الكتاب المقدس عند النصارى:
ويمكن أن نطلق عليه اسم ( البايبل ) تجنباً لاستخدام اسم : الكتاب المقدس , وبديلاُ عن استخدام الاسم (الكتاب المقدس عند النصارى ) . ونحن نعتبر انه الكتاب المقدس اسماً وليس صفة ً , فعندما نقول محمد الصغير , لا يعني أنه صغير طوال عمره , أو عندما نقول عباس الطويل , من الممكن أن يكون قصيراً ولكن اسمه عباس الطويل.
يتكون الكتاب المقدس عند النصارى من جزأين أو ثلاثة أجزاء كما يلي :
أ- العهد القديم وهو ما تمت كتابته قبل المسيح ويتكون من:
1- التوراة وتحتوي على أسفار (التكوين ‑ الخروج ‑ العدد ‑ اللاويين ‑ التثنية).
2- الأسفار التاريخية (يشوع ‑ القضاة ‑ راعوث ‑ صموئيل 1 ‑ صموئيل 2 ‑ ملوك 1 ‑ ملوك 2 ‑ أخبار أيام 1 ‑ أخبار أيام 2 ‑ عزرا ‑ نحميا ‑ أستير).
3- الأسفار الشعرية (أيوب ‑ مزامير داود ‑ الأمثال ‑ الجامعة ‑ نشيد الأنشاد).
4- أسفار الأنبياء (إشعياء ‑ أرمياء ‑ مراثي أرمياء ‑ حزقيال ‑ دانيال ‑ هوشع ‑ يوئيل ‑ عاموس ‑ عوبديا ‑ يونان‑ ميخا ‑ ناحوم ‑ حبقوق ‑ صفنيا ‑ حجي ‑ زكريا ‑ ملاخي).
ب- العهد الجديد وهو ما تمت كتابته بعد المسيح ويتكون من:
1- الأناجيل (إنجيل متى ‑ إنجيل مرقس ‑ إنجيل لوقا ‑ إنجيل يوحنا).
2- الأعمال (أعمال الرسل «الحواريين»).
3- رسائل بولس (لأهل رومية ‑ لأهل كورنثوس الأولى ‑ لأهل كورنثوس الثانية ‑ لأهل غلاطية ‑ لأهل افسِسِ ‑ لأهل فِيليبي ‑ لأهل كوليسي‑ لأهل تسالونيكي الأولى ‑ لأهل تسالونيكي الثانية ‑ إلى تيماثوس الأولى ‑ إلى تيماثوس الثانية ‑ إلى تيطس‑ إلى فيليمون).
4- الرسالة إلى العبرانيين. 5- رسالة يعقوب.
6- رسالتا بطرس (1، 2). 7- رسائل يوحنا (1 ، 2، 3).
8- رسالة يهوذا. 9 - سفر الرؤيا (رؤيا يوحنا).
ج- الأسفار القانونية الثانية:
هي أسفار قامت طوائف بحذفها من " البايبل " بينما أبقتها طوائف أخرى.
فتعد الأسفار القانونية الثانية جزءًا مكملًا للعهد القديم بالنسبة للكاثوليك والأرثوذكس أما البروتستانت فقد حذفوها على أساس أنها لا ترقى لمستوى الوحي الإلهي، وتم اعتبارها كتابات تاريخية فقط , وقد اعترضت بقية الطوائف على الحذف.
لذلك يعتقد الأرثوذكس والكاثوليك (الغالبية) بقدسية الأسفار القانونية الثانية ويضيفونها إلى البايبل, ويقوم الأرثوذكس بطباعتها منفردة تحت اسم (الكتاب المقدس‑ الأسفار القانونية الثانية)، بينما يضيفها الكاثوليك إلى العهد القديم مباشرة.
الأسفار المحذوفة عددها 10 وهي:
1- سفر طوبيا. 2- سفر يهوديت. 3- تكملة سفر أستير.
4- سفر الحكمة. 5- سفر يشوع بن سيراخ. 6- سفر نبوأة باروخ.
7- تتمة سفر دانيال. 8- سفر المكابيين الأول.
9- سفر المكابيين الثاني. 10- المزمور 151.
لذلك أسفار الكتاب المقدس , 66 سفراً عند البروتستانت , و 73 سفراً عند الكاثوليك والأرثوذكس . ( الفرق 7 لأن هناك استكمال للأسفار " استير – دانيال – المزامير" )
أ- الاعتقاد النصراني:
1- يُطلق هذا الاسم على مجموع الأسفار المكونة للعهدين القديم والجديد ( كم وأي كتب ؟ ) التي كتبها القديسون بتوجيه من الروح القدس, وبدأت كتابته تقريباً في العام 1500 ق م ، واستغرق تدوينه حوالي 1600 سنة، فقد سجلت آخر أسفار العهد الجديد عام 98 م ، وقد كتبه أشخاص كثيرون، أولهم نبي الله موسى وآخرهم يوحنا.
لغات الكتاب المقدس:
1- العبرية: وهى لغة العهد القديم، وهى تدعى اللسان اليهودي.
2- الآرامية: وهى اللغة الشائعة في الشرق الأوسط قبل «الإسكندر الأكبر».
3- اليونانية: لغة العهد الجديد، فكانت اللغة الدولية في زمن المسيح عليه السلام.
اعتقاد النصارى في الكتاب المقدس:
1- كلمةُ الرب ولكن كتبت عن طريق آخرين بأساليبهم بمعونة الروح القدس.
3 - كل ما به مقدس من رسائل ورؤى وأسفار وأناشيد.
4- لا يحتوي على أي أخطاء علمية أو تاريخية.
5- لم يطرأ عليه أي تحريف أو تغيير.
فائدة :
جاء في مقدمة الأسفار القانونية الثانية طبعة الأرثوذكس , اعتراف للأرثوذكس أن البروتستانت حذفوا أسفاراً على أنها لا ترقى لمستوى الوحي الإلهي , وخلال دفاعهم عن الأسفار وقدسيتها , يمكن استخراج ما يفيد الفقدان والضياع الذي حدث لكتابهم فقد جاء : «قام البروتستانت بحذف هذه الأسفار من طبعة الكتاب المقدس المنتشرة بين أيدينا، على الرغم من أن كلًا من الأرثوذكس والكاثوليك يؤمنون بقانونية هذه الأسفار، وأما البروتستانت فيعتبرون هذه الأسفار لا ترتقي إلى مستوى الوحي الإلهي»([1]).
كما جاء في الكتاب السابق : " يقول البروتستانت: إن هذه الأسفار لم تدخل ضمن أسفار العهد القديم التي جمعها عزرا الكاهن لما جمع أسفار التوراة سنة 534 ق.م. والرد على ذلك أن بعض هذه الأسفار تعذَّر العثور عليها أيام عزرا بسبب تشتت اليهود بين الممالك، كما أن البعض الآخر منها كُتِب بعد زمن عزرا الكاهن" ([2]).
ب – الاعتقاد الإسلامي في الكتاب المقدس :
من متطلبات الإيمان في الإسلام الإيمان بالكتب السماوية، والإيمان بالكتب السماوية عند المسلمين يتضمن أربعة أمور:
الأول: التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله.
الثاني: ما ذكره الله من هذه الكتب وجب الإيمان به، وهي الكتب التي سماها الله في القرآن: (كالقرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى).
الثالث: تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن.
الرابع: الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكمًا على هذه الكتب ومصدقًا لها كما قال الله تعالى:} وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ { [المائدة:48].
قال أهل التفسير:(مهيمنًا): مؤتمنًا وشاهدًا على ما قبله من الكتب، و(مصدقًا) لها: يصدق ما فيها من الصحيح، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير، ويحكم عليها بإزالة أحكام سابقة، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة ([3]).
أي أن ما تم ذكره في القرآن نصدقه , وما تم نفيه ننفيه , وهذا هو معنى مؤتمناً وشاهداً على ما قبله من الكتب.
وشهادة القرآن الكريم على كتابهم يمكن تلخيصها كما يلي :
1- بين الله تعالى أنه انزل التوراة على موسى كما في الآيات التالية :
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ [المؤمنون : 49]
وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً [الإسراء : 2]
وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [البقرة : 53]
ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ [الأنعام : 154]
وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ [الأعراف : 145]
والموجود الآن هو العهد القديم الذي يقولون أن أول خمسة أسفار منه تسمى توراة موسى , ولكن منها ما كتب بعد موسى عليه السلام مثل :
(تثنية 34: 5): «فَمَاتَ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ فِي أَرْضِ مُوآبَ بِمُوْجِبِ قَوْلِ الرَّبِّ».(6): «وَدَفَنَهُ فِي الْوَادِي فِي أَرْضِ مُوآبَ، مُقَابِلَ بَيْتِ فَغُورَ. وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ قَبْرَهُ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ».
فهل موسى عليه السلام سيكتب مات موسى ولا يعلم قبره حتى الآن !؟
بالإضافة إلى أن كل مصادر النقد الكتابي الحديث , سواء مسيحية أو عالمية , مثل مقدمة الكتاب المقدس – طبعة دار المشرق – المدخل إلى سفر التكوين أو المدخل إلى الأسفار الخمسة الأولى , تشير أن للأسفار الخمسة أثر من أربعة مصادر يتضمنون أكثر من مئة كاتب .
وهذا ما يسمى بنظرية المصادر الأربعة .[4] [5]
2- بين الله تعالى انه آتى عيسى عليه السلام الإنجيل كما في الآيات التالية :
قال الله تعالى : وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ [المائدة : 46]
وفي التفسير الميسر : وأتبعنا أنبياء بني إسرائيل عيسى ابن مريم مؤمنًا بما في التوراة, عاملا بما فيها مما لم ينسخه كتابه, وأنزلنا إليه الإنجيل هاديا إلى الحق, ومبيِّنًا لما جهله الناس مِن حكم الله, وشاهدًا على صدق التوراة بما اشتمل عليه من أحكامها, وقد جعلناه بيانًا للذين يخافون الله وزاجرًا لهم عن ارتكاب المحرَّمات.
وقال الله تعالى : إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ [المائدة : 110]
إذ قال الله يوم القيامة: يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك إذ خلقتك من غير أب, وعلى والدتك حيث اصطفيتها على نساء العالمين, وبرأتها مما نُسِب إليها, ومن هذه النعم على عيسى أنه قوَّاه وأعانه بجبريل عليه السلام, يكلم الناس وهو رضيع, ويدعوهم إلى الله وهو كبير بما أوحاه الله إليه من التوحيد, ومنها أن الله تعالى علَّمه الكتابة والخط بدون معلم, ووهبه قوة الفهم والإدراك, وعَلَّمه التوراة التي أنزلها على موسى عليه السلام, والإنجيل الذي أنزل عليه هداية للناس, ومن هذه النعم أنه يصوِّر من الطين كهيئة الطير فينفخ في تلك الهيئة, فتكون طيرًا بإذن الله, ومنها أنه يشفي الذي وُلِد أعمى فيبصر, ويشفي الأبرص, فيعود جلده سليمًا بإذن الله, ومنها أنه يدعو الله أن يحييَ الموتى فيقومون من قبورهم أحياء, وذلك كله بإرادة الله تعالى وإذنه, وهي معجزات باهرة تؤيد نبوة عيسى عليه السلام, ثم يذكِّره الله جل وعلا نعمته عليه إذ منع بني إسرائيل حين همُّوا بقتله, وقد جاءهم بالمعجزات الواضحة الدالة على نبوته, فقال الذين كفروا منهم: إنَّ ما جاء به عيسى من البينات سحر ظاهر.
والموجود الآن روايات ورسائل كتبت كلها من أشخاص مجهولين بعد عيسى علي السلام ( راجع مقدمات أسفار العهد الجديد ) .
3 - ذكر القرآن الكريم أن الكتب السابقة تعرضت للتحريف بعدة طرق منها التحريف بالتغيير والإضافة والحذف.
قال تعالى:} وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ الله وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ الله وَيَقُولُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ { [آل عمران: 78].
وقال: } أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ الله ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ { [البقرة: 75].
وقال: } مِنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ .. . الآية { [النساء: 46].
وقال:} وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ.. الآية { [المائدة: 41].
ونتيجة لأن الكتاب المقدس تعرض للزيادة والنقص والتبديل فهو يحتوى على كلام الله تعالى مختلطًا مع كلام مؤرخين وكهنة وكتبة، والمسلم لا يقول: إن الكتاب المقدس بالكامل كلام بشر؛ لأن فيه آيات تشريع وأخبار ذكرها الإسلام ووافقها, ولا يقول: إن الكتاب المقدس بالكامل من عند الله لثبوت التحريف بالزيادة والنقص والتبديل.
عقيدة المسلم في ما ورد بهذه الكتب من أخبار:
1- تصديق ما جاء متوافقًا مع ما عند المسلم من أخبار «صحيحة».
مثال: ما جاء بسفر التكوين أن الله تعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام.
وجاء ما يوافقها في القرآن الكريم:} وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ { [ق: 38].
2- تكذيب المخالف لما أخبرنا به الله تعالى ورسوله F من أخبار.
مثال: ما جاء بسفر التكوين أن الله تعالى استراح في اليوم السابع بعد الخلق, القول الذي نفاه الله تعالى بالآية السابقة بقوله تعالى:} وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ { [ق:38].
وفي التفسير الميسر: (.. وما أصابنا من ذلك الخلق تعب ولا نَصَب). فلا يجوز في حق الله تعالى التعب والاستراحة.
3- السكوت عن ما لم ترد لنا أخبار عنه, فلا نكذبه ولا نصدقه مثل قصة «يهوديت» أو «أستير» وغيرها ([6]).
هناك بعض الادعاءات النصرانية من أن القرآن الكريم شهد للكتاب المقدس بالصحة في مواضع عدة، ومن الناحية الإسلامية يكفي الرجوع للتفسير الخاص بالآيات ليتجلى الأمر، وللزيادة مراجعة الآيات الصريحة الواضحة التي تبين تحريف أهل الكتاب لكتبهم.
أما بالنسبة للنصارى فأمامهم اختيار واحد من اختيارين:
الاختيار الأول: الإيمان بأن القرآن الكريم من عند الله تعالى، فبذلك يخرجون من النصرانية ولا يوجد داعٍ للاستشهاد على صحة كتابهم الذي ذكر القرآن تحريفه.
الاختيار الثاني: إن كان اعتقادهم أن القرآن الكريم ليس من عند الله تعالى، فلا داعي للاستشهاد بما يظنون أنه ليس من عند الله لإثبات صحة كتابهم.
وللرد على الإدعاء بأن القرآن مدح كتابهم نقول :
القرآن الكريم مدح الكتب التي أنزلها الله تعالى وليس ما بقي منها :
عندما يمدح القرآن الكريم التوراة أو الإنجيل فهو لا يمدح الموجود الآن ؛ بل يمدح ما أنزله الله تعالى من كتب بأنها كانت تحتوي على نور وهدى ، فنحن لا نعتبر أن من الإنجيل الذي أنزله الله تعالى على عيسى ومدحه القرآن أن فيه آيات يطلب فيها بولس الرداء الذي تركه (2 تيموثيوس 4 :11:"لُوقَا وَحْدَهُ مَعِي. خُذْ مَرْقُسَ وَأَحْضِرْهُ مَعَكَ لأَنَّهُ نَافِعٌ لِي لِلْخِدْمَةِ ". 12 :" أَمَّا تِيخِيكُسُ فَقَدْ أَرْسَلْتُهُ إِلَى أَفَسُسَ ". 13 :"اَلرِّدَاءَ الَّذِي تَرَكْتُهُ فِي تَرُواسَ عِنْدَ كَارْبُسَ أَحْضِرْهُ مَتَى جِئْتَ، وَالْكُتُبَ أَيْضاً وَلاَ سِيَّمَا الرُّقُوقَ..."). إلخ.
ولا نعتبر من ضمن الإنجيل رؤيا يوحنا الذي يقول فيها : إن الخروف هو رب الأرباب وملك الملوك كما في النصوص التالية : (رؤيا 17 : 14 هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك والذين معه مدعوون ومختارون ومؤمنون.)
ولا نعتبر أن من التوراة التي فيها هدى ونور, نشيد الإنشاد الذي نعرض بعض من محتوياته : ( نشيد الإنشاد 7 :1" مَا أَجْمَلَ رِجْلَيْكِ بِالنَّعْلَيْنِ يَا بِنْتَ الْكَرِيمِ! دَوَائِرُ فَخْذَيْكِ مِثْلُ الْحُلِيِّ صَنْعَةِ يَدَيْ صَنَّاعٍ ".2 :"سُرَّتُكِ كَأْسٌ مُدَوَّرَةٌ لاَ يُعْوِزُهَا شَرَابٌ مَمْزُوجٌ. بَطْنُكِ صُبْرَةُ حِنْطَةٍ مُسَيَّجَةٌ بِالسَّوْسَنِ ". 3 :"ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْنِ تَوْأَمَيْ ظَبْيَةٍ". 4:"عُنُقُكِ كَبُرْجٍ مِنْ عَاجٍ. عَيْنَاكِ كَالْبِرَكِ فِي حَشْبُونَ عِنْدَ بَابِ بَثِّ رَبِّيمَ. أَنْفُكِ كَبُرْجِ لُبْنَان النَّاظِرِ تُجَاهَ دِمَشْقَ". 5 :"رَأْسُكِ عَلَيْكِ مِثْلُ الْكَرْمَلِ وَشَعْرُ رَأْسِكِ كَأُرْجُوَانٍ مَلِكٌ قَدْ أُسِرَ بِالْخُصَلِ ". 6:"مَا أَجْمَلَكِ وَمَا أَحْلاَكِ أَيَّتُهَا الْحَبِيبَةُ بِاللَّذَّاتِ ". 7 :"قَامَتُكِ هَذِهِ شَبِيهَةٌ بِالنَّخْلَةِ وَثَدْيَاكِ بِالْعَنَاقِيدِ". 8 :"قُلْتُ: إِنِّي أَصْعَدُ إِلَى النَّخْلَةِ وَأُمْسِكُ بِعُذُوقِهَا . وَتَكُونُ ثَدْيَاكِ كَعَنَاقِيدِ الْكَرْمِ وَرَائِحَةُ أَنْفِكِ كَالتُّفَّاحِ ". 9:"وَحَنَكُكِ كَأَجْوَدِ الْخَمْرِ".
كتب الدكتور / عمر بن عبد العزيز قريشي حفظه الله: نحن أمرنا أن نؤمن بما أنزل كما في قول الله تعالى: {والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة : 4] ولم نؤمر أن نؤمن بما بقي مما حرّف وبدّل (نؤمن بما أنزل ولا نؤمن بما حرف وبدل ) ، فنحن مثلاً إذ نؤمن بالتوراة التي نزلت على موسى ونعلم أن ذلك من الإيمان وقد أخبرنا الله تعالى أن فيها هدى ونوراً وأثنى عليها في كتابه الخاتم فقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاء وَذِكْراً لِّلْمُتَّقِينَ} [الأنبياء : 48] إلا أن هذه التوراة التي نزلت على"موسى" عليه السلام غير موجودة بالمرة كما هو مسلم من الجميع ، أما التوراة المتداولة الآن فقد قام بكتابتها أكثر من كاتب وفي أزمنة مختلفة وقد دخلها التحريف, وقد أثبت القرآن هذا التحريف ونعى على اليهود التغيير والتبديل الذي أدخلوه على التوراة في أكثر من موضع". ([7])
والحمد لله رب العالمين .
([1]) الكتاب المقدس‑ الأسفار القانونية الثانية‑ مكتبة المحبة‑ القاهرة‑ ص 6.
([2]) المصدر السابق ‑ ص 7.
([3]) شرح الأصول الثلاثة‑ ابن عثيمين. 94‑ 95 بتصرف / حقيقة الإيمان ج2- ص68- 81 . د.عمر بن عبد العزيز قريشي.
[4]الموسوعة البريطانية ‑ الإصدار 15 ‑ الجزء 14 ‑ ص 921.
[5] الكتاب المقدس – طبعة دار المشرق – الصفحات 60 – 61 – 64 – 65 ( المدخل للتوراة والمدخل لسفر التكوين ) , والصفحة 68 , الهامش ( تعليقاً على رواية بدء الخلق ).
([6])شرح الأصول الثلاثة‑ ابن عثيمين. 94‑ 95 بتصرف / حقيقة الإيمان ج2- ص68- 81 . د.عمر بن عبد العزيز قريشي..
[7]حقيقة الإيمان ج2- ص68- 81 . د.عمر بن عبد العزيز قريشي- بتصرف يسير.
تعليق