الحمد لله القائل في محكم التنزيل: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ {85} كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {86} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {87} ) آل عمران
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( والذي نفسُ محمد بيده, لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار) .
أيها الناس: يقوم كثير من أدعياء العلم بالتدليس, وممارسة التلبيس من المنافقين المؤاخين لليهود والنصارى, ممن أشربت قلوبهم محبتهم, حتى ساقهم ذلك إلى أن يمدحوا أديانهم الباطلة ويعُدُّونها أدياناً حقـَّة لا تثريب عليهم في اتباعها، وأنهم لا يكفرون بهذا ! في مجاوزة منهم لحدود الله وأحكامه، ووقوعهم في ناقض من نواقض الإسلام، ولم يكُ هذا إلاَّ طلباً لمرضاتهم, وليسَ هذا بمستغرب مِمَّن قال الله فيهم: (إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً {140}) النساء.
ولكنه مستغربٌ من بعض من يُسَمَّون بالمفكرين الإسلاميين! الذين هان عندهم الوقوع في هذا الناقض حتى يُدعوا بأنهم من أهل التسامح, ودعاة التقارب, وحوار الأديان, والرابطة الإنسانية, وأنهم أبناء إبراهيم, وكلنا أبناء آدم عليه السلام. أو بسبب الهزيمة النفسية التي تمنعهم من الصدع والفخر بدين الله الذي جعله خاتم الأديان .
أيها الناس: ليكن معلوماً لديكم بداهة أن كفر اليهود والنصارى ثابت بكتاب الله المبين، وسنة رسوله الكريم. وإجماع الأمة، وهو معلوم من الدين بالضرورة. والإحجام عن تسمية اليهود والنصارى كفاراً وتسميتِهم بغير المسلمين, وأحياناً بالمؤمنين, وأحياناً أخرى بالإخوان، وتسمية ديانتي اليهود والنصارى بأنهما سماويتان, بل, لا يتورعون عن مضاهاتِهما بالإسلام، وقرنهما به عند قولهم الديانات السماوية الثلاث !
هذا كله لا يجوز بغير خلاف: فالله سبحانه وتعالى يقول: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ {98}) آل عمران .
ويقول: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ {70} ) آل عمران .
ويقول: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ {65})المائدة.
هذا وقد أجمع المسلمون على تسمية اليهود والنصارى كفارا:
قال القاضي عياض في الشفا: بالإجماع على كفر من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود، وكل من فارق دين المسلمين أو وقف في تكفيرهم أو شك .
وقال بن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفارا .
وقال أيضاً: الكفر والشرك سواء، وكل كافر فهو مشرك, وكل مشرك فهو كافر, وهو قول الشافعي وغيره.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى:" قد ثبت في الكتاب والسنة والإجماع أن من بلغته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن بها فهو كافر لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد لظهور أدلة الرسالة وأعلام النبوة ".
وقال: " نعلم أن خلقاً لا يعاقبون في الدنيا مع أنهم كفار في الآخرة مثل أهل الذمة والمقرين بالجزية على كفرهم ".
وقال: "إن اليهود والنصارى كفار كفراً معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام" . وقال أيضاً: "... ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقده، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهار ما أظهره من خلاف ذلك ".
ومن لم يقطع ويقتنع بكفر الكافر في دين الله فما صدَّق بما أخبر الله تعالى به من كفرهم .
ومن لم يعتقد بأن دين الإسلام ناسخ لما قبله من الأديان, وأن على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين كائناً ما كان دينه قبل ذلك, فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم, لأن رسالته ناسخة لما قبلها من الأديان، وأن على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين القويم كائناً ما كان دينه قبل ذلك, لقوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ... {158} ) الأعراف .
فاليهود والنصارى كفار مشركون لقوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ {30} اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {31} ) التوبة .
فمن قال إن اليهود والنصارى ليسوا كفارا فهو مكذب لقوله تعالى: (مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ..{46}) النساء.
ومكذب لقوله: ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا {155} وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا {156} وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ...{157}) النساء.
ومكذب لقوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ .. {17} ) المائدة .
ومكذب لقوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73} ) المائدة .
فاليهود والنصارى لا يؤمنون بنبينا صلى الله عليه وسلم, ولا يتبعونه, مخالفين قوله تعالى: ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ{1}رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً{2} فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ{3}وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ{4}) البينة.
ولا يؤمنون بالأنبياء والرسل السابقين وصدق الله: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا {150} أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا{151} ) النساء.
فماذا بقي بعد هذا البيان من الله عزّ وجلّ ؟! وهل من مُتقوِّل ٍمُتخوِّص ٍ!
ولست هنا أبحث في تكفير المسلمين, ولكن لا بد من بيان مراد القاضي عياض رحمه الله فإنه ينطبق فقط على الذي لا يكفرهم بقلبه, ولا في مجالسه وأوضاعه التي يكون فيها أمينا على نفسه ومصالحه، ولا ينطبق على من يكفرهم في السر، ولا يكفرهم علانية، مع أنه مُسيء.
وبسط الكلام في هذه المسالة ليس هذا موضعه.
وهناك مسألة أخيرة متعلقة بمخالفة شرعية أحببتُ أن أشير إليها لأهميتها تتمثل بمناداة بعض أبناء المسلمين لليهود والنصارى بالأخوة ! فيقولون: إخواننا النصارى ! ونسوا أو تناسو قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...{10} ) الحجرات .
وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ {35} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {36} ) القلم .
وما ذكرناه بحق اليهود والنصارى يدل قطعاً ويقيناً على أنهم كفار ومشركون, وليسوا أبداً مؤمنين ! وفي النار هم خالدون .
والذي أريد الوصول إليه هو أن الرأس أو الرئيس الذي يطلق على النصارى أنهم إخوانه! أو أنهم مؤمنون! أو أنهم غير مسلمين! أي ليسوا كفاراً, أو أن الديانتين اليهودية والنصرانية ديانتان سماويتان! أو يقرنهما بالإسلام! فأنه مُسيء, فاسق, عاص, آثم, لا يجوز تقليدُه, بل ينبغي أن يحذرَه المسلم على دينه.
نسأل الله الهداية، وصلى الله على نبينا محمد.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
ذكر الإمام الطبري في تأويل قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} فإنه لا يتلاعن اثنان مؤمنان ولا كافران فيقول أحدهما: لعن الله الظالم إلا وجبت تلك اللعنة على الكافر لأنه ظالم، فكل أحد من الخلق يلعنه.
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا قول من قال: عنى الله بذلك جميع الناس بمعنى لعنهم إياهم بقولهم: لعن الله الظالم أو الظالمين، فإن كل أحد من بني آدم لا يمنع من قيل ذلك كائنا من كان، ومن أي أهل ملة كان، فيدخل بذلك في لعنته كل كافر كائنا من كان وذلك بمعنى ما قاله أبو العالية، لأن الله تعالى ذكره أخبر عمن شهدهم يوم القيامة أنهم يلعنونهم، فقال: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18]
وذكر الإمام أحمد ابن حنبل في مسنده حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه.حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة أن عونا وسعيد ابني أبي بردة حدثاه: أنهما شهدا أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله عز وجل مكانه يهوديا أو نصرانيا قال فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحلف له قال فلم يحدثني سعيد أنه استحلفه ولم ينكر على عون قوله.
وهناك مسألة أخيرة متعلقة بمخالفة شرعية أحببتُ أن أشير إليها لأهميتها تتمثل بمناداة بعض أبناء المسلمين لليهود والنصارى بالأخوة ! فيقولون: إخواننا النصارى ! ونسوا أو تناسو قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...{10} ) الحجرات .
وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ {35} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {36} ) القلم .
وما ذكرناه بحق اليهود والنصارى يدل قطعاً ويقيناً على أنهم كفار ومشركون, وليسوا أبداً مؤمنين ! وفي النار هم خالدون .
والذي أريد الوصول إليه هو أن الرأس أو الرئيس الذي يطلق على النصارى أنهم إخوانه! أو أنهم مؤمنون! أو أنهم غير مسلمين! أي ليسوا كفاراً, أو أن الديانتين اليهودية والنصرانية ديانتان سماويتان! أو يقرنهما بالإسلام! فأنه مُسيء, فاسق, عاص, آثم, لا يجوز تقليدُه, بل ينبغي أن يحذرَه المسلم على دينه.
نسأل الله الهداية، وصلى الله على نبينا محمد.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( والذي نفسُ محمد بيده, لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار) .
أيها الناس: يقوم كثير من أدعياء العلم بالتدليس, وممارسة التلبيس من المنافقين المؤاخين لليهود والنصارى, ممن أشربت قلوبهم محبتهم, حتى ساقهم ذلك إلى أن يمدحوا أديانهم الباطلة ويعُدُّونها أدياناً حقـَّة لا تثريب عليهم في اتباعها، وأنهم لا يكفرون بهذا ! في مجاوزة منهم لحدود الله وأحكامه، ووقوعهم في ناقض من نواقض الإسلام، ولم يكُ هذا إلاَّ طلباً لمرضاتهم, وليسَ هذا بمستغرب مِمَّن قال الله فيهم: (إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً {140}) النساء.
ولكنه مستغربٌ من بعض من يُسَمَّون بالمفكرين الإسلاميين! الذين هان عندهم الوقوع في هذا الناقض حتى يُدعوا بأنهم من أهل التسامح, ودعاة التقارب, وحوار الأديان, والرابطة الإنسانية, وأنهم أبناء إبراهيم, وكلنا أبناء آدم عليه السلام. أو بسبب الهزيمة النفسية التي تمنعهم من الصدع والفخر بدين الله الذي جعله خاتم الأديان .
أيها الناس: ليكن معلوماً لديكم بداهة أن كفر اليهود والنصارى ثابت بكتاب الله المبين، وسنة رسوله الكريم. وإجماع الأمة، وهو معلوم من الدين بالضرورة. والإحجام عن تسمية اليهود والنصارى كفاراً وتسميتِهم بغير المسلمين, وأحياناً بالمؤمنين, وأحياناً أخرى بالإخوان، وتسمية ديانتي اليهود والنصارى بأنهما سماويتان, بل, لا يتورعون عن مضاهاتِهما بالإسلام، وقرنهما به عند قولهم الديانات السماوية الثلاث !
هذا كله لا يجوز بغير خلاف: فالله سبحانه وتعالى يقول: ( قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ {98}) آل عمران .
ويقول: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ {70} ) آل عمران .
ويقول: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ {65})المائدة.
هذا وقد أجمع المسلمون على تسمية اليهود والنصارى كفارا:
قال القاضي عياض في الشفا: بالإجماع على كفر من لم يكفر أحداً من النصارى واليهود، وكل من فارق دين المسلمين أو وقف في تكفيرهم أو شك .
وقال بن حزم في مراتب الإجماع: واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفارا .
وقال أيضاً: الكفر والشرك سواء، وكل كافر فهو مشرك, وكل مشرك فهو كافر, وهو قول الشافعي وغيره.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى:" قد ثبت في الكتاب والسنة والإجماع أن من بلغته رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يؤمن بها فهو كافر لا يقبل منه الاعتذار بالاجتهاد لظهور أدلة الرسالة وأعلام النبوة ".
وقال: " نعلم أن خلقاً لا يعاقبون في الدنيا مع أنهم كفار في الآخرة مثل أهل الذمة والمقرين بالجزية على كفرهم ".
وقال: "إن اليهود والنصارى كفار كفراً معلوماً بالاضطرار من دين الإسلام" . وقال أيضاً: "... ولهذا نكفر من دان بغير ملة المسلمين من الملل، أو وقف فيهم، أو شك، أو صحح مذهبهم، وإن أظهر مع ذلك الإسلام، واعتقده، واعتقد إبطال كل مذهب سواه، فهو كافر بإظهار ما أظهره من خلاف ذلك ".
ومن لم يقطع ويقتنع بكفر الكافر في دين الله فما صدَّق بما أخبر الله تعالى به من كفرهم .
ومن لم يعتقد بأن دين الإسلام ناسخ لما قبله من الأديان, وأن على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين كائناً ما كان دينه قبل ذلك, فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم, لأن رسالته ناسخة لما قبلها من الأديان، وأن على كل أحد من الناس أن يتبع هذا الدين القويم كائناً ما كان دينه قبل ذلك, لقوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً ... {158} ) الأعراف .
فاليهود والنصارى كفار مشركون لقوله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ {30} اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ {31} ) التوبة .
فمن قال إن اليهود والنصارى ليسوا كفارا فهو مكذب لقوله تعالى: (مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ..{46}) النساء.
ومكذب لقوله: ( فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا {155} وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا {156} وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ...{157}) النساء.
ومكذب لقوله: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ .. {17} ) المائدة .
ومكذب لقوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {73} ) المائدة .
فاليهود والنصارى لا يؤمنون بنبينا صلى الله عليه وسلم, ولا يتبعونه, مخالفين قوله تعالى: ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ{1}رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً{2} فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ{3}وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ{4}) البينة.
ولا يؤمنون بالأنبياء والرسل السابقين وصدق الله: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا {150} أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا{151} ) النساء.
فماذا بقي بعد هذا البيان من الله عزّ وجلّ ؟! وهل من مُتقوِّل ٍمُتخوِّص ٍ!
ولست هنا أبحث في تكفير المسلمين, ولكن لا بد من بيان مراد القاضي عياض رحمه الله فإنه ينطبق فقط على الذي لا يكفرهم بقلبه, ولا في مجالسه وأوضاعه التي يكون فيها أمينا على نفسه ومصالحه، ولا ينطبق على من يكفرهم في السر، ولا يكفرهم علانية، مع أنه مُسيء.
وبسط الكلام في هذه المسالة ليس هذا موضعه.
وهناك مسألة أخيرة متعلقة بمخالفة شرعية أحببتُ أن أشير إليها لأهميتها تتمثل بمناداة بعض أبناء المسلمين لليهود والنصارى بالأخوة ! فيقولون: إخواننا النصارى ! ونسوا أو تناسو قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...{10} ) الحجرات .
وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ {35} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {36} ) القلم .
وما ذكرناه بحق اليهود والنصارى يدل قطعاً ويقيناً على أنهم كفار ومشركون, وليسوا أبداً مؤمنين ! وفي النار هم خالدون .
والذي أريد الوصول إليه هو أن الرأس أو الرئيس الذي يطلق على النصارى أنهم إخوانه! أو أنهم مؤمنون! أو أنهم غير مسلمين! أي ليسوا كفاراً, أو أن الديانتين اليهودية والنصرانية ديانتان سماويتان! أو يقرنهما بالإسلام! فأنه مُسيء, فاسق, عاص, آثم, لا يجوز تقليدُه, بل ينبغي أن يحذرَه المسلم على دينه.
نسأل الله الهداية، وصلى الله على نبينا محمد.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
ذكر الإمام الطبري في تأويل قوله تعالى: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين}
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله: {أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين} فإنه لا يتلاعن اثنان مؤمنان ولا كافران فيقول أحدهما: لعن الله الظالم إلا وجبت تلك اللعنة على الكافر لأنه ظالم، فكل أحد من الخلق يلعنه.
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا قول من قال: عنى الله بذلك جميع الناس بمعنى لعنهم إياهم بقولهم: لعن الله الظالم أو الظالمين، فإن كل أحد من بني آدم لا يمنع من قيل ذلك كائنا من كان، ومن أي أهل ملة كان، فيدخل بذلك في لعنته كل كافر كائنا من كان وذلك بمعنى ما قاله أبو العالية، لأن الله تعالى ذكره أخبر عمن شهدهم يوم القيامة أنهم يلعنونهم، فقال: {فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} [هود: 18]
وذكر الإمام أحمد ابن حنبل في مسنده حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه.حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا همام حدثنا قتادة أن عونا وسعيد ابني أبي بردة حدثاه: أنهما شهدا أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله عز وجل مكانه يهوديا أو نصرانيا قال فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحلف له قال فلم يحدثني سعيد أنه استحلفه ولم ينكر على عون قوله.
وهناك مسألة أخيرة متعلقة بمخالفة شرعية أحببتُ أن أشير إليها لأهميتها تتمثل بمناداة بعض أبناء المسلمين لليهود والنصارى بالأخوة ! فيقولون: إخواننا النصارى ! ونسوا أو تناسو قوله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ...{10} ) الحجرات .
وقوله: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ {35} مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ {36} ) القلم .
وما ذكرناه بحق اليهود والنصارى يدل قطعاً ويقيناً على أنهم كفار ومشركون, وليسوا أبداً مؤمنين ! وفي النار هم خالدون .
والذي أريد الوصول إليه هو أن الرأس أو الرئيس الذي يطلق على النصارى أنهم إخوانه! أو أنهم مؤمنون! أو أنهم غير مسلمين! أي ليسوا كفاراً, أو أن الديانتين اليهودية والنصرانية ديانتان سماويتان! أو يقرنهما بالإسلام! فأنه مُسيء, فاسق, عاص, آثم, لا يجوز تقليدُه, بل ينبغي أن يحذرَه المسلم على دينه.
نسأل الله الهداية، وصلى الله على نبينا محمد.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات