لماذا القرآن معجزة , ولماذا لا يأتون بمثله ؟
استدلت الأمم السابقة على صدق الأنبياء بالمعجزات التي أعطاهم إياها الله تعالى, وبإخبارهم عن الغيب مما علمهم الله تعالى، وانتقلت إلينا آثار نبوتهم وشواهدها عبر الروايات المتواترة.
والقرآن الكريم معجزة عظيمة تحدى الله بها الأولين والآخرين، ودعاهم للإتيان بمثله حين زعموا أن القرآن من كلامه, فعجز المشركون أن يأتوا بمثله، وتحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندِهم, فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة من مثله.
وقد بلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاته والإتيان بمثله عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ [البقرة:24].
قال القرطبي: قوله: وَلَن تَفْعَلُواْ إثارةٌ لهِمَمِهم، وتحريكٌ لنفوسهم؛ ليكونَ عجزُهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآنُ قبل وقوعهًا..( )
وحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلًا لسخرية العقلاء ، فقد قال: «يا ضِفدع، نُقي كما تنُقين، لا الماء تدركين، ولا الشراب تمنعين».
وعندما أراد الأديب ابن المقفع معارضة القرآن عجِز، وقال: أشهد أن هذا لا يُعارَض، وما هو من كلام البشر.ومثله صنع يحيى الغزال بليغُ الأندلس وفصيحُها.
وصدق الله العظيم: قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88].
لقد اعترف أعداء القرآن بعظمة القرآن، وذلّتْ رقابهم لِما سمعوه من محكم آياته، فها هو الوليدُ بنُ المغيرةِ سيدُ قريش، يسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قوله تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بالْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].
فيقول قولته المشهورة: «والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلى، وإنه ليَحطِم ما تحته».
ولكي يأتي شخص بمثل القرآن عليه أن يحقق الصفات الموجودة في القرآن الكريم وهي كونه :
1- نص أدبي معجز بشهادة كل المنصفين.
2- به تشريعات وأحكام.
3- يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
4- صادق وخال من الكذب .
5- به إخبار بالغيب , أو بأمور لم تكن حدثت وقت نزوله , أو حدثت في أماكن آخرى وقت نزوله , فكانت إخبار بالغيب بالنسبة للصحابة الذين شهدوا التنزيل.
6- به إعجاز علمي , أي أنه أخبر بأمور علمية لم تكن معروفة وقتها .
7- يؤمن المليارات أنه من عند الله تعالى .
لذلك نكرر , عندما يقول شخص ما : سآتي بمثله , يجب أن يحقق الشروط بالأعلى .
الأمور الدالة على أن القرآن كلام اللّه:
1- كونه عند العرب في الدرجة العالية من البلاغة التي لم يعهد مثلها وذلك للأسباب الآتية:
أ- أنه لا يحوي إلا الصدق ومنزه عن الكذب في جميعه، وكل كاتب أو شاعر ترك الكذب والتزم الصدق نزلت كتابته، ولذلك قيل أعذب الشعر أكذبه. والقرآن جاء فصيحًا مع التنزه عن الكذب.
ب - أنه اقتصر على توجيب العبادات وتحريم القبائح والحث على مكارم الأخلاق وترك الدنيا واختيار الآخرة، وأمثال هذه الأمور توجب تقليل الفصاحة.
ج- القرآن جاء فصيحًا على غاية الفصاحة في كل فن ترغيبًا كان أو ترهيبًا أو وعظًا أو غيرهما. وكمثال جاء في الترغيب قوله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة: 17], وفي الترهيب قوله: وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «15» مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ «16» يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم: 17:15], وفي الزجر والتوبيخ قوله: فَكُلًا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40]، وفي الوعظ قوله: أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ , ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء:206،207].
د- أن القرآن في أغلب المواضع يأتي بلفظ يسير متضمنًا لمعنى كبير ويكون اللفظ أعذب ما يكون، مثل قوله تعالى: وَلَكُمْ في القِصَاصِ حَيَاةٌ فإن هذا القول لفظه يسير ومعناه كثير. ومع كونه بليغًا مشتملًا على المطابقة بين المعنيين المتقابلين وهما القصاص والحياة. وعلى الغرابة، بجعل القتل الذي هو ضد للحياة ومناقضها؛ ظرفًا لها وسببًا، وهو أولى من جميع الأقوال المشهورة عند العرب في هذا الباب.
2- تكوينه وأسلوبه المخالف لفنون الشعر والنثر, مما جعل الشعراء المشهورين وأشراف العرب مع كمال حذاقتهم في أسرار الكلام وشدة عداوتهم للإسلام؛ لم يجدوا في بلاغة القرآن وحسن نظمه وأسلوبه مجالًا للنقد، بل اعترفوا أنه ليس من جنس خطب الخطباء وشعر الشعراء، ونسبوه تارةً إلى السحر تعجبًا من فصاحته وحسن نظمه، وقالوا تارةً: إنه إفك افتراه وأساطير الأولين، وقالوا تارةً لأصحابهم وأحبابهم: لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ . وهذا أسلوب الضعيف الواهي الحجة.
فثبت أن القرآن معجز ببلاغته وفصاحته وحسن نظمه. وكيف يتصور أن يكون الفصحاء والبلغاء من العرب بهذه الكثرة والشهرة بغاية العصبية والحمية الجاهلية، وما عرف عنهم من حب المباراة والتباهي، والدفاع عن الأحساب, فيتركون الأمر الأسهل الذي هو الإتيان بمقدار أقصر سورة، ويختارون الأشد الأصعب مثل بذل المال والأرواح لمحاربة أتباعه.
ولو كانوا يظنون أن محمدًا صلى الله عليه وسلم استعان بغيره، لأمكنهم أن يستعينوا بغيرهم، فلماذا لم يفعلوا ذلك وآثروا التسليم بالهزيمة على محاولة المعارضة، والحرب والقتال على محاولة الإتيان بمثله ؟ .
3- إخبار القرآن بحوادث آتية وجدت بعد ذلك على الوجه الذي أخبر بها مثل:
أ – قول الله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 27]. فوقع كما أخبر، ودخل الصحابة المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين غير خائفين.
ب - قول الله تعالى: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور: 55]. فحدث ما وعد اللّه به المؤمنين بأن تسلطوا في جانب الغرب إلى أقصى الأندلس والمغرب، وفي جانب الشرق إلى حد الصين، ففي مدة ثلاثين سنة تسلط أهل الإسلام على هذه الممالك تسلطًا تامًا، وغلب دين اللّه المرضي على سائر الأديان في هذه المماليك فكانوا يعبدون اللّه آمنين غير خائفين.
ج - قول الله تعالى: إِذَا جَاء نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجًا [النصر:1- 2]. والمراد بالفتح فتح مكة، فهذه السورة نزلت قبل فتح مكة، فحصل فتح مكة ودخل الناس في الإسلام فوجًا بعد فوج من أهل مكة والطائف وغيرها في حياته 0.
هـ - قول الله تعالى: قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ [آل عمران: 12].
وقد وقع كما أخبر فصاروا مغلوبين.
و - قول الله تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْض [الروم: 2] أي أقرب الأرض وَهُم أي الروم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ أي الفرس فِي بِضْعِ سِنِينَ أي ما بين الثلاث والعشر لله الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ وحدث ما أخبر به القرآن الكريم.
ز - قول الله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر: 45], وحدث كما قال الله تعالى , فتمت هزيمة كفار قريش في غزوة بدر.
4- إخبار القرآن بأحوال القرون السالفة والأمم الهالكة، وقد علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام, كان أميًا ما قرأ ولا كتب.
5- ما فيه من كشف أسرار المنافقين حيث كانوا يتواطؤون في السر على أنواع كثيرة من المكر والكيد، وكان الله يُطْلع رسوله على تلك الأحوال حالًا فحالًا، ويخبره عنها على سبيل التفصيل، فما كانوا يجدون في كل ذلك إلا الصدق.
6- جمع القرآن لمعارف وعلوم لم تعهدها العرب مثل علم الشرائع وطرق إقامة الحجة والتنبيه على الدلالات العقلية كمثال قوله تعالى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ [يس: 81] وكقوله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس: 79] وكقوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ الله رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [الأنبياء:22].
7- كون القرآن الكريم بريئًا عن الاختلاف والتفاوت مع أنه كتاب كبير مشتمل على أنواع كثيرة من العلوم، فلو كان ذلك من عند غير الله لوقعت فيه أنواع من الكلمات المتناقضة.
8- كونه معجزة باقية متلوّة في كل مكان مع تكفل الله بحفظه، و أن قارئه لا يسأمه وسامعه لا يمجه، وتيسير حفظه لمتعلمه فتجد من اليسير على طفل في الخامسة حفظ القرآن كاملًا.
9- أسلوب القرآن الكريم يخالف مخالفة تامة أسلوب كلام محمد عليه الصلاة والسلام ، فالقارئ يشعر عند قراءته لأحاديث الرسول أنه أمام شخصية بشرية وذاتية تعتريها الخشية والمهابة والضعف أمام الله تعالى, بخلاف القرآن الكريم الذي يتراءى للقارئ من خلال آياته ذاتية قوية مسيطرة رحيمة عادلة خالقة حكيمة.
لو كان القرآن من كلام محمد عليه الصلاة والسلام لكان أسلوبه وأسلوب الأحاديث سواء. ومن المسلم به أن من المتعذر على الشخص الواحد أن يكون له في بيانه أسلوبان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافًا جذريًا.
10- لو كان القرآن الكريم من إنتاج عقل بشري، فإنه يتوقع أن يَذْكُرَ فيه شيئًا عن عقلية مؤلفه ومما يتعرض له من مواقف وأزمات, فلا يمكن أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام هو مؤلف القرآن ولا نجد بالقرآن أي شيء عن أم المؤمنين خديجة أو عائشة أو جده أو عمه أو أمه أو بناته أو ابنه إبراهيم الذي توفي وبكى عليه حزنًا قائلًا: «وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون». فالقارئ للقرآن يجد أن هناك انفصالًا كاملًا بين حياة الرسول f الشخصية وبين ما جاء في القرآن الكريم, إلا فيما يتعلق بالجوانب التي نزلت فيها تشريعات للأمة في خطاب موجه للرسول عليه الصلاة والسلام.
11- يحتوي القرآن على كثير من الإشارات العلمية مثل:
أ- ضيق الصدر كلما صعدنا لأعلى وذلك لقلة نسبة الأوكسجين, في قول الله تعالى: فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 125].
ب- دور الرياح في عملية تكوين السحاب أو نقل حبوب اللقاح, في قول الله تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر:22].
ج- اختلاف الشمس عن القمر بأن الشمس هي مصدر للضوء, في قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ الله ذَلِكَ إلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [يونس: 5].
د- كروية الأرض , في قول الله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا [النازعات:30].
وقول الله تعالى: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر: 5].
12- إخبار القرآن الكريم بواقعة نجاة جسد فرعون و وتم اكتشاف نجاة الجسد بعد أكثر من 1300 عام , ومن المعروف أن نشأة الإسلام كانت بعيدة كل البعد عن الثقافة والحضارة الفرعونية التي كانت قد اضمحلت وقت ظهور الإسلام.
فقد ذكر الله تعالى عن فرعون موسى بعد أن غرق في البحر فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وعندما تمت دراسة مومياء منفتاح التي يظن أنها لفرعون موسى في فرنسا بواسطة فريق من علماء التشريح توصلوا إلى أن سبب وفاته هو الغرق فعلًا، و نلاحظ أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ذكر بقاء جثة فرعون محفوظة بعد غرقه فهل كان محمد عليه الصلاة والسلام, على علم ببراعة المصريين في التحنيط , وان الجسد باق وسيتم اكتشافه بعد أكثر من ألف عام من إخباره بذلك .؟
وقد أسلم رئيس الفريق الفرنسي و هو الدكتور (موريس بوكاي) وعكف على دراسة القرآن والإنجيل والتوراة لمدة عشر سنين ثم ألف كتاب ( التوراة والإنجيل والقرآن والعلم الحديث) الذي أصبح من أكثر الكتب انتشارا وترجم لعدة لغات عالمية.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس: 92]. , وقد صدق الله تعالى ونجي البدن وأصبح آية، فأسلم بعض الناس، ولا يزال الكثير يغمض عينيه عن الحقائق الواضحة.
مثال من أصغر سورة في القرآن الكريم , وهي سورة الكوثر :
عدد آياتها 3 آيات , بذلك لا يمكن القول أنها شعر , لأنها أصغر من البيتين .
وفي كل آية من آياتها , عشرة حروف غير المكرر .!.
ومجموع الحروف غير المكررة في الثلاث آيات 10 حروف .
والسورة تتحدث عن النحر الذي يأتي في اليوم العاشر من ذي الحجة.
ونبأت بالغيب فقالت أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيمتد ذكره
وأن عدوه سينقطع نسله .
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
حروف الآيات بدون تكرار :
الآية الأولى : إ ن ع ط ي ل ك و ث ر . العدد 10 .
الثانية : ف ص ل ر ب ك و ا ن ح . العدد 10 .
الثالثة : إ ن ش ئ ك هـ و ب ت ر . العدد 10 .
الحروف التي لم تكرر في الآيات الثلاث : ع ط ي ث ف ص ح ش ه ت . العدد 10 .
فهل هذه مصادفة ؟ , أم على قلوب أقفالها ؟
والحمد لله رب العالمين.
استدلت الأمم السابقة على صدق الأنبياء بالمعجزات التي أعطاهم إياها الله تعالى, وبإخبارهم عن الغيب مما علمهم الله تعالى، وانتقلت إلينا آثار نبوتهم وشواهدها عبر الروايات المتواترة.
والقرآن الكريم معجزة عظيمة تحدى الله بها الأولين والآخرين، ودعاهم للإتيان بمثله حين زعموا أن القرآن من كلامه, فعجز المشركون أن يأتوا بمثله، وتحداهم القرآن أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات من عندِهم, فلما عجزوا عن الإتيان بعشر سور تحداهم القرآن أن يأتوا بسورة واحدة من مثله.
وقد بلغ التحدي القرآني غايته حين يخبر القرآن أن عجز المشركين عن محاكاته والإتيان بمثله عجز دائم لا انقطاع له، فيقول: فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ [البقرة:24].
قال القرطبي: قوله: وَلَن تَفْعَلُواْ إثارةٌ لهِمَمِهم، وتحريكٌ لنفوسهم؛ ليكونَ عجزُهم بعد ذلك أبدع، وهذا من الغيوب التي أخبر بها القرآنُ قبل وقوعهًا..( )
وحين أراد مسيلمة معارضة القرآن فضحه الله وأخزاه، فكان قوله محلًا لسخرية العقلاء ، فقد قال: «يا ضِفدع، نُقي كما تنُقين، لا الماء تدركين، ولا الشراب تمنعين».
وعندما أراد الأديب ابن المقفع معارضة القرآن عجِز، وقال: أشهد أن هذا لا يُعارَض، وما هو من كلام البشر.ومثله صنع يحيى الغزال بليغُ الأندلس وفصيحُها.
وصدق الله العظيم: قُل لَّئِنِ ٱجْتَمَعَتِ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـٰذَا ٱلْقُرْءانِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88].
لقد اعترف أعداء القرآن بعظمة القرآن، وذلّتْ رقابهم لِما سمعوه من محكم آياته، فها هو الوليدُ بنُ المغيرةِ سيدُ قريش، يسمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ قوله تعالى: إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُ بالْعَدْلِ وَٱلإْحْسَانِ وَإِيتَآء ذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَاء وَٱلْمُنْكَرِ وَٱلْبَغْى يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل:90].
فيقول قولته المشهورة: «والله إنَّ لقولِه الذي يقولُ لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه لمثمرٌ أعلاه، مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو وما يُعلى، وإنه ليَحطِم ما تحته».
ولكي يأتي شخص بمثل القرآن عليه أن يحقق الصفات الموجودة في القرآن الكريم وهي كونه :
1- نص أدبي معجز بشهادة كل المنصفين.
2- به تشريعات وأحكام.
3- يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
4- صادق وخال من الكذب .
5- به إخبار بالغيب , أو بأمور لم تكن حدثت وقت نزوله , أو حدثت في أماكن آخرى وقت نزوله , فكانت إخبار بالغيب بالنسبة للصحابة الذين شهدوا التنزيل.
6- به إعجاز علمي , أي أنه أخبر بأمور علمية لم تكن معروفة وقتها .
7- يؤمن المليارات أنه من عند الله تعالى .
لذلك نكرر , عندما يقول شخص ما : سآتي بمثله , يجب أن يحقق الشروط بالأعلى .
الأمور الدالة على أن القرآن كلام اللّه:
1- كونه عند العرب في الدرجة العالية من البلاغة التي لم يعهد مثلها وذلك للأسباب الآتية:
أ- أنه لا يحوي إلا الصدق ومنزه عن الكذب في جميعه، وكل كاتب أو شاعر ترك الكذب والتزم الصدق نزلت كتابته، ولذلك قيل أعذب الشعر أكذبه. والقرآن جاء فصيحًا مع التنزه عن الكذب.
ب - أنه اقتصر على توجيب العبادات وتحريم القبائح والحث على مكارم الأخلاق وترك الدنيا واختيار الآخرة، وأمثال هذه الأمور توجب تقليل الفصاحة.
ج- القرآن جاء فصيحًا على غاية الفصاحة في كل فن ترغيبًا كان أو ترهيبًا أو وعظًا أو غيرهما. وكمثال جاء في الترغيب قوله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة: 17], وفي الترهيب قوله: وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ «15» مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ «16» يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ [إبراهيم: 17:15], وفي الزجر والتوبيخ قوله: فَكُلًا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [العنكبوت: 40]، وفي الوعظ قوله: أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ , ثُمَّ جَاءهُم مَّا كَانُوا يُوعَدُونَ مَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء:206،207].
د- أن القرآن في أغلب المواضع يأتي بلفظ يسير متضمنًا لمعنى كبير ويكون اللفظ أعذب ما يكون، مثل قوله تعالى: وَلَكُمْ في القِصَاصِ حَيَاةٌ فإن هذا القول لفظه يسير ومعناه كثير. ومع كونه بليغًا مشتملًا على المطابقة بين المعنيين المتقابلين وهما القصاص والحياة. وعلى الغرابة، بجعل القتل الذي هو ضد للحياة ومناقضها؛ ظرفًا لها وسببًا، وهو أولى من جميع الأقوال المشهورة عند العرب في هذا الباب.
2- تكوينه وأسلوبه المخالف لفنون الشعر والنثر, مما جعل الشعراء المشهورين وأشراف العرب مع كمال حذاقتهم في أسرار الكلام وشدة عداوتهم للإسلام؛ لم يجدوا في بلاغة القرآن وحسن نظمه وأسلوبه مجالًا للنقد، بل اعترفوا أنه ليس من جنس خطب الخطباء وشعر الشعراء، ونسبوه تارةً إلى السحر تعجبًا من فصاحته وحسن نظمه، وقالوا تارةً: إنه إفك افتراه وأساطير الأولين، وقالوا تارةً لأصحابهم وأحبابهم: لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ . وهذا أسلوب الضعيف الواهي الحجة.
فثبت أن القرآن معجز ببلاغته وفصاحته وحسن نظمه. وكيف يتصور أن يكون الفصحاء والبلغاء من العرب بهذه الكثرة والشهرة بغاية العصبية والحمية الجاهلية، وما عرف عنهم من حب المباراة والتباهي، والدفاع عن الأحساب, فيتركون الأمر الأسهل الذي هو الإتيان بمقدار أقصر سورة، ويختارون الأشد الأصعب مثل بذل المال والأرواح لمحاربة أتباعه.
ولو كانوا يظنون أن محمدًا صلى الله عليه وسلم استعان بغيره، لأمكنهم أن يستعينوا بغيرهم، فلماذا لم يفعلوا ذلك وآثروا التسليم بالهزيمة على محاولة المعارضة، والحرب والقتال على محاولة الإتيان بمثله ؟ .
3- إخبار القرآن بحوادث آتية وجدت بعد ذلك على الوجه الذي أخبر بها مثل:
أ – قول الله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ الله رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء الله آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح: 27]. فوقع كما أخبر، ودخل الصحابة المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين غير خائفين.
ب - قول الله تعالى: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور: 55]. فحدث ما وعد اللّه به المؤمنين بأن تسلطوا في جانب الغرب إلى أقصى الأندلس والمغرب، وفي جانب الشرق إلى حد الصين، ففي مدة ثلاثين سنة تسلط أهل الإسلام على هذه الممالك تسلطًا تامًا، وغلب دين اللّه المرضي على سائر الأديان في هذه المماليك فكانوا يعبدون اللّه آمنين غير خائفين.
ج - قول الله تعالى: إِذَا جَاء نَصْرُ الله وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجًا [النصر:1- 2]. والمراد بالفتح فتح مكة، فهذه السورة نزلت قبل فتح مكة، فحصل فتح مكة ودخل الناس في الإسلام فوجًا بعد فوج من أهل مكة والطائف وغيرها في حياته 0.
هـ - قول الله تعالى: قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ [آل عمران: 12].
وقد وقع كما أخبر فصاروا مغلوبين.
و - قول الله تعالى: غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْض [الروم: 2] أي أقرب الأرض وَهُم أي الروم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ أي الفرس فِي بِضْعِ سِنِينَ أي ما بين الثلاث والعشر لله الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ وحدث ما أخبر به القرآن الكريم.
ز - قول الله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر: 45], وحدث كما قال الله تعالى , فتمت هزيمة كفار قريش في غزوة بدر.
4- إخبار القرآن بأحوال القرون السالفة والأمم الهالكة، وقد علم أن الرسول عليه الصلاة والسلام, كان أميًا ما قرأ ولا كتب.
5- ما فيه من كشف أسرار المنافقين حيث كانوا يتواطؤون في السر على أنواع كثيرة من المكر والكيد، وكان الله يُطْلع رسوله على تلك الأحوال حالًا فحالًا، ويخبره عنها على سبيل التفصيل، فما كانوا يجدون في كل ذلك إلا الصدق.
6- جمع القرآن لمعارف وعلوم لم تعهدها العرب مثل علم الشرائع وطرق إقامة الحجة والتنبيه على الدلالات العقلية كمثال قوله تعالى: أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ [يس: 81] وكقوله تعالى: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس: 79] وكقوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا الله لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ الله رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ [الأنبياء:22].
7- كون القرآن الكريم بريئًا عن الاختلاف والتفاوت مع أنه كتاب كبير مشتمل على أنواع كثيرة من العلوم، فلو كان ذلك من عند غير الله لوقعت فيه أنواع من الكلمات المتناقضة.
8- كونه معجزة باقية متلوّة في كل مكان مع تكفل الله بحفظه، و أن قارئه لا يسأمه وسامعه لا يمجه، وتيسير حفظه لمتعلمه فتجد من اليسير على طفل في الخامسة حفظ القرآن كاملًا.
9- أسلوب القرآن الكريم يخالف مخالفة تامة أسلوب كلام محمد عليه الصلاة والسلام ، فالقارئ يشعر عند قراءته لأحاديث الرسول أنه أمام شخصية بشرية وذاتية تعتريها الخشية والمهابة والضعف أمام الله تعالى, بخلاف القرآن الكريم الذي يتراءى للقارئ من خلال آياته ذاتية قوية مسيطرة رحيمة عادلة خالقة حكيمة.
لو كان القرآن من كلام محمد عليه الصلاة والسلام لكان أسلوبه وأسلوب الأحاديث سواء. ومن المسلم به أن من المتعذر على الشخص الواحد أن يكون له في بيانه أسلوبان يختلف أحدهما عن الآخر اختلافًا جذريًا.
10- لو كان القرآن الكريم من إنتاج عقل بشري، فإنه يتوقع أن يَذْكُرَ فيه شيئًا عن عقلية مؤلفه ومما يتعرض له من مواقف وأزمات, فلا يمكن أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام هو مؤلف القرآن ولا نجد بالقرآن أي شيء عن أم المؤمنين خديجة أو عائشة أو جده أو عمه أو أمه أو بناته أو ابنه إبراهيم الذي توفي وبكى عليه حزنًا قائلًا: «وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون». فالقارئ للقرآن يجد أن هناك انفصالًا كاملًا بين حياة الرسول f الشخصية وبين ما جاء في القرآن الكريم, إلا فيما يتعلق بالجوانب التي نزلت فيها تشريعات للأمة في خطاب موجه للرسول عليه الصلاة والسلام.
11- يحتوي القرآن على كثير من الإشارات العلمية مثل:
أ- ضيق الصدر كلما صعدنا لأعلى وذلك لقلة نسبة الأوكسجين, في قول الله تعالى: فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ [الأنعام: 125].
ب- دور الرياح في عملية تكوين السحاب أو نقل حبوب اللقاح, في قول الله تعالى: وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [الحجر:22].
ج- اختلاف الشمس عن القمر بأن الشمس هي مصدر للضوء, في قول الله تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ الله ذَلِكَ إلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [يونس: 5].
د- كروية الأرض , في قول الله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا [النازعات:30].
وقول الله تعالى: خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ [الزمر: 5].
12- إخبار القرآن الكريم بواقعة نجاة جسد فرعون و وتم اكتشاف نجاة الجسد بعد أكثر من 1300 عام , ومن المعروف أن نشأة الإسلام كانت بعيدة كل البعد عن الثقافة والحضارة الفرعونية التي كانت قد اضمحلت وقت ظهور الإسلام.
فقد ذكر الله تعالى عن فرعون موسى بعد أن غرق في البحر فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آَيَةً وعندما تمت دراسة مومياء منفتاح التي يظن أنها لفرعون موسى في فرنسا بواسطة فريق من علماء التشريح توصلوا إلى أن سبب وفاته هو الغرق فعلًا، و نلاحظ أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي ذكر بقاء جثة فرعون محفوظة بعد غرقه فهل كان محمد عليه الصلاة والسلام, على علم ببراعة المصريين في التحنيط , وان الجسد باق وسيتم اكتشافه بعد أكثر من ألف عام من إخباره بذلك .؟
وقد أسلم رئيس الفريق الفرنسي و هو الدكتور (موريس بوكاي) وعكف على دراسة القرآن والإنجيل والتوراة لمدة عشر سنين ثم ألف كتاب ( التوراة والإنجيل والقرآن والعلم الحديث) الذي أصبح من أكثر الكتب انتشارا وترجم لعدة لغات عالمية.
فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس: 92]. , وقد صدق الله تعالى ونجي البدن وأصبح آية، فأسلم بعض الناس، ولا يزال الكثير يغمض عينيه عن الحقائق الواضحة.
مثال من أصغر سورة في القرآن الكريم , وهي سورة الكوثر :
عدد آياتها 3 آيات , بذلك لا يمكن القول أنها شعر , لأنها أصغر من البيتين .
وفي كل آية من آياتها , عشرة حروف غير المكرر .!.
ومجموع الحروف غير المكررة في الثلاث آيات 10 حروف .
والسورة تتحدث عن النحر الذي يأتي في اليوم العاشر من ذي الحجة.
ونبأت بالغيب فقالت أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيمتد ذكره
وأن عدوه سينقطع نسله .
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
حروف الآيات بدون تكرار :
الآية الأولى : إ ن ع ط ي ل ك و ث ر . العدد 10 .
الثانية : ف ص ل ر ب ك و ا ن ح . العدد 10 .
الثالثة : إ ن ش ئ ك هـ و ب ت ر . العدد 10 .
الحروف التي لم تكرر في الآيات الثلاث : ع ط ي ث ف ص ح ش ه ت . العدد 10 .
فهل هذه مصادفة ؟ , أم على قلوب أقفالها ؟
والحمد لله رب العالمين.
تعليق