السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرسل بولس رسالته لأهل غلاطية التي هي جزء من الكتاب المقدس يقول لهم فيها.
"لأن كلَّكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح." (غل 3: 27)
وهذا هو المقال :
أتظن، أيها القارئ العزيز، أن مخلِّصنا انتهت رسالته التبشيرية وعظاته التعليمية التي ذكرها الإنجيل في بلاد فلسطين؟ كلاَّ، بل إنه ما يزال يُبشِّر ويُعلِّم بروحه القدوس في أعضائه لأنه "هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" (عب 13: 8)، فهو القائل: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو 5: 17)، "أما المعزِّي الروح القدس الذي سيُرسله الآب باسمي، فهو يُعلِّمكم كل شيء" (يو 14: 26). مما يدل على أن ربنا يسوع لم تشتمل تعاليمه التي سجَّلها الإنجيل على كل شيء، لأنها "إن كُتبت واحدة واحدة، فلستُ أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة." (يو 21: 25)
كما أن معجزاته لا تزال تتم حتى اليوم، حيث تتجدَّد نفوسنا لأنه قال: "مَن يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها، لأني ماضٍ إلى أبي" (يو 14: 12). وتعبير "لأني ماضٍ إلى أبي" يعني أن المؤمن يواصل عمل الرب على الأرض، كعضو في جسده، بعد صعوده مهما كان إعجازياً! فعندما نأخذ الكلمة الإلهي بالإيمان "ليحلَّ المسيح بالإيمان في قلوبكم" (أف 3: 17)، ونأكله في سرِّ الإفخارستيا "مَن يأكلني فهو يحيا بي" (يو 6: 57)؛ نحصل في داخلنا على القوة التي بها يمكن أن نعمل أعماله الفائقة.
الإفخارستيا سر حياته فينا:
وكما يحملنا المسيح جميعاً في ذاته، هكذا نحمله نحن في داخلنا. ولا تتضح تلك الحياة الفائقة على الطبيعة في أي شيء أكثر من سر الحياة: "الإفخارستيا". فمسيح الإفخارستيا الذي يأتي إلينا كطعام، يحملنا جميعاً في ذاته لكي يعطينا حياة. والقديس كبريانوس يقول في رسالته المشهورة إلى "سيسيليوس":
[عندما يخبرنا الرب أن الخبز، الذي يتكوَّن من اتحاد حبَّات عديدة من الحنطة، هو جسده، فهو يعني أن المسيحيين جميعاً الذين يحملهم في ذاته هم واحد. وعندما يقول إن الخمر، الذي هو عصير حبَّات عديدة من العنب مكوِّناً سائلاً واحداً، هو دمه؛ فهو يعني أن شعبنا هو واحدٌ باتحاد الكثيرين معاً.]
وفي نفس هذه الرسالة يقول أيضاً:
[حيث إن المسيح قد حملنا في ذاته، كما حمل خطايانا أيضاً، فنحن نرى أن الماء يُمثِّل الشعب، والخمر يُمثِّل دم المسيح. وعندما يُمزَج الماء بالخمر في الكأس يتحد الشعب بالمسيح ويلتصق بذاك الذي يؤمن به. وهكذا يتحد الماء بالخمر في كأس الرب حتى لا يمكن فصلهما. هكذا أيضاً الكنيسة، التي هي جمهور المؤمنين المتحدين والمثابرين على الإيمان، لا يمكن فصلهم قط عن المسيح. فالكنيسة تُخلص الولاء للرب بحب غير منقسم. وإذا قُدِّم الماء وحده يكون الشعب بدون المسيح... ولكن طالما أن المزيج بينهما هو الذي يُقدَّم، فهذا يعني أن المسيحيين يصيرون هم جسد المسيح، وهذا يشير أيضاً إلى وحدانيتهم معاً. فلنتحقق أننا عندما نأكل جميعاً جسد الرب في خبزة واحدة، نكون جسداً واحداً في المسيح: الخبز السماوي الذي التصقنا واتحدنا به.]
حضور الرب يسوع في أعضائه:
إن حقيقة كون المسيح قد عاش معنا على الأرض، فهذه الحقيقة تُقدِّس وجودنا. فالقديس غريغوريوس النزينزي أيضاً يقول:
[إنه في الحقيقة أراد أن ينام لكي يبارك نومنا، وأراد أن يكون مرهقاً لكي يُقدِّس إرهاقنا، وأراد أن يبكي لكي يُعطي جدارةً واستحقاقاً لدموعنا.]
والرب يُعطي وعداً للقديسين، ليس مجرد أن يكون حاضراً معهم، بل أن يسكن فيهم: "إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويُحبُّه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً" (يو 14: 23). بل إنه بهذا الحب يصير معهم روحاً واحداً: "مَن التصق بالرب فهو روحٌ واحدٌ." (1كو 6: 17)
ويرى القديس أوغسطينوس الرب في داخله هكذا:
[إنني دخلت بتوجيهك، يا رب، إلى أعماق نفسي؛ وبعينين جديدتين تفوقان على عيني ذهني، رأيت نوراً غير قابل للتغيير، لم يكن هو النور العادي المرئي لعيون الجسد. إنه كان فوقي، لأنه هو الذي صنعني، أيها الحق الأزلي والحب الحقيقي والأبدية المحبوبة... وجاءني صوتك كأنه من فوق: "أنا هو طعام العظماء، فلتنمو وأنت تأكلني. إنك لم تغيِّرني إلى ذاتك مثل طعام جسدك، بل إنك ستتحوَّل إليَّ."]
هذا الموضوع له ارتباط بموضوع
-------------------------
نقلا" عن مقال (( قد لبستم المسيح )) -- موقع زكريا بطرس !!.
أرسل بولس رسالته لأهل غلاطية التي هي جزء من الكتاب المقدس يقول لهم فيها.
قد لبستم المسيح
"لأن كلَّكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح." (غل 3: 27)
وهذا هو المقال :
أتظن، أيها القارئ العزيز، أن مخلِّصنا انتهت رسالته التبشيرية وعظاته التعليمية التي ذكرها الإنجيل في بلاد فلسطين؟ كلاَّ، بل إنه ما يزال يُبشِّر ويُعلِّم بروحه القدوس في أعضائه لأنه "هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد" (عب 13: 8)، فهو القائل: "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" (يو 5: 17)، "أما المعزِّي الروح القدس الذي سيُرسله الآب باسمي، فهو يُعلِّمكم كل شيء" (يو 14: 26). مما يدل على أن ربنا يسوع لم تشتمل تعاليمه التي سجَّلها الإنجيل على كل شيء، لأنها "إن كُتبت واحدة واحدة، فلستُ أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة." (يو 21: 25)
كما أن معجزاته لا تزال تتم حتى اليوم، حيث تتجدَّد نفوسنا لأنه قال: "مَن يؤمن بي فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضاً، ويعمل أعظم منها، لأني ماضٍ إلى أبي" (يو 14: 12). وتعبير "لأني ماضٍ إلى أبي" يعني أن المؤمن يواصل عمل الرب على الأرض، كعضو في جسده، بعد صعوده مهما كان إعجازياً! فعندما نأخذ الكلمة الإلهي بالإيمان "ليحلَّ المسيح بالإيمان في قلوبكم" (أف 3: 17)، ونأكله في سرِّ الإفخارستيا "مَن يأكلني فهو يحيا بي" (يو 6: 57)؛ نحصل في داخلنا على القوة التي بها يمكن أن نعمل أعماله الفائقة.
الإفخارستيا سر حياته فينا:
وكما يحملنا المسيح جميعاً في ذاته، هكذا نحمله نحن في داخلنا. ولا تتضح تلك الحياة الفائقة على الطبيعة في أي شيء أكثر من سر الحياة: "الإفخارستيا". فمسيح الإفخارستيا الذي يأتي إلينا كطعام، يحملنا جميعاً في ذاته لكي يعطينا حياة. والقديس كبريانوس يقول في رسالته المشهورة إلى "سيسيليوس":
[عندما يخبرنا الرب أن الخبز، الذي يتكوَّن من اتحاد حبَّات عديدة من الحنطة، هو جسده، فهو يعني أن المسيحيين جميعاً الذين يحملهم في ذاته هم واحد. وعندما يقول إن الخمر، الذي هو عصير حبَّات عديدة من العنب مكوِّناً سائلاً واحداً، هو دمه؛ فهو يعني أن شعبنا هو واحدٌ باتحاد الكثيرين معاً.]
وفي نفس هذه الرسالة يقول أيضاً:
[حيث إن المسيح قد حملنا في ذاته، كما حمل خطايانا أيضاً، فنحن نرى أن الماء يُمثِّل الشعب، والخمر يُمثِّل دم المسيح. وعندما يُمزَج الماء بالخمر في الكأس يتحد الشعب بالمسيح ويلتصق بذاك الذي يؤمن به. وهكذا يتحد الماء بالخمر في كأس الرب حتى لا يمكن فصلهما. هكذا أيضاً الكنيسة، التي هي جمهور المؤمنين المتحدين والمثابرين على الإيمان، لا يمكن فصلهم قط عن المسيح. فالكنيسة تُخلص الولاء للرب بحب غير منقسم. وإذا قُدِّم الماء وحده يكون الشعب بدون المسيح... ولكن طالما أن المزيج بينهما هو الذي يُقدَّم، فهذا يعني أن المسيحيين يصيرون هم جسد المسيح، وهذا يشير أيضاً إلى وحدانيتهم معاً. فلنتحقق أننا عندما نأكل جميعاً جسد الرب في خبزة واحدة، نكون جسداً واحداً في المسيح: الخبز السماوي الذي التصقنا واتحدنا به.]
حضور الرب يسوع في أعضائه:
إن حقيقة كون المسيح قد عاش معنا على الأرض، فهذه الحقيقة تُقدِّس وجودنا. فالقديس غريغوريوس النزينزي أيضاً يقول:
[إنه في الحقيقة أراد أن ينام لكي يبارك نومنا، وأراد أن يكون مرهقاً لكي يُقدِّس إرهاقنا، وأراد أن يبكي لكي يُعطي جدارةً واستحقاقاً لدموعنا.]
والرب يُعطي وعداً للقديسين، ليس مجرد أن يكون حاضراً معهم، بل أن يسكن فيهم: "إن أحبني أحد يحفظ كلامي، ويُحبُّه أبي، وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً" (يو 14: 23). بل إنه بهذا الحب يصير معهم روحاً واحداً: "مَن التصق بالرب فهو روحٌ واحدٌ." (1كو 6: 17)
ويرى القديس أوغسطينوس الرب في داخله هكذا:
[إنني دخلت بتوجيهك، يا رب، إلى أعماق نفسي؛ وبعينين جديدتين تفوقان على عيني ذهني، رأيت نوراً غير قابل للتغيير، لم يكن هو النور العادي المرئي لعيون الجسد. إنه كان فوقي، لأنه هو الذي صنعني، أيها الحق الأزلي والحب الحقيقي والأبدية المحبوبة... وجاءني صوتك كأنه من فوق: "أنا هو طعام العظماء، فلتنمو وأنت تأكلني. إنك لم تغيِّرني إلى ذاتك مثل طعام جسدك، بل إنك ستتحوَّل إليَّ."]
هذا الموضوع له ارتباط بموضوع
نقلا" عن مقال (( قد لبستم المسيح )) -- موقع زكريا بطرس !!.
تعليق