** مع العلماء الربانيين ،،،

تقليص

عن الكاتب

تقليص

عبد السلام الأدنداني
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 0 (0 أعضاء و 0 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عبد السلام الأدنداني

    ** مع العلماء الربانيين ،،،

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أنا زعيم ببيت في رَبَض الجنة لمن ترك المِراء وإن كان محقاً ) ([1])

    (2) حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داوود


    وربض الجنة : هو بفتح الراء و الباء .. هو ما حولها فالربض هنا حوالي الجنة وأطرافها لا في وسطها وفي رواية ( من ترك المِراء وهو محق بني له بيت في وسط الجنة ) فعلى طالب العلم أن يبتعد عن الجدال عن المِراء حتى لا يؤخر نفسه عن الخير فإن المراء والجدال سبب من أسباب قساوة القلب وحصول الحقد والحسد والغل في القلوب قال سليمان بن داوود عليه السلام لابنه يا بني ، إياك والمراء فإن نفعه قليل وهو يهيج العداوة بين الإخوان .
    ****************************
    *****************
    ***********
    وقال العباس بن غالب الهمذاني الوَرَّاقُ – رحمهم الله تعالى -: قلت لأحمد بن حنبل – رحمهم الله تعالى - يا أبا عبد الله ،أكون في المجلس ليس فيه من يعرف السنة غيري فيتكلم مبتدع أردُّ عليه ...؟
    فقال : لا تنصب نفسك لهذا أخبره بالسنة ولا تخاصم ، فأعدت عليه القول فقال : ما أراك إلا مخاصمًا . **************************
    وقيل للحسن البصري – رحمه الله تعالى - : كلما جاء رجل أجدل من رجلِ تركنا ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم
    ** الرسول صلى الله عليه وسلم يحذِّر طلاّب العلم من الجدال والمراء **
    * قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِىَ بِهِ الْعُلَمَاءَ وَيُمَارِىَ بِهِ السُّفَهَاءَ وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ ) وفي رواية :عن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( لاَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلاَ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلاَ تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ ) وفي رواية عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ : ( لاَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِتَصْرِفُوا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ) ([1]) قال العلماء – رحمهم الله تعالى - مباهات العلماء – رحمهم الله تعالى - أن يظهر لهم أنه يعرف ما يعرفون ، ويدرك ما لا يدركون من المعاني والاستنباطات ، وأنه يستطيع أن يرد عليهم ، ويبين أنهم يخطئون .
    - عن أبي هريرة ** _ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لاَ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ وَلاَ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ وَلاَ تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ ) ([2])
    وعن ابن سيرين قال : إني لأدع المراء وإني لأعلمكم به .
    وقد جاء في تفسير قوله تعالى { فأما الذين في قلوبهم زيغ } يعني حب الجدل .
    وقال الأوزاعي : المنازعة والجدال في الدين محدث .
    - واعلم أنك متى تدبرت سيرة الصحابة ومن بعدهم من السلف الصالح وجدتهم ينهون عن جدال أهل البدعة بأبلغ النهي ولا يرون رد كلامهم بدلائل العقل
    ** حقيقة الجدال والمِراء كما بينه العلماء *
    قال العلماء رحمهم الله تعالى : حَدُّ المراء ([3]) هو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما في اللفظ وإما في المعنى وإما في قصد المتكلم وترك الكلام بترك الإنكار والاعتراض فكل كلام سمعته فإن كان حقاً فصدِّق به وإن كان باطلاً أو كذباً ولم يكن متعلقاً بأمور الدين فاسكت عنه ، والطعن في كلام الغير تارةً يكون في لفظة بإظهار خلل فيه من جهة النحو أو من جهة اللغة أو من جهة العربية أو من جهة النظم والترتيب بسوء تقديم أو تأخير وذلك يكون تارةً من قصور المعرفة وتارةً يكون بطغيان اللسان وكيفما كان فلا وجه لإظهار خلله .
    وأمّا في المعنى ، فبأن يقول : ليس كما تقول وقد أخطأت فيه من وجه كذا وكذا .
    وأما في قصده فمثل أن يقول : هذا الكلام حق ولكن ليس قصدك منه الحق وإنما أنت فيه صاحب غرض وما يجري مجراه وهذا الجنس إن جرى في مسألة علمية ربَّما خُصَّ باسم الجدل وهو أيضاً مذموم بل الواجب السكوت أو السؤال في معرض الاستفادة لا على وجه العناد والإنكار أو التلطُّف في التعريف لا في معرِض الطَّعنِ .
    وأما المجادلة ([4]) : فعبارة عن قصد إفحام الغير وتعجيزه وتنقيصه بالقدح في كلامه ونسبته إلى القصور والجهل فيه ، وآية ذلك أن يكون تنبيهُه للحق من جهةٍ أخرى مكروهاً عند المجادلة يُحبُّ أن يكون هو المُظهر له خطأَهُ ليبيِّن به فضل نفسه ونقص صاحبه ولا نجاة من هذا إلا بالسكوت عن كل ما لم يأثم به لو سكت عنه .
    *************************
    *****************
    ************
    ** الباعث على المِراء والجدال *
    وأمّا الباعث على هذا فهو الترفع بإظهار العلم والفضل والتهجم على الغير بإظهار نقصه وهما شهوتان باطنتان قويتان لها أما إظهار الفضل فهو من قبيل تزكية النفس وهي من مقتضى ما في العبد من طغيان دعوى العُلُوِّ والكبرياء وهي من صفات الربوبية وأما تنقيص الآخر فهو من مقتضى طبع السَّبُعيَّة فإنه يقتضي أن يمزق غيره ويقصمه ويصدمه ويؤذيه .
    وهاتان صفتان مذمومتان مهلكتان وإنما قوّتهما المراء والجدال ، فالمواظب على المراء والجدال مُقوٍّ لهذه الصفات المهلكة وهذا مجاوز حدّ الكراهية، بل هو معصية مهما حصل فيه إيذاء للغير ولا تنفك الممارة عن الإيذاء وتهييج الغضب وحمل المعترض عليه أن يعود فينصر كلامه بما يُمكنه من حق أو باطل ويقدح في قائله بكل ما يُتصوَّر له فيثور الشجار بين المتمارين كما يثور الهِراش بين الكلبين يقصد كل منهما أن يعض صاحبه بما هو أعظم نكاية وأقوى في إفحامه وإلجامه
    ***********************************
    ** علامات وإمارات المماراة والجدال *
    قال الفقيه العلامة محمد المختار الشنقيطي - حفظه الله تعالى - ومن إمارات وعلامات المماراة والمجادلة للعلماء : أن تجد طالب العلم إذا ذكرت أمامه مسألة يُشكك ويعترض، ويقول: هذا لا يستقيم، هذا لا يصير، هذا كذا، هذا كذا، وهو لم يفقه بعد، ولم يراجع المسألة، ويعرف وجه مأخذ العالم ودليله.
    ولذلك قالوا: من كان ديدنه مجادلة العلماء لم يأمن أن يرد آية أو حديثاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيهلك، ناهيك عن محق بركة علمه.
    ولذلك ذكروا في ترجمة أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف رحمه الله، وكان وعاءً من أوعية العلم في الحديث والفقه ، حتى كانت له اجتهادات انفرد بها، هذا العالم - رحمه الله تعالى- ، كاد أن يكون مغموراً ولم يشتهر علمه، والسبب -كما ذكره من ترجم له- أنه كان كثير الاعتراض والتعنت لابن عباس رضي الله عنهما.
    عن الزهري قال: كان أبو سلمة يماري ابن عباس، فحرم بذلك علمًا كثيرًا.
    وكان لبعض مشايخنا منهجًا تربويًا لطلابه؛ يستحب عدم مناقشة الطلاب في مجلس العلم، ويترك للطلاب أن يتناقشوا فيما بينهم، ثم إذا لم يستطيعوا حلّ الإشكال رجعوا إليه؛ لأن ذلك ربما جرّأ السفلة والرعاع والمبتدئين على عدم إجلال وتقدير واحترام العلم، وربما أدى إلى كسر هيبة العلماء في النفوس.
    ما كنا - والله- نعرف سوء الأدب والاعتراض على العالم في مجلس العلم، ولا حرج في المناقشة التي تدل على حُبّ الفهم ومعرفة الحق والاقتناع بالدليل ومعرفة التفصيل؛ لأنه لا يمكن ضبط العلم إلا بها،ولكن تكون بأصول وضوابط شرعية سامية، تصون حرمة العلم وقدر العلماء.
    ومن علامة مماراة العالم ومجادلته : الإتيان بمسألة غريبة يستشكل بها في المجلس أمام العامة، فيظهر أنه ذلك الذي يعرف الأصول والضوابط ويفهمها‍‍‍‍‍‍.
    وكم من استشكالات وردت علينا أمام العلماء - رحمهم الله تعالى - ، انتظرنا وراعينا فيها الأدب في المجلس وحفظ حرمة العلماء ، حتى فتح الله علينا ، فقرأنا ما يزيلها ويجليها لنا .
    أعرف مسألة ، مكثت فيها أكثر من عشر سنوات أسأل العلماء عن دليلها ، ما وجدتها إلا في مخطوطة للإمام ابن العربي – رحمه الله تعالى - في شرح الموطأ لها دليل من الكتاب انتهى
    ** سؤال وجواب *
    فإن قلتَ : فإذا كان للإنسان حق فلا بد من الخصومة في طلبه أو في حفظه مهما ظلمه ظالم فكيف يكون حكمه ...؟ وكيف تُذَمُّ خصومته ...؟
    - فاعلم أن هذا الذم يتناول الذي يخاصم بالباطل والذي يخاصم بغير علم ويتناول الذي يمزح بالخصومة بكلمات مؤذية ليس يُحتاج إليها في نصرة الحُجة وإظهار الحق ويتناول الذي يحمله على الخصومة محض العناد لقهر الخصم . وأما المظلوم الذي ينصر حجته بطريق الشرع من غير لدٍ وإسراف وزيادة لجاج على قدر الحاجة من غير قصد عنادٍ وإيذاء ففعله ليس بحرام ولكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلاً فإن ضبط اللسان في الخصومة على حدِّ الاعتدال متعذِّر([5])

    (1) رواه ابن ماجه وصححه الألباني - رحمهما الله تعالى - .

    (2) رواه أبو داود وابن ماجة وصححه ابن حيّان

    (4) المراء : طعن في كلام الغير بإظهار خلل فيه من غير أن يرتبط بع غَرَض سوى تحقير الغير وإظهار مزية الكياسة



    ( 1 ) فضل العلم وآداب طلبته وطرق تحصيله وجمعه لفضيلة الشيخ محمد بن سعيد بن رسلان حفظه الله بتصرف
  • عبد السلام الأدنداني

    #2
    ** مع العلماء الربانيين ،،،

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    * احذر الغرور – احذر العجب يا طالب العلم .:
    قال الكسائي - رحمه الله تعالى - صَلَّيتُ بهارون الرشيد – رحمه الله تعالى – فأعجبتني قراءتي فغلطت في آية ما أخطأ فيها صبي قط أردت أن أقول لعلهم يرجعون - فقلت لعلهم يرجعين - فوالله ، ما اجترأ هارون أن يقول : أخطأت ولكنه لما سلّم - - قال: أيُّ لغةٍ هذه ؟
    - قلت : يا أمير المؤمنين : قد يعثُرُ الجوادُ
    - قال : أما هذه فنعم .
    * واجتمع مرة الكسائي واليزيدي – رحمه الله تعالى – عند الرشيد فحضرت صلاة فقدموا الكسائي يصلي فارتجّ عليه قراءة فقال اليزيدي قراءة قل يا أيها ترتج على قارئ الكوفة و قال : ابن الدُّورقي راوي القصة – فحضرت صلاة فقدموا اليزيدي فارتجّ عليه الحمد – أي سورة الفاتحة – فلما سلم قال الكسائي – رحمه الله –
    احفظ لسانك لا تقول فتبتلى إن البلاء موكّلُ بالمنطق [1]
    فلا تظهر الشماتة بأخيك المسلم فإن الله تعالى لا يحب ذلك وعند الترمذي – الله تعالى – ( لا تظهر الشماتة لأخيك فيرحمه الله ويبتليك ) ([2]) فطالب العلم الذي نوّر الله بصيرته بعيد عن العُجب بعيد عن الغرور بعيد عن كل خلق مذموم وقد لا يسلم طالب العلم إن دخله العُجب والغرور من بلاء يحل به قد يكون سبباً في تأخره في العلم نسأل الله السـلامة والعافيــة
    *****************************
    ******************************
    *************************
    ********************
    * ذكر الشيخ محمد المختار الشنقيطي – حفظه الله تعالى – قصة طالب علم أصيب بداء العجب والغرور فعاقبه الله – عز وجل - بنسيان العلم وحرمه من الفهم للحظات حتى تدارك هذا الطالب نفسه بالتوبة والاستغفار فعفي عنه الملك سبحانه وتعالى وأعاد إليه ذاكرته التي حُرم منها لغروره وعُجبه نسأل الله الهدى والسداد قال - حفظه الله تعالى - : يقول أحد الشباب الأخيار دخلت يوما الامتحان وكنت له متقناً – تأمل يا طالب العلم – وكنت له متقناً فجاءني الغرور وقلت هل هناك سؤال في المقرر لا أستطيع أن أُجيب عنه وكان الاختبار في شدة البرد إلا أنني كنت أتصبب عرقاً من الخوف فما أن استلمت ورقة الأسئلة وإذا بي والله لا أعرف شيئاً ومضى على ذلك فترة فتذكرت أنني اغتررت واتكلت على حولي وقوتي فما هي إلا لحظات حتى استغفرت الله وتبت إليه ففتح علي في الإجابة ([3])
    والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
    (1) معرفة القراء الكبار للذهبي – رحمه الله تعالى - .

    (2) ومعنى الشماتة : الفرح ببلية الغير والحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

    (1) وقفة مع نهاية العام . بتصرف

    تعليق

    • عبد السلام الأدنداني

      #3
      ** مع العلماء الربانيين ، والتحذير من أكل لحوم العلماء العاملين بالكتاب وصحيح السنة (

      بسم الله الرحمن الرحيم
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
      * أسباب أكل لحوم العلماء العاملين بالكتاب وصحيح السنة *
      1- الغَيرَة والغِيرة :
      أما الغَيرَة - بالفتح - فهي محمودة ، وهي : أن يغار المرء وينفعل من أجل دين الله، وحرمات الله - جل وعلا- لكنها قد تجر صاحبها - إن لم يتحرز- شيئا فشيئًا حتى يقع في لحوم العلماء من حيث لا يشعر .
      وأما الغِيرَة - بالكسر- فهي مذمومة وهي قرينة الحسد ، والمقصود بها هو : كلام العلماء بعضهم في بعض من ( الأقران ) . قال سعيد بن جبير - رحمه الله تعالى -: استمعوا لعلم العلماء ، ولا تصدقوا بعضهم على بعض ، فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرًا من التيوس في ضرابها . أي : استفيدوا من علم العلماء ، ولكن لا تصدقوا كلام العلماء بعضهم على بعض ، من الأقران .
      ولذلك قال الذهبي - رحمه الله تعالى - : كلام الأقران بعضهم في بعض لا يعبأ به،لاسِيما إذا كان لحسدٍ أو مذهب أو هوى .
      2- الحسد :
      قال أبو حاتم - رحمه الله تبارك وتعالى - : الواجب على العاقل مجانبة الحسد على الأحوال كلها: فإن أهون خصال الحسد هو : ترك الرضا بالقضاء، وإرادة ضد ما حكم الله – تبارك وتعالى - لعباده، ثم انطواءُ الضمير على إرادة زوال النعم عن المسلم، والحاسد لا تهدأ روحه ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية زوال النعمة عن أخيه، وهيهات أن يساعد القضاء ما للحساد في الأحشاء.
      أعذر حسودَك فيما قد خصصت به * * * إن العلي حسن في مثله الحسد
      إن يحسدوني فأني لا ألومهم * * * قبلي من الناس أهلُ الفضل قد حُسدوا
      فدام لي ولهم ما بي وما بهمُ * * * ومات أكثرنا غيظًا بما يجد
      أنا الذي وجدني في صدورهم * * * لا أرتقي صَدْرًا منهم ولا أرِد
      عينُ الحسود عليك الدهْرَ حارسةٌ * * * تبدى مساويك والإحسان يخفيها
      فأحذر حراستها، وأحذر تكشفَها * * * وكن على قَدرِ ما توليك توليها
      وقيل : ما من أحد عنده نعمة إلا وجدتَ له حاسداً، ولو كان المرء أقوم من القدَح لوجدت له غامزاً، وما ضرَّت كلمة لم يكن لها خواطب .
      حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه * * * فالقومُ أنداد له وخصومُ
      كضرائر الحسناء قلن لوجهها * * * حسداً وبغياً : إنه لدميم
      وترى اللبيب مُحَسَّداً لم يَجْتَلِب * * * شتم الرجال ، وعِرْضُه مشتومُ
      * عن يونس بن عبيد، قال: قال ابن سيرين: ما حسدت أحدًا على شيء من الدنيا ؛ لأنه إن كان من أهل الجنة فكيف أحسده على شيء من الدنيا وهو يصير إلى الجنة ...؟ وإن كان من أهل النار فكيف أحسده على شيءَ من الدنيا وهو يصير إلى النار ...؟
      ****************************
      * قال حماد عن حميد: قلت للحسن: يا أبا سعيد، هل يحسد المؤمن؟ قال: ما أنساك بني يعقوب؟ لا أبا لك! حيث حسدوا يوسف، ولكن غُمَّ الحسد في صدرك، فأنه لا يضرك، ما لم يعدُ لسانك وتعمل به يدك.
      قال أبو حاتم - رحمه الله تعالى - : العاقل إذا خطر بباله ضربٌ من الحسد لأخيه أبلغ المجهود في كتمانه، وترك إبداء ما خطر بباله.
      وأكثر ما يوجد الحسد بين الأقران، أو من تقارب الشكل، لأن الكتبة لا يحسدها إلا الكتبة، كما أن الحجبة لا يحسدها إلا الحجبة، ولن يبلغ المرء مرتبة من مراتب هذه الدنيا إلا وجد فيها مَنْ يبغضه عليها، أو يحسده فيها، والحاسد خصم معاند لا يجب للعاقل أن يجعله حكما عند نائبة تحدث، فإنه إن حكم لم يحكم إلا عليه، وإن قصد لم يقصد إلا له، وإن حرم لم يحرم إلا حَظَّه، وإن أعطى أعطى غيره ، وإن قعد لم يقصد إلا عنه ، وإن نهض لم ينهض إلا إليه ، وليس للمحسود عنده ذنب إلا النعم التي عنده.
      فليحذر المرء ما وصفت من أشكاله وأقرانه وجيرانه وبني أعمامه.
      قال أبو حاتم - رحمه الله تعالى - : بئس الشعار للمرء الحسد، لأنه يورث الكمد، ويورث الحزن، وهو داء لا شفاء له.
      والحاسد إذا رأى بأخيه نعمة بُهت، وإن رأى به عثرة شمت، ودليل ما في قلبه كمين على وجه مبين، وما رأيت حاسدًا سَاَلَم أحدًا.
      والحسد داعية إلى النكد، ألا ترى إبليس؟ حسد آدم فكان حسده نكدا على نفسه، فصار لعيناً بعد ما كان مكيناً، ويسهل على المرء ترضِّي كل ساخط في الدنيا حتى يرضى، إلا الحسود؛ فإنه لا يرضيه إلا زوال النعمة التي حَسَدَ من أجلها.
      *********************************
      * الحسد من أخلاق اللئام ، وتركه من أفعال الكرام ، ولكل حريق مطفئ ، ونار الحسد لا تطفأ .
      ومن الحسد يتولد الحِقْد، والحقد أصل الشر، ومَنْ أضمر الشر في قلبه، انبتَ نباتا مُرّاً مذاقه، نماؤه الغيظ، وثمرته الندم.
      والحسد هو اسم يقع على إرادة زوال النعم عن غيره، وحلولها فيه. فأما من رأي الخير في أخيه، وتمني التوفيق لمثله، أو الظفر بحاله، وهو غير مريد لزوال ما فيه أخوه؛ فليس هذا بالحسد الذي ذُمَّ ونُهى عنه.
      ولا يكاد يوجد الحسد إلا لمن عظمت نعمة الله عليه، فكلما أتحفه الله بترداد النعم، أزداد الحاسدون له بالمكروه والنقم.
      إني نشأت وحُسَّادي ذوو عدد * * * يا ذا المعارج ، لا تَنْقُصْ لهم عددا
      إن يحسدوني على ما كان من حسن * * * فمثلُ خُلْقِيَ فيهم جَرَّ لي حسدا
      * قال أبو جعفر المنصور لسفيان بن معاوية : ما أسرع الناس إلى قدمتك المدينة! فقال: يا أمير المؤمنين:
      إن العرانين تلقاها مُحَسَّدة * * * ولن ترى للئام الناس حساد
      حسدوا النعمة لما ظهرت * * * فرموها بأباطيل الكلم
      وإذا ما الله أبدى نعمة * * * لمَ يضِرْها قولُ حساد النعم
      عن هشام ، عن ابن سيرين قال: ما حسدت أحدًا على دين ولا دنيا.
      قال أبو حاتم - رحمه الله تعالى - : لا يوجد من الحسود أمان أحْرَزُ من البعد منه؛ لأنه ما دام مشرفا على ما خصصت به دونه لم يزده ذلك إلا وحشة وسوء ظن بالله، ونماء للحسد فيه.
      فالعاقل يكون على إماتة الحسد بما قَدَر عليه أحرص منه على تربيته ولا يجد لإماتته دواء أنفع من البعاد، فأن الحاسد ليس يحسدك على عيب فيك، ولا على خيانة ظهرت منك، ولكن يحسدك بما ركب فيه من ضد الرضا بالقضاء كما قال العتبي:
      أفكر ما ذنبي إليك فلا أرى * * * لنفسيَ جرمًا ، غير أنك حاسدُ
      ليس للحاسد إلا ما حَسدْ * * * وله البغضاءُ من كل أحد
      وأرى الوحدة خيرًا للفتى * * * من جليس السوء فانهض إن قعدْ
      وإذا أراد الله نشر فضيلة* * * طويت أتاح لها لسانَ حسود
      لولا اشتعال النار فيما جاورت * * * ما كان يعرف طيبُ عَرْفِ العود
      لولا التخوف للعواقب لم تزل * * * للحاسد النُّعْمَي على المحسود
      * قال رجل لشبيب بن شَبَّة: إني لأحبك، قال: صدقت، قال: وما علمك؟ قال: لأنك لست بجار ولا ابن عم ...
      ** أم ذكية تكشف الحسد الخفي *
      * يقول أحد العلماء - رحمهم الله تعالى - غبت عن البصرة في مخرجي إلى اليمن ، أظنه ذكر ثلاث سنين ، وأمي حية. قَال : فلما قدمتُ عليها جعلت تقول : يا بني ، فلان لك صديق وفلان لك عدو. وقَال : فقلتُ لها : من أين علمت يا أمه ...؟ قالت : كان فُلان وفلان ، فذكرت فيهم يحيى بن سَعِيد ، يجيئون مسلمين فيعزوني يقولون اصبري ، فلو قدم عليك سرك الله بما ترين ، فعلمت إن هؤلاء محبوك وأصدقاؤك ، وفُلان وفلان إذا جاءوا يقولون اكتبي إليه ، وضيقي عليه ، وحرجي عليه ليقدم عليك . هذا ونحوه .
      إنه الحسد يُعْمي ويُصمّ ، ومنه التنافس للحصول على جاه أو مال، فقد يطغى بعض الأقران على بعض ، ويطعن بعضهم في بعض ؛ من أجل القرب من سلطان ، أو الحصول على جاه أو مال.
      - الهوى : إن من أعظم دواعي الضلال وأسباب الهلاك إتباع الهوى، فإنه يهوي بصاحبه إلى المهالك حتى يورده النار .
      قال الشاطبي: سمى الهوى هوى، لأنه يهوي بصاحبه إلى النار . وروي هذا عن الشعبي.
      وقال ابن عباس : ما ذكر الله - عز وجل - الهوى في كتابه إلا ذمه !!
      وأصل الضلال : إتباع الظن والهوى، كما قال تعالى فيمن ذمهم : { إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى } ([1])
      وهذا وصف للكفار فكل من له نصيب من هذا الوصف فله نصيب من متابعة الكفار بقدر ذلك النصيب .
      وقال - تعالى - في حق نبيه - صلى الله عليه وسلم - : { والنجم إذا هوى . ما ضل صاحبكم وما غوى . وما ينطق عن الهوى . إن هو إلا وحى يوحى } [سورة النجم الآيات1-4] فنزهه عن الضلال والغواية، الذين هما : الجهل والظلم، فالضال هو الذي لا يعمل الحق، والغاوي الذي يتبع هواه .
      وأخبر أنه لا ينطق عن هوى النفس، بل هو وحى أوحاه الله إليه. فوصفه بالعلم ونزهه عن الهوى .
      ومتبع الهوى لا بد أن يضل، سواء عن علم أو عن جهل، فإنه كثيراً ما يترك العلم إتباعًا لهواه، ولا بد أن يظلم إما بالقول أو بالفعل، لأن هواه قد أعماه .
      ولهذا حذر السلف عن مجالسة من هذه صفته، كما قال أبو قلابة : لا تجالسوا أهل الأهواء، ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما تعرفون
      إن بعض الذين يأكلون لحوم العلماء لم يتجردوا لله - تعالى -وإنما دفعهم الهوى، للوقوع في
      أعراض علماء الأمة . وإتباع الهوى لا يؤدي إلى خير ، قال - تعالى- : { ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } . [سورة ص ، الآية : 26 ]
      وقال - سبحانه - :{ فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم }. [ سورة القصص ، الآية : 50 ]
      وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -: صاحب الهوى يُعْميه الهوى ويُصمه .
      وكان السلف – رحمهم الله تبارك تعالى - يقولون : احذروا من الناس صنفين، صاحب هوى قد فتنه هواه ، وصاحب دنيا أعمته دنياه .وجاء في كتاب ( الانتصار لأصحاب الحديث ) للإمام أبي المظفر السمعاني ... الذامون لأصحاب الحديث صنفان قد لهج بذم أصحاب الحديث صنفان أهل الكلام وأهل الرأي فهم في كل وقت يقصدونهم بالثلب والعيب وينسبونهم إلى الجهل وقلة العلم وإتباع السواد على البياض .
      وقالوا : غثاء وغثر وزوامل أسفار وقالوا : أقاصيص وحكايات وأخبار وربما قرؤوا كمثل الحمار يحمل أسفارا، وفي الحقيقة ما ثلموا إلا دينهم ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم وما للأساكفة وصوغ الحلي وصناعة البز وما للحدادين وتقليب العطر والنظر في الجواهر أما يكفيهم صدأ الحديد ونفخ في الكير وشواظ الذيل والوجه وغبرة في الحدقة وما لأهل الكلام ونقد حملة الأخبار وما أحسن قول من قال
      بلاء ليس يشبهه بلاء ... عداوة غير ذي حسب ودين
      ينيلك منه عرضًا لم يصنه ... ويرتع منك في عرض مصون
      لكن الحق عزيز وكل مع عزته يدعيه ودعواهم الحق تحجبهم عن مراجعة الحق نعم إن على الباطل ظلمة وإن على الحق نورا ولا يبصر نور الحق إلا من حشي قلبه بالنور ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور فالمتخبط في ظلمات الهوى والمتردي في مهاوي الهلكة والمتعسف في المقال لا يوفق للعود إلى الحق ولا يرشد إلى طريق الهدى ليظهر وعورة مسلكه وعز جانبه وتأبيه إلا على أهله كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون .
      4 - التقليد :
      لقد نعى الله – تبارك وتعالى - على المشركين تقليدهم آباءهم على الضلال : { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون }. [ سورة الزخرف ، الآية : 22 ]
      والتقليد ليس كلُّه مذمومًا ، بل فيه تفصيل ذكره العلماء . ولكنني في هذا المقام أُحذر من التقليد الذي يؤدي إلى نهش لحوم العلماء ، فإنك - أحيانًا - تسمع بعض الناس يقع في عرض عالم، فتسأله: هل استمعت إلى هذا العالم؟فيقول : لا والله . فتقول : إذن كيف علمت من حاله وأقواله كذا وكذا؟! فيقول : قاله لي فلان .
      وهكذا يطعن في العالم تقليدًا لفلان ، بهذه السهولة ، غير مراعٍ حرمة العالم .
      قال ابن مسعود – رضي الله تعالى عنه : ألا لا يقلدنا أحدكم دينه رجلاً إن آمنَ آمن ، وإن كفرَ كفر ، فإنه لا أسوة في الشر .
      وقال أبو حنيفة - رحمه الله تعالى - : لا يحلُّ لمن يُفتي من كُتُبي أن يُفتي حتى يعلم من أين قلتُ .
      وقال الإمام أحمد - رحمه الله تعالى - : من قِلة علم الرجل أن يقلِّد دينه الرجال .
      ****************************
      5 - التعصب :
      من خلال سبري لأقوال الذين يتحدثون في العلماء – رحمهم الله - و بخاصة طلاب العلم و الدعاة - تبين لي أن التعصب من أبرز أسباب ذلك . والباعث على التعصب هو الحزبية ، الحزبية لمذهب أو جماعة أو قبيلة أو بلد ، الحزبية الضيقة التي فرقت المسلمين شيعاً، حتى صدق على بعضهم قول الشاعر :
      وهل أنا إلا من غُزية إن غوت * * * غويت إن ترشد غزيةُ أرشد
      سمعتُ أن بعض طلاب العلم يتكلمون في بعض العلماء ، وفجأة تغير موقفهم ، وصاروا يثنون عليه ؛ لأنهم سمعوا أن فلاناً يثني عليه ؛ فأثنوا عليه ، وسبحان الله مغير الأحوال .
      إذا ضل من يتعصبون له ؛ ضلوا معه، وإذا اهتدى للصواب ؛ اهتدوا معه . لقد سلَّم بعض الطلاب والدعاة عقولهم لغيرهم ، وقلدوا في دينهم الرجال .
      ****************************
      ** ينتصر لعلماء بلده ، ويقدح في علماء البلاد الأخرى *
      * ولقد رأينا قريباً من ينتصر لعلماء بلده ، ويقدح في علماء البلاد الأخرى ، سبحان الله ! أليست بلاد المسلمين واحدة ! أليس هذا من التعصب المذموم ! أليس من الشطط أن يتعصب أهل الشرق لعلماء الشرق ، وأهل الغرب لعلماء الغرب ، وأهل الوسط لعلماء الوسط ! .
      إن هذا التعصب مخالف للمنهج الصحيح ، الذي يدعونا إلى أن نأخذ بالحق مهما كان قائله ، ولهذا قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله تعالى - في ذم التعصب : وهذه عادة ضعفاء العقول ؛ يعرفون الحق بالرجال ، لا الرجال بالحق .
      6 - التعالم :
      لقد كثر المتعالمون في عصرنا ، وأصبحت تجد شابًا حدثًا يتصدر لنقد العلماء، و لتفنيد آرائهم وتقوية قوله ، وهذا أمر خطير ؛ فإن منْ أجهل الناس منْ يجهل قدر نفسه ، ويتعدى حدوده .
      7- النفاق وكره الحق :
      قال الله - تعالى - عن المنافقين :{ في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا }. [سورة البقرة ، الآية : 10 ]
      { وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنُؤمِن كما آمن السفهاءُ ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون } [سورة البقرة ، الآية 13 ] .
      { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون }[سورة البقرة ،الآية : 14 ] .
      * إن المنافقين الكارهين للحق ؛ من العلمانيين ، والحداثيين ، والقوميين ،- أخزاهم الله جميعًا - وأمثالهم من أقوى أسباب أكل لحوم العلماء؛ لما في قلوبهم من المرض والبغض للحق وأهله .
      ومن المؤسف أنني استمعت في مجلس من المجالس إلى أحد هؤلاء ، المنافقين يستطيل في أعراض العلماء ، فقلده بعض الطيبين من حيث لا يشعر ، ووافقه على ما يقول ، حتى رُد عليه في ذلك المجلس .
      إن العلمانيين الآن يتحدثون في علمائنا بكلام بذيء ، يعفُّ القلم عن تسطيره ، مما يدُلّ على ما في قلوبهم من الدغل ، ومعاداة ورثة الأنبياء ؛ وما يحملونه من الحق .
      ******************************
      8- تمرير مخططات الأعداء كالعلمنة ونحوها:
      أدرك العلمانيون - أخزاهم الله - أنه لا يمكن أن تقوم لهم قائمة، والعلماء لهم وشأن هيئة وهيبة في البلد فأخذوا في النيل من العلماء، وشرعوا في تشويه صورة العلماء، وتحطيم قيمتهم، بالدس واللمز، والافتراء والاختلاف .
      لا أقول هذا جزافًا ولا رجمًا بالغيب ، ولكن هو ما نقله إلينا الثقات من العلمانيين ، من كلام في العلماء لا يقبله عقل العاميّ ، فضلاً عن طالب العلم .
      ** الآثار المترتبة على الوقيعة في العلماء :
      إنّ هناك عواقب وخيمة ، ونتائج خطيرة ، وآثاراً سلبية ، تترتب على أكل لحوم العلماء؛ والوقوع في أعراضهم . يدرك تلك الآثار من تأمل في الواقع ، ووسع أفقه ، وأبعد نظره ، وإليك أهمها :
      * إن جرح العالم سبب في رد ما يقوله من الحق :
      إن جرح العالم ليس جرحا شخصياً، كأي جرح في رجل عامّي ، ولكنه جرح بليغ الأثر ، يتعدى الحدود الشخصية ، إلى رد ما يحمله العالم من الحق .
      ولذلك استغل المشركون من قريش هذه الأمر ، فلم يطعنوا في الإسلام أولاً ، بل طعنوا في شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنهم يعلمون - يقيناً - أنهم إذا استطاعوا أن يشوهوا صورة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أذهان الناس ؛ فلن يقبلوا ما يقوله من الحق، قالوا : إنه ساحر، كاهن ، مجنون ........... ولكنهم فشلوا - ولله الحمد - في ذلك .
      وقد كانوا قبل بعثته يصفونه بالأمين، الصادق ، الحكم ، الثقة. فما الذي تغير بعد بعثته ؟ ما الذي حوله إلى كاهن ، مجنون ، ساحر؟ إنهم لا يقصدون شخص محمد بن عبد الله ، فهم يعلمون أنه هُو هُوَ ، ولكنهم يقصدونه بصفته رسولاً يحمل منهجاً هم يحاربونه ، فيعلموا أنهم إن استطاعوا تشويه صورته في نفوس الناس ؛ فقد نجحوا في صدهم عنه ، وعما معه من الحق ، وهذا هو أسلوب المنافقين اليوم .
      * أن جرح العالم جرح للعلم الذي معه وهو ميراث النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ العلماء ورثةُ الأنبياء، فجرح العالم جرحٌ للنبي عليه الصلاة والسلام ، وهذا هو معنى قول ابن عباس : أن من آذى فقيها فقد آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ومن آذى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد آذى الله - جل وعلا - .
      إذن ، فالذي يجرح العالم ؛ يجرح العلم الذي معه .
      ومن جرح هذا العلم ؛ فقد جرح أرث النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى ذلك فهو يطعن في الإسلام من حيث لا يشعر .
      * أن جرح العلماء سيؤدي إلى بعد طلاب العلم عن علماء الأمة، وحينئذ يسير الطلاب في طريقهم بدون مرشدين ؛ فيتعرضون للأخطار والأخطاء ، ويقعون في الشطط والزلل ، وهذا ما نخشاه على شبابنا اليوم .
      * أن تجريح العلماء تقليل لهم في نظر العامة، وذهاب لهيبتهم ، وقيمتهم في صدورهم ، وهذا يسُرُّ أعداء الله ، ويفرحهم . يقول أحد الزعماء الهالكين في دولة عربية بعد أن سلط إعلامه على العلماء مستهتراً مستهزئا بهم - : ( عالم .. شيخ .. أعطه فرختين ؛ فيفتي لك بالفتوى التي تريد ).
      لقد سقطت قيمة العلماء عند العامة، في كثير من الدول الإسلامية . ذهبت إلى بعض تلك الدول وسألت عن العلماء ، فما وجدت الناس يعرفون العلماء ، ولا يأبهون للعلماء ؛ لأن العلمنة سلطت سهامها عليهم ، فشوهت صورتهم ، ولطخت سمعتهم ؛ فأصبحوا من سقط المتاع ، في نظر كثير من الناس .
      5 - تمرير مخططات الأعداء :
      ومن الأمثلة الواقعية لذلك : الطعن في رجال الحُسْبة ، والطعن في القضاة ، والطعن في الدعاة .
      * أما رجال الحسبة فكثير منهم طلاب علم ، وقد أصبحت أعراضهم ودماؤهم مستباحة، فتجد العامة والمنافقين والعلمانيين،يستطيلون في أعراضهم بل ربما وقع ذلك من بعض طلاب العلم، تجلس في بعض المجالس فتسمع الكلام السيئ في هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : أخطأ رجال الهيئة..... فعل رجال الهيئة.... ترك رجال الهيئة ......، سبحان الله ! أما يخطئ إلا رجال الهيئات!لماذا لا تذكر أخطاء غيرهم ؟!
      اطلعت قريباً على فتوى لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - ينبه فيها إلى خطورة
      التعرض لطلاب العلم . وقصتها أن مجموعة من طلاب العلم اشتكوا أحد المسئولين- ويبدو أنهم زادوا في الشكوى- فأهينوا وسُجنوا . لكن هل سمعتم أن أحداً سجن لأنه تكلم في أعراض رجال الحسبة !!
      لقد جاءني بعض شباب الهيئات ، يشتكون من تطاول الناس عليهم ، وعدم وجود من يحميهم ، حتى أصبحوا هم المتهمين .([2])
      والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

      [1] - سورة النجم الآية :23 .

      [2] - بتصرف من / لحوم العلماء مسمومة / د - ناصر العمر - أثابه الله تعالى - .

      تعليق

      مواضيع ذات صلة

      تقليص

      المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
      ابتدأ بواسطة عطيه الدماطى, 20 ينا, 2023, 12:34 ص
      ردود 0
      41 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة عطيه الدماطى
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:43 ص
      ردود 0
      42 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 18 مار, 2022, 03:38 ص
      ردود 0
      63 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة *اسلامي عزي*
      بواسطة *اسلامي عزي*
      ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 1 فبر, 2022, 04:13 ص
      ردود 0
      68 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة صلاح عامر
      بواسطة صلاح عامر
      ابتدأ بواسطة صلاح عامر, 22 يول, 2021, 02:08 م
      ردود 0
      58 مشاهدات
      0 معجبون
      آخر مشاركة صلاح عامر
      بواسطة صلاح عامر
      يعمل...