اختلف العلماء فى الفرق بين الرسول والنبي إلى ثلاثة أقوال :
القول الأول :لا فرق بين الرسول والنبي وهذا أضعف الأقوال لأن الله تعالى قد غاير بين الرسول والنبي والرسول صلى الله عليه وسلم قد غاير بين الرسول والنبي ، فقال تعالى : وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ الحج: (52) ، فوجه الشاهد : ( مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) والأصل فى العطف المغايرة فيكون الرسول غير النبي ، يضا سُئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن عدد الانبياء فجعل لهم عددًا خاصا بهم ، وسئل عن عدد الرسل فجعل لهم عددا خاصل بهم ، سئل عن عدد الأنبياء ، فقال : أربعة وعشرون ومائة ألف ، وسئل عن عدد الرسل ، فقال : ثلاثمائة وبضعة عشر رسولا. فهذا فيه دلالة على المغايرة بين الرسول والنبي، وهذا رد قاطع على هذا القول فيكون ضعيفاً.
القول الثاني: قول جمهرة من أهل العلم، وهو أن الرسول أعم من النبي، وبينهما أمر مخصوص، فكل رسول نبي ولا عكس، وقالوا: الرسول: هو من أوحي إليه بشيء وأمر بتبليغه، والنبي: هو من أوحي إليه بشيء ولم يؤمر بالتبليغ. يعني: الرسول والنبي يتفقان في الوحي، ويختلفان في التبليغ، فالرسول أُمر بالتبليغ، والنبي لم يؤمر بالتبليغ، واستدلوا على قولهم بأن كل آيات القرآن: إذا ذكرت الرسول قرنت معه البلاغ، وأما الأنبياء إذا ذكروا فلم يقرن معهم البلاغ، من ذلك قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة:67].
القول الثالث: -وهو من القوة بمكان وقاله قال بعض أهل العلم-: وهو أن هناك فرق بين الرسول والنبي، لكن الرسول هو الذي أوحي إليه بشرع جديد ناسخ للشرع الذي قبله، أو ناسخ لبعض الشرع الذي قبله، وأمر بتبليغ هذا الشرع. أما النبي فهو الذي يأتي بعد رسول ولم يأتِ بشرع جديد، وإنما جاء بنفس الشرع الذي سبقه به الرسول الذي قبله؛ ليجدده للأمة، وأصحاب هذا القول استدلوا على ذلك بعدة أدلة قوية جداً: منها: أن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، يأتي النبي ليحكم بشريعة الرسول الذي سبقه. وأيضاً استدلوا بقول الله تعالى: (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ ))، قالوا: والإرسال لازمه البلاغ. ونستدل لهم بآية أقوى من هذه في الدلالة، وهي قول الله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [البقرة:213]، ولم يقل: الرسل، والبشارة والنذارة للرسول، وجعلها أيضاً صفة النبي، لكن ليس هذا القول براجح. والذي يتبين أن الراجح هو القول الثاني، أي: أن كل رسول نبي ولا عكس؛ لأن التعريف في القول الثالث يعترض عليه بآدم عليه السلام، ففي صحيح ابن حبان سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (أآدم نبي؟ قال: نعم)، فخبرونا من الرسول الذي جاء قبل آدم بشرع وجاء آدم ليجدد هذا الشرع؟! إذاً: فهذا التعريف غير مطرد ولا يسلم من معارض. وأما الرد على استدلالهم بالآية الأقوى دلالة وهي قول الله تعالى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ [البقرة:213]، فنقول في الرد عليهم: ما من نبي ذكر في القرآن مبلغاً إلا وكان رسولاً، والدليل على ذلك قوله تعالى: وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ [النساء:164]، يعني: كل من قصصنا عليك في القرآن هم رسل مبلغون، ولا ينكر علينا إن قلنا: إنه نبي ورسول؛ لأن كل رسول نبي ولا عكس، فإذا ذكرتم أن الرسول نبي يصح من باب أولى. إذاً: كل من قصصنا عليك في القرآن فهو رسول حتى ولو ذكرناه بلقب أنه نبي، وبهذا يكون الرسول أعم من النبي، إذاً: فكل رسول نبي ولا عكس، والرسول: هو من أوحي إليه بشرع وأمر بالتبليغ، والنبي: هو من أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ، ولو بلغ لا ينكر عليه، لكنه لم يؤمر لزاماً بالتبليغ.
--------------
المصدر : من محاضرة للشيخ / محمد حسن عبد الغفار
تعليق