** العقيدة الطحاوية بشروح العلماء والدروس المستفادة منها **

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عبد السلام الأدنداني
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 7 (0 أعضاء و 7 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد السلام الأدنداني

    ** العقيدة الطحاوية بشروح العلماء والدروس المستفادة منها **

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    قال فضيلة الشيخ العلامة صالح بن عبد العزيز آل الشيخ أثابه الله تعالى :
    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، هو الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفُواً أحد ، واحد لا شريك له ، ولا شيء مثله، ولا شيء يعجزه ، سبحانه وتعالى وتقدس وتعاظم ربنا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد :
    فهذا الدرس شروعٌ في شَرْحِ مُخْتَصَرٍ في العقيدة ؛ مُخْتَصَرٍ مهمّ لأنَّ أهل العلم يُحَبِّذُونَ إقْرَاءَهُ وشرحه ويؤكدون على أهمية ما اشتمل عليه من مسائل الاعتقاد بلفظٍ مُوجَز وبيانٍ حَسَنْ .
    *************************
    *******************
    ***********
    وهذه العقيدة التي نبتدئ شرحها في هذه الدروس هي عقيدة العالم المحدِّث: أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي، المتوفى سنة 321هـ ، وهي المسماة بالعقيدة الطحاوية نسبةً إليه .
    ****************************
    **********************
    ****************
    وهي عقيدةٌ موافقة في جُلِّ مباحثها لما يعتقده أهل الحديث والأثر ، أهل السنة والجماعة ، كما سيأتي في بيانه إن شاء اللهُ تعالى , وهذه العقيدة الطحاوية ذَكَرَ عددٌ من أهل العلم أنَّ أتْبَاعَ أئمة المذاهب الأربعة ارتضوها ؛ وذلك لأنها اشتملت على أصول الاعتقاد المُتَّفَقِ عليه بين أهل العلم ، وذلك في الإجمال لأنَّ ثَمَّ مواضع اُنتُقِدَت عليه كما سيأتي بيانه.
    وأبو جعفر الطحاوي من علماء الحديث المعروفين ومن الفقهاء المشهورين أيضاً ، وكان شافعياً تَفَقَّهَ على المُزَنِي رحمه الله تلميذ الشافعي ، ثم انتقل في الفروع من مذهب الشافعية إلى مذهب الحنفية فصار في المذهب حنفي المذهب إلا أنَّهُ لا يتعصب لقول أبي حنيفة ولا يُقَلِّدُهُ ؛ بل صنيع العلماء المحققين أنْ يتابعه فيما ظهر فيه الدليل وأن يأخذ بالدليل إذا خالف قول الإمام.
    وجرت مناظرة في ذلك، أو جرى حوارٌ في ذلك بين الطحاوي وبين أحد العلماء في مصر من الحنفية، فقال الطحاوي في مسألة بغير قول الإمام أبي حنيفة، فذاك قال له: ألست من أتباع أبي حنيفة؟
    قال: بلى، ولكني لا أقَلِّدُهُ؛ لأنَّهُ لا يُقَلِّدُ إلا عصبي - يعني متعصباً -.
    فقال الآخر وغبي أيضاً - يعني لا يقلد من أهل العلم إلا عصبيٌ أو غبي -.
    فصارت الكلمة مثلاً في مصر تداولها الناس في مقولة هذين العالمين، وذلك يدل على تحرّي أبي جعفر الطحاوي للحق وعلى ابتغائه له.
    وهو في الفروع كما ذكرنا حنفي المذهب، وأما في الأصول ففي الجملة هو على مذهب أهل السنة والجماعة أتباع أهل الحديث والأثر إلا في مسائل تَبِعَ فيها مُرجئة الفقهاء.
    وفي جُمَلِ كلامه في هذه العقيدة يوافق معتقد السلف إلا في المواضع التي ذكر فيها مسألة الإيمان في تعريفه حيث قال (والإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان) وقال (وأهله في أصله سواء) وهذه من مقالة المرجئة، وقد ذكر هو في صدر عقيدته هذه أنَّ هذا الُمعتَقَد الذي كتبه هو اعتقاد أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، وهذا ظاهر فيما ذَكَرَ من مسألة الإيمان.
    * فنقول: هذا الكتاب -كما سيأتي- كتابٌ مشتملٌ على أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة بعبارةٍ حسنة جيدة وبتقريرٍ لها طيِّب، إلا في مسائل انتُقِدَتْ عليه.
    ولهذا كان بعض مشايخنا عافاهم الله وخَتَمَ لهم برضاه يقول: هذه عقيدة الطحاوي ولا يقال هذه عقيدة أهل السنة والجماعة إذا أُرِيدَ الجميع، لأنّه ثَمَّ مسائل خالف فيها معتقد أهل السنة والجماعة أتباع الحديث والأثر في الأصول وفي التعبير عن الاعتقاد كما سيأتي بيانه.
    وهذه العقيدة اهتَمَّ بها علماؤنا لأجْلِ شَرْحِهَا العظيم؛ وهو شَرْحُ ابن أبي العز الحنفي من تلامذة الحافظ ابن كثير صاحب شرح العقيدة الطحاوية المشهور بينكم.
    على أنَّ هذه العقيدة لها شروحٌ كثيرة، فالماتريدية شَرَحُوهَا بشروحٍ متنوعة، ووجَّهُوا الكلام فيها على معتقد أتباع أبي منصور الماتريدي.
    ولكن شرح ابن أبي العز وجَّهَهَا توجيهاً سلفيا تابِعَاً فيه طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية وطريقة ابن القيم - رحمهما الله تعالى - وأجاد في ذلك بحيث صار هذا الشرح مرجعاً في علم الاعتقاد بعامة، ودافع الشارح عن المصَنِّفْ الطحاوي في مواضع مما عبَّرَ فيه بغير ما ينبغي من التعبير أو فيما قرَّرَهُ في مسألة الإيمان، بما هو معروفٌ في موطنه وسيأتي بحثه إن شاء الله تعالى عند التعرض لعبارات المصنف.
    ****************
    **********
    ***
    هذا الكتاب أو هذه الرسالة والنبذة؛ العقيدة الطحاوية فيها كما ذكرنا ذِكْرُ الاعتقاد بعامة ولكنَّهُ أُخِذَ عليه أنه لم يُرَتِّبْهُ، ولهذا وقع الكلام على الصفات مُفَرَّقاً، ووقع الكلام على القدر مُفَرَّقَاً، ووقع الكلام على الإيمان مُفَرَّقاً، وهكذا في نظائر هذه المسائل.
    فهي كانت شبيهةً بالإملاء على ما جاء في قلب المؤلف رحمه الله وأجزل له المثوبة - دون ترتيبٍ علميٍ يجمَعُ المسائلَ بعضَهَا إلى بعض؛ يجمع النظير إلى نظيره، والشبيه إلى شبيهه.
    يُتبع بحول الله وقوته .
    والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

  • عبد السلام الأدنداني

    #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    ................ ولهذا وَقَعَ كلام الشارح علي بن علي بن أبي العز الحنفي وقَعَ كذلك تَبَعاً للأصل غير مرتَّبْ.
    وذَكَرَ في أواخر شرحه أنه تَمَنَّى أنْ لو رَتَّبَ هذا الشرح على ترتيب أركان الإيمان، ثم ما يتصل بذلك من الكلام، ليكون أبلغ في الانتفاع؛ فيجعل الكلام في الألوهية مُتَتَابِعَاً، والكلام في الصفات مُتَتَابِعَاً، والكلام في الإيمان مُتَتَابِعَاً، وفي القدر مُتَتَابِعَاً، وفي النبوات مُتَتَابِعَاً إلى آخر ذلك.
    وهذا لو حصل لكان أنفع وأدعى لاستحضار شرح تلك المسائل.
    هذه العقيدة أيضا على جلالتها ووَجَازَةِ ألفاظها تحتملُ شرحاً طويلاً كما صنع الشارح ابن أبي العز الحنفي، وتَحْتَمِلُ شَرْحَاً متوسطاً، وتحتمل شرحاً مُخْتَصَرَاً، ولما كُنَّا قد شرحنا عدداً من كتب العقيدة في سِنِيِّنَا التي مَرَّتْ، رأيت -والتوفيق بيد الله - عز وجل - أن أجعل الكلام عليها ليس على طريقة الشارح في الاستطراد في ذكر الشرح وإدخال المسائل بعضها في بعض، ولكن على طريقةٍ مرتبة متعلقة:
    - أولا: بألفاظ المُصَنِّفْ.
    - ثانياً: بالمسائل التي أورَدَهَا المُصَنِّفْ.
    - وثالثا: بتحقيق القول في أنَّ ما ذَكَرَهُ هو مذهب أهل السنة والجماعة.
    - ورابعا: في أدلة ما ذكره من المسألة.
    - خامسا: في ذِكرِ تفريعاتِ تلك المسألة على اعتقاد أهل الحديث والأثر.
    - وسادساً: في ذِكر الأقوال المخالفة؛ أقوال أهل الفِرَقْ، وأدلَّتِهَا والرد عليها.
    وكما تنظر في هذا التقسيم يحتمل تطويلاً كبيراً، ويحتمل توسطاً، ويحتمل اختصاراً.
    فأسأل الله - عز وجل - أن يوفقني لما ينفعكم وأن ينفعكم بما تسمعونه إن شاء الله وأرجوا أن يكون منكم الاجتهاد في متابعة الشرح والتَّفْرِيْعْ على هذه المسائل من جهة النظر في الشروح، وكلام شيخ الإسلام وابن القيم وأئمة الدعوة رحمهم الله تعالى جميعا؛ لأنَّ في بحثك بعد الدرس ومراجعتك للدرس ما يُؤَكِّدُ هذه المسائل ويُبَيِّنُهَا، لأنَّ التطويل والتفصيل قد يُذهِبُ بَعضُه بعضاً عند المبتدئ والمتوسط، لكن إذا راجعت وأكدت على نفسك بالمراجعة المستمرة الأسبوعية كان في ذلك إن شاء الله تعالى خير كثير واستحضارٌ لتلك المسائل.
    اللهم لا حول لنا ولا قوة إلا بك فهيِّئ لنا من أمرنا رشداً، اللهم لا يسير إلا ما يَسَّرْتْ، ولا سَهْلَ إلا ما جعلته سَهْلَاً، أنت تجعل الحزن إذا شئت سهلا.
    اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وسددنا في القول والفهم والعمل إنك على كل شيء قدير. نعم
    يُتبع بحول الله وقوته .
    والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    تعليق

    • عبد السلام الأدنداني

      #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
      قَالَ الْعَلَّامَةُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ أَبُو جَعْفَرٍ الْوَرَّاقُ الطَّحَاوِيُّ -بِمِصْرَ- رحمه الله:
      هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، عَلَى مَذْهَبِ فُقَهَاءِ الْمِلَّةِ: أَبِي حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ بْنِ ثَابِتٍ الْكُوفِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ- وَمَا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ، وَيَدِينُونَ بِهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ.
      _____________________
      هذه المقدمة اشتملت على مسائل:
      المسألة الأولى :
      أنَّ هذه عقيدة، والعقيدة فَعِيلَة بمعنى مَفْعُولْ؛ يعني مَعْقُودَاً عليه.
      والمسائل منقسمة إلى أخبار وأحكام كما قال - عز وجل -{ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا }[الأنعام:115].
      تمت كلمة الله على هذين القسمين : صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأوامر والنواهي .
      والأخبار يجب تصديقها.
      فما كان مرجعه إلى التصديق والإيمان به ولا دخل للعمليات به فإنه يُسَمَّى عقيدة؛ لأنّ مرجعه إلى علم القلب.
      فسُمِّي هذا عقيدة لأنه معقودٌ عليه القلب - يعني كأنَّهُ دخل إلى القلب فعُقِدَ عليه فلا يخرج منه من شدة الاستمساك به ومن شدة الحرص عليه - لأنْ لا يخرج أو ينفلت.
      وهذا اللفظ لفظ ( العقيدة ) كما ذكرتْ راجعٌ إلى علم القلب؛ لأنه هو الذي يُعْقَدُ الشيء الذي فيه، وأمَّا العمليات فهذه من الإيمان -كما هو معروف- لكن مورِدُهُا عمل الجوارح، لذلك لم تدخل في العقيدة.
      @ - @ - @ - @ - @ - @
      وهناك ألفاظ مرادفة للعقيدة للدلالة على ما ذكرنا وهي: التوحيد، السنة، الشريعة، وأشباه ذلك :
      - فمنها ما يكون مختصًّا بالعقيدة كالتوحيد.
      - ومنها ما يكون لها ولغيرها كالسنة والشريعة، فإنَّ لفظ الشريعة يشمل العقيدة أيضاً؛ لأنَّ الله عز وجل بَيَّنَ لنا أنَّ الأنبياء اجتمعوا على شريعةٍ واحدة فقال - عز وجل -{ شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ }[الشورى:13]، فهذه شريعةٌ أُجْمِعَ عليها بين المرسلين، والمقصود بها التوحيد والعقيدة الواحدة.
      وتأتي الشريعة ويُرَادُ منها العمليات كما قال - عز وجل - { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا }[المائدة:48]، وكما ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال ( الأنبياءُ إِخْوة لعَلاّتٍ الدين واحد والشرائع شَتّى )(1).
      @ - @ - @ - @ - @
      نخْلُصُ من ذلك إلى أنَّّ التصانيف في العقيدة قد تكون باسم: العقيدة أو باسم التوحيد أو باسم السنة أو باسم الشريعة كما هو موجودٌ فعلاً في تصانيف أئمة أهل السنة والجماعة.
      والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
      __________
      (1) البخاري (3443)/ مسلم (6279)

      تعليق

      • عبد السلام الأدنداني

        #4
        بسم الله الرحمن الرحيم
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
        الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
        يُستفاد من قراءة ما سبق :
        1 - العقيدة الطحاوية لها منزلة في قلوب علماء المسلمين .
        2 - علماء المسلمين يُعظمون الدليل ويُخالفون من خالف الدليل وإن كان هو الحبيب الخليل .
        3 - قال فضيلة الشيخ صالح الفوزان - أثابه الله تعالى - : العقيدة هي أساس الدين، وهي مضمون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والركن الأول من أركان الإسلام ، فيجب الاهتمام بها والعناية بها ومعرفتها، ومعرفة ما يخل بها، حتى يكون الإنسان على بصيرة، وعلى عقيدة صحيحة؛ لأنه إذا قام الدين على أساس صحيح صار ديناً قيماً مقبولاً عند الله، وإذا قام على عقيدة مهزوزة ومضطربة، أو عقيدة فاسدة، صار الدين غير صحيح، وعلى غير أساس، ومن ثم كان العلماء -رحمهم الله- يهتمون بأمر العقيدة ولا يفترون في بيانها في الدروس وفي المناسبات، ويرويها المتأخر عن المتقدم.
        والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
        يُتبع بحول الله وقوته .

        تعليق

        • عبد السلام الأدنداني

          #5
          بسم الله الرحمن الرحيم
          السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
          الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
          ** المسألة الثانية ** :
          قوله ( أهلُ السنَّة والجماعة ) أهل السنة والجماعة، هذا لفظٌ أُطْلِقَ في أواخر القرن الثاني الهجري على أتْبَاعِ الأثر والمخالفين للفِرَقْ المختلفة الذين خرجوا عن طريقة الصحابة والتابعين.
          وأول من استعمله بعض مشايخ البخاري - رحمهم الله تعالى - وجَمَعَ بين لفظين، بين (السنة) و( الجماعة )؛ لأنَّ هناك من يدَّعِي اتّباع السنة ولكنه لا يكون مع الجماعة، وهناك من يدعو إلى الجماعة بلا اتِّبَاعِ سنة.
          فصارت طريقة أهل الحديث والأثر أتباع السلف الصالح مشتملة على شيئين: اتِّبَاعْ السنة والجماعة.
          **************************
          *******************
          **********
          وكلٌ منهما في الحقيقة لازمٌ للآخر، فاتّباع السنة هو اتّباع الجماعة، واتّباع الجماعة هو اتّباع السنة، وذلك لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صَحَّ عنه في الحديث الذي في السنن أنه قال :( وَسَتَفْتَرِقُ هذه الأمَّة عَلَى ثلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً. كُلّهَا فِي النّارِ, إِلاّ وَاحِدَةً. وَهِيَ الْجَمَاعَةُ )(1).
          فصارت الفِرَقْ في النار؛ يعني مُتَوَعَّدَةْ بدخولها في النار، والناجية فرقة واحدة هي الجماعة، وهم المتبعون للسنة الممتثلون لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الْخُلفَاء الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيين مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكوا بها، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ )(2)... الحديث.
          *********************
          ***********
          *****
          وإذا أُفْرِدَ أهل السنة فقد يُطْلَقُ ويُرَادُ بهم ما يقابل الرافضة والشيعة.
          لأنَّ لفظ ( أهل السنة ) يطلق ويراد به ما يخالف التَّشيُّع، ويُطلق ويراد به أهل الحديث والأثر.
          ولهذا زادوا على السنة ( الجماعة )، مع أنَّ كلاً منهما ملازمٌ للآخر لأجل أن يكون هناك تحديد في الإطلاق، فيكون المراد بالإطلاق ما يخالف الفرق كلها: الرافضة والخوارج والجهمية، المرجئة والقدرية، والجبرية إلى آخر أصول الفرق.

          ***************
          وقد ذكرنا لكم في أول شرح الواسطية تفصيل معنى أهل السنة والجماعة، ومعنى الجماعة؛ وجماعة الدين وجماعة الأبدان بما يُرجع في ذلك إليه.

          ********************
          **********
          ***
          __________
          (1) أبو داوود (4596)/ الترمذي (2640)/ ابن ماجه (3993)
          (2) أبو داوود (4607)/ الترمذي (2676)/ ابن ماجه (42)
          ,الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ,السلام عليكم ورحمة الله وبركاته >

          تعليق

          • عبد السلام الأدنداني

            #6
            بسم الله الرحمن الرحيم
            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
            الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
            *عن معاوية بن أبي سفيان - رضي الله تعالى عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (سَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً : كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً ، وَهِيَ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي )وفي رواية : ( إن أهل الكتاب افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة )( صحيح/صححه الألباني - رحمه الله تعالى - شرح العقيدة الطحاوية )
            * سُئل سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
            ما المراد بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأمة حيث يقول في حديث : ( كلهم في النار إلا واحدة ) وما الواحدة ...؟ وهل الاثنان والسبعون فرقة كلهم خالدون في النار على حكم المشرك أم لا ...؟ وإذا قيل أمة النبي - صلى الله عليه وسلم - هل هذه الأمة تقال لأتباعه وغير الأتباع أو تقال لأتباعه فقط ...؟
            * فأجاب - رحمه الله تعالى - : المراد بالأمة في هذا الحديث : أمة الإجابة ، وأنها تنقسم ثلاثاً وسبعين اثنتان وسبعون منها منحرفة مبتدعة بدعاً لا تخرج بها من ملة الإسلام ، فتعذب ببدعتها وانحرافها إلا من عفا الله عنه وغفر له ، ومآلها الجنة ، والفِرقة - الطائفة من الناس - الواحدة الناجية هي أهل السنة والجماعة الذين استنُّوا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ولزِموا ما كان عليه هو وأصحابه رضي الله عنهم ، وهم الذين قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةً ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ ) . أما من أخرجته بدعته عن الإسلام ، فإنه من أمة الدعوة لا الإجابة ، فيخلد في النار ، وهذا هو الراجح .
            وقيل : المراد بالأمة في هذا الحديث : أمة الدعوة ، وهي عامة تشمل كل من بُعث إليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - مَن آمن منهم ومن كفر ، وفى الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( لا يسمع بي رجل من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار ) ( صحيح/صححه الألباني - رحمه الله تعالى – شرح العقيدة الطحاوية)
            والمراد بالواحدة : أمة الإجابة وهي خاصة بمن آمن بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إيماناً صادقاً ، ومات على ذلك ، وهذه هي الفرقة الناجية من النار ، إما بلا سابقة عذاب ، وإما بعد سابقة عذاب ، ومآلها الجنة .
            * الاثنتان والسبعون فِرقة كلها كافرة مخلدة في النار *
            * وأما الاثنتان والسبعون فِرقة فهي ما عدا الفرقة الناجية ، وكلها كافرة مخلدة في النار وبهذا يتبين أن أمة الدعوة أعمُّ من أمة الإجابة ، فكل من كان من أمة الإجابة فهو من أمة الدعوة ، وليس كل من كان من أمة الدعوة من أمة الإجابة ..اهـ بتصرف . فيا من تاب الله تعالى عليه ، انظر مع من تصلي ، ومن تسأل في أمر دينك ، احذر الجُهال ، وأهل البدعة ، وأصحاب الهوى ، احذر الفِرق الضالة ، ودعاة الضلال ، عن عائشة رَضِي الله عنها ، قَالَتْ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( مَنْ أحْدَثَ في أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ وفي رواية لمسلم : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيهِ أمرُنا فَهُوَ رَدٌّ ) .
            ,الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

            تعليق

            • عبد السلام الأدنداني

              #7
              بسم الله الرحمن الرحيم
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
              ** المسألة الثالثة **
              أنّ هذه العقيدة التي ذكرها الطحاوي - رحمه الله - بُنيت على مذهب فقهاء الملة:
              أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن.
              وهؤلاء عند أهل الحديث والأثر وافقوا السنة والجماعة في أكثر المسائل، لكنَّهُم خالفوهم في أصلٍ عظيمٍ من أصول الدين ألا وهو الإيمان، ولهذا أُطْلِقَ عليهم مرجئة الفقهاء.
              فهُم مرجئة لأنَّ كلامهم في الإيمان كلام المرجئة لأنهم أرجَؤُوا العمل عن مسمى الإيمان، وقالوا : ( إنّ أهله في أصله سواءوقيل لهم مرجئة الفقهاء؛ لأنهم فقهاء، اشتهروا بذلك.
              فإذن يظهر من هذا التقديم أنَّ هذا المُؤَلَّفْ مبنِيٌّ على كلام أهل السّنة والجماعة بعامة، وعلى مذهب مرجئة الفقهاء في الإيمان بخاصة.
              *********************
              ************
              *****
              وهذا هو الواقع فِعلاً؛ فإنَّ كلامه في الإيمان هو كلام المرجئة.
              فإذاً قوله ( أهل السنة والجماعة ) يُدخِل فيهم المرجئة؛ مرجئة الفقهاء.
              وهذا منه يدل على أنَّ مدلول ( أهل السنة والجماعة ) يشمل أهل الحديث والأثر ويشمل الماتُريدية والأشاعرة، وهذا باطل.
              @ - @ - @ - @
              وهذا القول صَرَّحَ به بعض الشُّرَّاحْ من المتقدمين ومن المتأخرين كالسَّفَّاريني في ( لوامع الأنوار )(1) حيث قال في فصلٍ له : ( اعلم أنَّ أهل السنة والجماعة ثلاث طوائف؛ أهل الحديث والأثر ، والأشاعرة ، والماترودية ).
              وهذا باطِلٌ؛ لأنَّ أهل السنة والجماعة هم الذين أخذوا بالسنة والجماعة في كل أصول المسائل.
              وأعظم المسائل التي حصل فيها الاختلاف أولاً هي مسألة الإيمان ومسائل الأسماء والأحكام، فخالَفَ فيها الخوارج، كما هو معلوم، ثم تَبِعَ ذلك ظهور المرجئة إلى آخر ما حصل.
              ************************
              ******************
              ***********
              فإذاً هذه المسألة - مسألة الإيمان - من مسائل الأصول العظيمة فلا يكون من نفاها - يعني من نفى دخول العمل في مسمى الإيمان - على طريقة أهل السنة والجماعة أتباع الحديث والأثر؛ لمخالفة قولهم للنصوص الكثيرة الدالة على أنَّ العمل من الإيمان كما سيأتي تقريره في موضعه إن شاء الله تعالى.
              والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
              __________
              (1) لوائح الأنوار البهية. كما في المنجد في اللغة والأعلام.

              تعليق

              • عبد السلام الأدنداني

                #8
                بسم الله الرحمن الرحيم
                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
                ** المسألة الرابعة **
                قوله : ( وما يعتقدون من أصول الدِّين ) هذه الكلمة ( أصول الدِّين ) يُعبَّرُ بها عن العقيدة لأنَّ التعبير عن العقيدة صار فيه اشتراك.
                فيُعَبَّر عنها - عن العقيدة - عند أهل الحديث بما ذكرنا لك من العبارات: العقيدة، السنة، التوحيد، الشريعة، وعَبَّرَ عنها المخالفون بِعِلْمِ الكلام.
                والذين تركوا الفلسفة وما أصَّلَهُ علماء الكلام في بيان العقيدة إلى ما دَلَّ عليه كلام مُعَظَّمِيهم كالأشعري والماتريدي عَدَلُوا عن ( علم الكلام ) إلى ( أصول الدين ).
                لأنَّ كلمة أصول الدين فيها مخالفة للفظ علم الكلام المذموم، وفيها تَوَسُطْ ما بين الألفاظ الشرعية ( السنة، العقيدة، التوحيد، الشريعة ) وما بين قولهم: علم الكلام.
                فأَتوا بهذا اللفظ الذي هو بيْن اللفظين.
                ولهذا نقول هذا اللفظ إن كان دليله ومَأخَذُهُ هو مَأْخَذْ التوحيد والسنة والعقيدة والشريعة فلا بأس باستعماله، ولهذا يستعمله أهل السنة والجماعة، ويريدون به المعنى الصحيح وهو أنَّ ( أصول الدين ) المقصود بها أصول الإيمان الستة وما يَنْدَرِجُ في ذلك من المسائل الأصلية والتّبَعِيَّة.
                فكلمة ( أصول الدين ) كلمة مُرَكَّبَة مُضَافَةْ، ولذلك يقولون هي مُرِكَّبٌ إضافي؛ أُضيف فيه الأصل إلى الدين.
                و( أصول الدين ) كلمة معناها العقيدة.
                يريدون بكلمة ( أصول ) ما يخالف الفروع وهي العمليات.
                *****************
                ******
                وإذا كان اللفظ محدثا أو مُصطَلحاً عليه فنقول لا مُشَاحَّةَ في الاصطلاح إذا كان لم يختص به أهل البدع، فاستعمله طائفة من علماء الحديث والسنة ويعنون به ما دلت عليه الألفاظ الشرعية؛ العقيدة، السنة، التوحيد، الشريعة.
                فإذن ( وما يعتقدون من أصول الدين ) يعني المقصود بها : أصول الإيمان المعروفة، وما يتصل بذلك من مباحث، وما خالف فيه أهل السنة أهل البدعة.
                والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

                تعليق

                • عبد السلام الأدنداني

                  #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عبد السلام الأدنداني
                  .........وهذه العقيدة اهتَمَّ بها علماؤنا لأجْلِ شَرْحِهَا العظيم؛ وهو شَرْحُ ابن أبي العز الحنفي من تلامذة الحافظ ابن كثير صاحب شرح العقيدة الطحاوية المشهور بينكم.
                  المشاركة الأصلية بواسطة عبد السلام الأدنداني

                  ........... ولكن شرح ابن أبي العز وجَّهَهَا توجيهاً سلفيا تابِعَاً فيه طريقة شيخ الإسلام ابن تيمية وطريقة ابن القيم - رحمهما الله تعالى - وأجاد في ذلك بحيث صار هذا الشرح مرجعاً في علم الاعتقاد بعامة،
                  وقال الشيخ صالح الفوزان - أثابه الله تعالى - :
                  وكتبت عليها - العقيدة الطحاوية - شروح، حوالي سبعة شروح، ولكن لا تخلو من أخطاء؛ لأن الذين ألفوها كانوا على منهج المتأخرين، فلم تخل شروحهم من ملاحظات ومخالفة لما في عقيدة الطحاوي، إلا شرحاً واحداً فيما نعلم، وهو شرح العز بن أبي العز رحمه الله(1)، المشتهر بشرح الطحاوية، وهذا من تلاميذ ابن كثير فيما يظهر، وقد ضمن شرحه هذا منقولات من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، ومن كتب ابن القيم، ومن كتب الأئمة، فهو شرح حافل، وكان العلماء يعتمدون عليه ويعتنون به؛ لنقاوته وصحة معلوماته، فهو مرجع عظيم من مراجع العقيدة .

                  ***************

                  والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

                  __________

                  (1) هو الإمام العلامة صدر الدين أبو الحسن علي بن علاء الدين علي بن محمد بن أبي العز الحنفي الأذرعي الصالحي نشأ رحمه الله في أسرة ذات نباهة وذكر وتتلمذ على الحافظ ابن كثير ونصر أقوال ابن تيمية وابن القيم رحمهم الله جمعياً.

                  تعليق

                  • عبد السلام الأدنداني

                    #10
                    بسم الله الرحمن الرحيم
                    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
                    انتسب إلى أبي الحسن الأشعري في هذا العصر كثير من المسلمين ، وأطلقوا على أنفسهم الأشاعرة نسبة إليه ، وادعوا أنهم ملتزمون بما هو عليه في الاعتقاد وخاصة في مسائل الصفات ، والحق أنهم لم يأخذوا بالعقيدة التي اعتنقها إمامهم في نهاية حياته كما في كتاب ( الإبانة ) و ( المقالات ) ، ومن العجيب أنهم زعموا أن الإمام أبا الحسن الأشعري ألف كتابه ( الإبانة ) مداراة للحنابلة وتقية ، وخوفا منهم على نفسه .

                    ***********************
                    وهذا كلام فيه نظر ، بل إنه جد خطير ، إذ إن فيه قدحا في الإمام أبي الحسن الأشعري واتهاما له بأنه يبدل عقيدته - في الظاهر - على حسب الأحوال والملابسات ، أو مجاراة للتيارات الفكرية السائدة ، وهذه مسألة خطيرة ، فالغاية لا تبرر الوسيلة عند أهل الحق ، وينبغي للإنسان أن يحسن الظن بأمثال الإمام في هذا ، بل إنني أجزم ببطلان هذا الزعم في حق الإمام الجليل ، إذ إنه لا يمكن أن يداري أو يجاري في عقيدته ، وهي مدار السلامة وهي العقد بينه وبين الله تعالى ، ولا يفعل هذا إلا الموغلون في البدعة ، والذين ليسوا على رسوخ في عقيدتهم وثقة بما هم عليه ، كأمثال الباطنية وغيرهم . ثم إن الحنابلة لم تكن لهم سلطة يمكن أن تلحق الأذى بالإمام ، بل كان في أيامه كثيرون من المبتدعة المعاندين ، ولم ينزل بهم بطش الحنابلة وبأسهم ، فهذه دعوى باطلة مردودة .
                    والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
                    انظر / ( اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث ) .

                    تعليق

                    • عبد السلام الأدنداني

                      #11
                      بسم الله الرحمن الرحيم
                      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                      الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
                      يقول فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله تعالى - :

                      نَقُولُ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ -مُعْتَقِدِينَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ- إِنَّ اللَّهَ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ.
                      ________________________________________________

                      قوله : ( نقُولُ ) هذا لأنه لا يُكْتَفَى في الاعتقاد باعتقاد القلب؛ بل لا بد من قول اللسان.
                      وأعظم قول اللسان وكافِيْهْ شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، لأنَّ العقيدة الصحيحة اعتقادٌ بالجنان، وقولٌ باللسان حتى يكون الإيمان صحيحاً، ثم امتثال العمليات في الأمر والنهي.


                      وقوله : ( مُعتَقدينَ ) هذه حال من ( نقُولُ ) يعني : أقول حَالَةَ كوني معتقدا هذا الكلام، عاقدا عليه قلبي، غير متردد فيه ولا مرتاب.
                      فـ( مُعتَقدينَ ) ولو تأخرت فهي حال من الضمير في ( نقُولُ ).


                      وقوله : ( بتوفيق الله ) هذه استعانة بالله - عز وجل - أنْ يوفقه في القول الحق في ذلك.
                      والتوفيق اختلفت فيه التفسيرات بما سيأتي بيانه إن شاء الله مفصلاً في ذكر مسائل القدر، فأهل السنة لهم تفسير للتوفيق وللخذلان، وأهل البدع كلٌ له مَشْرَبُه في تفسير التوفيق والخذلان.
                      قال : ( نقُولُ في تَوحيدِ الله مُعتَقدينَ بتوفيق الله : إنَّ الله واحدٌ لا شريكَ لَهُ ) اشتملت هذه الجملة على ذِكر التوحيد وعلى تفسيره.


                      وكلمة ( التوحيد ) هذه مصدر: وَحَّدَ، يُوَحِّدُ، تَوْحِيدًا؛ يعني جَعَلَ الشيء واحداُ.

                      قد جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حديث معاذ : ( إنّك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أنْ يوحدوا الله ) ، وجاء أيضًا في قول الصحابي رضي الله عنه ( فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد ) في قوله : لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك -التلبية المعروفة في أول الحج-، ( فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد )، فإذاً كلمة ( التوحيد ) جاءت في السنة.
                      ومعنى التوحيد كما ذكرنا جعل الشيء واحداً في اللغة، فتوحيد الله معناه أنْ تجعل الله واحداً.
                      واحِدْ فيما وحَّدَ الله - عز وجل - نفسه فيه فيما دلت عليه النصوص.
                      والنصوص دلَّت على أنَّ الله واحدٌ في ربوبيته، واحدٌ في إلهيته، واحدٌ في أسمائه وصفاته.
                      فالتوحيد إذاً في الكتاب والسنة راجع إلى توحيد الربوبية، توحيد الإلهية، توحيد الأسماء والصفات، وهذا على التقسيم المشهور.

                      وقَسَمَهُ بعض أهل العلم إلى تقسيمٍ آخر وهو أنَّ توحيد الله ينقسم إلى قسمين؛ ينقسم:
                      - إلى توحيدٍ في المعرفة والإثبات.
                      - وإلى توحيدٍ في القصد والطلب.

                      وعَنَى بقوله : ( في المعرفة والإثبات ) في معرفة الله - عز وجل - بأفعاله، وهذا هو الربوبية .
                      و( الإثبات ) له فيما أثبت لنفسه، وهذا هو الأسماء والصفات.
                      وقوله : ( في القصد والطلب ) وهو توحيد الإلهية.

                      وتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام: الربوبية والألوهية والأسماء والصفات جاء في عبارات المتقدمين من أئمة الحديث والأثر، فجاء عند أبي جعفر الطبري في تفسيره وفي غيره من كتبه، وفي كلام ابن بطة، وفي كلام ابن منده، وفي كلام ابن عبد البر، وغيرهم من أهل العلم من أهل الحديث والأثر، خلافاً لمن زعم من المبتدعة أنَّ هذا التقسيم أحدثه ابن تيمية، فهذا التقسيم قديم يعرفه من طالع كتب أهل العلم التي ذكرنا.

                      ** إذا تقرر ذلك **

                      فمعنى توحيد الربوبية: اعتقاد أنَّ الله واحدٌ في أفعاله سبحانه لا شريك له.

                      وأفعال الله - عز وجل - منها خَلْقُه سبحانه، ومنها رَزْقُهُ وإحياؤه وإماتته وتدبيره للأمر وإغاثته للناس ونحو ذلك

                      يعني أنَّ توحيد الربوبية راجعٌ إلى أفراد الربوبية التي هي السيادة والتصرف في الملكوت.
                      فكل ما رَجَع إلى السيادة والتصرف في الملكوت رجع إلى توحيد الربوبية.

                      فالإيمان بتوحيد الربوبية معناه : أنَّهُ إيمانٌ بأنَّ الله وحده لا شريك له هو المتصرف في هذا الملكوت أمْرَاً ونهياً، هو الخالق وحده، وهو الرَّزَاقُ وحده، وهو المحيي المميت وحده، وهو النافع الضار وحده، وهو القابض الباسط وحده في ملكوته، إلى آخر مفردات الربوبية، كما قال - عز وجل - { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ }[يونس:31]، فأثبت أَنَّهُم أقروا بالرُّبُوبِيَّة، وأنْكَرَ عليهم أنهم لم يتقوا الشرك به وتَرْكَ توحيد الإلهية.


                      وتوحيد الإلهية : هو توحيد الله بأفعال العبيد.


                      التوحيد في القصد والطلب؛ بأن يُفْرِدَ العبد ربه - عز وجل - في إنابته وخضوعه ومحبته ورجائه، وأنواع عبادته من صلاته وزكاته وصيامه ودعائه وذبحه ونذره إلى آخر أفراد العبادة بما هو معلوم في توحيد الإلهية .

                      ** يُتبع بحول الله وقوته **

                      والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
                      __________
                      (1) البخاري (1496) / مسلم (130)
                      (2) مسلم (3009)/ ابن ماجه (3074)

                      تعليق

                      • عبد السلام الأدنداني

                        #12
                        بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

                        ** فوائد توضح ما سبق ذكره **

                        - أن أقسام التوحيد ثلاثة وذلك بالاستقراء من كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، وهذا ما تقرر عليه مذهب أهل السنة والجماعة، فمن زاد قسماً رابعاً أو خامساً فهو زيادة من عنده؛ لأن الأئمة قسّموا التوحيد إلى أقسام ثلاثة من الكتاب والسنة.

                        - وأن كل آيات القرآن والأحاديث في العقيدة لا تخرج عن هذه الأقسام الثلاثة.

                        - وأن توحيد الربوبية : وهو توحيد الله تعالى وإفراده بأفعاله: كالخلق، والرزق، والإحياء والإماتة، وتدبير الكون، فليس هناك رب سواه سبحانه وتعالى، رب العالمين .

                        * كل الآيات التي تتحدث عن أفعال الله فإنها في توحيد الربوبية .

                        - وأن توحيد الألوهية أو توحيد العبادة؛ لأن الألوهية معناها عبادة الله عز وجل بمحبته وخوفه ورجائه، وطاعة أمره، وترك ما نهى عنه فهو إفراد الله تعالى بأفعال العباد التي شرعها لهم.

                        * كل الآيات التي تتحدث عن العبادة والأمر بها والدعوة إليها فإنها في توحيد الألوهية.

                        - وأن توحيد الأسماء والصفات: وهو إثبات ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات، وتنزيهه عما نزّه عنه نفسه، ونزّهه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم من العيوب والنقائص.

                        * كل الآيات التي تتحدث عن الأسماء والصفات لله عز وجل فإنها في توحيد الأسماء والصفات.

                        والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

                        تعليق

                        مواضيع ذات صلة

                        تقليص

                        المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                        ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
                        ردود 0
                        51 مشاهدات
                        0 ردود الفعل
                        آخر مشاركة عطيه الدماطى
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
                        ردود 0
                        50 مشاهدات
                        0 ردود الفعل
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                        ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
                        ردود 0
                        78 مشاهدات
                        0 ردود الفعل
                        آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                        بواسطة *اسلامي عزي*
                        ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
                        ردود 0
                        87 مشاهدات
                        0 ردود الفعل
                        آخر مشاركة صلاح عامر
                        بواسطة صلاح عامر
                        ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
                        ردود 0
                        76 مشاهدات
                        0 ردود الفعل
                        آخر مشاركة صلاح عامر
                        بواسطة صلاح عامر
                        يعمل...