هذا فهمى الشخصى للاية الكريمة
لا يوجد في دين الله شيء اسمه " أنا أرى" أو " أنا أظن" قولاًُ بالهوى والرأي الشخْصي .!!
الأخت الكريمة .. لا يوجد في دين الله شيء يُسمّى " فهمي الشخْصي" .. "الفهم الشخصي" , " الرأي الشخْصي " ... وربما نقسم الرأي الشخْصي إلى رأيين ... الرأي الراجِح بالدليل .. و الرأي المتأثّر بالهوى دون علمٍ وبرهان (الرأي المذموم)..
و "الرأي الراجِح" :
هو الرأي الذي ترجحه الأدِلّة والقرائِن , وذلِك بعْدَ التأكُّد من غيابِ النص القرآني أولاً ثم نص السنة ثانِياً ... فهنا يأتي "الرأي الراجِح" , وهذا الرأي هو آراء العلماء ... من أوتِيَ العلم ... ولابد أن يرجحه بوسائِل الترجيح الصحيحة .. ويتفاوت الرأي بين العلماء بين "راجِحٍ " و " مرجوح" .. أي رأي تعضده الأدلة , ورأي تضعفه الادلة وتُقْصيه ..
أما الرأي الشخْصي .. فهو رأي العامة أو أصحاب الهوى , والذي ينبني على فهم الإنْسان وهواه .. ويختلف من انسان لآخر باختلاف الثقافة العامة ... بمعنى أنه يتفاوت هذا الرأي من انسانٍ لآخر متأثِراً بالثقافة الإنْسانِية , حسب ثقافة صاحبها واطلاعه قل او زاد ... وتعريض القرآن لهذا الرأي .. هو تجرُّؤٌ على كِتاب الله .. أولى أن يحْترِزَ الإنْسان وأن لا يتجرأ به .. فإنّكِ إن أصبتِ القول بهذا الرأي مرة فلن تصيبي مرات ... وإن أصبْتِ مرة فقد أصبْتِ بدون علمٍ وبعد تجرُّوء على الله .. يقول الله تعالى " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"
لا يتجرأ عالم على كتاب الله بالرأي الشخْصي حسب فهمه الخاص .. بل بالرأي الراجِح:
حتى علماؤنا الأجِلّاء لا يتجرّأ أحدٌ منهم بالقول "فهمي الشخْصي" .. بل ابن كثير , والطبري , والقرطبي , والبغوي , والشوكاني , ........ الخ , ممن فسروا كتاب الله لم يكُن عمدتُهُم فيهِ الا النص أولاً ثم الترجيح باللغة العربية لغة القرآنِ الكريمِ ثانِياً .. ثم يأتي الترجيحُ بالقرائِن لترجيح أمرٍ على آخر ... لكِن لا يوجدد شيء اسْمُه رأيي الشخْصي ..!
بل لو قالها عالم من العلماء , لما تركته ألسنة العلم والنقد.
أختنا الكريمة اقرأي معي .. حكم تفسير القرآن بالرأي ... وما قيل فيه :
عافانا الله وإياكم ..
1- حكم تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام .. لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من قال في القرآن برأيه، أو بما لا يعلم، فليتبوأ مقعده من النار" (رواه ابن جرير بسنده عن ابن عباس وأخرجه الترمذي والنسائي)
2- وحينما سُئِل بعْض الصحابة عن معنى الأب .. في قوله تعالى " وفاكهة وأبا" !! , لننقُل ما قالوه ...
- فهذا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يرد فيقول "أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله بغير علم "
- وهذا عمر بن الخطاب قرأ على المنبر " وفاكهة وأبا" فقال هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب؟ ثم رجع إلى نفسه فقال " إن هذا لهو التكلف يا عمر"
3- من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ !
عن جُنْدب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ " ... !!
وفي لفظٍ آخر "من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ" ..
لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرمًا ممن أخطأ، والله أعلم
وهكذا سمى الله القَذَفة كاذبين .. فقال: { فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ } [النور: 13] ، فالقاذف بلا شهادةٍ كاذب .. لأنه أخبر بما لا يحل له الإخبار به، ولو كان أخبر بما يعلم؛ لأنه تكلف ما لا علم له به، والله أعلم.
ولننقل أقوال المفسرين أنفسهم ليتبين منهجهم وأنهم لم يقولوا بالرأي وإنما الإجتهاد والترجيح بالدليل :
أ) فها هو الطبري في تفسيره بعد أن ساق أدلة التحريم بالقوزل بالرأي .. يقول :
" قال أبو جعفر: وهذه الأخبار شاهدةٌ لنا على صحة ما قُلنا: من أنّ ما كان مِن تأويل آيِ القرآن الذي لا يُدرَك علمه إلا بنَصِّ بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو بنَصْبه الدلالة عليه - فغير جائز لأحد القِيلُ فيه برأيه. بل القائلُ في ذلك برأيه - وإن أصاب الحق فيه - فمخطئ فيما كانَ من فِعله، بقيله فيه برأيه، لأن إصابته ليستْ إصابة مُوقن أنه محقٌّ، وإنما هو إصابة خارصٍ وظانً."
ب) وابن كثيرٍ بعد أن ساق الأدلة من القرآن والسنة على حرمة القول بالرأي , ثم أتبعه من قوال الصحابة والتابعين .. يقول في مقدمة تفسيره :
"فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعًا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: { لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ } "
ج) وكان عبدالرزاق ينقل في تفسيره القرآن عن ابن عباسٍ فيقول " قال ابن عباس : تفسير القرآن على أربعة وجوه : تفسير تعلمه العلماء ، وتفسير تعرفه العرب ، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته يقول من الحلال والحرام ، وتفسير لا يعلم تأويله إلا الله ، من ادعى علمه فهو كاذب"
د) وها هو القرطبي في تفسيره يفرِد باباً أسماه " باب ما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرأي، والجرأة على ذلك، ومراتب المفسرين"
ونقل تحتهُ ما شاء الله .. ثم قال " قلت: هذا صحيح وهو الذي اختاره غير واحد من العلماء ، فإن من قال فيه بما سنح في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالأصول فهو مخطيء وإن من استنبط معناه بحمله على الأصول المحكمة المتفق على معناها فهو ممدوح " .
ونقل تحتهُ ما شاء الله .. ثم قال " قلت: هذا صحيح وهو الذي اختاره غير واحد من العلماء ، فإن من قال فيه بما سنح في وهمه وخطر على باله من غير استدلال عليه بالأصول فهو مخطيء وإن من استنبط معناه بحمله على الأصول المحكمة المتفق على معناها فهو ممدوح " .
الأخت الكريمة ... من عادة المنتدى .. أن يقتنِص الفرص ... ليعم النفع ..
وهذا رد مُبسّطٌ , حتى يتبين للإخوان حرمة وجُرْم القولِ في كتاب الله بالرأي الشخْصي , " وبأنا أرى , وأنا أظن , وأنا أعتقد" ..
فمن أنت ومن أنا لنرى ونحجر على قول الله برأيِنا ؟!! ...
فمن أنت ومن أنا لنرى ونحجر على قول الله برأيِنا ؟!! ...
من لم يلْزَم قال الله وقال رسوله , فليحْتَفِظَ بما يظُنُّهُ الإنسان لنفسه , وأن لا يحدث به غيره , فلا ينقله في المجالِس والمنتدياتِ .. والمحادثات الجانبية ... فإنه من قبيل الفتنة ... عافانا اللهُ وإيّاكُم من أن نخوض في كتاب الله بالهوى والرأي الشخْصي ...
وغفر الله لنا ولكُم.
تعليق