تويت
أكد لـ «النهار» أن حدّ الردة «سياسة تشريعية» وليس تشريعاً مسلماً به
الداعية جمال قطب: دار الإفتاء صناعة إنكليزية لتحجيم الأزهر
أعاد الداعية الأزهري المصري الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا ما بات يعرف بـ«فوضى الفتاوى» الى انتشار الفضائيات ورغبة اصحابها في الظهور كمكتشفين للفقهاء الجدد، مشيرا الى ان انشاء دار للفتوى في مصر يعود اصلا الى محاولة انكليزية لتحجيم دور مؤسسة الازهر الديني والسياسي.
وقال قطب في حوار مع « النهار» ان الغرب يسعى الى بث التفرقة بين جناحي الامة الاسلامية واعتبر ان الخلاف السني الشيعي سياسي داعيا الدول العربية الى امتلاك السلاح النووي. ونفى الداعية المصري وجود حد للردة في القرآن الكريم، مشيرا الى ان الاسلام حرم حمل السلاح ضد المسلمين جملة وتفصيلا.وفي ما يلي نص الحوار:
بم تنصح الحكام العرب من أجل تحرير فلسطين؟
أقول ان الله أمر المسلمين بالاتحاد ونهاهم عن الفرقة والخلاف، وحض على التوحد وحذر من التشرذم في قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُوا»، ونهى الله عز وجل أيضاً عن التنازع والتناحر في قوله تعالى «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» وأمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف بلزوم الجماعة في حديث «عليكم بالجماعة فان يد الله مع الجماعة»، وأخبر ان العدو يتربص الدوائر بالأمة كالغنم التي يتربص الذئب بالشاردة منها في قوله -صلى الله عليه وسلم- «انما يأكل الذئب من الغنم القاصية» ولذلك علينا كحكام ومحكومين الاتحاد في صف واحد وفريق واحد، وعلينا ازالة أسباب الفرقة والخلاف بيننا.
وكيف يمكن تحقيق وحدة عربية أو اسلامية في عصرنا الحديث؟
صور الاتحاد في العصر الحديث تغيرت عن الماضي فليس بالضرورة ان نكون دولة واحدة بالمفهوم القديم ولكن يمكن تكوين اتحاد شبيه بالاتحاد الأوروبي أو مثل الشكل أو الصورة التي عليها الولايات المتحدة الأميركية، ويكون ذلك على مستوى الدول العربية أو الدول الاسلامية.
هل يوجد في الاسلام فصل بين الدين والدولة؟
لا يمكن ابعاد الدولة عن الدين، ولا يمكن ان تقوم حضارة في الدنيا الا على أساس ديني، سواء معه أوضده، وهو ما يعني ان يكون للدين دوره في بناء الدول، ولذلك أدعو الى تقوية الأزهر، لان قوة الأزهر تصب في صالح المسلمين أفراداً وجماعات ودولاً.
السنة والشيعة
قضية التقريب بين السنة والشيعة كيف تنظر الى أهميتها؟
الاسلام يأمرنا بالاحسان للحيوان والنبات، فأليس من الأولى ان نحسن لمسلمين مثلنا، وان كانوا يختلفون عنا في المذهب، ورغم ما تواجهه محاولات التقريب بين أصحاب المذهبين، ولكن الغرب يدق الأسافين بين العلماء الناشطين في هذا الشأن، فهم يودون ان يجعلوا الأطفال في مدارسنا يحبون أميركا واسرائيل ويبغضون ايران، ولكن هذا لن يحدث لان الاسلام الذي يوصينا بالكلاب والقطط ويدعونا للتعاون مع جميع البشر فمن باب أولى للمسلم ألا يتنكر لأخيه المسلم وايران دولة مسلمة، ولا يجب ان نتنكر لها.
لماذا يقتصر التقريب بين المذاهب على لقاءات بعض العلماء ولا نلمس نتائج؟
للأسف المؤسسة الدينية عند السنة والشيعة لم تدرك بعد خطورة الفرقة وكلما همت دعوة التقريب بفرصة تكالبت عليها دعاوى التمزيق ليستدعون من التراث ما يفرقهم، وأنا أطرح على راغبي التقريب أمرا مهما، وهو ان يجتمع من ستة الى عشرة علماء نصفهم سنة ونصفهم شيعة ويألفون كتبا في الفقه والسنة والسيرة النبوية بنية خالصة وتقتصر على الصحيح ويترك ما سواه لان هناك الكثير من فقه المذهبين أدخلت عليه أحداث تاريخية وليست فقهاً وألحقت بالفقه وهي ليست منه، فان فعلوا ذلك يوصون بفرضها في المناهج الدراسية في المرحلة قبل الجامعية واذا تحقق حدث التقارب الفعلي .
ترون ان الخلاف بين السنة والشيعة تاريخي وليس مذهبي.. كيف؟
الخلاف بين السنة والشيعة خلاف سياسي فقبل الثورة الايرانية كانت ايران والشاه في جانب ومصر والعالم السني في جانب آخر، فلما توافقوا، وبعدما قامت الثورة الايرانية، ووجد الاستعمار الفرصة سانحة فبث سموم الفرقة بينهما، أما الآن فأنظمة الحكم العربية كل نظام يرعى حدوده لا أكثر ولا نرى أثرا لجامعة الدول العربية أو لمنظمة المؤتمر الاسلامي ونحن في كل يوم نتلقى سهاما جديدة لتمزيق الأمة وتبديد وحدتها.
السلاح النووي
هل تؤيدون امتلاك الدول الاسلامية للسلاح النووي ؟
نعم وبلا شك وان كان الأصل ألا توجد هذه الأسلحة عند أحد أو بحوزة أي دولة وذلك لتأثيرها المدمر على المدنيين الآمنين وعلى البيئة ولكن طالما امتلكها العدو فلابد من ان يمتلكها المسلمون أيضاً وهي تدخل في باب قوله تعالى «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللهُ يَعْلَمُهُمْ»، فمن حق كل دولة امتلاك السلاح النووي والقنبلة الذرية فاذا اتفق العالم على التخلص منه نتخلص نحن منه أيضاً، أما ان تكون عند الأعداء وليست عند المسلمين فهذا لا يجوز ولا يصح.
الشورى
هل الشورى ملزمة للحاكم ويجب تفعيلها أم أنها اختيارية ؟
الشورى ملزمة في كل الشؤون والأمور في السلم والحرب والصلح والاقتصاد والتعليم وكل أمور الحياة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أشار أصحابه في معركة بدر الى اختيار الموقع الذي يعسكرون فيه، وأيضاً في غزوة أحد رغم أنه كان يرى عدم الخروج من المدينة، ويفضل قتال الكفار في شوارعها فيما يعرف الآن بحرب العصابات، لكنه نزل على رأي الشباب الذين لم يشهدوا بدراً ويريدون ان يشاركوا في معركة حربية بكل مواصفاتها وكان ذلك الأمر سبباً في هزيمة المسلمين، وبعدها أنزل الله له الأمر بالعفو عنهم والاستغفار لهم ومشاورتهم في الأمر وذلك في قوله تعالى «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»، وبذلك يتضح ان الشورى ملزمة في كل الامور، وتتحقق في زماننا بأي وسيلة مجلس تشريعية أو استطلاع رأي أو غير ذلك ولكن لابد من وجود مجلس متخصص من كل علم وفن ليكون أهل الحل والعقد .
حد الردة
صرحتم بأن القرآن لم يضع حداً للردة وان هذا الحد كان لعصر الرسول «ص» فقط فماذا تقولون في حديث من بدل دينه فاقتلوه ؟
هذا الحديث ليس تشريعا ولكنه من السياسة الشرعية للنبي «ص» لان النبي «ص» كان له أكثر من دور وهذا ما فهمه الصحابة ومنهم الصحابية الجليلة بريرة عندما أرادت ان تطلق من زوجها مغيث فطلب منها النبي «ص» ألا تنفصل عنه فسألت يا رسول الله أتأمر أم تشفع؟ ان كنت تأمر فسمعاً وطاعة وان كنت تشفع فلا حاجة لي فيه، أي أنها تعلم أنه ربما يتدخل بصفة شخصية شافعاً من قبل زوجها مغيث، وقد يأمرها بأمر تشريعي فلا تستطيع ان ترد هذا الأمر، فقال النبي «ص»: بل اشفع، فقالت اذاً لا حاجة لي فيه ووقع الطلاق.
وأوضح الأمر بان أقول ان حديث قتل المرتد كان في ظروف الحرب مع بني قريظة، ولم يتكرر بعدها و لم يثبت ان النبي «ص» بعد ذلك قتل مرتداً، والقول بان المرتد يسيء للاسلام مردود عليه بان من يرتد انما يسيء لنفسه ولا يسيء للاسلام في شيء، ويجوز في بعض الحالات ان يطبق هذا الحكم مرة ثانية ولكن كسياسة شرعية وليس كأمر شرعي مسلم به.
وماذا تقول في قتال الخليفة أبوبكر الصديق للمرتدين؟
قاتلهم لأنهم منعوا الزكاة وجحدوا معلوما من الدين بالضرورة واشتهر عند الناس وفي بعض كتب التاريخ بأنه قاتل المرتدين وهو قول مغلوط وليس بصحيح.
الحركات الإسلامية
ما حكم الشرع في ظهور جماعات اسلامية تخرج على الحاكم وتستخدم السلاح ضد المسلمين وغير المسلمين مثل «القاعدة جماعة أنصار الله في غزة والحوثيين في اليمن»؟
يمنع الاسلام ذلك جملة وتفصيلاً، وحمل السلاح وتغيير المنكر باليد لا يجوز اذا كان ضرره يفوق المنافع المترتبة عليه، وفي معظم الحالات السابقة لم تكن هناك منافع بل كانت كلها اضرار، وأساءت للاسلام والمسلمين وأظهرتهم بالدمويين والارهابيين، ويجب عليهم التوقف عن تلك الأفعال، ونحن نرى مراجعات جماعة الجهاد واعترافهما بالخطأ ورجوعهما عن فكرة استخدام القوة والعنف خير دليل على ذلك، وعلى غيرهم من هذه الجماعات ان يقرأوا هذه المراجعات وان يقتدوا بها.
وما شرعية وجود جماعات إسلامية في المجتمع المسلم؟
اذا كان نشاطها في المجال الخدمي الاجتماعي والدعوى وغيرهما من أوجه الخير فلا مانع بشرط ان تعمل في النور ودون وجود لتنظيمات سرية حتى لا يتسرب لها الشك، أو يتسلل اليها الفكر الفاسد، أو الأفكار المدمرة.
فوضى الفتاوى
وبماذا تفسرون فوضى الفتاوى على الفضائيات وخروج فتاوى غير منضبطة من علماء داخل المؤسسة الأزهرية والهيئات الدينية الرسمية كدار الافتاء (مثل التبرك ببول النبي «ص» ورضاع الكبير) ؟
فوضى الفتاوى تتعدد أسبابها، ومنها ان صاحب القناة الفضائية يريد ان يظهر كمكتشف للمفتين والفقهاء الجدد فيستضيفهم ويدعوهم الى قناته، ويطلب الناس منهم الفتوى وهم غير مؤهلين لها والفتوى امضاء عن الله عز وجل، والله عز وجل نسب الى نفسه الافتاء في موضعين من سورة النساء في قوله تعالى «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ «وأيضاً في قوله تعالى:» يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ»، وذلك ليبين خطورة الفتوى ومكانتها وأهميتها.
وفتاوى التبرك ببول النبي وارضاع الكبير افراز طبيعي للخلل الذي تعانيه المؤسستان، وفتوى رضاع الكبير خرجت من عالم بالحديث لا خبرة له بالفتوى ولا تاريخ له بها، ولم يؤثر عنه معرفة بالفتاوى والفقه أو أصول الفقه، والفتوى تحتاج الى تدريب وهو ما يفقتده عالم الحديث المتخصص فيه فقط ولم يمتد علمه الى غيره من علوم الفقه والفتوى. أما عن فتوى التبرك ببول الرسول فأقول انه لا يمكن لعاقل ان يتصور ان الرسول الكريم الذي يدعو للتطهير والتطيب ويعلم الناس قواعد دخول الخلاء والاستنجاء، ويأمر الناس باستعمال السواك بعد الأكل يمكن ان يسمح بالتبرك ببوله. ووجود منصب للفتوى في مصر بعيدا عن الأزهر الشريف متمثلاً في منصب مفتي الجمهورية قد أضعف المؤسسة الأزهرية، وتسبب في وجود ضعف في فتاواها، اذا ما حدث اختلاف بين المفتي وفتوى الأزهر في قضية ما. وتاريخ نشأة دار الافتاء يرجع لعهد الانكليز الذين أرادوا العبث بمقدرات البلاد وحببوا لوالي مصر ان يجعل للمفتي دورا في الفتوى، حتى اذا أفتى الأزهر في قضية لا يرضى عنها الحاكم، أفتى المفتي بفتوى مخالفة، وكان أول مفتٍ لهذا الأمر الشيخ محمد عبده، الذي فطن للمسألة وقدّم استقالته، والمفتي كان منصبا قضائيا، وكان لا يفتي في القضايا والمسائل العامة».
ولا يوجد في المنظومة التشريعية المصرية قانون يقضي بان يجيب المفتي عن أسئلة الناس، ولا صلاحية له في وزارة العدل الا عرض أحكام الاعدام عليه، وهي مجرد عملية شكلية لا أكثر لان رأيه استشاري، فالأحكام صدرت ولا يوجد قانون شرعي في الجنايات وبالتالي أصبح لا عمل للمفتي ومن هنا بدأ في الحديث عن الصيام والصلاة والختان.
الداعية جمال قطب يتحدث إلى الزميل مصطفى إبراهيم (تصوير - أحمد حماد) http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=169162
الداعية جمال قطب: دار الإفتاء صناعة إنكليزية لتحجيم الأزهر
وقال قطب في حوار مع « النهار» ان الغرب يسعى الى بث التفرقة بين جناحي الامة الاسلامية واعتبر ان الخلاف السني الشيعي سياسي داعيا الدول العربية الى امتلاك السلاح النووي. ونفى الداعية المصري وجود حد للردة في القرآن الكريم، مشيرا الى ان الاسلام حرم حمل السلاح ضد المسلمين جملة وتفصيلا.وفي ما يلي نص الحوار:
بم تنصح الحكام العرب من أجل تحرير فلسطين؟
أقول ان الله أمر المسلمين بالاتحاد ونهاهم عن الفرقة والخلاف، وحض على التوحد وحذر من التشرذم في قوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعا وَلَا تَفَرَّقُوا»، ونهى الله عز وجل أيضاً عن التنازع والتناحر في قوله تعالى «وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» وأمر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف بلزوم الجماعة في حديث «عليكم بالجماعة فان يد الله مع الجماعة»، وأخبر ان العدو يتربص الدوائر بالأمة كالغنم التي يتربص الذئب بالشاردة منها في قوله -صلى الله عليه وسلم- «انما يأكل الذئب من الغنم القاصية» ولذلك علينا كحكام ومحكومين الاتحاد في صف واحد وفريق واحد، وعلينا ازالة أسباب الفرقة والخلاف بيننا.
وكيف يمكن تحقيق وحدة عربية أو اسلامية في عصرنا الحديث؟
صور الاتحاد في العصر الحديث تغيرت عن الماضي فليس بالضرورة ان نكون دولة واحدة بالمفهوم القديم ولكن يمكن تكوين اتحاد شبيه بالاتحاد الأوروبي أو مثل الشكل أو الصورة التي عليها الولايات المتحدة الأميركية، ويكون ذلك على مستوى الدول العربية أو الدول الاسلامية.
هل يوجد في الاسلام فصل بين الدين والدولة؟
لا يمكن ابعاد الدولة عن الدين، ولا يمكن ان تقوم حضارة في الدنيا الا على أساس ديني، سواء معه أوضده، وهو ما يعني ان يكون للدين دوره في بناء الدول، ولذلك أدعو الى تقوية الأزهر، لان قوة الأزهر تصب في صالح المسلمين أفراداً وجماعات ودولاً.
السنة والشيعة
قضية التقريب بين السنة والشيعة كيف تنظر الى أهميتها؟
الاسلام يأمرنا بالاحسان للحيوان والنبات، فأليس من الأولى ان نحسن لمسلمين مثلنا، وان كانوا يختلفون عنا في المذهب، ورغم ما تواجهه محاولات التقريب بين أصحاب المذهبين، ولكن الغرب يدق الأسافين بين العلماء الناشطين في هذا الشأن، فهم يودون ان يجعلوا الأطفال في مدارسنا يحبون أميركا واسرائيل ويبغضون ايران، ولكن هذا لن يحدث لان الاسلام الذي يوصينا بالكلاب والقطط ويدعونا للتعاون مع جميع البشر فمن باب أولى للمسلم ألا يتنكر لأخيه المسلم وايران دولة مسلمة، ولا يجب ان نتنكر لها.
لماذا يقتصر التقريب بين المذاهب على لقاءات بعض العلماء ولا نلمس نتائج؟
للأسف المؤسسة الدينية عند السنة والشيعة لم تدرك بعد خطورة الفرقة وكلما همت دعوة التقريب بفرصة تكالبت عليها دعاوى التمزيق ليستدعون من التراث ما يفرقهم، وأنا أطرح على راغبي التقريب أمرا مهما، وهو ان يجتمع من ستة الى عشرة علماء نصفهم سنة ونصفهم شيعة ويألفون كتبا في الفقه والسنة والسيرة النبوية بنية خالصة وتقتصر على الصحيح ويترك ما سواه لان هناك الكثير من فقه المذهبين أدخلت عليه أحداث تاريخية وليست فقهاً وألحقت بالفقه وهي ليست منه، فان فعلوا ذلك يوصون بفرضها في المناهج الدراسية في المرحلة قبل الجامعية واذا تحقق حدث التقارب الفعلي .
ترون ان الخلاف بين السنة والشيعة تاريخي وليس مذهبي.. كيف؟
الخلاف بين السنة والشيعة خلاف سياسي فقبل الثورة الايرانية كانت ايران والشاه في جانب ومصر والعالم السني في جانب آخر، فلما توافقوا، وبعدما قامت الثورة الايرانية، ووجد الاستعمار الفرصة سانحة فبث سموم الفرقة بينهما، أما الآن فأنظمة الحكم العربية كل نظام يرعى حدوده لا أكثر ولا نرى أثرا لجامعة الدول العربية أو لمنظمة المؤتمر الاسلامي ونحن في كل يوم نتلقى سهاما جديدة لتمزيق الأمة وتبديد وحدتها.
السلاح النووي
هل تؤيدون امتلاك الدول الاسلامية للسلاح النووي ؟
نعم وبلا شك وان كان الأصل ألا توجد هذه الأسلحة عند أحد أو بحوزة أي دولة وذلك لتأثيرها المدمر على المدنيين الآمنين وعلى البيئة ولكن طالما امتلكها العدو فلابد من ان يمتلكها المسلمون أيضاً وهي تدخل في باب قوله تعالى «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللهُ يَعْلَمُهُمْ»، فمن حق كل دولة امتلاك السلاح النووي والقنبلة الذرية فاذا اتفق العالم على التخلص منه نتخلص نحن منه أيضاً، أما ان تكون عند الأعداء وليست عند المسلمين فهذا لا يجوز ولا يصح.
الشورى
هل الشورى ملزمة للحاكم ويجب تفعيلها أم أنها اختيارية ؟
الشورى ملزمة في كل الشؤون والأمور في السلم والحرب والصلح والاقتصاد والتعليم وكل أمور الحياة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أشار أصحابه في معركة بدر الى اختيار الموقع الذي يعسكرون فيه، وأيضاً في غزوة أحد رغم أنه كان يرى عدم الخروج من المدينة، ويفضل قتال الكفار في شوارعها فيما يعرف الآن بحرب العصابات، لكنه نزل على رأي الشباب الذين لم يشهدوا بدراً ويريدون ان يشاركوا في معركة حربية بكل مواصفاتها وكان ذلك الأمر سبباً في هزيمة المسلمين، وبعدها أنزل الله له الأمر بالعفو عنهم والاستغفار لهم ومشاورتهم في الأمر وذلك في قوله تعالى «فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ»، وبذلك يتضح ان الشورى ملزمة في كل الامور، وتتحقق في زماننا بأي وسيلة مجلس تشريعية أو استطلاع رأي أو غير ذلك ولكن لابد من وجود مجلس متخصص من كل علم وفن ليكون أهل الحل والعقد .
حد الردة
صرحتم بأن القرآن لم يضع حداً للردة وان هذا الحد كان لعصر الرسول «ص» فقط فماذا تقولون في حديث من بدل دينه فاقتلوه ؟
هذا الحديث ليس تشريعا ولكنه من السياسة الشرعية للنبي «ص» لان النبي «ص» كان له أكثر من دور وهذا ما فهمه الصحابة ومنهم الصحابية الجليلة بريرة عندما أرادت ان تطلق من زوجها مغيث فطلب منها النبي «ص» ألا تنفصل عنه فسألت يا رسول الله أتأمر أم تشفع؟ ان كنت تأمر فسمعاً وطاعة وان كنت تشفع فلا حاجة لي فيه، أي أنها تعلم أنه ربما يتدخل بصفة شخصية شافعاً من قبل زوجها مغيث، وقد يأمرها بأمر تشريعي فلا تستطيع ان ترد هذا الأمر، فقال النبي «ص»: بل اشفع، فقالت اذاً لا حاجة لي فيه ووقع الطلاق.
وأوضح الأمر بان أقول ان حديث قتل المرتد كان في ظروف الحرب مع بني قريظة، ولم يتكرر بعدها و لم يثبت ان النبي «ص» بعد ذلك قتل مرتداً، والقول بان المرتد يسيء للاسلام مردود عليه بان من يرتد انما يسيء لنفسه ولا يسيء للاسلام في شيء، ويجوز في بعض الحالات ان يطبق هذا الحكم مرة ثانية ولكن كسياسة شرعية وليس كأمر شرعي مسلم به.
وماذا تقول في قتال الخليفة أبوبكر الصديق للمرتدين؟
قاتلهم لأنهم منعوا الزكاة وجحدوا معلوما من الدين بالضرورة واشتهر عند الناس وفي بعض كتب التاريخ بأنه قاتل المرتدين وهو قول مغلوط وليس بصحيح.
الحركات الإسلامية
ما حكم الشرع في ظهور جماعات اسلامية تخرج على الحاكم وتستخدم السلاح ضد المسلمين وغير المسلمين مثل «القاعدة جماعة أنصار الله في غزة والحوثيين في اليمن»؟
يمنع الاسلام ذلك جملة وتفصيلاً، وحمل السلاح وتغيير المنكر باليد لا يجوز اذا كان ضرره يفوق المنافع المترتبة عليه، وفي معظم الحالات السابقة لم تكن هناك منافع بل كانت كلها اضرار، وأساءت للاسلام والمسلمين وأظهرتهم بالدمويين والارهابيين، ويجب عليهم التوقف عن تلك الأفعال، ونحن نرى مراجعات جماعة الجهاد واعترافهما بالخطأ ورجوعهما عن فكرة استخدام القوة والعنف خير دليل على ذلك، وعلى غيرهم من هذه الجماعات ان يقرأوا هذه المراجعات وان يقتدوا بها.
وما شرعية وجود جماعات إسلامية في المجتمع المسلم؟
اذا كان نشاطها في المجال الخدمي الاجتماعي والدعوى وغيرهما من أوجه الخير فلا مانع بشرط ان تعمل في النور ودون وجود لتنظيمات سرية حتى لا يتسرب لها الشك، أو يتسلل اليها الفكر الفاسد، أو الأفكار المدمرة.
فوضى الفتاوى
وبماذا تفسرون فوضى الفتاوى على الفضائيات وخروج فتاوى غير منضبطة من علماء داخل المؤسسة الأزهرية والهيئات الدينية الرسمية كدار الافتاء (مثل التبرك ببول النبي «ص» ورضاع الكبير) ؟
فوضى الفتاوى تتعدد أسبابها، ومنها ان صاحب القناة الفضائية يريد ان يظهر كمكتشف للمفتين والفقهاء الجدد فيستضيفهم ويدعوهم الى قناته، ويطلب الناس منهم الفتوى وهم غير مؤهلين لها والفتوى امضاء عن الله عز وجل، والله عز وجل نسب الى نفسه الافتاء في موضعين من سورة النساء في قوله تعالى «وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ «وأيضاً في قوله تعالى:» يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ»، وذلك ليبين خطورة الفتوى ومكانتها وأهميتها.
وفتاوى التبرك ببول النبي وارضاع الكبير افراز طبيعي للخلل الذي تعانيه المؤسستان، وفتوى رضاع الكبير خرجت من عالم بالحديث لا خبرة له بالفتوى ولا تاريخ له بها، ولم يؤثر عنه معرفة بالفتاوى والفقه أو أصول الفقه، والفتوى تحتاج الى تدريب وهو ما يفقتده عالم الحديث المتخصص فيه فقط ولم يمتد علمه الى غيره من علوم الفقه والفتوى. أما عن فتوى التبرك ببول الرسول فأقول انه لا يمكن لعاقل ان يتصور ان الرسول الكريم الذي يدعو للتطهير والتطيب ويعلم الناس قواعد دخول الخلاء والاستنجاء، ويأمر الناس باستعمال السواك بعد الأكل يمكن ان يسمح بالتبرك ببوله. ووجود منصب للفتوى في مصر بعيدا عن الأزهر الشريف متمثلاً في منصب مفتي الجمهورية قد أضعف المؤسسة الأزهرية، وتسبب في وجود ضعف في فتاواها، اذا ما حدث اختلاف بين المفتي وفتوى الأزهر في قضية ما. وتاريخ نشأة دار الافتاء يرجع لعهد الانكليز الذين أرادوا العبث بمقدرات البلاد وحببوا لوالي مصر ان يجعل للمفتي دورا في الفتوى، حتى اذا أفتى الأزهر في قضية لا يرضى عنها الحاكم، أفتى المفتي بفتوى مخالفة، وكان أول مفتٍ لهذا الأمر الشيخ محمد عبده، الذي فطن للمسألة وقدّم استقالته، والمفتي كان منصبا قضائيا، وكان لا يفتي في القضايا والمسائل العامة».
ولا يوجد في المنظومة التشريعية المصرية قانون يقضي بان يجيب المفتي عن أسئلة الناس، ولا صلاحية له في وزارة العدل الا عرض أحكام الاعدام عليه، وهي مجرد عملية شكلية لا أكثر لان رأيه استشاري، فالأحكام صدرت ولا يوجد قانون شرعي في الجنايات وبالتالي أصبح لا عمل للمفتي ومن هنا بدأ في الحديث عن الصيام والصلاة والختان.
الداعية جمال قطب يتحدث إلى الزميل مصطفى إبراهيم (تصوير - أحمد حماد) http://www.annaharkw.com/annahar/Article.aspx?id=169162
