الكنيسة تحتفل رسمياً بمعجزة الحمامة المزعومة وتصنع لها تمثالاً
وتعتبرها إشارة من السماء
ولقطات من داخل الكنيسة تنسف أساس المعجزة المزعومة
عندما نشرت المواقع والمنتديات النصرانية عن معجزة ظهور حمامة في عظة البابا شنودة كان يمكن إعتباره عملاً فردياً من أحد مساعدي البابا شنودة وأن هناك مبالغة من عامة النصارى وأن الكنيسة القبطية قد لا تكون راضية عن تلك الخرافة. ولكن الكنيسة القبطية أبت إلا أن تثبت أنها لا تزال تعيش في العصور الوسطى حينما كانت تُستخدم الخرافات والخزعبلات للسيطرة على النصارى.
فها هي الكنيسة القبطية تحتفل رسمياً بمعجزة الحمامة المزعومة لدرجة أنهم صنعوا لها تمثالاً ضخماً داخل كاتدرائية العباسية. وبالإضافة لذلك ذكر الأنبا موسى أسقف الشباب في كلمته أن تلك الحمامة دليل على الإختيار الإلهي للبابا شنودة. كما ذكر أحد أعضاء المجلس الملي في كلمته أن الحمامة هي “الحمامة الحسنة” وهو لقب يطلقه النصارى على السيدة العذراء مريم – عليها السلام – ووالدة الإله حسب معتقدهم وأنها رسالة من السماء تأييداً للبابا شنودة!!! ولا نستبعد أن تضيف الكنيسة صوماً جديداً تسميه “صوم الحمامة” على غرار الثلاثة أيام التي قرر البابا ابرام السرياني أن يجعلها فريضة دائمة فى الكنيسة القبطية وهى الثلاثة أيام التى تسبق صوم الميلاد وذلك بمناسبة معجزة نقل جبل المقطم المزعومة على يد سمعان الخراز. (الكنيسة عبر الزمن هي التي حددت مدة الأصوام وطبيعتها ونوعية الطعام التي يمكن أكلها في كلٍ منها بقرارات من الباباوات والمجامع المقدسة وقد تغيرت هذه الأصوام من وقت لآخر.)
نشاهد كل هذا في لقطات من إحتفال الكنيسة بمرور 38 عاماً على تنصيب البابا شنودة.
ما شاهدناه هو تجسيد لحقيقة النصرانية وكيف أنها تعتمد على الخرافات وخداع رجال الكنيسة لشعبها الذي يتم تربيته على التغييب الكامل للعقل والإيمان الأعمى والجهل والطاعة العمياء لرجال الدين. وشاهدنا كيف أن الأنبا موسى يستخدم معجزة الحمامة المزعومة في إثبات التأييد الإلهي للبابا شنودة. وكيف إعتبر عضو المجلس الملي أن الحمامة هي “والدة الإله” العذراء مريم وبنى على ذلك خطبته العصماء في تمجيد شنودة. وهو ما يذكرنا بكتب تفسير الكتاب المقدس التي تبني نبؤات وهمية وتفسيرات خيالية ونتائج لا علاقة لها بالنص، وأوضح مثال على ذلك هو تفسير النصارى لسفر نشيد الإنشاد.
وكان النصارى قد بنوا صحة معجزتهم على تعليق البابا شنودة عندما ظهرت الحمامة حيث قال “معروف أن الحمام لا يطير ليلاً ويعتبر هذا شيئاً شاذاً”. ولكننا شاهدنا بأعيننا الحمام الذي قامت كشافة الكنيسة بإطلاقه وهو يطير داخل الكاتدرائية وكيف أنه يحط على أول شيء مرتفع يقابله تماماً كما حدث في المعجزة المزعومة. والمضحك أن أحد المواقع النصرانية إعتبر الحمام الذي أطلقته كشافة الكنيسة المعجزة وكتب عنه ما يلي:
ولكن هناك حادثة أخرى (بل معجزة) رصدتها …. حيث ظهرت ثلاث حمامات أخرى أعلى الكاتدرائية، وهي من نفس نوع الحمامة التي ظهرت للبابا شنوده.
وقد أعطتنا هذه المعجزة المزعومة تصوراً لكيفية إختلاق الكنيسة للمعجزات عبر التاريخ: فنحن الآن في القرن الحادي والعشرون والنصارى مقتنعين تماماً بمعجزة وهمية لمجرد أن حمامة طارت داخل الكنيسة، حتى ولو من تلقاء نفسها، فما بالنا بمعجزات أخرى أصبحت من المسلّمات في الكنيسة مثل معجزة نقل جبل المقطم منذ أكثر من ألف عام والتي لا يوجد عليها ولو دليل واحد سواء علمي أو تاريخي. والمصيبة أن قادة الكنيسة هم من يخدعون شعبها سواء لتثبيت إيمانهم أو التأثير عليهم. فمثلاً إستخدم قادة الكنيسة هذه الحمامة في التأثير على شعب الكنيسة في صراع البابا شنودة مع معارضيه بخصوص لائحة إنتخاب البابا والذين يرغبون في إلغاء القرعة الهيكلية بينما يصر شنودة عليها. (القرعة الهيكلية – نسبة إلى هيكل الكنيسة – يتم فيها إختيار البابا عن طريق عمل قرعة بين أكثر ثلاثة مرشحين حصلوا على أصوات ويقوم بعمل القرعة طفل داخل الهيكل)وبمناسبة هذه الخرافات، خطر بذهني أسئلة تتعلق بالعلمانيين الذين يطلقون على أنفسهم “النخبة المثقفة”: ماذا لو قام بمثل هذه الخرافات أحد المسلمين؟ هل كنتم ستصمتون مثل صمتكم الآن؟ أم كنتم ستجعلونها محور مقالاتكم وحواراتكم عبر الفضائيات عن تغييب عقول المسلمين؟ أم أنكم تنتقدون فقط الإسلام والمسلمين؟ وهل الكنيسة وقيادتها فوق النقد حتى تصمتوا عن الذي يحدث فيها؟ …
أخيراً، المشكلة ليست معجزة الحمامة – والتي ستصبح من المسلّمات التي تؤمن بها الكنيسة – ومدى صحتها أو أي معجزة أخرى، إنما المشكلة الحقيقية هي النصرانية نفسها والتي بنيت على أساطير وخرافات وتحكم رجال الدين في بشر قاموا بتغييب عقولهم عمداً ورضي هؤلاء البشر بذلك.
الإسلام والعالم
تعليق