دفاعا عن ابن مسعود وليس عن القران
مايروي ان ابن مسعود انكر المعوذتين فهل هذا يقدح فيهما او في جمع القران
اولا وقبل بيان هذا الامر نقول لما هذا المقال دفاعا عن ابن مسعود وليس دفاعا عن القران انه لو ثبت انكار ابن مسعود لهما فلن يكون هذا طعنا فيهما ولكن خطا من ابن مسعود لانا لا نقول اخطا المهاجرون والانصار واصاب ابن مسعود فالخطا اقرب للواحد من الاثنين ما بالنا بالاف الصحابة مجمعون علي كونهما من كتاب الله , اما ماروي عن ابن مسعود فكثر الكلام فيه فمن العلماء من رد هذا الخبر عنه وقال بانه مكذوب عليه كابن حزم والنووي وفخر الدين الرازي
ومن العلماء ما صحح الخبر وتاوله وذكر في الكلام تاويلات كثيرة ولن اذكرها مع جلالة من قال بها وجوازها ولكني وجدت ان الامر لا يحتاج تاويل ولكن الامر يحتاج ايضاح للنص نفسه فيرفع الاستشكال الواقع
اولا بيان الاشكال ان قول ابن مسعود محمول انه يرد ان المعوذتين من كتاب الله وهذا طعن في نقل القران او قول بالزيادة فيه وكما بينا في السابق انه حتي وان كان هذا ما يراه ابن مسعود ومات عليه فليس فيه طعن في كتاب الله مع اجماع سائر الصحابة علي كونهم من كتاب الله ولكن ما نسطره لبيان براءة ساحة هذا الصحابي الجليل من هذا الامر وليس هذا برد الخبر ولكن كما قلنا من قبل بايضاح الخبر وحتي دون تاويله
الخبر ببساطة يتحدث علي ان ابن مسعود انكر المعوذتين ونحن لم نرد الخبر فكيف نقول ببراءة ساحته من هذا القول نستعن بالله ونقول بان الامر ليس مخالفة لاجماع الصحابة ولا رد ابن مسعود قرانيتهما بعد الجمع سواء في عهد ابي بكر او في عهد عثمان ولكن تم هذا قبل هذا بزمان انه علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم رد ان يكونا من القران لانه راي النبي يعوذ بهما الحسن والحسين فظن انهما رقيا فسال ابي بن كعب رسول الله عنهما فاقر النبي من قال بقرانيتهما فرجع ابن مسعود بهذا البيان واليك الحديث من صحيح البخاري في كاب التفسير
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان حدثنا عبدة بن ابي لبابة عن زر بن حبيش ح وحدثنا عاصم عن زر قال سالت ابي بن كعب قلت يا ابا المنذر ان اخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا فقال سالت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لي قيل لي فقلت قال فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم
اريتم ايها الاحباء عندما ذكر الامر لابي قال سالت رسول الله اي ان كلام ابن مسعود كان علي عهد النبي وليس طعنا فيما جٌمع هو كان لا يعلم بانهما سور من القران وراي الرسول يرقي بهما الحسن والحسين فظنهما مجرد رقيا ولكن عندما وصل الامر للنبي واخبر بانهما قرانا فنجد ابي يقول فنحن نقول كما قال رسول الله من نحن اي ابي وابن مسعود وروي في المعجم الاوسط للطبراني التصريح بان ابن مسعود قال ذلك اذن الامر ليس بعد الجمع ولا بعد وفاة النبي وايضا لم يصر عليه ولربما يشكل قول زر ان اخاك يقول فيقول انه مازال علي قوله حتي بعد وفاة النبي والدليل علي ذلك قوله يقول اقول له ان زر سبق قوله لابي بانه سال ابي اي كلامه خرج مخرج الاستفهام وليس الاقرار بمعني ايقول اخاك لانه قال سالت ابي وساق كلامه ومما يجلي امر رجوع ابن مسعود عن هذا القول قراءة من اخذ عنه القران هاتين السورتين واليك الرواة مع ملاحظة ان زر من الذين نقلوا عنه القران بما فيه المعوذتان ويحمل سؤاله لابي علي انه قبل النقل عن ابن مسعود
أولها أن عاصما وهو أحد القراء السبعة قرأ القرآن كله وفيه المعوذتان بأسانيد صحيحة بعضها يرجع إلى ابن مسعود نفسه
ذلك أن عاصما قرأ على أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب وقرأ على أبي مريم زر بن حبيش الأسدي وعلى سعيد بن عياش الشيباني
وقرأ هؤلاء على ابن مسعود نفسه وقرأ ابن مسعود على رسول الله
ثانيها أن حمزة وهو من القراء السبعة أيضا قرأ القرآن كله بأسانيده الصحيحة وفيه المعوذتان عن ابن مسعود نفسه
ذلك أن حمزة قرأ على الأعمش أبي محمد سليمان بن مهران وقرأ الأعمش على يحيى بن وثاب وقرأ يحيى على علقمة الأسود وعبيد بن نضلة الخزاعي وزر بن حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي وهم قرؤوا على ابن مسعود على النبي
ولحمزة سند آخر بهذه القراءة إلى ابن مسعود أيضا
ذلك أنه قرأ على أبي إسحاق السبيعي وعلى محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعلى الإمام جعفر الصادق
وهؤلاء قرؤوا على علقمة بن قيس
وعلى زر بن حبيش وعلى زيد بن وهب وعلى مسروق
وهم قرؤوا على المنهال وغيره وهم على ابن مسعود وأمير المؤمنين علي وجهه وهما على النبي
ثالثها أن الكسائي قرأ القرآن وفيه المعوذتان بسنده إلى ابن مسعود أيضا
رابعها أن خلفا يقرأ المعوذتين في ضمن القرآن الكريم بسنده إلى ابن مسعود أيضا
وذلك أنه قرأ على سليم وهو على حمزة
وهذه القراءات كلها التي رويت بأصح الأسانيد وبإجماع الأمة فيها المعوذتان والفاتحة على اعتبار أن هذه السور الثلاث أجزاء من القرآن وداخلة فيه
فالقول ببقاء ابن مسعود على إنكار قرآنية هذه السورة محض افتراء عليه
وكل ما في الأمر أنه لم يكتب الفاتحة في مصحفه اتكالا على شهرتها وعدم الخوف عليها من النسيان حتى تكتب
وكذلك القول في المعوذتين
وقيل إنه لم يكن يعلم أول الأمر أن المعوذتين من القرآن بل كان يفهم أنهما رقية يعوذ بهما الرسول الحسن والحسين
ومن هنا جاءت روايات إنكاره أنهما من القرآن
ثم علم بعد ذلك قرآنيتهما
ومن هنا جاءت الروايات عنه بقرآنيتهما
كما سقناه بين يديك عن أربعة من القراء السبعة بأسانيد هي من أصح الأسانيد المؤيدة بما تواتر واستفاض وبما أجمعت الأمة عليه من قرآنية الفاتحة والمعوذتين منذ عهد الخلافة الراشدة إلى يوم الناس هذا اما وقوع هذا الامر منه علي عهد النبي فليس عليه فيه شئ ووقع من الصحابة امثاله كعدم علم عمر رضي الله عنه بامر الاحرف السبعة وهذا امر طبيعي في وقت نزول القران اما بعد وفاة النبي فعلم كامل القران ولا يسع احد انكار شئ منه ولهذا الامر نهي النبي في بدء الدعوة عن كتابة غير القران حتي يعتاد الصحابة علي الفصل بين القران وغيره وبعد استباب الامر اذن لهم في كتابة حدثيه اذن الامر لم يكن باليسير فلا تثريب علي ابن مسعود في هذا ولا علي سائر الصحابة لانهم كانوا مازالوا يحصلون العلم من النبي صلي الله عليه وسلم
www.nasraneyat.com