بسم الله الرحمن الرحيم
أهدى عشرين فتوى في تاريخ الإسلام
حامد بن عبدالله العلي
فتوى الصديق الأكبر بعد وفاة إمام المرسلين عليه الصلاة والسلام ، بوجوب قتال المرتدين ، بمن فيهم الذين منعـوا الزكاة ، حماية لرسالة الإسلام ، ولحاكميِّة الشريعة ، من أعظم خطـر ، حتى كانـت فتواه العظيمة ، أعظم فتوى بركةً على الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، على الإطلاق ، وهذا نص الفتوى المباركـة :
،
(لأقاتلنَّ من فـرّق بين الصلاة ، والزكاة ، والله لو منعوني عناقا ، كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقاتلتهم على منعها ، قال عمر رضي الله عنه : فوالله ما هو إلاّ أنْ رأيت أنّ الله تعالى قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم ، فعرفت أنّه الحق ) وفي رواية أنّـه قال أيضا( لأقاتلنَّهـم وحـدي حتى تنفرد سالفتي)
فتاوى الفاروق رضي الله عنه في تطوير الدولة الإسلامية ، وتوسيع الأخذ بكلِّ الوسائل المباحة لتنظيم الخلافة ، من الدواوين ، إلى فتواه العظيمـة في أرض السواد ، وفتاواه في إطلاق جهاد الطلب إلى العالم كلَّه ، حتى يتبوَّأ الإسلام مكانته العالمية ، وبالجملة فكان عهده ، وفتاواه العظيمة ، الهادية ، فتح الإسلام الأعظم بعد وفاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فكلُّ الأمم خارج جزيرة العـرب ، تدين له بعد الله تعالى بالفضل عليها لدخولها في الإسلام.
فتوى عثمان رضي الله عنه بغزوات البحر لإستكمال الفتوح ، ولم تكن قبل ذلك ، وكان قراره هذا المبارك على العالم بأسره ، لأنـَّه نشـر الإسلام إلى وراء البحار ، كان بإلحاح من الصحابي الجليل كاتب الوحي معاوية رضي الله عنه.
فتوى عليِّ رضي الله عنه في قتال الخوارج حتى أراح المسلمين من شرِّهم ، وكانت فتاواه ، وسيرته في هذا الشأن ، وفي قتال البغاة أيضا ، هي المرجع للفقهاء من بعده إلى يومنا هذا ، لأنَّه ابتلي بهم ، بما لم يحدث مثله لغيره من الخلفاء الراشدين ، فأقام فيهم حكم الله ، وسيف العدل.
فتوى الخليفة الراشد الحسن رضي الله عنه ـ إذ هو خامس الخلفاء الراشدين ـ في جواز التنازل عن الخلافة ممَّن هو أحقُّ بها ، لدرء مفسدة أعظم وهي تمزيق الأمّـة ، وفتواه هذه التي تنازل بها لمعاوية رضي الله عنه ، من أعظم أدلة قاعدة ( إرتكاب أخفِّ الضررين ) ، وهي من الهدى العظيم ، الذي يجب أن يقتدي به المتنافسون في ساحات الجهاد ، متعالين على حظوظ النفوس، لتحقيق مصلحة التوافق للإنتصار على العدوِّ الصليبيِّ ، وله تطبيقات كثيرة ، لاسيما في عصرنا الذي كثرت شرورُه ، وقلّ خيرُه .
أمَّا ما بعد عصر الصحابة ، ففتوى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله ، بتكفير القائل بخلق القرآن ، والتشنيع على منهج التأويل الفاسد للقرآن ، وصبره على الأذى في ذلك ، فحمى الله به الوحي من فتنة التحريف بالتأويل الفاسد ، كما حمى الله الوحـي بالصدّيق ، من فتنة التبديل بالإستكبار عن الإنقياد له .
فتوى الإمام النووي بإبطال مصادرة السلطة لأملاك الناس ، وذلك عندما أمر السلطان ، بأخذ كثير مما بيد الناس من البساتين ، بحجة أنها أملاك الدولة ، إلاَّ من يُظهر وثيقة ، فلجأ الناس إلى الإمام النووي رحمه الله ، فكتب إلى الملك كتاباً جاء فيه :
( وقد لحق المسلمين بسبب هذه الحوطة ـ أي أخذ بساتين الناس بتحويطها ـ على أملاكهم ، أنواعٌ من الضرر لا يمكن التعبير عنها، وطُلب منهم إثباتٌ لا يلزمهم ، فهذه الحوطة لا تحلّ عند أحد من علماء المسلمين ، بل مَن في يده شيء فهو ملكه ، لا يحلّ الاعتراض عليه ، ولايُكلَّفُ إثباته ) ، ولمـّا اشتد غضب السلطان عليه ، وأمر بقطع رواتبه ، وعزله عن مناصبه ، فقيل له: إنه ليس للشيخ راتب ، وليس له منصب ! ثم ذهب الشيخ بنفسه إلى السلطان ، وقال عنده كلمة الحقّ ، فأبطلَ السلطانُ أمرَ الحوطة ، وخلَّصَ اللَّه الناس من شرّها) .
فتوى سلطان العلماء العز بن عبدالسلام رحمه الله ، بتحريم بيع السلاح للفرنج ، لأنَّهم يقاتلون المسلمين ، وكان المقصود بفتواه السلطان نفسه ، فغضب السلطان عليه ، وهدَّده ، فخطب العزَّ خطبة عصماء ندَّد فيها بالسلطة التي تتعاون مع المحتل ، وقطع فيها الدعاء عن السلطان ، ولمَّا كان في مصر أفتى ببطلان عقود الأمراء فيها ، لأنهَّم أصلاً مملوكون ، فلا يصح تصرفهم ، ولم ينفعهم غضبهم عليه ، بل زاده إصراراً على حكم الله ، حتّى انصاعوا أخيرا لفتواه ، فنادى عليهم بالبيع ، واشتهر بعد ذلك ببائع الملوك .
فتواه ببطلان ولاية شجرة الدرِّ على مصر ، وقاد المعارضة ضد تولّيها ، ووقف خطيبا بين المتظاهرين يندّد بما فعلت ، حتى اضطرَّت أن تتنحَّى عن حكم مصر .
فتواه في تحريم أخذ أموال عامَّة الناس لقتال التتار ، حتى يُؤخـذ أولاً ما في بيت المال ، وثانياً بعد أن يدفع الأمراء ، والتجار ، والأغنياء ، حتى يتساوى الجميع في البذل .
وبعد وفاته هذا المفتي الجليل ، بعام واحـد ، وُلد من ملأ الدنيا من فتاواه المباركة على المسلمين ، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، ونذكر منها :
فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما تردَّد الناس في قتال التتار الزاحفين على الشام بسبب أنَّ فيهم من يُظهر الإسلام ، قال ابن كثير فقال ابن تيمية : (إذا رأيتموني من ذلك الجانب ، وعلى رأسي مصحف فاقتلوني ، فتشجع الناس في قتال التتاروقويت قلوبهم ، ونياتهم ، ولله الحمـد ).
ومن فتاواه المباركة في تلك الأيام العصيبة ، أنَّه أفتى الجيوش الإسلامية حتَّى التي في تقاتل في بلادها ، بالفطر في رمضان ، قال ابن كثير : " وأفتى الناس بالفطر مدّة قتالهم ، وأفطر هو أيضاً، وكان يدور على الأجناد ، والأمراء ، فيأكل من شيء معه في يده ، ليعلمهم أنَّ إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل فيأكل الناس ، وكان يتأوَّل في الشاميين قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنكم ملاقوا العدو غداً ، والفطر أقوى لكم ) ، فعزم عليهم في الفطر عام الفتح كما في حديث أبي سعيد الخدري " أ.هـ.
فتواه في قتال الروافض المتآمرين مع الفرنج ، والتتار ، على المسلميـن ، وقـــال فيها : ( وذلك أنَّ هؤلاء ، وجنسهم من أكابر المفسدين في أمر الدنيا ، والدين ، فإنّ اعتقادهم أنَّ أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وأهل بدر ، وبيعة الرضوان ، وجمهور المهاجرين ، والأنصار ، والتابعين لهم بإحسان ، وأئمة الإسلام ، وعلماءهم أهل المذاهب الأربعة ، وغيرهم ، ومشايخ الإسلام ، وعبادهم ، وملوك المسلمين ، وأجنادهم ، وعوام المسلمين ، وأفرادهم ، كلُّ هؤلاء عندهم كفّار ، مرتدّون ، أكفر من اليهود ، والنصارى ، لأنهَّم مرتدون عندهم ، والمرتدّ شر من الكافر الأصلي ، ولهذا السبب يقدّمون الفرنج ، والتتار على أهل القرآن ، والإيمان .
ولهذا لما قدم التتار إلى البلاد ، وفعلوا بعسكر المسلمين مالا يحصى من الفساد ، وأرسلوا إلى أهل قبرص فملكوا بعض الساحل ، وحملوا راية الصليب ، وحملوا إلى قبرص من خيل المسلمين ، وسلاحهم ، وأسراهم ، مالا يحصى عدده إلا الله ، وأقام سوقهم بالساحل عشرين يوما ، يبيعون فيه المسلمين ، والخيل ، والسلاح على أهل قبرص ، فرحوا بمجئ التتار ، هم ، وسائر أهل هذا المذهب الملعون ، مثل أهل جزين ، وما حواليها ، وجبل عامل ، ولما خرجت العساكر الإسلامية من الديار المصرية ، ظهر فيهم من الخزى ، والنكال ، ماعرفه الناس منهم ، ولما نصر الله الإسلام ، النصرة العظمى عند قدوم السلطان ، كان بينهم شبيه بالعزاء ، كل هذا وأعظم منه عند هذه الطائفة، التى كانت من أعظم الأسباب ، في خروج جنكزخان إلى بلاد الإسلام ، وفى استيلاء هولاكو على بغداد ، وفى قدومه إلى حلب ، وفى نهب الصالحية ، وفى غير ذلك من أنواع العداوة للإسلام ، وأهله ) أ.هـ
فتوى علماء الخلافة الإسلامية العثمانية بوجوب إنطلاق الفتوحات غربا في أوربا ، وقـد بدأ المشروع بفتح القسطنطينية ، ولم تتوقف حتى حاصرت فينا، ودخل في دين الإسلام من شعوب أوربا من لايحصيهم إلاّ الله تعالى ، ولازالت مساجدهم شاهدة على تلك الحقبة المباركة من تاريخ الإسلام .
فتوى الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بوجوب القيام بالجهاد للقضاء على مظاهر الشرك ، والوثنية ، والخرافة ، التي انتشرت في جزيرة العرب ، وأنّه لايكتفى بالبيان القولي فقط ، حتَّى أجرى الله على يديه بسبب هذا الجهاد ما لايعلم مداه إلاّ الله تعالى من الخيـر العميم ، الذي لايزال نوره يشعُّ في الأرض.
فتوى أئمة المالكية في المغرب العربي بالجهاد ضد الإستعمار ، حتى اشتعـل الجهاد من ليبيا إلى الجزائر ، والمغرب ، ومن ذلك فتوى الإمام سيدي العربي الفاسي بإبطال اشتراط الإمام لجهاد الإستعمار ، حتى قال رحمه الله :
(وما تهذي به بعض الألسنة في هذه الأزمنة ، من أنّه لايجوز الجهاد لفقد الإمام وإذنه ،فكلمة أوحاها شيطان الجن إلى شيطان الإنس ، فقرَّها في إذنه ، ثم ألقاها على لسانه في زخارف هذيانه ، إغواء للعباد وتثبيطاً عن الجهاد ..وحسبك فيمن يقول ذلك أنـَّه من أعوان الشيطان ، وإخوانه المبعدين في الغيّ والطغيان ، والذي تشهد له الأدلَّة أنَّ الجهاد الآن أعظم أجراً من الجهاد مع الإمام ، لأنَّ القيام به الآن عسير ، لاتكاد توجد له أعوان ، ولا يتهيّأ له تيسير ، فالقائم به الآن يضاعف أجرُه ، وينشر في الملأ الأعلى ذكرُه ، فيكون للواحد أجر سبعين ، ويماثل فاعل الخير الدال عليه ، والمعين ) النوازل الجديدة الكبرى 3/11ـ14
فتوى الشيخ العلامة إسماعيل الشهيد من الهند بوجوب جهاد الإستعمار البريطاني ، وقد استشهد رحمه الله في معركة بالاكوت عام 1243هـ ، وكان لفتاوى علماء الحديث الهنود في تلك الحقبة أعظم الأثـر في جهاد الإحتلال الإنجليزي.
فتوى إمام الدعوة حسن البنا رحمه الله بوجوب التحرُّك الجماعي بالسعي لإستعادة الخلافة الإسلامية ، وتكوين الجماعات الحركية لتحقيق هذا الهـدف ـ ثمة جماعة تركز على هدف إعادة الخلافة الإسلامية ـ وإعادة المسلمين إلى دينهم ، وقد انتشرت هذه الفكرة انتشار النار في الهشيم في البلاد الإسلامية ، وتأسسَّت كثيرٌ من الجماعات الإسلامية الحركيّة ، التي حملت على عاتقها نشر الدعوة في المجتمعات الإسلامية ، حتَّى تحوَّلت إلى ظاهرة الصحوة الإسلامية المباركة ، التي حملت معها بشائر النهضة الإسلامية التي نرى إرهاصاتها ، بحمد الله تعالى.
فتوى الشيخ عزّ الدين القسام رحمه الله بجهاد الصهاينة حتى يُطردوا من أرض فلسطين ، وقد أدّى جهاده رحمه الله ، إلى إذكاء روح الجهاد في فلسطين ، إلى يومنا هذا ، حتى إنَّ كتائب عز الدين القسَّام التي يهابها الجيش الصهيوني ، ويخشى صولتها أشدّ الخشية ، قـد تسمَّت بإسمه ، واتخذت من جهاده نبراساً لها ، وجذوةً توقد (حماسها) .
فتوى العلامة أحمد شاكر في حكم موالاة الإنجليز ، والفرنسيين ، ضد المسلمين ، إبّان الإستعمار الذي أذاقوا فيه العالم الإسلامي سوء العـذاب ، قال : ( أما التعاون مع الإنجليز, بأي نوع من أنواع التعاون, قلّ أو كثر, فهو الردّة الجامحة, والكفر الصّراح, لا يقبل فيه اعتذار, ولا ينفع معه تأول, ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء, ولا سياسة خرقاء, ولا مجاملة هي النفاق, سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلُّهم في الكفر ، والردة سواء, إلاَّ من جهل وأخطأ, ثم استدرك أمره فتاب ، وأخذ سبيل المؤمنين , فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم , إن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ، ولا للنّاس ... شأن الفرنسيين في هذا المعنى شأن الإنجليز , بالنسبة لكلّ مسلم على وجه الأرض, فإن عداء الفرنسيين للمسلمين , وعصبيتهم الجامحة في العمل على محو الإسلام , وعلى حرب الإسلام , أضعاف عصبية الإنجليز وعدائهم , بل هم حمقى في العصبية والعداء , وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسلامي لهم فيه حكم ، أو نفوذ , ويرتكبون من الجرائم ، والفظائع ما تصغر معه جرائم الإنجليز ، ووحشيتهم ، وتتضاءل , فهم والإنجليز في الحكم سواء ).
فتوى العلامة محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله ، أوَّل استقدام القوانين الأوربيّة الوضعيّـة إلى بلاد المسلمين ، وإقصاء الشريعة الإسلاميـّة ، قال رحمه الله : ( إنَّ من الكفر الأكبر المستبين، تنـزيل القانون اللعين ، منـزلة ما نزل به الروح الأمين ، على قلب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ ليكون من المنذرين ، بلسان عربيّ مبيـن ).
،
فتوى علماء أفغانسـتان ، ومعهم الشيخ عبدالله عزام رحمه الله بوجوب قتال الإتحاد السوفيتي لطرده من أفغانستان ، وافتى الشيخ عزام بعدم جواز تأجيـج الخلافات بين الجبهات الجهادية ، وأن الخلافات بين المناهج ، والمذاهب ، لا يجوز أن تُقدَّم على تطهير أرض الإسلام من المحتل الأجنبيّ ، وحتَّى لايؤثّـر الخـلاف على وحدة الهدف الجهادي.
،
فتوى الإمام الملاَّ عمر الأفغاني بوجوب جهاد المحتل الصليبي الأمريكي ، وتحريم تمكينه من أي من مطالبه ، ولا يزال الجهاد الأفغاني مستمرا إلى اليوم ، ويلقى المحتل الصليبيّ منه أشد العنـاء ، وذلك بحول الله ، وقوته ، ومعونته للمجاهدين .
فتوى علماء العراق ، وهيئة علماء العراق التي يرأسها الشيخ حارث الضاري بوجوب جهاد المحتـلّ ، ودعم المقاومة ، وعدم الإعتراف بكلِّ ما ترتب على الإحتلال مما يُسمى العملية السياسية ، أو حكوماته ، ومع أنَّ الجهاد انطلق مع الغزو ، وقاده رجال الدعوة ، والإصلاح في العراق ، ومن نصرهم من خارجهـا ، ببسالة منقطعة النظير في التاريخ الإسلامي ، غير أنَّ الفتوى كان لها أثرٌ عظيمٌ في الدعم ، وتوفير الغطاء ، وتثبيت العزائم ، وهذا واجب العلماء.
فتوى علماء فلسطين ، وكلُّ علماء الإسلام ، ببطلان أيِّ اتفاقية مع العدوِّ الصهيوني ، تتضمن التنازل عن حقوق المسلمين في فلسطين ، وأنَّ الجهاد فرض على الأمِّة ، كلُّ بما يقدر عليه ، حتَّى طرد الصهاينة من أرض الإسلام في فلسطين ، وتطهيرها كلـَّها من دنسهم ، وأنَّ كلَّ من يقف مع العدوِّ الصهيوني ضدّ هذا الحقِّ ، أو يعيـق الجهاد ، ويلاحق المجاهدين ، أو يحاصرهم ، فهو خائن ، مرتد ، كافر.
هذا ومن الواضح أنَّ هذه الفتاوى إنمّـا عظمت في أمّة الإسلام ، وحفظها التاريخ ، لأنهّـا بُنيت على النصح المحض للأمّة الإسلاميّة ، بوصفها أمّة واحدة ، إمّا لحفظ دينها ، أو رسالتها العالمية ، أو تميّزها ، أو ثوابتها العظيمة ، أو وحدتها ، أو ثروتها ، أو حقوق المسلمين.. إلخ ، ولم يخشى المفتون فيها إلاَّ الله تعالى ، ولم يبالوا ما أصابهم في سبيل إرضاءه جلّ وعلا ، بقول كلمة الحقّ .
فنسأل الله تعالى أن يقيِّض لهذه الأمّة ، على مدى الأزمنة ، من هم أمثال أولئك الجبال ، وهؤلاء الأبطال ، وأن يعيد لأمّتنا العظيمة أمجادها ، ويُعلي راياتها ، ويبسط سلطانها ، ويخزي أعداءها ، ويذلّ أذنابهم من المنافقين ، والمنهزمين ، والمنبطحين ،
آمين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعم النصيـر
أهدى عشرين فتوى في تاريخ الإسلام
حامد بن عبدالله العلي
فتوى الصديق الأكبر بعد وفاة إمام المرسلين عليه الصلاة والسلام ، بوجوب قتال المرتدين ، بمن فيهم الذين منعـوا الزكاة ، حماية لرسالة الإسلام ، ولحاكميِّة الشريعة ، من أعظم خطـر ، حتى كانـت فتواه العظيمة ، أعظم فتوى بركةً على الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، على الإطلاق ، وهذا نص الفتوى المباركـة :
،
(لأقاتلنَّ من فـرّق بين الصلاة ، والزكاة ، والله لو منعوني عناقا ، كانوا يؤدُّونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لقاتلتهم على منعها ، قال عمر رضي الله عنه : فوالله ما هو إلاّ أنْ رأيت أنّ الله تعالى قد شرح صدر أبي بكر لقتالهم ، فعرفت أنّه الحق ) وفي رواية أنّـه قال أيضا( لأقاتلنَّهـم وحـدي حتى تنفرد سالفتي)
فتاوى الفاروق رضي الله عنه في تطوير الدولة الإسلامية ، وتوسيع الأخذ بكلِّ الوسائل المباحة لتنظيم الخلافة ، من الدواوين ، إلى فتواه العظيمـة في أرض السواد ، وفتاواه في إطلاق جهاد الطلب إلى العالم كلَّه ، حتى يتبوَّأ الإسلام مكانته العالمية ، وبالجملة فكان عهده ، وفتاواه العظيمة ، الهادية ، فتح الإسلام الأعظم بعد وفاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فكلُّ الأمم خارج جزيرة العـرب ، تدين له بعد الله تعالى بالفضل عليها لدخولها في الإسلام.
فتوى عثمان رضي الله عنه بغزوات البحر لإستكمال الفتوح ، ولم تكن قبل ذلك ، وكان قراره هذا المبارك على العالم بأسره ، لأنـَّه نشـر الإسلام إلى وراء البحار ، كان بإلحاح من الصحابي الجليل كاتب الوحي معاوية رضي الله عنه.
فتوى عليِّ رضي الله عنه في قتال الخوارج حتى أراح المسلمين من شرِّهم ، وكانت فتاواه ، وسيرته في هذا الشأن ، وفي قتال البغاة أيضا ، هي المرجع للفقهاء من بعده إلى يومنا هذا ، لأنَّه ابتلي بهم ، بما لم يحدث مثله لغيره من الخلفاء الراشدين ، فأقام فيهم حكم الله ، وسيف العدل.
فتوى الخليفة الراشد الحسن رضي الله عنه ـ إذ هو خامس الخلفاء الراشدين ـ في جواز التنازل عن الخلافة ممَّن هو أحقُّ بها ، لدرء مفسدة أعظم وهي تمزيق الأمّـة ، وفتواه هذه التي تنازل بها لمعاوية رضي الله عنه ، من أعظم أدلة قاعدة ( إرتكاب أخفِّ الضررين ) ، وهي من الهدى العظيم ، الذي يجب أن يقتدي به المتنافسون في ساحات الجهاد ، متعالين على حظوظ النفوس، لتحقيق مصلحة التوافق للإنتصار على العدوِّ الصليبيِّ ، وله تطبيقات كثيرة ، لاسيما في عصرنا الذي كثرت شرورُه ، وقلّ خيرُه .
أمَّا ما بعد عصر الصحابة ، ففتوى إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله ، بتكفير القائل بخلق القرآن ، والتشنيع على منهج التأويل الفاسد للقرآن ، وصبره على الأذى في ذلك ، فحمى الله به الوحي من فتنة التحريف بالتأويل الفاسد ، كما حمى الله الوحـي بالصدّيق ، من فتنة التبديل بالإستكبار عن الإنقياد له .
فتوى الإمام النووي بإبطال مصادرة السلطة لأملاك الناس ، وذلك عندما أمر السلطان ، بأخذ كثير مما بيد الناس من البساتين ، بحجة أنها أملاك الدولة ، إلاَّ من يُظهر وثيقة ، فلجأ الناس إلى الإمام النووي رحمه الله ، فكتب إلى الملك كتاباً جاء فيه :
( وقد لحق المسلمين بسبب هذه الحوطة ـ أي أخذ بساتين الناس بتحويطها ـ على أملاكهم ، أنواعٌ من الضرر لا يمكن التعبير عنها، وطُلب منهم إثباتٌ لا يلزمهم ، فهذه الحوطة لا تحلّ عند أحد من علماء المسلمين ، بل مَن في يده شيء فهو ملكه ، لا يحلّ الاعتراض عليه ، ولايُكلَّفُ إثباته ) ، ولمـّا اشتد غضب السلطان عليه ، وأمر بقطع رواتبه ، وعزله عن مناصبه ، فقيل له: إنه ليس للشيخ راتب ، وليس له منصب ! ثم ذهب الشيخ بنفسه إلى السلطان ، وقال عنده كلمة الحقّ ، فأبطلَ السلطانُ أمرَ الحوطة ، وخلَّصَ اللَّه الناس من شرّها) .
فتوى سلطان العلماء العز بن عبدالسلام رحمه الله ، بتحريم بيع السلاح للفرنج ، لأنَّهم يقاتلون المسلمين ، وكان المقصود بفتواه السلطان نفسه ، فغضب السلطان عليه ، وهدَّده ، فخطب العزَّ خطبة عصماء ندَّد فيها بالسلطة التي تتعاون مع المحتل ، وقطع فيها الدعاء عن السلطان ، ولمَّا كان في مصر أفتى ببطلان عقود الأمراء فيها ، لأنهَّم أصلاً مملوكون ، فلا يصح تصرفهم ، ولم ينفعهم غضبهم عليه ، بل زاده إصراراً على حكم الله ، حتّى انصاعوا أخيرا لفتواه ، فنادى عليهم بالبيع ، واشتهر بعد ذلك ببائع الملوك .
فتواه ببطلان ولاية شجرة الدرِّ على مصر ، وقاد المعارضة ضد تولّيها ، ووقف خطيبا بين المتظاهرين يندّد بما فعلت ، حتى اضطرَّت أن تتنحَّى عن حكم مصر .
فتواه في تحريم أخذ أموال عامَّة الناس لقتال التتار ، حتى يُؤخـذ أولاً ما في بيت المال ، وثانياً بعد أن يدفع الأمراء ، والتجار ، والأغنياء ، حتى يتساوى الجميع في البذل .
وبعد وفاته هذا المفتي الجليل ، بعام واحـد ، وُلد من ملأ الدنيا من فتاواه المباركة على المسلمين ، وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، ونذكر منها :
فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما تردَّد الناس في قتال التتار الزاحفين على الشام بسبب أنَّ فيهم من يُظهر الإسلام ، قال ابن كثير فقال ابن تيمية : (إذا رأيتموني من ذلك الجانب ، وعلى رأسي مصحف فاقتلوني ، فتشجع الناس في قتال التتاروقويت قلوبهم ، ونياتهم ، ولله الحمـد ).
ومن فتاواه المباركة في تلك الأيام العصيبة ، أنَّه أفتى الجيوش الإسلامية حتَّى التي في تقاتل في بلادها ، بالفطر في رمضان ، قال ابن كثير : " وأفتى الناس بالفطر مدّة قتالهم ، وأفطر هو أيضاً، وكان يدور على الأجناد ، والأمراء ، فيأكل من شيء معه في يده ، ليعلمهم أنَّ إفطارهم ليتقووا على القتال أفضل فيأكل الناس ، وكان يتأوَّل في الشاميين قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنكم ملاقوا العدو غداً ، والفطر أقوى لكم ) ، فعزم عليهم في الفطر عام الفتح كما في حديث أبي سعيد الخدري " أ.هـ.
فتواه في قتال الروافض المتآمرين مع الفرنج ، والتتار ، على المسلميـن ، وقـــال فيها : ( وذلك أنَّ هؤلاء ، وجنسهم من أكابر المفسدين في أمر الدنيا ، والدين ، فإنّ اعتقادهم أنَّ أبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وأهل بدر ، وبيعة الرضوان ، وجمهور المهاجرين ، والأنصار ، والتابعين لهم بإحسان ، وأئمة الإسلام ، وعلماءهم أهل المذاهب الأربعة ، وغيرهم ، ومشايخ الإسلام ، وعبادهم ، وملوك المسلمين ، وأجنادهم ، وعوام المسلمين ، وأفرادهم ، كلُّ هؤلاء عندهم كفّار ، مرتدّون ، أكفر من اليهود ، والنصارى ، لأنهَّم مرتدون عندهم ، والمرتدّ شر من الكافر الأصلي ، ولهذا السبب يقدّمون الفرنج ، والتتار على أهل القرآن ، والإيمان .
ولهذا لما قدم التتار إلى البلاد ، وفعلوا بعسكر المسلمين مالا يحصى من الفساد ، وأرسلوا إلى أهل قبرص فملكوا بعض الساحل ، وحملوا راية الصليب ، وحملوا إلى قبرص من خيل المسلمين ، وسلاحهم ، وأسراهم ، مالا يحصى عدده إلا الله ، وأقام سوقهم بالساحل عشرين يوما ، يبيعون فيه المسلمين ، والخيل ، والسلاح على أهل قبرص ، فرحوا بمجئ التتار ، هم ، وسائر أهل هذا المذهب الملعون ، مثل أهل جزين ، وما حواليها ، وجبل عامل ، ولما خرجت العساكر الإسلامية من الديار المصرية ، ظهر فيهم من الخزى ، والنكال ، ماعرفه الناس منهم ، ولما نصر الله الإسلام ، النصرة العظمى عند قدوم السلطان ، كان بينهم شبيه بالعزاء ، كل هذا وأعظم منه عند هذه الطائفة، التى كانت من أعظم الأسباب ، في خروج جنكزخان إلى بلاد الإسلام ، وفى استيلاء هولاكو على بغداد ، وفى قدومه إلى حلب ، وفى نهب الصالحية ، وفى غير ذلك من أنواع العداوة للإسلام ، وأهله ) أ.هـ
فتوى علماء الخلافة الإسلامية العثمانية بوجوب إنطلاق الفتوحات غربا في أوربا ، وقـد بدأ المشروع بفتح القسطنطينية ، ولم تتوقف حتى حاصرت فينا، ودخل في دين الإسلام من شعوب أوربا من لايحصيهم إلاّ الله تعالى ، ولازالت مساجدهم شاهدة على تلك الحقبة المباركة من تاريخ الإسلام .
فتوى الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بوجوب القيام بالجهاد للقضاء على مظاهر الشرك ، والوثنية ، والخرافة ، التي انتشرت في جزيرة العرب ، وأنّه لايكتفى بالبيان القولي فقط ، حتَّى أجرى الله على يديه بسبب هذا الجهاد ما لايعلم مداه إلاّ الله تعالى من الخيـر العميم ، الذي لايزال نوره يشعُّ في الأرض.
فتوى أئمة المالكية في المغرب العربي بالجهاد ضد الإستعمار ، حتى اشتعـل الجهاد من ليبيا إلى الجزائر ، والمغرب ، ومن ذلك فتوى الإمام سيدي العربي الفاسي بإبطال اشتراط الإمام لجهاد الإستعمار ، حتى قال رحمه الله :
(وما تهذي به بعض الألسنة في هذه الأزمنة ، من أنّه لايجوز الجهاد لفقد الإمام وإذنه ،فكلمة أوحاها شيطان الجن إلى شيطان الإنس ، فقرَّها في إذنه ، ثم ألقاها على لسانه في زخارف هذيانه ، إغواء للعباد وتثبيطاً عن الجهاد ..وحسبك فيمن يقول ذلك أنـَّه من أعوان الشيطان ، وإخوانه المبعدين في الغيّ والطغيان ، والذي تشهد له الأدلَّة أنَّ الجهاد الآن أعظم أجراً من الجهاد مع الإمام ، لأنَّ القيام به الآن عسير ، لاتكاد توجد له أعوان ، ولا يتهيّأ له تيسير ، فالقائم به الآن يضاعف أجرُه ، وينشر في الملأ الأعلى ذكرُه ، فيكون للواحد أجر سبعين ، ويماثل فاعل الخير الدال عليه ، والمعين ) النوازل الجديدة الكبرى 3/11ـ14
فتوى الشيخ العلامة إسماعيل الشهيد من الهند بوجوب جهاد الإستعمار البريطاني ، وقد استشهد رحمه الله في معركة بالاكوت عام 1243هـ ، وكان لفتاوى علماء الحديث الهنود في تلك الحقبة أعظم الأثـر في جهاد الإحتلال الإنجليزي.
فتوى إمام الدعوة حسن البنا رحمه الله بوجوب التحرُّك الجماعي بالسعي لإستعادة الخلافة الإسلامية ، وتكوين الجماعات الحركية لتحقيق هذا الهـدف ـ ثمة جماعة تركز على هدف إعادة الخلافة الإسلامية ـ وإعادة المسلمين إلى دينهم ، وقد انتشرت هذه الفكرة انتشار النار في الهشيم في البلاد الإسلامية ، وتأسسَّت كثيرٌ من الجماعات الإسلامية الحركيّة ، التي حملت على عاتقها نشر الدعوة في المجتمعات الإسلامية ، حتَّى تحوَّلت إلى ظاهرة الصحوة الإسلامية المباركة ، التي حملت معها بشائر النهضة الإسلامية التي نرى إرهاصاتها ، بحمد الله تعالى.
فتوى الشيخ عزّ الدين القسام رحمه الله بجهاد الصهاينة حتى يُطردوا من أرض فلسطين ، وقد أدّى جهاده رحمه الله ، إلى إذكاء روح الجهاد في فلسطين ، إلى يومنا هذا ، حتى إنَّ كتائب عز الدين القسَّام التي يهابها الجيش الصهيوني ، ويخشى صولتها أشدّ الخشية ، قـد تسمَّت بإسمه ، واتخذت من جهاده نبراساً لها ، وجذوةً توقد (حماسها) .
فتوى العلامة أحمد شاكر في حكم موالاة الإنجليز ، والفرنسيين ، ضد المسلمين ، إبّان الإستعمار الذي أذاقوا فيه العالم الإسلامي سوء العـذاب ، قال : ( أما التعاون مع الإنجليز, بأي نوع من أنواع التعاون, قلّ أو كثر, فهو الردّة الجامحة, والكفر الصّراح, لا يقبل فيه اعتذار, ولا ينفع معه تأول, ولا ينجي من حكمه عصبية حمقاء, ولا سياسة خرقاء, ولا مجاملة هي النفاق, سواء أكان ذلك من أفراد أو حكومات أو زعماء. كلُّهم في الكفر ، والردة سواء, إلاَّ من جهل وأخطأ, ثم استدرك أمره فتاب ، وأخذ سبيل المؤمنين , فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم , إن أخلصوا من قلوبهم لله لا للسياسة ، ولا للنّاس ... شأن الفرنسيين في هذا المعنى شأن الإنجليز , بالنسبة لكلّ مسلم على وجه الأرض, فإن عداء الفرنسيين للمسلمين , وعصبيتهم الجامحة في العمل على محو الإسلام , وعلى حرب الإسلام , أضعاف عصبية الإنجليز وعدائهم , بل هم حمقى في العصبية والعداء , وهم يقتلون إخواننا المسلمين في كل بلد إسلامي لهم فيه حكم ، أو نفوذ , ويرتكبون من الجرائم ، والفظائع ما تصغر معه جرائم الإنجليز ، ووحشيتهم ، وتتضاءل , فهم والإنجليز في الحكم سواء ).
فتوى العلامة محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله ، أوَّل استقدام القوانين الأوربيّة الوضعيّـة إلى بلاد المسلمين ، وإقصاء الشريعة الإسلاميـّة ، قال رحمه الله : ( إنَّ من الكفر الأكبر المستبين، تنـزيل القانون اللعين ، منـزلة ما نزل به الروح الأمين ، على قلب محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ ليكون من المنذرين ، بلسان عربيّ مبيـن ).
،
فتوى علماء أفغانسـتان ، ومعهم الشيخ عبدالله عزام رحمه الله بوجوب قتال الإتحاد السوفيتي لطرده من أفغانستان ، وافتى الشيخ عزام بعدم جواز تأجيـج الخلافات بين الجبهات الجهادية ، وأن الخلافات بين المناهج ، والمذاهب ، لا يجوز أن تُقدَّم على تطهير أرض الإسلام من المحتل الأجنبيّ ، وحتَّى لايؤثّـر الخـلاف على وحدة الهدف الجهادي.
،
فتوى الإمام الملاَّ عمر الأفغاني بوجوب جهاد المحتل الصليبي الأمريكي ، وتحريم تمكينه من أي من مطالبه ، ولا يزال الجهاد الأفغاني مستمرا إلى اليوم ، ويلقى المحتل الصليبيّ منه أشد العنـاء ، وذلك بحول الله ، وقوته ، ومعونته للمجاهدين .
فتوى علماء العراق ، وهيئة علماء العراق التي يرأسها الشيخ حارث الضاري بوجوب جهاد المحتـلّ ، ودعم المقاومة ، وعدم الإعتراف بكلِّ ما ترتب على الإحتلال مما يُسمى العملية السياسية ، أو حكوماته ، ومع أنَّ الجهاد انطلق مع الغزو ، وقاده رجال الدعوة ، والإصلاح في العراق ، ومن نصرهم من خارجهـا ، ببسالة منقطعة النظير في التاريخ الإسلامي ، غير أنَّ الفتوى كان لها أثرٌ عظيمٌ في الدعم ، وتوفير الغطاء ، وتثبيت العزائم ، وهذا واجب العلماء.
فتوى علماء فلسطين ، وكلُّ علماء الإسلام ، ببطلان أيِّ اتفاقية مع العدوِّ الصهيوني ، تتضمن التنازل عن حقوق المسلمين في فلسطين ، وأنَّ الجهاد فرض على الأمِّة ، كلُّ بما يقدر عليه ، حتَّى طرد الصهاينة من أرض الإسلام في فلسطين ، وتطهيرها كلـَّها من دنسهم ، وأنَّ كلَّ من يقف مع العدوِّ الصهيوني ضدّ هذا الحقِّ ، أو يعيـق الجهاد ، ويلاحق المجاهدين ، أو يحاصرهم ، فهو خائن ، مرتد ، كافر.
هذا ومن الواضح أنَّ هذه الفتاوى إنمّـا عظمت في أمّة الإسلام ، وحفظها التاريخ ، لأنهّـا بُنيت على النصح المحض للأمّة الإسلاميّة ، بوصفها أمّة واحدة ، إمّا لحفظ دينها ، أو رسالتها العالمية ، أو تميّزها ، أو ثوابتها العظيمة ، أو وحدتها ، أو ثروتها ، أو حقوق المسلمين.. إلخ ، ولم يخشى المفتون فيها إلاَّ الله تعالى ، ولم يبالوا ما أصابهم في سبيل إرضاءه جلّ وعلا ، بقول كلمة الحقّ .
فنسأل الله تعالى أن يقيِّض لهذه الأمّة ، على مدى الأزمنة ، من هم أمثال أولئك الجبال ، وهؤلاء الأبطال ، وأن يعيد لأمّتنا العظيمة أمجادها ، ويُعلي راياتها ، ويبسط سلطانها ، ويخزي أعداءها ، ويذلّ أذنابهم من المنافقين ، والمنهزمين ، والمنبطحين ،
آمين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، نعم المولى ، ونعم النصيـر