إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد.
قبل عقدين أو ثلاث من الزمان ظهر على الساحة الإعلامية العالمية فلم شهير بعنوان "الرسالة" من إخراج مصطفى العقاد، وكان الهدف من إنتاج هذا العمل الإعلامي هو بيان الرسالة والدين الذي أرسل به محمد صلى الله عليه وسلم للعالمين ، وأنا هنا في هذا المقام لست في صدد إصدار حكم عام على مضمون هذا الفلم ، أي هل يجوز القيام بمثل هذا العمل أصلا أم لا؟؟، ولكن في بحثي هذا أحاول جاهدا أن أعرض الأحداث والمواقف التي عرضت في هذا الفلم على ماهو ثابت في ديننا من الكتاب والسنة الصحيحة.
والباعث لهذا البحث أنني ومنذ نعومة أظافري من المعجبين جدا بشخصية الصحابي الجليل فاروق هذه الأمة عمر بن الخطاب، وهو بلا شك محل قبول وإعجاب من الأعداء قبل الأصدقاء وما المقولة الشهيرة "عدلت فأمنت فنمت يا عمر" إلا مثال من أمثلة كثيرة على ما نقول، فقد قيلت هذه المقولة ممن لا يؤمن بالله واليوم الأخر. وتقول دائرة المعارف البريطانية "كان عمر حاكما عاقلا بعيد النظر وقد أدى للإسلام خدمة عظيمة"
يقول أحد المستشرقين في كتاب بعنوان " محمد وخلفائه".
"إن حياة عمر من أولها إلى أخرها تدل على أنه رجل كان ذى مواهب عقلية عظيمة وكان شديد التمسك بالإستقامة والعدالة وهو الذي وضع أساس الإمبراطورية الإسلامية، ونفذ رغبات النبي وثبتها وأزر أبي بكر بنصائحه اثناء خلافته القصيرة ووضع قواعد متينة للإدارة الحازمة في جميع بلاد المسلمين، وإن اليد القوية التي وضعها على أعظم قواده المحبوبين لدى الجيش في البلاد النائية وقت انتصاراتهم لأظهر دليل على كفائته الخارقة للحكم وكان ببساطة أخلاقه واحتقاره للأبهة والترف مقتديا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وقد سار على أثرهما في كتبه لقواده.."
وغالب من كان حولي من أقراني وأقاربي وجيراني كان يحمل نفس المشاعر تجاه هذا الصحابي الجليل وما ذاك إلا لقوته وشدته في الحق رضي الله عنه وأرضاه، فكنت انتظر بلهف شديد في ذلك الفلم كي أرى تلك اللحظات التي يعلن فيها عمر من الخطاب إسلامه ويتغير حال الإسلام والمسلمين من القهر والإذلال إلى القوة والعزة والنصر، ولكن للأسف الشديد عرض فلم الرسالة ولم نر تلك اللحظات الحاسمة، فترك ذلك الأمر أثرا سيئا في نفسي، وبقي السؤال في نفسي قائما أين الفاروق عمر في رسالة العقاد؟!!.
ومما أثار في نفسي هذا السؤال مرة أخرى أنني كنت في الأيام الماضية في صدد البحث في موضوع ءاخر له علاقة بالتاريخ فرأيت العجب العجاب من تزوير التاريخ وطمس الحقائق من أناس محسوبون على أهل السنة والجماعة، مع أن هذا الموضوع الذي تناوله هؤلاء الناس ليس عنا ببعيد، فقلت في نفسي إذا كان هذا الموضوع الذي أثاره ما زالت حولنا وبعض من عاصر هذا التاريخ لا زال حيا بيننا، قد لعبت وعبثت به الأقلام التي لا تخاف يوما يجعل الولدان شيبا ، فكيف بتاريخ وأحداث قد مر عليها دهر من الزمان، فرأيت من الفائدة أن أقوم بمشاهدة ذلك الفلم مرة أخرى، ولقد صدق ظني، فما أن عرض الفلم وفي الدقائق الأولى فقط حتى قرأت هذا الكلام:
بعد موافقة الهيئة المسئولة بالأزهر الشريف
والمجلس الإسلامي الشيعي!!! الأعلى بلبنان تم تصوير أحداث هذا الفلم
أدركت في الحال السر في اختفاء عملاق الإسلام عمر بن الخطاب من ذلك الفلم ـ سوف نذكر هذا السر لاحقا ـ وما أن انتهيت من الفلم حتى دونت في مذكرتي ما لا يقل عن عشرين مسألة مخالفة للعقيدة أو الحقيقة!!.
وقبل الشروع في بيان هذه المخالفات أريد أن أنبه إلى بعض الملاحظات:
تعليق