لماذا الخوف من الإنجيليين*.. افتحوا نوافذ الحرية؟*!
كتب القس رفعت فكري
تحت عنوان* "انتبهوا يا أصحاب النيافة*" طالعنا الأستاذ عبد الله كمال بمقال موضوعي ومهم في جريدة* روزاليوسف* اليومية يوم* 8* أكتوبر* 2009،* وفي مقاله تناول التصريحات الأخيرة التي صدرت من الأنبا بيشوي والأنبا موسي في مؤتمر تثبيت العقيدة،* بشأن وجود خطة أعدها الإنجيليون تهدف لتحويل الأرثوذكس إلي إنجيليين خلال عشرين عاماً،* واعتبر الأستاذ عبد الله ـ من منطلق وطني بحت*- أن هذه القضية هي قضية وطنية بالدرجة الأولي وأن هذه الاتهامات ليس لها محل من الإعراب وأن هذا العبث بالعقائد لابد أن ينتهي لمصلحة البلد،* ومن منطلق حرصي علي سلامة الوطن وعلي ترسيخ وحدة الكنائس المصرية لي بعض الملاحظات*:-
أولاً*:- ليست هذه هي المرة الأولي التي يهاجم فيها الأنبا بيشوي الكنيسة الإنجيلية،* ولكننا اعتدنا منه علي ذلك طوال سنوات كثيرة مضت،* وهذا التوجه بصفة عامة يؤكد أننا أمام عقلية تتبني المطلقات وتتوهم أنها تمتلك الحقيقة الوحيدة المطلقة ومن ثم فهذه العقلية الدوجماطيقية ترفض النسبية في التفكير،* وبالتالي فهذه العقلية ترفض كل آخر مختلف ومغاير سواء عقائدياً* أو دينياً* أو فكرياً،* وهذه العقلية* الدوجماطيقية بصفة عامة هي عقلية تصادمية لا ولن تتسامح مع أي آخر مغاير،* الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة مستقبلاً*.
ثانياً*:- من المعرف عن الأنبا موسي تسامحه واعتداله وسعة أفقه،* ولكن يبدو أن هناك حرباً* تُشن عليه وتتهمه بأن له ميولاً* إنجيلية ولاسيما أن والده كان شيخاً* في الكنيسة الإنجيلية بالقرية التي نشأ فيها،* فأراد الرجل بهجومه هذه المرة علي الكنيسة الإنجيلية أن يبرئ نفسه منها ونحن نلتمس له العذر ونتفهم هذا جيداً*!!
ثالثاً*:- لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نفصل هذه التصريحات عن الصراع الدائر داخل الكنيسة الأرثوذكسية علي الكرسي البابوي،* فالأنبا بيشوي منذ فترة وشعبيته في هبوط واضح داخل الأوساط الأرثوذكسية لأسباب كثيرة يطول شرحها لذا فهو أراد أن يستعيد هذه الشعبية الضائعة بمغالاته وهجومه علي الآخرين وأراد أن يقدم نفسه للشعب علي اعتبار أنه حامي حمي الإيمان الأرثوذكسي وأنه الشخص المناسب للعشرين سنة القادمة وأنه الرجل المطلوب ليتصدي لهذا الغزو الإنجيلي الذي بالطبع لا مكان له إلا في مخيلته فقط*!!
رابعاً*:- إن الحاجة لإصلاح ديني ـ مثلما حدث في أوروبا ـ أصبح أمراً* ملحاً* اليوم في مجتمعاتنا العربية،* فالإصلاح الديني جاء نتيجة ما ساد كنيسة العصور الوسطي من فساد وما انتشر فيها من شر شمل رجال الدين وعامة الشعب،* فالتاريخ يقول عن هذه الحقبة إن أشر الموبقات كانت تحدث في أعلي المستويات الكنسية وفي تلك الفترة ازدادت سلطة رجال الدين وكثرت ثروتهم وممتلكاتهم ولذلك تنافس الناس لكي يحصلوا علي الوظائف الكهنوتية وكانوا يشترون هذه الوظائف بالرشوة والمال دون أن يكونوا أصحاب رسالة روحية ففسدت الأخلاق وعمت الرذيلة ولذلك كان من الطبيعي أن تنحط الديانة في بعض الطقوس الجوفاء*.
خامساً*:- يطلق المؤرخون علي القرنين الخامس عشر والسادس عشر اسم عصر النهضة أو عصر التنوير أو عصر الإحياء ففي ذلك العصر* غزا العقل البشري مختلف الميادين وأصبح لا سلطان علي العقل إلا العقل نفسه وفي ذلك العصر ظهر مارتن لوثر ووجد الكنيسة تبيع صكوك الغفران بزعم أن من سلطاتها أن تفرض علي الناس بعض العقوبات لأجل خطاياهم وعلي الناس أن يشتروا صكوك الغفران حتي ترفع عنهم الكنيسة العقوبات والتأديبات الكنسية وأصبحت هذه الصكوك مورداً* للمال للكنيسة وكانت أنواع الصكوك مختلفة النوع ومختلفة السعر وكل خطية كان لها الصك الذي يتناسب معها،* هذه القضية أزعجت لوثر فكتب* 95* قضية هاجم فيها بيع صكوك الغفران وعلقها علي باب كنيسة وتنبرج يوم* 31* / 10* / 1517* وبعد معاناة وصراع ومحاكمات شتي أصدر البابا في يناير* 1521* قراراً* بحرمان مارتن لوثر وبأنه يستحق كل عقوبات الهراطقة*.
سادساً*:- قال الأستاذ عبد الله في مقاله مانصه* " بين العقيدتين الأرثوذكسية والبروتستانتية* (التي يطلق عليها أيضاً* الإنجيلية*) علي مسيحيتيهما،* تناقضات عقيدية عميقة* " وفي حقيقة الأمر هي ليست تناقضات عقيدية ولكنها اختلافات في الطقوس وفي النظام الكنسي،* فالإصلاح البروتستانتي قام علي عدة مبادئ سامية وهي سمو سلطان الكتاب المقدس وحق كل مؤمن في قراءته وتفسيره وهذا عكس ما كان سائداً* في العصور الوسطي حيث كانت الكنيسة لا تسمح لغير الكهنة بقراءة الكتاب المقدس وحرمت الكنيسة الناس من حق التفسير ومنحت هذا الحق للبابا وحده فهل البابا معصوم؟*!! كلا لقد رفض الإصلاح البروتستانتي اعتبار التقليد الكنسي إتماماً* للوحي المقدس ولكنه اعتبره مفسراً* له فالكتاب المقدس كامل وهو أساس العقيدة والسلوك،* والمبدأ الثاني هو الخلاص بالإيمان وحده وليس الفروض والمراسيم والأسرار التي فرضتها كنيسة العصور الوسطي علي الناس باعتبارها لازمة للمصالحة مع الله،* والمبدأ الثالث هو كهنوت جميع المؤمنين فليس هناك كهنوت خاص وليس هناك من يتوسط في العبادة بين الله والناس فجميع المؤمنين يمكنهم الاتصال بالله مباشرة دون وسيط فالكاهن هو إنسان مثل أي إنسان يخطئ ويصيب وعليه كأي إنسان أن يتجه إلي الله ليعترف بخطاياه،* والمبدأ الرابع* هو حرية الضمير المسيحي حيث إن كنيسة القرون الوسطي حرمت علي الناس التفكير الحر،* وخلال الأربعين سنة التي سبقت الإصلاح أحرقت الكنيسة نحو* 1300* شخص بتهمة الهرطقة،* لقد كان هناك حجر علي كل تفكير حر ولكن فجر الإصلاح أشرق علي الفرد المسيحي بنور حرية الفكر والضمير*.
سابعاً*:- للإنجيليين يعود الفضل في ترجمة الكتاب المقدس،* لقد كانت كنيسة العصور الوسطي لا تسمح لغير الكهنة بقراءة الكتاب المقدس وكان هؤلاء يقرأونه باللغة اللاتينية التي لم تكن لغة التخاطب بين الناس فقام مارتن لوثر بترجمة الكتاب المقدس إلي اللغة الألمانية لغة الشعب وكان دائماً* يقول إنني أريد أن أجعل الكتاب المقدس يتكلم كشخص ألماني،* لقد كان يريد أن يفهم الشعب الألماني فهماً* كاملاً* بلغته الكتاب المقدس*.
ثامناً*:- عندما ذاعت تعاليم لوثر بعدم عصمة البابا وأن التبرير يكون بالإيمان بالمسيح وابتدأ مذهبه يكتسب أنصاراً* في ألمانيا وسويسرا حاولت الكنيسة بشتي الطرق أن توقف تقدم هذا الفكر وأن تحد من حرية الإنجيليين لكن نبلاء الإنجيليين قالوا عبارتهم المشهورة* " we protest *" أي أننا نحتج علي الظلم وعلي وضع القوانين الجائرة التي تعيق تقدم الفكر ومنذ ذلك الوقت ظهرت كلمة البروتستانتية التي ترمز إلي الريادة في المناداة بحرية الفكر وحرية الاعتقاد،* هذه الحرية التي فتحت أمام العالم باب الحضارة والتقدم في مختلف المجالات والتي أصبحت حقاً* أساسياً* تكفله دساتير العالم المتحضر،* الحرية التي هي حق لكل إنسان سواء كان ضمن الأغلبية أو الأقلية*. تاسعاً*:- من يقرأ التاريخ الإنساني بدقة سيكتشف أن معظم الشخصيات المؤثرة في التاريخ الإنساني جاءوا من خلفية بروتستانتية،* لقد ذكر ميشيل هارت في كتابه الخالدون المائة الذين لهم أعظم التأثير في التاريخ أن العدد الأكبر من هؤلاء الخالدين جاءوا من بلاد تنتمي للبروتستانتية في شمال أوروبا وأمريكا وعزا ذلك إلي الإصلاح البروتستانتي الذي كان له أعظم الأثر في نشر حرية التفكير الديني*.
عاشراً*: إن الحديث عن وجود هجمة ثقافية أو* غزو فكري أصبح أسلوب الضعفاء الذين لا يملكون الحجة القوية،* فالبقاء اليوم أصبح للأكثر إقناعاً* وتأثيراً،* ومقياس القوة لم يعد في قوة ترهيب الناس وتخويفهم بل أصبح في قوة احترام عقولهم ومخاطبتهم بالمنطق والحجة فليت الأنبا بيشوي يكون أكثر إقناعاً* لشعبه بعقيدته بدلاً* من مهاجمة الآخرين،* فمن حق كل شخص أو جماعة أن تعلن عن فكرها وتنشره بشرط أن تفعل هذا دون عنف ودون هجوم علي معتقدات الآخرين ومن حق أي شخص أيضاً* وفقاً* لقناعاته الشخصية أن ينتمي لأي فكر يستريح إليه ضميره الشخصي*. وختاماً*.. ليت الأنبا بيشوي وهو رئيس لجنة الإيمان والوحدة في مجلس كنائس الشرق الأوسط أن يتحدث بلسان واحد*. نتمني أن ما يقوله في الخارج عن الوحدة بين الكنائس يكون نفس ما يقوله في الداخل،* فأسلوب استخدام اللسان في التفوه بمعسول الكلام في الخارج* واستخدامه في التفوه بمر الكلام في الداخل هو أسلوب عفا عليه الزمن منذ زمن،* أما اليوم فبفضل وسائل الإعلام والإنترنت والفضائيات وغيرها لم يعد شيئاً* سرياً* وما يقال في الأماكن المغلقة يمكن أن يسمعه العالم كله،* فليت نيافة الأنبا يتسق مع ذاته ويتحدث بلسان واحد سواء في الداخل أو الخارج* !!
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=22744
كتب القس رفعت فكري
تحت عنوان* "انتبهوا يا أصحاب النيافة*" طالعنا الأستاذ عبد الله كمال بمقال موضوعي ومهم في جريدة* روزاليوسف* اليومية يوم* 8* أكتوبر* 2009،* وفي مقاله تناول التصريحات الأخيرة التي صدرت من الأنبا بيشوي والأنبا موسي في مؤتمر تثبيت العقيدة،* بشأن وجود خطة أعدها الإنجيليون تهدف لتحويل الأرثوذكس إلي إنجيليين خلال عشرين عاماً،* واعتبر الأستاذ عبد الله ـ من منطلق وطني بحت*- أن هذه القضية هي قضية وطنية بالدرجة الأولي وأن هذه الاتهامات ليس لها محل من الإعراب وأن هذا العبث بالعقائد لابد أن ينتهي لمصلحة البلد،* ومن منطلق حرصي علي سلامة الوطن وعلي ترسيخ وحدة الكنائس المصرية لي بعض الملاحظات*:-
أولاً*:- ليست هذه هي المرة الأولي التي يهاجم فيها الأنبا بيشوي الكنيسة الإنجيلية،* ولكننا اعتدنا منه علي ذلك طوال سنوات كثيرة مضت،* وهذا التوجه بصفة عامة يؤكد أننا أمام عقلية تتبني المطلقات وتتوهم أنها تمتلك الحقيقة الوحيدة المطلقة ومن ثم فهذه العقلية الدوجماطيقية ترفض النسبية في التفكير،* وبالتالي فهذه العقلية ترفض كل آخر مختلف ومغاير سواء عقائدياً* أو دينياً* أو فكرياً،* وهذه العقلية* الدوجماطيقية بصفة عامة هي عقلية تصادمية لا ولن تتسامح مع أي آخر مغاير،* الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة مستقبلاً*.
ثانياً*:- من المعرف عن الأنبا موسي تسامحه واعتداله وسعة أفقه،* ولكن يبدو أن هناك حرباً* تُشن عليه وتتهمه بأن له ميولاً* إنجيلية ولاسيما أن والده كان شيخاً* في الكنيسة الإنجيلية بالقرية التي نشأ فيها،* فأراد الرجل بهجومه هذه المرة علي الكنيسة الإنجيلية أن يبرئ نفسه منها ونحن نلتمس له العذر ونتفهم هذا جيداً*!!
ثالثاً*:- لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نفصل هذه التصريحات عن الصراع الدائر داخل الكنيسة الأرثوذكسية علي الكرسي البابوي،* فالأنبا بيشوي منذ فترة وشعبيته في هبوط واضح داخل الأوساط الأرثوذكسية لأسباب كثيرة يطول شرحها لذا فهو أراد أن يستعيد هذه الشعبية الضائعة بمغالاته وهجومه علي الآخرين وأراد أن يقدم نفسه للشعب علي اعتبار أنه حامي حمي الإيمان الأرثوذكسي وأنه الشخص المناسب للعشرين سنة القادمة وأنه الرجل المطلوب ليتصدي لهذا الغزو الإنجيلي الذي بالطبع لا مكان له إلا في مخيلته فقط*!!
رابعاً*:- إن الحاجة لإصلاح ديني ـ مثلما حدث في أوروبا ـ أصبح أمراً* ملحاً* اليوم في مجتمعاتنا العربية،* فالإصلاح الديني جاء نتيجة ما ساد كنيسة العصور الوسطي من فساد وما انتشر فيها من شر شمل رجال الدين وعامة الشعب،* فالتاريخ يقول عن هذه الحقبة إن أشر الموبقات كانت تحدث في أعلي المستويات الكنسية وفي تلك الفترة ازدادت سلطة رجال الدين وكثرت ثروتهم وممتلكاتهم ولذلك تنافس الناس لكي يحصلوا علي الوظائف الكهنوتية وكانوا يشترون هذه الوظائف بالرشوة والمال دون أن يكونوا أصحاب رسالة روحية ففسدت الأخلاق وعمت الرذيلة ولذلك كان من الطبيعي أن تنحط الديانة في بعض الطقوس الجوفاء*.
خامساً*:- يطلق المؤرخون علي القرنين الخامس عشر والسادس عشر اسم عصر النهضة أو عصر التنوير أو عصر الإحياء ففي ذلك العصر* غزا العقل البشري مختلف الميادين وأصبح لا سلطان علي العقل إلا العقل نفسه وفي ذلك العصر ظهر مارتن لوثر ووجد الكنيسة تبيع صكوك الغفران بزعم أن من سلطاتها أن تفرض علي الناس بعض العقوبات لأجل خطاياهم وعلي الناس أن يشتروا صكوك الغفران حتي ترفع عنهم الكنيسة العقوبات والتأديبات الكنسية وأصبحت هذه الصكوك مورداً* للمال للكنيسة وكانت أنواع الصكوك مختلفة النوع ومختلفة السعر وكل خطية كان لها الصك الذي يتناسب معها،* هذه القضية أزعجت لوثر فكتب* 95* قضية هاجم فيها بيع صكوك الغفران وعلقها علي باب كنيسة وتنبرج يوم* 31* / 10* / 1517* وبعد معاناة وصراع ومحاكمات شتي أصدر البابا في يناير* 1521* قراراً* بحرمان مارتن لوثر وبأنه يستحق كل عقوبات الهراطقة*.
سادساً*:- قال الأستاذ عبد الله في مقاله مانصه* " بين العقيدتين الأرثوذكسية والبروتستانتية* (التي يطلق عليها أيضاً* الإنجيلية*) علي مسيحيتيهما،* تناقضات عقيدية عميقة* " وفي حقيقة الأمر هي ليست تناقضات عقيدية ولكنها اختلافات في الطقوس وفي النظام الكنسي،* فالإصلاح البروتستانتي قام علي عدة مبادئ سامية وهي سمو سلطان الكتاب المقدس وحق كل مؤمن في قراءته وتفسيره وهذا عكس ما كان سائداً* في العصور الوسطي حيث كانت الكنيسة لا تسمح لغير الكهنة بقراءة الكتاب المقدس وحرمت الكنيسة الناس من حق التفسير ومنحت هذا الحق للبابا وحده فهل البابا معصوم؟*!! كلا لقد رفض الإصلاح البروتستانتي اعتبار التقليد الكنسي إتماماً* للوحي المقدس ولكنه اعتبره مفسراً* له فالكتاب المقدس كامل وهو أساس العقيدة والسلوك،* والمبدأ الثاني هو الخلاص بالإيمان وحده وليس الفروض والمراسيم والأسرار التي فرضتها كنيسة العصور الوسطي علي الناس باعتبارها لازمة للمصالحة مع الله،* والمبدأ الثالث هو كهنوت جميع المؤمنين فليس هناك كهنوت خاص وليس هناك من يتوسط في العبادة بين الله والناس فجميع المؤمنين يمكنهم الاتصال بالله مباشرة دون وسيط فالكاهن هو إنسان مثل أي إنسان يخطئ ويصيب وعليه كأي إنسان أن يتجه إلي الله ليعترف بخطاياه،* والمبدأ الرابع* هو حرية الضمير المسيحي حيث إن كنيسة القرون الوسطي حرمت علي الناس التفكير الحر،* وخلال الأربعين سنة التي سبقت الإصلاح أحرقت الكنيسة نحو* 1300* شخص بتهمة الهرطقة،* لقد كان هناك حجر علي كل تفكير حر ولكن فجر الإصلاح أشرق علي الفرد المسيحي بنور حرية الفكر والضمير*.
سابعاً*:- للإنجيليين يعود الفضل في ترجمة الكتاب المقدس،* لقد كانت كنيسة العصور الوسطي لا تسمح لغير الكهنة بقراءة الكتاب المقدس وكان هؤلاء يقرأونه باللغة اللاتينية التي لم تكن لغة التخاطب بين الناس فقام مارتن لوثر بترجمة الكتاب المقدس إلي اللغة الألمانية لغة الشعب وكان دائماً* يقول إنني أريد أن أجعل الكتاب المقدس يتكلم كشخص ألماني،* لقد كان يريد أن يفهم الشعب الألماني فهماً* كاملاً* بلغته الكتاب المقدس*.
ثامناً*:- عندما ذاعت تعاليم لوثر بعدم عصمة البابا وأن التبرير يكون بالإيمان بالمسيح وابتدأ مذهبه يكتسب أنصاراً* في ألمانيا وسويسرا حاولت الكنيسة بشتي الطرق أن توقف تقدم هذا الفكر وأن تحد من حرية الإنجيليين لكن نبلاء الإنجيليين قالوا عبارتهم المشهورة* " we protest *" أي أننا نحتج علي الظلم وعلي وضع القوانين الجائرة التي تعيق تقدم الفكر ومنذ ذلك الوقت ظهرت كلمة البروتستانتية التي ترمز إلي الريادة في المناداة بحرية الفكر وحرية الاعتقاد،* هذه الحرية التي فتحت أمام العالم باب الحضارة والتقدم في مختلف المجالات والتي أصبحت حقاً* أساسياً* تكفله دساتير العالم المتحضر،* الحرية التي هي حق لكل إنسان سواء كان ضمن الأغلبية أو الأقلية*. تاسعاً*:- من يقرأ التاريخ الإنساني بدقة سيكتشف أن معظم الشخصيات المؤثرة في التاريخ الإنساني جاءوا من خلفية بروتستانتية،* لقد ذكر ميشيل هارت في كتابه الخالدون المائة الذين لهم أعظم التأثير في التاريخ أن العدد الأكبر من هؤلاء الخالدين جاءوا من بلاد تنتمي للبروتستانتية في شمال أوروبا وأمريكا وعزا ذلك إلي الإصلاح البروتستانتي الذي كان له أعظم الأثر في نشر حرية التفكير الديني*.
عاشراً*: إن الحديث عن وجود هجمة ثقافية أو* غزو فكري أصبح أسلوب الضعفاء الذين لا يملكون الحجة القوية،* فالبقاء اليوم أصبح للأكثر إقناعاً* وتأثيراً،* ومقياس القوة لم يعد في قوة ترهيب الناس وتخويفهم بل أصبح في قوة احترام عقولهم ومخاطبتهم بالمنطق والحجة فليت الأنبا بيشوي يكون أكثر إقناعاً* لشعبه بعقيدته بدلاً* من مهاجمة الآخرين،* فمن حق كل شخص أو جماعة أن تعلن عن فكرها وتنشره بشرط أن تفعل هذا دون عنف ودون هجوم علي معتقدات الآخرين ومن حق أي شخص أيضاً* وفقاً* لقناعاته الشخصية أن ينتمي لأي فكر يستريح إليه ضميره الشخصي*. وختاماً*.. ليت الأنبا بيشوي وهو رئيس لجنة الإيمان والوحدة في مجلس كنائس الشرق الأوسط أن يتحدث بلسان واحد*. نتمني أن ما يقوله في الخارج عن الوحدة بين الكنائس يكون نفس ما يقوله في الداخل،* فأسلوب استخدام اللسان في التفوه بمعسول الكلام في الخارج* واستخدامه في التفوه بمر الكلام في الداخل هو أسلوب عفا عليه الزمن منذ زمن،* أما اليوم فبفضل وسائل الإعلام والإنترنت والفضائيات وغيرها لم يعد شيئاً* سرياً* وما يقال في الأماكن المغلقة يمكن أن يسمعه العالم كله،* فليت نيافة الأنبا يتسق مع ذاته ويتحدث بلسان واحد سواء في الداخل أو الخارج* !!
http://www.rosaonline.net/Daily/News.asp?id=22744
تعليق