من أسرار معنى : سبحان الله
قال أهل العلم : إن معنى التسبيح في اللغة : التنزيه، تقول: سبحان الله تسبيحاً،أي نزهته تنزيها، ويكون بمعنى الذكر والصلاة، يقال: فلان يسبح الله أي يذكره بأسمائه.. نحو سبحان الله، وسميت الصلاة ذكراً لاشتمالها عليه، ومنه قوله تعالى:فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم:17] أي اذكروا الله .
وقال شيخ الإسلام ابْنُ تيمية في "مجموع الفتاوى": "الأمْرُ بِتَسبيحِه يقتضي أيضًا تنزيهَه عن كُلِّ عيبٍ وسُوء وإثباتَ صفاتِ الكَمال له؛ فإنَّ التَّسبيحَ يقتضي التنزيهَ والتَّعظيمَ، والتَّعظيمُ يَستلزِمُ إثباتَ المَحامِد التي يُحمَد عليها، فيقتضي ذلك تنزيهَه وتَحميدَه وتكبيرَه وتوحيدَه.
سر معنى سبحان الله
سر معنى سبحان الله : هو الألف والنون فى كلمة "سبحان" .
فالألف والنون تضاف إلى المصدر لتدل على أصل وحقيقة الصفة، وإذا خلت منها الألف والنون دلت على صورة الصفة، ويتجلي ذلك بوضوح فى كلمة " الرحمن " فهي صفة ذاتية لرب العزة لا يتصف بها أحد إلا الله لأنه أصل وحقيقة الصفة، لذلك نرى افتتاحية سور القرآن الكريم بقوله : " بسم الله الرحمن الرحيم " فكلمة الرحمن تدل على الرحمة ، وكلمة الرحيم تدل على الرحمة أيضاً ، إلا أن كلمة الرحمن تدل على صفة ذاتية لا يجوز اتصاف غير الله بها ، أما كلمــة الرحــيم فهــي تدل على صفة عامة يجوز اتصاف غير الله بها ، قال تعالى : لقد جاءكم رسول من أنفسكم عـزيز عليه ما عنتّم حريـــص عليكم بالمؤمنين رءوف رحـــــــــــــــيم ( التوبة 128 ) ، وذلك لأن لكل شىء صورة وحقيقة ، فصورة الرحمة نجدها فى صفة " الرحيم" التى يتصف الإنسـان بها ، أما حقيقة الرحمة فنجدها فى " الرحمن " ، وهنا يبرز الفرق بين "الرحـمن " و " الرحيم " من الناحية الصرفية ، وهو النون المسبوقة بالألف المد التى تدل على ذات الشىء وحقيقته .
ونجد ذلك أيضا فى " القراءة " و " القرآن " فالقراءة صورة ، لأن أى كلام مكتوب هو صورة للقراءة ، وبزيادة الألف والنون يكون لفظ "القرآن" الذى يدل على حقيقة القراءة .
وقس على ذلك " الفرق " و " الفرقان " وتظهر بوضوح فى لقب سيدنا عمر "الفاروق" لأنه يفرق بين الحق والباطل، ومعلوم أن كلمة فاروق صفة مبالغة، لكن لا يجوز أن نطلق عليه الفرقان، لأن كلمة فاروق وإن كانت صفة مبالغة إلا أنها صورة للفرق، أما كلمة الفرقان فهى حقيقة الفرق، والسر فى ذلك الألف والنون التى إذا دخلت على كلمة جعلت دلالتها لحقيقة الصفة وإذا خلت منها جعلت دلالتها لصورة الصفة.
وكذلك " الرضى " و " الرضوان " إذا بحثنا فى القرآن الكريم كله نجد أن كلمة رضوان تستعمل مع الله فقط، لأن رضى الله هو حقيقة الرضى .
ومما سبق يوضح لنا سر زيـادة الألف والنون فى آخر الكلمـة، والتسبيح فى اللغة هو التمجيد والتعظيم والتنزيه، وكان الناس قبل الإسلام يمجدون الله ومازال من يقول المجد لله، إلا أن كلمة المجد تصلح للبشر لأنها صورة، وجاء الإسلام بكلمة تجمع التمجيد والتعظيم والتنزيه، وهى سبحان بزيادة الألف والنون عليها لتكون حقيقة التمجيد والتعظيم والتنزيه لله، وسبحان من علمنا سبحان الله .
تعليق