فيها أمناء فقط وسوف يراقبهم المالك فى كل لحظة من بعيد بحيث يراهم ولا يرونه ، ليرى مدى وفائهم ومراقبتهم له ، فإذا طال مكثهم على هذا الحال ، وظنوا أنه لا رقيب عليهم : فهل كلهم سيتصفوا بالوفاء أم أن بعضهم ينسى أن الملك للمالك ويقاتل جشعا وطمعا ويفسد فى الأرض ويسفك الدماء كما هو الواقع من معظم البشر فى أرض الله ؟

          فالعاقل يعلم أن الاستخلاف يلزم منه أن يكون المستخلف لديه إمكانية الوفاء أو الغدر وسفك الدماء ، فالملائكة علمت أن الإنسان يمكن أن يفعل ذلك لو استخلفه الله فى الأرض ، وهى عن نفسها ترى التعظيم المطلق لله عز وجل ، من أجل ذلك قالت : ] أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [

          والسؤال الثانى : هل هم مستفسرون أو متعجبون أو معترضون ؟
          لا شك أن الملائكة الذين خاطبهم الله بقوله : } وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [ [البقرة/30] هم الذين خاطبهم بقوله : ] وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ { لأن الله جمع الخطابين فى موضع واحد فقال : } وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ، فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ { [الحجر/31:28] فإبليس بلا شك كان بين القائلين : ] أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [ وقد اختلف أهل التفسير فى قول الملائكة ، أهو اعتراض أم استعلام واستفسار ؟ فلو قلنا اعتراض ، فكيف ينطبق عليهم قوله تعالى : } وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ، لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ { [الأنبياء/27:26] ولو كان استعلاما واستفسارا ، فلماذا رد الله عليه بقوله : ] قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ [ ؟ مع أن الاستعلام يقتضى البيان من الله لهم ؟ وكيف قالوا : ] أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [ التى تحتمل الاعتراض ومدح النفس ؟ ولم لم يقولوا : أنت ربنا فافعل ما تشاء ؟ أو يقولوا ما قالوا بعد أن علم آدم الأسماء ، وأثبت بالدليل عجزهم ؟ أعنى أن يقولوا : ] سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ [ مباشرة بعد قوله لهم : } إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً [ [البقرة/30] ؟
          ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن قولهم : ] أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [ قول مشترك ،لم يصدر من الملائكة الذين خلقوا من النور فقط ، ولكن صدر أيضا من إبليس الذى خلق من النار وله حكم الملائكة فى الخطاب ، ويمكن القول أن الاعتراض كان من إبليس لأن الله كشف عن سريرته وحقده على آدم وذريته ، وبين غروره واستكباره حيث رأى فى نفسه أنه هو والملائكة الأفضل لهذه المنزلة الرفيعة التى وصل إليها الإنسان ، أما الملائكة الذين خلقوا من نور فموقفهم كما أشار ابن كثير بقوله : ( إنما سؤالهم سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك يقولون : يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء ؟ فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، أي ولا يصدر منا شيء من ذلك ، وهلا وقع الاقتصار علينا ؟ )
          لكنهم بقولهم هذا كانوا يرغبون أن يكون الخليفة فى الأرض على صفة الطاعة المطلقة لا يعصى الله أبدا ، ولمـَّا كانت هذه صفتهم ، فهم أولى بهذا الوصف من الإنسان الذى يمكن أن يعصى الله عز وجل ، ولذا قالوا ما معناه : لو أردت ان تستخلف استخلف من لا يعصيك ، يعنون أنفسهم أو كما قال ابن كثير : هلا اقتصرت عينا ؟
          وذكر عن ابن عباس أنه كان يقول : إن الله لما أخذ في خلق آدم عليه السلام قالت الملائكة ما الله خالق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم منا فابتلوا بخلق آدم )
          وأيا كان المعنى إلا أن الملائكة كانوا يرون الاقتصار عليهم فى موضوع الطاعة والاستخلاف خشية أن يعصى الإنسان ويسفك الدماء ، والله عظيم لا يعصى ، وكان إبليس يرى أنه مع الملائكة أولى بهذه المنزلة الرفيعة التى سيتميز بها الإنسان عمن حوله من الكائنات ؟ فكان جواب الله لهم : ] قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) [ .
          فالإنسان الذى خلقه الله ليستخلفه فى الأرض سوف يعطيه إمكانية العلم بجميع الأشياء التى يتمكن بها من التمييز بين ما ينفعه وما يضره ، ويزداد بزيادة العلم خشية من ربه ، كما قال تعالى : ] إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [ [فاطر/28]. ويمكن للقارئ أن يلحظ التوافق بين تعلم آدم الأسماء ليزداد بها قربة من الله مع دعوة البشر إلى النظر فى خصائص الأشياء ومسمياتها وتدبر العلماء على اختلاف أصنافهم ، علماء الأرصاد والجولوجيا وعلماء الطب البشرى والطب البيطرى ، تدبرهم فى خلق الله ليزدادوا بذلك علما بالخلق ، ويكون العلم وسيلة إلى القرب من الله وخشيته وتقواه فقال تعالى : ] أَلَمْ تَرَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنْ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ(27) وَمِنْ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ(28)[ [فاطر/28:27] فأعطاه عقلا على مستوى عال من الكمال ، يمكنه التعرف على خصائص الأشياء ، وأن يضع لها ما يشاء من الأسماء ، ثم أثبت لهم ذلك من خلال تجربة عملية على الإنسان الأول ، فعلم آدم عليه السلام أسماء الأشياء من حوله ، وعرفه كيف يزداد بمعرفة خصائصها قربة من ربه ، فيزداد بذلك خشية لله وتعظيما ، وأنه سبحانه كان عليما حكيما فى خلقه لسائر الأشياء ، فقال : ] وعلم آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (31) [ أى صادقين فى أنه لا يعرف إلا القتل وسفك الدماء ، قال ابن جرير الطبرى : ( معني ذلك فقال : أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيها الملائكة القائلون : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ؟ فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، إن كنتم صادقين في قيلكم أني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني وذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء ، وإن جعلتكم فيها أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم والتقديس ، فإذا كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضت عليكم وأنتم تشاهدونهم ، فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين ) .
          فعجزوا عن الجواب : ] قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ، قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ [ [البقرة/33:32] ثم كان التكريم الأعظم للإنسان الذى انفرد بقبول الأمانة التى عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، وكان الابتلاء الأعظم للملائكة وإبليس على وجه الخصوص الذين قالوا : ] أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ [ فلما قالوا ذلك ابتلاهم الله فى صدق طاعتهم وتعظيمهم لله فكان أمر الله بالسجود لآدم حيث قال : ] وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ [ [البقرة/34] فسجدت الملائكة وامتنع إبليس : ] فَسَجدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ، إِلا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ [ [الحجر/31:30] .

          وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
          أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

          تعليق

          • إيمان أحمد
            مشرفة الأقسام الإسلامية

            • 9 يون, 2006
            • 2427
            • مسلمة

            #20
            والسؤال الذى يخطر على البال مباشرة : هل يصح السجود لغير الله ؟ ولماذا أمر الله الملائكة وإبليس بالسجود لآدم عليه السلام ؟
            والجواب عن السؤال الأول : أن السجود لغير الله إذا كان بأمر الله فهو من أعظم علامات المحبين الصادقين ، لأن حكم المحبة يقضى بتنفيذ أمر المحبوب دون استفسار أو سؤال ، والتنفيذ يعطى العبودية معنى الكمال ، لما فيه من إذلال النفس لمعبودها وخالقها ، ولذا كانت الأحكام التعبدية ، من علامات الصدق فى أداء العبودية ، فتقبيل الحجارة والأعتاب والتمسح بالأضرحة والقباب ، شرك أكبر لا يغفر عند الحساب إلا بالتوبة الصادقة ، لكن تقبيل الحجر بأمر الله أو الطواف سبعا ببيت الله ، أو صلاة الظهر أربعا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من علامات الموحدين الصادقين فى دعوى العبودية ، وإن كانوا لا يعلمون لماذا أمرهم الله بذلك ، كما روى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه : ( أَنَّهُ جَاءَ إِلَى الْحَجَرِ الأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ فَقَالَ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ ) ( أخرجه البخارى فى كتاب الحج برقم (1597) . ) وكما حدث لبنى إسرائل عندما عبدوا العجل ، فابتلاهم الله بشئ لا يخطر لهم على بال ، فأمرهم بقتل أنفسهم ، ليقبل منهم توبتهم ، ويرى صدقهم وولاءهم ، فنفذوا وقتلوا أنفسهم ، فقال تعالى عن ذلك : } وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمْ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ { [البقرة/54] مع أن قتل النفس بغير أمر الله من أعظم الكبائر كما قال تعالى :
            } مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا علَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا { [المائدة/32] .

            وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
            أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

            تعليق

            • إيمان أحمد
              مشرفة الأقسام الإسلامية

              • 9 يون, 2006
              • 2427
              • مسلمة

              #21
              وخلاصة الأمر أنه ترتب على قبول الإنسان لحمل الأمانة أن الله كرمه على من رفضها ، وسخر كل من حوله لأجله هو ، ثم استأمنه على الأرض ، واستخلفه فيها كابتلاء منه سبحانه للإنسان ، وأخذ عليه الميثاق والعهد وأشهدهم على أنفسهم أن الله متوحد فى ملكه لا سمى له وليس كمثله شئ لا يتغافلوا عن ذلك ، أو يتملصوا منه فأقروا على أنفسهم ، أمام خالقهم ومستخلفهم أن الملك لربهم لا لهم ، وأنه خالقهم ومدبر أمرهم لا حول ولا قوة لهم إلا بربهم ، وأنهم لا ينسبون شيئا من ملكه لهم أو لغيرهم ، إلا على سبيل استخلافهم فيه وابتلائهم ، فالأمر له فى كونه وتصريف خلقه ، والأمر له فى شرعه وحكمه ، الفضل له والملك له والحمد له والشكر له ، وهم على هذا العهد قائمون ، يوحدون ولا يشركون يشكرون ولا يكفرون ، صابرون مؤمنون ، إلى أن يعيدهم يوم القيامة إليه ، ويكرمهم بالجنة لديه وهذا حقهم عليه إذا لم يشركوا به شيئا ، وعدا عليه وتفضلا وتكرما منه سبحانه كما قال : ] وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من اللَّه فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم [ [التوبة /111] .
              فلما سخر الله كل من رفض الأمانة للإنسان واستخلفه فى الأرض ، جعل ذلك على سبيل الابتلاء فترة موقوتة وزمانا محددا ، فأصبح الإنسان مبتلياً مطالبا بأداء الأمانة راعياً فى ملك الله وفضله ، يتذكر على الدوام صاحب الفضل مالك الملك ، فدوره فى الأرض أنه مجرد أمين فقط فى موضع اختبار ، ولن يدوم الإنسان أبدا على حال ، فيتذكر الله الدائم الباقى ، الأول الذى ليس له ابتداء ، والآخر الذى ليس له انتهاء ، فيركن إليه ، وينعم بالاعتماد عليه فيرد الأمر فى كل أحواله إليه ، ويرى أنه لا حول ولا قوة له إلا به ، فقال تعالى مبينا حقيقة الابتلاء : ] تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)[ [الملك] وقال أيضا : ] إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)[ [الإنسان] .

              وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
              أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

              تعليق

              • إيمان أحمد
                مشرفة الأقسام الإسلامية

                • 9 يون, 2006
                • 2427
                • مسلمة

                #22
                أسئلة هامة قد ترد على ذهن القارئ :

                سؤال : كيف وصف الله الإنسان بالظلم والجهالة فى آية الأمانة ، فى حين أنه مارس حقه فى الاختيار ، كما مارست السماوات والأرض والجبال حقها فى الرفض ، فالله جعل لهم جميعا إرادة وفهما ، واستطاعة ونطقا ، فقال سبحانه وتعالى فقال الله تعالى : ] إِنا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا(72)[ [الأحزاب] فلماذا وصفه الله بالظلم والجهالة مع كونه الوحيد الذى انفرد بحمل الأمانة ؟
                والجواب ، أن الله وصفه بالظلم والجهالة لا لأنه حمل الأمانة ، فقد كرمه الله وشرفه وجعله خليفة له فى الأرض ، ولكن لأن أغلب بنى آدم بل معظمهم قد ضيع الأمانة أو خانها ، ولم يؤدها إلى مالكها ، وكان المفترض من جميع البشر ، أن يكونوا أمناء كما ينبغى ، وعلى قدر المنزلة التى شرفهم الله بها ، فوصف الإنسان بالظلم والجهالة كان على اعتبارين :
                · الاعتبار الأول : أن الظلم والجهالة وصف أغلب البشر كما نعلم ، ومعلوم أنه لا يدخل فى ذلك الأنبياء والرسل ، وعامة الصالحين الأتقياء ، فالنسبة بين الموحدين العابدين والمشركين الكافرين ، نسبة ضئيلة جدا عند المقارنة ، دل علي ذلك ، قول النَّبِيِّ محمد r: ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدم ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ ، قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ] وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) [ [الحج] قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَيُّنَا ذَلِكَ الْوَاحِدُ قَالَ أَبْشِرُوا ، فَإِنَّ مِنْكُمْ رَجُلا ، وَمِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا ثُمَّ قَالَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا فَقَالَ ، أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَكَبَّرْنَا فَقَالَ ، أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَكَبَّرْنَا فَقَالَ ، مَا أَنْتُمْ في النَّاسِ إِلا كَالشَّعَرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَبْيَضَ ، أَوْ كَشَعَرَةٍ بَيْضَاءَ فِي جِلْدِ ثَوْرٍ أَسْوَدَ ) (متفق عليه ، أخرجه البخارى فى كتاب أحاديث الأنبياء برقم (3348) ومسلم فى كتاب الإيمان برقم (222) . ) فإذا كانت النسبة بين من حقق الغاية من خلقه فأدى أمانة ربه ، وبين من تناسى ربه فأشرك به ، وتجاهل العلة من خلقه ، هى (1 : 999) كما ورد فى الحديث ، فإن الإنسان فى الأغلب على هذا الاعتبار ظلوم جهول .
                · الاعتبار الثانى : أن وصف الإنسان بالظلم والجهالة ، على اعتبار المنتهى والنتيجة ، لا باعتبار المبتدأ وقبوله الأمانة ، فلو كان ظلوما جهولا عند البداية ما كرمه ولا شرفه ، ولا أسجد له ملائكته ، ولا حقد عليه إبليس لمنزلته ، ولكن باعتبار النتيجه والمحصلة من أفعالهم ، فالأمر كما قال الله عز وجل : ] يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (30)[ [يس] .

                ************

                سؤال : ما معنى أن يكون الإنسان خليفة لله فى الأرض ؟
                والجواب عن ذلك أن الاستخلاف فى القرآن على نوعين :
                · النوع الأول : استخلاف عن عجز المستخلف عن القيام بملكه وتدبير أمره ، إما لغيابه أو لمرضه أو لجهله ، كالذى يوكل المحامى نائبا عنه فى كتابة الدين ، لكونه عاجزاً لا يقدر ، إما لسفه فيه أو ضعف ، كقوله سبحانه وتعالى ] يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ .. (282)[ [البقرة] ومثله أيضا استخلاف القائد نائبه على جنده وقومه فى غيابه ، كقوله تعالى عن موسى وهارون عليهما السلام : ] وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) [ [الأعراف] ومثله استخلاف ولى الأمر قبل موته ، فموته عجز ونقص فى صفة الحياة ، إذا ما قورنت صفته بصفة الحياة الله ، فالله حى قيوم أبدا ، أما الإنسان فيموت ويمرض ، فالكمال كله للكبير المتعال وحده : ( فعَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ رضى الله عنه قَالَ حَضَرْتُ أَبِي حِينَ أُصِيبَ ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ ، وَقَالُوا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا ، فَقَالَ رَاغِبٌ وَرَاهِبٌ ، قَالُوا ، اسْتَخْلِفْ فَقالَ ، أَتَحَمَّلُ أَمْرَكُمْ حَيّا وَمَيِّتًا ؟ ، لَوَدِدْتُ أَنَّ حَظِّي مِنْهَا الْكَفَافُ ، لا عَلَيَّ وَلا لِي ، فَإِنْ أَسْتخلفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ منْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، يَعنِي أَبو سَيَّارَةَ وَإِنْ أَتْرُكْكُمْ ، فَقَدْ تَرَكَكُمْ مَنْ هوَ خَيْرٌ مِنِّي ، رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمر رضى الله عنه : فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ ) ( متفق عليه أخرجه البخارى فى كتاب الأحكام برقم (7218) ومسلم فى الإمارة برقم (1823) . )
                · النوع الثانى : استخلاف عن كمال وقدرة ، وذلك إذا كان الاستخلاف لتشريف المستخلَف وإكرامه ، أو اختباره وامتحانه ، فهو استخلاف عن كمال وقدرة ، ليس لعجز المستخلف عن القيام بأمره ، كالطبيب المبتدىء الذى يجرى عملية جراحية ، فى حضرة أستاذه كبير الجراحين ليختبره ويمتحنه فيعطيه شهادة إذا أفلح ، يصلح بها للبقاء الدائم فى هذه المهنة ، فإن كان عاجزا عاقبه بالرسوب ، ونصحه بتصحيح العيوب ، ويحاول مرة أخرى لعله يتوب ، فإن أدى ما عليه على الوجه المطلوب ، شرفه وأعطاه شهادة عظيمة وهذا معلوم فى كل فطرة سليمة ، وإن تكرر خطؤه مرات ومرات ، وكثرت فى أفعاله العثرات ، لتقصيره وعصيانه ، ولهوه ونسيانه ، عاقبوه بمنعه وحرمانه ، من الوصول إلى منزلة أقرانه ، وحق لهم أن يفعلوا به ذلك ، وأن يفصلوه من دراسته كذلك ، فاللَّه ] وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .. (27)[ [الروم] استخلف الإنسان فى الأرض ، وهو سبحانه من فوق العرش معه ، فى كل صغيرة وكبيرة يراه ويتابعه ، وقادر على هداية الناس أجمعين وأن يجعلهم متوافقين غير مختلفين ولكنه بين أن ذلك الاستخلاف يقتضى التنوع والاختلاف ، للابتلاء والاختيار والنظر والاعتبار ، فينال المحسن الحسنى ، ويعذب المسىء بالنار ، فقال سبحانه وتعالى فى شأن معيته ، وهو مستو على العرش فى فوقيته : ] إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (5) هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (6)[ [آل عمران] وقال سبحانه وتعالى : ] وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِالَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)[ [الأنعام] فانتفى أن يكون استخلاف الله للإنسان ، عن غياب المستخلف أو وصفه بنقصان ، ولكن الاستخلاف يحدث للإنسان بالضرورة غيبا وشهادة على حسب مداركه ، ومعلوم أن مدارك الإنسان خلقها الله محدودة للابتلاء والاختبار كما سبق ، ومن هنا ظهر فى الوجود علمين عالم الغيب وعالم الشهادة ، فالغيب والشهادة بالنسبة للإنسان لا بالنسبة لله ، ولذلك قال الله تعال : ] اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ (8) عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِي (9) سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ(10)[ [الرعد] وقال أيضا : ] ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) [ [السجدة] وقال : ] هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22)[ [الحشر]

                فاستخلاف الإنسان فى الأرض يشمل عدة أمور :
                الأمر الأول : خلافته لله على معنى الكمال والعظمة ، وهو المذكور فيما سبق أن القصد منه الابتلاء والاختبار ، وليس عن عجز من المستخلف فى القيام بمملكته .
                الأمر الثانى : خلافتهم لبعضهم البعض وذلك لموتهم فتتعاقب الآجال على وراثة ملكهم .
                الأمر الثالث : أن الاستخلاف يؤدي إلى ظهور عالم الغيب والشهادة بالنسبة للإنسان لا بالنسبة لربه .
                وإذا كانت طبيعة العاقل الأمين فى علاقته بمن استأمنه ، أنه يسعى فيها إلى دوام الصلة معه ، ويرجع دائما إلى الذى خوله ، ويعتمد عليه فى كل مسأله فيطلب منه الهداية والعون والاستبصار ، وأن يعينه فى الحفاظ على الأمانة من جميع الأخطار ، فإن القرآن دعا إلى إحياء هذه الفطرة ، وأن يرجع الإنسان دائما إلى ربه يستعين به ويتوكل عليه ، ويستهديه ويستغفره : ] هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65) [ [غافر] وقال أيضا : ] وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60) [ [غافر] وقال أيضا : ] إِنْ يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (160) [ [آل عمران] وقال أيضا : ] إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (56)[ [هود] وقال أيضا : ] وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (123) [ [هود] وقد كان رسول الله فى جميع الأسفار يقول : ] سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمنْقَلِبُونَ (13) [[الزخرف] اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى ، وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا ، وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ ، وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ فِي الْمَالِ وَالأَهْلِ ، وَإِذَا رَجَعَ قَالَهنَّ ، وَزَادَ فِيهِنَّ آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ ) فانظر إلى قوله : وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ : فيه كمال التواضع والافتقار إلى الله ، فالله استخلف الرسول فى أهله ، والرسول يعيد الأمانة إلى ربه ويطلب المعونة فى المحافظة عليها ، وكذلك جاز أن يستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه على أمته عند ظهور الدجال ، على اعتبار أنه يرد الأمر إلى من استخلفه فى الأرض افتقارا ، وإظهارا لعجزه وإقرارا ، أنه لا نجاة لأمته إلا إذا استعانوا بربهم على الدجال ، ففى حديث النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رضى الله عنه أنه قَالَ ، ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدجال ذَاتَ غدَاةٍ ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ ، عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا فَقَالَ مَا شَأْنُكُمْ ؟ ، قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَكَرْتَ الدجال غَدَاةً فَخَفَّضْتَ فِيهِ وَرَفَّعْتَ ، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ ، فَقَالَ غَيْرُ بَنَى حَارِثَةَ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ) (أخرجه مسلم فى كتاب الفتن وأشراط الساعة برقم (2937) . ) وكل هذا استخلاف من الله للإنسان على معنى الابتلاء ، سواء كان على المعنى الخاص الذى يراد به الرئيس الحاكم ، أو المعنى العام الذى يتناول جميع الناس ،كما قال تعالى فى شأن الناس أجمعين : وقال الله عز وجل : ] هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39)[ [فاطر] وقال تعالى : ] وأنفقوا مما جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فيه [[الحديد] وقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ؟ ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ ) (أخرجه مسلم فى كتاب الذكر والدعاء برقم (2742) .) وفى معنى الاستخلاف أيضا ، التخويل والاسترعاء على وجه الاختبار والابتلاء ، قال تعالى : ] وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاؤُا لَقَدْ تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (94) [ [الأنعام] وقال رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ، وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مالِ سَيِّدِهِ ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَكُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) (أخرجه البخارى فى كتاب الأحكام برقم (7198) . )

                وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
                أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

                تعليق

                • إيمان أحمد
                  مشرفة الأقسام الإسلامية

                  • 9 يون, 2006
                  • 2427
                  • مسلمة

                  #23
                  اعذروني أخواني على هذه الإطالة التي كان لا بد منها :

                  أولا : لكل نعلم كلام الله على مراد الله .

                  ثانيا : للرد على هؤلاء المشكيين كما تفضل الأخ الكريم الدخاخني بكشف زيفهم

                  وهذا الكلام اختصارا من كتاب (الحقائق العظمى فى حياة الإنسان )لد / محمود عبده عبد الرازق

                  أدعو القارئ الكريم إلى التمعن والقراءة الجيدة لهذا الموضوع فهو يستحق القراءة

                  وبالله التوفيق

                  وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
                  أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

                  تعليق

                  • مناظر النصارى
                    0- عضو حديث
                    • 13 أكت, 2007
                    • 19

                    #24
                    المشاركة الأصلية بواسطة ملتقى الأحبة
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




                    من قال لك أن الإسلام لا يدعو للتفكر والتدبر والتعقل

                    قال تعالى ذاما على من لا يعقل كأن عنده صمم وبكم : " إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون "
                    وقال تعالى : " وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون "

                    وقال : " أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور "

                    وشبه من لا يسمع ولا يعقل بأنه أضل من البهيمة : " أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا "

                    وغيرها الكثير

                    أما عن قولك عن ابن كثير فابن كثير رحمه الله عالم جليل حافظ ثقة من أئمة السلف رحمهم الله جميعا ولكنه كغيره يؤخذ منه ويرد .
                    وهل وجود مثل هذه التفاسير تمنع أن يبحث الإنسان ويجتهد إن كان عنده ملكة الاجتهاد طبعا , لا

                    وإنما من كان عنده شروط المفسر فليبحث ويقرأ ويجتهد ويخرج لنا درر القرءان الذي لا ينتهي عجائبه , فابن كثير رحمه الله لم يقف على كل ما في القرءان من درر , وإلا لكان رسول الله اولى بذلك منه .

                    وفي النهاية أدعوك أخي أن تتفقه في دينك أكثر ولا تأخذ دينك من عالم واحد بل اختار العلماء الربانيين وانهل منهم جميعا .

                    وبالله التوفيق

                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    أولا أختي الفاضلة كان الأخ المشرف العام يرسل لي عتاب من أخ لاخيه وظننت في البداية انه يلومني على استخدام عقلي دون النقل وكان ردي انا لا أستخدم العقل ولا أؤمن به والايمان به يعني هو استخدام العقل بشكل مطلق لامحدود هذا كلامي
                    وأما عدم استخدام عقلي يا أختي الفاضلة هو أني لست مؤهلا لأكون مفسرا ولا عالما لذلك من أنا حتى أناطح فطاحل العلماء وما هذا بمستواي لذلك أخذ منهم أنا العبد الفقير لله لو فيّ خير للاسلام لسخرني الله على أحد ثغور الجهاد
                    وانا لم أقتصر على ابن كثير بالتفسير والأخذ منه ## سامحك الله لو قرأت جميع مواضيعي في قسم اعداد المسلم لمواجهة التنصير لعرفت تنوعي في التفاسير من خلال الأخذ منهم
                    العقل :
                    أختي الفاضلة :
                    أنا أستخدم العقل في نصرة النقل هذا هدفي ولكن لا أن استخدم العقل و فقط على اطلاقه (طبعا هذا هو عدم ايماني بالعقل )مثل جماعة عندنا هنا في بلادنا
                    حتى وصل بهم الأمر الى قولهم
                    (ان منحرفي النصارى وليس النصارى منحرفي النصارى هم أشرف وأرفع قدرا من من جمعوا الحديث ) وهو يقصد البخاري ومسلم
                    ولهم تأويلات وضلالات وشتم لأئمة التفسير وهم يدعون أنهم من السنة
                    لذلك أنا استخدمت عقلي كثيرا ولكن بالنهاية لو اقتصرت المسافات ورجعت الى التفاسير لكان أفضل لي منذ البداية
                    والله ولي التوفيق
                    راجعي مواضيعي أختي الفاضلة وسوف تعلمي أني استخدم العقل في نصرة النقل وفي النقل

                    ملاحظة :
                    ابن كثير رحمه الله أعجبتني جملة في مقدمته وهي (خير ما فسر القرآن بالقرآن )
                    وهل بعد ذلك من كلام
                    التعديل الأخير تم بواسطة د.أمير عبدالله; 9 فبر, 2020, 08:32 ص.

                    تعليق

                    • سيف الكلمة
                      إدارة المنتدى

                      • 13 يون, 2006
                      • 6036
                      • مسلم

                      #25
                      صانع الإنسان

                      بل خالق الإنسان


                      المائدة (آية:14):ومن الذين قالوا انا نصارى اخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فاغرينا بينهم العداوه والبغضاء الى يوم القيامه وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون
                      المائدة (آية:63):لولا ينهاهم الربانيون والاحبار عن قولهم الاثم واكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون
                      الاعراف (آية:7):فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين
                      الاعراف (آية:137):واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بني اسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون
                      هود (آية:16):اولئك الذين ليس لهم في الاخره الا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون
                      هود (آية:37):واصنع الفلك باعيننا ووحينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون
                      هود (آية:38):ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه قال ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون
                      الرعد (آية:31):ولو ان قرانا سيرت به الجبال او قطعت به الارض او كلم به الموتى بل لله الامر جميعا افلم يياس الذين امنوا ان لو يشاء الله لهدى الناس جميعا ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعه او تحل قريبا من دارهم حتى ياتي وعد الله ان الله لا يخلف الميعاد
                      النحل (آية:112):وضرب الله مثلا قريه كانت امنه مطمئنه ياتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بانعم الله فاذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون
                      الكهف (آية:104):الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا
                      طه (آية:39):ان اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل ياخذه عدو لي وعدو له والقيت عليك محبه مني ولتصنع على عيني
                      طه (آية:69):والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا انما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث اتى
                      الانبياء (آية:80):وعلمناه صنعه لبوس لكم لتحصنكم من باسكم فهل انتم شاكرون
                      المؤمنون (آية:27):فاوحينا اليه ان اصنع الفلك باعيننا ووحينا فاذا جاء امرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين واهلك الا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون
                      النور (آية:30):قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم ان الله خبير بما يصنعون
                      النمل (آية:88):وترى الجبال تحسبها جامده وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي اتقن كل شيء انه خبير بما تفعلون
                      العنكبوت (آية:45):اتل ما اوحي اليك من الكتاب واقم الصلاه ان الصلاه تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون
                      فاطر (آية:8):افمن زين له سوء عمله فراه حسنا فان الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ان الله عليم بما يصنعون


                      ربما كانت ملاحظات الأخ باحث سلفى حول الصنع جديرة بالإهتمام
                      فقد وردت صنع ومشتقاتها 19 مرة
                      منها 17 مرة بصيغ مختلفة جميعها من صنع الإنسان سواء كان الصنع لشيء مادى كسفينة نوح وكتتخذون مصانع أو الصنع غير المادى كالكفر

                      ومرة واحدة بمعنى إعداد رسول الله موسى لمهمته القادمة (ولتصنع على عينى ) وهو مبنى للمجهول فلا يمتنع مشاركة البشر فى جزء من هذا الصنع بتقدير الله سبحانه وكان موسى موجودا ومخلوقا من قبل وما سيتم هو صناعته أى إعداده وليس خلقه

                      ومرة واحدة نسبها الله سبحانه لنفسه عن صنع الجبال فى فهم البشر بجمود الجبال وأن الحقيقة هى مرورها مر السحاب فالقضية هنا ليست قضية خلق الجبال بل صنعها بالكيفية التى تمر بها مر السحاب فأنت تراها تحسبها جامدة فهى موجودة أمامك وأما ما لا يدخل فى حسبانك أنها تمر مر السحاب
                      هذه قضية أخرى غير قضية الخلق
                      ولم يأت فى كتاب الله قط استخدام مفردات المصدر صنع بمعنى خلق الإنسان أو الجن أو الملائكة وهى المخلوقات التى لها حياة وعقل كما لم يرد استخدامها فى التعبير عن خلق الحيوان أو النبات أيضا
                      ولذلك لا أرى ضرورة لوصف الله سبحانه بأنه صانع الإنسان فهو أخبر أنه خالقه فى مواضع أخرى ولم يقل سبحانه أنه صانعه
                      والأولى القول بالخلق كما قال الله
                      بل لا أرى صحة لنشر هذا الوصف على المسلمين لارتباطه فى الآيات التى ورد فيها بالفعل المتعلق بالمخلوقات الموجودة والسابق خلقها وليس بخلقها

                      مع العلم أن شيخ العقيدة أجازها
                      كل يؤخذ منه ويرد
                      إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم
                      والله أعلم
                      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                      وينصر الله من ينصره

                      تعليق

                      • سيف الكلمة
                        إدارة المنتدى

                        • 13 يون, 2006
                        • 6036
                        • مسلم

                        #26
                        ملاحظة
                        أستخلاف الله للإنسان دليل على أن الله هو الملك المالك لكل مخلوقاته

                        فالمال مال الله والإنسان مستخلف فيه ولا يحق له أن يفسد فيه ويمكن أن يحجر عليه وجسد الإنسان ملك لله ولا يحق له أن يفسد فيه ولذلك فقتل النفس محرم والزنا محرم والخمر محرمة والأرض لله والأمثلة كثيرة
                        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                        وينصر الله من ينصره

                        تعليق

                        • إيمان أحمد
                          مشرفة الأقسام الإسلامية

                          • 9 يون, 2006
                          • 2427
                          • مسلمة

                          #27
                          جزيت خيرا على الرد والإفادة

                          وأعلم أن كل يؤخذ منه ويرد

                          وإن شاء الله سأسأل أهل اللغة

                          جزاكم الله خيرا

                          وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ
                          أي لا تميلوا إلى الظالمين والكافرين بمودة أو مداهنة أو رضا بأعمالهم فتمسكم النار

                          تعليق

                          • ظل ظليل
                            مشرف قسم الإستشراق والتغريب والتبشير

                            • 26 أغس, 2008
                            • 3506
                            • باحث
                            • مسلم

                            #28
                            ل ل ر ف ع

                            تعليق

                            مواضيع ذات صلة

                            تقليص

                            المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                            ابتدأ بواسطة Islam soldier, 20 نوف, 2023, 02:31 ص
                            ردود 0
                            281 مشاهدات
                            0 معجبون
                            آخر مشاركة Islam soldier
                            بواسطة Islam soldier
                            ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 7 ينا, 2021, 03:48 ص
                            ردود 0
                            92 مشاهدات
                            0 معجبون
                            آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                            بواسطة *اسلامي عزي*
                            ابتدأ بواسطة د. نيو, 25 ديس, 2020, 06:10 م
                            رد 1
                            140 مشاهدات
                            0 معجبون
                            آخر مشاركة د. نيو
                            بواسطة د. نيو
                            ابتدأ بواسطة التبع اليماني, 6 يول, 2020, 02:10 م
                            ردود 0
                            71 مشاهدات
                            0 معجبون
                            آخر مشاركة التبع اليماني
                            يعمل...