الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم ، وعلى أخوانه السابقين من الأنبياء والمرسلين .
أما بعد
دائماً ما نرى كل غريب من النصارى ومن شبهاتهم ، ومن ضمن هذه الشبهات الغبية بعض المحاولات لإثبات ما يُسمى بلاهوت المسيح صلى الله عليه وسلم من خلال بعض الآيات والأحاديث سواء أن كان إستشادهم هذا عن جهالة أو مغالطة أو أو أو ....
ومن ضمن هذه المحاولات ما ناقشوه حول هذا الحديث الشريف :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ".
الرد والله المستعان :
أولأً الرواية :
الرواية صحيحة أخرجها البخاري ومسلم وغيرهما [1]
ثانياً الدراية :
يجب أولاً أن نعلم السبب والعلة في ذلك ، وهي أن الله سبحانه وتعالى حفظ المسيح وأمه من نخس الشيطان ببركة دعاء أم مريم أمرأة عمران حيث قالت [2] :
فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [3]
ثانياً :
لم تك هذه خاصية وميزة تفرد بها سيدنا المسيح عيسى بن مريم بل أن هذا حال جميع الأنبياء وأشار القاضي [4] إلى أن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يشاركون عيسى عليه الصلاة و السلام في ذلك وقال القرطبي هو قول قتادة [5]
ثالثاً :
لا يُقهم من هذا أن نخس الشيطان يلزم منه إضلال المنخوس وإغواؤه ، فإن ذلك ظن فاسد ، وكم قد تعرض الشيطان للأنبياء والأولياء بأنواع الإفساد ، والإغواء ، ومع ذلك يعصمُهم الله مما يرومه الشيطان كما قال [6] : إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [7]
ولا مخالفة لما ثبت من عصمة الأنبياء بل ظاهر الخبر أن إبليس ممكن من مس كل مولود عند ولادته، لكن من عباد الله المخلصين لم يضره ذلك المس أصلا، واستثنى من المخلصين مريم وابنها فإنه ذهب يمس على عادته فحيل بينه وبين ذلك، فهذا وجه الاختصاص، ولا يلزم منه تسلطه على غيرهما من المخلصين. [8]
رابعاً :
ان كل واحد من بني آدم قد وكل به قرينه من الشياطين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فمريم وابنها – وإن عصما من نخسه – فلم يُعصما من ملازمته ومقارنته . وقد خص الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بخاصية كمل عليه بها إنعامه بأن أعانه على شيطانه حتى صح إسلامه ، فلا يكون عنده شر ولا يأمر إلا بخير وهذه خاصة لم يؤتها أحد غيره ، لا عيسى ، ولا أمه . [9]
وهنا لابد من المقارنة بين الإسلام والنصرانية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ"
أما كتاب النصارى فيقول :
(انجيل متى 4: 1-4).
“ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيراً. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزاً فَأَجَابَ مَكْتُوبٌ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللّهِ”
فهذا يثبت مرة أخرى أن الإسلام العظيم هو من كرم من شخص المسيح عليه الصلاة والسلام
والحمد لله رب العالمين
-------
[1] أخرجها البخاري في صحيحه 59 : ك : بدء الخلق 11 : ب : صفة إبليس وجنوده ح 3286 ج 2 ص 235 ، و 60 : ك : أحاديث الأنبياء 44 : ب : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ( 16 ) مريم . إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( 45 ) آل عمران . إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ..... إلى قوله: "إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ . آل عمران 33 ، 37 ، ح 3431 من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بفلظ : ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان ...... . ج 2 ص 368 . ط دار المنار 1422 هـ .
ومسلم في الصحيح بلفظ : ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان .... . 43 : ك : الفضائل 40 : ب : فضائل عيسى عليه السلام ح 2366 ج 7 ص 338 بشرح القاضي عياض . دار الوفاء – الطبعة الأولي 1419 هـ .
والبغوي في شرح السنة ب : فتنة الشيطان ج 14 ص 405 ح 4209 ، وقال هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن أبي اليمان. وروى سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان ". ج 14 ص 405 ح 4209 ط المكتب الإسلامي 104 هـ .
وأحمد في المسند ح 8237 من طريق عجلان عن أبي هريرة، وقال الأرنؤوط في تعليقه على المسند صحيح وهذا إسناد حسن ، ج 2 ص 319 . مؤسسة الرسالة – الطبعة الثانية 1420 هـ
[2] منة المنعم في شرح صحيح مسلم للشيخ صفي الرحمن المباركفوري ج 4 ص 62 . ط دار السلام – الطبعة الأولى 1420 هـ .
[3] سورة آل عمران الآية 36 .
[4] الإمام الحافظ أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي المتوفى سنة 544 هـ .
[5] عمدة القاري ج 15 ص 176 . ط الكتب العلمية – الطبعة الأولى 1421 هـ .
[6] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج 6 ص 178 ط دار بن كثير - الأولى 1417هـ
[7] سورة الإسراء آية 65 .
[8] فتح الباري للحافظ بن حجر ج 8 ص 212 – الطبعة السلفية .
[9] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج 6 ص 178 ط دار بن كثير - الأولى 1417هـ
أما بعد
دائماً ما نرى كل غريب من النصارى ومن شبهاتهم ، ومن ضمن هذه الشبهات الغبية بعض المحاولات لإثبات ما يُسمى بلاهوت المسيح صلى الله عليه وسلم من خلال بعض الآيات والأحاديث سواء أن كان إستشادهم هذا عن جهالة أو مغالطة أو أو أو ....
ومن ضمن هذه المحاولات ما ناقشوه حول هذا الحديث الشريف :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ".
الرد والله المستعان :
أولأً الرواية :
الرواية صحيحة أخرجها البخاري ومسلم وغيرهما [1]
ثانياً الدراية :
يجب أولاً أن نعلم السبب والعلة في ذلك ، وهي أن الله سبحانه وتعالى حفظ المسيح وأمه من نخس الشيطان ببركة دعاء أم مريم أمرأة عمران حيث قالت [2] :
فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [3]
ثانياً :
لم تك هذه خاصية وميزة تفرد بها سيدنا المسيح عيسى بن مريم بل أن هذا حال جميع الأنبياء وأشار القاضي [4] إلى أن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يشاركون عيسى عليه الصلاة و السلام في ذلك وقال القرطبي هو قول قتادة [5]
ثالثاً :
لا يُقهم من هذا أن نخس الشيطان يلزم منه إضلال المنخوس وإغواؤه ، فإن ذلك ظن فاسد ، وكم قد تعرض الشيطان للأنبياء والأولياء بأنواع الإفساد ، والإغواء ، ومع ذلك يعصمُهم الله مما يرومه الشيطان كما قال [6] : إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا [7]
ولا مخالفة لما ثبت من عصمة الأنبياء بل ظاهر الخبر أن إبليس ممكن من مس كل مولود عند ولادته، لكن من عباد الله المخلصين لم يضره ذلك المس أصلا، واستثنى من المخلصين مريم وابنها فإنه ذهب يمس على عادته فحيل بينه وبين ذلك، فهذا وجه الاختصاص، ولا يلزم منه تسلطه على غيرهما من المخلصين. [8]
رابعاً :
ان كل واحد من بني آدم قد وكل به قرينه من الشياطين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى هذا فمريم وابنها – وإن عصما من نخسه – فلم يُعصما من ملازمته ومقارنته . وقد خص الله تعالى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بخاصية كمل عليه بها إنعامه بأن أعانه على شيطانه حتى صح إسلامه ، فلا يكون عنده شر ولا يأمر إلا بخير وهذه خاصة لم يؤتها أحد غيره ، لا عيسى ، ولا أمه . [9]
وهنا لابد من المقارنة بين الإسلام والنصرانية، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ"
أما كتاب النصارى فيقول :
(انجيل متى 4: 1-4).
“ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيراً. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْمُجَرِّبُ وَقَالَ لَهُ إِنْ كُنْتَ ابْنَ اللّهِ فَقُلْ أَنْ تَصِيرَ هذِهِ الْحِجَارَةُ خُبْزاً فَأَجَابَ مَكْتُوبٌ لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللّهِ”
فهذا يثبت مرة أخرى أن الإسلام العظيم هو من كرم من شخص المسيح عليه الصلاة والسلام
والحمد لله رب العالمين
-------
[1] أخرجها البخاري في صحيحه 59 : ك : بدء الخلق 11 : ب : صفة إبليس وجنوده ح 3286 ج 2 ص 235 ، و 60 : ك : أحاديث الأنبياء 44 : ب : وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا ( 16 ) مريم . إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ( 45 ) آل عمران . إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ..... إلى قوله: "إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ . آل عمران 33 ، 37 ، ح 3431 من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة بفلظ : ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان ...... . ج 2 ص 368 . ط دار المنار 1422 هـ .
ومسلم في الصحيح بلفظ : ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان .... . 43 : ك : الفضائل 40 : ب : فضائل عيسى عليه السلام ح 2366 ج 7 ص 338 بشرح القاضي عياض . دار الوفاء – الطبعة الأولي 1419 هـ .
والبغوي في شرح السنة ب : فتنة الشيطان ج 14 ص 405 ح 4209 ، وقال هذا حديث متفق على صحته أخرجه مسلم عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، عن أبي اليمان. وروى سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " صياح المولود حين يقع نزغة من الشيطان ". ج 14 ص 405 ح 4209 ط المكتب الإسلامي 104 هـ .
وأحمد في المسند ح 8237 من طريق عجلان عن أبي هريرة، وقال الأرنؤوط في تعليقه على المسند صحيح وهذا إسناد حسن ، ج 2 ص 319 . مؤسسة الرسالة – الطبعة الثانية 1420 هـ
[2] منة المنعم في شرح صحيح مسلم للشيخ صفي الرحمن المباركفوري ج 4 ص 62 . ط دار السلام – الطبعة الأولى 1420 هـ .
[3] سورة آل عمران الآية 36 .
[4] الإمام الحافظ أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي المتوفى سنة 544 هـ .
[5] عمدة القاري ج 15 ص 176 . ط الكتب العلمية – الطبعة الأولى 1421 هـ .
[6] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج 6 ص 178 ط دار بن كثير - الأولى 1417هـ
[7] سورة الإسراء آية 65 .
[8] فتح الباري للحافظ بن حجر ج 8 ص 212 – الطبعة السلفية .
[9] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ج 6 ص 178 ط دار بن كثير - الأولى 1417هـ
تعليق