2- هل قال الله أن النصارى لا عقل لهم؟!!!
يُلقي النصارى شُبهةً على أسماعِ المُسْلِمين, مدّعين أن الله عزّ وجل قد نفى أن لهم عقل ... معتمِدين في شُبْهتِهِم على دعاوى بعْض المسلمين الذين يكررون هذه المقالة نقلاً عن بعْض كتب التفاسير , كتفسير الرازي والقُرطبي ... فهل قال الله عزّ وجل أن النصارى ليْس لهم عقل؟!!
الجواب :
لم يقُل الله عزّ وجل قط أنه ليس للنصارى عقل ... ومن فهم ذلِك أوفسره هكذا فقد اعتمد فيه على حديثٍ موضوع مكذوب , ويكون هذا فهمه هو , ومشكلته هو , وكل يؤْخَذ منه ويُرَد ... والآن إلى تفنيدِ الشبهة والرد على أصْحابِها ..
أولاً : أصل الشبهة:
نقل الإمام القرطبي ما قيل في تفسير قوله تعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} ... فقال في تفسيرها :
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} أي عقولهم {بِهَذَا} أي بالكذب عليك .{أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} أي أم طغوا بغير عقول. وقيل: {أَمْ} بمعنى بل؛ أي بل كفروا طغيانا وإن ظهر لهم الحق. وقيل لعمرو بن العاص: ما بال قومك لم يؤمنوا وقد وصفهم الله بالعقل؟ فقال: تلك عقول كادها الله؛ أي لم يصحبها بالتوفيق. وقيل: {أَحْلامُهُمْ} أي أذهانهم؛ لأن العقل لا يعطى للكافر ولو كان له عقل لآمن. وإنما يعطى الكافر الذهن فصار عليه حجة. والذهن يقبل العلم جملة، والعقل يميز العلم ويقدر المقادير لحدود الأمر والنهي. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال: يا رسول الله، ما أعقل فلانا النصراني! فقال: "مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]". وفي حديث ابن عمر: فزجره النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله" ذكره الترمذي الحكيم أبو عبدالله بإسناده.
فنجِد أن الإمام القرطبي :
1- يقر بأن للكفار عقول ... وهذا ما أقرته الآية القرآنية .. " {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} أي عقولهم {بِهَذَا} أي بالكذب عليك."
2- ثم نقل رأياً آخر .. نقله بصيغة التضعيف "قيل" : "وقيل: {أَحْلامُهُمْ} أي أذهانهم؛ لأن العقل لا يعطى للكافر ولو كان له عقل لآمن. وإنما يعطى الكافر الذهن فصار عليه حجة. والذهن يقبل العلم جملة، والعقل يميز العلم ويقدر المقادير لحدود الأمر والنهي. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال: يا رسول الله، ما أعقل فلانا النصراني! فقال: "مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]". وفي حديث ابن عمر: فزجره النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله" ذكره الترمذي الحكيم أبو عبدالله بإسناده.
وهذا القول الذي نقله القرطبي هو عمدة كل من احتج بأن ليْس للكافِر عقل ...
ثانياً : تفنيد هذا القول وبين عواره :
1- انهاء الشبهة ببيانِ أن الحديث موضوع مكذوب:
1- يقر بأن للكفار عقول ... وهذا ما أقرته الآية القرآنية .. " {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ} أي عقولهم {بِهَذَا} أي بالكذب عليك."
2- ثم نقل رأياً آخر .. نقله بصيغة التضعيف "قيل" : "وقيل: {أَحْلامُهُمْ} أي أذهانهم؛ لأن العقل لا يعطى للكافر ولو كان له عقل لآمن. وإنما يعطى الكافر الذهن فصار عليه حجة. والذهن يقبل العلم جملة، والعقل يميز العلم ويقدر المقادير لحدود الأمر والنهي. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال: يا رسول الله، ما أعقل فلانا النصراني! فقال: "مه إن الكافر لا عقل له أما سمعت قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]". وفي حديث ابن عمر: فزجره النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "مه فإن العاقل من يعمل بطاعة الله" ذكره الترمذي الحكيم أبو عبدالله بإسناده.
وهذا القول الذي نقله القرطبي هو عمدة كل من احتج بأن ليْس للكافِر عقل ...
ثانياً : تفنيد هذا القول وبين عواره :
1- انهاء الشبهة ببيانِ أن الحديث موضوع مكذوب:
أ) المصنوع في معرف الحديث الموضوع ... 1/ 256 - 257 .., وكذلِك في تذكرة الفتني 1/ 29 ....
"حديث وفي الذيل أيضا أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن داود بن المحبر بضعا وثلاثين حديثا قال العسقلاني - يعني ابن حجر - كلها موضوعة منها : إن الأحمق يصيب بحمقه أعظم من فجور الفاجر وإنما يرتفع العباد غدا في الدرجات وينالون الزلفى من ربهم على قدر عقولهم ومنها أفضل الناس أعقل الناس ومنها قيل يا رسول الله ما أعقل هذا النصراني فزجره فقال مه إن العاقل من عمل بطاعة الله .... ووضع سليمان بن عيسى بضعا وعشرين حديثاً منها قيل لعلقمة ما أعقل النصارى في دنياهم فقال مه فإن ابن مسعود كان ينهانا أن نسمي الكافر عاقلا "
ب) تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة لابن عراق 1/ 216 :
"وحديث ابن عمر كان رجل نصرانى من أهل جرشى تاجرا فكان له بيان ووقار فقيل يا رسول الله ما أعقل هذا النصرانى فزجر القائل فقال مه إن العاقل من عمل بطاعة الله".
ج) تعليق ابن عاشور في تفسيره " التحرير والتنوير" عى هذا الحديث الذي نقله القرطبي:
ولم أقف عليه فيما رأيت من كتب التفسير ولم يذكره السيوطي في التفسير بالمأثور في سورة الطور ولا في سورة الملك
ثانياً: اثبات العقل للكافر بنصِّ كتاب الله :
1- لو أن قوله تعالى " لا يعقلون" ينفي صفة العقل كما زعم الأخ الكريم عن الكافرين ... فبعضهم لم ينف الله عنه هذه الصفة:
- فماذا يقول عن قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" ... وقوله تعالى " مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ " ... فقوله تعالى أن أكثرهم لا يعقلون يعني أن بعضهم يعقل.... فالله لم يطلق القول على الكافرين بأنهم جميعاً لا يعقِلون , بل قال " أكثرهم"...وهذه واحِدة.
2- أثبت الله صفة العقل لمن حرف من أهل الكتاب :
فإن كان كما يزعم الاخ الكريم .. أن معنى " لا يعقلون" تعني أن لا عقل لهم بإطلاق اللفظ ... فيكون بالمقابل ... أن معنى "عقلوه" أي لهم عقل .... قال تعالى : "وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"
ثالثاً : النقض بكِتاب الله للزعم القائِلِ بان الكافر لا عقل له لأنه لم يُسْلِم ...
فهذا مردود إن عرفنا أن الله نفى هذه الصفة عن بعْضِ من أسْلَم ... فقد قال تعالى " إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" ... فهنا يقرر الله عن بعْضِ المسْلِِمين أن أكثرهم لا يعْقِلون.
رابعاً : اثبات عقل التكليف للنصارى بالادلة العقلية:
حين يُخاطِبُهُم الله عزّ وجل , ويدعوهم إلى دينه , ويخاطب أحلامهم (أي عقولَهم) ...فهذا يعني أنهم مكلفون .. والتكليف لا يكون إلا على العاقِلِ البالغ ... و لو لم يكن للنصارى عقل لسقط عنهم التكليف !!.... فالنصارى إذاَ لهم عقل يعْقِلون بهِ عقل تكليفٍ , ولذا كلفهم الله وخاطبهم , ولكنهم لا يعقِلون بِهِ عقلَ رُشْدٍ ولِذا ضلّوا وأضلوا.
خامِساً : نختِم بمقالةِ الشيخ ابن العثيْمين في هذه المسألة:
ونخْتِم بما قاله الشيخ ابن العثيمين رحِمَهُ الله .... بالقوْلِ الفصْلِ في هذه المسْألة :
" ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون .............
ما المراد بالعقل هنا؟
نحن نعلم أن العقل نوعان : عقل إدراك، وعقل رشد
فعقل الإدراك ما يدرك به الإنسان الأشياء، وهذا الذي يمر كثيراً في شروط العبادات، يقول : من شرطها الإسلام والعقل والتمييز، هذا هو عقل الإدراك وضده الجنون.
والثاني عقل رشد. بحيث يحسن الإنسان التصرف ويكون حكيماً في تصرفه وضد هذا السفه لا الجنون.
فالمراد بالعقل بهذه الآية، المراد عقل الرشد لأنه لم يوجه إلينا الخطاب إلا ونحن نعقل عقل إدراك، لكن هل كان من وجه إليه الخطاب، يعقل عقل رشد؟ لا قد لا يعقل عقل الرشد، الكفار كلهم غير عقلاء عقل رشد كما قال الله تعالى في وصفهم : ) بكم عمي فهم لا يعقلون ( [ سورة البقرة، الآية: 171] لكن ليس معناه ليس عندهم عقل إدراك بل قد يكون عندهم عقل إدراك قوي وذكاء مفرط لكن ليس عندهم عقل رشد.
وما هو العقل النافع للإنسان؟
عقل الرشد لأن عقل الإدراك قد يكون ضرراً عليه إذا كان ذكياً فاهماً ولكنه والعياذ بالله ليس عنده حسن تصرف ولا رشد في تصرفه وقد يكون أعظم من إنسان ذكاؤه دون ذلك "
ما المراد بالعقل هنا؟
نحن نعلم أن العقل نوعان : عقل إدراك، وعقل رشد
فعقل الإدراك ما يدرك به الإنسان الأشياء، وهذا الذي يمر كثيراً في شروط العبادات، يقول : من شرطها الإسلام والعقل والتمييز، هذا هو عقل الإدراك وضده الجنون.
والثاني عقل رشد. بحيث يحسن الإنسان التصرف ويكون حكيماً في تصرفه وضد هذا السفه لا الجنون.
فالمراد بالعقل بهذه الآية، المراد عقل الرشد لأنه لم يوجه إلينا الخطاب إلا ونحن نعقل عقل إدراك، لكن هل كان من وجه إليه الخطاب، يعقل عقل رشد؟ لا قد لا يعقل عقل الرشد، الكفار كلهم غير عقلاء عقل رشد كما قال الله تعالى في وصفهم : ) بكم عمي فهم لا يعقلون ( [ سورة البقرة، الآية: 171] لكن ليس معناه ليس عندهم عقل إدراك بل قد يكون عندهم عقل إدراك قوي وذكاء مفرط لكن ليس عندهم عقل رشد.
وما هو العقل النافع للإنسان؟
عقل الرشد لأن عقل الإدراك قد يكون ضرراً عليه إذا كان ذكياً فاهماً ولكنه والعياذ بالله ليس عنده حسن تصرف ولا رشد في تصرفه وقد يكون أعظم من إنسان ذكاؤه دون ذلك "
يتبع
تعليق