حبل حواء:
هو الذي خلقكم مِن نفسٍ واحدةٍ وجعل منها زوجها ليسكن إليها، فلما تَغَشَّاها حَملَتْ حَملاً خفيفاً فمرّت به، فلما أَثْقَلتْ دعوا الله ربهما: لئِن آتيتنا صالحاً لنكوننّ من الشاكرين. فلما آتاهما صالحاً، جعلا له شركاء فيما آتاهما، فتعالى الله عما يُشْرِكون (آيتا 189 ، 190).
قال المفسرون لما حملت حواء أتاها إبليس في صورة رجل، فقال لها: ما يدريك ما في بطنك، لعله بهيمة أو كلب؟ وما يدريك من أين يخرج؟ فخافت من ذلك وذكرته لآدم. ثم عاد إليها وقال: إني من الله بمنزلة، فإن دعوتُ الله أن يجعله خلقاً سوياً مثلك ويسهّل عليك خروجه تسمّيه عبد الحرث. وكان اسم إبليس في الملائكة الحرث. وقال ابن عباس: كانت حواء تلد لآدم، فيسمّيه عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن فيصيبهم الموت، فأتاهما إبليس فقال: إنْ سَرَّكما أن يعيش لكما ولد فسمِّياه عبد الحرث. فولدت، فسمَّياه عبد الحرث فعاش. قال محمد: لما حملت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سمِّيه عبد الحرث، فسمّته فعاش. وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره. فهذا معنى قول القرآن وجعلا له شركاء (الطبري في تفسير الأعراف 7: 189 ، 190).
والتوراة تعلِّمنا أن آدم عرف حواء امرأته فحبلت وولدت قايين، ثم عادت فولدت أخاه هابيل، وبعد ذلك عرف آدم امرأته أيضاً فولدت ابناً ودعت اسمه شيثاً. وتأمَّل كيف تعبِّر التوراة بكلمة عرف عن معنى الجماع، وهي ألطف وأرقّ من عبارة القرآن. وانظر إلى عبارة التوراة تجدها لم تنسب إلى آدم وحواء الإشراك بالله. والمسلمون يعتقدون بنبوَّة آدم. فكيف يكون نبياً ومشركاً؟
الرد
اعلم أن الله تعالى يقرير أمر التوحيد وإبطال الشرك وفيه مسائل:
المسألة الأولى: المروي عن ابن عباس { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } وهي نفس آدم { وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أي حواء خلقها الله من ضلع آدم عليه السلام من غير أذى { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } آدم { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَلَمَّا أَثْقَلَت } أي ثقل الولد في بطنها أتاها إبليس في صورة رجل وقال: ما هذا يا حواء إني أخاف أن يكون كلباً أو بهيمة وما يدريك من أين يخرج؟ أمن دبرك فيقتلك أو ينشق بطنك؟ فخافت حواء، وذكرت ذلك لآدم عليه السلام، فلم يزالا في هم من ذلك، ثم أتاها وقال: إن سألت الله أن يجعله صالحاً سوياً مثلك ويسهل خروجه من بطنك تسميه عبد الحرث، وكان اسم إبليس في الملائكة الحرث فذلك قوله: { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا صَـلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } أي لما آتاهما الله ولداً سوياً صالحاً جعلا له شريكاً أي جعل آدم وحواء له شريكاً، والمراد به الحرث هذا تمام القصة.
** هذا التأويل فاسد ويدل عليه وجوه :
الأول: أنه تعالى قال: { فَتَعَـلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وذلك يدل على أن الذين أتوا بهذا الشرك جماعة.
الثاني: أنه تعالى قال بعده:
{ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ }
[الأعراف: 191]
وهذا يدل على أن المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الأصنام شركاء لله تعالى، وما جرى لإبليس اللعين في هذه الآية ذكر.
الثالث: لو كان المراد إبليس لقال: (أيشركون من لا يخلق شيئاً)، ولم يقل (ما لا يخلق شيئاً)، لأن العاقل إنما يذكر بصيغة «من» لا بصيغة «ما»
الرابع: أن آدم عليه السلام كان أشد الناس معرفة بإبليس، وكان عالماً بجميع الأسماء كما قال تعالى: { وَعَلَّمَ ءادَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا } فكان لا بد وأن يكون قد علم أن اسم إبليس هو الحرث فمع العداوة الشديدة التي بينه وبين آدم ومع علمه بأن اسمه هو الحرث كيف سمى ولد نفسه بعبد الحرث؟ وكيف ضاقت عليه الأسماء حتى أنه لم يجد سوى هذا الاسم؟
الخامس: أن الواحد منا لو حصل له ولد يرجو منه الخير والصلاح، فجاءه إنسان ودعاه إلى أن يسميه بمثل هذه الأسماء لزجره وأنكر عليه أشد الإنكار. فآدم عليه السلام مع نبوته وعلمه الكثير الذي حصل من قوله:
{ وَعَلَّمَ ءادَمَ الأسْمَاء كُلَّهَا }
[البقرة: 31]
وتجاربه الكثيرة التي حصلت له بسبب الزلة التي وقع فيها لأجل وسوسة إبليس، كيف لم يتنبه لهذا القدر وكيف لم يعرف أن ذلك من الأفعال المنكرة التي يجب على العاقل الاحتراز منها السادس: أن بتقدير أن آدم عليه السلام، سماه بعبد الحرث، فلا يخلو إما أن يقال إنه جعل هذا اللفظ اسم علم له، أو جعله صفة له، بمعنى أنه أخبر بهذا اللفظ أنه عبد الحرث ومخلوق من قبله.
فإن كان الأول لم يكن هذا شركاً بالله لأن أسماء الأعلام والألقاب لا تفيد في المسميات فائدة، فلم يلزم من التسمية بهذا اللفظ حصول الإشراك، وإن كان الثاني كان هذا قولاً بأن آدم عليه السلام اعتقد أن لله شريكاً في الخلق والإيجاد والتكوين وذلك يوجب الجزم بتكفير آدم، وذلك لا يقوله عاقل. فثبت بهذه الوجوه أن هذا القول فاسد ويجب على العاقل المسلم أن لا يلتفت إليه.
إذا عرفت هذا فنقول: في تأويل الآية وجوه صحيحة سليمة خالية عن هذه المفاسد.
التأويل الأول: ما ذكره القفال فقال: إنه تعالى ذكر هذه القصة على تمثيل ضرب المثل وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم، وقولهم بالشرك، وتقرير هذا الكلام كأنه تعالى يقول: هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنساناً يساويه في الإنسانية، فلما تغشى الزوج زوجته وظهر الحمل، دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتيتنا ولداً صالحاً سوياً لنكونن من الشاكرين لآلائك ونعمائك. فلما آتاهما الله ولداً صالحاً سوياً، جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما، لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين، وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين، وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام.
ثم قال تعالى: { فَتَعَـلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزه الله عن ذلك الشرك، وهذا جواب في غاية الصحة والسداد.
التأويل الثاني: بأن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم آل قصي، والمراد من قوله: هو الذى خلقكم من نفس قصي وَجعل من جنسـها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد اللات، وجعل الضمير في { يُشْرِكُونَ } لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك.
التأويل الثالث: أن نسلم أن هذه الآية وردت في شرح قصة آدم عليه السلام وعلى هذا التقدير ففي دفع هذا الإشكال وجوه:
الأول: أن المشركين كانوا يقولون إن آدم عليه السلام كان يعبد الأصنام، ويرجع في طلب الخير ودفع الشر إليها، فذكر تعالى قصة آدم وحواء عليهما السلام، وحكى عنهما أنهما قالا: { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـلِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّـاكِرِينَ } أي ذكرا أنه تعالى لو آتاهما ولداً سوياً صالحاً لاشتغلوا بشكر تلك النعمة، ثم قال: { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا صَـٰلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } فقوله: { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار والتبعيد، والتقرير: فلما آتاهما صالحاً أجعلا له شركاء فيما آتاهما؟ ثم قال: { فَتَعَـلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك وينسبونه إلى آدم عليه السلام، ونظيره أن ينعم رجل على رجل بوجوه كثيرة من الأنعام، ثم يقال لذلك المنعم: أن ذلك المنعم عليه يقصد ذمك وإيصال الشر إليك، فيقول ذلك المنعم: فعلت في حق فلان كذا وأحسنت إليه بكذا وكذا وأحسنت إليه بكذا وكذا، ثم إنه يقابلني بالشر والإساءة والبغي؟ على التبعيد فكذا ههنا.
الوجه الثاني: في الجواب أن نقول: أن هذه القصة من أولها إلى آخرها في حق آدم وحواء ولا إشكال في شيء من ألفاظها إلا قوله: { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا صَـٰلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـهُمَا } فنقول: التقدير، فلما آتاهما ولداً صالحاً سوياً جعلا له شركاء أي جعل أولادهما له شركاء على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذا فيما آتاهما، أي فيما آتى أولادهما ونظيره قوله:
{ وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ }
[يوسف: 82] أي واسأل أهل القرية.
فإن قيل: فعلى هذا التأويل ما الفائدة في التثنية في قوله: { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء }.
قلنا: لأن ولده قسمان ذكر وأنثى فقوله: { جَعَلاَ } المراد منه الذكر والأنثى مرة عبر عنهما بلفظ التثنية لكونهما صنفين ونوعين، ومرة عبر عنهما بلفظ الجمع، وهو قوله تعالى: { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.
الوجه الثالث: في الجواب سلمنا أن الضمير في قوله: { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } عائد إلى آدم وحواء عليهما السلام، إلا أنه قيل: إنه تعالى لما آتاهما الولد الصالح عزما على أن يجعلاه وقفاً على خدمة الله وطاعته وعبوديته على الإطلاق. ثم بدا لهم في ذلك، فتارة كانوا ينتفعون به في مصالح الدنيا ومنافعها، وتارة كانوا يأمرونه بخدمة الله وطاعته. وهذا العمل وإن كان منا قربة وطاعة، إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فلهذا قال تعالى: { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } والمراد من هذه الآية ما نقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال حاكياً عن الله سبحانه: " أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه " وعلى هذا التقدير: فالإشكال زائل.
الوجه الرابع: في التأويل أن نقول: سلمنا صحة تلك القصة المذكورة، إلا أنا نقول: إنهم سموا بعبد الحرث لأجل أنهم اعتقدوا أنه إنما سلم من الآفة والمرض بسبب دعاء ذلك الشخص المسمى بالحرث، وقد يسمى المنعم عليه عبداً للمنعم. يقال في المثل: أنا عبد من تعلمت منه حرفاً، ورأيت بعض الأفاضل كتب على عنوان: كتابة عبد وده فلان. قال الشاعر:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا ..... ولا شيمة لي بعدها تشبه العبدا
فآدم وحواء عليهما السلام سميا ذلك الولد بعبد الحرث تنبيهاً على أنه إنما سلم من الآفات ببركة دعائه، وهذا لا يقدح في كونه عبد الله من جهة أنه مملوكه ومخلوقه، إلا أنا قد ذكرنا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فلما حصل الاشتراك في لفظ العبد لا جرم صار آدم عليه السلام معاتباً في هذا العمل بسبب الاشتراك الحاصل في مجرد لفظ العبد، فهذا جملة ما نقوله في تأويل هذه الآية.
-------------------------------------------
المسألة الثانية: في تفسير ألفاظ الآية وفيها مباحث:
البحث الأول:
قوله: { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } المشهور أنها نفس آدم
وقوله: { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } المراد حواء. قالوا ومعنى كونها مخلوقة من نفس آدم، أنه تعالى خلقها من ضلع من أضلاع آدم. قالوا: والحكمة فيه أن الجنس إلى الجنس أميل، والجنسية علة الضم، وأقول هذا الكلام مشكل لأنه تعالى لما كان قادراً على أن يخلق آدم ابتداء فما الذي حملنا على أن نقول أنه تعالى خلق حواء من جزء أجزاء آدم؟ ولم لا نقول: إنه تعالى خلق حواء أيضاً ابتداء؟ وأيضاً الذي يقدر على خلق إنسان من عظم واحد فلم لا يقدر على خلقه ابتداء، وأيضاً الذي يقال: إن عدد أضلاع الجانب الأيسر أنقص من عدد أضلاع الجانب الأيمن فيه مؤاخذة تنبي عن خلاف الحس والتشريح. بقي أن يقال: إذا لم نقل بذلك، فما المراد من كلمة { مِنْ } في قوله: { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } فنقول: قد ذكرنا أن الإشارة إلى الشيء تارة تكون بحسب شخصه، وأخرى بحسب نوعه قال عليه الصلاة والسلام: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " وليس المراد ذلك الفرد المعين بل المراد ذلك النوع. وقال عليه الصلاة والسلام: " في يوم عاشوراء هذا هو اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون " والمراد خلق من النوع الإنساني زوجة آدم، والمقصود التنبيه على أنه تعالى جعل زوج آدم إنساناً مثله قوله: { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } أي جامعها، والغشيان إتيان الرجل المرأة وقد غشاها وتغشاها إذا علاها، وذلك لأنه إذا علاها فقد صار كالغاشية لها، ومثله يجللها، وهو يشبه التغطي واللبس. قال تعالى: { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }
وقوله: { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } قالوا يريد النطفة والمني والحمل بالفتح ما كان في البطن أو على رأس الشجر، والحمل بكسر الحاء ما حمل على ظهر أو على الدابة.
وقوله: { فَمَرَّتْ بِهِ } أي استمرت بالماء والحمل على سبيل الخفة، والمراد أنها كانت تقوم وتقعد وتمشي من غير ثقل. قال صاحب «الكشاف»: وقرأ يحيى بن يعمر { فَمَرَّتْ بِهِ } بالتخفيف وقرأ غيره { فمارت به } من المرية.
كقوله:
{ أَفَتُمَـٰرُونَهُ }[النجم: 12] وفي قراءة أخرى { أَفَتُمَـرُونَهُ } معناه وقع في نفسها ظن الحمل وارتابت فيه { فَلَمَّا أَثْقَلَت } أي صارت إلى حال الثقل ودنت ولادتها { دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا } يعني آدم وحواء { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـٰلِحاً } أي ولداً سوياً مثلنا { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّـكِرِينَ } لآلائك ونعمائك { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا } الله { صَـلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـهُمَا } والكلام في تفسيره قد مر بالاستقصاء قرأ ابن كثير وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وعاصم، في رواية حفص (عَنْهُ شُرَكَاء) بصيغة الجمع وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر (عَنْهُ) بكسر الشين وتنوين الكاف ومعناه جعلا له نظراء ذوي شرك وهم الشركاء، أو يقال معناه أحدثا لله إشراكاً في الولد ومن قرأ { شُرَكَاء } فحجته قوله:
{ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ }
[الرعد:16]
وأراد بالشركاء في هذه الآية إبليس لأن من أطاع إبليس فقد أطاع جميع الشياطين، هذا إذا حملنا هذه الآية على القصة المشهورة، أما إذا لم نقل به فلا حاجة إلى التأويل
والله أعلم
هو الذي خلقكم مِن نفسٍ واحدةٍ وجعل منها زوجها ليسكن إليها، فلما تَغَشَّاها حَملَتْ حَملاً خفيفاً فمرّت به، فلما أَثْقَلتْ دعوا الله ربهما: لئِن آتيتنا صالحاً لنكوننّ من الشاكرين. فلما آتاهما صالحاً، جعلا له شركاء فيما آتاهما، فتعالى الله عما يُشْرِكون (آيتا 189 ، 190).
قال المفسرون لما حملت حواء أتاها إبليس في صورة رجل، فقال لها: ما يدريك ما في بطنك، لعله بهيمة أو كلب؟ وما يدريك من أين يخرج؟ فخافت من ذلك وذكرته لآدم. ثم عاد إليها وقال: إني من الله بمنزلة، فإن دعوتُ الله أن يجعله خلقاً سوياً مثلك ويسهّل عليك خروجه تسمّيه عبد الحرث. وكان اسم إبليس في الملائكة الحرث. وقال ابن عباس: كانت حواء تلد لآدم، فيسمّيه عبد الله وعبيد الله وعبد الرحمن فيصيبهم الموت، فأتاهما إبليس فقال: إنْ سَرَّكما أن يعيش لكما ولد فسمِّياه عبد الحرث. فولدت، فسمَّياه عبد الحرث فعاش. قال محمد: لما حملت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سمِّيه عبد الحرث، فسمّته فعاش. وكان ذلك من وحي الشيطان وأمره. فهذا معنى قول القرآن وجعلا له شركاء (الطبري في تفسير الأعراف 7: 189 ، 190).
والتوراة تعلِّمنا أن آدم عرف حواء امرأته فحبلت وولدت قايين، ثم عادت فولدت أخاه هابيل، وبعد ذلك عرف آدم امرأته أيضاً فولدت ابناً ودعت اسمه شيثاً. وتأمَّل كيف تعبِّر التوراة بكلمة عرف عن معنى الجماع، وهي ألطف وأرقّ من عبارة القرآن. وانظر إلى عبارة التوراة تجدها لم تنسب إلى آدم وحواء الإشراك بالله. والمسلمون يعتقدون بنبوَّة آدم. فكيف يكون نبياً ومشركاً؟
الرد
اعلم أن الله تعالى يقرير أمر التوحيد وإبطال الشرك وفيه مسائل:
المسألة الأولى: المروي عن ابن عباس { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } وهي نفس آدم { وجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أي حواء خلقها الله من ضلع آدم عليه السلام من غير أذى { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } آدم { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَلَمَّا أَثْقَلَت } أي ثقل الولد في بطنها أتاها إبليس في صورة رجل وقال: ما هذا يا حواء إني أخاف أن يكون كلباً أو بهيمة وما يدريك من أين يخرج؟ أمن دبرك فيقتلك أو ينشق بطنك؟ فخافت حواء، وذكرت ذلك لآدم عليه السلام، فلم يزالا في هم من ذلك، ثم أتاها وقال: إن سألت الله أن يجعله صالحاً سوياً مثلك ويسهل خروجه من بطنك تسميه عبد الحرث، وكان اسم إبليس في الملائكة الحرث فذلك قوله: { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا صَـلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } أي لما آتاهما الله ولداً سوياً صالحاً جعلا له شريكاً أي جعل آدم وحواء له شريكاً، والمراد به الحرث هذا تمام القصة.
** هذا التأويل فاسد ويدل عليه وجوه :
الأول: أنه تعالى قال: { فَتَعَـلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } وذلك يدل على أن الذين أتوا بهذا الشرك جماعة.
الثاني: أنه تعالى قال بعده:
{ أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ }
[الأعراف: 191]
وهذا يدل على أن المقصود من هذه الآية الرد على من جعل الأصنام شركاء لله تعالى، وما جرى لإبليس اللعين في هذه الآية ذكر.
الثالث: لو كان المراد إبليس لقال: (أيشركون من لا يخلق شيئاً)، ولم يقل (ما لا يخلق شيئاً)، لأن العاقل إنما يذكر بصيغة «من» لا بصيغة «ما»
الرابع: أن آدم عليه السلام كان أشد الناس معرفة بإبليس، وكان عالماً بجميع الأسماء كما قال تعالى: { وَعَلَّمَ ءادَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا } فكان لا بد وأن يكون قد علم أن اسم إبليس هو الحرث فمع العداوة الشديدة التي بينه وبين آدم ومع علمه بأن اسمه هو الحرث كيف سمى ولد نفسه بعبد الحرث؟ وكيف ضاقت عليه الأسماء حتى أنه لم يجد سوى هذا الاسم؟
الخامس: أن الواحد منا لو حصل له ولد يرجو منه الخير والصلاح، فجاءه إنسان ودعاه إلى أن يسميه بمثل هذه الأسماء لزجره وأنكر عليه أشد الإنكار. فآدم عليه السلام مع نبوته وعلمه الكثير الذي حصل من قوله:
{ وَعَلَّمَ ءادَمَ الأسْمَاء كُلَّهَا }
[البقرة: 31]
وتجاربه الكثيرة التي حصلت له بسبب الزلة التي وقع فيها لأجل وسوسة إبليس، كيف لم يتنبه لهذا القدر وكيف لم يعرف أن ذلك من الأفعال المنكرة التي يجب على العاقل الاحتراز منها السادس: أن بتقدير أن آدم عليه السلام، سماه بعبد الحرث، فلا يخلو إما أن يقال إنه جعل هذا اللفظ اسم علم له، أو جعله صفة له، بمعنى أنه أخبر بهذا اللفظ أنه عبد الحرث ومخلوق من قبله.
فإن كان الأول لم يكن هذا شركاً بالله لأن أسماء الأعلام والألقاب لا تفيد في المسميات فائدة، فلم يلزم من التسمية بهذا اللفظ حصول الإشراك، وإن كان الثاني كان هذا قولاً بأن آدم عليه السلام اعتقد أن لله شريكاً في الخلق والإيجاد والتكوين وذلك يوجب الجزم بتكفير آدم، وذلك لا يقوله عاقل. فثبت بهذه الوجوه أن هذا القول فاسد ويجب على العاقل المسلم أن لا يلتفت إليه.
إذا عرفت هذا فنقول: في تأويل الآية وجوه صحيحة سليمة خالية عن هذه المفاسد.
التأويل الأول: ما ذكره القفال فقال: إنه تعالى ذكر هذه القصة على تمثيل ضرب المثل وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين في جهلهم، وقولهم بالشرك، وتقرير هذا الكلام كأنه تعالى يقول: هو الذي خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها إنساناً يساويه في الإنسانية، فلما تغشى الزوج زوجته وظهر الحمل، دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتيتنا ولداً صالحاً سوياً لنكونن من الشاكرين لآلائك ونعمائك. فلما آتاهما الله ولداً صالحاً سوياً، جعل الزوج والزوجة لله شركاء فيما آتاهما، لأنهم تارة ينسبون ذلك الولد إلى الطبائع كما هو قول الطبائعيين، وتارة إلى الكواكب كما هو قول المنجمين، وتارة إلى الأصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام.
ثم قال تعالى: { فَتَعَـلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تنزه الله عن ذلك الشرك، وهذا جواب في غاية الصحة والسداد.
التأويل الثاني: بأن يكون الخطاب لقريش الذين كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم آل قصي، والمراد من قوله: هو الذى خلقكم من نفس قصي وَجعل من جنسـها زوجها عربية قرشية ليسكن إليها، فلما آتاهما ما طلبا من الولد الصالح السوي جعلا له شركاء فيما آتاهما حيث سميا أولادهما الأربعة بعبد مناف، وعبد العزى، وعبد قصي، وعبد اللات، وجعل الضمير في { يُشْرِكُونَ } لهما ولأعقابهما الذين اقتدوا بهما في الشرك.
التأويل الثالث: أن نسلم أن هذه الآية وردت في شرح قصة آدم عليه السلام وعلى هذا التقدير ففي دفع هذا الإشكال وجوه:
الأول: أن المشركين كانوا يقولون إن آدم عليه السلام كان يعبد الأصنام، ويرجع في طلب الخير ودفع الشر إليها، فذكر تعالى قصة آدم وحواء عليهما السلام، وحكى عنهما أنهما قالا: { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـلِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّـاكِرِينَ } أي ذكرا أنه تعالى لو آتاهما ولداً سوياً صالحاً لاشتغلوا بشكر تلك النعمة، ثم قال: { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا صَـٰلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } فقوله: { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء } ورد بمعنى الاستفهام على سبيل الإنكار والتبعيد، والتقرير: فلما آتاهما صالحاً أجعلا له شركاء فيما آتاهما؟ ثم قال: { فَتَعَـلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } أي تعالى الله عن شرك هؤلاء المشركين الذين يقولون بالشرك وينسبونه إلى آدم عليه السلام، ونظيره أن ينعم رجل على رجل بوجوه كثيرة من الأنعام، ثم يقال لذلك المنعم: أن ذلك المنعم عليه يقصد ذمك وإيصال الشر إليك، فيقول ذلك المنعم: فعلت في حق فلان كذا وأحسنت إليه بكذا وكذا وأحسنت إليه بكذا وكذا، ثم إنه يقابلني بالشر والإساءة والبغي؟ على التبعيد فكذا ههنا.
الوجه الثاني: في الجواب أن نقول: أن هذه القصة من أولها إلى آخرها في حق آدم وحواء ولا إشكال في شيء من ألفاظها إلا قوله: { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا صَـٰلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـهُمَا } فنقول: التقدير، فلما آتاهما ولداً صالحاً سوياً جعلا له شركاء أي جعل أولادهما له شركاء على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وكذا فيما آتاهما، أي فيما آتى أولادهما ونظيره قوله:
{ وَاسْئَلِ الْقَرْيَةَ }
[يوسف: 82] أي واسأل أهل القرية.
فإن قيل: فعلى هذا التأويل ما الفائدة في التثنية في قوله: { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء }.
قلنا: لأن ولده قسمان ذكر وأنثى فقوله: { جَعَلاَ } المراد منه الذكر والأنثى مرة عبر عنهما بلفظ التثنية لكونهما صنفين ونوعين، ومرة عبر عنهما بلفظ الجمع، وهو قوله تعالى: { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }.
الوجه الثالث: في الجواب سلمنا أن الضمير في قوله: { جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـٰهُمَا } عائد إلى آدم وحواء عليهما السلام، إلا أنه قيل: إنه تعالى لما آتاهما الولد الصالح عزما على أن يجعلاه وقفاً على خدمة الله وطاعته وعبوديته على الإطلاق. ثم بدا لهم في ذلك، فتارة كانوا ينتفعون به في مصالح الدنيا ومنافعها، وتارة كانوا يأمرونه بخدمة الله وطاعته. وهذا العمل وإن كان منا قربة وطاعة، إلا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فلهذا قال تعالى: { فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } والمراد من هذه الآية ما نقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال حاكياً عن الله سبحانه: " أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه " وعلى هذا التقدير: فالإشكال زائل.
الوجه الرابع: في التأويل أن نقول: سلمنا صحة تلك القصة المذكورة، إلا أنا نقول: إنهم سموا بعبد الحرث لأجل أنهم اعتقدوا أنه إنما سلم من الآفة والمرض بسبب دعاء ذلك الشخص المسمى بالحرث، وقد يسمى المنعم عليه عبداً للمنعم. يقال في المثل: أنا عبد من تعلمت منه حرفاً، ورأيت بعض الأفاضل كتب على عنوان: كتابة عبد وده فلان. قال الشاعر:
وإني لعبد الضيف ما دام ثاويا ..... ولا شيمة لي بعدها تشبه العبدا
فآدم وحواء عليهما السلام سميا ذلك الولد بعبد الحرث تنبيهاً على أنه إنما سلم من الآفات ببركة دعائه، وهذا لا يقدح في كونه عبد الله من جهة أنه مملوكه ومخلوقه، إلا أنا قد ذكرنا أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فلما حصل الاشتراك في لفظ العبد لا جرم صار آدم عليه السلام معاتباً في هذا العمل بسبب الاشتراك الحاصل في مجرد لفظ العبد، فهذا جملة ما نقوله في تأويل هذه الآية.
-------------------------------------------
المسألة الثانية: في تفسير ألفاظ الآية وفيها مباحث:
البحث الأول:
قوله: { هُوَ الَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ } المشهور أنها نفس آدم
وقوله: { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } المراد حواء. قالوا ومعنى كونها مخلوقة من نفس آدم، أنه تعالى خلقها من ضلع من أضلاع آدم. قالوا: والحكمة فيه أن الجنس إلى الجنس أميل، والجنسية علة الضم، وأقول هذا الكلام مشكل لأنه تعالى لما كان قادراً على أن يخلق آدم ابتداء فما الذي حملنا على أن نقول أنه تعالى خلق حواء من جزء أجزاء آدم؟ ولم لا نقول: إنه تعالى خلق حواء أيضاً ابتداء؟ وأيضاً الذي يقدر على خلق إنسان من عظم واحد فلم لا يقدر على خلقه ابتداء، وأيضاً الذي يقال: إن عدد أضلاع الجانب الأيسر أنقص من عدد أضلاع الجانب الأيمن فيه مؤاخذة تنبي عن خلاف الحس والتشريح. بقي أن يقال: إذا لم نقل بذلك، فما المراد من كلمة { مِنْ } في قوله: { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا } فنقول: قد ذكرنا أن الإشارة إلى الشيء تارة تكون بحسب شخصه، وأخرى بحسب نوعه قال عليه الصلاة والسلام: " هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به " وليس المراد ذلك الفرد المعين بل المراد ذلك النوع. وقال عليه الصلاة والسلام: " في يوم عاشوراء هذا هو اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون " والمراد خلق من النوع الإنساني زوجة آدم، والمقصود التنبيه على أنه تعالى جعل زوج آدم إنساناً مثله قوله: { فَلَمَّا تَغَشَّاهَا } أي جامعها، والغشيان إتيان الرجل المرأة وقد غشاها وتغشاها إذا علاها، وذلك لأنه إذا علاها فقد صار كالغاشية لها، ومثله يجللها، وهو يشبه التغطي واللبس. قال تعالى: { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }
وقوله: { حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا } قالوا يريد النطفة والمني والحمل بالفتح ما كان في البطن أو على رأس الشجر، والحمل بكسر الحاء ما حمل على ظهر أو على الدابة.
وقوله: { فَمَرَّتْ بِهِ } أي استمرت بالماء والحمل على سبيل الخفة، والمراد أنها كانت تقوم وتقعد وتمشي من غير ثقل. قال صاحب «الكشاف»: وقرأ يحيى بن يعمر { فَمَرَّتْ بِهِ } بالتخفيف وقرأ غيره { فمارت به } من المرية.
كقوله:
{ أَفَتُمَـٰرُونَهُ }[النجم: 12] وفي قراءة أخرى { أَفَتُمَـرُونَهُ } معناه وقع في نفسها ظن الحمل وارتابت فيه { فَلَمَّا أَثْقَلَت } أي صارت إلى حال الثقل ودنت ولادتها { دَّعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا } يعني آدم وحواء { لَئِنْ ءاتَيْتَنَا صَـٰلِحاً } أي ولداً سوياً مثلنا { لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّـكِرِينَ } لآلائك ونعمائك { فَلَمَّا ءاتَـهُمَا } الله { صَـلِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا ءاتَـهُمَا } والكلام في تفسيره قد مر بالاستقصاء قرأ ابن كثير وابن عامر، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وعاصم، في رواية حفص (عَنْهُ شُرَكَاء) بصيغة الجمع وقرأ نافع وعاصم في رواية أبي بكر (عَنْهُ) بكسر الشين وتنوين الكاف ومعناه جعلا له نظراء ذوي شرك وهم الشركاء، أو يقال معناه أحدثا لله إشراكاً في الولد ومن قرأ { شُرَكَاء } فحجته قوله:
{ أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ }
[الرعد:16]
وأراد بالشركاء في هذه الآية إبليس لأن من أطاع إبليس فقد أطاع جميع الشياطين، هذا إذا حملنا هذه الآية على القصة المشهورة، أما إذا لم نقل به فلا حاجة إلى التأويل
والله أعلم