مكة فى الكتاب المقدس والرد على القمص مرقس عزيز خليل

تقليص

عن الكاتب

تقليص

abubakr_3 مسلم اكتشف المزيد حول abubakr_3
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • abubakr_3
    مشرف عام

    • 15 يون, 2006
    • 849
    • مسلم

    #16
    تهافت التاريخ التوراتى:
    إلى هنا يكون قد تأكد لنا أن هذا الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص مرقس عزيز ليس كتاب الله، وأنه قد تحرف، وأثبتُ لك التحريف بأساليب عديدة، من ناحية المتن، ومن ناحية السند، وبتضارب عقائد الكتاب نفسه، وبوجود أخطاء بيِّنة أقرها علماء نصوص الكتاب، وغيرها المترجمون ، فى طبعاتهم المختلفة، وباعتراف آباء الكنيسة الأول، وباعتراف دوائر المعارف العالمية، وباعتراف دائرة المعارف الكتابية، وباعتراف الأنبا شنودة، وباعتراف مقدمة الكتاب الذى تقدسه، وباعتراف الرب نفسه فى الكتاب المنسوب إليه!، ثم عن تجاهل اسم الرب فى هذا الكتاب وحذفه عن عمد!
    وقبل أن نتكلم عن مكة وبكة لنا تساؤل بسيط: هل حدد العلماء كل الأماكن الجغرافية التى تناولها الكتاب بالذكر بدقة؟ وهل صدق تاريخ العهد القديم وممالكه؟
    فى الحقيقة لا.
    يقول العلمانى الدكتور بشار خليف فى مقاله (التوراة .. انتحالات وتزييف) على شبكة النت: «فقد أجمعت الدراسات الأنثروبولوجية والأثنولوجية على استحالة رد شعب من الشعوب إلى جد واحد.. ونحن نعتقد أن أخذ كتّاب التوراة بمفهوم العنصر كان طبيعيًا كون أنهم بقوا على خصائصهم الرعوية القبلية بما يحتم البحث عن جدّ تؤدى له فروض القداسة.
    وعليه فلا عجب مثلاً أن نجد في التوراة – سفر التكوين، أن العيلاميين واللوديين اُعتبروا ساميين وما هم بذلك. وأن الكنعانيين عُدّوا من الكاشيين، وأن الحثيين من ذرية كنعان أما العموريون فهم حاميون !.»
    «والغريب أن كتّاب التوراة لم يعوا حقيقة التسلسل الزمني والتاريخي. فإن كان ابراهيم التوراتي الذين يتحدرون منه هو "آرامياً تائهاً" كما ورد في سفر التكوين فإن الحقيقة العلمية تقول أن في هذا الزمن لم يكن ثمة تواجد للآراميين في المشرق العربي بما يعطي دليلاً أكيداً على أن كتابة التوراة حصلت في الألف الأول قبل الميلاد.»
    «أيضاً ذكر سفر التكوين أن ابراهيم التوراتي كان في مدينة أور الرافدية لكن الحقائق الأثرية والتاريخية تؤكد أن أور دمرت على يد العيلاميين سنة /2008 / ق. م. ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.»
    «كما تم وصف مدينة أور بأنها كلدانية والمعلوم أن الكلدانيين يعودون إلى منتصف الألف الأول قبل الميلاد أي زمن تدوين التوراة.»
    «كذلك فإن المشرق العربي مع مطالع الألف الثاني قبل الميلاد / الزمن المفترض لابراهيم التوراتي / كان يعجّ بالمدن والفاعلية الحضارية ولعل وثائق هذه الفترة تتعدى نصف مليون وثيقة مسمارية من كافة مواقع المشرق بحيث أنها لم تشر إلى وجود ابراهيم التوراتي ومغامراته وقصة عبوره إلى فلسطين.
    وعلى هذا بتنا نفهم مقولة الباحث" إيسفيليت": "أن التوراة لم تكن تاريخاً تحول إلى خيال بل خيالاً تحول إلى تاريخ" (1) [الترقيم هذا فى مقال الدكتور]
    أما ماير فيقول: "إن كامل سفر التكوين برواياته عن الآباء والأسلاف / ابراهيم – اسحاق – يعقوب / لبني إسرائيل لا علاقة له بالتاريخ ويجب تصنيفه في زمرة الخيال الأدبي" (2)
    وينضم ماك كارتر إلى نقطة متقدمة في الإيضاح في نقده لقصة اختلاق ابراهيم التوراتي والآباء التوراتيين حيث يقول: "علينا أن نكون حذرين في دراستنا لروايات الآباء التوراتيين، فهذه الروايات إيديولوجيا وليست تاريخاً. لقد صيغت في الألف الأول قبل الميلاد / أثناء السبي / من أجل التأسيس اللاهوتي والسياسي للشعب الإسرائيلي. لهذا لا يمكن التعامل معها كتاريخ بأي معنى من المعاني الحديثة لهذه الكلمة" (3)
    ويذكر الهولندي "هوفت جزر" في كتابه "الوعود الإلهية للآباء الثلاثة":
    "إن كل الوعود التي جاءت على لسان ابراهيم واسحاق ويعقوب بالأرض، تعود إلى وقت واحد في عصر متأخر جداً من زمن الآباء / المفترض/. وكانت هذه الوعود تظهر من قبل أحبار اليهود أثناء الأزمات والأخطار التي كانت تهدد وجودهم. ومعظم هذه الروايات كتبت أثناء السبي البابلي" (4).
    »

    ويواصل الدكتور بشار خليف قائلاً: «ومن المغالطات الكبرى في سفر التكوين هو ذكر كُتَّاب التوراة أن الجَمَل كان موجوداً لدى ابراهيم واسحاق ويعقوب في الزمن المفترض لهم /1900ق.م/، ولكن من المعروف أن ظهور الجمل واستخدامه لم يحصل إلا في القرن الثاني عشر قبل الميلاد أي بعد حوالي 700 سنة.»
    وأضيف على كلام الدكتور بشار خليف قائلا: إن لهذا ليثبت بالدليل القاطع أن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كانوا يسكنون مكة والجزيرة العربية مكان انتشار الجمل وركوبه، حيث يوجد أيضًا بئر زمزم ، الذى يسميه الكتاب (بئر الله الحى).
    «ويشير "كاسيدوفسكي" إلى أن الأمانة التاريخية كانت غريبة على كتّاب التوراة، حيث استخدموا الأساطير التي تتوارثها الأجيال / المشرقية / شفهياً كي يثبتوا أن يهوه هو الذي يتحكم بمصير شعبه المختار منذ أيام ابراهيم. ولكن لحسن الحظ / والقول لكاسيدوفسكي / عند العلماء والباحثين أن الكهنة لم يستطيعوا أن يكونوا منطقيين في عملهم التحويري والتحريضي هذا، فقد تركوا في النصوص التوراتية الكثير من التفصيلات التي أعطتها صلة وثيقة مع ثقافة الرافدين.
    ويصل للقول: لقد كانت ثقافات السومريين والأكاديين والآشوريين والبابليين هي الأصول القديمة لتلك التفصيلات (5).»
    ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «قالت الباحثة ”مارغريت ستينر“: إن بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد،ولا علاقة لداود وسليمان بها). وقالت أيضًا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخ أورشليم يجب اعادة كتابته).» ومعنى ذلك تكذيب ما يسمونها التوراة فيما روته عن روايات الكهنة والقصاصين.
    وأضاف قائلاً: «أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الى نتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبط من مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان
    ويقول توماس طومسون أستاذ علم الآثار فى جامعة ماركويت فى ميلووكى بالولايات المتحدة الأمريكية في كتابه "الماضي الخرافي – التوراة والتاريخ": "لقد بات واضحاً الآن أن الثقة السابقة في وجهة النظر القائلة بأن كتاب التوراة هو وثيقة تاريخية هي في طور الانهيار. فقد تم التعبير عن الشك الواسع الانتشار ليس فقط حول تاريخية آباء سفر التكوين بل تاريخية القصص حول موسى ويشوع والقضاة أيضاً".» (6)
    «ويشير الباحث "سارنا" sarna في معرض نفيه لأسطورة الخروج من مصر:
    "إن خلاصة البحث الأكاديمي حول مسألة تاريخية قصة الخروج، تشير إلى أن الرواية التوراتية تقف وحيدة دون سند من شاهد خارجي، كما أنها مليئة بالتعقيدات الداخلية التي يصعب حلها. كل هذا لا يساعدنا على وضع أحداث هذه القصة ضمن إطار تاريخي. يضاف إلى ذلك أن النص التوراتي يحتم محددات داخلية ذاتية ناشئة عن مقاصد وأهداف المؤلفين التوراتيين، فهؤلاء لم يكونوا يكتبون تاريخاً وإنما يعملون على إيراد تفسيرات لاهوتية لأحداث تاريخية منتقاة. وقد تمت صياغة هذه الروايات بما يتلاءم مع هذه المقاصد والأهداف. ومن هنا فإننا يجب أن نقرأها ونستخدمها تبعاً لذلك.»

    ويصل فى نهاية الأبحاث والحفريات الأثارية إلى هذه النتيجة: «وفي النتيجة يمكن النظر إلى أن ما كتبه الأحبار في سفر الخروج لا يعدو كونه حكايا وخبرات اختزنوها أثناء تجوال العبرانيين بين شمال الجزيرة العربية وسيناء وأطراف كنعان بحيث أسدلوا عليها رداءاً إلهياً وأسقطوها على شخصية مفترضة هي موسى الذي جعلوه نبياً كتب الأسفار الخمسة الأولى من التوراة.»
    «والغريب أن يرد في سفر التثنية/ الإصحاح الرابع والثلاثين – السطر العاشر / أنه "لم يقم بعد نبي في إسرائيل مثل موسى". ولكن الحقائق العلمية تؤكد أن كلمة "نبي" لم تدخل قاموس اللغة اليهودية القديمة إلا في زمن متأخر جداً عن عهد موسى المفترض في التوراة!.»
    وخلص الدكتور بشار خليف إلى قوله: و«الجدير ذكره هنا هو أن التقليد الديني في أوروبا أكد طوال قرون طويلة أن موسى هو مؤلف الكتب الخمسة الأولى من التوراة، ولكن عندما تجرأ الفيلسوف اليهودي سبينوزا (1632-1677)م وأعلن عن شكّه في صحة ذلك التقليد تم طرده من الكنيسة / أمستردام / وأعلنته هرطقياً. وقد سبق سبينوزا إلى هذا الكثير من الفلاسفة والعلماء أمثال: فيلون ويوسف فلافي وابن عزرا وأوريل وداكوست وغيرهم.»
    «وينفي بدوره وليم ديفر روايات الآباء والخروج ويشوع حيث يقول:
    "إننا لا نستطيع اليوم أن نبحث عن التاريخ في روايات الآباء والخروج ويشوع. وبصورة خاصة فإن إثبات الفتح العسكري لأرض كنعان/ كما ورد في سفر يشوع / قد غدا مجهولاً لا طائل منه بعد أن جاءت كل الشواهد الأثرية مناقضة له".(13)»

    يواصل الدكتور بشار خليف قائلاً: «الجدير ذكره هنا هو أن سفر يشوع يتحدث عن اقتحام عسكري لبلاد كنعان من قبل العبرانيين، في حين أن سفر القضاة يتحدث عن دخول سلمي لهم إلى كنعان.»
    ويقول الدكتور ظافر مقدادى فى مقاله (القدس بين التوراة وعلم الآثار الحديث): «وبعد سنين من المسح والدراسة توصلوا لنتيجة مفادها ان المسح لا يشير الى احتمالية قيام مدن (او حتى بلدات) في منطقة اورشليم قبل عصر الحديد الثاني (اي قبل 1000 ق.م)، الأمر الذي دفع فنكلشتاين، وهو مدير كلية الآثار في تل ابيب، في نهاية المطاف للقول: (أبحاثنا صفعت بشدة مشايخ الصهيونية الذين انشأوا إسرائيل والذين يريدوننا كما (ايغال يادين) ان نحمل لهم ما يؤكد النص لا العكس).»
    وتوصلت ستينر إلى أن «بلدة أورشليم أُسِّسَت في بداية القرن التاسع قبل الميلاد، ولا علاقة لداودوسليمان بها). وقالت ايضا: (لم يكن هناك اي مدينة لكي يحتلها داود...و ان تاريخأورشليم يجب اعادة كتابته).
    أما عالم الاثار الإسرائيلي (زئيف هرتسوغ) فقال: (انه بعد الجهود الجبارة في مضمار التنقيب عن اسرائيل القديمة توصل علماء الاثار الىنتيجة مخيفة: لم يكن هناك اي شئ على الاطلاق، حكايات الاباء مجرد اساطير، لم نهبطمن مصر، لم نحتل فلسطين، ولا ذكر لامبراطورية داود وسليمان)». مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك دراسة تعتمد أن مصر التى كان بها بنو إسرائيل هى قرية أو بلدة فى اليمن، وقت أن كانت واقعة تحت السيادة المصرية وحكم فرعون. (الراية القطرية 14/1/2006)
    ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): «ويرى سبينوزا أن المعلومات التاريخية عن الكتاب المقدس، "ناقصة، بل وكاذبة"، وان الأسس التي تقوم عليها معرفة هذا الكتاب "غير كافية، ليس فقط من حيث الكم" بحيث لم نستطيع ان نقيمها بشكل صحيح، "بل إنها، أيضًا، معيبة من حيث الكيف"، ولكن الناس المتشبثين بآرائهم الدينية يرفضون "أن يصحح أحد آراءهم" هذه، بل إنهم "يدافعون بعناد" عن هذه الآراء، مهما كانت مغلوطة ومشوشة، كما يدافعون عن "الاحكام المسبقة… التي يتمسكون بها باسم الدين". وهكذا لم يعد العقل مقبولا "إلا عند عدد قليل نسبيًا"»
    «واستنادا إلى هذه النظريات، يثيرسبينوزا تساؤلات مهمة حول اسفار العهد القديم عموما، واسفار التوراة خصوصا، ثم يقرر ما يلي، معتمدا في تقريره على (ابن عزرا): "ان موسى ليس هو مؤلف الاسفار الخمسة (التوراة) بل ان مؤلفها شخص اخر عاش بعد بزمن طويل، وأن موسى كتب سفرا مختلفا»
    ونقلا بتصرف بسيط عن الدكتور ياسين فى مقاله سابق الذكر: واستند اسبينوزا فى بحثه هذا إلى البراهين التالية:
    1- ”لميكتب موسى u مقدمة التثنية لأنه لم يعبر الاردن.“
    2- ”كان سفر موسى u في حجمه، أقل بكثير من الأسفار الخمسة“ (فقد كتب السفر كله على حافة مذبح واحد، كما سبق لى أن بيَّنت ، ووفقالما جاء في التثنية 27: 3 ويشوع 8: 32)
    3- يحكى سفر التثنية بصيغة الغائب عن موسى u ففيه على سبيل المثال: قال موسى لله، وذهب موسى، وكلم الرب موسى، ودعا الرب موسى، وغضب موسى على ضباط الجيش وكتب موسى u هذه التوراة .. إلخ: (9وَكَتَبَ مُوسَى هَذِهِ التَّوْرَاةَ وَسَلمَهَا لِلكَهَنَةِ بَنِي لاوِي حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ وَلِجَمِيعِ شُيُوخِ إِسْرَائِيل.) تثنية 31: 9، بالاضافة إلى انسفر التثنية قد روى قصة وفاة موسى ودفنه، وهي قصة لا بد من أن تكون خارجة عن نطاقأعمال موسى u.
    4- عندما يتحدثالراوى، في سفر التكوين (الاصحاح 12) عن رحلة ابراهيم u فى أرض كنعان، يقول: «والكنعانيون حينئذ في الارض» مما يدل على أنهم، أي الكنعانيين، لم يكونوافي هذه الارض عندما كتب هذا الكلام، مما يعني ان هذا الكلام قد كتب بعد موسى، وبعد أن طرد الكنعانيون ولم يعودوا يشغلون هذه المناطق"، وبالتالي، فإن الراوي ”لم يكن موسى، لان الكنعانيين في زمان موسى، كانوا لا يزالون يملكون هذه الارض.“
    5-ورد في سفر التكوين (22: 14) أن "جبل موريا سمي جبل الله" إلا أن ذلك الجبل لم يحملهذا الاسم "إلا بعد الشروع فى بناء المعبد"
    ويستطرد سبينوزا: ”والواقع أن موسى لا يشير إلى أي مكان اختاره الله، بل إنه تنبأ بأن الله سيختار، بعد ذلك، مكاناسيطلق عليه اسم الله.“
    6- ورد في سفر التثنية (3: 11) عبارة خاصة بعوج ملكباشان: "وعوج هذا هو، وحده، بقي من الرفائيين، وسريره سرير من حديد، أو ليس هو في ربة بني عمون؟ طوله تسع اذرع وعرضه اربع اذرع بذراع الرجل؟ ”وتدل هذه الاضافة“بوضوح تام، على أن من كتب هذه الأسفار عاش بعد موسى بمدة طويلة وفضلا عن ذلك، فلاشك في أنه لم يعثر على هذا السرير الحديدى إلا في عصر داوود الذي استولى على الرباط(ربة عمون) كما يروي صموئيل الثاني (12: 30).
    7- وردت في أسفار التوراة أسماء أُطلقت على أمكنة لم تعرف بها في عهد موسى، بل عرفت بعده بزمن طويل، مثل ما ورد في سفر التكوين أن إبراهيم تبع أعداءه حتى «دان»: (14فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ.) تكوين 14: 14. ولم تحمل "دان" هذا الاسم إلا بعد موت يشوعبمدة طويلة، كما ورد في سفر القضاة: (وصعدوا وحلّوا في قرية يعاريم في يهوذا. لذلك دعوا ذلك المكان محلّة دان الى هذا اليوم. هوذا هي وراء قرية يعاريم.) القضاة 18: 12 ، (ودعوا اسم المدينة دان باسم دان ابيهم الذي ولد لاسرائيل. ولكن اسم المدينة اولا لايش.) القضاة 18: 29
    8- كثيرا ما يتجاوز الراوي، في رواياته في أسفار التوراة، حياة موسى u، كأن يروي، في سفر الخروج أن بني إسرائيل أكلوا (... الْمَنَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً حَتَّى جَاءُوا إِلَى أَرْضٍ عَامِرَةٍ. أَكَلُوا الْمَنَّ حَتَّى جَاءُوا إِلَى طَرَفِ أَرْضِ كَنْعَانَ)الخروج 16: 35 حيث (12وَانْقَطَعَ الْمَنُّ فِي الْغَدِ عِنْدَ أَكْلِهِمْ مِنْ غَلَّةِ الأَرْضِ, وَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ مَنٌّ. فَأَكَلُوا مِنْ مَحْصُولِ أَرْضِ كَنْعَانَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.) يشوع 5: 12، ومعلوم أن موسى قد مات قبل دخول العبرانيين إلى أرض كنعان وأكلهم من غلتها.
    أو أن يروى في سفر (التكوين 36: 31) عن ملوك بنى إسرائيل الذين حكموا أرض أدوم (31وَهَؤُلاَءِ هُمُ الْمُلُوكُ الَّذِينَ مَلَكُوا فِي أَرْضِ أَدُومَ قَبْلَمَا مَلَكَ مَلِكٌ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ.) ومعلوم أنه لم يخضع الأدوميين لحكم العبرانيين إلا زمن داود، أى بعد موسى بحوالى 540 سنة، حيث جعل داود (فِي أَدُومَ مُحَافِظِينَ. وَضَعَ مُحَافِظِينَ فِي أَدُومَ كُلِّهَا. وَكَانَ جَمِيعُ الأَدُومِيِّينَ عَبِيداً لِدَاوُدَ. ...) صموئيل الثانى 8: 14، مما يؤكد أن كاتب سفر التكوين قد عاش بعدداود.
    وعن مملكة داود وسليمان «يقول الباحث الفرنسي "بيير روسي": "إن التاريخ المصنوع للعبرانين خارج النصوص التوراتية هو الصمت الكلي المطبق. فلا الكتابات المنقوشة على الآثار ولا القوانين ولا الدساتير تكشف أثراً قليلاً للعبرانيين. فعلى آلاف النصوص المسمارية أو المصرية أو مكتبة أوغاريت أو نينوى، وحتى في النقوش الآرامية. في ذلك كله لا تذكر كلمة عبري وأشهر ملوك التوراة هما داود وسليمان لم يصبحا قط موضوع وقائع تاريخية. ليس هناك أبداً ذكر للملحمة والوقائع الحربية المعزّوة لعبور العبرانيين. فالعدم كامل، مثلما هو قطعي وجازم ".(14)»
    «بعد هذا، حريّ بنا مثلاً أن نلاحظ أن شيخ القبيلة العبرانية / وليس الملك / شاؤول والذي ألصق به التوراة في حوالي / 1020 /ق.م صفة شيخ بدوي في خيمة قرب بلدة جبعة شمال القدس.. سوف يكون في حوالي/932/ ق.م بانياً للمدن المسوّرة والهياكل الضخمة حسب التوراة، علماً أن هذه الفترة كانت تشهد تشرذم هذه القبائل وتفتتها.
    وبدوره الباحث لينش يشكك في وجود المملكة العبرانية لداود وسليمان حيث يقول: "إنني شخصياً أجد هذه الأفكار غير قابلة للتصديق إلى حد بعيد، حيث لا توجد أي آثار تدل على وجود سليمان وداود أو حدوث أي من الأحداث المرتبطة به " (15).»
    ويقول "زئيف هرتسوغ" المؤرخ "الإسرائيلي" المناهض للمزاعم التوراتية: «ان جميع الروايات التوراتية وحروب بني "اسرائيل" بقيادة "يشوع بن نون" لا تستند الى أي واقع حقيقي.»
    ويقول عن المدن الكنعانية: «تبالغ التوراة كثيرا في تصوير قوة تحصينات المدن الكنعانية التي يقال بان بني "اسرائيل" قد غزوها: ”مدن كبيرة ومحصنة ومرتفعة حتى السماء"(السفر 9ـ1)“ في حين اظهرت جميع المكتشفات الاثرية انمدن تلك المرحلة لم تكن تحتمي باية تحصينات عدا قصر الحاكم والامير. الى ذلك فانالثقافة المعمارية التي كانت سائدة في فلسطين عند نهاية العصر البرونزي لم تكن تضع احتمالات الغزو العسكري في حساباتها.. كما يؤكد "هرتسوغ" بان الوصف التوراتي لا يتطابق اطلاقا مع الواقع الجيوسياسي للمنطقة. ذلك ان فلسطين كانت في الواقع تحت السيطرة المصرية وقد ظلت كذلك حتى منتصف القرن الثاني عشر بعد الميلاد. اضافة الىان المراكز الادارية المصرية كانت واقعة في غزة ويافا وبيت شيئان، ومن المستغرب ان التوراة لم تذكر اطلاقا ذلك الوجود المصري في نصوصها المزعومة
    الأمر الذى دعا (هرتسوغ) إلى القول: «يبدو وكأن كاتب التوراة، وزملاءه الذين قاموا بمراجعة ما كتب، لم يكونوا على معرفة بتلك الحقائق التاريخية التي لا تحتاج الى دلائل.»
    «ويناقش توماس طومسون في كتابه "التوراة والتاريخ – الماضي الخرافي" مرويات المملكة العبرانية لداود وسليمان، بحيث يقول: "أن تلك الصور/ التوراتية / لا مكان لها في أوصاف الماضي التاريخي الحقيقي، إننا نعرفها فقط كقصة وما نعرفه حول هذه القصص لا يشجعنا على معاملتها كما لو أنها تاريخية. ولا يتوافر دليل على وجود ملكية متحدة، ولا دليل على وجود عاصمة في أورشليم أو على وجود أي قوة سياسية موحدة ومتماسكة هيمنت على فلسطين الغربية، ناهيك عن إمبراطورية بالحجم الذي تصنعه الحكايات الأسطورية. ولا يوجد أي دليل على وجود ملوك يدعون شاؤول وداود وسليمان" (17).»
    «وهذا ما دفع بالباحثة والمنقبة "مارغريت شتاينر" بعد أن أجرت دراساتها على اللقى الأثرية في موقع أورشليم للقول: "لم يكن / للملك / داود مدينة ليعمرها في مطلع القرن العاشر ويجعلها عاصمة للمملكة الموحدة، لأن مثل هذه المدينة لم تكن موجودة في ذلك الزمن. كما أن الوصف الذي نجده في أسفار التوراة لمدينة أورشليم لا ينطبق إلا على مدينة القرن السابع" (18).»
    ويقول زئيف هرتسوغ: «فمن الواضح ان (قدس داوود وسليمان) كانت مدينة صغيرة مع قلعة صغيرة مخصصة لقصر الملك ـ هذا اذا كانت قدقامت بالفعل ـ إنما يمكن الجزم بصورة قاطعة بأن القدس لم تكن إطلاقا عاصمة مملكة كبيرة كما تذكر المزاعم التوراتية
    ويضيف هرتسوغ قائلاً: «يبدو أن الذين قاموا بكتابة نصوص التوراة كانوا يعرفون قدس القرن الثامن قبل الميلاد بجدرانها وبثقافتها الغنية التي تم العثور على بقايا آثارية دالة عليها في أنحاء مختلفة من القدس بواسطة التنقيبات الآثارية في المدينة.. وهذا ما جعل هؤلاء الكتاب المزورين يخترعون قصة المملكة "الإسرائيلية" المتحدة. إضافة إلى أن مدينة القدس لم تكتسب دورها المهم سوى بعد تدمير السامرة، منافستها الشمالية، في العام 722 قبل الميلاد».
    ويضيف أيضًا قائلاً: «إن معظم الإسرائيليين والعلماء الباحثين التوراتيين الذين قاموا بأبحاث وحفريات لتعزيز واقعية قصص العهد القديم يوافقون على حقيقة أن مراحل تشكل الشعب اليهودي كانت مختلفة تماما عن ما ورد في التوراة. لكن المجتمع الإسرائيلي ليس مستعدا بعد لمناقشة موضوع كهذا وهو يفضل تجاهل كامل المسألة برمتها.» وأضيف عليه قائلا: إن المسيحيين فى العالم العربى
    ويقول باحث التاريخ الدكتور ياسين سويد فى مقاله (تزوير التوراة): إن”طومسون“ يعتمد على نظرية ”ويلهاوزن“ في «الفرضية الوثائقية» التي ترى أنه يجب فهم ”المصادر الأربعة للأسفار الخمسة الأولى“ من العهد القديم على أنها وثائق أدبية تم تأليفها وقت كتابتها، وهي انعكاس صادق لفهم ومعرفة مؤلفيها وعالمهم، وعلى هذا فلا يمكن اعتبارها تاريخا يعتد به، كما انه لا يمكن الاستفادة منها لاعادة تشكيل تاريخ "اسرائيل" القديم، السابق على وقت تأليفها.
    ويقول الباحث السورى فراس سواح فى حواره مع جريدة ”الوطن“ السورية عن سؤال المحاور القائل: «تروي التوراة في سفر يشوع عملية تدمير ثلاث مدن كبرى وإحراقها وقتلسكانها عن بكرة أبيهم وهي مدن أريحا وعاي وحاصور. فماذا تقول نتائج التنقيبالاركيولوجي في هذا؟»
    يجيب فراس سواح قائلاً: «فيما يتعلق بأريحا، تعطي التوراة وصفًا دراميًا حيًّالاقتحام المدينة وتدميرها. فبعد الدوران حول السور ست مرات حاملين تابوت العهد،تسقط الأسوار من تلقاء ذاتها أمام الإسرائيليين الذين يدخلون المدينة ويقتلون من فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ وبقر وغنم وحمير.
    وقد فسر بعض المؤرخين سقوط أريحا على أنه نتيجة زلزال نسبه المهاجمون إلى معجزة من الرب. ولكن لعلم الآثار رأيًامختلفًا في هذا الموضوع. فرغم أن الزلازل كانت متكررة الوقوع في فلسطين. وأن سورأريحا قد تصدع بسببها أكثر من مرة، إلا أن كلا من آثار الدمار الزلزالية في أريحاتعود إلى أزمنة سابقة بكثير للتاريخ المفترض لاجتياحالإسرائيليين. وقد ثبت أن آخرالزلازل المدمرة قد وقع في العصر البرونزي الأول حوالي عام 2300ق.م وأن المدينة قدبنيت مجددًا في العصر البرونزي الوسيط حوالي عام 1900 حيث استمرت الحياة فيها إلىعام 1560 ثم هجرت تمامًا. وعندما عادت الحياة إليها في العصر البرونزي الأخيرانتعشت جزئيًا لفترة قصيرة، ولكن دون أسوار أو تحصينات ، فتهجر قبل نهاية عام1300ق.م ، ويغمرها النسيان إلى ما بعد العصر الحديدي الأول خلال مطلع الألف الأولق.م أي أنه لم يكن هناك مدينة اسمها أريحا عندما دخل الإسرائيليون إلى فلسطين حوالي1200ق.م.
    وفيما يتعلق بمدينة عاي تشير البينات الآثارية إلى أن المدينة قد انتهتتمامًا قبل ألف عام من وصول الإسرائيليين، وعلى ذلك فإن أوائلهم لم يسمعوا إلابذكرى تلك المدينة العظيمة التي ازدهرت في مطلع العصر البرونزي. وتم الكشف فيالمستويات العليا لموقع المدينة على قرية صغيرة غير ذات شأن تعود إلى عصر الحديدالأول، أي بعد فترة لا بأس بها من دخول الإسرائيليين.
    أما مدينة حاصور ، فتدلالتنقيبات الأثرية في الموقع على أن المدينة قد دمرت تماماً في نهاية القرن الرابع عشر ق.م. وهو التدمير الذي يتطابق في تاريخه مع حملة الفرعون سيتي على سوريا الجنوبية ثم أعيد بناء المدينة مباشرةً لتحترق وتدمر بعد فترة قصيرة دون أن تصل حياتها إلى أواخر القرن الثالث عشر، وتعاصر فترة دخول الإسرائيليين، وقد كشف في موقع المدينة على قرية صغيرة تعود إلى العصر الحديدي الأول. في مطلع الألف الأولق.م.
    من هذه الأمثلة الثلاثة ومن مطابقة بقية الرواية التوراتية لاقتحام فلسطينعلى نتائج التنقيب الاركيولوجى. نستنتج أن مؤلفي التوراة قد ضموا في رواية واحدةأزمنة وأحداثاً متباعدة لا يربطها رابط، وصاغوها ضمن تسلسل زمني فشكلوا منها روايةمتماسكة من بدايات توافدهم في أرض كنعان
    يواصل المحاور لفراس سواح بسؤال عن مدى صدق ما يحكيه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص عن كيفية اقتحام بنى إسرائيل أرض كنعان واستيلائهم على فلسطين، فيقول: «بعدسفر يشوع الذي وصف اقتحام القبائل الإسرائيلية الإثني عشر أرض كنعان واستيلائها علىفلسطين الداخلية كاملة، نجد سفر القضاة يعطينا صورة مختلفة عن تلك القبائلالمنتصرة؟»
    فأجاب فراس سواح قائلا: «بعد الاستقرار في الأرض الجديدة ، نجد أن القادمين الجدد ليسوا إلا جماعات مفككة منقسمة إلى فريقين متخاصمين هما القبائل الشمالية والقبائل الجنوبية، وأن خطاً من المدن الكنعانية القوية تشكله أورشليم وجازر وعجلون ، يفصلبين المجموعتين ويمنع اتصالهما ، وإن كثيراً من المدن الكنعانية التي من المفترضأنها وقعت أيدي الإسرائيليين إبان اجتياحهم ، تعيش حياتها الطبيعية كمدن مستقلة، كما نجد أن منتصري الأمس ليسوا إلا فرقاً مستضعفة واقعة تحت نير جيرانهم الفلستيين، يضطهدونهم ويسومونهم سوء العذاب.
    ويفسر المؤرخون من ذوي الاتجاه التوراتي هذا الواقع المتناقض تفسيرات أكثر تناقضاً وأقرب إلى النفس اللاهوتي منها إلى المنطقالتاريخي. ولنقرأ على سبيل المثال ما يقوله عالم اللغات القديمة اللامع البروفيسور سيروس هـ. غوردن في كتابه الشرق الأدنى القديم الذي أفرد ثلثيه لتاريخ بني إسرائيلفي معرض تفسيره لأحوال الإسرائيليين في عصر القضاة يقول غوردن: عند اقتحام أرض كنعان لم يمارس الإسرائيليون عملية إبادة كاملة للكنعانيين ولم يطردوهم من أرضهم ومدنهم
    فقارن هذا بما يقوله الكتاب من إبادة جماعية لأهل البلاد الأصليين: (21وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ, مِنْ طِفْلٍ وَشَيْخٍ - حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ.) يشوع 6: 21
    يواصل فراس سواح قائلاً: «لقد دام عصر القضاة أكثر من قرنين من الزمان، ومع ذلك لم يستطع علم الآثار تقديم أي دليل على وجود الإسرائيليين خلالهذه الفترة في فلسطين. فإما أن يكون القادمون الجدد على جانب كبير من الهمجيةوالتخلف إلى درجة لم تمكنهم من التأثير بجيرانهم المتطورين وتطوير ثقافة خاصة بهمخلال قرنين من الزمن وهذه فرصة أقرب إلى المستحيل ، أو أن هؤلاء القادمين المفترضينلم يكن لهم وجود تاريخي قط.»
    أما ”كيث وايتلام“ أستاذ العلوم الكتابية فى قسم الدراسات اللاهوتية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، أصدر كتابه "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. اتفق فيه مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
    كما يُركِّز وايتلام على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».
    وبهذا قال أيضًا هذا السيد بروشى المسئول المتقاعد عن مخطوطات البحر الميت فى (كذبة السامية وحقيقة الفينيقية) ص32، الذى أكد أن مدينة أريحا أُخليت من بداية القرن 15 ق.م إلى نحو القرن 11 ق.م ، أى لم تكن مأهولة بالسكان الذين قتلهم الرب ورماهم بالحجارة كما تدع رواية يشوع (10: 11-)، وأنه لم تكن هناك مدن باسم عاى وجازور وأريحا، بل لم يكن الداخل بحاجة إلى تدمير وقتل الآهلين!!! وذلك بسبب وجود جفاف طويل الأمد حل على المنطقة فى العصر البرونزى الأخير، مما تسبب فى مجاعات وإنهيار إقتصادى وسياسى واسع النطاق فى الحوض الساحلى للبحر المتوسط، توافق بدوره مع تغيير عالمى فى المناخ. وذلك كما ينقل أحمد الدبش عن توماس طومسون ص167 من (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى).
    ويواصل الدبش استشهاداته بعلماء الآثار ص79 من كتابه السابق قائلاً: فهذا هو جيمس بريتشارد يؤكد بعد تنقيبه فى فلسطين: «أن كل التناقضات الواضحة التى كشفت عنها نتائج التنقيب الأثرى فى (أريحا) وغيرها من المواقع التى تحدث عنها سفر يشوع تدل على أننا نسير فى طريق مسدود فى محاولة العثور على شواهد أثرية لإثبات الروايات التقليدية عن الفتوحات الإسرائيلية».
    وهذا ما أكده عالم الآثار الإسرائيلى بجامعة تل أبيب البروفيسور الإسرائيلى يسرائيل فنكلشتاين ونشرته جريدة القدس العربى ، بتاريخ 15/4/1999. وأقره ”لامك“، وعالم الآثار الإسرائيلى ”زئيف هرتسوغ“، والدكتور ”عفيف بهنسى“ المدير العام السابق للآثار فى سورية، والأب ”مايكل برير“ الذى يرى أن الرواية التوراتية لا يمكن الدفاع عن صدقها، ويؤكد أكثر من ذلك على أن هناك ثمة إجماع علمى بأن القصة الكتابية التى تصف فترة الاحتلال التوطنى جاءت عن طريق المؤلفين الذين كتبوها بعد عدة قرون.
    الأمر الذى يؤكد قولنا أنهم كتبوا كتابًا من عند أنفسهم ونسبوه لله، يبتغون به مكاسب دنيوية. {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} (79) سورة البقرة
    (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8
    (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5
    مع الأخذ فى الاعتبار أننا لا ننكر وجود هذه الأنبياء، ولا نشكك فى جهادهم أو قيامهم بواجباتهم على أكمل وجه، ولا نطعن مثلهم فى أخلاقهم الرفيعة، ولكن نُشكك متضامنين مع علماء الآثار فى كون هذه الأحداث تمت فى الأماكن التى افترضها كُتَّاب كتب التوراة، أو بالشكل البربرى الذى تحكيه كتبهم، أو أن تكون هذه الكتب إلهامية بوحى الله. ولكننا نؤمن بأن هذه الروايات التوراتية كتبت فى القرن الخامس قبل الميلاد من الذاكرة، فخلطوا أشخاصًا بأحداث ، وخلطوا فيها الزمان مع المكان لأغراضهم السياسية الاستعمارية الدينية، كما يقول وايتلام. فلا نستبعد مطلقًا أن يترجموا لفظة (بكة) إلى أرض البكاء، أو تُهامة إلى تهوم، أو الإسلام إلى السلام..
    لذلك خلص البروفيسور توماس طومسون فى كتابه (التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى) ص277 وما بعدها إلى أن: «أى محاولة لكتابة تاريخ فلسطين فى أواخر الألف الثانية قبل الميلاد، أو بدايات الألف الأولى قبل الميلاد، على الضوء التام لمصادر الكتاب المقدس، لتبدو على الفور محاولة فاشلة وميئوس منها، بل يُمكن اعتبارها محاولة هزلية بالكامل، وتبعث على الضحك والفكاهة. إن قصص العهد القديم ما هى إلا مأثورات وحكايات كتبت أثناء القرن الثانى قبل الميلاد. وإنه مضيعة للوقت أن يحاول أى إنسان أن يُثبت مثل هذه الأحداث التوراتية من خلال علم الآثار القديمة، فالعهد القديم ليس له أى قيمة كمصدر تاريخى.»
    وقد توصل العلامة كيث وايتلام بعد أن راجع المؤلفات التى تعاملت مع تاريخ فلسطين القديم، وأدرك مدى توغل يد الاستشراق فى هذه الكتابات أى «أن صورة إسرائيل كما وردت فى معظم فصول الكتاب العبرى، ليست إلا قصة خيالية، أى تلفيق للتاريخ»، وذلك ص49 فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى). نقلا عن أحمد الدبش (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب)
    وفى ص19 من الكتاب السابق يقول الدبش: (لقد تم إخضاع اللقى الآثارية فى المشرق العربى، وبالتالى تاريخ بلادنا فلسطين، لمصلحة الخطابين السياسى والكتابى وهدفهما بعدما ثبت لنا أن «أصول التنقيبات الآثارية الحديثة، منذ دخول نابليون إلى مصر، على أنها مكيدة دولية، استخدمت القوى الغربية من خلالها الماضى الكتابى والكنوز الأثرية التى فى المنطقة من أجل سعيها لتحقيق المكاسب السياسية، ولإضفاء الشرعية على مصالحها الإمبريالية» وذلك نقلا عن كيث وليتلام فى كتابه (تلفيق إسرائيل التوراتية .. طمس التاريخ الفلسطينى) ص37.
    ويواصل الدبش قائلا: «وانطلاقًا من حقيقة غياب أية لقى آثارية واضحة تحسم بأن فلسطين احتضنت تجربة بنى إسرائيل، فقد رأينا أن حركة التاريخ التوراتى لا تنسجم مع جغرافية المنطقة من العراق إلى الشام وإلى مصر، وأن الخطاب الكتابى لفق جغرافية التوراة». (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب) ص20.
    وبذلك فهو يوافق وايتلام فى قوله: إنه كثيرًا ما جرى إفراغ فلسطين والتاريخ الفلسطينى من أى معنى حقيقى، أى جرى تجريدها من الصفة التاريخية. وهى سرقة تاريخ شعب وأمة ونسبتها إلى يهوه. وهكذا يبجلون إلههم!! (السابق ص19)
    يواصل الدبش ص23 فى كتابه السابق قائلاً: «يتفق معظم علماء الآثار التوراتيين، ... على أن نشوء إسرائيل القديمة فى بلادنا فلسطين تم نحو 1200 ق.م، وهى الفترة الانتقالية الواقعة بين أواخر العصر البرونزى وأوائل العصر الحديدى. ... وهى الفترة التى يفترض أن تكون إسرائيل (المزعومة) تلك قد سيطرت فيها على فلسطين. .... ... ومن الجدير بالذكر أن تومس طمسن [توماس طومسون] وزملاء آخرين له، يتفقون على رفض فرضية الغزو [أى رواية العهد القديم بشأن غزو بنى إسرائيل لفلسطين] ويضيفون القول: ”إن معاينة فلنكشتاين (الآثارية) توضح بشكل كامل أن نظرية الغزو ميتة .. وللأسباب الآتية:
    [1] العديد من المواقع لم تكن مأهولة فى فترة نهاية العصر البرونزى المتأخر؛
    [2] العديد من المواقع هجرت فى نهاية تلك الفترة الزمنية لكنَّها لم تتعرض للتدمير.
    [3] العديد من المواقع العائدة للعصر البرونزى استمرت قائمة فى العصر الحديدى الأول،
    [4] وتلك المواقع العائدة للعصر البرونزى المتأخر التى لم تظهر فيها آثار تدمير، كانت مهجورة لفترة طويلة بعد الدمار الذى لحق بها سكنها الناس مجددًا.»
    ونصل من كل هذا إلى أن بنى إسرائيل حرفوا التوراة من أجل مصالحهم السياسية الدنيوية. فهمشوا فلسطين، وطمسوا حضارته، وادعوا أنهم مهجرين نازحين من بحر إيجة أو جزيرة تكريت، ليعطوا لأنفسهم الحق فى احتلال أرضهم، بل أيدوا ذلك بما كتبه أحبارهم فى كتابهم.
    والأمرُّ من ذلك أنهم غيروا فى صفات ربهم ليتناسب مع أهوائهم. فجعلوه إلهًا عنصريُا خاصًا بهم وحدهم، وغيروا اسمه، واصطنعوا لهم تاريخًا لا وجود له إلا فى كتابهم الذى يسمونه الكتاب المقدس، حتى صرخ اللورد بولينجبروك قائلا عن التوراة: «إنها لوصمة بحق الله، وظلم بحق البشر، أن ينظر إلى هذا التداخل الرث بجدية، فقد تشابكت فيها السابقات تشابكًا يتسم بدرجة عالية من التشويش، أو بمستوى رفيع من الشفاعة والقبح».
    * * *

    لكن هل عدم وجود تعضيد آثارى للتوراة يدل على أنها محرفة؟
    فى الحقيقة أنا لم أكتف بهذا الجانب فقط فى البحث لإثبات التحريف فى التوراة، ولكن هذا الجانب من التحريف يُثبت فقط أن المحرفين كانت لهم أهداف سياسية استعمارية، تهدف فى النهاية إلى السيطرة والسيادة على من حولهم. ولك أن تستعيد فى ذاكرتك وصف يسوع لهم عن حبهم للسيادة دون وجه حق: (6وَيُحِبُّونَ الْمُتَّكَأَ الأَوَّلَ فِي الْوَلاَئِمِ وَالْمَجَالِسَ الأُولَى فِي الْمَجَامِعِ 7وَالتَّحِيَّاتِ فِي الأَسْوَاقِ وَأَنْ يَدْعُوَهُمُ النَّاسُ: سَيِّدِي سَيِّدِي!) متى 23: 6-7
    يدلل على ذلك محاولتهم إغلاق ملكوت الله أمام الداخلين، إشاعتهم أن المسِّيِّا سيأتى من نسل داود، وادعاؤهم أن عيسى u من نسل داود (وقد أثبت أنه هارونى فى «عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا»، كما أفرد له العميد مهندس جمال الدين شرقاوى كتابًا يحمل اسم: «هارونى أم داودى، ومعه الرد على اعتراض الدكتور القس صموئيل فريز»)، ليغلقوا الطريق أمام الداخلين فى دين المسِّيِّا، عندما يأتى، لذلك قال لهم يسوع: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13
    يدلل على ذلك قتلهم الأنبياء، واعتراف الرب أنهم حرفوا كتابه، ولم يكونوا أمناء عليه، ولا على علاقتهم بالرب نفسه.
    ونؤكد تحريفها مرة بعد مرات عن طريق طرح هذه التساؤلات:
    أليس عدم وجود اسم الله فيها يدل على أنها محرفة؟
    أليس عدم وجود كلمة يسوع فى أصول كتب الأناجيل يدل على أنها محرفة؟
    أليس كون يسوع هارونى وليس داودى يدل على أنها محرفة؟
    أليس ذكر معطيات مبالغ فيها وغير حقيقية يثبت أنها محرفة؟
    أليس عدم وجود سور لأريحا فى وقت هجوم يشوع بن نون يُكذِّب قول الكتاب فى إلتفاف بنى إسرائيل حول السور سبع مرات لفتحها؟
    أليس ادعاءاتهم أن أعداد بنى إسرائيل وقت الخروج من مصر بهذا العدد المذكور فى سفر الخروج يثبت تحريفهم للتوراة، حيث إن برية سيناء لا يمكنها أن تُطعم ما يقدره المؤرخون بحوالى 2 مليون من قوم موسى؟
    إن إثبات وجود التحريف يهدف إلى أنهم غير أمناء، وأنهم حرفوه مثل قتلهم أنبيائهم، حفاظًا على مجد شخصى، ورفضًا للإنصياع لله تعالى، وتمهيدًا لرفض النبى المثيل لموسى والذى بشر به سفر التثنية 18: 18-20، وأنبأ به دانيال وإشعياء وغيرهم من الأنبياء. وعلى ذلك فإن طمس ما يدل على هذا النبى أو إلغاز اسمه أو مكان خروجه، كان من أول ما استهدفه التحريف، حفاظًا على مكانتهم التى تبوَّؤها يومًا ما.
    وهم أغبياء وغلاظ الرقبة، أغبياء لأنهم لا يريدون أن يفهموا أنهم لن يستطيعوا أن يمنعوا فضل الله أو رحمته لأحد من عبيده: {... وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (107) سورة يونس
    {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (32) سورة التوبة
    {يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8) سورة الصف
    وقال لهم عيسى u: (... وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي)يوحنا 10: 29
    * * *

    تعليق

    • abubakr_3
      مشرف عام

      • 15 يون, 2006
      • 849
      • مسلم

      #17
      تهافت جغرافية الكتاب المقدس:
      وبعد أن أثبت علماء الآثار والتاريخ واللاهوت تهافت تاريخية أحداث ما يسمونها بالتوراة، وأقروا أنهم زعموا بهذه الأحداث رفع طبقة من طبقات الكهنة أو كاتبى هذه الروايات على حساب أخرى، لخدمة أهداف سياسية ودينية واقتصادية.
      فمثلاً فى قضية نبى الله يوسف u. يقول المؤلف اليهودى ريتشارد إليوت فريدمان فى كتابه (من كتب التوراة؟) ص57 بوجود روايتين مختلفتين على شخص من أنقذه من القتل: ففى رواية المصدر الإلوهيمى أنقذه رأوبين الابن الأكبر ليعقوب: (21فَسَمِعَ رَأُوبَيْنُ وَأَنْقَذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَقَالَ: «لاَ نَقْتُلُهُ». 22وَقَالَ لَهُمْ رَأُوبَيْنُ: «لاَ تَسْفِكُوا دَماً. اطْرَحُوهُ فِي هَذِهِ الْبِئْرِ الَّتِي فِي الْبَرِّيَّةِ وَلاَ تَمُدُّوا إِلَيْهِ يَداً» - لِكَيْ يُنْقِذَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ لِيَرُدَّهُ إِلَى أَبِيهِ.) تكوين 37: 21-22
      وفى الرواية اليهوية كان يهوذا هو الذى أنقذه: (26فَقَالَ يَهُوذَا لإِخْوَتِهِ: «مَا الْفَائِدَةُ أَنْ نَقْتُلَ أَخَانَا وَنُخْفِيَ دَمَهُ؟ 27تَعَالُوا فَنَبِيعَهُ لِلإِسْمَاعِيلِيِّينَ وَلاَ تَكُنْ أَيْدِينَا عَلَيْهِ لأَنَّهُ أَخُونَا وَلَحْمُنَا». فَسَمِعَ لَهُ إِخْوَتُهُ.) تكوين 37: 26-27
      وليست هذه هى القصة الوحيدة التى بها الإزدواجية والتناقض أو التضارب، فهناك قصة عدد الحيوانات التى أخذها نوح معه فى المركب،وقبلها قصتان مختلفتان لخلق العالم ، وقصتان عن العهد بين الرب وإبراهيم، وقصتان مختلفتان لتفسير تسمية إسحاق ، وقصتان مختلفتان تصوران كيف ذكر إبراهيم أمام الملك الأجنبى أن زوجته سارة هى أخته، وقصتان مختلفتان عن رحلة يعقوب إلى أرام النهرين، وقصتان مختلفتان عن ظهور ملاك الرب ليعقوب فى بيت إيل، وقصتان مختلفتان عن كيفية تغيير الرب لاسم يعقوب إلى إسرائيل، وقصتان مختلفتان عن موسى الذى أخرج الماء من الصخر فى المكان الذى يسمى مريبة (الخروج 17: 7) وغيرها.
      لكن الملفت للنظر أيضًا هو اعتراف اليهود ليس فقط لتحريف التاريخ التوراتى، بل إقرارهم أيضًا بالتحريف الجغرافى. وهو ما يعنينا هنا فى البحث بين (بكة) و(مكة).
      يقول ريتشارد إليوت فريدمان ص19 من كتابه (من كتب التوراة؟): «يرى بعض الباحثين أن موسى كتب أسفار التوراة الخمسة، وأن محررًا أدبيًا أضاف فى وقت متأخر بعض الكلمات والفقرات من عنده. وفى القرن السادس عشر حدد ”أندرياس فان ماس“ (الكاثوليكى) و”بنديكت بريارة“ و”جاك بونفرد“ النص الأصلى الذى كتبه موسى فى رأيهم، وأنه أُضيف إليه بعد ذلك بواسطة آخرين. وذكر ”فان ماس“ أن محررًا متأخرًا قد أدخل فقرات وغيَّر أسماء وأماكن كى يوافق النص عصره وحتى يفهمه القراء. وسرعان ما تم إدراج كتاب فان ماس ضمن قائمة الكتب الممنوعة فى الكنيسة الكاثوليكية.»
      منها تضاربهم مع من كانت الحرب. هل كانت مع أرام أم أدوم؟ (13وَنَصَبَ دَاوُدُ تِذْكَاراً عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنْ ضَرْبِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً مِنْ أَرَامَ فِي وَادِي الْمِلْحِ.) صموئيل الثانى 8: 13
      وفى أخبار الأيام الأول 18: 12 (12وَأَبْشَايُ ابْنُ صَرُويَةَ ضَرَبَ مِنْ أَدُومَ فِي وَادِي الْمِلْحِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفاً)
      ومنها قول الكاتب: (14وَإِنَّمَا إِذَا ذَكَرْتَنِي عِنْدَكَ حِينَمَا يَصِيرُ لَكَ خَيْرٌ تَصْنَعُ إِلَيَّ إِحْسَاناً وَتَذْكُرُنِي لِفِرْعَوْنَ وَتُخْرِجُنِي مِنْ هَذَا الْبَيْتِ. 15لأَنِّي قَدْ سُرِقْتُ مِنْ أَرْضِ الْعِبْرَانِيِّينَ. وَهُنَا أَيْضاً لَمْ أَفْعَلْ شَيْئاً حَتَّى وَضَعُونِي فِي السِّجْنِ)تكوين 40: 14-15
      وهذا خطأ من الكاتب ، لأنه لم تكن فى ذلك الوقت أرض العبرانيين ، بل كانت أرض الكنعانيين ، وإلا لما احتاجوا إلى وعد إلهى للإستيلاء عليها.
      ناهيك عن الأخطاء فى الأنساب والأرقام والأحداث وموقعها. فعلى سبيل المثال لم يُحدد العهد القديم: هل أبياثار أبُ أخيمالك أم ابنه؟
      فتبعًا لسفر صموئيل الأول أنجب أبياثار أخيمالك: (20فَنَجَا وَلَدٌ وَاحِدٌ لأَخِيمَالِكَ بْنِ أَخِيطُوبَ اسْمُهُ أَبِيَاثَارُ وَهَرَبَ إِلَى دَاوُدَ.) صموئيل الأول 22: 20
      وتبعًا لسفر صموئيل الثانى أنجب أخيمالك أبياثار: (17وَصَادُوقُ بْنُ أَخِيطُوبَ وَأَخِيمَالِكُ بْنُ أَبِيَاثَارَ كَاهِنَيْنِ، وَسَرَايَا كَاتِباً،) صموئيل الثانى 8: 17
      ومنها أيضًا اختلاف الكتاب المقدس فى اسم أبى زكريا: (20وَلَبِسَ رُوحُ اللَّهِ زَكَرِيَّا بْنَ يَهُويَادَاعَ الْكَاهِنَ فَوَقَفَ فَوْقَ الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ: [هَكَذَا يَقُولُ اللَّهُ: لِمَاذَا تَتَعَدَّوْنَ وَصَايَا الرَّبِّ فَلاَ تُفْلِحُونَ؟ لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمُ الرَّبَّ قَدْ تَرَكَكُمْ].) أخبار الأيام الثاني 24 : 20
      ويناقضه متى بقوله: (35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ عَلَى الأَرْضِ مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ)متى23: 35
      ومنها أيضًا عدم معرفتهم بجنسية يثرا أبى عماسا، فيكتبها أحدهم إسماعيلى ، ويطمس الآخر أى ذكر للإسماعيليين، ويجعله إسرائيلى:
      إسرائيلى: صموئيل الثانى 17: 25
      إسماعيلى: أخبار الأيام الأول 2: 17
      ومنها أيضًا ما جاء فى سفر (العدد 31: 7 ، 8 ، 9 ، 17) أفنى بنو إسرائيل المديانيين فى عهد موسى u وما أبقوا منهم ذكرًا مطلقًا لا بالغًا ولا غير بالغ ، حتى الصبى الرضيع أيضًا قتلوه، وكذلك ما أبقوا منهم امرأة بالغة ، وأخذوا غير البالغات جوارى لأنفسهم.
      ويعلم من سفر (القضاة الإصحاح السادس) أن المديانيين كانوا فى عهد القضاة ذوى قوة عظيمة بحيث كان بنو إسرائيل مغلوبين وعاجزين منهم. والفرق بين العهدين 200 سنة. (فالذى خلص بنى إسرائيل من تسلط المديانيين هو جدعون خامس القضاة الذين جاؤوا بعد يوشع ، وبينه وبين موسى قرابة 200 سنة - كما يقول قاموس الكتاب المقدس) فلو فنى المديانيون فى عهد موسى فمن أين أتوا إذن؟ وكيف صاروا فى هذه المدة أقوياء بحيث غلبوا على بنى إسرائيل وأعجزوهم إلى سبع سنين؟
      ويحكى الإصحاح الرابع عشر من سفر التكوين أيضًا حربًا قامت بين مجموعتين، كانت المجموعة الثانية ومنها ملك سدوم وعمورة خاضعة لمدة 13 سنة للمجموعة الأولى وفيها ملك شنعار وملك عيلام ، ثم تمردت المجموعة الأولى على الثانية فى عمق السديم فى البحر الميت ، وانتصرت عليها ، فاستولت على كل ممتلكات المهزومين ومعهم لوط وأمواله.
      ولما علم (أبرام العبرانى) أخذ غلمانه (318 غلاماً) وحلفاءه (أشكول وعاثر) ولاحق المجموعة المنتصرة إلى (دان) فانقض عليهم ليلاً وهزمهم ، ثم لاحقهم إلى (حوبة) شمال دمشق واسترجع كل الأملاك والشعب ومعهم لوط ابن أخيه.
      الغريب أن اسم هذه المدينة (دان) كان إلى عصر القضاة (لايش) حتى استولى عليها سبط دان وضربوا أهلها بحد السيف وأحرقوا المدينة ، ثم بنوها وسكنوا بها ودعوها باسم (دان) قضاة 18: 27-29. فكيف كتب موسى هذا وهو لم يحدث إلا بعده حوالى 350 سنة من عصر موسى u؟ ألا يدل هذا على أن التوراة كتبت بعد عصر القضاة؟
      ويواصل فريدمان ذاكرًا ما قاله الفرنسى “إيزاك دى لوبيرير“ ص19: «ان موسى ليس هو مؤلف أسفار العهد القديم الأولى. كما ذكر المشكلات التى تظهر أثناء قراءة النص، مثل كلمات ”عبر الأردن“ فى الفقرة الأولى من سفر التثنية، تقول الفقرة ”هذا هو الكلام الذى كلم به موسى جميع إسرائيل فى عبر الأردن“. فعندما يكتب شخص ما عبر الأردن فهو يشير بنفسه أنه موجود على الجانب الآخر من النهر أى فى أرض فلسطين غرب نهر الأردن، وهو يتحدث عن شىء ما حدث فى شرق نهر الأردن. ونحن نعرف أن أقدام موسى لم تطأ أبدًا أرض فلسطين».
      وسوف أكتفى بذلك مما ذكرته عن العهد القديم، ونتوجه كليًة إلى العهد الجديد وجغرافيته ..
      ونبدأ فيه بتذكيركم بتحريفهم لاسم الله، ولاسم يسوع نفسه، بل ولاسم الدين الذى تؤمنون به. إن كلمة ”مسيحى / المسيحية“ هى اختراع يهودى يُراد به سب عيسى u وإخراج النصارى من دائرة عبادة الله. فقليل من المسيحيين الذين يعرفون أن كلمة مسيحى هى سُبَّة، وكانت تُستخدم للتحقير فى القرون الأولى بعد رفع عيسى u. لقد كان المؤمنون بعيس عليه السلام يُدعون بالناصريين أو النصارى. وأن هذا ليس له علاقة بمدينة الناصرة، كما سنعلم بعد قليل.
      وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (مسيح – مسيحيون) إن هذا الاسم أُطلق ابتداءً من الوثنيين: (وواضح أن هذا الاسم لم يصدر أساساً عن المسيحيين أنفسهم، كما لم يطلقه اليهود على أتباع المسيح الذي كانوا يكرهونه ويضطهدون اتباعه ...)
      ثم عادت تقول: (مسيحيون: كما سبق القول، كان المؤمنون في أنطاكية هم أول من أطلق عليهم هذا الوصف. فحيث كُرز بالإنجيل للأمم كما لليهود، ظهر أن المسيحية شيء آخر غير اليهودية، وأنها ديانة جديدة. وحيث أن المؤمنين كانوا يتحدثون دائماً عن المسيح، وأطلق عليهم الاسم "مسيحيون"، ولعلها كانت تنطوي أساساً على نوع من التهكم. ويبدو أن المسيحيين أنفسهم لم يتقبلوا هذا الاسم بصدر رحب في البداية، ولكنه على توالي الأيام، التصق بهم وصاروا يعرفون به.)
      ويؤكد ذلك قاموس الكتاب المقدس مادة (مسيحى) بقوله: (دعي المؤمنون مسيحيين أول مرة في أنطاكية (اع 11: 26) نحو سنة 42 أو 43م. ويرجّح أن ذلك اللقب كان في الأول شتيمة (1 بط 4: 16) قال المؤرخ تاسيتس (المولود نحو 54م.) أن تابعي المسيح كانوا أناساً سفلة عاميين ولما قال أغريباس لبولس ((بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً)) (اع 26: 28) فالراجح أنه أراد أن حسن برهانك كان يجعلني أرضى بأن أعاب بهذا الاسم.)
      ومن نقاط التحريف الهامة لطمس كل ما يمت بالصلة للرسول r ، وعدم انتزاع النبوة من بنى إسرائيل هو تحريفهم للذبيح الذى جاء بسببه الوعد الإلهى لإبراهيم بالبركة فى نسله، وجعلوه بدلا من إسماعيل إسحاق.
      ويؤخذ فى الاعتبار أن هناك بعض الروايات الإسلامية ، التى أخذت عن اليهود، وترى أن الذبيح هو إسحاق، وهذه روايات لا يُعوَّل عليها، حيث أقر الرسول r أنه ابن الذبيحين: إسماعيل وعبد الله.
      ثم نأتى للنقطة الثانية: وهى تحريفهم لاسم الرب، فبعد أن ضاع كما بيَّنا من قبل تغيَّر من يهوه أو إلوهيم أو أدوناى، وأصبح زيوس، والتى تُترجم بكلمة (الله)، وبالطبع اختفت كلمة (الله) التى جاءت فى سفر دانيال الأرامى ، الذى عثر عليه ضمن خبيئة قمران، كما ذكرت من قبل.
      والنقطة الثالثة عى لفظة (يسوع): فهل كان اسمه عيسى كما قال القرآن، أم يسوع كما تقول تراجم العهد الجديد؟
      وبعد أن اطلعنا على الخطأ الجغرافى الأول فى ادعاء متى أن يسوع تسمَّى ناصريًا، تبعًا لنبوءة موجودة بالكتاب. وبعد أن علمنا أنه لم توجد مدينة بهذا الاسم حتى القرن الرابع، نتعرف على تحريفات جغرافية إضافية ، تُثبت عدم معرفة كاتب روايات الأناجيل بجغرافية فلسطين.
      فادعوا أنه بعد أن بشر الملاك مريم بأن قريبتها أليصابات هى أيضًا حامل فى الشهر السادس، خرجت مسرعة إليها إلى مدينة يهوذا لتخبرها أو لتبارك لها هذه البشرى: (39فَقَامَتْ مَرْيَمُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ وَذَهَبَتْ بِسُرْعَةٍ إِلَى الْجِبَالِ إِلَى مَدِينَةِ يَهُوذَا) لوقا 1: 39
      وقد كانت مريم وقتها فى الجليل كما يُخبرنا لوقا: (26وَفِي الشَّهْرِ السَّادِسِ أُرْسِلَ جِبْرَائِيلُ الْمَلاَكُ مِنَ اللهِ إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ الْجَلِيلِ اسْمُهَا نَاصِرَةُ 27إِلَى عَذْرَاءَ مَخْطُوبَةٍ لِرَجُلٍ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ اسْمُهُ يُوسُفُ. وَاسْمُ الْعَذْرَاءِ مَرْيَمُ.) لوقا 1: 26-27
      أتعرف كم من الكيلومترات بين الناصرة وأرض اليهودية؟ إنها مسافة يقطعها المرء فى ثلاثة اشهر سفر ـ كما يقول قاموس الكتاب المقدس الألمانى (صفحة 886) ـ وقد بشرها الملاك قبل رحلتها هذه أن أليصابات كانت حاملاً فى الشهر السادس (لوقا 1: 36)، وعلى ذلك لابد أن تكون أليصابات عند وصول مريم إليها قد أنجبت أو على وشك الإنجاب!
      فانظر بعد ذلك إلى ما قاله الوحى للوقا: (41فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا وَامْتَلَأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ 42وَصَرَخَتْ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَتْ: «مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ وَمُبَارَكَةٌ هِيَ ثَمَرَةُ بَطْنِكِ! 43فَمِنْ أَيْنَ لِي هَذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟ 44فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي.) لوقا 1: 41-44 ، فهل بدأت تُحس بدبيب الطفل فى أحشائها بعد تسعة أشهر من الحمل؟
      وعلى ذلك فإن مريم كانت تسكن بالقرب من قريبتها ، وخرجت مسرعة ولم تقض سوى دقائق معدودة حتى دخلت على قريبتها ، وإلا كيف ستسافر امرأة بمفردها مسيرة ثلاثة أشهر؟ فهم إذن من سبط واحد، هو سبط لاوى، ومكان سكناهم هو مدينة يهوذا.
      وذلك أيضًا لأن يشوع بن نون u قد قسم أرض كنعان بعد فتحها على الأسباط وحدَّدَ لكل سبط أرضه بحدود معينة (انظر سفر يشوع الإصحاح 15)، وقد كان نصيب بنى هارون ثلاثة عشر مدينة من وسط يهوذا (انظر يشوع 21: 4).
      أضف إلى ذلك أن مدينة الناصرة (فيما بعد) كانت من نصيب سبط زبولون بن يعقوب من زوجته ليئة (تكوين 30: 20)، وهم يهود السامرة، والعداء مُستَحْكَم بينهم وبين يهود أورشليم والاتصال بينهم ممنوع، والدليل على ذلك قول المرأة السامرية لعيسى u: (7فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» - 8لأَنَّ تلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً. 9فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ.) يوحنا 4: 7-9.
      فكيف سمحوا لسامرى - هذا لو كان من ناصرة الجليل - من صغره بالمقام فى هيكل سليمان؟ فهل كان يُعلِّم فى مَجمعهم؟ وكذلك جاء رفض المرأة السامرية التعامل معه لأنه غير سامرى لأكبر دليل على عدم ولادة عيسى u فى مدينة الناصرة، لأنه لو ولد فى الناصرة لأصبح سامرى، ولما سَمَّته يهوديًا: (كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ).
      أما مكان سُكنى اليهود وهم من سبط لاوى ومنهم عيسى ابن مريم uـ حيث كان من واجباتهم التدريس والوعظ فى هيكل سليمان ، بالإضافة إلى دعوة اليهود لعيسى u بكلمة (ربونى) الذى تفسيره يا معلم ، وهى لا تُطلق إلا على اللاويين ـ فى أرض اليهود مع سبط يهوذا، وأن مدينة الناصرة كانت من نصيب سبط زبولون بن يعقوب من زوجته ليئة وهم من يهود السامرة ، كما ذكرت.
      ويحل القرآن هذه المشكلة فى ندائه لمريم ب (ابنة عمران) و(أخت هارون)، والمعروف أن عمران أنجب موسى وهارون، وبذلك يدخل عيسى u ضمن بركة إسحاق حيث إن موسى من نسل إسحاق بن إبراهيم، والدليل على هذا أن ملاك الرب نزل على مريم يبشرها بالحمل فقال لها: (36وَهُوَذَا أَلِيصَابَاتُ نَسِيبَتُكِ هِيَ أَيْضاً حُبْلَى بِابْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهَا) لوقا 1: 36
      وكانت أليصابات هذه زوجة زكريا ، و(5كَانَ فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ مَلِكِ الْيَهُودِيَّةِ كَاهِنٌ اسْمُهُ زَكَرِيَّا مِنْ فِرْقَةِ أَبِيَّا وَامْرَأَتُهُ مِنْ بَنَاتِ هَارُونَ وَاسْمُهَا أَلِيصَابَاتُ.) لوقا 1: 5 و(1وَهَذِهِ فِرَقُ بَنِي هَارُونَ: بَنُو هَارُونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو أَلِعَازَارُ وَإِيثَامَارُ. .. .. .. 10السَّابِعَةُ لِهُقُّوصَ. الثَّامِنَةُ لأَبِيَّا.) أخبار الأيام الأول 24: 1-10
      ويبقى سؤال واحد: ما الدليل على أن مريم وأليصابات من سبط لاوى؟
      هذا قانون اليهود عند الزواج: (7فَلا يَتَحَوَّلُ نَصِيبٌ لِبَنِي إِسْرَائِيل مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ بَل يُلازِمُ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ سِبْطِ آبَائِهِ. 8وَكُلُّ بِنْتٍ وَرَثَتْ نَصِيباً مِنْ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيل تَكُونُ امْرَأَةً لِوَاحِدٍ مِنْ عَشِيرَةِ سِبْطِ أَبِيهَا لِيَرِثَ بَنُو إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَ آبَائِهِ 9فَلا يَتَحَوَّل نَصِيبٌ مِنْ سِبْطٍ إِلى سِبْطٍ آخَرَ بَل يُلازِمُ أَسْبَاطُ بَنِي إِسْرَائِيل كُلُّ وَاحِدٍ نَصِيبَهُ».) عدد 36: 7-9
      (ولعل من أجل ذلك ساقكما الله إلىّ حتى تتزوج هذه بذى قرابتها من عشيرة سبط أبيها) طوبيا 7: 14
      (ولما أن صار رجلاً اتخذ له امرأة من سبطه اسمها حنه) طوبيا 1: 9
      وعلى ذلك تكون أليصابات من نسل هارون من سبط لاوى ، وتكون مريم البتول نسيبتها من نفس السبط ، أى تكون أختًا بالنسب لهارون، وابنة بالنسب لعمران ، ويكون عيسى u أيضًا من نسل هارون.
      ويؤكد كذلك نسبته إلى هارون دعوة المجدلية وأتباعه له ب (ربى أو ربونى) ، وهو لقب للكاهن الذى يعلِّم فى المعبد ، وكذلك قميصه غير المخاط الذى كان يرتديه (يوحنا 19: 23)، حيث لم يك يرتديه إلا الكاهن ، وكان سبط هارون مخصص لتدريس الناموس وتعليم الناس.
      ومن الأخطاء الجغرافية أيضًا ما نجده فى تحدثهم عن قرية الجدريين أو الجرجسيين. ففى الوقت الذى يتناقض فيه قول الأناجيل عن عدد المجانين الذين شفاهم يسوع بإذن الله، يتضاربون أيضًا فى اسم القرية التى حدث فيها هذا:
      فيحددها متى بكورة الجرجسيين، وأن يسوع شفى اثنين من المجانين: (28وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْعَبْرِ إِلَى كُورَةِ الْجِرْجَسِيِّينَ اسْتَقْبَلَهُ مَجْنُونَانِ خَارِجَانِ مِنَ الْقُبُورِ هَائِجَانِ جِدَّاً حَتَّى لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَجْتَازَ مِنْ تِلْكَ الطَّرِيقِ.) متى 8 : 28
      ويحددها مرقس بكورة الجدريين، وأن يسوع شفى مجنونًا واحدًا: (1وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ. 2وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ.) مرقس 5: 1-2
      ويوافق لوقا مرقس: (26وَسَارُوا إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ الَّتِي هِيَ مُقَابِلَ الْجَلِيلِ. 27وَلَمَّا خَرَجَ إِلَى الأَرْضِ اسْتَقْبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ فِيهِ شَيَاطِينُ مُنْذُ زَمَانٍ طَوِيلٍ وَكَانَ لاَ يَلْبَسُ ثَوْباً وَلاَ يُقِيمُ فِي بَيْتٍ بَلْ فِي الْقُبُورِ.) لوقا 8:
      تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (جرجسيون): ”وهم أهل جرجسة او جرازا، وإليهم تنسب كورة الجرجسيين (مت 8: 28) التي عبر إليها الرب يسوع وهناك استقبله مجنونان خارج القبور. ويذكر مرقس ولوقا الكورة بأسم كورة الجدريين (مرقس 5: 1، لو 8: 26). فمتى يذكر لليهود العالمين ببلاد المنطقة جيداً اسم القرية التى حدثت فيها المعجزة، أما مرقس ولوقا اللذان كتبا للأمم فقد اكتفيا بذكر اسم الكورة التى تقع بها القرية (ارجع إلي "جدرة" في هذا المجلد).“
      ولنا هنا وقفات: فكاتبو دائرة المعارف الكتابية يعتبرون القارىء غبيًا ، أو ساذجًا لن يبحث بعد كلامهم. فعلى الرغم من أن النص يُسمِّى كلا المكانين (كورة) إلا أنه يحاول أن يجعل (جدرة) هى الكورة و(جرجسة) هى القرية.
      ومن ناحية أخرى اعتادوا على برهنة الاختلافات الموجودة بين كاتبى الأناجيل بفبركة عجيبة. فتقول: إن متى كتبها هكذا ، لأنه كان يكتب للعبرانيين الذين يعرفون المنطقة جيدًا ، بينما كتبها مرقس ولوقا بصورة مغايرة لأنهما كتبا للأمم. فما علاقة الوحى بهذا الكلام؟ وما علاقة الموقع الجغرافى بهذا الهراء؟ وهل لا يعلم كاتبو دائرة المعارف هذه أن متى اعتمد فى 88% من إنجيله على كتابات مرقس؟ إذن لماذا لا تُصارحون قراءكم بأن متى لم يكن من يهود فلسطين ولا يعرف جغرافيتها هو الآخر ووقع فى تقديره أن هذه القرية هى الجرجسيين وليست الجدريين؟
      والأغرب من ذلك أن الترجمة العربية المشتركة وكتاب الحياة وترجمة الآباء اليسوعيين قد غيروا فى متن النص المقدس الذى يحفظه الرب من التغيير والتبديل والتلاعب من كورة (الجرجسيين) التى صححها متى لمرقس إلى كورة (الجدريين) التى رفضها متى اليهودى واعتبرها خطأ من مرقس!! كما غيروا فى نصوص (مرقس 5: 1 ولوقا 8: 26) كلمة الجدريين إلى كلمة الجرجسيين. أى قاموا بإبدالهما مع ما ذكر فى نص متى لطبعة فاندايك.
      والسبب فى هذا التغيير العجيب واضح جدًا. فإنهم يقولون إن كاتب إنجيل متَّى هو متى اللاوى الذى الفلسطينى وأحد التلاميذ. ولأن وجود اسم قرية الجرجسيين عند متى لتدل على أن كاتبها لا يعلم شيئًا عن فلسطين وجغرافيتها ، لأن قرية جرجسة كما يقول هامش ترجمة الآباء اليسوعيين ص140: ”بعيدة عن البحيرة وأبعد من أن تصلح للمدينة الوارد ذكرها فى الآية“ مرقس 5: 14 حيث دخلت الشياطين فى الخنازير فرمت نفسها من الجرف إلى البحر وماتت.
      وعلى ذلك لا بد أن يكون للخنازير أجنحة طارت بها 50 كم لتصل إلى البحيرة! وهذا الخطأ يفضح أن كاتب هذا الإنجيل غير متَّى أحد التلاميذ. لذلك نسبوا الخطأ الجغرافى لمرقس ولوقا ، وصححوا المكان عند متَّى!!
      ويحدد مفسرو إنجيل متى (التفسير الحديث) ص174 أن قرية جرجسة تبعد عن البحيرة 50 كيلومترًا. ”والجدريين ربما تكون الكلمة الأصلية فى إنجيل متى“. أى إن المفسرين لا يثقون تمامًا أن ما كتب عند متى هو من وحى الله. وهذا ما اعترفوا به فى هامش هذه الصفحة فقالوا: ”إن كلمة جرجسيين أُدخلت غالبًا بواسطة أوريجانوس لأنه لا جدرا ولا المدينة الرومانية جراسا كانتا على شاطىء البحيرة“.
      وأهنىء الكاتب على شجاعته الأدبية ومصارحته لقرائه واحترامه لعقولهم. إذن فقد أخطأ متى، وأخطأ مرقس، وأخطأ لوقا، وأخطأ أوريجانوس. الأمر الذى ينفى عن كتبة الأناجيل وجود الروح القدس عندهم، وينفى وجوده أيضًا عند أوريجانوس، ويُثبت أنه كان عند آباء الكنيسة السطوة والجرأة على التغيير فى كتاب الله ، أو إنهم لم يعتبروا هذه الكتب ملهمة من الله لكاتبيها!!
      ويقول التفسير الحديث لإنجيل لوقا ص159-160: ”"كورة الجدريين" ، وهى تمثل لنا مشكلة ، أن جرجسة تبعد أربعين ميلاً جنوب شرقى البحيرة [أى حوالى 64.374 كيلومترات]، ويسميها متى البشير كورة الجدريين [هذا يُخالف ما جاء فى متى عند فاندايك، حيث أتت جرجسيين]، لكن جدرة تبعد ستة أميال [أى 9.656 كم] وتفصلها منحدرات اليرموك. والبشائر الثلاثة المتشابهة بها هذه الاختلافات، بل وبها أيضًا اختلاف ثالث "كورة الجرجسيين".ويفضل العلامة أوريجون [أوريجانوس] هذا الإسم الأخير، وهو يرى أن الاسمين الآخرين يشيران إلى أماكن بعيدة جدًا. ويعتقد أن الاختلاف فى نطق الاسم راجع إلى أن الكتبة لم يكونوا يعرفون بلدة "جرجسة" الصغيرة ولذلك أبدلوها بأسماء يعرفونها“.
      ألا يدل هذا دليل واضح على جهل الكُتَّاب؟ ألا يدل هذا دلالة واضحة على تصرفهم من تلقاء أنفسهم فى متن النصوص التى ينقلونها؟ ألا يدل هذا دلالة واضحة على أنهم لم يُوحَ إليهم؟ ألا يدل هذا دلالة واضحة على اعتراف أحد آباء الكنيسة وهو أوريجانوس بعدم قدسية هذا الكتاب؟
      من كل ما ذكرنا يتضح لنا أن القائمين على نسخ هذا الكتاب أو ترجمته أو تفسيره قد تلاعبوا بهذا الكتاب لإحراز مكاسب شخصية نراها فى إزدواجية القصص أو الأوامر التى ينسبونها لله، لرفع طبقة من الكهنة على الأخرى، كما قال فريدمان فى كتابه (من كتب التوراة؟)، أو عدم ذكر بعض الذرية أو بعض الأشخاص لأسباب سياسية أو بسبب الميراث ، كما حدث مع أبناء بنيامين فى تحليل الدكتور القس منيس عبد النور. وهناك الآلاف من هذه الأخطاء وهذا التحريف، وهذا ثابت بين علماء الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص، ويختلفون فقط فى تحديد كم هذه الأخطاء. فهناك من يراها 50000 خطأ فى المخطوطات اليدوية، أو ضعف ذلك ، وآخرون يرونها 150000 ، وهناك من يقلل عن ذلك، وهناك من أوصل القول إلى 250000 مثل ما جاء على لسان علماء اللاهوت فى جريدة Tagesanzeiger السويسرية اليومية بتاريخ 18/2/1972 (راجع «حقيقة الكتاب المقدس تحت مجهر علماء اللاهوت»)
      لقد اعترفوا أن المزمور 84 يتكلم عن رحلة الحجاج إلى مكان حجهم. وأقروا أنه لم يُبن الهيكل على جبل عيبال إلا فى زمن سليمان u، وأقروا أنه لم يُحدد موسى u مكانًا لبناء معبدًا فيه، وأنه آخر مشرعى بنى إسرائيل، وأنه لن يأت نبى بعد مثل موسى u فى بنى إسرائيل.
      وحتى لا أترك الجملة السابقة على عواهنها، أُلفت نظر القارىء أنه بعد أن حكى لنا سفر التثنية موت موسى u ، وناح عليه بنو إسرائيل، وتولى يشوع القيادة خلفًا لموسى u ، قال السفر هذه الجملة: (10وَلمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيل مِثْلُ مُوسَى الذِي عَرَفَهُ الرَّبُّ وَجْهاً لِوَجْهٍ) تثنية 34: 10 (ترجمة القاندايك)
      إن هذه الجملة بمفردها تدل على أن كاتب التوراة لم يكن فى زمن موسى u ولا نبى من الأنبياء الذين خلفوه. فالمنطق يؤكد أن تكون النبوة قد انقطعت بالفعل من بنى إسرائيل ليعقد هذه المقارنة. وإذا أخذتَ فى الاعتبار أن كل الأنبياء من يعقوب إلى عيسى عليهم السلام من بنى إسرائيل، فبذلك يُحدد هذا النص أنه لم يكن نبى من هؤلاء الأنبياء مثل موسى u.
      أما التوراة السامرية ذكرتها بصيغة النفى القاطع فى المستقبل: (ولا يقوم أيضًا نبى فى إسرائيل كموسى)، فكانت أكثر موضوعية وحرصًا، فأقرت أنه لن يقوم بعد نبى فى بنى إسرائيل مثل موسى u. وذلك بغض النظر عن وجه الشبه.
      فهل ترى أنهم سيُقرُّون أن بكة هى مكة؟

      * * *

      تعليق

      • abubakr_3
        مشرف عام

        • 15 يون, 2006
        • 849
        • مسلم

        #18
        الجغرافية المجهولة للكتاب المقدس:
        بعد ما رأينا من التحريفات والتهويلات التى قام بها بنو إسرائيل فى كتابهم، وبعد ما قرأنا فى كتابكم عزيزى القمص مرقس اعتراف علماء ما تسمونها مخطوطات الكتاب المقدس ، وكذلك اعتراف الآباء، الذى يعتمد عليه تقليدكم، بل واعتراف الرب نفسه بتحريف كتبه، فلا يجب أن نصدق كل ما يقوله الكتاب، ولكن سنفعل كما أمرنا صفوة الخلق أجمعين بقوله (حدثوا عن بنى إسرائيل ولا تصدقوهم ولا تكذبوهم)، بمعنى أننا سنعمل العقل ونلجأ إلى أهل العلم فى هذه النقطة.
        وقد كانت حجتكم أنه لا يمكن أن يُصدق عاقل فى هذه الدنيا أن يجرؤ إنسان أو يستطيع أن يحرف كلمة الرب!! ورددنا عليكم، أنه لو كان هذا فعلا مستحيلا فى عقولكم، لكان عليكم أن ترفضوا أن يتمكن إنسان من ضرب الرب، أو تقييده بالمسامير، أو اعتقاله فى الصحراء لمدة أربعين يومًا، أو قتله وإسالة دمائه!!
        ولو كان فى نية الرب الحفاظ على هذه الكتب، لكان على الأقل قد حفظ أصولها المكتوبة أو حتى اللغة نفسها التى كتبت بها، لأن الحفاظ على الأصول، هو حفاظ على الفروع. لأنه لا يُعقل أن يُحافظ الرب على المنسوخ ويترك الأصل يضيع. ومن غير المنطقى أن يحفظ الرب التراجم ، ويترك الأصول تضيع.
        وسنضرب هنا أمثالاً لعدم صدقهم أيضًا من الناحية الجغرافية أو التاريخية، بناءً على الاكتشافات الأركيولوجية الحديثة.
        لكن هل تُعرف جميع الأماكن الجغرافية للتوراة على وجه اليقين حتى يتسنى للبعض أن يرفض أو يؤكد معلومة جغرافية ما؟
        فى الحقيقة لا. لقد عاش المؤمنون بهذا الكتاب المدعو مقدسًا ، يُدافعون عنه، ويُقاتلون من أجله، فيقتلون ويُقتلون، وأنفق البعض عمره كله فى تدريسه أو دراسته، وحجَّ الآلاف منهم إلى بيت المقدس، وتطلعوا إلى زيارة الأماكن المقدسة بفلسطين، وتنسَّموا رائحة التاريخ السحيق للأجداد، الذى توهموه، ولم يكن له وجود إلا فى كتابهم الذى وثقوا فى صحته، واعتبروه مقدسًا!!
        وعلى الرغم من اعتراف علماء الغرب والشرق أن هذا الكتاب ، وكذلك تسلط رجال الدين بأفكارهم اللاهوتية قضى على التقدم العلمى والرقى الحضارى والفكر الإنسانى فى أوروبا لمدة تتجاوز الألف عام، لم يُفكِّر أحدهم ولو للحظة أن الكتاب المقدس لا بد أن يكون كتاب يُعلمنا دستور الله تعالى الذى يرتضيه للبشر فى المقام الأول، سواء كان بالأمر المباشر أو بالقصص عن الأمم السابقة. فنتخذ من أنبيائه القدوة، ونتجنب أن نقع فيما وقع فيه السابقون. وكذلك يُعْلمنا بقدْر الله تعالى وأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وأوامره لنا التى أرسلها لنا مع صفوة عباده المرسلين. وبذلك يُرشدنا إلى الطريق إلى الجنة، ورضوان الله تعالى.
        فأين القدوة فى هذا الكتاب؟
        هل القدوة فى تضحية إبراهيم بشرفه وعفة زوجته سارة لينال رضى فرعون؟
        هل القدوة أن يسرق موسى u وشعبه المصريين ويشاركهم الرب فى هذا النصب وهذه السرقة؟
        هل كانت القدوة فى هارون الذى صنع العجل وأضل بنى إسرائيل، فكفروا بسببه؟ أم كانت القدوة فى الرب الذى أمر بقتل 3000 من بنى إسرائيل الذى عبدوا العجل وترك هارون نفسه؟ (3فَنَزَعَ كُلُّ الشَّعْبِ أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِهِمْ وَأَتُوا بِهَا إِلَى هَارُونَ. 4فَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ أَيْدِيهِمْ وَصَوَّرَهُ بِالْإِزْمِيلِ وَصَنَعَهُ عِجْلاً مَسْبُوكاً. فَقَالُوا: «هَذِهِ آلِهَتُكَ يَا إِسْرَائِيلُ الَّتِي أَصْعَدَتْكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ!» 5فَلَمَّا نَظَرَ هَارُونُ بَنَى مَذْبَحاً أَمَامَهُ وَنَادَى هَارُونُ وَقَالَ: «غَداً عِيدٌ لِلرَّبِّ». 6فَبَكَّرُوا فِي الْغَدِ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ وَقَدَّمُوا ذَبَائِحَ سَلاَمَةٍ. وَجَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِب.) خروج 32: 3-6
        والأغرب من ذلك أن الذين قاموا بقتل عبدة العجل هم اللاوييون، وهارون منهم: (26وَقَفَ مُوسَى فِي بَابِ الْمَحَلَّةِ وَقَالَ: «مَنْ لِلرَّبِّ فَإِلَيَّ!» فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمِيعُ بَنِي لاَوِي. 27فَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: ضَعُوا كُلُّ وَاحِدٍ سَيْفَهُ عَلَى فَخِْذِهِ وَمُرُّوا وَارْجِعُوا مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ فِي الْمَحَلَّةِ وَاقْتُلُوا كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ قَرِيبَهُ». 28فَفَعَلَ بَنُو لاَوِي بِحَسَبِ قَوْلِ مُوسَى. وَوَقَعَ مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ ثَلاَثَةِ آلاَفِ رَجُلٍ.) خروج 32: 26-28
        هل القدوة أن يزنى داود بامرأة جاره أوريا الحثى، ويقتل زوجها، ويباركه الرب فى خروج المسِّيِّا من نسله؟
        هل كانت القدوة فى سليمان الذى عبد الأوثان من دون الله؟
        فالكتاب إذن محرف، لا يصلح لحياة بشرية يسودها رضى الله، والحب، والعفو والفضيلة، لا يصلح لأن يكون كتاب أقتدى به فى كل تصرفاتى. ونزيد اثباتًا على اثباتات سابقة على تحريف الكتاب، وأنه لا يصلح أن يكون هو المعيار الأمثل للقياس عليه، سواء من الناحية التاريخية، أو الجغرافية.
        وقبل أن نختلف فى أن هذا المكان يقع فى تلك المنطقة أو فى بلد آخر، يجب على القارىء أن يعلم أن جغرافية الكتاب الذى يقدسه اليهود والمسيحيون لم تُعرف بدقة حتى اليوم، ولا يعدو الأمر غير احتمالات، يؤولونها تبعًا للمصلحة اللاهوتية، والسياسية. وهذا ما يؤكده علماؤهم أنفسهم:
        يقول الدكتور بشار خليف: (وينضم ماك كارتر إلى نقطة متقدمة في الإيضاح في نقده لقصة اختلاق ابراهيم التوراتي والآباء التوراتيين حيث يقول: «علينا أن نكون حذرين في دراستنا لروايات الآباء التوراتيين، فهذه الروايات إيديولوجيا وليست تاريخاً. لقد صيغت في الألف الأول قبل الميلاد / أثناء السبي / من أجل التأسيس اللاهوتي والسياسي للشعب الإسرائيلي. لهذا لا يمكن التعامل معها كتاريخ بأي معنى من المعاني الحديثة لهذه الكلمة»).
        فها هو كيث وايتلام الذى يعمل كأستاذ للدراسات الدينية في جامعة "ستيرلينغ" في سكوتلاندا، قد أصدر كتاب "اختراع (إسرائيل) وحجب فلسطين" سنة 1996 في كلّ من نيويورك ولندن في نفس الوقت. ووايتلام يتفق مع طومسون في كثير من الاستنتاجات ويشير إلى أن هناك عمليّة طمس ممنهجة لكثير من الدلالات التاريخية للمكتشفات الأثرية ومحاولة لتفسيرها بطريقة مغلوطة في أغلب الأحيان.
        يؤكد وايتلام ويركّز على البعد السياسي من وراء محاولات الطمس والتفسير المغلوط للتاريخ ، حيث يذكر «أن تاريخ (إسرائيل) المخترَع في حقل الدراسات التوراتية كان وما زال صياغة لغوية وأيديولوجية لما كان ينبغي أن تكون الممالك اليهودية عليه، وليس ما كانت عليه في الواقع».
        ونتأكد من هذا بعد بحث وتنقيب ودراسة آثارية وتاريخية دامت أكثر من سبعين عامًا (يحددها البعض بمائة عام) على أيدى آثاريين يهود ومسيحيين ، تبين لنا منها المبالغات فى أعداد بنى إسرائيل، تضخيم قوة وبطش بنى إسرائل فى حروبهم ، وأن الشعب الفلسطينى لم يكن بقبائل هاربة من بحر إيجة، وأنهم هم أصحاب الأرض، التى غزاها بنو إسرائيل.
        وسنلاحظ فى المقام الأول أن كل جغرافية بنى إسرائيل من يشوع إلى داود وإقامة المملكة المزعومة، والتى لم يؤكد البحث الآثارى لهذه المناطق إلا على رفض كل هذه المعطيات التاريخية الجغرافية للتوراة، قد تحولت إلى أرض كنعان (فلسطين)، وإلى شبه جزيرة سيناء، على الرغم من أنها أكثر انطباقًا على جغرافية شبه الجزيرة العربية، وعلى الأخص اليمن. ويُراجع فى ذلك العديد من الكتب، مثل: (التوراة جاءت من جزيرة العرب)، لكمال الصليبى؛ (كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب)، لأحمد الدبش؛ (موسى وفرعون فى جزيرة العرب) لأحمد الدبش؛ (نبى أرض الجنوب) ع.م. جمال الدين شرقاوى؛ (الحدث التوراتى والشرق الأدنى القديم) لفراس سواح؛ وغيرهم. ارجع إلى ثبت المراجع!
        ثانيًا طمس لكل ما يتعلق بالجزيرة العربية أو مراسم الحج أو مكان خروج المسِّيِّا، النبى الخاتم للعالمين والمثيل لموسى عليهما الصلاة والسلام. لذلك لا تعرف كتب اليهود شيئًا عن نبى الله العربى «هود» u، والتى كانت دعوته فى أقصى الجنوب العربى، ولا عن نبي الله «صالح» u ولا «شعيب» u وكانوا فى أقصى الشمال الغربى العربى. (نبى أرض الجنوب ص386)
        فعن مكان سكنى المديانيين تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (مديان – المديانيون) عن موقع هذه المدينة: «يصعب جداً تعيين موقع وحدود بلاد مديان. ففي سفر التكوين (25: 6 لا نجد إلا أنها كانت في أرض المشرق" (تك 25: 6)، مما قد يعني أي مكان من جبل حرمون وشرقاً إلي نهر الفرات، وجنوباً إلي جنوبي شبة الجزيرة العربية. ولعلها كانت أيضاً تشمل الجزء الشرقي من صحراء سيناء المجاور لخليج العقبة. وكل هذه عبارة عن منطقة صحراوية. ويتفق معظم العلماء علي أن "بلاد مديان" كانت تطلق أساساً علي المنطقة الواقعة شرقي خليج العقبة في شبه الجزيرة العربية.»
        وتحت كلمة (جبل حرمون) تقول دائرة المعارف الكتابية: «.... يطلق هذا الاسم على الجبل العظيم في الطرف الجنوبي من جبال لبنان الشرقية (تث 3: 8)،..... ويظن البعض أن "حرمون" هو جبل التجلي، ولكنه راي لا تؤيده الحقائق. ويسمى جبل حرمون الآن "بجبل الثلج" أو"جبل الشيخ".»
        وعن الددانيين تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (ددان): «ويرى البعض أن ددان (حز 27: 15) هم على الأرجح "رودان" أي أهل جزيرة رودس. .... ويمكن أن نستخلص من كل هذا أن "ددان" كانوا شعباً من شعوب الجزيرة العربية لهم صلة وثيقة "بشبا". وتذرك بعض المصادر التاريخية القديمة، أن ددان كانت واحة على الطريق بين شبا وتيماء وبوز، وكانت تعرف واحة ددان باسم "الدجان" حتى 1200 م، ومازالت بعض بقايا مبانيها قائمة .... وأرجح الآراء أنها هي "العُلا" على بعد نحو ستين ميلاً إلى الجنوب الغربي من تيماء وعلى بعد نحو مئة وخمسين ميلاً إلى الشرق من البحر الأحمر، في وسط الجزيرة العربية. ...»
        فهل تعرفون أين تقع مدينة العلا هذه؟
        إن العلا هى الديدان وتكتب أيضًا الدِدان وهى احدى محافظات المدينة المنورة التى تمت هجرة الرسول r إليها. ودليلنا على ذلك من
        A.A Duri, 1987 Translated by Lawrence I Conrad, “The historical formation of Arab Nation” Croom Helm. London, New York, Sydney, Page 6
        وملخص ترجمة ما يقوله: إنه فى القرن السادس قبل الميلاد ذكر كتاب الملك البابليونى استيلائه على تيماء ، التى أصبحت عاصمته لمدة 10 سنوات. كما امتدت سيطرته لتشمل ديدان (العلا) ، وخيبر ويثرب (مدن عربية).
        وهناك مرجع آخر يقر بأن الديدانيين هم سكان العلا ، وهى نفسها ديدان:
        geoffrey king i.b. tauris publischers london. New york Published in 1998 “The Traditional Architecture of Saudi Arabia” Page 79.
        وتقول: إن تاريخ مقاطعة العلا ثابت منذ أقدم التاريخ ، ساعدت الواحات الحضارة العربية القديمة لديدان منذ القرن السادس قبل الميلاد. (نقلاً بتصرف عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد ، صفحات 78- 86)
        وعلى ذلك فهذا المرجع يُبيِّن أن ديدان هى العلا، ويتفق مع دائرة المعارف الكتابية أن ديدان هى العلا.
        أمَّا بالنسبة لأرض تيماء فهى تقع فى السعودية كما يقول القاموس الجغرافى الجديد، ولا خلاف على ذلك:
        Websters New Geographical dictionary, 1972
        (G, C Merriam Company; Publishers spring Field, Massachusetts, Page 1176)
        وتحت (تيما أو تيماء) تعترف دائرة المعارف الكتابية أنه تقع فى الجزيرة العربية ويقطنها أبناء إسماعيل: «اسم عبري معناه "الجنوبي" وهو اسم أحد أبناء إسماعيل الاثني عشر (تك 25: 15، 1 أخ 1: 30)، وأيضاً اسم القبيلة التي جاءت منه (ارميا 25: 23)، واسم المكان الذي استوطنه نسله (أيوب 6: 19، آسيا 21: 14).
        وهذا الموطن هو "تيماء" في شمالي شبه الجزيرة العربية، وهو واحة واسعة تقع تقريبا في منتصف المسافة بين دمشق ومكة، وبين بابل ومصر. وكانت تقع على طريق القوافل القديم الذي كان يربط خليج العقبة بالخليج العربي، وهي من اجمل واحات شبه الجزيرة العربية، ومازالت أحد المراكز التجارية الهامة.»
        وتحت كلمة (شبا) تقول دائرة المعارف الكتابية: «... ويبدو من هذه الشواهد الثلاثة أن شبا هو اسم قبيلة عربية (والعرب ساميون) وقد يشير القول بأن "شبا وددان" من نسل كوش (تك 10: 7) إلى أن بعض هذه القبائل السامية هاجرت إلى إثيوبيا عبر باب المندب واختلطت بنسل كوش. كما يشير القول بأن "شبا وددان" من نسل إبراهيم (تك 25: 3) إلى أن بعض عشائرهما هاجروا إلى الشمال. فالواقع أن شبا كانت قبيلة عربية من نسل يقطان استوطنت جنوبي بلاد العرب (تك 10 : 28) واسم شبا وأسماء بعض اخوته مثل حضرموت وأوزال (صنعاء) مازالت تطلق على أجزاء فى جنوبي شبه الجزيرة العربية.
        ويذكر الكتاب المقدس أن السبئيين أهل سبا أو شبا كانوا يتاجرون فى الذهب والأطيان، وأنهم كانوا يستوطنون مكانا بعيداً عن فلسطين (انظر 1مل 10: 2.1، إش 60: 6، إرميا 6: 20، حزقيال 27: 22، مز 72: 15، مت 12: 42) كما يبدو أنهم كانوا يتاجرون فى الرقيق (يؤ 3: 8)، أو كانوا غزاة من البدو (أيوب 1: 15، 6: 19).
        ويقول النسَّابون العرب إن سبا أو شبا هو الحفيد العظيم لقحطان (يقطان) أصل العرب القحطانية، وهو أبو حمير وكهلان. ويقولون إنه سمي "سبا" لأنه أول من أخذ مسبيين فى الحرب ، وإنه هو الذي أسس "مأرب" عاصمة "سبا" وبنى قلعتها....
        ... (II)الديانة: تسجل النقوش أسماء عدد من الآلهة على رأسهم "المقِّي وتعلب" وكان منهم "عشتار" (وهو مذكر عشتاروت)، ورامون (وهو "رمون" فى الكتاب المقدس)، والشمس وغيرها. وكان يلحق بعشتار والشمس اسم المكان أو القبيلة (مثل "بعل" فى الكتاب المقدس). وكانت العبادة تشمل تقديم العطايا للمعابد ، وتقديم ذبائح وبخاصة البخور، والحج والصلوات. كما كانت هناك بعض الطقوس مثل الاغتسال أو الوضوء، والنذور للاله، وغير ذلك. وفى مقابل ذلك، كان الإله يتولى حماية قلعة العابد وآباره وممتلكاته، كما يمده بالحبوب والخضر والفاكهة، ويعطيه نسلا من الذكور.»
        ونحلص من هذا الكلام أن أهل شبا من العرب القاطنين فى الجزيرة العربية، وكان من طقوس عباداتهم الحج، ولم يكن بالجزيرة العربية كلها حج إلا فى مكة.
        كما نخلص إلى أن إسماعيل ونسله كانوا يقطنون فى الجزيرة العربية من شمالها إلى جنوبها، وكوَّنوا هناك قبائل عُرفت بأسمائهم. وكانت هذه أسماء أبناء إسماعيل: (13وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ 14وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. 16هَؤُلاَءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ وَهَذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. اثْنَا عَشَرَ رَئِيساً حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ.) تكوين 25: 13-16
        وتحت كلمة (إبراهيم) تقول دائرة المعارف الكتابية: «كانت أور الكلدانيين، والتي يرجح أن موقعها الآن هو تل المكير،على بعد تسعة أميال من الناصرية على نهر الفرات في جنوبي العراق، هي مسقط رأس إبراهيم بن تارح من نسل سام»
        وتحت كلمة (أور الكلدانيين) تقول دائرة المعارف الكتابية: «... ولقد بذلت مجهودات كثيرة على مدى أكثر من ألفى عام لتحديد موقع هذه المدينة. ويبدو أن مترجمى السبعينية لم يكونوا عالمين بالموقع أو أنهم لم يعتبروها مدينة لذلك ترجموها فى اليونانية إلى "كورة" أى أرض بدلاً من "أور".
        أما أوبولمس الذى عاش فى حوالى 150ق.م. فتحدث عنها باعتبارها مدينة فى بلاد بابل تسمى"قمرينا" وقال إن البعض يسمونها "أوريا" وذكر القديس استفانوس (أع 7: 2و4) أن إبراهيم كان فيما بين النهرين ، ولقد اعتبرها التلمود اليهودي وكذلك بعض الكتَّاب العرب المتأخرين أنها " أرك" ولعل اسمها بالكتابة المسمارية ( الأشورية ) وهو "أوركى" يدعم هذا الرأي ولكن "إرك" مذكورة كمدينة مستقلة فى سفر التكوين (10:10). وقد ذكر أميانوس مارسلينوس أنها هي "قلعة أور" فى الصحراء بين حترا ونيسيبس ، ولكن هذه لم تشيد إلا فى زمن الفرس. ونظراً لقربها من حاران، ولأن القديس استفانوس ذكر أنها فيما بين النهرين، زعم البعض أنها مدينة "الرها" التى سماها اليونانيون "إدسا" ، ولكن إدسا قد بناها سلوقس.
        وأكثر النظريات قبولاً فى الوقت الحالي هى أن "أور" هى بلدة "المغير" (أو بلد القار) فى جنوبي بابل، وكانت تسمى "يوروما" أو "يوريما" ثم سميت بعد ذلك "أورو" كما جاء فى النقوش الأثرية، وهى تقع على حدود المنطقة التى كانت تسمى فى الألف السنة السابقة للميلاد باسم "كلديا". .....
        ويقول البعض أيضاً إن موقعها هو مدينة "أورو" ( مارتو) بالقرب من مدينة سيبار التى كانت مدينة عظيمة فى زمن إبراهيم، ولكنها فقدت مكانتها فى العصور التالية ، ولعل هذا هو سبب الفشل فى تحديد الموقع فى العصور المتأخرة قبيل العصر المسيحي ، عندما كانت أوريما أو أورو مازالت مزدهرة . ... إن من أهم الأعمال المثمرة فى مجال التنقيب والبحث عن الآثار الكتابية، ما تم فى بلدة "المغيّر" التى يعتقد أنها مدينة أور الكلدانيين القديمة موطن إبراهيم.»
        ويرى البعض .... أن حاران المدينة التى هاجر إليها تارح كانت أيضاً مركزاً لعبادة إله القمر، ولكن هذا موضع شك لأن "يوروما" أو "يوريما" كانت فى أيام إبراهيم مركزاً سومرياً ومقراً لعبادة "نانار" بينما كانت حاران سامية ومقراً لعبادة الإله "سين" (الشمس). ومع أن هذين المعبودين قد أصبحا معبوداً واحداً فى القرون التالية ، إلا أن الحجة تبدو ضعيفة لأن الناس كانوا يعبدون آلهة أخرى فى تلك المدن وبخاصة فى حاران ، هى حقيقة تذكرنا بما يقوله التلمود من أن تارح عبد ما لا يقل عن اثنى عشر إلهاً . ...
        ويقول البعض أيضاً إن موقعها هو مدينة " أورو" ( مارتو) بالقرب من مدينة سيبار التى كانت مدينة عظيمة فى زمن إبراهيم ، ولكنها فقدت مكانتها فى العصور التالية ، ولعل هذا هو سبب الفشل فى تحديد الموقع فى العصور المتأخرة قبيل العصر المسيحي، .... وأغلب العلماء الآن يؤيدون فكرة أنه "المغير" أكثر من أى موقع آخر . إن من أهم الأعمال المثمرة فى مجال التنقيب والبحث عن الآثار الكتابية، ما تم فى بلدة "المغيّر" التى يعتقد أنها مدينة أور الكلدانيين القديمة موطن إبراهيم».
        وتحت كلمة (شور) تقول دائرة المعارف الكتابية: «هي المنطقة الصحراوية بين فلسطين ومصر، ... ويعتقد بعض العلماء أنه أطلق عليها هذا الاسم نسبة إلي الحائط الجبلي الذي كانت تنتهي به هضبة التيه، كما تُري من السهول الساحلية. بينما يعتقد آخرون أن الاسم مشتق من سلسلة الحصون التي كانت تفصل مصر عن صحراء سيناء، ... والأرجح أنه هو المذكور في الكتاب باسم "إيثام" (خر 13: 20، عد 33 : 8) . كما يقول البعض إن "شور" هي الجرف الأبيض الذي يمتد علي بعد 12 إلي 14 ميلا إلي الشرق من خليج السويس ، والذي مازال يطلق عليه "جبل الشور" (في العربية).»
        وتحت كلمة (حويلة) تقول دائرة المعارف الكتابية: «... كما أن بني إسماعيل "سكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو أشور" (تك 18:25). كما "ضرب شاول عماليق من حويلة حتى مجيئك إلى شور التي مقابل مصر" (1صم 7:15)، وإن كان البعض يرون أن المقصود "بحويلة" هنا هو "تل حخيلة" (1صم 19:23، 1:26و3). ... ويرى الكثيرون أن "حويلة" بلاد العرب ليست هي حويلة جنة عدن، وأنهما مكانان مختلفان لا يعلم موقعهما حتى الآن.»
        ومعنى ذلك أن من حويلة إلى أشور كان يسكنها إسماعيل وأبناؤه، كما سكنها العماليق. وعلى ذلك فهى فى الجزيرة العربية كما بيَّنا من قبل أن إسماعيل ونسله كانوا يقطنونها.
        وتحت (فاران) تقول دائرة المعارف الكتابية: «وهي برية شاسعة في أقصى جنوبي فلسطين، بالقرب من قادش برنيع. ويرجح كثيرون من العلماء أنها كانت تقع في الشمال الشرقي من شبه جزيرة سيناء. ويقول آخرون إنها هي "برية التيه" في وسط هضبة سيناء. ويقول "بينو روتنبرج" (Rothenberg Beno) في كتابه عن "برية الله"، إن "برية فاران" كان الاسم القديم لكل شبه جزيرة سيناء في العصور الكتابية، حيث إننا نقرأ في سفر التثنية (33: 2)، ونبوة حبقوق (3:3) أن الرب جاء أو "تلألأ من جبل فاران "لمعونة شعبه، ويجمع بين فاران وسعير وتيمان. وتقول دبورة النبية: "يا رب، بخروجك من سعير بصعودك من صحراء أدوم" (قض 5: 4)، مما يرجح الظن بأن هذه الأسماء جميعها كانت تطلق على هذه الصحراء الشاسعة، وقد لجأ إليها داود بعد موت صموئيل النبي (1صم 25: 1).»
        ويقول هامش حبقوق 3: 3 فى ترجمة الكتاب المقدس الأمريكى الجديد The New American Bible : «مرتفع فاران فى أرض أدوم أو الجزء الشمالى من صحراء سيناء». إلا أن موسوعة الكتاب المقدس العالمية القياسية The International Standard Bible Encyclopedia قد حددت فاران المتعلقة بحبقوق 3: 3 بأنها «قد تُعرَّف بأنها الجبال التى تحيط بما يُعرف اليوم بوادى عربه». ولم يُطاوعها شيطانها أن تكتب الجزيرة العربية أو الحجاز أو مكة!!
        ويحل الدكتور كمال الصليبى هذه المشكلة بقوله إن (ءدم) أو (إدَّام) تقع جنوب مكة المكرمة. (ص80 هامش 6)
        وأضافت الموسوعة مكانين آخرين: فقالت إنها صحراء على التنكير وتوافق بادية التيه، أو قد تكون منطقة بين إسرائيل وأدوم، وتوافق اليوم قلعة النحل.
        وقالت Encyclopedia Biblica : «إنه من العسير فهم كل النصوص المتعلقة بفاران فى العهد القديم». والسبب طبعًا معروف: إنهم يرفضون نبوة النبى محمد r مهما كان الثمن.
        وتحت كلمة (جبل فاران) تقول دائرة المعارف الكتابية: «وقد يكون المقصود به جبل المغارة على بعد 29 ميلا إلى الجنوب من عين قادس (قادش برنيع) على بعد 130 ميلا إلى الشمال من جبلسيناء، أو سلسلة الجبال الأكثر ارتفاعا وابرز وجودا إلى الغرب من خليج العقبة، إذ الأرجح أن فاران هي ايلة (تث 33: 2، حب 3: 3).»
        وسيقابلنا فى بحثنا هذا ذكر كلمة (عربة) أو (وادى عربة) أو (العربة) ويُقصد بها أرض العرب أو الجزيرة العربية. فقد جاء فى تعريف دائرة المعارف الكتابية مادة (عرب – بلاد العرب (شبه الجزيرة العربية)): «أولاً – في العهد القديم : كلمة "عرب" تعني في اللغات السامية "القفر أو البادية".» وهو نفس التعريف الذى أعطته دائرة المعارف هذه لكلمة (عربة - العربة).
        وتحت كلمة (سعير – ساعير) تقول دائرة المعارف الكتابية: «... موقع ذكر في سفر يشوع (15: 10). فقد أمتد تخم نصيب سبط يهوذا من " بعلة غرباً إلى جبل سعير، وعبر إلى جانب جبل يعاريم من الشمال. هي كسالون". والأرجح أنه كان مرتفعاً من الأرض تغطيه الغابات. ولعله كان جزءاً من سلسلة المرتفعات التي تمتد إلى الشمال الشرقي من ساريس، عبر "قرية العنب" و"بدَّو" إلى هضبة "الجيب". وما زالت توجد بقايا غابة قديمة في ذلك الموقع.
        (3) "جبل سعير"، وهي سلسلة جبال أدوم، وتقع إلى الشرق من وادي عربة وتكاد توازيه. ... ... وهكذا أصبح "سعير" و "جبل سعير" و "أرض سعير" مرادفة "لأدوم" (تك 36: 30، 2أخ 20: 10،25: 11).
        وهناك من يرى أن "سعير" كانت تشمل أيضاً المنطقة الجبلية غربي وادي عربة ... من كل هذه يرى البعض أن "سعير" كانت تشمل على الدوام المنطقة على جانبي وادي عربة. بينما يري آخرون، وبخاصة "جلوك" (Glueck)، أن الكلمة كانت تطلق أصلاً على المنطقة الواقعة شرقي وادي عربة، ولكن عندما انتشر الآدميون غرباً فيما بعد زمن السبي البابلي، امتد اسم "سعير" ليشمل المنطقة الجديدة أيضاً.
        ويرفض البعض الآخر فكرة امتداد اسم "سعير" إلى المنطقة غربي وادي عربة على أساس أن بعض العبارات لا يمكن تحديدها جغرافياً بدقة (تث 1: 2، يش 11: 7، 12: 7). وبعض العبارات الأخرى ما هي إلا عبارات شعرية (تث 33: 2، قض 5: 4). وبذلك لا تبقى سوى عبارة واحدة في تث 1: 44، ولا يمكن البت في الموضوع في ضوء هذه العبارة وحدها.»
        ومن هذا نعلم أن «"سعير" و"جبل سعير" و"أرض سعير" مرادفة "لأدوم"» ويُعنى بها منطقة واحدة سواء كانت شرقى العربة (الجزيرة العربية) أو غربها أو جانبيها على اختلافهم فيها. ونعلم هذا أيضًا من قول سفر التكوين (3وَأَرْسَلَ يَعْقُوبُ رُسُلاً قُدَّامَهُ إِلَى عِيسُوَ أَخِيهِ إِلَى أَرْضِ سَعِيرَ بِلاَدِ أَدُومَ) التكوين 32: 3
        والصحيح فى كلمة أدوم هذه هى دوم، وبدلا من الأدوميين، يجب أن تكون الدوميين، نسبة إلى دومة ابن إسماعيل. وتحت (فاران) تقول دائرة المعارف الكتابية: «ويبدو أن الأدوميين كانوا يقيمون أساساً في العربة» أى فى الصحراء العربية، بالجزيرة العربية.
        وفى الحقيقة إن سعير هذه ما هى إلا عسير بعد إبدال أماكن الحرفين الأوليين، وهى تقع إلى الآن بإقليم الحجاز بالقرب من الساحل الشرقى للبحر الأحمر، ولا تزال مرتفعاتها موجودة إلى الآن، خلافًا لمرتفعات سعير التى لا وجود لها على الخرائط الجغرافية العربية سواء القديمة أو الحديثة.
        وفى تلك المنطقة (عسير) دارت معركة بين العماليق وبين بنى إسرائيل ، وتنطبق جغرافية مكان تلك المعركة تمامًا على منطقى عسير بالجزيرة العربية، مع منطقة سعير المزعومة: (41وَجَاءَ هَؤُلاَءِ الْمَكْتُوبَةُ أَسْمَاؤُهُمْ فِي أَيَّامِ حَزَقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا. وَضَرَبُوا خِيَمَهُمْ وَالْمَعُونِيِّينَ الَّذِينَ وُجِدُوا هُنَاكَ وَحَرَّمُوهُمْ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ, وَسَكَنُوا مَكَانَهُمْ لأَنَّ هُنَاكَ مَرْعىً لِمَاشِيَتِهِمْ. 42وَمِنْهُمْ مِنْ بَنِي شَمْعُونَ ذَهَبَ إِلَى جَبَلِ سَعِيرَ خَمْسُ مِئَةِ رَجُلٍ, وَقُدَّامَهُمْ فَلَطْيَا وَنَعَرْيَا وَرَفَايَا وَعُزِّيئِيلُ بَنُو يِشْعِي. 43وَضَرَبُوا بَقِيَّةَ الْمُنْفَلِتِينَ مِنْ عَمَالِيقَ, وَسَكَنُوا هُنَاكَ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.) أخبار الأيام الأول 4: 41-43 (نبى أرض الجنوب ص119)
        ويوافق الدكتور كمال الصليبى ص31 باقى الباحثين فى أن سعير تقع فى غرب الجزيرة العربية، بل إنها اليوم إحدى مقاطعات المملكة العربية السعودية: «وفى العالم القديم، كان إقليم عسير فى غرب شبه الجزيرة العربية مكان اللقاء للقوافل المحملة بتجارة بلاد حوض المحيط الهندى (الهند، جنوب الجزيرة العربية، شرق أفريقيا) الآتية من اتجاه، والقوافل المحملة بتجارة فارس والعراق وبلاد حوض شرق البحر الأبيض المتوسط (الشام، مصر، عالم بحر إيجه) ...»
        ويقول ص97: «يتحدث الجغرافى اليونانى استرابون عن ذهب غرب شبه الجزيرة العربية، فيصف البلاد الواقعة بين الحجاز واليمن (16: 4: 18) بالقول: ”بالقرب من هؤلاء الناس، هناك أمة أكثر تحضرًا تقطن منطقة أكثر اعتدالاً فى المناخ لأنها أكثر مياهًا وأمطارًا. وهناك يُعثر على ذهب فى باطن الأرض، لا على شكل كتل لا تحتاج إلى كثير من التنقية. وأصغر هذه الكتل الذهبية هى بحجم البندقية، أما أوسطها فبحجم المشملة، وأكبرها بحجم الجوزة ...“ وإشارة استرابون إلى ”المناخ المعتدل“ وإلى ”الأمطار“ فى بلاد شبه الجزيرة العربية التى يصفها لا تدع مجالا للشك فى كونه يتحدث عن عسير.»
        وبالتالى يصدق قول سفر التكوين أن أدوم (أرض الدوميين أحفاد إسماعيل) هى عسير، الواقعة بالجزيرة العربية، ومرادفة لها. مع الأخذ فى الاعتبار أنه جنوب مكة يقع وادى يُدعى إدَّام (ءدم) ، ويُعرف ب إيدمة، جنوب وادى نجران.
        وتحت كلمة (ساليم - شاليم) تقول دائرة المعارف الكتابية: «... وكانت تقع بالقرب من "وادي شوي" أو "وادي الملك". والرأى الغالب عند اليهود أنها هى أورشليم كما يقول يوسيفوس. ....
        مكان كان معروفاً – ولابد – جيداً عندما كتب الرسول يوحنا إنجيله، حيث أنه يحدد موقع "عين نون" التى كان يوحنا المعمدان يعمد فيها ، بأنها كانت "بقرب ساليم" (يو3: 23). ولكن كل هذه الأماكن تبعد كثيراً عن البقعة التى كان يعمل فيها يوحنا المعمدان. ويكفى للاعتراض على ما يراه "كوندر" (Conder) من أنها ساليم الواقعة فى السهل إلى الشرق من نابلس، باعتبار أن "عين نون" هى "عينون" فى وادي فارعة، أن نقول إنها تقع فى قلب السامرة، بالقرب من شكيم، وكانت أولى أن يحدد موقع عين نون بها .
        ويحدد يوسابيوس وجيروم موقع عين نون على ثمانية أميال إلى الجنوب من "سكيثوبوليس" (بيسان) بالقرب من سالومياس والأردن ، أي فى " تل ردغة " على الجانب الشمالي حيث يوجد مقام "الشيخ سليم".»
        وتحت كلمة (حرود – وعين حرود) تقول دائرة المعارف الكتابية: «عين حرود، وهي العين التي نزل بجوارها جدعون ورجاله لمقابلة المديانيين الذين كانوا ينزلون شماليهم عند تل مورة في الوادي. ويظن البعض أن تل مورة يقع بالقرب من مدينة شكيم وأن عين حرود لابد أن تكون بالقرب من تلك المدينة. ولكن ليس ثمة ما يدعو إلى الشك في صحة الرأي الشائع من أن "عين حرود" هي بعينها "عين جلود" ... ولعل هذه العين ـ عين حرود ـ هي ذاتها "العين التي في يزرعيل" التي عسكر بجانبها شاول قبل معركته الأخيرة مع الفلسطينيين في جلبوع ...»
        وعلى ذلك فإن تحديدهم للمواقع الجغرافية مُختلف فيه فيما بينهم. وتؤكد الدراسات الآثارية الحديثة عدم صدق العهد القديم فيما يرويه من أحداث تاريخية مرتبطة بالمواقع الجغرافية المحددة فى الكتاب. كما تبين لنا وجود أكثر من موقع بنفس الاسم لبعض الأماكن، مثل صهيون، وساليم. ويُعتقد أن بنو إسرائيل نقلوا احداثيات الأماكن التى كانوا يقطنون بها فى جنوب الجزيرة العربية (اليمن)، وسموا بها مواقع أخرى فى فلسطين. فقد فتح الفرس بابل سنة 538 ق.م. ، واجتاحوا الشام واحتلوا مصر فى عام 528 ق.م. ، وبذلك وحدوا كل بلاد الشرق الأدنى القديم تحت راية واحدة ، من حدود الهند إلى حوض البحر المتوسط. ووسع الفرس حكمهم ليشمل الكثير من شبه الجزيرة العربية، وإن لم يشملها كلها.
        وكان نجاحهم فى ضبط العراق والشام ومصر قد حوَّلَ مسالك التجارة من الجنوب إلى الشمال، ووجَّه بذلك ضربة قاسية إلى تجارة القوافل العابرة لشبه الجزيرة. حيث كانت هذه القوافل بمثابة العمود الفقرى لحياة الإسرائيليين القاطنين اليمن وشبه الجزيرة العربية. وأصبح الآن للطرق الرئيسية المحروسة التى أنشأها الأخمينيون لتربط بلاد فارس والعراق بمصر عبر الشام تأثير فورى ومباشر فى تحويل مسالك التجارة الرئيسية بعيدًا عن شبه الجزيرة العربية، مما أدى فجأة إلى ركود اقتصادى أصاب شبه الجزيرة العربية وقوافل الجمال بها. وفى نهاية القرن ساهم بناء الفرس لقناة تربط شريط البحر الأحمر بنهر النيل فى تشجيع التجارة البحرية فى ذلك الاتجاه على حساب تجارة القوافل العابرة لشبه الجزيرة العربية.
        وقد أدى هذا الركود إلى عودة40 ألفًا من اليهود عائدين إلى البلاد الفارسية التى نزحوا منها بعد ما خابت آمالهم ، حيث وجدوا كل ما حولهم خرابًا مقفرًا، وذلك على عكس ما كانوا يتصورون. وأما ما تلا ذلك فلا يمكن اكتشافه إلا بالتكهُّن، لأن الرواية التاريخية للتوراة العبرية تنتهى عند هذه النقطة، وينتهى معها تاريخ بنى إسرائيل الذين زالوا من الوجود كشعب. ويُحتمل أن يكون معظم العائدين فى المرحلة الأخمينية الفارسية إلى شبه الجزيرة قد عادوا أدراجهم مرة أخرى إلى بلاد فارس والعراق. (الترواة جاءت من جزيرة العرب ص42-43)
        وفى الوقت الذى نجدهم يؤكدون معلومة جغرافية مثل موقع سدوم وعمورة، فى دوائر المعارف العربية، وأخص بالذكر دائرة المعارف الكتابية، نجد أن دوائر المعارف العالمية تؤكد عدم معرفتهم لهذا الموقع.
        ففى الوقت الذى تذكر فيه النسخة العبرية للعهد القديم (تكوين 13: 12) أن موقع قوم لوط هو (مُدن الدائرة) ، تعتقد النسخة السامرية أنهم كانوا يسكنون مدن (أبرح). وتؤكد دائرة المعارف الكتابية أنهم كانوا يسكون الجزء الجنوبى من البحر الميت. وتؤكد موسوعة Bakar الكتابية الحديثة ج2 ص1975، وكذلك دائرة معارف Zondervan ج2 ص775، عدم معرفة العلم لموقع سدوم وعمورة ، وأن كل ما هناك هو تخمينات وافتراضات غير مدعمة بالأدلة العلمية المقنعة. (نبى أرض الجنوب ص35-36)
        ويخلص الدكتور كمال الصليبى فى كتابه سابق الذكر ص50-51 إلى قوله: «والحقيقة الساطعة هى أن الأراضى الشمالية للشرق الأدنى قد مسحت وحفرت من قبل أجيال متوالية من علماء الآثار، من أقصاها إلى أقصاها، وأن بقايا العديد من الحضارات المنسية قد نُبشت من تحت الأرض ودُرست واُرخت، فى حين أنه لم يُعثر فى أى مكان على أثر واحد يمكنه أن يُصنَّف جديًا على أنه يتعلق مباشرة إلى أى حدَّ بالتاريخ التوراتى. وأكثر من ذلك فإن التوراة العبرية تذكر الآلاف من أسماء الأمكنة، وليس بين الأسماء هذه أكثر من قلة قليلة تماثلت لغويًا مع أسماء أمكنة فى فلسطين، مع العلم أن أسماء الأمكنة هناك، مثلها مثل أسماء الأمكنة فى كل أنحاء الشام، هى فى معظمها أسماء عريقة جدًا فى القدم، وهى فى معظمها كنعانية وآرامية فى بنيتها، وليست عربية. وحتى فى الحالات القليلة التى تحمل فيها مواقع فلسطينية أسماء توراتية، فإن الاحداثيات المعطاة فى النصوص التوراتية للأماكن التى تحمل هذه الأسماء، فى إطار الموقع أو المسافة المطلقة أو النسبية، لا تنطبق على المواقع الفلسطينية. وفى حالة بارزة (وهى حالة بئر سبع الفلسطينية، انظر الفصل 4)، فإن بلدة يظهر اسمها ببروز فى الروايات الآبائية لسفر التكوين، وبالتالى يُفترض أن تعود أصولها إلى أواخر العصر البرونزى على الأقل، لم يعثر فيها إلا على مواد أثرية تعود بتاريخها إلى المرحلة الرومانية على أبعد حد. وقد اضطر علماء الآثار فى السنين الأخيرة إلى التنقيب على بعد خمسة كيلومترات تقريبًا عن بئر السبع للعثور على مواد أثرية يعود عهدها إلى زمن التوراة، دون أن يعثروا على أى برهان قاطع بأن لهذه المواد أقل علاقة بالتوراة أو بتاريخ بنى إسرائيل.»
        «أضف إلى ذلك أن التوراة تذكر طيورًا كثيرة بأسمائها، ولا تأتى إطلاقًا على ذكر الأوز أو الدجاج. ويفيد الجغرافى اليونانى استرابون الذى توفى عام 23 للميلاد (انظر كتابه «الجغرافيا»، 16: 4: 2) أن الأوز و«فصيلة الدجاج» لم يكن لهما وجود حتى زمانه فى مناطق شبه الجزيرة العربية «المقابلة للحبشة»، وقد اعتبر ذلك أمرًا جديرًا بالملاحظة.» (التوراة جاءت من جزيرة العرب ص67)
        أضف إلى ذلك أيضًا ذكر سفر اللاويين 11: 29 السحلية الكبيرة من الحيوانات النجسة، المحرم أكلها، وذُكرت باسم «الصب»، ومثل هذه السحلية تُدعى فى فلسطين باسم (الورل)، بينما تُدعى فى البادية العربية باسم «الضب». الأمر الذى يؤكد عدم معرفة كتَّاب هذه الأسفار بجغرافية الأماكن التى عاش فيها آباؤهم، وجرت فيها الأحداث الأولى، التى يرسمونها فى كتابهم. (المرجع السابق ص67)
        وفى إشارة جميلة إلى عدم معرفة كتاب ما يسمونها التوراة بجغرافية الأماكن التى عاش فيها آباؤهم يقول الدكتور كمال الصليبى ص30: «.. ولكن العودة إلى تمحيص الدليل التوراتى المذكور تدل على أن ما تشير إليه التوراة العبرية باعتباره آرام (ءرم) كان موجودًا فى الواقع فى غرب شبه الجزيرة العربية. و"آرام النهرين" (ءرم نهريم، سفر التكوين 24: 10 .. إلخ)، مثلا، لم تكن بلاد ما بين النهرين، أى العراق، بل قرية "النهارين" وهى اليوم فى منطقة الطائف فى جنوب الحجاز. ويتبع ذلك أن "فدان آرام" (فدن ءرم، سفر التكوين 28: 2 .. إلخ) كانت قرية الدفينة (وبلا تصويت دفن) فى جنوب الحجاز، وليست مكانًا فى بلاد ما بين النهرين.»
        وانطلاقًا من هنا، وبعد أن علمنا تخبطهم فى جغرافية كتابهم، وأن الأمر لا يعدو بالنسبة لهم غير تخمينات، غالبًا لا يصدقها العلم الحديث، كان لا بد لنا من البحث عن موقع نبى الله إبراهيم u ومكان سكناه بعد خروجه من مصر، حيث سيفيدنا هذا فى تحديد مكان البيت الذى سجد فيه، والبئر الذى فجره الله تحت أقدام إسماعيل، وكذلك مكان سكنى سارة وإسحاق واخوته.
        * * *

        تعليق

        • abubakr_3
          مشرف عام

          • 15 يون, 2006
          • 849
          • مسلم

          #19
          أين تقع أرض الجنوب؟
          إن الكلام عن مكة لا يمكن أن يأتى منفصلا عن باقى المناطق الجغرافية المتاخمة لها من كل جهاتها. ولا يمكن أن يأتى منفصلا عن الأحداث التاريخية للشعوب السابقة والمجاورة، التى سكنت هذه المناطق. وبما أن النبى محمد r من ذرية إبراهيم u عن طريق ابنه إسماعيل u مرورًا بقيدار، رأس قبيلة قريش، فسوف نهتم بكل المناطق الجغرافية التى سكنها إبراهيم u أبو الأنبياء وذريته.
          يظن اليهود والمسيحيون أن إبراهيم u كان يسكن مع سارة وهاجر وابنهما إسماعيل فى فلسطين، وعندما أنجبت سارة ابنها إسحاق، أخذها الطمع فى أن يرث ابنها كل شىء، فقررت طرد هاجر وابنها. وعلى ذلك أطاع إبراهيم u قول زوجته صاغرًا، بع أن أيَّد الرب ظلم سارة لهاجر، ولم ينقلهما إلى بيت فى قرية مجاورة، بل نفاهما إلى فاران، ويضعونها فى صحراء سيناء. مع الأخذ فى الاعتبار أنهم لا يعرفون موضع (جرار) على وجه اليقين، وكل ما هناك تخمينات، كما تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (جرار).
          وعلى الرغم من عدل إبراهيم u مع باقى أبنائه من إيمائه (سراريه)، فقد أعطاهم عطايا وصرفهم ليستقل كل منهم بذاته، ومنعًا لوجود مشاحنات، إلا أن كتابهم أبى أن يسجل أنه أعطى إسماعيل (ابنه كما بيَّنَّا من قبل من زوجته هاجر) شيئًا بالمرة. (6وَأَمَّا بَنُو السَّرَارِيِّ اللَّوَاتِي كَانَتْ لإِبْرَاهِيمَ فَأَعْطَاهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَطَايَا وَصَرَفَهُمْ عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِهِ شَرْقاً إِلَى أَرْضِ الْمَشْرِقِ وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ.) تكوين 25: 6
          وهو نفس تشريع الرب الذى جاء ذكره فيما بعد فى سفر التثنية: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
          إن رحل نبى الله إبراهيم u من مصر، وبالتحديد من سيناء كانت إلى الجنوب، والمسمَّاة بأرض الجنوب. فيقول سفر التكوين: (1فَصَعِدَ أَبْرَامُ مِنْ مِصْرَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُ وَلُوطٌ مَعَهُ إِلَى الْجَنُوبِ. 2وَكَانَ أَبْرَامُ غَنِيّاً جِدّاً فِي الْمَوَاشِي وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ. 3وَسَارَ فِي رِحْلاَتِهِ مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى بَيْتِ إِيلَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ خَيْمَتُهُ فِيهِ فِي الْبَدَاءَةِ بَيْنَ بَيْتِ إِيلَ وَعَايَ 4إِلَى مَكَانِ الْمَذْبَحِ الَّذِي عَمِلَهُ هُنَاكَ أَوَّلاً. وَدَعَا هُنَاكَ أَبْرَامُ بِاسْمِ الرَّبِّ.) تكوين 13: 1-4 (نسخة فاندايك)
          وتقولها الطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين: (1فصَعِدَ أَبْرامُ مِن مِصْرَ هو واَمرَأَتُه وكُلُّ ما له، ولوطٌ مَعه، إِلى النَّقَب. ... 3فمَضى بِمَراحِلِه مِنَ النَّقَبِ إِلى بَيتَ إِيل)
          وتقولها الترجمة العربية المشتركة: (فصَعِدَ أبرامُ مِنْ مِصْرَ إلى صحراءِ النَّقبِ، هوَ واَمْرَأتُهُ ولُوطَ وكُلُّ ما يَملِكُ. .... 3وأخذَ يَرتَحلُ مِنَ النَّقَبِ إلى بَيتِ إيلَ)
          ونفهم من هذا النص أن إبراهيم خرج من مصر (من سيناء) إلى الجنوب، أو صحراء النقب أو صحراء الجنوب. أى كان اتجاهه إلى الجنوب رأسًا، وليس إلى الجنوب الشرقى أو الغربى. وأن الطبعات المختلفة لسفر التكوين توافق على أن الجنوب هو صحراء النقب، وأنه خرج متجهًا إلى بيت إيل أى بيت الله. الأمر الذى يعنى أنه كان هناك بيتًا لله مبنيًا يعرفه إبراهيم u، ويتجه إليه. ولم يُبن بيت قبل إبراهيم u غير نبى الله نوح u.
          وبما أنه خرج من شبه جزيرة سيناء ، فلا بد أن يكون الجنوب هو الجزيرة العربية، وليس أرض كنعان ـ أو فلسطين على وجه التحديد ـ كما يدعى بنو إسرائيل فى كتابهم.
          وتحت كلمة (جنوب) تقول دائرة المعارف الكتابية: إنها «"النقب" ومعناها فى العبرية "جاف او يابس" وصفا للمنطقة الصحراوية او شبه الصحراوية الواقعة في ذلك الاتجاه بالنسبة لارض اسرائيل.
          [وتعنى أيضًا] "اليمن" او اليمين إشارة إلي ان المواجه لشروق الشمس، يكون هذا الاتجاه إلي يمينه، ومن ذلك جاء اسم "اليمن" الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية (انظر 1صم 23: 19 و24 مز 89: 12)»
          وتحت كلمة (عرب – بلاد العرب (شبه الجزيرة العربية)) فقد جاء فى تعريف دائرة المعارف الكتابية مادة : «أولاً – في العهد القديم : كلمة "عرب" تعني في اللغات السامية "القفر أو البادية".» وهو نفس التعريف الذى أعطته دائرة المعارف هذه لكلمة (عربة - العربة).
          وتحت كلمة (عربة – العربة) تقول دائرة المعارف الكتابية: «"عربة" كلمة سامية تعني القفر أو البادية أو البرية أو السهل، وقد تُرجمت هكذا في مواضع كثيرة في الكتاب المقدس (انظر مثلاً أي 24: 5 ، 39: 6 ، مز 68: 6 ، إش 33: 6 ، 35: 1 و 6 ... إلخ ) .
          ونفهم من نص (تكوين 13: 1-4) أيضًا أن إبراهيم رجع إلى المكان الذى كان فيه من قبل وبنى فيه بيتًا للرب، وهو المسمَّى بيت إيل. وهذا المكان يرتبط إرتباطًا وثيقًا بالبيت الذى بناه نوح للرب. (4وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ .... عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ. .... 20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ.) تكوين 6: 4 و20
          وتقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (أراراط): «يطلق هذا الاسم على هضبة جبلية في غربي أسيا ، ..... وقد ترجمت كلمة "أراراط" المذكورة في (2مل 19: 37، إش 37: 38 )، في ترجمة الملك جيمس، الانجليزية، بأرمينية وهى ترجمة صحيحة ، لأن هذا هو اسم الاقليم الآن. ... ويذكر الكتاب (تك 8: 4) أن الفلك استقر على "جبال أراراط" أي الإقليم الجبلي من أرمينية ، وذكر أراراط هنا بصيغة الجمع مما يدل على أن الإشارة هنا ليست إلى قمة جبل أراراط ، فهي قمة بركانية تقع بعيداً عن الإقليم الرئيسي .... ويسميها الأرمينيون "ماسيس" ، ولكنهم يعتقدون أن نوح قد دفن في ناكيتشيفان بالقرب من قاعدة الجبل.
          .... ولعل جبال أراراط التي استقر عليها الفلك هي جبال كوردش التي تفصل أرمينية على بلاد النهرين وكردستان ، ويسمى في القصص البابلية بجبل "نيزير" ويقع شرقي أشور، ويذكر بروزس أنه كان يقع في جبل "الأكراد"، واسمه في الترجمة السريانية جبل "هاردو" بدلاً من أراراط (تك 8: 4). وما زال الأكراد يعتبرون جبل "حودي" الذي يقع على الحدود بين أرمينية وكردستان، هو المكان الذي استقر عليه الفلك.
          وتكثر في أرمينية الكتابات المنقوشة على الصخور والمذابح الحجرية والأعمدة، ولم تتم حتى الآن ترجمتها بدقة ، وهي مكتوبة بالخط المسماري، وكل حرف منها، له خاصية صوتية معينة مرتبطة به، ولقد ساعد وجود رموز تصويرية على فك ألغاز هذه النقوش، ويقول "سايك" ان هذه الكتابة المقطعية، جاءت من أشور بعد أن غزاها شلمناصر الثاني في القرن التاسع قبل الميلاد.»
          نفهم من ذلك أنهم لم يعثروا على الفلك فى الأماكن التى اقترحوها، وأنهم لا يعرفون مكان استواء الفلك على وجه التحقيق، وإنما لا يعدو الأمر غير افتراضات يتخيلونها. وأن الأكراد يقولون إن الفلك استوت على جبل (حودى)، وهو يقع على الحدود بين أرمينية وكردستان، وتقول القصص البابلية إن الجبل يقع شرق أشور. وشور هذه هى أشور، وهى مكان سكنى إسماعيل وأمه. وعلى ذلك فالجبل الذى استوى عليه الفلك فى مكة، وهو جبل الجودى، كما جاء فى القرآن، وكما يقول الأكراد، وكما تقول القصص البابلية القديمة.
          فتقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (شور): «"وطريق شور" (تك 16 : 7) – حيث وجد الملاك هاجر علي عين الماء في البرية – كان طريقا للقوافل ، يمتد من بير سبع إلي مصر. وفي وقت من الأوقات سكن إبراهيم بين "قادش وشور" (تك 20: 1) ، كما أنها كانت موطن الاسماعيليين الذين "سكنوا من حويلة إلي أشور التي أمام مصر حينما تجيء نحو أشور" (تك 25: 18). كما أن العمالقة الذين ضربهم شاول الملك ، ضربهم "من حويلة حتى مجيئك إلي أشور التي مقابل مصر" (1صم 15: 7). وصعد داود ورجاله و"غزوا الجشوريين والجرزيين والعمالقة لأن هؤلاء من قديم سكان الأرض من عند شور إلي أرض مصر" (1 صم 27: 8).»
          فإذا كانت شور أمام مصر، فلا بد أن تكون هى المملكة العربية السعودية، وليست الضفة الغربية لنهر دجلة. وإذا كان موطن العمالقة والإسماعيليين وهاجر بالقرب من بئر ماء دعاه الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص (بئر الحى الناظر)، فلا يوجد بئر فُتحَ بمعجزة لإسماعيل وهاجر غير بئر زمزم، فلا بد أن هذه المنطقة كانت مكة. وبالتالى يثبت أن فاران مكان سكنى إسماعيل هى مكة، التى فجر الله تعالى بقدرته بئر زمزم عند بيته الحرام.
          وهذا ما تؤيده دائرة المعارف الكتابية مادة (إبراهيم): «ومن هناك انتقل إبراهيم إلى قادش وتغرب في جرار حيث حذر الرب أبيمالك ملك جرار من أن ينجس سارة، بل أمره أن أن يطلب من إبراهيم كنبي أن يصلي من أجله، وقد أجزل أبيمالك العطاء لإبراهيم فاتسعت ثروته (تك 20: 1-18). ولد إسحق الوارث الموعود به من سارة عندما كان إبراهيم ابن مئة سنة، وعلى خلاف العادات السائدة، أمر الله إبراهيم أن يطرد هاجر مع ابنها إسماعيل، الذي كان يسخر من إسحق، وقد فعل إبراهيم ذلك على مضض منه، وقد أنقذ الله هاجر وإسماعيل بمعجزة منه، وسكن إسماعيل في برية فاران، وأعطاها الله الوعد بأن إسماعيل سيصير أمة عظيمة. وبعد ذلك عقد إبراهيم معاهدة مع أبيمالك لكي يضمن حقوقه في بئر سبع كمستقر له (تك 21: 1-34).»
          ولا يوجد بئر فُتح بمعجزة فى التاريخ كله غير بئر زمزم هذا. وعلى ذلك يجب البحث عن هذا البئر الذى يسميه الكتاب بئر سبع، والذى أوجده الله تعالى بمعجزة منه، إنقاذًا لإسماعيل وأمه.
          ولا يختلف معنا علماء الكتاب الذى تقدسه على أن إسماعيل نشأ وترعرع فى منطقة فاران، وهى مكة بالجزيرة العربية، وتفرَّع نسله وسكنوا الجزيرة العربية، والتى تُعرف باسم أرض الجنوب. وأصبحوا من التجار والرعاة على اختلاف قبائلهم. فمنهم العمالقة، ومنهم المديانيون ، ومنهم الأدوميون، ومنهم العرب، ومنهم القيداريون (نسبة لقيدار)، وغيرهم من أبناء وأحفاد إبراهيم وإسماعيل عليهم السلام.
          فتحت كلمة (عماليق - عمالقة) تقول دائرة المعارف الكتابية: «موطنهم: كان العمالقة شعباً بدوياً، يتجولون في المنطقة ما بين شمالي سيناء والنقب جنوبي كنعان، إلى الجنوب من بئر سبع بما في ذلك منطقة العربة إلى الشمال من إيلات وعصيون جابر، وربما إلى بعض الأجزاء الشمالية من شبه جزيرة العرب. ونقرأ أن شاول الملك ضرب "عماليق من حويلة حتي مجيئك إلى شور التي مقابل مصر" (1 صم 15: 7). ويبدو أنها نفس المنطقة التي كان يسكنها قبلاً بنو إسماعيل الذين "سكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجئ نحو أشور" (تك 25: 18).
          .... زحفوا شرقاً واختلطوا بالقبائل العربية في شمالي شبه جزيرة العرب .
          .... ولهذا السبب يوصي بني إسرائيل بإنهم عندما يستقرون في أرض كنعان ، عليهم أن يمحوا "ذكر عماليق من تحت السماء " (تث 25: 17-19) .
          وعندما أرسل موسى - من برية فاران - الجواسيس، وجدوا "أن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جَّداً .. والعمالقة ساكنون في أرض الجنوب" (النقب). ثم قالوا: "لا نقدر أن نصعد إلى الأرض لأنهم أشد منا"، وذلك رغم ما قاله كالب ويشوع من أنهم قادرون عليها لأن الرب معهم (عد13: 25-33، 14: 7-9) . وأعلن الرب غضبه على الجماعة لتمردهم وعدم اتكالهم عليه . ثم اندفعوا من ذواتهم - رغم تحذير موسى لهم لأن العمالقة والكنعانيين هناك (عد 14: 25) - وتجبروا وصعدوا إلى رأس الجبل، "وضربوهم وكسروهم إلى حرمة" (عد 14: 39 45).
          "وعمل بنو إسرائيل الشر في عيني الرب ، فدفعهم الرب ليد مديان سبع سنين وإذا زرع إسرائيل كان يصعد المديانيون والعمالقة وبنو المشرق . . . وينزلون عليهم ويتلفون غلة الأرض إلى مجيئك إلى غزة ، ولا يتركون لإسرائيل قوت الحياة ولا غنماً ولا بقراً ولا حميرا " (قض 6: 1-4) .
          مع الأخذ فى الاعتبار أن المديانيين هم الإسماعيليون. وفى ذلك تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (مديان – المديانيون) «... وهو اسم الابن الرباع لإبراهيم من زوجته قطورة (تك 25: 2، 1 أخ 1: 32). ...... وكان التجار الذين اشتروا يوسف بعد إخراجه من البئر، قافلة تجار مديانيين، كما يوصف بأنهم إسماعيليون، إذ يبدو أنه قد حدث تزاوج واسع بين المديانيين والإسماعيليين، واختلط القبيلتان (تك 37: 25- 28و 36، انظر أيضاً قض 8: 24).
          وقد لعبت أرض مديان دوراً هاماً في حياة موسي. فبعد ان قتل موسي الرجل المصري، هرب من وجه فرعون إلي أرض مديان، وجلس عند البئر (خر 2: 11- 15)، وهناك تقابل مع بنات يثرون كاهن مديان، الذي كان له سبع بنات، فأعطي يثرون موسي ابنته صفورة زوجة. وعمل موسي راعياً لغنم حميه. وبينما كان يرعي غنم يثرون، ساق الغنم إلي وراء البرية، وجاء إلي جبل الله حوريب، وهناك "ظهر له ملاك الرب بلهيب نار من وسط عليقة" (خر 3: 2)، وارسله الله لإخراج شعبه من مصر.»
          وأن جبل حوريب الذى كلم الله تعالى فيه نبيه موسى u لم يُعثر له حتى الآن على أثر فى سيناء. وفى ذلك يقول الدكتور كمال الصليبى فى رائعته الجغرافية (التوراة جاءت من جزيرة العرب) ص70: «واستنادًا إلى القرآن الكريم (20: 12 و79: 16) فإن دعوة السماء لموسى حصلت فى ”الوادى المقدس“ طوى. وحتى الآن جرى البحث على جبل حوريب التوراتى فى سيناء ولم يُعثر عليه هناك بهذا الاسم. وقد فُهم لهب العليقة التى ”تتوقد بالنار، والعليقة لم تكن تحترق“ على أنه إشارة إلى بركان، ولكن لم يُعثر على أية أثار لأية نشاطات بركانية فى سيناء. وهذا ما جعل الباحثين ينثنون عن سيناء إلى البحث عن جبل حوريب فى المناطق البركانية فى شمال الحجاز (انظر كريلينج ص 108-110)، ولكن كذلك دون جدوى. ولكن القرآن يقول لنا بالدقة أين كان حوريب، فهو مرتفع جبلى فى الجهة البحرية من عسير، ويسمى اليوم جبل هادى. وعلى سفح جبل هادى هناك قرية مازالت تُدعى حتى الآن ”الطُّوَا“ يمكن أن تكون قد أعطت اسمها ذات يوم إلى رافد مجاور يصب فى وادى بقرة، ولا بد أن هذا الرافد هو ”الوادى المقدس طوى“ المذكور فى القرآن. وفى وادى بقرة توجد هناك حتى اليوم قرية تُدعى حارب (حرب بلا تصويت) لا بد أن تكون قمة جبل هادى المجاورة قد أخذت اسمها التوراتى منها. والمنطقة موضوع البحث بأسرها مفروشة بحقول الحمم، والواضح أنه كانت هناك ذات يوم براكين ناشطة.»
          وأكمل فى الهامش ص70-71 قائلا: «هناك أيضًا دليل توراتى على تعريف جبل هادى فى عسير الساحلية بأنه جبل حوريب التوراتى. واستنادًا إلى سفر التثنية 1: 1 فإن موسى ”كلم جميع إسرائيل .. فى البرية فى العربة (عربه) قبالة سوف بين فاران (فءرن) وتوفل (تفل) ولابان (لبن) وحصيروت (حصرت) وذى ذهب (دى زهب)“ والموقع المشار إليه هو منخفض وادى غرابة (غربة) الذى يفصل بين بلاد غامد وبلاد زهران. وهناك قرية تُسمى الصفا (صف، قارن مع سوف) تُشرف على وادى غرابة هذا من الشمال. ويقع الوادى أيضًا بين فءرن (جبل فَران، أو فرن) فى الشرق، وتفل (وادى طفالة، أو طفل) فى الجنوب. ولبن هى اليوم قرية البن (ءل – بن) فى الشمال، ودى زهب هى آل ذهيب (ذهب، مع تكول ”ذى“ إلى ”آل“. والمفهوم واحد)، وهى فى الشمال أيضًا، وحصرت هى اليوم الحظيرة (حظرت) فى الغرب (إلا إذا كانت على جبل خضيرة، أو خضرت، الذى هو أيضًا فى الغرب). ويُلاحظ أن اسم موسى التوراتى مازال يوجد هو أيضًا فى الواقع فى الجوار نفسه، وهو قرية "الموسى". ويقول سفر التثنية 1: 2 أن المكان كان على بعد "أحد عشر يومًا من حوريب". ومسافة الطريق بين جبل هادى ووادى غرابة تتراوح بين 200 و250 كيلومترًا، ويمكن قطعها سيرًا على القدمين فى أحد عشر يومًا، بالسير بسرعة 20 كيلومترًا فى اليوم.»
          وبعد أن استقر الفلك، بنى نوح بيتًا للرب: (4وَاسْتَقَرَّ الْفُلْكُ فِي الشَّهْرِ السَّابِعِ فِي الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ عَلَى جِبَالِ أَرَارَاطَ. ... 20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ.) تكوين 8: 4 و20
          وعاش نوح وبنوه مدة من الزمن ثم ارتحلوا شرقًا إلى أرض شنعار: (2وَحَدَثَ فِي ارْتِحَالِهِمْ شَرْقاً أَنَّهُمْ وَجَدُوا بُقْعَةً فِي أَرْضِ شِنْعَارَ وَسَكَنُوا هُنَاكَ) تكوين 11: 2
          وتحت (شنعار) تقول دائرة المعارف الكتابية: «يطلق اسم شنعار- في العهد القديم – علي السهل الغريني بين نهري الدجلة والفرات ، والذي عرف بعد ذلك باسم بابل .» أى إنها كل أرض بلاد فارس ، ما بين دجلة والفرات.
          ولو كانت شنعار هى العراق، وجبل أراراط هو الجبل الذى استقر عليه الفلك لكان لزامًا على الكتاب أن يقول اتجهوا غربًا، وليس شرقًا، لأن أراراط فى أرمينيا. ولكن يبدو أن المحرِّف نسى أن يُحرِّف أيضًا هذه النقطة.
          فمن الممكن أن يكون اسم الجبل (أريوراط) أى الجبل المقدس فى الأرض المقدسة، التى يُطلقون عليها قادش (= قادس). ولطالما أنهم ارتحلوا شرقًا ليكونوا فى العراق، فلا بد أن يكون مكان سكناهم قبل ذلك غرب المكان الذى وصلوا إليه وهو الجزيرة العربية، حيث بنى نوح بيتًا للرب، وهو نفس البيت ، الذى سجد فيه إبراهيم وإسماعيل قبل أن يهمَّ الأب بذبح ابنه: (5فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِغُلاَمَيْهِ: «اجْلِسَا أَنْتُمَا هَهُنَا مَعَ الْحِمَارِ وَأَمَّا أَنَا وَالْغُلاَمُ فَنَذْهَبُ إِلَى هُنَاكَ وَنَسْجُدُ ثُمَّ نَرْجِعُ إِلَيْكُمَا».) تكوين 22: 5
          ومعنى ذلك أن إبراهيم يعرف مكانًا مقدسًا للسجود لله، فأخذ ابنه وذهب إلى هناك ليصليا. وهذا المكان ”المريا“ يقع فى فاران (تكوين 21: 21) ، التى ترك فيها إبراهيم ابنه إسماعيل وزوجته هاجر، وكان عمر إسماعيل وقتها 16 عامًا ، حيث إن فارق العمر بين إسماعيل وإسحاق هو 14 سنة، وابتعدت هاجر عن سارة بعد فطام إسحاق u. (8فَكَبِرَ الْوَلَدُ وَفُطِمَ. وَصَنَعَ إِبْرَاهِيمُ وَلِيمَةً عَظِيمَةً يَوْمَ فِطَامِ إِسْحَاقَ. 9وَرَأَتْ سَارَةُ ابْنَ هَاجَرَ الْمِصْرِيَّةِ الَّذِي وَلَدَتْهُ لإِبْرَاهِيمَ يَمْزَحُ 10فَقَالَتْ لإِبْرَاهِيمَ: «اطْرُدْ هَذِهِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا لأَنَّ ابْنَ هَذِهِ الْجَارِيَةِ لاَ يَرِثُ مَعَ ابْنِي إِسْحَاقَ».) تكوين 21: 8-10
          وقد سُميَّت فاران نسبة إلى الفارّ (أى الذى فرَّ وهرب) إسماعيل، والفارَّة هاجر، وجمعهما الفارَّان, وقد ذكرها الكتاب المقدس طبعة 1622 بكلمة «أرض العبادة» بدلاً من لفظ "المريا". وذكرتها الترجمة السامرية بكلمة «الأرض المقدسة». وهى بالطبع لم تكن أرض فلسطين التى لم تُصبح مقدسة إلا بعد زمن إبراهيم ب 1000 عام، عندما شرع داود فى إقامة الهيكل.
          ولك أن تتخيل بعد ذلك قول سفر التكوين أن هاجر كانت تحمل الغلام ، ليتأكد لك تحريفهم لهذه القصة، وادعاء خصومة بين هاجر وسارة، وطرد إبراهيم u لهاجر وابنها ليخرجوا إسماعيل من ميراث النبوة: (14فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَأَخَذَ خُبْزاً وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعاً إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ. 15وَلَمَّا فَرَغَ الْمَاءُ مِنَ الْقِرْبَةِ طَرَحَتِ الْوَلَدَ تَحْتَ إِحْدَى الأَشْجَارِ 16وَمَضَتْ وَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ بَعِيداً نَحْوَ رَمْيَةِ قَوْسٍ لأَنَّهَا قَالَتْ: «لاَ أَنْظُرُ مَوْتَ الْوَلَدِ». فَجَلَسَتْ مُقَابِلَهُ وَرَفَعَتْ صَوْتَهَا وَبَكَتْ. 17فَسَمِعَ اللهُ صَوْتَ الْغُلاَمِ. وَنَادَى مَلاَكُ اللهِ هَاجَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَقَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا هَاجَرُ؟ لاَ تَخَافِي لأَنَّ اللهَ قَدْ سَمِعَ لِصَوْتِ الْغُلاَمِ حَيْثُ هُوَ. 18قُومِي احْمِلِي الْغُلاَمَ وَشُدِّي يَدَكِ بِهِ لأَنِّي سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً عَظِيمَةً». 19وَفَتَحَ اللهُ عَيْنَيْهَا فَأَبْصَرَتْ بِئْرَ مَاءٍ فَذَهَبَتْ وَمَلَأَتِ الْقِرْبَةَ مَاءً وَسَقَتِ الْغُلاَمَ. 20وَكَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ وَسَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ.) تكوين 21: 14-20
          فهل يُحمل الغلام ابن ستة عشر عامًا؟
          وهل نبى الله وأبو الأنبياء مسلوب الشخصية والإرادة يطرد ابنه الذى تمناه عمره كله، وأمه ويتركهما فى الصحراء دون أدنى رحمة إلا إذا كان الله قد أمره بذلك لحكمة عنده؟ أليست هذه الحكمة هى إخراج نبى من نسل إسماعيل تنفيذًا لمراد الله فى البركة التى وعد بها إبراهيم فى إسماعيل وإسحاق؟
          والغريب أن الرب نفسه يؤيِّد إرادة سارة ورغبتها مرة أخرى فى النيل من هاجر وابنها!!
          والأغرب من ذلك أن يتصور إنسان أن إبراهيم u كان يسكن فى فلسطين، ثم اصطحب هاجر وإسماعيل حتى فاران (أينما كان موقعها) تاركًا زوجته سارة وابنها إسحاق، وعبيده وماشيته، لمدة شهور ذهابًا وإيابًا.
          أليس من المنطق أن يفصل بينهما فى مكانين مختلفين ، بحيث يكونوا كلهم تحت عينيه، ليقوم بكل واجباته الأبوية والزوجية ، ويُباشر أعماله؟
          هل من المنطق أن يفصل إبراهيم u كرجل أعمال بين زوجتين مسافة تُقدَّر بآلاف الكيلومترات (على خريطة الكتاب المقدس حوالى 6500 كم جوًا)، وهو الذى كان يحرص على التجارة والمكسب، حتى إن الكتاب أظهره بمظهر الديُّوث الذى باع شرف زوجته سارة ليحصل من فرعون على ماشية وأبقار وغيره؟ (11وَحَدَثَ لَمَّا قَرُبَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ أَنَّهُ قَالَ لِسَارَايَ امْرَأَتِهِ: «إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ امْرَأَةٌ حَسَنَةُ الْمَنْظَرِ. 12فَيَكُونُ إِذَا رَآكِ الْمِصْرِيُّونَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: هَذِهِ امْرَأَتُهُ. فَيَقْتُلُونَنِي وَيَسْتَبْقُونَكِ. 13قُولِي إِنَّكِ أُخْتِي لِيَكُونَ لِي خَيْرٌ بِسَبَبِكِ وَتَحْيَا نَفْسِي مِنْ أَجْلِكِ». 14فَحَدَثَ لَمَّا دَخَلَ أَبْرَامُ إِلَى مِصْرَ أَنَّ الْمِصْرِيِّينَ رَأَوُا الْمَرْأَةَ أَنَّهَا حَسَنَةٌ جِدّاً. 15وَرَآهَا رُؤَسَاءُ فِرْعَوْنَ وَمَدَحُوهَا لَدَى فِرْعَوْنَ فَأُخِذَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ 16فَصَنَعَ إِلَى أَبْرَامَ خَيْراً بِسَبَبِهَا وَصَارَ لَهُ غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَحَمِيرٌ وَعَبِيدٌ وَإِمَاءٌ وَأُتُنٌ وَجِمَالٌ.) تكوين 12: 11-16
          وهل من المنطق أن يفصل إبراهيم u كنبى بين زوجتين مسافة تُقدَّر بآلاف الكيلومترات ، وهو يعلم أن عمله الأساسى الدعوة وتربية المجتمع المرسل إليه وتعليمه شرع الله، ويضيع وقته بين زوجتين ويُرهق نفسه فى زيارة دورية لكل منهما؟ أم تريدون أن تُظهروه بمظهر الرجل منعدم الرحمة ، لا يتحمل المسئولية الشخصية ، فبالله عليكم كيف سيتحمل مسئولية أمة كاملة؟ وبما استحق على تصوير كتابكم له أن يكون أبو الأنبياء؟
          أليس من الإيمان الاعتراف بأنهم كانوا يسكنون كلهم بالقرب من بعضهما البعض لتُحقق نبوءة الرب فى أن إسماعيل سيعيش أمام اخوته؟ (12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ».) تكوين 16: 12
          ومعنى أنه ستكون يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه أنه ستكون له القيادة على جميع اخوته، وأن اخوته يشاركونه فى هذه القيادة. وهذا هو الذى جعل إسحاق u أن يرسل إليه ليُعلمه أنه فى انتظاره ليدفنا أبيهما.
          ألا يُظهر هذا التصرف نبى الله إبراهيم u بمظهر رجل الأعمال الفاشل، والنبى الأحمق، والداعية الأخرق، والزوج المستهتر، والأب المهمل؟ والأغرب من ذلك أن يوافقه الرب على كل هذه التصرفات، داعيًا إياه أن يسمع كلام سارة فى تعصبها الأعمى، وطمعها الفيَّاض، لتغيير قانون الرب وعدله المطلق؟ (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
          ولا يُمكن لعاقل أن يقول إن هذا الناموس لم يكن قد نزل وقت إبراهيم u ، لأن إبراهيم تصرَّف تبعًا للناموس مع أبنائه الآخرين من سريراته ، كما ذكرت من قبل: (6وَأَمَّا بَنُو السَّرَارِيِّ اللَّوَاتِي كَانَتْ لإِبْرَاهِيمَ فَأَعْطَاهُمْ إِبْرَاهِيمُ عَطَايَا وَصَرَفَهُمْ عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِهِ شَرْقاً إِلَى أَرْضِ الْمَشْرِقِ وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ.) تكوين 25: 6 ، ولأنه فى هذه الحالة يتهم الرب بأن عدله مطاطى، لا حدود له، ويتغير كيفما شاء، مع من يريد، على الرغم من قول الرب إنه لا يتغير!!
          (6لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ) ملاخى 3: 6
          وعلى ذلك نقول إن الله لم يرفض أن يُعطى لإسماعيل حق البكورية، فلماذا يُخالفون مشيئة الله تعالى؟
          وهل سيستطيعون أن يخطفوا النبوة ويمنعونها عن إسماعيل ونسله؟ لا. وذلك مصداقًا لقول عيسى u: (وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 29
          (10مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالأَخِيرِ وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي. 11دَاعٍ مِنَ الْمَشْرِقِ الْكَاسِرَ. مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ رَجُلَ مَشُورَتِي. قَدْ تَكَلَّمْتُ فَأُجْرِيهِ. قَضَيْتُ فَأَفْعَلُهُ.) أشعياء 46: 10-11
          ولطالما أن عهد الله تعالى أجراه مع إبراهيم بسبب الذبيح، وقد تأكدنا أن الذبيح هو إسماعيل، ويستحيل أن يكون إسحاق، فقد سرق هذا العهد الجديد اليهود ووافقهم المسيحيون على ذلك، دون مبرر إلا التعصب الأعمى، وتمنيهم ألا يزول المكلوت من بين أيديهم، مُخالفين بذلك أقوال الأنبياء ومنهم عيسى u: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ») متى 21: 42-44
          دليل آخر على أن إبراهيم وذريته كانا يسكنان مكة أو الأرض المقدسة هو أن سفر التكوين يحكى أن الرب ظهر لإبراهيم عند التل المقدس، الذى تسميه الترجمات (بلوطة مورة)، والتى يترجمها البعض بكلمة الشجرة، وتخلى البعض الآخر عن كلمة (شجرة)، التى يرجحون أنها هى المعنى المباشر لكلمة بلوطة، وكتبوها (السهل)، أى الأرض المنبسطة!! (راجع فى برنامج e-Sword شروح هذه الكلمة تحت تكوين 12: 6 تحت رقم 4176) (6وَاجْتَازَ أَبْرَامُ فِي الأَرْضِ إِلَى مَكَانِ شَكِيمَ إِلَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ. 7وَظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ. 8ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلٍ وَنَصَبَ خَيْمَتَهُ. وَلَهُ بَيْتُ إِيلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ.)
          والأكثر غرابة أن الكلمة العبرية لكلمة بلوط لها عدة أشكال منها (elah) و(a’llah) و(elim) و (,elon) و(a’llon)، كما تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بلوط). وكل هذه الكلمات المذكورة اشتقاقات لكلمة إله.
          وعلى ذلك فإن بلوطة مورة، تعنى تل/ جبل الرب، وهى المكان الى ظهر فيه الرب (أى أوحى إليه)، وتكون الترجمة بهذا الشكل منطقية، حيث امتلأ الكتاب بتعليل لأسماء أُعطيت لأشخاص وأماكن ، بحيث يدل الاسم على الحدث. فقد سمَّت هاجر بئر زمزم «بِئْرَ لَحَيْ رُئِي»، أى بئر الله الحى، لأنها رأت ملاك الله هناك، وهو الذى حفر لها البئر، ودعا إبراهيم المكان الذى قطع فيه العهد مع أبيمالك بئر سبع لأن الأخير أخذ منه سبع نعاج شهادة على حفر إبراهيم للبئر: (29فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هَذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟» 30فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هَذِهِ الْبِئْرَ». 31لِذَلِكَ دَعَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِئْرَ سَبْعٍ. لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا.) تكوين 21: 29-31
          ودعا يعقوب اسم المكان الذى تصارع فيه مع الرب فينئيل ، وذلك بسبب (30فَدَعَا يَعْقُوبُ اسْمَ الْمَكَانِ «فَنِيئِيلَ» قَائِلاً: «لأَنِّي نَظَرْتُ اللهَ وَجْهاً لِوَجْهٍ وَنُجِّيَتْ نَفْسِي».) تكوين 32: 30
          ودعا ملاك الرب ابن هاجر إسماعيل، لأن سارة أذلتها وسمع الرب لهذه المذلة: (11وَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «هَا أَنْتِ حُبْلَى فَتَلِدِينَ ابْناً وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ لِمَذَلَّتِكِ.) تكوين 16: 11
          وهو المكان الذى وعد الله به إبراهيم أن يعطيه لنسله، وهناك بنى إبراهيم بيتًا للرب، وسكن شرق هذا البيت الذى بناه. على جبل الرب، وهو جبل المروة الذى يقع بالفعل شرق الكعبة.
          دليل آخر على أن إبراهيم وذريته كانا يسكنان مكة أو الأرض المقدسة (المريا) هو أن إبراهيم وصل إلى بيت الله بعد ثلاثة أيام فقط من بداية رحلته: (1وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ الأُمُورِ أَنَّ اللهَ امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ لَهُ: «يَا إِبْرَاهِيمُ». فَقَالَ: «هَئَنَذَا». 2فَقَالَ: «خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِي أَقُولُ لَكَ». 3فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَشَدَّ عَلَى حِمَارِهِ وَأَخَذَ اثْنَيْنِ مِنْ غِلْمَانِهِ مَعَهُ وَإِسْحَاقَ ابْنَهُ وَشَقَّقَ حَطَباً لِمُحْرَقَةٍ وَقَامَ وَذَهَبَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَهُ اللهُ. 4وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَأَبْصَرَ الْمَوْضِعَ مِنْ بَعِيدٍ) تكوين 22: 1-4
          أما كلمة (وحيدك) فى عبارته (خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ الَّذِي تُحِبُّهُ إِسْحَاقَ) فهى تخص إسماعيل فقط. فهو الوحيد الذى يُطلق عليه الابن الوحيد، لأنه أكبر من أخيه ب 14 سنة. ولا يُلتفت إلى أوهامهم فى جعل إسماعيل ابن الخادمة، فلم تعد هاجر خادمة إبراهيم، بل اتخذها زوجة باعتراف الكتاب والرب نفسه.
          فالكتاب يعترف أن سارة زوَّجت إبراهيم لهاجر، وعلى ذلك فهى زوجته: (وَأَعْطَتْهَا لأَبْرَامَ رَجُلِهَا زَوْجَةً لَهُ.) تكوين 16: 3
          ودليل آخر على أن إبراهيم كان يسكن مكة حيث ”الكعبة“ ”بيت إيل“ أو ”بيت الله“ أول بيت وضع للناس هو اختلافهم فى موقع بيت إيل. وإن شئت قلت تعمدهم تتويه القارىء وتعميته عن موقع بيت إيل الحقيقى. فقد أطلق هوشع على بيت آون بيت إيل من باب التعمية.
          تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت الله): (نقرا فى سفر التكوين (28: 17 و 22) عن "بيت إيل" أي "بيت الله"،)
          ثم حور بنو إسرائيل الاسم ليندرج على خيمة الإجتماع وهيكلهم الأول والثانى: (ويطلق اسم "بيت الله"، في المزامير وغيرها من أسفار العهد القديم على "خيمة الشهادة" (قض 18: 31، 20: 18 و 26)، وعلى الهيكل الأول (1 أخ 9: 11، 24: 5، 2 أخ 5: 14، مز 42: 4، اش 2: 3)، وعلى الهيكل الثاني (عز 5: 8و 15، نح 6: 10، 13: 11، انظر ايضا مت 12 : 4).
          ثم حوره بولس وبطرس ونسباه إلى الكنيسة: (وبيت الله في العهد الجديد هو الكنيسة او جماعة المؤمنين ( 1 تي 3 : 15، عب 3 : 6، 10 : 21، 1 بط 4 : 17، انظر ايضا 1 كو 3 : 9 و 16 و 17، 1بط 2 : 5 ).)
          وبيت إيل هو نفس البيت الذى بناه إبراهيم من قبل لله تعالى، وهو مقام إبراهيم، وبنى فيه يعقوب أيضًا مذبحًا للرب. {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة
          {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } (97) سورة آل عمران
          تؤكد ذلك دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت إيل): ((ب)المقدس : كان اسم المدينة قبلا "لوز" (تك 28: 19..الخ ) وعندما جاءها يعقوب وهو في الطريق إلى فدان أرام، صادف مكاناً وبات هناك (تك 28: 11) وكلمة "مكان" هنا، هي في العبرية "مقوم" وهي شبيهة باللفظة العربية "مقام" لفظا ومعنى، أي أنها تعني "مكاناً مقدساً"، ولا شك انه كان "المكان" الذي بنى فيه إبراهيم مذبحاً للرب ودعا باسم الرب" (تك 12: 8). وفي الصباح أخذ يعقوب الحجر الذي وضعه تحت راسه (وسادة له)، وأقامه عموداً وصب زيتا على راسه ودعا اسم ذلك المكان "بين إيل" أي "بيت الله" (تك 28: 18 و 19)، أي "الله" الذي ارتبط ظهوره له بذلك العمود. واضحت تلك البقعة مركزاً بالغ الأهمية، فتزايدت عظمة المدينة. وبمرور الزمن اندثر اسم "لوز" وحل محله اسم "المقام المقدس" واصبحت المدينة و"المقام" شيئا واحدا. وقد مر يعقوب بالمدينة مرة أخرى في طريق عودته من فدان أرام، وفي ذلك المكان ماتت دبورة مرضعة رفقة، ودفنت تحت "البلوطة" (تك 35: 6). والأرجح أنه من فوق ربوة شرقي بيت إيل، رأى إبراهيم أرض كنعان قليلة الخصب، كما رأى لوط أيضاً كل دائرة الأردن الخصبة (تك 3: 9-15).)
          وعن موقعها تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت إيل): (موقعها ووصفها: تقع بيت إيل إلى الغرب من عاي، وتذكر في يشوع على التخم الشمالي لبنيامين (جنوبي أفرايم ـ يش 16: 2) عند قمة الطريق الصاعد من وادي الأردن إلى عاي ( يش 18 : 13 ). وكانت تقع إلى الجنوب من شيلوه ( قض 21 : 19 ). ويقول يوسابيوس أنها كانت على بعد 12 ميلاً رومانياً من أورشليم على الطريق إلي نيابوليس، وموقعها حالياً هو "يبتين" وهي قرية صغيرة على ربوة شرقي الطريق إلى نابلس، وهناك أربعة ينابيع ماؤها عذب ووفير. وفي العصور القديمة كان ملحقاً بها خزان محفور في الصخر إلى جنوبي المدينة، والمنطقة حولها جرداء، وتتميز تلالها بمدرجاتها الصخرية التي تبدو كسلم. )
          وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت إيل): ((ج) تاريخها: كانت بيت إيل إحدى المدن الملكية في كنعان (يش 12: 16)، ويبدو أن يشوع قد أستولى عليها (يش 8: 7) ووقعت بعد ذلك في نصيب سبط بنيامين (يش 18: 22)،)
          وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت إيل): (كما انها تذكر كمدينة صغيرة من أفرايم بين المدن التي استولى عليها فسباسيان عند زحفه على أورشليم ( تاريخ يوسيفيوس ).)
          وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت إيل): ((2) مدينة أخرى في يهوذا تسمى "بيت إيل" فى سفر صموئيل الأول (30: 27)، وتسمى أيضاً "بتول" (يشوع 19: 4)، و"بتوئيل" (اأخ 4: 30)، ولايعلم موقعها الآن. وجاء في الترجمة السبعينية "بيت إيل" في نصيب سبط يهوذا بدلاً من "كسيل" (يش 15: 3).) ولا أعرف كيف تختلف الترجمة السبعينية عن التراجم الأخرى على الأقل فى الأسماء الجغرافية ومواقعها!!
          دائرة المعارف الكتابية مادة (بيت آون): (ويطلق هوشع اسم "بيت آون" على "بيت إيل" مجازاً لأنها اصبحت تشبهها في عبادة الأوثان (هو 4: 15، 10: 5 و 8، أنظر عاموس 5: 5 ).) إلا أنه عاد تحت مادة (بيت إيل) يقول: (ويطلق هوشع على بيت إيل اسم " بيت اون " من باب السخرية منها لشرها)
          وعلى ذلك فبيت إيل قد حددوا له تسعة أماكن تختلف عن بعضها البعض لتعمية قارئى الكتاب المقدس عن مكة وأول بيت وضع لله، ظنًا منهم أنهم يمكنهم الاحتفاظ بملكوت الله غصبًا عنه سبحانه وتعالى. لذلك قال لهم عيسى u : (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13 ، (... وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 29
          فقد قالوا إنه بيت آون، وبيت صيدا، وبيت لحم، وشكيم، وبوكيم ، وخربة لوزا فى جرزيم، وجبل إفرايم، وبيرية، وبيتين. وعلى ذلك فهم إما لا يعرفون ويتكلمون بجهل، وإما يواصلون إغلاق ملكوت الله (الإسلام) أمام من يريد الدخول فيه. ولا يخف على مثقف ما قالوه عن الإسلام وعن الرسول r ظلمًا وزورًا.
          يقول المستشرق الفرنسى إيميل درمنجم: (ولما نشبت الحرب بين الإسلام والمسيحية، اتسعت هوة الخلاف، وازدادت حدة، ويجب أن نعترف بأن الغربيين كانوا السابقين إلى أشد الخلاف فمن البيزنطيين من أوقر الإسلام احتقارًا من غير أن يكلفوا أنفسهم مؤنة دراسته، ولم يحاربوا الإسلام إلا بأسخف المثالب؛ فقد زعموا أن محمدًا لص!، وزعموه متهالكًا على اللهو!، وزعموه ساحرًا!، وزعموه رئيس عصابة من قطاع الطرق! بل زعموه قسًا رومانيًا!!، مغيظًا محنقًا، إذ لم ينتخب لكرسي البابوية، وحسبه بعضهم إلهًا زائفًا!!! يقرب له عباده الضحايا البشرية وذهبت الأغنيات إلى حد أن جعلت محمدًا صنمًا من ذهب وجعلت المساجد ملأى بالتماثيل والصور.) (الإسلام بين الإنصاف والجحود ص129)
          ولهم فى بولس، الذى يسيرون على نهجه، أسوأ قدوة، فقد كذب ونافق من أجل أن يصبح شريكًل فى الكتاب الذى بين أيديكم، وإذا به ينجح نجاحًا منقطع النظير، فقد أطاح بعيسى u نفسه من الكتاب وتربع هو على عرشه: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
          وأعلن أن هذا النفاق والكذب والتحايل هو منهاج حياته: (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
          يقول سفر التكوين: (10فَخَرَجَ يَعْقُوبُ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ وَذَهَبَ نَحْوَ حَارَانَ. 11وَصَادَفَ مَكَاناً وَبَاتَ هُنَاكَ لأَنَّ الشَّمْسَ كَانَتْ قَدْ غَابَتْ. وَأَخَذَ مِنْ حِجَارَةِ الْمَكَانِ وَوَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ فَاضْطَجَعَ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. 12وَرَأَى حُلْماً وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ السَّمَاءَ وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا 13وَهُوَذَا الرَّبُّ وَاقِفٌ عَلَيْهَا فَقَالَ: «أَنَا الرَّبُّ إِلَهُ إِبْرَاهِيمَ أَبِيكَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ. الأَرْضُ الَّتِي أَنْتَ مُضْطَجِعٌ عَلَيْهَا أُعْطِيهَا لَكَ وَلِنَسْلِكَ. 14وَيَكُونُ نَسْلُكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ وَتَمْتَدُّ غَرْباً وَشَرْقاً وَشِمَالاً وَجَنُوباً. وَيَتَبَارَكُ فِيكَ وَفِي نَسْلِكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ. 15وَهَا أَنَا مَعَكَ وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ وَأَرُدُّكَ إِلَى هَذِهِ الأَرْضِ لأَنِّي لاَ أَتْرُكُكَ حَتَّى أَفْعَلَ مَا كَلَّمْتُكَ بِهِ». 16فَاسْتَيْقَظَ يَعْقُوبُ مِنْ نَوْمِهِ وَقَالَ: «حَقّاً إِنَّ الرَّبَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَأَنَا لَمْ أَعْلَمْ!» 17وَخَافَ وَقَالَ: «مَا أَرْهَبَ هَذَا الْمَكَانَ! مَا هَذَا إِلَّا بَيْتُ اللهِ وَهَذَا بَابُ السَّمَاءِ!» 18وَبَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَمُوداً وَصَبَّ زَيْتاً عَلَى رَأْسِهِ 19وَدَعَا اسْمَ ذَلِكَ الْمَكَانِ «بَيْتَ إِيلَ». وَلَكِنِ اسْمُ الْمَدِينَةِ أَوَّلاً كَانَ لُوزَ. ..... 22وَهَذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُوداً يَكُونُ بَيْتَ اللهِ وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ») تكوين 28: 10-22
          وهذا البيت بيت مبارك فى مدينة مباركة تنزل ملائكة الله وتصعد إليه، وهذا لا ينطبق على أورشليم ، التى لعنها يسوع ودعا عليها بالخراب الأبدى. (37«يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39
          والعلامة الثانية التى يحددها نص سفر التكوين أن ذرية أبناء يعقوب سيكونون كثيرون، وستمتد بلادهم شرقًا وغربًا، شمالاً، وجنوبًا، وستكون دعوتهم عامة لكل شعوب الأرض. وهذا لا ينطبق إلا على أمة محمد r الذى خرج من مكة: (14وَيَكُونُ نَسْلُكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ وَتَمْتَدُّ غَرْباً وَشَرْقاً وَشِمَالاً وَجَنُوباً. وَيَتَبَارَكُ فِيكَ وَفِي نَسْلِكَ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ)
          والعلامة الثالثة أن هذا البيت مقام على حجر مقدس (18وَبَكَّرَ يَعْقُوبُ فِي الصَّبَاحِ وَأَخَذَ الْحَجَرَ الَّذِي وَضَعَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ وَأَقَامَهُ عَمُوداً ..... 22وَهَذَا الْحَجَرُ الَّذِي أَقَمْتُهُ عَمُوداً يَكُونُ بَيْتَ اللهِ وَكُلُّ مَا تُعْطِينِي فَإِنِّي أُعَشِّرُهُ لَكَ».)
          وعلى ذلك فإن بيت إيل هو بيت الله الذى وضعه إبراهيم، وبنى فيه الأنبياء من بعده المذابح، وكانوا يحجون إليه سنويًا، ويطوفون بالبيت. (15وَقَضَى صَمُوئِيلُ لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. 16وَكَانَ يَذْهَبُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَيَدُورُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَالْجِلْجَالِ وَالْمِصْفَاةِ وَيَقْضِي لإِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ.) صموئيل الأول 7: 15-16، وسنتعرض مرة أخرى لهذا الموضوع تحت (بكة هى مكة).
          وتحت كلمة (إسماعيل) تقول دائرة المعارف الكتابية: «كانت العادة عند الشعوب القديمة، أنه فى حالة عقم الزوجة، يمكن معالجة المشكلة بالزواج من جارية .. وفى حالة إبراهيم نرى الزوجة الشرعية تؤيد هذا على أساس أن النسل الناتج عن هذا الزواج يعتبر نسلا لها، "لعلى أزرق منها بنين".» الأمر الذى يعنى أن إسماعيل هو ابنًا لسارة أيضًا. فكيف تتخلى عنه، وهو ابنها، وهى التى ربته مع هاجر؟ وهل عدل الرب لم يُحثه على منع هذا الظلم، من أجل شعب يعلم الرب مسبقًا أنه سيكون شعبًا معاندًا كافرًا؟ أليست هذه القصة قدح فى عدل الله ورحمته؟
          وقد سمَّاه الله نسل إبراهيم: (13وَابْنُ الْجَارِيَةِ أَيْضاً سَأَجْعَلُهُ أُمَّةً لأَنَّهُ نَسْلُكَ».) تكوين 21: 13
          وسمَّاه إبراهيم ابنه: (11فَقَبُحَ الْكَلاَمُ جِدّاً فِي عَيْنَيْ إِبْرَاهِيمَ لِسَبَبِ ابْنِهِ.) تكوين 21: 11
          أما أن يقول إبراهيم u لزوجته سارة أن تعمل ما يحلو لها مع هاجر، ويدفعها لإذلال زوجته هاجر وأم ابنه، بل ويُرسل الرب ملاكه ليؤيد ظلم نبيه، وإمعانًا فى إذلال هاجر، ودفعها على الإنصياع لهذا الإذلال، فهو من دأب الصهيونية، والتعصب الأعمى ضد هاجر وإسماعيل: (6فَقَالَ أَبْرَامُ لِسَارَايَ: «هُوَذَا جَارِيَتُكِ فِي يَدِكِ. افْعَلِي بِهَا مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ». فَأَذَلَّتْهَا سَارَايُ فَهَرَبَتْ مِنْ وَجْهِهَا. 7فَوَجَدَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ عَلَى عَيْنِ الْمَاءِ فِي الْبَرِّيَّةِ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي فِي طَرِيقِ شُورَ. 8وَقَالَ: «يَا هَاجَرُ جَارِيَةَ سَارَايَ مِنْ أَيْنَ أَتَيْتِ وَإِلَى أَيْنَ تَذْهَبِين؟». فَقَالَتْ: «أَنَا هَارِبَةٌ مِنْ وَجْهِ مَوْلاَتِي سَارَايَ». 9فَقَالَ لَهَا مَلاَكُ الرَّبِّ: «ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا».) تكوين 16: 6-9
          كما أن إسماعيل غير محروم من الميراث ولا من النبوة كما يدعون. فقد اشترك فى دفن أبيه، والاشتراك فى الدفن يعنى الاشتراك فى الميراث، كما أن الله وعد إبراهيم فى أن يجعل نسله أمة، مثل ما وعده فى إسحاق عليهما السلام: (18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!» 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْداً أَبَدِيّاً لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً. 21وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ».) تكوين 17: 18-21
          فكيف يكون قد سمع له فى إسماعيل لو ذرية إسماعيل محرومة من النبوة؟ فقد أقام الله عهده أولا مع إسحاق، ثم العهد الأخير سيأتى مع إسماعيل.
          كما أن قانون الرب واضح فى هذا المجال: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
          وحتى لا يقول قائل إن الذى ذهب منه هو حق البكورية ، أى الضعف فى الميراث ، فاقرأ قول دائرة المعارف الكتابية مادة (بكر - بكورية): «والكلمة تعني أساساً الابن الأكبر (خر 6: 14، 11: 5)، وفي حالة تعدد الزوجات كان البكر هو أول من يولد للرجل سواء من زوجة أو جارية. وكان البكر يستمتع ببعض الامتيازات أكثر من سائر إخوته، فكان من نصيبه بركة ابيه (تك 27: 1-4، 35-37)، وله مكانة مفضلة (تك 43: 33)، كما كان له نصيب اثنين في الميراث (تث 21: 15-17)».
          وعلى ذلك فالابن البكر لإبراهيم هو إسماعيل وليس لإسحاق!!!
          وعلى ذلك أيضًا فإن المسِّيِّا لا بد أن يأتى من نسله طبقًا لقول دائرة المعارف الكتابية: فتحت كلمة (عيسو) تقول دائرة المعارف الكتابية عن أن معنى البكورية يشمل أيضًا النبوة، ويستمر الأمر حتى يأتى من نسله المسِّيِّا: (وكانت "البكورية" تتضمن الكثير من الحقوق، التي كانت تشمل القوة الجسمانية والشخصية (انظر تك 49: 3، تث 21: 17) كما أنها كانت تمنح صاحبها شرف أن يكون رأس العائلة (تك 27: 29)، ونصيباً مضاعفاً في الميراث (تث 21: 15-17) وكانت أفدح خسارة لعيسو أن هذا التصرف المندفع قد حرمه من شرف وراثة عهد الله لإبراهيم وإسحق بأن من نسلهما المسيا فادي البشرية)
          وبما أن إسماعيل لم يكن محرومًا، ولم ولن يأت المسِّيِّا من بنى إسرائيل، فلا بد أن يأتى المسِّيِّا من نسله.
          نقطة أخرى تبيِّن تعصبهم الأعمى ضد إسماعيل وأمه السيدة هاجر هو ترجمتهم لكلمة (إنسان) التى تشير إلى إسماعيل، بكلمة (حمار) وذلك فى تكوين 16: 13
          نسخة فانديك المعتمدة
          نسخة كتاب الحياة
          يكون ـ إسماعيل ـ إنسانا وحشيا يده على كل واحد ، ويد كل واحد عليه .
          ويكون إنسانا وحشيا يعادى الجميع والجميع يعادونه ، ويعيش مستوحشا متحديا كل إخوته .
          نسخة الكاثوليك
          نسخة الآباء اليسوعيين
          ويكون رجلا كحمار الوحش .
          ويكون حمارا وحشيا بشريا .

          وقائمة الشتائم والحقد تتسع إذا نظرنا إلى التراجم الأجنبية حيث نجد وصفه u بـ الحمار والبغل والمتوحش وغيرها من الصفات الغير لائقة نذكر منها:
          (BBE) And he will be like a mountain ass among men; his hand will be against every man and every man's hand against him, and he will keep his place against all his brothers.
          (ESV) He shall be a wild donkey of a man, his hand against everyone and everyone's hand against him, and he shall dwell over against all his kinsmen."
          (JPS), (YLT), (Darby), (ASV) And he shall be a wild ass of a man: his hand shall be against every man, and every man's hand against him; and he shall dwell in the face of all his brethren.'
          (GW) He will be as free and wild as an untamed donkey. He will fight with everyone, and everyone will fight with him. He will have conflicts with all his relatives."
          (KJV+), (KJV-1611), (KJV), (KJVR), (KJVA), (DRB), (LITV), (Webster), (MKJV), (Geneva), (Bishops) And he1931 will be1961 a wild6501 man;120 his hand3027 will be against every man,3605 and every man's3605 hand3027 against him; and he shall dwell7931 in the presence5921, 6440 of all3605 his brethren.251
          (CEV) But your son will live far from his relatives; he will be like a wild donkey, fighting everyone, and everyone fighting him."
          يُلاحظ الأوصاف التى لا تليق أن يصفوا بها نبيًّا، أو حتى ابن نبى. ويُلاحظ التلاعب فى الترجمة والأهواء التى تُحركها. ففى الوقت الذى تُجمع فيه كل التراجم الأجنبية على أن إسماعيل سيعيش وسط اخوته، ، نرى ترجمة (GW) قد كتبتها مثل ترجمة كتاب الحياة: (سيتقاتل مع كل إنسان، وكل إنسان سيتقاتل معه، وستكون له حروب مع أقربائه).
          يُلاحظ أيضًا أن ترجمة(CEV) التى انفردت بتحريف فقرة أنه سيعيش وسط أو أمام أو بين اخوته ، وترجمتها أنه سيعيش بعيدًا عن أقربائه، ليتناسب ذلك بالطبع مع ما يدعيه الكتاب، ويحرص عليه اليهود والمسيحيون من أن إبراهيم وإسحاق وذريتهما كانوا يعيشون فى فلسطين. الأمر الذى يخدم الأفكار الاستعمارية لإسرائيل من جهة، ويُبعد عن أذهان العامة أن مكة كانت مركز العبادة الأول لأبى الأنبياء إبراهيم ونسله.
          ولكن يهمنا هنا فى هذه الفقرة بعيدًا عن الشتائم والإسفاف، أنه سيعيش أمام أو فى وسط اخوته. الأمر الذى ينفى وجود عداوة أو ضغينة من أحد الأطراف على الآخر. وهذا يُثبت أيضًا أن مكان سكنى إبراهيم u وكل أبنائه كان مكانًا واحدًا، وهو فاران والأماكن المجاورة لها. (12وَإِنَّهُ يَكُونُ إِنْسَاناً وَحْشِيّاً يَدُهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ وَيَدُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَيْهِ وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ».) تكوين 16: 12، وكان هذا النص فى الحقيقة يُغنينا عن أن نثبت بنصوص عديدة مكان سكنى إبراهيم فى مكة بالقرب من ابنه إسماعيل، ومع ابنه إسحاق عليهم السلام أجمعين.
          يؤكد السلام الذى كان يعيش فيه إسماعيل ، والمودة والحب الذى يتوج علاقاته باخوته أن عيسو الابن البكر لإسحاق قد تزوج بسمة بنت إسماعيل (تكوين 36: 3) ، وأنجب منها عدة أبناء (تكوين 36: 17).
          وليست هذه حالة ينفرد بها هذا النص دون باقى الكتاب، فقد رأينا كيف وجَّه الكتَّاب إبراهيم وملاك الرب والرب نفسه لإذلال هاجر، وطاعتها العمياء لسارة. فقد سمَّى الرب إسماعيل (ابن الجارية) تكوين 21: 13، ويدعى الكتاب أن إبراهيم قال لسارة («هُوَذَا جَارِيَتُكِ فِي يَدِكِ. افْعَلِي بِهَا مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكِ».) تكوين 16: 6، وأن الرب سبحانه وتعالى تحرك تعصبه الأعمى من السماء، فأرسل ملاكه فى الحال، ليستمر مسلسل التعصُّب الأعمى ضد هاجر وابنها، فنزل ملاك الرب وقال لهاجر: («ارْجِعِي إِلَى مَوْلاَتِكِ وَاخْضَعِي تَحْتَ يَدَيْهَا».) تكوين 16: 6-9
          وعلى ذلك فهناك النبوءات الكثيرة التى تذكر إسماعيل وأمه هاجر بصورة لا تليق بلقب هذا الكتاب. منها:
          بنى المستوحشة: (1تَرَنَّمِي أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِي لَمْ تَلِدْ. أَشِيدِي بِالتَّرَنُّمِ أَيَّتُهَا الَّتِي لَمْ تَمْخَضْ لأَنَّ بَنِي الْمُسْتَوْحِشَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي ذَاتِ الْبَعْلِ قَالَ الرَّبُّ.) إشعياء 54: 1
          الشجرة الوضيعة اليابسة: (24فَتَعْلَمُ جَمِيعُ أَشْجَارِ الْحَقْلِ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ وَضَعْتُ الشَّجَرَةَ الرَّفِيعَةَ, وَرَفَعْتُ الشَّجَرَةَ الْوَضِيعَةَ, وَيَبَّسْتُ الشَّجَرَةَ الْخَضْرَاءَ, وَأَفْرَخْتُ الشَّجَرَةَ الْيَابِسَةَ. أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ وَفَعَلْتُ].) حزقيال 17: 24
          أمة وضيعة: (25[وَأَنْتَ أَيُّهَا النَّجِسُ الشِّرِّيرُ, رَئِيسُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي قَدْ جَاءَ يَوْمُهُ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ, 26هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: انْزِعِ الْعَمَامَةَ. ارْفَعِ التَّاجَ. هَذِهِ لاَ تِلْكَ. ارْفَعِ الْوَضِيعَ, وَضَعِ الرَّفِيعَ. 27مُنْقَلِباً مُنْقَلِباً مُنْقَلِباً أَجْعَلُهُ. هَذَا أَيْضاً لاَ يَكُونُ حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ.) حزقيال 21: 25-27
          أمة غبية: (19«فَرَأَى الرَّبُّ وَرَذَل مِنَ الغَيْظِ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ. 20وَقَال أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ وَأَنْظُرُ مَاذَا تَكُونُ آخِرَتُهُمْ. إِنَّهُمْ جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ أَوْلادٌ لا أَمَانَةَ فِيهِمْ. 21هُمْ أَغَارُونِي بِمَا ليْسَ إِلهاً أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا ليْسَ شَعْباً بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ. ) التثنية 32: 19-21 واستشهد بها بولس فى (رومية 10: 19)
          وكان من صفات هذا النبى قائد هذه الأمة الموصوفة أعلاه هى: (1هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. 2لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. 3قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. 4لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ. 5هَكَذَا يَقُولُ اللَّهُ الرَّبُّ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَنَاشِرُهَا بَاسِطُ الأَرْضِ وَنَتَائِجِهَا مُعْطِي الشَّعْبِ عَلَيْهَا نَسَمَةً وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا رُوحاً. 6أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُوراً لِلأُمَمِ 7لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ. 8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ. 9هُوَذَا الأَوَّلِيَّاتُ قَدْ أَتَتْ وَالْحَدِيثَاتُ أَنَا مُخْبِرٌ بِهَا. قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ أُعْلِمُكُمْ بِهَا. 10غَنُّوا لِلرَّبِّ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. أَيُّهَا الْمُنْحَدِرُونَ فِي الْبَحْرِ وَمِلْؤُهُ وَالْجَزَائِرُ وَسُكَّانُهَا 11لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ. مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا. 12لِيُعْطُوا الرَّبَّ مَجْداً وَيُخْبِرُوا بِتَسْبِيحِهِ فِي الْجَزَائِرِ.) إشعيا 42: 1-12
          فهو عبد الله ورسوله، يحبه الله، ويوحى إليه، يُخرج الحق للأمم، ومعنى ذلك أن الأمم كلها كانت تعيش فى ضلال. وفى هذا إشارة إلى تغيير تعاليم الله وتحريفها على أيدى الأمة السابقة. وهذا هو عهد الله الجديد، ونوره إلى الأمم، لا يُقتل ولا يموت حتى يُنهى رسالته التى بعثه الله لها، وستنطلق دعوته من قيدار (أبى قبيلة قريش) ويفرح سكان جبال سالع به ويواصلون دعوته، ويسبحون الله ويكبرونه ويحمدونه.
          * * *

          تعليق

          • abubakr_3
            مشرف عام

            • 15 يون, 2006
            • 849
            • مسلم

            #20
            وعودة مرة أخرى إلى تأكيد مكان سكنى إبراهيم:
            ومن الغريب أيضًا أن الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص يُفرِّق بين برية سيناء وبرية فاران، ويذكرهما على أنهما مكانان مختلفان بينهما سفر وترحال: (12فَارْتَحَل بَنُو إِسْرَائِيل فِي رِحْلاتِهِمْ مِنْ بَرِّيَّةِ سِينَاءَ فَحَلتِ السَّحَابَةُ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ.) العدد 10: 12
            وبعد أن تأكدنا أن إسماعيل كان يسكن فاران، فى مكة، مع أمه هاجر، بالقرب من بئر زمزم، أقدم دليلاً آخرًا على أن إبراهيم كان يسكن فى مكة حيث دُفن، وحيث كان يسكن ابنه إسحاق أيضًا (11وَكَانَ بَعْدَ مَوْتِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ اللهَ بَارَكَ إِسْحَاقَ ابْنَهُ. وَسَكَنَ إِسْحَاقُ عِنْدَ بِئْرِ لَحَيْ رُئِي.) تكوين 25: 11
            وكذلك أن إسماعيل كان يسكن أمام جميع اخوته: ((وَسَكَنُوا مِنْ حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الَّتِي أَمَامَ مِصْرَ حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ أَشُّورَ). أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ نَزَلَ.) تكوين 25: 18
            وعبارة (أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ نَزَلَ.) ترجمتها نسخة كتاب الحياة (وكانت [ذرية إسماعيل] على عداء مع بقية اخوته)، وهم بذلك يُفَصِّلون الكتاب الذى يقدسونه ليتلاءم مع أهوائهم اللاهوتية أو السياسية.
            وهذا الدليل هو أنه عندما مات إبراهيم، أرسل إسحاق إلى أخيه إسماعيل (حيث كان يسكن إسحاق بجوار أبيه أو معه) ليُعلمه بهذه الوفاة ، وليشتركا سويًّا فى دفن إبيهما. فلو دُفن إبراهيم فى مقبرة المكفيلة فى حبرون فى فلسطين، لكانت مرت شهور حتى يُرسل إسحاق إلى إسماعيل، وشهور أخرى حتى يأتى إسماعيل ويدفنا أبيهما، الذى لا بد أن تكون جثته قد تعفنت أثناء هذه الشهور.
            تقول دائرة المعارف الكتابية عن جرار أنها تعنى الدائرة ، وأن مكانها غير معروف على وجه اليقين، ثم بدأت تعطى احتمالات: «ومعناها "دائرة" أو "منطقة"، وهى مدينة في سهل فلسطين إلى الجنوب من غزة (تك 10: 19) على الحدود الجنوبية الغربية من كنعان. وقد تغرب فيها كل من إبراهيم واسحق حيث اتصلا بايمالك ملك جرار (تك 20، 26). ولا يعرف موقع جرار على وجه اليقين، ولكن الأرجح انها كانت تقع .... ....»
            ولكن سفر التكوين نفسه يُحدِّد اتصال إبراهيم بأبيمالك فى المكان الذى تفجَّر فيه بئر زمزم، الذى تسميه (بئر الحى الناظر): (20وَكَانَ اللهُ مَعَ الْغُلاَمِ فَكَبِرَ وَسَكَنَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَكَانَ يَنْمُو رَامِيَ قَوْسٍ. 21وَسَكَنَ فِي بَرِّيَّةِ فَارَانَ. وَأَخَذَتْ لَهُ أُمُّهُ زَوْجَةً مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. 22وَحَدَثَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ أَنَّ أَبِيمَالِكَ وَفِيكُولَ رَئِيسَ جَيْشِهِ قَالاَ لإِبْرَاهِيمَ: «اللهُ مَعَكَ فِي كُلِّ مَا أَنْتَ صَانِعٌ. 23فَالْآنَ احْلِفْ لِي بِاللهِ هَهُنَا أَنَّكَ لاَ تَغْدُرُ بِي وَلاَ بِنَسْلِي وَذُرِّيَّتِي. كَالْمَعْرُوفِ الَّذِي صَنَعْتُ إِلَيْكَ تَصْنَعُ إِلَيَّ وَإِلَى الأَرْضِ الَّتِي تَغَرَّبْتَ فِيهَا». 24فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: «أَنَا أَحْلِفُ». 25وَعَاتَبَ إِبْرَاهِيمُ أَبِيمَالِكَ لِسَبَبِ بِئْرِ الْمَاءِ الَّتِي اغْتَصَبَهَا عَبِيدُ أَبِيمَالِكَ. 26فَقَالَ أَبِيمَالِكُ: «لَمْ أَعْلَمْ مَنْ فَعَلَ هَذَا الأَمْرَ. أَنْتَ لَمْ تُخْبِرْنِي وَلاَ أَنَا سَمِعْتُ سِوَى الْيَوْمِ». 27فَأَخَذَإِبْرَاهِيمُ غَنَماً وَبَقَراً وَأَعْطَى أَبِيمَالِكَ فَقَطَعَا كِلاَهُمَا مِيثَاقاً. 28وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ سَبْعَ نِعَاجٍ مِنَ الْغَنَمِ وَحْدَهَا. 29فَقَالَ أَبِيمَالِكُ لإِبْرَاهِيمَ: «مَا هِيَ هَذِهِ السَّبْعُ النِّعَاجِ الَّتِي أَقَمْتَهَا وَحْدَهَا؟» 30فَقَالَ: «إِنَّكَ سَبْعَ نِعَاجٍ تَأْخُذُ مِنْ يَدِي لِكَيْ تَكُونَ لِي شَهَادَةً بِأَنِّي حَفَرْتُ هَذِهِ الْبِئْرَ». 31لِذَلِكَ دَعَا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِئْرَ سَبْعٍ. لأَنَّهُمَا هُنَاكَ حَلَفَا كِلاَهُمَا.) تكوين 21: 20-31
            وهو نفس البئر الذى أعاد حفره عبيد إسحاق، وأخذ العهد أيضًا على ألا يقربوا هذا الماء: (17فَمَضَى إِسْحَاقُ مِنْ هُنَاكَ. وَنَزَلَ فِي وَادِي جَرَارَ وَأَقَامَ هُنَاكَ. 18فَعَادَ إِسْحَاقُ وَنَبَشَ آبَارَ الْمَاءِ الَّتِي حَفَرُوهَا فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ أَبِيهِ وَطَمَّهَا الْفَلَسْطِينِيُّونَ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَدَعَاهَا بِأَسْمَاءٍ كَالأَسْمَاءِ الَّتِي دَعَاهَا بِهَا أَبُوهُ. 19وَحَفَرَ عَبِيدُ إِسْحَاقَ فِي الْوَادِي فَوَجَدُوا هُنَاكَ بِئْرَ مَاءٍ حَيٍّ. 20فَخَاصَمَ رُعَاةُ جَرَارَ رُعَاةَ إِسْحَاقَ قَائِلِينَ: «لَنَا الْمَاءُ». فَدَعَا اسْمَ الْبِئْرِ «عِسِقَ» لأَنَّهُمْ نَازَعُوهُ.) تكوين 26: 17-20
            وتحت كلمة (بئر سبع) تقول دائرة المعارف الكتابية: «... 2- موضع مقدس: كانت بئر سبع تعتبر مكاناً مقدساً ، "وغرس إبراهيم أثلا في بئر سبع ودعا هناك باسم الرب الإله السرمدي" (تك 21: 33) ، وقد مكث إبراهيم هناك أياماً كثيرة (تك 21: 34، 22: 19) . وفي برية بئر سبع تاهت هاجر ومعها إبنها إسماعيل، وهناك ظهر لها ملاك الله (تك 21: 14-17). وقد سكن أسحق أولاً في جرار نفسها (تك 26: 1-16) ولكنه اضطر إلي الانتقال إلي وادي جرار لحسد الفلسطينيين له (تك 26: 15-17)، "ثم صعد من هناك إلى بئر سبع فظهر له الرب في تلك الليلة" (26: 23 و 24). ولابد أن أسحق مكث طويلاً في بئر سبع ، فهناك حدث الصراع بين ابنيه عيسو ويعقوب حول البركة (تك 28: 10)، ولكن عندما رجع يعقوب إلي كنعان وجد أباه أسحق في حبرون (تك 35: 27).»
            وبالتالى فإن إسحاق كان يسكن بالقرب من أبيه وأخيه حول بئر زمزم أو بالقرب منه. وهذا يؤكد لماذا انتظر إسحاق حتى يأتى أخوه الأكبر ليشتركا فى دفن إبراهيم عليهم أفضل السلام.
            وعلى ذلك فإن برية بئر سبع هى فى برية فاران، وأن برية فاران هى التى فيها بئر الله الحى الناظر، ولم يُعرف فى التاريخ بئرًا أوجده الله تعالى إلا بئر زمزم: (فَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ صَبَاحاً وَأَخَذَ خُبْزاً وَقِرْبَةَ مَاءٍ وَأَعْطَاهُمَا لِهَاجَرَ وَاضِعاً إِيَّاهُمَا عَلَى كَتِفِهَا وَالْوَلَدَ وَصَرَفَهَا. فَمَضَتْ وَتَاهَتْ فِي بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ.) تكوين 21: 14
            حتى قادش التى يحددها سفر التكوين كمكان لسكنى إبراهيم (1وَانْتَقَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ هُنَاكَ إِلَى أَرْضِ الْجَنُوبِ وَسَكَنَ بَيْنَ قَادِشَ وَشُورَ وَتَغَرَّبَ فِي جَرَارَ) تكوين 20: 1، هى نفسها طريق القوافل، حيث وجد الملاك هاجر على عين ماء بئر الله الحى الناظر.
            فتقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (شور): «"وطريق شور" (تك 16 : 7) – حيث وجد الملاك هاجر علي عين الماء في البرية – كان طريقا للقوافل ، يمتد من بير سبع إلي مصر. وفي وقت من الأوقات سكن إبراهيم بين "قادش وشور" (تك 20: 1) ، كما أنها كانت موطن الاسماعيليين الذين "سكنوا من حويلة إلي أشور التي أمام مصر حينما تجيء نحو أشور" (تك 25: 18).»
            لكن انظر إلى تحريفهم غير المتقن، والذى يفضحه الله تعالى دائمًا: لقد خرج إبراهيم u من مصر، واتجه فى رحلته جنوبًا إلى الحجاز والجزيرة العربية. وكان يسكن غرب لوط. وعلى ذلك فالاثنان كانا يسكنان بالقرب من بعضهما البعض.
            وفى الوقت الذى يضعون فيه (جرار) مكان سكنى إبراهيم u فى فلسطين، ويضعون فيه سدوم وعمورة التى كان يعيش فيها نبى الله لوط u فى مدن الدائرة جنوب البحر الميت. وعلى ذلك كان على الكتاب الذى يقدسونه أن يذكر أن إبراهيم كان يسكن شمال لوط، وليس غربه!!
            وهم بهذا التحريف نقلوا البحر الميت إلى شمال فلسطين، ونقلوا اتجاه رحلة إبراهيم بدلا من الجنوب إلى اتجاه الشمال الشرقى. (”نبى أرض الجنوب“ ص41)
            * * *

            دليل رابع على أن إبراهيم كان يسكن بالقرب من إسماعيل هو الزيارة السريعة التى كان يقوم بها إبراهيم لابنه إسماعيل، ويرحل فورًا دون أن ينزل من على راحلته:
            ففى الحديث رقم (3113) الذى أخرجه البخارى، نقرأ حكاية إسماعيل وأمه هاجر، وكيف أوجد الله تعالى برحمته بئر زمزم، وكيف كان إبراهيم يزور ابنه، ويُغادر المكان بعد أن يترك له رسالة، دون أن ينزل من على دابته، وهذا يعنى أنه لو كان يسكن بالشام ، لما قطع كل هذا الطريق فى عدة أسابيع لإت لم تكن عدة شهور، تاركًا زوجته سارة وابنه إسحاق وتجارته وماشيته، ليلقى السلام على ابنه، ولا ينزل ليستريح من وعثاء السفر عدة أيام!! وعلى ذلك فقد كان مكان سكناه بالقرب من ابنه إسماعيل، وزوجته هاجر، وباقى أبنائه وأحفاده:
            3113 وحَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَكَثِيرِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَوَّلَ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ مِنْ قِبَلِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لَتُعَفِّيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ الْبَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى الْمَسْجِدِ وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ يَا إِبْرَاهِيمُ أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الْوَادِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا وَجَعَلَ لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا فَقَالَتْ لَهُ أَاللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ نَعَمْ قَالَتْ إِذَنْ لَا يُضَيِّعُنَا
            ثُمَّ رَجَعَتْ فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْبَيْتَ ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ رَبِّ (إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) حَتَّى بَلَغَ (يَشْكُرُونَ) وَجَعَلَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إِسْمَاعِيلَ وَتَشْرَبُ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ حَتَّى إِذَا نَفِدَ مَا فِي السِّقَاءِ عَطِشَتْ وَعَطِشَ ابْنُهَا وَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتَلَوَّى أَوْ قَالَ يَتَلَبَّطُ فَانْطَلَقَتْ كَرَاهِيَةَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِ فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ فِي الْأَرْضِ يَلِيهَا فَقَامَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الْوَادِيَ تَنْظُرُ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الْإِنْسَانِ الْمَجْهُودِ حَتَّى جَاوَزَتِ الْوَادِيَ ثُمَّ أَتَتِ الْمَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ هَلْ تَرَى أَحَدًا فَلَمْ تَرَ أَحَدًا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَلِكَ سَعْيُ النَّاسِ بَيْنَهُمَا.
            فَلَمَّا أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا فَقَالَتْ صَهٍ تُرِيدُ نَفْسَهَا ثُمَّ تَسَمَّعَتْ فَسَمِعَتْ أَيْضًا فَقَالَتْ قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا وَجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ الْمَاءِ فِي سِقَائِهَا وَهُوَ يَفُورُ بَعْدَ مَا تَغْرِفُ.
            قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنَ الْمَاءِ لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا قَالَ فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا فَقَالَ لَهَا الْمَلَكُ لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ وَأَبُوهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَهْلَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ تَأْتِيهِ السُّيُولُ فَتَأْخُذُ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ فَكَانَتْ كَذَلِكَ حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ مِنْ جُرْهُمَ أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ جُرْهُمَ مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءٍ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا فَقَالُوا إِنَّ هَذَا الطَّائِرَ لَيَدُورُ عَلَى مَاءٍ لَعَهْدُنَا بِهَذَا الْوَادِي وَمَا فِيهِ مَاءٌ فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ فَرَجَعُوا فَأَخْبَرُوهُمْ بِالْمَاءِ فَأَقْبَلُوا قَالَ وَأُمُّ إِسْمَاعِيلَ عِنْدَ الْمَاءِ فَقَالُوا أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ فَقَالَتْ نَعَمْ وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَكُمْ فِي الْمَاءِ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَلْفَى ذَلِكَ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُحِبُّ الْإِنْسَ فَنَزَلُوا وَأَرْسَلُوا إِلَى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ بِهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْهُمْ وَشَبَّ الْغُلَامُ وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ وَأَنْفَسَهُمْ وَأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ.
            وَمَاتَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ فَشَكَتْ إِلَيْهِ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَقُولِي لَهُ يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ.
            فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ كَأَنَّهُ آنَسَ شَيْئًا فَقَالَ هَلْ جَاءَكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ جَاءَنَا شَيْخٌ كَذَا وَكَذَا فَسَأَلَنَا عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ وَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا فِي جَهْدٍ وَشِدَّةٍ قَالَ فَهَلْ أَوْصَاكِ بِشَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَقَدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ الْحَقِي بِأَهْلِكِ فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ مِنْهُمْ أُخْرَى.
            فَلَبِثَ عَنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ فَدَخَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عَنْهُ فَقَالَتْ خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا قَالَ كَيْفَ أَنْتُمْ وَسَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ فَقَالَتْ نَحْنُ بِخَيْرٍ وَسَعَةٍ وَأَثْنَتْ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ مَا طَعَامُكُمْ قَالَتِ اللَّحْمُ قَالَ فَمَا شَرَابُكُمْ قَالَتِ الْمَاءُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي اللَّحْمِ وَالْمَاءِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ يَوْمَئِذٍ حَبٌّ وَلَوْ كَانَ لَهُمْ دَعَا لَهُمْ فِيهِ قَالَ فَهُمَا لَا يَخْلُو عَلَيْهِمَا أَحَدٌ بِغَيْرِ مَكَّةَ إِلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ قَالَ فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ وَمُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ.
            فَلَمَّا جَاءَ إِسْمَاعِيلُ قَالَ هَلْ أَتَاكُمْ مِنْ أَحَدٍ قَالَتْ نَعَمْ أَتَانَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَأَثْنَتْ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْكَ فَأَخْبَرْتُهُ فَسَأَلَنِي كَيْفَ عَيْشُنَا فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّا بِخَيْرٍ قَالَ فَأَوْصَاكِ بِشَيْءٍ قَالَتْ نَعَمْ هُوَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ قَالَ ذَاكِ أَبِي وَأَنْتِ الْعَتَبَةُ أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ ثُمَّ لَبِثَ عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ ثُمَّ قَالَ يَا إِسْمَاعِيلُ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ قَالَ فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ قَالَ وَتُعِينُنِي قَالَ وَأُعِينُكَ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَا هُنَا بَيْتًا وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا قَالَ فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأْتِي بِالْحِجَارَةِ وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ جَاءَ بِهَذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَهُ لَهُ فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ وَهُمَا يَقُولَانِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) قَالَ فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حَتَّى يَدُورَا حَوْلَ الْبَيْتِ وَهُمَا يَقُولَانِ (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)
            وفى حديث عطاء بن السائب َزَادَ «فَقَالَتْ اِنْزِلْ رَحِمَك اللَّه فَاطْعَمْ وَاشْرَبْ. ‏
            ‏قَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيع النُّزُول. قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَاك أَشْعَث أَفَلَا أَغْسِل رَأْسك وَأَدْهُنهُ؟ قَالَ: بَلَى إِنْ شِئْت. فَجَاءَتْهُ بِالْمَقَامِ, وَهُوَ يَوْمئِذٍ أَبْيَض مِثْل الْمَهَاة, وَكَانَ فِي بَيْت إِسْمَاعِيل مُلْقَى فَوَضَعَ قَدَمه الْيُمْنَى وَقَدَّمَ إِلَيْهَا شِقّ رَأْسه وَهُوَ عَلَى دَابَّته فَغَسَلَتْ شِقّ رَأْسه الْأَيْمَن, فَلَمَّا فَرَغَ حَوَّلَتْ لَهُ الْمَقَام حَتَّى وَضَعَ قَدَمه الْيُسْرَى وَقَدَّمَ إِلَيْهَا بِرَأْسِهِ فَغَسَلَتْ شِقّ رَأْسه الْأَيْسَر, فَالْأَثَر الَّذِي فِي الْمَقَام مِنْ ذَلِكَ ظَاهِر فِيهِ مَوْضِع الْعَقِب وَالْأُصْبُع»

            وَعِنْد الْفَاكِهِيّ مِنْ وَجْه آخَر عَنْ اِبْن جُرَيْجٍ عَنْ رَجُل عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس "إِنَّ سَارَةَ دَاخَلَتْهَا غَيْرَة , قَالَ لَهَا إِبْرَاهِيم: لَا أَنْزِل حَتَّى أَرْجِع إِلَيْك" وَنَحْوه فِي رِوَايَة عَطَاء بْن السَّائِب عِنْد عُمَر بْن شَبَّة.»
            http://hadith.al-islam.com/display/display.asp?Doc=0&Rec=5197
            يظن البعض أن إبراهيم فصل الزوجتين عن بعضهما البعض، فترك سارة فى فلسطين (كنعان)، وترك هاجر فى برية فاران، وبين المكانين مسيرة شهور. فلماذا لا يكون فصلهما على مسيرة ساعات ، أو بمثابة ما نراه اليوم من وجود عزبتين أو مزرعتين بجوار بعضهما البعض؟
            ألم يكن هذا حاله مع لوط ابن أخيه؟ فهل يقسو نبى الله إبراهيم على زوجته وأبنائه، ويترفق بابن أخيه؟ فقد كان لوط يسكن شرقى إبراهيم على مرمى بصره: (27وَبَكَّرَ إِبْرَاهِيمُ فِي الْغَدِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ أَمَامَ الرَّبِّ 28وَتَطَلَّعَ نَحْوَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَنَحْوَ كُلِّ أَرْضِ الدَّائِرَةِ وَنَظَرَ وَإِذَا دُخَانُ الأَرْضِ يَصْعَدُ كَدُخَانِ الأَتُونِ.) تكوين 19: 27-28
            ومعنى ذلك أن سدوم وعمورة كانت منطقة قريبة من مكان سكنى إبراهيم وذريته. فقد قال الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص إن إبراهيم كان يسكن جرار، غربى لوط. فأين تقع جرار هذه؟
            كذلك إن المكان الذى هرب إليه لوط وأهله كان على مسيرة ساعتين من الفجر حتى شروق الشمس: (23وَإِذْ أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ عَلَى الأَرْضِ دَخَلَ لُوطٌ إِلَى صُوغَرَ) تكوين 19: 23
            وعلى ذلك فإنه ليس بصحيح ما تناقلته قصص سفر التكوين من أن لوط سكن مدن الدائرة فى الأردن، وسكن إبراهيم فى كنعان، حيث تصعب أن ترى العين البشرية المجردة آلاف الكيلومترات: (12أَبْرَامُ سَكَنَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ وَلُوطٌ سَكَنَ فِي مُدُنِ الدَّائِرَةِ وَنَقَلَ خِيَامَهُ إِلَى سَدُومَ.) تكوين 13: 12
            لكن هل عرف الكتاب الذى تقدسه أيها القمص مرقس عزيز كلمة زمزم؟
            يقول سفر التثنية: (20(هِيَ أَيْضاً تُحْسَبُ أَرْضَ رَفَائِيِّينَ. سَكَنَ الرَّفَائِيُّونَ فِيهَا قَبْلاً لكِنَّ العَمُّونِيِّينَ يَدْعُونَهُمْ زَمْزُمِيِّينَ.) تثنية 2: 20
            وتحت كلمة (رفائيون) تقول دائرة المعارف الكتابية: «شعب امتد سكنهم من جنوبي أورشليم الى شرقي الأردن في باشان وعمون وموآب (تث 2: 11 و20 و21) ، في عشتاروت وعمون وموآب (تث 2: 11 و20 و21)، في عشتاروت قرنايم وشوى قريتايم ، ذكروا مع الزمزميين والزوزيين والإيميين والعناقين ، وقد ضربهم كدر لعومر والملوك الذين كانوا معه (تك 14: 57) ، كما كانت بلادهم بين الأراضي التي قطع الرب عهداً مع أبرام أن يعطيها لنسله (تك 15: 20). وقد ترجمت الكلمة العبرية الى كلمة "عمالقة" في بعض الترجمات. وكان عوج ملك باشان من بقية الرفائيين، وكان له سرير من حديد طوله تسع أذرع وعرضه أربع أذرع (تث 3: 11، يش 12: 4) مما يدل على أنه كان عملاقا كسائر الرفائيين (تث 2: 10 و11).»
            ونفهم من هذا أن الزمزميين هم الرفائيون، وهم أيضًا العمالقة، أو المديانيون أو الإسماعيليون: فتحت كلمة (عماليق - عمالقة) تقول دائرة المعارف الكتابية: «... ويبدو أنها نفس المنطقة التي كان يسكنها قبلاً بنو إسماعيل الذين "سكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجئ نحو أشور" (تك 25: 18). ...
            وعندما أرسل موسى - من برية فاران - الجواسيس، وجدوا "أن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جَّداً .. والعمالقة ساكنون في أرض الجنوب" (النقب).»
            هذا وسنتعرض فى كتبهم إلى أن العض يدعى أن وادى بكه هو وادى الرفائيين. وهذا من المستحيلات للأسباب الآتية:
            1- اعتراف علماء المسيحية أنه لا يوجد شجر فى هذا الوادى أُطلق عليه شجر البكا أو البلسان، بل نفوا وجود مثل هذه الأشجار فى فلسطين كلها.
            2- لم يتفق العلماء مطلقًا على تأكيد مكان مُحدد لوادى بكه، فمنهم من قال إنه تعبير رمزى، ومنهم من نقل جغرافيته إلى فلسطين ، ومنهم من قال إنها عين الحرامية، ومنهم من قال إنها وادى بوكيم، ومنهم من أقر عدم معرفة المكان صراحة.
            3- ذُكر فى موضعين مختلفين فى الكتاب باسم وادى الرفائيين، ولم يُذكر هذا الوادى مطلقًا باسم وادى بكه أو وادى البكا. (صموئيل الأول 5: 22 ، أخبار الأيام الأول 14: 9)
            وعلى ذلك عليهم البحث عن وادى بكه أو البكاء يكون فى البرية (الصحراء)، بالقرب من عين ماء ، فجرها الله تعالى، يقصده الحجاج، وهى مدينة الله المقدسة، التى يسبح فيها الحجاج الله تعالى ويذكرونه كل حين، ويأمن فيها الطير على عشه.
            وفى تحديد لموقع شور تقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (حويلة): «... كما أن بني إسماعيل "سكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجيء نحو أشور" (تك 18:25). كما "ضرب شاول عماليق من حويلة حتى مجيئك إلى شور التي مقابل مصر" (1صم 7:15)، وإن كان البعض يرون أن المقصود "بحويلة" هنا هو "تل حخيلة" (1صم 19:23، 1:26و3). ... ويرى الكثيرون أن "حويلة" بلاد العرب ليست هي حويلة جنة عدن، وأنهما مكانان مختلفان لا يعلم موقعهما حتى الآن.»
            وتحت (فاران) تقول دائرة المعارف الكتابية: «ويبدو أن الأدوميين [والأصح الدوميين] كانوا يقيمون أساساً في العربة وإلى الغرب منها حتى أيام داود الملك الذي أخضعهم "ووضع محافظين في أدوم كلها" (2صم 8: 13 و14)، وكانوا قد أقاموا لهم حصونا على حدودهم الشرقية في مرتفعات شرقي الأردن في القرن الثالث عشر قبل الميلاد. ولكن كانت بلادهم في زمن موسى تنحصر في النقب وتتخطاه إلى برية فاران.
            ونقرأ في سفر التكوين أن كدر لعومر ملك عيلام وحلفاءه، ضربوا "الحوريين في جبلهم سعير إلى بطمة فاران التي عند البرية" (تك 14: 6)، وأن إسماعيل بعد أن طرده إبراهيم- "سكن في برية فاران" (تك 21: 21).
            وبعد ذلك حل بنو إسرائيل في "برية فاران" (عد 10: 12). ومن هذه البرية أرسل موسى جاسوسيْن (عد 12: 16) لاستكشاف أرض كنعان (عد 13: 3). وقد عاد الجاسوسان بعد إتمام مأموريتهم إلى "برية فاران، إلى قادش" (عد 13: 26). كما نقرأ في سفر التثنية (1: 19-22) أن موسى أرسل الجاسوسيْن من قادش، فإذا كانت "قادش" هذه هي "عين القدرات" على الحدود الحالية بين مصر وإسرائيل، فلابد أن "فاران" كانت على الجانب الغربي من وادي عربة، الأخدود العظيم.»
            ومعنى ذلك أن بنو إسرائيل لم يدخلوا سيناء، ولم يحدث التيه فيها، لأن سيناء كانت تابعة لمصر، فكيف يهرب من مصر إلى مصر؟ وبما أنَّ التيه حدث بعد خروجهم من مصر، وغرق فرعون وجنوده. وعلى ذلك يكون موسى u وقومه قد عبروا البحر الأحمر إلى الأرض المقدسة (قادش) ، وتاهوا هناك فى الصحراء العربية، أو كانوا فى مصر اليمنية، كما تقول بعض الدراسات الحديثة.
            وقد جاء فى الترجمة السامرية لسفر التكوين التى صدرت فى 1851 كما يقول كتاب (دراسات تاريخية من القرآن الكريم ج1 ص147): أن (إسماعيل قد سكن برية فاران بالحجاز، وأخذت له أمه امرأة من أرض مصر) (نبى أرض الجنوب ص67)
            كما جاء فى الموسوعة البريطانية ج2 ص743 تحت مادة (Saadia ben Joseph) وكذلك جاء فى الموسوعة اليهودية عن ترجمة التوراة العربية المعروفة بترجمة سعادية نسبة إلى مترجمها اليهودى المصرى الفيومى الموطن سعادية بن يوسف (892-942م)، والتى كانت الترجمة القياسية لكل يهود الأقطار العربية، والتى طبعت لأول مرة فى باريس سنة 1893، ثم أعيدت طباعتها فى القدس سنة 1901م. جاء فى هذه الترجمة أسماء الأماكن العربية بدلا من العبرية، مثل (مكة قبال مسّا) و(بلاد القبلة قبال أرض الجنوب) ، و(الحجاز قبالة شور).
            ومن المعروف لدى الدارسين فى الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص أن المعبد لم يُبن إلا فى زمن سليمان u، وقد خطط الأرض وعاين المكان أبوه داود u من قبله. وقبل ذلك لم تكن هناك أرضًا مقدسة، أو أرض يُطلق عليها بلاد الله ، أو مدينة الله ، أو المدينة المقدسة غير مكة. حيث بنى نوح معبدًا فيها للرب، وبنى فيها إبراهيم u بيتًا للرب (تكوين 12: 8) ، وبنى فيها يعقوب u بيتًا لله (تك 28: 18 و 19)، وزارها موسى u(العدد 10: 12). وزارها داود هاربًا من خصومه، وزارها ليستخير الرب فى حربه ضد الفلسطينيين: (صموائيل الثانى 5: 23و 24، أخبار الأيام الأول 14: 14و15).
            فما هو بيت الله هذا الذى يتكلم عنه سفر التكوين قبل بناء الهيكل وانطباق الكلمة عليه، وقبل بناء الكنائس وادعائكم أن الكلمة تعنى كنائسكم؟
            إن بيت إيل (بيت الله) أو مدينة إيل (مدينة الله) كانت شهيرة فى التاريخ فى العالم القديم قبل بناء الهيكل بمئات من السنوات، إن لم يكن آلاف منها. ونركز هنا على بلاد بونت ، والتى تعنى (بلاد الإله المقدسة). فقد لاحظ الكاتب اليهودى إيمانويل فلايكوفيسكى (ص134-135 من كتابه عوالم فى فوضى) فى وصف صور جدران معبد حتشبسوت (الدير البحرى) بالبر الغربى بالأقصر أن بلاد الإله المقدسة هذه يقطنها رجال بيض البشرة، كـأنهم من أصل سامى أو قوقازى، وتبدو عليهم مخايل النبل والزهو، ويكوِّنون غالبية السُّكَّان. أما النباتات فقد كانت شبيهة بنباتات الساحل الجنوبى لشبه الجزيرة العربية.
            وتقع بلاد بونت هذه كما يصفها نقش مصرى قديم يرجع إلى عصر أمنحوتب الثالث فى الدولة الحديثة، حيث كانت العاصمة «طيبة»، الأقصر الحالية: «حينما أولى وجهى إلى مشرق الشمس فإنى أولى وجهى إلى بلاد بونت»، أى إلى شبه الجزيرة العربية، أى أتجه إلى أرض الإله المقدسة فى شبه الجزيرة العربية. (نبى أرض الجنوب ص58-59)
            * * *

            تعليق

            • abubakr_3
              مشرف عام

              • 15 يون, 2006
              • 849
              • مسلم

              #21
              مقدمة قبل الحديث عن بكة أو مكة:
              إن الكلام عن مكة أو بكة لا يمكن أن يأتى منفصلا عن باقى المناطق الجغرافية المتاخمة لها، ولا يمكن أن يكون منفصلا عن الأحداث التاريخية للشعوب التى سكنت هذه المناطق. وإن الكذب والتحريف فى هذا العلم تفضحه الأبحاث الآثارية والإكتشافات الأركيولوجية. وبما أن النبى محمد r من ذرية إبراهيم ، عن طريق ابنه إسماعيل، وبالتحديد من قيدار بن إسماعيل، والذى جاءت منه قبيلة قريش. (1وَعَادَ إِبْرَاهِيمُ فَأَخَذَ زَوْجَةً اسْمُهَا قَطُورَةُ 2فَوَلَدَتْ لَهُ زِمْرَانَ وَيَقْشَانَ وَمَدَانَ وَمِدْيَانَ وَيِشْبَاقَ وَشُوحاً. 3وَوَلَدَ يَقْشَانُ: شَبَا وَدَدَانَ. وَكَانَ بَنُو دَدَانَ: أَشُّورِيمَ وَلَطُوشِيمَ وَلَأُمِّيمَ. 4وَبَنُو مِدْيَانَ: عَيْفَةُ وَعِفْرُ وَحَنُوكُ وَأَبِيدَاعُ وَأَلْدَعَةُ. جَمِيعُ هَؤُلاَءِ بَنُو قَطُورَةَ.) تكوين 25: 1-4
              وكان كل ابن من أبناء إسماعيل أو إبراهيم يسكن منطقة تُسمَّى باسمه كما يخبرنا سفر التكوين: (12وَهَذِهِ مَوَالِيدُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَلَدَتْهُ هَاجَرُ الْمِصْرِيَّةُ جَارِيَةُ سَارَةَ لإِبْرَاهِيمَ. 13وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ 14وَمِشْمَاعُ وَدُومَةُ وَمَسَّا 15وَحَدَارُ وَتَيْمَا وَيَطُورُ وَنَافِيشُ وَقِدْمَةُ. 16هَؤُلاَءِ هُمْ بَنُو إِسْمَاعِيلَ وَهَذِهِ أَسْمَاؤُهُمْ بِدِيَارِهِمْ وَحُصُونِهِمْ. اثْنَا عَشَرَ رَئِيساً حَسَبَ قَبَائِلِهِمْ.) تكوين 25: 12-16
              تؤكد ذلك دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (تيما - تيماء) فتقول إنه: «اسم عبري معناه "الجنوبي" وهو اسم أحد أبناء إسماعيل الاثني عشر (تك 25: 15، 1 أخ 1: 30)، وأيضاً اسم القبيلة التي جاءت منه (ارميا 25: 23)، واسم المكان الذي استوطنه نسله (أيوب 6: 19، آسيا 21: 14).»
              وتؤكده مرة أخرى تحت كلمة (مسّا) بقولها: «.... وجاء في العدد الأول من الأصحاح الحادي والثلاثين من سفر الأمثال: "كلام لموئيل ملك مسَّا"، وهذا يعني أنه كان ملكاً على قبيلة من نسل مسَّا بن إسماعيل، أو منطقة استوطنتها هذه القبيلة ....»
              وبما أن النبى محمد r كان من أهل مكة، ونشأت قبيلته قريش فى مكة، وجاء هو من هذه القبيلة، التى تمتد جذورها إلى قيدار الابن الثانى لنبى الله إبراهيم u، فلا بد أن يكون قيدار وإبراهيم وذريتهما قد سكنوا مكة، والقرى والبلاد التى حولها.
              فتحت كلمة (يقشان) تقول دائرة المعارف الكتابية: «اسم عبري معناه "صائد الطيور"، وهو الابن الثاني لإبراهيم من زوجته قطورة، وقد ولد يقشان شبا وددان، وهما من أسلاف القبائل العربية (تك 25: 2 و 23 و 1 أخ 1: 32).»
              وتحت كلمة (شبا) تقول دائرة المعارف الكتابية: «(1) شبا وددان ابنا رعمة بن كوش (تك 10: 7). (2) شبا وددان ابنا يقشان بن إبراهيم من زوجته قطورة (تك 25: 3). (3) شبا أحد أبناء يقطان بن عابر من نسل سام بن نوح (تك 10: 28). ويبدو من هذه الشواهد الثلاثة أن شبا هو اسم قبيلة عربية (والعرب ساميون) .... فالواقع أن شبا كانت قبيلة عربية من نسل يقطان استوطنت جنوبي بلاد العرب (تك 10: 28) واسم شبا وأسماء بعض اخوته مثل حضرموت وأوزال (صنعاء) مازالت تطلق على أجزاء فى جنوبي شبه الجزيرة العربية. ...... ويقول النسَّابون العرب إن سبا أو شبا هو الحفيد العظيم لقحطان (يقطان) أصل العرب القحطانية، وهو أبو حمير وكهلان. .... وفى البداية اشترك السبئيون فى حكم القبائل العربية فى الجنوب مع حمير وغيرها من القبائل ، ولكن شيئا فشيئا مدت سلطانها حتى شمل كل هذه القبائل بعد بداية العصر المسيحي. ....»
              ومعنى ذلك أن إبراهيم وأولاده وأحفاده كانوا يسكنون الجزيرة العربية مع باقى أسرته من الددانيين ونسل شبا أو سبا الذين هم السبئيون.
              وبعد أن علمنا أن أرض الجنوب هى الجزيرة العربية تقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (عماليق - عمالقة): «عماليق اسم سامي قد يعني "المحارب" أو "ساكن الوادي" ، وهو: (1) عماليق حفيد عيسو بن يعقوب ، فهو بن إليفاز بكر عيسو، وقد ولدته لإليفاز سريته تمناع، وأصبح نسله قبيلة كبيرة لها أميرها، تجوب الصحراء جنوبي أرض كنعان (تك 36: 12, 16، 1 أخ 1: 36) . (2) عماليق أو العمالقة، شعب من البدو الرُحَّال في جنوبي أرض كنعان وصحراء النقب، وكانوا معادين لإسرائيل في المراحل الأولى من تاريخ إسرائيل. ....
              ونقرأ أن شاول الملك ضرب "عماليق من حويلة حتي مجيئك إلى شور التي مقابل مصر" (1 صم 15: 7). ويبدو أنها نفس المنطقة التي كان يسكنها قبلاً بنو إسماعيل الذين "سكنوا من حويلة إلى شور التي أمام مصر حينما تجئ نحو أشور" (تك 25: 18). ....
              وعندما أرسل موسى - من برية فاران - الجواسيس، وجدوا "أن الشعب الساكن في الأرض معتز والمدن حصينة عظيمة جَّداً .. والعمالقة ساكنون في أرض الجنوب" (النقب). ثم قالوا: "لا نقدر أن نصعد إلى الأرض لأنهم أشد منا" ، وذلك رغم ما قاله كالب ويشوع من أنهم قادرون عليها لأن الرب معهم (عد13: 25-33، 14: 7-9). ....»
              ومعنى هذا أن برية فاران هى أرض العمالقة أو تقع بالقرب منها ، وهى فى أرض الجنوب، أى فى الجزيرة العربية، وكان يُخالطهم فى السكن أهل حمير، الذين هم نسل عيسو أخى يعقوب أبناء إسحاق عليهم السلام. الأمر الذى يدل على أن إبراهيم وكل ذريته من إسماعيل وإسحاق كانوا يسكنون هذه المنطقة.
              ومعنى ذلك أيضًا أن موسى u هرب بالقرب من أرض العمالقة، وأقام فى فاران (اسم من أسماء مكة)، وربما أقام شعائر الحج المتعارف عليها فى ذلك الوقت، ومن هنا تعرَّف بنو إسرائيل على أسماء بعض الأماكن التى سمُّوا بها أماكن أخرى فى فلسطين بعد عودتهم من السبى، لتكون أرضهم التى اغتصبوها هى الأرض المقدسة، ويكون الحج إليها.
              لذلك اختلف معهم العرب والسامريون عندما أرادوا بناء الهيكل على جبل عيبال، وادعوا أن سليمان هو الذى بناه هناك.
              أمَّا أن يرسل موسى u اثنين أثناء إقامته فى فاران التى يضعها القائمون على ترجمة الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص فى سيناء، ليتجسسوا على أرض العماليق التى تقع فى الجزيرة العربية، فهذا نوع من أنواع أفلام الخيال العلمى، الذى لا يمت للواقع بصلة. فاحسب كم من الكيلومترات على هذين الجاسوسين أن يقطعاها ذهابًا وإيابًا، واحسب الدواب التى تنقلهم وتنقل زادهم معهم، يتبين لك أنه درب من المستحيل أن يتم هذا، إلا إذا كانت فاران تقع بالقرب من مكان سُكنى العماليق.
              ولطالما أن عماليق حفيد عيسو ، فمعنى ذلك أن جبل سعير كان يقع قريبًا من موطن العماليق وموطن عيسو، حيث كنا قد أثبتنا أن كل قبيلة نشأت وترعرعت فى الموطن الذى ولدت فيه وتسمَّى باسمها. فإذا كان عيسو هو جد الأدوميين، وهو مكان سكناه، فمعنى ذلك أن عيسو كان يسكن مع إسماعيل فى نفس المكان مع الجزء الخاص بدومة بن إسماعيل.
              يؤكد ذلك وجود جبل حوريب بالقرب من فاران, فعن حوريب ومكانها تقول دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (جبل سيناء): «أقوال الأباء : هناك تقليد متواتر يرجع إلى القرن الرابع، يحدد موقع الجبل. فيحدد يوسابيوس وجيروم موقع حوريب بالقرب من فاران .... »
              (1هَذَا هُوَ الكَلامُ الذِي كَلمَ بِهِ مُوسَى جَمِيعَ إِسْرَائِيل فِي عَبْرِ الأُرْدُنِّ فِي البَرِّيَّةِ فِي العَرَبَةِ قُبَالةَ سُوفٍَ بَيْنَ فَارَانَ وَتُوفَل وَلابَانَ وَحَضَيْرُوتَ وَذِي ذَهَبٍ. 2أَحَدَ عَشَرَ يَوْماً مِنْ حُورِيبَ عَلى طَرِيقِ جَبَلِ سَعِيرَ إِلى قَادِشَ بَرْنِيعَ.) تثنية 1: 1-2
              هذا على الرغم من أن هناك أبحاث أخرى تشير إلى وجود هذا الجبل بالمدينة المنورة. لكن يصعب التوفيق بين وجودها فى المدينة المنورة، وقطع بنى إسرائيل لهذه المسافة فى أحد عشر يومًا، حيث تبلغ المسافة حوالى 550 كم. (موسى وفرعون فى جزيرة العرب، ص89-90)
              وتحت كلمة (دومة) تقول دائرة المعارف الكتابية: «كلمة عبرية تعني :السكوت أو الصمت: (انظر مز 94: 17، 115: 17)، ... (2) جاء فى نبوة إشعياء : "وحي من جهة دومة" (إش 21: 11و12). والأرجح أنها إشارة رمزية إلى "أدوم"، وبخاصة أن النبي يذكر بعدها مباشرة "سعير"، كما أن الترجمة السبعنية تذكرها على أنها "أدوم".
              (3) اسم الابن السادس من أولاد إسماعيل بن إبراهيم (تك25: 14، 1أخ 1: 30).ويقول المؤرخون العرب إن "دومة بن اسماعيل" هو الذى اسس مدينة "دومة الجندل"، .... »
              ومن المعروف أن وادى (ءدم) أو (إدام) والذى يُكتب أدوم، هو وادى جنوب مكة المكرمة (التوراة جاءت من جزيرة العرب ص80).
              وتحت كلمة (سعير - ساعير) تتوصل دائرة المعارف الكتابية إلى استحالة تحديد موقعها بدقة، فتقول «وبذلك لا تبقى سوى عبارة واحدة في تث 1: 44، ولا يمكن البت في الموضوع في ضوء هذه العبارة وحدها.»، ولكنها تقول معلومة تفيدنا فى هذا البحث ، وهى أن : «وهكذا أصبح "سعير" و"جبل سعير" و"أرض سعير" مرادفة "لأدوم" (تك 36: 30، 2أخ 20: 10،25: 11).»
              ويُطلقون على عسير هذه أيضًا مرتفعات الأدوميين، والصحيح أنها مرتفعات الدوميين، نسبة إلى دومة بن اسماعيل، لذلك تسمى دائرة المعارف الكتابية كلمة (سعير - ساعير) ”جبال سعير“ بـ ”سلسلة جبال أدوم“. ومعلوم أن دومة ونسله من بعده سكنوا المناطق المطلة على البحر الأحمر، والتى تُعرف بين عرب الجزيرة العربية باسم مرتفعات «عسير» وليست سعير. خلافًا لمرتفعات سعير التى لا وجود لها فى الخرائط الجغرافية العربية القديمة أو الحديثة. الأمر الذى دعا دائرة المعارف الكتابية إلى أن تعطى عدة احتمالات، هى مثار خلاف بين العلماء لليوم.
              والغريب أنه فى تلك المنطقة قامت معركة بين العماليق وبين بنى إسرائيل (أخبار الأيام الأول 4: 42)، وأن تفاصيل جغرافية هذه المعركة تنطبق تمامًا على جغرافية منطقة عسير بجزيرة العرب، ولا تنطبق نهائيًا مع منطقة سعير المزعومة.
              وتحت كلمة (مسَّا) تقول دائرة المعارف الكتابية: «اسم سامي معناه "حِمل"، وهو اسم أحد أحفاد إبراهيم من ابنه إسماعيل (تك 25: 14، أخ 1: 30). ولعله نسله هم "المساني" الذين ذكرهم بطليموس، وكانوا يقطنون شرقي شبه الجزيرة العربية، بالقرب من بابل. وجاء في العدد الأول من الأصحاح الحادي والثلاثين من سفر الأمثال: "كلام لموئيل ملك مسَّا"، وهذا يعني أنه كان ملكاً على قبيلة من نسل مسَّا بن إسماعيل ، أو منطقة استوطنتها هذه القبيلة ....»
              وتحت كلمة (سالع) تقول دائرة المعارف الكتابية، إنه المكان الذى كان يسكن فيه بنو عيسو، وهى تشير إلى عاصمة أدوم، وفى الوقت الذى يضع احتمالا أنها تكون مدينة البتراء، إلا أنه يعود وينفى ذلك بناءً على المكتشفات الآثارية التى تمت هناك: «... والأرجح أنها حيثما تذكر فى الكتاب المقدس، فإنها تشير إلى عاصمة أدوم، المدينة الحصينة فى وادى موسى التى اشتهرت باسم "البتراء" (وهو معنى "صخرة" فى اللغة اليونانية Petra)
              وهى تقع فى شق صخرى ضيق على الطريق من وادى الملح إلى أدوم الذى يمر بعقبة عقربيم ، وهو موقع استراتيجى يكوِّن حصناً منيعاً (قض1: 36- والأرجح أن المقصود "بالأموريين" هنا هم "الأدوميون"). ....
              وقد أسفرت الحفريات الأثرية فى "رأس أم بيارة" فى البتراء فى 1929، 1933، 1934 عن اكتشاف بقايا فخارية من عهد الأدوميين، ما رجح لدى العلماء أنها هى "سالع" المذكورة فى الكتاب المقدس. ....
              وقد كشفت الحفريات الأثرية لقمة تلك القلعة الطبيعية فى 1960، 1963، 1965، عن أن الأدوميين قد سكنوها منذ أواخر القرن الثامن قبل الميلاد . ومما عثر عليه بها، خاتم باسم "قوص جابر" ملك أدوم الذى كان معاصراً لمنسى ملك يهوذا. وتتفق بقايا مباني النبطيين مع ما ذكره المؤرخ ديودور الصقلى، بأن النبطيين قد احتلوا القلعة وردوا عنها أنتيجونوس فى 312 ق .م.
              وحيث أنه لم يُعثر على بقايا ترجع إلى ما قبل القرن الثامن قبل الميلاد فى "أم بيارة"، رأى بعض العلماء أنه يجب البحث عن موقع آخر "لسالع" المذكورة فى الكتاب المقدس ، واقترحوا قرية صغيرة فى أدوم على بعد ثلاثين ميلاً إلى الشمال من "البتراء" بالقرب من "بوصيرة" (أو "بصرة") تسمى "سالع" وبالقرب منها مرتفع صخرى شديد الانحدار لا يمكن الصعود إليه إلا من طريق واحد. وتدل البقايا التى التقطت من فوق سطح ذلك الموقع، على أنها ترجع إلى تاريخ أقدم من تلك التى وجدت فى "أم بيارة" ، ويبدو هذا الموقع أكثر انطباقاً – من الناحية الجغرافية – عن موقع البتراء.»
              الأمر الذى يؤكد عدم صدق جغرافية الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص!! خاصة وأن كلمة سالع أصلها عربى تُعرف باسم (سِلَع)، وهى تشير إلى المدينة المنورة، فهناك لا يزال جبلان يحملان نفس هذا الاسم القديم. وقد ورد اسم جبل (سِلَع) فى قصيدة من (25) بيتًا للشاعر الجاهلى الشنفرى ابن أخت (تأبط شرا) يرثو فيها خاله قائلاً:
              إن بالشعب الذى دون سِلَع لقتيلا دمه ما بطل

              وكان اليهود يعلمون جيدًا مكان سِلَع هذه، ويعلمون أنها مكان ظهور المسِّيِّا عبد الله، الذى سيحكم العالم، ويسوسه بالعدل. لذلك استوطنت قبائل منهم قريبًا من سِلَع هذه، منهم بنو قريظة وبنو قينقاع وبنو النضير وغيرهم. وكانوا يستفتحون على الذين كفروا من أهل سِلَع بذلك النبى المنتظر خروجه ليسوس أمم العالم أجمع تحت رايته. فلما جاءهم ما عرفوا ، كفروا به.
              وبما أن دائرة المعارف الكتابية تُرجِّح أن سالع هى مدينة البتراء المذكورة فى سفر إشعياء (16: 1 و42: 11)، وتعترف أن السوريين يسمونها الركيم (والصحيح: الرقيم). إلا أنه بناءً على الإكتشافات الآثارية الحديثة، تم العثور على مسلتين حجريتين فى مدخل تلك المدينة، ووجد عليها اسم المدينة منقوشًا بالحرف النبطى، وهو الرقيم وليست سالع. وأيَّدت هذا السجلات اليهودية القديمة للمؤرخ اليهودى يوسيفوس المتوفى فى بداية القرن الثانى الميلادى.
              وأراد المؤرخ العربى فيليب حتى فى تاريخ سوريا (ج1 ص418) أن يجمع بين ترجمة نص إشعياء السابق ومقولة يوسيفوس والمكتشفات الحديثة فقال: «إن كلمة بتراء (Petra) هى اللفظ اليونانى لكلمة صخرة وفى العربية الفصحى الرقيم، وهى ترجمة كلمة سِلَع (Sela) العبرية». (”نبى أرض الجنوب“ بتصرف ص129-131)
              وقد أخطأ المؤرخ الكبير فى هذا، فالكلمة ليست عبرية ، وليس لها اشتقاقات لغوية فى العبرية، ولا تعنى الرقيم فى العربية كلمة صخرة التى ادعاها. والصحيح أنها اسم من أسماء المدينة المنورة. كما أن مدينة الرقيم لا يمكن بحال من الأحوال أن تنطبق عليها نبوءة نبى الله إشعياء، حيث لم يهاجر إليها أحد، ولم تحدث حرب بين أهلها وبين جبابرة بنى قيدار (قريش) بعد سنة واحدة كسنين الأجير من حادثة الهجرة: (13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ) إشعياء 21: 13-17
              وجاءت الفقرة (13) فى ترجمة كتاب الحياة (طبعة 1988): (نبوءة بشأن شبه الجزيرة العربية)، وغيرتها النسخ الكاثوليكية (طبعة 1993) إلى (وحى على العرب) واليسوعية (طبعة 1991) إلى (قول على العربة). وعلى ذلك فإن الوحى القادم من دومة أو أدوم هو نفس الوحى الذى تكلم عنه الرب والقادم من شبه الجزيرة العربية (11وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ دُومَةَ: صَرَخَ إِلَيَّ صَارِخٌ مِنْ سَعِيرَ: «يَا حَارِسُ مَا مِنَ اللَّيْلِ؟ يَا حَارِسُ مَا مِنَ اللَّيْلِ؟»).
              كما أن هذا الشخص الذى سيوحى إليه من جزيرة العرب سيهرب من تحت سيوف أعدائه. وقد اتفقت كل التراجم على أن الكلمة المترجمة هى فى أصلها الهارب. والحقيقة أنها المهاجر، وهى إشارة إلى هجرة الرسول r من مكة إلى المدينة. ونقلا بتصرف بسيط عن (نبى أرض الجتوب)
              والكلمة العبرية المترجمة إلى الهارب هى (נדד) والتى تنطق نادَد هى من الجذر اللغوى (ندد). ويوجد هذا الجذر بمعناه فى العبرية والعربية. والكلمة العبرية التى نحن بصدد الحديث عنها مكتوبة بفتح النون فتحة طويلة تستدعى ظهور حرف الألف بعد النون، ثم فتح الدال الأولى فتحة عادية ثم الدال الثانية مهملة التشكيل هكذا نادَد (راجع الكلمة رقم ( 5074 ) وتشكيلها فى القاموس العبرى الكلدانى لأسفار العهد القديم:Gesenius Hebrew-Chaldee lexicon to Old Testament )، فهى على وزن فاعَل وليست على وزن اسم الفاعل فاعِل . وهذا الوزن فاعَل فيه معنى المفاعلة. ونادَد هذه تحمل معنى الانتقال من مكان إلى آخر مثل كلمة هاجَر التى فيها معنى المهاجرة وليست مثل هارب أو لاجىء بكسر الحرف قبل الأخير. فقولهم فى الترجمات العربية هارِب ولاجِىء تعتبر ترجمات خاطئة لم يراع فيها الوزن اللغوى للكلمة أو المعنى المقصود. والأغرب فى أمر ترجمة كتاب الحياة المصرية والتى هى بمثابة ترجمة تفسيرية للنصوص، أن تأتى فيها الكلمة بصيغة جمع فقالت "الهاربين" حتى تنقل القارىء من النبوءة بشخص ووحى ونبوة يأتيان إليه، إلى مجموعة من الناس تهرب، خوفًا من الحرب أو القتل الذى يحدث فى كل مكان، ومع الكثير من الناس، وبذلك أرادوا طمث النبوة والنبوءة.
              يؤكد أن النبوءة تخص الرسول r أن النص يتكلم عن غزوة بدر بعد هذه الهجرة بسنة وانتهاء مجد قيدار. لذلك تحول الكلام إلى نبوءة زمانية مقدارها "سنة كسنة الأجير" تقاس من بعد حدث الهجرة إلى أهل تيماء ، حيث تدور بعدها معركة يفنى فيها مجد بنوقيدار ..!!)
              (فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ) إشعياء 21: 16-17
              فبعد وقت قليل من الهجرة حدثت غزوة بدر وانتصر فيها المسلمون على المشركين من أبناء قيدار (قريش) طبقاً لما جاء فى النبوءة ، وأفنت كل مجد قيدار. ودليلنا على ذلك:
              1- أن الرسول r قال للمسلمين: “هذه مكة ألقت إليكم أفلاذ كبدها” أى إن أشراف مكة وخيرة رجالها قد خرجوا لمحاربتكم. فإذا انهزموا ، وقتل منهم من قتل ، وسيق الآخرون أسرى فى أيدى المسلمين ، ألا يعتبر هذا فناء لمجد قريش ولكبريائها وعظمتها أمام الفئة الضعيفة التى انتصرت عليهم؟
              2- وفى غضون ثمانى سنوات كانت الهزائم قد توالت عليهم وخسر المشركون الكثير من أشرافهم وقادتهم حتى دخلها رسول الله r فاتحاً منتصراً على رأس عشرة آلاف من الجنود المسلمين ، فكسَّرَ أصنامهم ، وأصبحوا نفرا فى الأمة بعد أن كانوا أسياد أمتهم. (نقلاً بتصرف عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد ، للدكتورة مها محمد فريد عقل صفحات 98-104)
              3- من قبيلة قيدار جاء الرسول r: وقد اعترفت المراجع الجغرافية والتاريخية الأجنبية نفسها بمجىء رسول الله r من نسل قيدار بن إسماعيل. مثل:
              The historical Formation of Arab Nation, Page 11

              وكذلك:The Historical Geography of Arabia by the REV. Charles Forster, Page 248
              فيقول المرجع الأخير: إنه من التقليد السحيق لدى العرب أنفسهم أن قيدار وذريته قد استقروا فى الحجاز، وهم أجداد قبيلة قريش حكام مكة، وحراس الكعبة، وسبب مفخرة هذا النسب (كونهم حراس الكعبة).
              كما تتحدث النبوءة عما يعانيه هذا النبى فى رحلته من تعب وجوع وعطش ، وهذا يعنى أنه من الممكن أن تكون هذه الهجرة فى الصيف. وهذا ما حدث بالفعل ، فقد وصل رسول الله r المدينة بتاريخ 20 سبتمبر عام 622م ، وبهذا التاريخ بدأ التأريخ الهجرى. وهذا يعنى أيضاً أنه خرج من مكة فى شهر أغسطس ، وهو من أشد شهور الصيف حراً. وهذا يفسر قول النبوءة: (14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ) ، فقد كانت اشارة على أن الهجرة ستكون فى الصيف.
              ولكن ما علاقة (سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ) و(قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ.) بهجرة الرسول r؟ فهم لا يرون علاقة بين الديدان والمدينة المنورة ، ويدعون أن تيماء تقع بعد المدينة المنورة ، وبالتالى فإن هجرة محمد r من مكة للمدينة لا تجعله يمر بتيماء.
              أولاً: إن الديدان هى العلا وهى احدى محافظات المدينة المنورة التى تمت هجرة الرسول r إليها. ودليلنا على ذلك من
              A.A Duri, 1987 Translated by Lawrence I Conrad, “The historical formation of Arab Nation” Croom Helm. London, New York, Sydney, Page 6
              وملخص ترجمة ما يقوله: إنه فى القرن السادس قبل الميلاد ذكر كتاب الملك البابليونى استيلائه على تيماء ، التى أصبحت عاصمته لمدة 10 سنوات. كما امتدت سيطرته لتشمل ديدان (العلا) ، وخيبر ويثرب (مدن عربية).
              وهناك مرجع آخر يقر بأن الديدانيين هم سكان العلا ، وهى نفسها ديدان:
              geoffrey king i.b. tauris publischers london. New york Published in 1998 “The Traditional Architecture of Saudi Arabia” Page 79.
              وتقول: إن تاريخ مقاطعة العلا ثابت منذ أقدم التاريخ ، ساعدت الواحات الحضارة العربية القديمة لديدان منذ القرن السادس قبل الميلاد. (نقلاً بتصرف عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد ، للدكتورة مها محمد فريد عقل صفحات 78- 86)
              وعلى ذلك فهذا المرجع يُبيِّن أن ديدان هى العلا. والآن بعد إزالة الإشكال فى التعرف على موقع ديدان ، لم يبق أمامكم إلا التسليم بأن هذه النبوءة تشير إلى هجرة الرسول r.
              أمَّا بالنسبة لأرض تيماء فهى تقع فى السعودية كما يقول القاموس الجغرافى الجديد، ولا خلاف على ذلك: Websters New Geographical dictionary, 1972
              (G, C Merriam Company; Publishers spring Field, Massachusetts, Page 1176)
              أما عن موقعها داخل السعودية فهى تقع على مفترق عدد من الطرق البرية التى تصل بين أطراف الجزيرة وبين المناطق الحضارية خارج الجزيرة فى بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، وهى أكبر مركز تجارى كشف عنه حتى الوقت الحاضر فى الجزيرة العربية. ومعنى هذا أن تيماء تقع فى طريق التجارة من مكة إلى سوريا (وهى ما تعرف برحلة الصيف). ويؤكد التاريخ صحة تفسيرنا لهذه النبوءة ، وأنها لا تنطبق لا من قريب أو بعيد إلا على المِسِّيِّا الذى خرج من أرض الحجاز. فقد كان اليهود ساكنوا تيماء يبشرون بقرب ظهور نبى مهاجرًا استنادًا على هذه النبوءة.
              فهل لو لم تنطبق هذه النبوءة على محمد r فهل ممكن أن تنطبق على أحد غيره؟ بالطبع لا. فلا علاقة إذاً بمن ينتظره اليهود ليخرج منهم. (نقلاً بتصرف عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد ، للدكتورة مها محمد فريد عقل صفحات 90-97)
              إذاً فالنبوءة تصف هجرة الرسول r من مكة إلى المدينة ، وهذا ما حدث للرسول r وقت الهجرة ، فقد اجتمع نفر من أشراف كل قبيلة ودخلوا دار الندوة واتفقوا على أن يُؤخذ رجل من كل قبيلة ويجتمعون على قتل رسول الله r ، فيتفرق دمه بين القبائل. وكانت هذه فكرة أبو جهل ، وقد وصفها سفر المزامير بقوله: (12الشِّرِّيرُ يَتَفَكَّرُ ضِدَّ الصِّدِّيقِ وَيُحَرِّقُ عَلَيْهِ أَسْنَانَهُ. 13الرَّبُّ يَضْحَكُ بِهِ لأَنَّهُ رَأَى أَنَّ يَوْمَهُ آتٍ! 14الأَشْرَارُ قَدْ سَلُّوا السَّيْفَ وَمَدُّوا قَوْسَهُمْ لِرَمْيِ الْمِسْكِينِ وَالْفَقِيرِ لِقَتْلِ الْمُسْتَقِيمِ طَرِيقُهُمْ. 15سَيْفُهُمْ يَدْخُلُ فِي قَلْبِهِمْ وَقِسِيُّهُمْ تَنْكَسِرُ. 16اَلْقَلِيلُ الَّذِي لِلصِّدِّيقِ خَيْرٌ مِنْ ثَرْوَةِ أَشْرَارٍ كَثِيرِينَ. 17لأَنَّ سَوَاعِدَ الأَشْرَارِ تَنْكَسِرُ وَعَاضِدُ الصِّدِّيقِينَ الرَّبُّ. 18الرَّبُّ عَارِفٌ أَيَّامَ الْكَمَلَةِ وَمِيرَاثُهُمْ إِلَى الأَبَدِ يَكُونُ. 19لاَ يُخْزَوْنَ فِي زَمَنِ السُّوءِ وَفِي أَيَّامِ الْجُوعِ يَشْبَعُونَ. 20لأَنَّ الأَشْرَارَ يَهْلِكُونَ وَأَعْدَاءُ الرَّبِّ كَبَهَاءِ الْمَرَاعِي. فَنُوا. كَالدُّخَانِ فَنُوا. 21الشِّرِّيرُ يَسْتَقْرِضُ وَلاَ يَفِي أَمَّا الصِّدِّيقُ فَيَتَرَأَّفُ وَيُعْطِي. 22لأَنَّ الْمُبَارَكِينَ مِنْهُ يَرِثُونَ الأَرْضَ وَالْمَلْعُونِينَ مِنْهُ يُقْطَعُونَ) مزمور37: 12-22
              وهو قائد يفتح الله بيديه مكة على رأس عشرة آلاف جندى من أتباعه الأطهار، لينهى نهائيًا على مجد قيدار وسطوتهم، كما تقول نبوءة موسى u فى سفر التثنية. نقلا عن (عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسيا)
              تقول ترجمة (فاندايك): (2فَقَال: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِوَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ.) التثنية 33: 2
              وفى الترجمة المشتركة: (2فَقالَ: (أقبَلَ الرّبُّ مِنْ سيناءَ، وأشرَقَ لهُم مِنْ جبَلِ سَعيرَ، وتَجلَّى مِنْ جبَلِ فارانَ، وأتى مِنْ رُبى القُدسِ وعَنْ يمينِهِ نارٌ مُشتَعِلةٌ.)
              وفى ترجمة كتاب الحياة: (فَقَالَ: «أَقْبَلَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَأَلَّقَ فِي جَبَلِ فَارَانَ؛ جَاءَ مُحَاطاً بِعَشَرَاتِ الأُلُوفِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَعَنْ يَمِينِهِ يُوْمِضُ بَرْقٌ عَلَيْهِمْ.)
              وسيلاحظ القارىء الذكى تلاعب التراجم بكلمة عشرة آلف هذه وجعلها البعض (آلاف) فقط أو (آلاف عديدة)، وجعلها البعض (عشرات الآلوف)، وذكرها آخرون (ربى أو ربوات)، ومنها من أتى بكلمة غير معروفة فى اللغة المترجم بها، والتى تعنى عشرة آلاف، حتى يلفت فكر القارىء المثقف عن أنه نبوءة عن فتح مكة:
              (Er sprach: Der Herr kam hervor aus dem Sinai, / er leuchtete vor ihnen auf aus Seïr, / er strahlte aus dem Gebirge Paran, / er trat heraus aus Tausenden von Heiligen. / Ihm zur Rechten flammte vor ihnen das Feuer des Gesetzes.) Einheitsübersetzung
              فأتت الترجمة بكلمة آلاف ولم تحدد العدد بالضبط.
              (2 Er sprach: Der HERR kam vom Sinai und leuchtete ihnen auf von Seir. Er strahlte hervor vom Berg Paran und kam von heiligen Myriaden. Zu seiner Rechten war feuriges Gesetz für sie.) Elberfelder
              وكلمة Myriade معناها عشرة آلاف.
              (2 und sprach: Der HErr ist von Sinai kommen und ist ihnen aufgegangen von Seir; er ist hervorge-brochen von dem Berge Paran und ist kommen mit viel tausend Heiligen; zu seiner rechten Hand ist ein feuriges Gesetz an sie.) Luther 1545
              (2Er sprach: Der HERR ist vom Sinai gekommen und ist ihnen aufgeleuchtet von aSeïr her. Er ist erschienen vom Berge Paran her und ist gezogen nach Meribat-Kadesch; in seiner Rechten ist ein feuriges Gesetz für sie. ) Luther 1984
              وقد حذف (mit viel tausend Heiligen) التى كتبها فى تراجمه من قبل.
              وفى ترجمة Schlachter :
              (2 Er sprach: Der HERR kam vom Sinai, sein Licht ging ihnen auf von Seir her: er ließ es leuchten vom Gebirge Paran und kam von heiligen Zehntausen-den her, aus seiner Rechten [ging] ein feuriges Gesetz für sie.)
              وفى ترجمة NLT تقول:
              (2 "The LORD came from Mount Sinai and dawned upon us[1] from Mount Seir; he shone forth from Mount Paran and came from Meribah-kadesh with flaming fire at his right hand.[2])
              وفى الحاشية ذكر الآتى:
              Or came from myriads of holy ones, from the south, from his mountain slopes. The meaning of the Hebrew is uncertain.
              وكلمة myriads تعنى عشرة آلاف.
              وفى ترجمة KJV تقول:
              (2 And he said, The LORD came from Sinai, and rose up from Seir unto them; he shined forth from mount Paran, and he came with ten thousands of saints: from his right hand went a fiery law for them.)
              وفى ترجمة NLV تقول:
              (2He said, " The Lord came from Sinai. He came upon us from Seir. He shined from Mount Paran. He came among 10,000 holy ones. He came with fire at His right hand.)
              وكانت آخر ترجمتين من أدق الترجمات حيث أتى معهم أو فيما بينهم.
              وفى ترجمة ال Webster 1833 تقول:
              (2 And he said, the LORD came from Sinai, and rose up from Seir to them; he shined forth from mount Paran, and he came with ten thousands of saints: from his right hand went a fiery law for them.)
              أما بالنسبة لحرف الـ S الذى أُضِيفَ فى الترجمات لكلمة (ألف) فكثيراً ما تجده فى الترجمات الأجنبية ليشير إلى الجمع ، وعندما تُتَرجم إلى العربية تُذكر بالمفرد مثل: (16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ) إشعياء 21: 16
              16 For thus hath the Lord said unto me, Within a year, according to the years of an hireling, and all the glory of Kedar shall fail:

              16 For so has the Lord said to me, In a year, by the years of a servant working for payment, all the glory of Kedar will come to an end:

              16Denn also spricht der HERR zu mir: Noch in einem Jahr, wie des Tagelöhners Jahre sind, soll alle Herrlichkeit Kedars untergehen,

              وهذا ما بينته ترجمة الملك جيمس الجديدة ، فقد ترجمتها بالمفرد ، وليس بالجمع:
              16For thus the LORD has said to me: "Within a year, according to the year of a hired man, all the glory of Kedar will fail;

              وعلى ذلك فهو قد جاء ومعه عشرة آلاف ، وليست آلاف كثيرة. ويتضح لك سوء نية المترجم فى قوله (وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ) على الرغم من أنها تعنى أتى مع ، كما أوضحت الترجمة العربية الأخيرة على النت، وكما أفصحت التراجم الألمانية والإنجليزية (جَاءَ مُحَاطاً ب) وليست «من» كمكان.
              ناهيك عن تغيير النسخة العربية لكلمة (الشريعة المنيرة) التى سيأتى بها نور الرب الذى سيتلألأ من جبل فاران (مكة) ومعه عشرة آلاف من المؤمنين أتباعه (فتح مكة) إلى (وَعَنْ يَمِينِهِ يُوْمِضُ بَرْقٌ عَلَيْهِمْ). وحذا حذوها ترجمة الـ NLV والـ NLT . فلصالح مَن هذا التزوير؟ لصالح مَن هذه التعمية للحقائق الساطعة؟
              وعلى العموم حتى بعد تغيير كلمة الشريعة إلى كلمة نار، فمن المعروف تاريخيًا أن الرسول rقد أمر أتباعه عند دخول مكة أن يشعلوا المشاعل. فدخلوا مكة فاتحين منتصرين وبأيديهم المشاعل، وجاء محمد r بالشريعة المنيرة.
              وكدليل آخر على أنها عشرة آلاف وتشير إلى فتح مكة ماذكره سفر نشيد الإنشاد: (10حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ.) نشيد الإنشاد 5: 10، (ولون الرسول r أزهر)، وكلمة معلم تُطلق على رسل الله، فنحن فى غنى عن أن نبين ذلك، فالأناجيل مليئة بهذه التسمية لعيسى u.
              10My beloved is white and ruddy, Chief among ten thousand.
              http://bible.gospelcom.net/bible?showfn=on&showxref=on&interface=print&passag e=SONG+5&language=engli...
              فتُرى: لماذا غيروا كلمة عشرة آلاف من القديسين إلى (آلاف عديدة)؟ هل أرادوا بذلك طمس شخصية خاتم رسل الله الذى دخل مكة فاتحاً منتصراً ومعه عشرة آلاف من أتباعه القديسين الطاهرين؟ (نقلاً بتصرف كبير عن هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد للدكتورة مها محمد فريد الصفحات 106-109)
              وبناءً على هذا الفهم أخبر الراهب ورقة بن نوفل الرسول r أن قومه سيخرجوه ووعده أنه لو عاش لينصرنه.
              كما أن نبوءته تتطابق تمام الإنطباق مع ما قاله عيسى u من نزع الملكوت القديم من بنى إسرائيل، وإعطائه لأمة تعمل أثماره، وقد سمَّاها إشعياء هنا أغنية جديدة أو تسبيحة جديدة، وأنها ستخرج من أرض قيدار، وسيهرب بناء على النبوءة السابقة من أمام السيوف ومحاولة قتله إلى أرض سالع، وسيستقبله أهلها بالغناء والترحاب: (10غَنُّوا لِلرَّبِّ أُغْنِيَةً جَدِيدَةً تَسْبِيحَهُ مِنْ أَقْصَى الأَرْضِ. أَيُّهَا الْمُنْحَدِرُونَ فِي الْبَحْرِ وَمِلْؤُهُ وَالْجَزَائِرُ وَسُكَّانُهَا 11لِتَرْفَعِ الْبَرِّيَّةُ وَمُدُنُهَا صَوْتَهَا الدِّيَارُ الَّتِي سَكَنَهَا قِيدَارُ. لِتَتَرَنَّمْ سُكَّانُ سَالِعَ. مِنْ رُؤُوسِ الْجِبَالِ لِيَهْتِفُوا. 12لِيُعْطُوا الرَّبَّ مَجْداً وَيُخْبِرُوا بِتَسْبِيحِهِ فِي الْجَزَائِرِ.) إشعياء 42: 10-12
              وقد علمنا مما سبق أنهم ترجموا الجزيرة العربية إلى البرية، وها هو الرب يصف عبده هذا الذى سيأتى من نسل قيدار ومن ديارهم فيقول: (1هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. 2لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. 3قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. 4لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ. 5هَكَذَا يَقُولُ اللَّهُ الرَّبُّ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ وَنَاشِرُهَا بَاسِطُ الأَرْضِ وَنَتَائِجِهَا مُعْطِي الشَّعْبِ عَلَيْهَا نَسَمَةً وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا رُوحاً. 6أَنَا الرَّبَّ قَدْ دَعَوْتُكَ بِالْبِرِّ فَأُمْسِكُ بِيَدِكَ وَأَحْفَظُكَ وَأَجْعَلُكَ عَهْداً لِلشَّعْبِ وَنُوراً لِلأُمَمِ 7لِتَفْتَحَ عُيُونَ الْعُمْيِ لِتُخْرِجَ مِنَ الْحَبْسِ الْمَأْسُورِينَ مِنْ بَيْتِ السِّجْنِ الْجَالِسِينَ فِي الظُّلْمَةِ. 8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي وَمَجْدِي لاَ أُعْطِيهِ لِآخَرَ وَلاَ تَسْبِيحِي لِلْمَنْحُوتَاتِ.) إشعياء 42: 1-8
              فهو عبد لله، يعضده الله ولا يتركه، يُآزره وينصره على أعدائه، لا يموت حتى يضع الحق فى الأرض، وهو الذى تنتظر الجزائر شريعته، وهى الأغنية الجديدة، الشريعة الجديدة، ويكون دينه لجميع الأمم، ونورًا لكل شعب، لتفتح عيون العمى عن الحقيقة إلى نور الحق، وكتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ويخرج المأسورين فى ظلمة تأويل الكتبة والفريسيين للكتاب وفهمهم له، إلى نور الله، الذى طمسوا اسمه، حتى جعلوا النص يقول (8أَنَا الرَّبُّ هَذَا اسْمِي)، فما هو اسم هذا الإله؟
              وتحت كلمة (أدوم – أدوميون) تقول دائرة المعارف الكتابية: «حدودها : يمكن معرفة حدود أدوم على نوع من الدقة، ففي شرقي العربة كانت تمتد الحدود الشمالية من البحر الميت، يحف بها وادي القوارحي أو وادي الحسا. أما من الشرق فكانت تحف بها الصحراء. أما الحدود الجنوبية فكانت تمر بأيلة وعصيون جابر (تث 2: 8). أما في غربي العربة فكانت الحدود الشمالية لأدوم هي نفسها الحدود الجنوبية لإسرائيل (عدد 34: 3 و4) حيث نقرأ: "ويكون لكم تخم الجنوب من طرف بحر الملح إلى الشرق. ويدور لكم التخم من جنوب عقبة عقربيم ويعبر إلى صين وتكون مخارجه من جنوب قادش برنيع" وهذه الأخيرة تقع في أطراف تخوم أدوم (عد 20: 16) ويمكن بوجه عام، اعتبار هذه الحدود هي "وادي الفكرة". وليس من الميسور تحديد المرتفعات شرقي العربة جنوبي خليج العقبة والتي كانت تدخل في حدود أدوم .»
              وتحت (فاران) تقول دائرة المعارف الكتابية: «ويبدو أن الأدوميين كانوا يقيمون أساساً في العربة وإلى الغرب منها حتى أيام داود الملك الذي أخضعهم "ووضع محافظين في أدوم كلها" (2صم 8: 13 و14)»
              اعترفت دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (سعير - ساعير) أن أرض سعير مرادف لكلمة أدوم. وإذا كان الأدوميون يسكنون فى العربة، أى فى الجزيرة العربية، فمعنى ذلك أن أدوم وسعير يقعان فى العربة، وبالتالى فإن موطن إبراهيم ولوط وإسماعيل وإسحاق ويعقوب كان فى الجنوب، فى الجزيرة العربية.
              واعترفت دائرة المعارف الكتابية تحت كلمة (أدوم – أدوميون) أن قادش برنيع كانت تقع فى أطراف منطقة أدوم. وبما أن الأدوميين كانوا يقيمون أساسًا فى العربة، فمعنى ذلك أن العربة هذه تقع بالقرب من قادش برنيع، يؤكد ذلك قول الكتاب عن مكان سكنى إبراهيم أنه سكن فى جرار بين قادش برنيع وشور.
              وتحت كلمة (الإسماعيليون) تقول دائرة المعارف الكتابية: «من المفروض أن يكون الإسماعيليون هم أحفاد إسماعيل بن إبراهيم من هاجر ، الذى طردهإبراهيم بعد ولادة إسحق( تك 21 :14-21) .وقد جاء ذكر أبناء إسماعيل فى (تك 25: 13-14) وكان عددهم اثنى عشر ومنهم خرجت عدة قبائل. ولكن يبدو أن كلمة"الإسماعيليين" كان لها دلالة أوسع كما فى التكوين (تك 37: 28و36)، حيث تطلق على المديانيين. ومن التكوين (16: 12) يمكن أن نستنتج أنه أطلق على البدو المقيمين فىالمنطقة الصحراوية شرقي الأدرن بصفة عامة ، إذ أن الصفات التى قيلت عن إسماعيل: "يده على كل واحد ويد كل واحد عليه .. " تتمشى مع عادات البدو فى كل العصور، وهى نفسصفات المديانيين كما نقرأ عنهم في الأصحاح السابع من سفر القضاة والذين يقال عنهم "إسماعيليين" ( 8: 24) . وهذه الشواهد تبين أن كلمة "إسماعيليين" لم تقتصر فقط على أحفاد إسماعيل بن إبراهيم من هاجر ، ولكنها أطلقت على القبائل الصحراوية بصفة عامة، كما يقال "بنى المشرق" (قض 7: 12
              وتحت كلمة (عرب بلاد العرب (شبه الجزيرة العربية)) تقول دائرة المعارف الكتابية: «( د ) الإشارات إلى العرب في العهد القديم : ... كما يذكر القوافل التجارية للإسماعيليين والمديانيين في قصة يوسف، فقد باعه أخوته لأولئك التجار (تك 37: 25-36).» وعلى ذلك فإن المديانيين هم الإسماعيليين هم العرب.
              وبذلك يتضح أنه لا بد أن يكون إسماعيل يسكن بالقرب من اخوته، وهم يسكنون تحت رعايته، حتى تتحقق النبوءة التوراتية، بأن يد إسماعيل ستكون فوق أيدى اخوته.
              وهنا نصل إلى أهم نقطة فى البحث بعد أن نكون قد أثبتنا أن مكان سكنى إبراهيم وذريته وزوجاته كان فى مكة وضواحيها، وأن مكة هى أول بيت وضع للناس، وقد زاره موسى u ، كما زاره داود u وشاول وغيرهم.
              ولكن هل مكة هى بكة؟ وهل بكة كانت مكانًا للحج؟ وما علاقة بكة بوادى البكاء؟

              نتابع لنرى

              تعليق

              • abubakr_3
                مشرف عام

                • 15 يون, 2006
                • 849
                • مسلم

                #22
                بكة هى مكة:
                قد يتساءل المرء ويتمعن فى تغيير الله تعالى للقبلة وللأمة التى كُلِّفَت بحمل الكتاب سنوات عديدة، وشرفت بدعوة الأمم لدين الله تعالى. لماذا؟ ما الذى يدعو الله تعالى إلى ذلك؟ وهل أخبر نبى من أنبياء العهد القديم أو يسوع بسحب الله لدينه وشريعته من أمة واعطائها أمة أخرى؟
                أعتقد أن هذه بداية جيدة للحوار مع الآخر أو للتفكير وعدم رفض تغيير الله لملكوته ولشعبه الذى فضله يومًا ما على العالمين. وذلك حتى لا نقع تحت ذم يسوع لليهود بقوله: (لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!)متى 23: 13
                ونبدأ بطرح نفس السؤال بصورة أخرى أقرب للواقع:
                هل أقر الرب أن شريعته ستكون خالدة فى بنى إسرائيل، ولن تذهب النبوة منهم مهما فعلوا، ومهما أهانوا الرب وكتابه وشريعته أو قتلوا أنبياءه؟
                وهل لو لم يقرر الرب تغيير الأمة التى تسىء إلى كتابه وشريعته وتقتل أنبياءه لكان إلهًا عادلا حكيمًا ذى عقل راجح فى قيادة البشر وتبصيرهم بعدله وشريعته؟
                أو بمعنى آخر: هل يستحق أن يُعبد هذا الإله الذى يرسل كتابه لأمة أهانته وتهينه بأقوالهم وبأفعالهم بكتابه وشريعته وعباده وأنبيائه؟
                تثنية 18: 15-19 (15«يُقِيمُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لهُ تَسْمَعُونَ. 16حَسَبَ كُلِّ مَا طَلبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاِجْتِمَاعِ قَائِلاً: لا أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي وَلا أَرَى هَذِهِ النَّارَ العَظِيمَةَ أَيْضاً لِئَلا أَمُوتَ 17قَال لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلمُوا. 18أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. 19وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ.)
                تثنية 32: 19-21 (19«فَرَأَى الرَّبُّ وَرَذَل مِنَ الغَيْظِ بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ. 20وَقَال أَحْجُبُ وَجْهِي عَنْهُمْ وَأَنْظُرُ مَاذَا تَكُونُ آخِرَتُهُمْ. إِنَّهُمْ جِيلٌ مُتَقَلِّبٌ أَوْلادٌ لا أَمَانَةَ فِيهِمْ. 21هُمْ أَغَارُونِي بِمَا ليْسَ إِلهاً أَغَاظُونِي بِأَبَاطِيلِهِمْ. فَأَنَا أُغِيرُهُمْ بِمَا ليْسَ شَعْباً بِأُمَّةٍ غَبِيَّةٍ أُغِيظُهُمْ.)
                وها هو مثال كامل يوضح فيه يسوع السبب فى سحب الله لشريعته منهم وإعطائها لأمة أخرى تعمل أثماره، مؤيدًا كلامه بما جاء فى المزمور 118: 22 متى 21: 33-44 (33«اسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجاً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً. 36ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. 37فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».)
                ولن أسرد أكثر من ذلك، ويكفى رأى يسوع فى اليهود حملة كتاب الكتاب والشريعة، وهو إله عندكم أو على أقل تقدير فهو نبى يوحى إليه من الله: متى 23: 2-39 فهم منافقون مراؤون، تفسيرهم خاطىء، وفهمهم للكتاب فاسد، فهم يحمِّلون الناس والنص أكثر مما يحتمل، لذلك فهم قادة عميان، جهلاء، لا يعملون إلا للرياء، وتركوا الناموس الذى هو حق ورحمة، والعمل به، لذلك فهم كفَّار، أو ضالون، كما أنهم فجَّار ، غير أنقياء، مملوئين بكل نجاسة، قتلة الأنبياء الأطهار. وبالطبع فإنهم قتلوا أنبياء الله من أجل إظهارهم الحق، الذى لا يريدونه، فهل يقتلون النبى ويتركون كتابه أو تعاليمه؟
                لذلك واججهم بقرار الله تعالى أنه سيترك لهم بيتهم خرابًا، ولم يقل إنه سيخرب بعد رحيلى، أى تركه لهم بعد أن أعلمهم بقرار الله تعالى بأنه لن يأتى نبى من بنى إسرائيل فيما بعد، ولن يروا عيسى u، حتى يقولوا مبارك الآتى باسم الرب:
                ( 37«يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».)
                فهل من العدل أو الحكمة أن يتركهم الرب يستمروا فى قيادة مسيرة المؤمنين وحمل كتابه وشريعته للأمم؟
                وهذا الذى حمل يسوع على إتلاف شجرة التين، التى ترمز إلى الأمة اليهودية، معلنًا أنه لن يأتى منها نبى بعد، وكان ذلك فى نفس الخطبة التى أعلمهم فيها بنزع الملكوت منهم، إلا أن كاتب هذه الرواية حكاها على أنه كان جائعًا، فخرَّب شجرة التين عندما لم يجد بها ثمرًا: (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 18-19
                وذلك على الرغم من أنه كان يعلم جيدًا وقت إثمار شجرة التين: (32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ) متى 24: 32
                ونفى لليهود ولتلاميذه أن المسِّيِّا الذى هو ملك اليهود والأمم وخاتم الأنبياء، ورسول السلام، القادم بالسيف ليس من نسل داود، ذلك النسب الذى زعموه ليسوع: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                إن دين الله تعالى خالد ، وتتعبَّد إليه الأمم بالكيفية التى يريدها هو، فالقارىء للكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص يعلم أن الصلاة التى أمر بها الله تعالى اليهود ، كان فيها الركوع والسجود، وهذا ما كان يفعله عيسى u: (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى. .... 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41، 44
                (39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ».) متى 26: 39
                وهذا ما قاله يسوع للشيطان إنه مكتوب: (8فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! إِنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ».) لوقا 4: 8
                ومن أساسيات العبادة أيضًا الصيام، الذى لا نجد يسوع يأمرهم به فى أوقات محددة أو بكيفية محددة، وذلك لأنه لم ينزل بدين جديد، بل كان تابعًا لما جاء به موسى u. فقارن صيام المسيحيين اليوم وصيام تلاميذ عيسى u!
                فقد كان تلاميذ المعمدان يصومون صيام بنى إسرائيل: (33وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا كَثِيراً وَيُقَدِّمُونَ طِلْبَاتٍ وَكَذَلِكَ تَلاَمِيذُ الْفَرِّيسِيِّينَ أَيْضاً وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ؟») لوقا 5: 33
                وأقر يسوع أن هناك نوع من الشياطين لا يخرج إلا بكثرة الصلاة، والصيام على الطريقة التى يَعْلمها بنو إسرائيل: (29فَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا الْجِنْسُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ بِشَيْءٍ إلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ».) مرقس 9: 29
                وعلى ذلك فلا تتعجب أنك لا تجد كلمة واحدة عن الحج أو كيفيته أو مكانه فى كتبهم. فهل تعلم أن إنجيل يوحنا لم يذكر شيئًا عن الصيام ولا الصلاة، ولا يعرف شيئًا عن صلاة يسوع فى ضيعة جشيمانى؟ وهذه هى لب العبادة، فلا حرج إذن أن يكون لديهم الحج فرضًا من فرائض العبادة، وقد حذف من الكتاب.
                ولا تتعجب أن تقرأ أنهم غيروا البيت الذى يُفترض أن يحجوا إليه. فقد غيروا قبلتهم من قبل، وبنى اليهود العبرانيون بيتًا على جبل عيبال، وبنى اليهود السامرة بيتًا على جبل جرزيم، ولم يقر عيسى u أيًّا منهما. ثم غير المسيحيون فيما بعد اتجاههم فى الصلاة وجعلوها تجاه المشرق مثل عابدى الشمس والفراعنة.
                ولا تتعجب أيضًا: لقد غيروا اسم إلههم من الله أو إيل إلى يهوه وإيلوهيم وأدوناى وزيوس فى اليونانية، وغيروا عيسى إلى يسوع فى العربية. كما غيروا يوم الراحة من يوم السبت إلى يوم الأحد ارضاءً لقسطنطين عابد الشمس. وغيروا عهد الله الأبدى ، الذى كان بين الله وإبراهيم، وهو الختان، وقاموا بإلغائه. ولست فى حاجة أن أذكرك أنهم قاموا بإلغاء الناموس، على الرغم من أن يسوع نفسه كان تابعًا للناموس، منفذًا لتعاليمه، ولم يأمر أحدًا إلا باتباعه، والعمل بأحكامه.
                وعلى الرغم من اعتراف بولس أنه كان من الكذَّابين فى الدين ظنًا منه أن هذا من أجل زيادة مجد الله: (7فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟) رومية 3: 7
                وعلى الرغم من تلوُّن بولس بكل لون كذبًا ليكسب أتباعًا لدينه الجديد، ويستطيع من خلالهم محاربة دين عيسى u ، إلا أنهم يؤكدون صدق بولس على يسوع، فيتبعون الأول ويتركون من ادعوا عليه بالألوهية: (19فَإِنِّي إِذْ كُنْتُ حُرّاً مِنَ الْجَمِيعِ اسْتَعْبَدْتُ نَفْسِي لِلْجَمِيعِ لأَرْبَحَ الأَكْثَرِينَ. 20فَصِرْتُ لِلْيَهُودِ كَيَهُودِيٍّ لأَرْبَحَ الْيَهُودَ وَلِلَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ كَأَنِّي تَحْتَ النَّامُوسِ لأَرْبَحَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ 21وَلِلَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ كَأَنِّي بِلاَ نَامُوسٍ - مَعَ أَنِّي لَسْتُ بِلاَ نَامُوسٍ لِلَّهِ بَلْ تَحْتَ نَامُوسٍ لِلْمَسِيحِ - لأَرْبَحَ الَّذِينَ بِلاَ نَامُوسٍ. 22صِرْتُ لِلضُّعَفَاءِ كَضَعِيفٍ لأَرْبَحَ الضُّعَفَاءَ. صِرْتُ لِلْكُلِّ كُلَّ شَيْءٍ لأُخَلِّصَ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَوْماً. 23وَهَذَا أَنَا أَفْعَلُهُ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ لأَكُونَ شَرِيكاً فِيهِ.) كورنثوس الأولى 9: 19-23
                ولنا أن نتساءل: أين حج أبو الأنبياء إبراهيم u؟ أين كانت تحج ذريته؟ أين حج موسى u؟ فلم يبن الهيكل على جبل عيبال إلا بعد موسى u بحوالى 600 عام ، وهو زمن سليمان. وبالمناسبة فإن قدس الأقداس بهذا الهيكل مكعب الشكل أيضًا، محكاة للكعبة.
                وإذا كان علماء الكتاب المقدس يتكلمون عن طريق للحج فى المزامير، وابتهاج الحجيج ببيت الرب، فكيف عرف داود ذلك؟ وعليه إما أن يكون قد أوحى إليه دون أن يسير فى هذا الطريق، ويكون الحج مستقبلا للأمة التى سيعطيها الله الملكوت، وإما ذهب بنفسه وأدى مراسم الحج إلى بيت آخر غير الذى بناه ابنه من بعده.
                لقد بنى اليهود العبرانيون كعبتهم (معبدهم) على جبل عيبال، وبنى السامريون كعبتهم على جبل جرزيم، لصرف الناس عن الكعبة الحقيقية، وأورشليم الجديدة، مدينة السلام، وحتى لا تُنتزع النبوة من بين أيديهم، ولسببها قتلوا من الأنبياء ما قتلوا، ورجموا من رجموا. وهذا ما أرادوا أن يفعلوه مع عيسى u: فبعد أن بيَّن لهم أنهم لا يستحقون أن يكونوا أمناء على ملكوت الله الجديد، قال لهم إن الله سينزعه منهم ، ويعطيه لأمة، نرى بأعيننا أنها لا تستحق. وهى أمة كالصخر لا يُستهان بها، أرادوا قتله، ولكنهم خافوا من الناس: (33«اسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجاً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً. 36ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. 37فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 33-46
                لقد بنى اليهود معبدين لصرف الناس عن بيت الله الحقيقى، ومحاولة منهم للاحتفاظ بملكوتهم (بالنبوة والشريعة فيهم)، فكانت عاقبة ما بنوا أن دمره الله بيد أعدائهم، مرة على يد ملك الكلدانيين بختنصر (أخبار الأيام الثاني 36: 14-20)، ومرة على يد القائد الرومانى تيتوس عام 70م.
                أقول كما بنى اليهود معبدين (كعبتين) لصرف الناس عن الحقيقة، بنى المسيحيون أيضًا كعبتين لصرف الناس عن الحق، الأمر الذى يدل على فهمهم التام لهذه النبوءة، كما نفهمها نحن الآن، ومحاولتهم صرف الناس عنها، والاحتفاظ بملكوتهم القديم:
                1- فقد بنى مسيحيو اليمن معبدًا (كعبة تكبر كعبة مكة فى الحجم) لصرف الحجاج عن مكة بيت ابراهيم،ولكنه تهدَّم , فمن حسدهم جاء جيش أبرهة لهدم الكعبة, وكانت الحادثة الشهيرة أن قال لهم عبد المطلب جد النبى r إن للبيت رب سيحميه، فأرسل الله عليهم طيرًا رمتهم بحجارة من جهنم، فجعلتهم كالتبن الممضوغ: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5)) (1-5) سورة الفيل
                2- كذلك بنى مسيحيو نجران بيتًا مكعَّب الشكل (كعبة) يُضاهى كعبة مكة فى الحجم، آملون من ذلك صرف المسيحيين واليهود عن انتظار كعبة أخرى غير كعبتهم هذه، وتهدمت أيضًا. وذلك مصداقًا لقول عيسى u لبنى إسرائيل أن كل من جاء قبله من الكهنة ومن رؤسائهم هم لصوص وسراق، كانوا يغتصبون ملكوت الله لأنفسهم، لأنه لا يُعقل أن يكون كلامه عن الأنبياء الذين سبقوه، ولم يسبقه بالتالى آلهة تجسدت على الأرض: (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8
                واشتدت سرقتهم له وإفكهم من أيام يوحنا المعمدان الذى أنبأهم (كما أعلمهم عيسى u) بقرب مجىء ملكوت الله، وانتزاع ملكوتهم بالتالى: (12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 12-14
                الأمر الذى دعاه أن يقول لهم إنه لا يستطيع أحد أن يخطف من يد الله شيئًا: (وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 29
                لذلك أعلن عيسى u بصورة قاطعة لليهود ومنهم طبعًا المسيحيين، الذين فصلوا أنفسهم عن عبادة اليهود وكتابهم بعد عشرات السنين من رفع عيسى u، أن بيتهم سيترك لهم خراب! ولاحظ أنه لم يقل إنه سيخرب، إنه سيتركه لهم خراب، لا نبوة فيه، ولا شريعة: (37«يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39
                وطالبهم على ذلك أن يعجلوا طلبهم من الله فى صلاتهم أن يأت ملكوته: (2فَقَالَ لَهُمْ: «مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 11: 2
                ويُفهم ذلك أيضًا من تدميره لشجرة التين التى هى رمز الأمة اليهودية: (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.) متى 21: 18-19
                ولا يظن إنسان أنه كان جائعًا بالفعل كما تقول الأناجيل، لأنه لو كان جائعًا لبحث عن الطعام الحلال، عن طريق الشراء أو الصيد من البحر. ومازال عالقًا فى أذهاننا أنه عندما طالبه جامعو الضرائب أن يوفى ما عليه، قال لبطرس أن يذهب ويصطاد، والسمكة التى ستخرج سيجد بها نقودًا، فيدفع عنه وعن نفسه: (24وَلَمَّا جَاءُوا إِلَى كَفْرِنَاحُومَ تَقَدَّمَ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الدِّرْهَمَيْنِ إِلَى بُطْرُسَ وَقَالُوا: «أَمَا يُوفِي مُعَلِّمُكُمُ الدِّرْهَمَيْنِ؟» 25قَالَ: «بَلَى». فَلَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ سَبَقَهُ يَسُوعُ قَائِلاً: «مَاذَا تَظُنُّ يَا سِمْعَانُ؟ مِمَّنْ يَأْخُذُ مُلُوكُ الأَرْضِ الْجِبَايَةَ أَوِ الْجِزْيَةَ أَمِنْ بَنِيهِمْ أَمْ مِنَ الأَجَانِبِ؟» 26قَالَ لَهُ بُطْرُسُ: «مِنَ الأَجَانِبِ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «فَإِذاً الْبَنُونَ أَحْرَارٌ. 27وَلَكِنْ لِئَلَّا نُعْثِرَهُمُ اذْهَبْ إِلَى الْبَحْرِ وَأَلْقِ صِنَّارَةً وَالسَّمَكَةُ الَّتِي تَطْلُعُ أَوَّلاً خُذْهَا وَمَتَى فَتَحْتَ فَاهَا تَجِدْ إِسْتَاراً فَخُذْهُ وَأَعْطِهِمْ عَنِّي وَعَنْكَ».) متى 17: 24-27
                ولا يظن ظان أنه لم يعرف موعد إثمار التين! فقد كان يعرف تمامًا متى تُخرج التينة أوراقًا، ومتى تخرج ثمارها: (32فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصاً وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.) متى 24: 32
                ولكنها النبوة وملكوت الله، الذى كان لب رسالته أن يُبشِّر بقرب قدومه: (43فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّهُ يَنْبَغِي لِي أَنْ أُبَشِّرَ الْمُدُنَ الأُخَرَ أَيْضاً بِمَلَكُوتِ اللهِ لأَنِّي لِهَذَا قَدْ أُرْسِلْتُ») لوقا 4: 34
                يؤكد هذا اكتشاف مخطوطة من وادى قمران، يرجع تاريخها على الأرجح إلى ما بين (50 ق. م. و 70م)، وعثروا عليها فى الكهف الرابع، وتحمل رقم Q174، تفصح هذه المخطوطة عن أن الله سيبنى بيتًا فى آخر الزمان، سيكون قبلة الناس جميعًا، وسيبقى هذا البيت للأبد، لا تهدمه قوة ما على الأرض:
                (سأختارمكانًالشعبي إسرائيل وأزرعهم فيه , فلا يزعجهم بعد ذلك أعداؤهم , ولن يعاود ابن الضلال لأذيتهم ...إنه البيت الذىسأبنيه لهم في آخر الزمان، كما هو مكتوب فيكتاب موسى , في الحرم الذي أقامته أيديهم)
                ويقول نص آخر فى نفس هذا المخطوط:
                (يارب , سيحكم الرب إلى الأبد وأبدًا .هذا هو البيت الذي لن يدخله نجس أبدًا ولن يدخله الغيرمختونين، ولا العموني, ولا المؤابي, ولا نصف المولّد , ولاالغريب, أبدًا لن يدخلوه, لأن هناك سيكونقديسيي، مجدهسيثبت للابدويتزايد معالايامولن يهدمه الغرباء ولو مرةأبدا, كما فعلوا وهدموا حرم اسرائيل نتيجة ذنبها.) ترجمة الدكتور أمير عبد الله، راجع:
                Dead Sea Scrolls in English ,3rd edition ,G. Vermes,p.293
                وأنت لا تحتاج أن أذكرك بهدم أورشليم عام 70 على أيدى الرومان. الأمر الذى لا ينطبق بأى معيار على أورشليم فلسطين.
                وهو نفس البيت الذى تكلم عنه إشعياء، وتنبأ ألا يدخلنه نجس فيما بعد، وسيكون هذا البيت فى الصحراء، وسيُفجر الله بجواره ينبوعًا من الماء: (1تَفْرَحُ الْبَرِّيَّةُ وَالأَرْضُ الْيَابِسَةُ وَيَبْتَهِجُ الْقَفْرُ وَيُزْهِرُ كَالنَّرْجِسِ. 6حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ لأَنَّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ مِيَاهٌ وَأَنْهَارٌ فِي الْقَفْرِ. 7وَيَصِيرُ السَّرَابُ أَجَماً وَالْمَعْطَشَةُ يَنَابِيعَ مَاءٍ. فِي مَسْكَنِ الذِّئَابِ فِي مَرْبِضِهَا دَارٌ لِلْقَصَبِ وَالْبَرْدِيِّ. 8وَتَكُونُ هُنَاكَ سِكَّةٌ وَطَرِيقٌ يُقَالُ لَهَا «الطَّرِيقُ الْمُقَدَّسَةُ». لاَ يَعْبُرُ فِيهَا نَجِسٌ بَلْ هِيَ لَهُمْ. مَنْ سَلَكَ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى الْجُهَّالُ لاَ يَضِلُّ. 9لاَ يَكُونُ هُنَاكَ أَسَدٌ. وَحْشٌ مُفْتَرِسٌ لاَ يَصْعَدُ إِلَيْهَا. لاَ يُوجَدُ هُنَاكَ. بَلْ يَسْلُكُ الْمَفْدِيُّونَ فِيهَا.) إشعياء 35: 1-9
                وهكذا ترى أن بيت الرب فى الصحراء، وهكذا مكة، وأن الله سيُخرج بجواره بئرًا من الماء العذب، الذى لا تنتهى ماؤه أبدًا، وهكذا كانت مكة، وكان بئر زمزم. وأن هناك طريقًا مقدسًا سيؤدى إليه، ولا يوجد طريق مقدس يُفضى على بيت الله إلا فى مكة، وألا يدخلها نجس، وهذا هو حال مكة، وليس حال أى مدينة أخرى فى العالم. فمكة هى مدينة الأمن والسلام للإنسان والحيوان والحشرات والنبات.
                قارن هذا بما قاله داود فى المزامير: (1مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ. 2تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلَهِ الْحَيِّ. 3اَلْعُصْفُورُ أَيْضاً وَجَدَ بَيْتاً وَالسُّنُونَةُ عُشّاً لِنَفْسِهَا حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ مَلِكِي وَإِلَهِي. 4طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ أَبَداً يُسَبِّحُونَكَ. سِلاَهْ. 5طُوبَى لِأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. 6عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ [وادى بكه] يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعاً.) مزمور 84: 1-7، وسيأتى الكلام بالتفصيل عن صهيون ووادى بكه.
                ثم قارن هذا بقول الله تعالى عن بكة فى القرآن الكريم: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ} (96-98) سورة آل عمران
                وهذا البيت هو بيت إيل، الذى جدد نبى الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام بناءه.
                إن بيت إيل ليس بيتًا يُصلى فيه فقط، بل هو قبلة وكعبة للمؤمنين يحجون إليه كل سنة، ويطوفون به، ولا ينطبق هذا إلا على مكة والكعبة المشرفة. ونفهم هذا من قول الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص: (15وَقَضَى صَمُوئِيلُ لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِهِ. 16وَكَانَ يَذْهَبُ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ وَيَدُورُ فِي بَيْتِ إِيلَ وَالْجِلْجَالِ وَالْمِصْفَاةِ وَيَقْضِي لإِسْرَائِيلَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ.) صموئيل الأول 7: 15-16
                ولو كان بيت إيل هو أى بيت بُنى فقط للصلاة، لكان عندنا عدة أماكن، يُدعى كل منها بيت إيل، أو لصلى صموئيل فى أى منها ، وما كان له أو لداود حاجة أن يذهب إلى هناك. وهذا غير صحيح، ولا يقره الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص.
                إن إبراهيم هو أبو الأنبياء باعتراف اليهود والمسيحيين والمسلمين، وعلى ذلك فهو أمامهم وقائدهم، ومن المفروض أن الكل ينتهج نهجه. ولو عرفت أن بيت إيل وهو أول بيت يبنيه إبراهيم، ولم يتمتع بيت مثله بمثل هذه القداسة وهذا الاهتمام طوال التاريخ، لتملكك العجب من تهميش المسيحيين واليهود له. فكيف يهمشون أول بيت وأول قبلة لإبراهيم u ثم يدعون أنهم أبناءه ويسيرون على دربه؟
                هذا ولم يُذكر بيت إيل بالمرة فى أسفار الخروج واللاويين والعدد والتثنية، وذكر احد عشرة مرة فى سفر التكوين. كما لو كانت هناك عداوة كامنة فى قلب كاتب هذه الأسفار التى لم تذكره تجاه هذا البيت. واستبدل سفر يشوع مكان العبادة بشكيم وضواحيها، مع اهتمام خاص بالجلجال وشيلوه. بدلا من أن تستمر قداسته التى تمتع بها من قبل. هذا وقد بنى يشوع مذبحًا فوق جبل عيبال. وذكره فى السفر المنسوب إليه تسع مرات فى إطار التعريفه بعاى، أو ذكره كمكان: (وَبَعَثَ يَشُوعُ بَعْضَ رِجَالِهِ مِنْ أَرِيحَا إِلَى عَايَ الْوَاقِعَةِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلَبِقُرْبِ بَيْتِ آوِنَ) يشوع 7: 2
                ومعنى اتخاذ كاتب السفر لبيت إيل مكانًا بارزًا توصف انطلاقًا منه باقى الأماكن وتُعرَّف من خلاله مثل (عاى)، أن هذا المكان كان بارزًا، ومعروفًا للكل. فماذا حدث فى زمن يشوع ليستبدل بيت إيل بمذبح عيبال أو شكيم؟
                وهذا يتناقض مع ما فعله الآباء من قبل. فقد رأينا كيف كانت تتمتع بقداسة فائقة فى زمن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، على النقيض من شكيم. كما آثر يعقوب أن يُنجِّس شكيم ، وذلك بأن ترك فيها الأصنام والآلهة الغريبة عن أن يلوِّث بيت إيل بهذه الأوثان.بل أمر أهله أن يتطهروا ويتزينوا بالملابس الجديدةقبل دخولهم لبيت إيل.
                ثم يعود بيت إيل إلى مجده مرة أخرى بعد وفاة يشوع، وبداية عصر القضاة. وتتوارى أهمية شكيم فى التراب، إلا من ذكر معبد بها يُدعى بيت بريث، حتى لم يُلمِّح إليها الكاتب ، بذكره للجلجال أو المصفاة. ويعود المسار الطبيعى والمنطقى للتاريخ مرة أخرى إلى مجراه الطبيعى.
                يقولالباحث اليهودي .. اميت Amit, "Hidden Polemic" pp. 4-20
                إنه تم إخفاء قداسة بيت إيل عن عمد لشيء في نفس كاتب سفر يشوع , بل أكثر من ذلك إنه يتهم كاتب سفر يشوع أنه ما كتبه إلا كمحاولة لإخفاء أهمية وقداسة بيت إيل , ومخالفة تاريخية الاحداثوحقيقتها , فرُبما كان بيت إيل هو المكان المقدس الموعود آخر الزمان والذي أرادكاتب سفر يشوع اخفاء ذلك عنه ونسبته إلى شكيم!
                ويعود بيت إيل إلى كامل مجده ليستمر حُقبًا طويلة من الزمان، وإلى عهد داود النبي يظل بيت إيل هو مكان القداسة الرئيسي, وبيت القداسة الأول, ولم يكُن هناك أي بيت بُني قط ... ثم في عهد ابنه سليمان يظل بيت إيل له الصدارة والتمجيد والقداسة، وحتى بعد بناء سليمان لأورشليم , وللهيكل، وحتى بعد انقسام المملكة يظل بيت إيل يحتل مركز الصدارة للملكة الشمالية، إلى أن تم نسيانه ورفضه البناؤونبعد أن عُبِدت فيهالأوثان!
                يؤكد الرابياليهودي رامبان في تفسيره (التكوين 12: 6) نفس قول الباحث اليهودى أميت من أن بيت إيل هو الحجر الذى رفضه البناؤون، فيقول: "دعوني أخبركم قاعدة يجب أن تُدرِكوها في الفقرات التالية تتعلق بشأن إبراهيم وإسحقويعقوب ... وهو موضوع عظيم لمّح إليه أحبارنا باختصار قائلين...(Tanhuma, Lekh Leka 9 ) , ... وهكذايؤكِّد لنا مُفسِّروا العهد القديم اليهود أن بيت إيل .. ذلك البيت الذي رفضه البناؤون ... سيكون هو المُستقبل الذي ستنظر له كل الأمم ويعود مرة أخرى لكامل مجده ... وسيكون هو بيت الله الذي تصعد وتهبِط الملائِكة عليه في آخر الزمان كما حدث مع يعقوب ... وسيدخله الناس من جميع الامم مُتطهرين ومُرتدين أفضل الملابس .. كما حدث مع يعقوب ... ويصدُق قول المسيح عن هذا البيت الذي وضع فيه يعقوب الحجر المقدس ...فيقول المسيح عنه في آخر الزمان الحجر الذي رفضه البناؤونصار حجر الزاوية."
                وقد كان بيت إيل هو المكان المقدس الرئيسى لبنى إسرائيل طوال التاريخ إلى أن رفضوه. فإذا ما قرأت سفر القضاة تعلم مدى أهمية هذا البيت، ومقدار قداسته، حتى إن بنى إسرائيل كانوا يصعدون إليه يبكون لله، نادمين على شرورهم، صائمين، مزكيين، طالبين غفرانه، كما أنهم كانوا يحفظون تابوت العهد به: (قضاة 20: 18-27)
                وكان بيت إيل هو بيت الله الذى يستجيب فيه الدعاء، لذلك كان الأنبياء يصعدون إليه ليستشروا الرب ويستخيروه: (18فَانْطَلَقَ هَؤُلاءِ إِلَى بَيْتِ إِيلَلِيَسْتَشِيروُا اللهَ قَائِلِينَ ...) قضاة 20: 18
                وكانت صلاة اليهود فيه بالسجود مثل المسلمين، وكان صيامهم مثل صيامنا: (26فَتَوَجَّهَ جَمِيعُ الشَّعْبِ مِنَ الْمُحَارِبِينَ إِلَى بَيْتِإِيلَ وَبَكَوْا وَمَثَلُوا أَمَامَ الرَّبِّ صَائِمِينَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِإِلَى الْمَسَاءِ،ثُمَّ أَصْعَدُوا لِلرَّبِّ مُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَسَلاَمٍ. 27وَاسْتَشَارَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الرَّبَّ. وَكَانَ تَابُوتُ عَهْدِالرَّبِّ مَازَالَ آنَئِذٍ هُنَاكَ)قضاة 20: 26- 27، وقضاة 21: 2-4
                ويحكى لنا سفر صموئيل الأول كيف كان بيت إيل يتمتع أيضًا بقداسة حتى إن نبى الله صموئيل كان يحج إليه كل سنة: (15وَظَلَّ صَمُوئِيلُ قَاضِياً لإِسْرَائِيلَ كُلَّ أَيَّامِحَيَاتِهِ، 16فَكَانَ فِيكُلِّ سَنَةٍ يَنْتَقِلُ بَيْنَبَيْتِإِيلَ وَالْجِلْجَالِ وَالْمِصْفَاةِلِيَعْقِدَ مَجْلِسَ قَضَائِهِفِيهَا، 17ثُمَّ يَرْجِعُ لِلرَّامَةِ حَيْثُ يُقِيمُ، وَهُنَاكَ يَقْضِيلإِسْرَائِيلَ، كَمَا بَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ)صموئيل الأول 7: 15-17
                وعلى ذلك فقد كان بيت إيل هو أول بيت وضع للناس مباركًا حتى جاء عصر صموئيل الثانى فتظهر فيه لأول مرة أورشليم كأرض مقدسة ومعها حبرون. على ألا ننسى أنه بعد انقسام إسرائيل إلى مملكتين، ظل بيت إيل هى الأرض المقدسة للمملكة الشمالية. وما قبل ذلك لا يعرف العالم عنه شيئًا، فلم يعرف العالم إلا بيت إيل ببكه، وهو الذى كانوا يتجهون إليه للصلاة والطواف والدعاء.
                ثم ما لبث بنو إسرائيل أن نسوا هذا البيت وهجروه، وتآمروا عليه حتى لا تذهب النبوة منهم، ولا تكون أرض أخرى مقدسة يتوجه إليها الناس فى الحج بالعبادة، وتزدهر تجارتهم غيرهم. لذلك تركوه وتركوا عبادة الأصنام ترتع فيه، كما نسوا اسم الله من قبل: (33«اسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجاً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً. 36ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. 37فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 33-46
                أما فهم لوقا (الذى لم يكن من التلاميذ) فى أعمال الرسل أن يسوع هو الحجر الذى رفضه البناؤون فهو فهم خاطىء، وما أكثر فهم التلاميذ أنفسهم الخاطىء ، إن لم يكن تدليس من الكاتب، وقد قدمنا أدلتنا الدامغة على ذلك: (11هَذَا هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ.) أعمال 4: 11
                ونأخذ مثالا على عدم فهم التلاميذ أنفسهم وقت دعوة يسوع:
                فلم يفهموا مثل الزوان: (36حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: «فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ».) متى 13: 36
                وأقر يسوع أن بطرس والتلاميذ لا يفهمونه: (15فَقَالَ بُطْرُسُ لَهُ: «فَسِّرْ لَنَا هَذَا الْمَثَلَ». 16فَقَالَ يَسُوعُ: «هَلْ أَنْتُمْ أَيْضاً حَتَّى الآنَ غَيْرُ فَاهِمِينَ؟)متى 15: 15-16
                (45وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا هَذَا الْقَوْلَ وَكَانَ مُخْفىً عَنْهُمْ لِكَيْ لاَ يَفْهَمُوهُ وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ.) لوقا 9: 45
                (34وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئاً وَكَانَ هَذَا الأَمْرُ مُخْفىً عَنْهُمْ وَلَمْ يَعْلَمُوا مَا قِيلَ.) لوقا 18: 38
                (31لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُ تَلاَمِيذَهُ وَيَقُولُ لَهُمْ إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى أَيْدِي النَّاسِ فَيَقْتُلُونَهُ وَبَعْدَ أَنْ يُقْتَلَ يَقُومُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ. 32وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا الْقَوْلَ وَخَافُوا أَنْ يَسْأَلُوهُ.) مرقس 9: 31-32
                (52لأَنَّهُمْ لَمْ يَفْهَمُوا بِالأَرْغِفَةِ إِذْ كَانَتْ قُلُوبُهُمْ غَلِيظَةً.) مرقس 6: 52
                (27وَلَمْ يَفْهَمُوا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَهُمْ عَنِ الآبِ.) يوحنا 8: 27
                (6هَذَا الْمَثَلُ قَالَهُ لَهُمْ يَسُوعُ وَأَمَّا هُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا هُوَ الَّذِي كَانَ يُكَلِّمُهُمْ بِهِ.) يوحنا 10: 6
                ونأخذ مثالاً آخرًا على فهمهم الخاطىء:
                لقد فهم التلاميذ أن معلمهم كان يقصد بإيليا يوحنا المعمدان: (10وَسَأَلَهُ تَلاَمِيذُهُ: «فَلِمَاذَا يَقُولُ الْكَتَبَةُ إِنَّ إِيلِيَّا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلاً؟» 11فَأَجَابَ يَسُوعُ: «إِنَّ إِيلِيَّا يَأْتِي أَوَّلاً وَيَرُدُّ كُلَّ شَيْءٍ. 12وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ إِيلِيَّا قَدْ جَاءَ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ بَلْ عَمِلُوا بِهِ كُلَّ مَا أَرَادُوا. كَذَلِكَ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضاً سَوْفَ يَتَأَلَّمُ مِنْهُمْ». 13حِينَئِذٍ فَهِمَ التَّلاَمِيذُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ عَنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.) متى 17: 10-13
                على الرغم من أن يوحنا المعمدان نفسه يُنكر أنه هو إيليا: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ».) يوحنا 1: 19-21
                فهل تعتقد أن هذا كلام الله ، أم تدليس كتبة الأناجيل لطمس الهوية الثقافية والعلمية والقيادية الحقيقية للتلاميذ، ولطمس الهوية الحقيقية لإيليا؟ هل تعرف ما معنى أن يكون تلاميذ يسوع أغبياء، وهو الذى انتقاهم بمعلمه وخبرته؟ معنى هذا أنه أراد إضلال أتباعهم مع الرصد والترصُّد. إن المعلم الفاشل لا يخرج من تحت يديه إلا تلاميذ فاشلون!! وعلى ذلك يحق لنا أن نرفض ما فهمه لوقا.
                ولم يقل أحد من التلاميذ قبله إن يسوع كان حجر الزاوية، بل هذا ما ادعاه بولس، ونقله عنه لوقا: (20مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ) أفسس 2: 20
                ولا يُمكن أن تنطبق على يسوع بأى حال من الأحوال. فهذا المسِّيِّا الذى سيخرج من بيت إيل، هو صاحب شريعة، محارب، وسيقضى على إمبراطورية الشر الرومانية، وسيقضى على عبادة الأصنام، ويحكم بين الناس بالعدل، كما أنه سينفِّذ ملكوت الله، ويُحكِّمه بين البشر. وهذا كله رفضه عيسى u ، وأبعده عن نفسه. فلم يُحارب عيسى u الفساد، ولم يحكم بين الناس، ولم يعارض قيصر، بل كان يدفع له الجزية، وكان يدعو الله فى صلاته متمنيًا منه قدوم هذا الملكوت.
                وبعبارة قصيرة: فقد كان مبشرًا بقرب مجىء شريعة الله الحاكمة التى كانت الأمم تنتظرها على يد خاتم رسل الله أحمد والتى تساوى إيليا وتساوى رقم 53 بحروف الجُمَّل: (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.)متى 11: 14
                * * *

                إذن فنقطة الخلاف بيننا وبينهم هى مكان الحج الحقيقى، وهل ترجمتهم فى لكلمة (وادى بكه) ب (وادى البكاء) هى ترجمة سليمة أم لا؟ وكذلك هل بكة هذه مصب الحجاج؟ وهل هى مدينة السلام؟ وهل هى صهيون التى جاء ذكرها فى بعض النسخ؟
                هذه هى نقطاط الخلاف التى بسببها كتب القمص مرقس عزيز خليل كتابه، وهى التى بسببها هُوجم المسلمون على صفحات الجرائد والمجلات والإنترنت والكتب. ورفعوا عصا التهديد بالفتنة الطائفية، كما لو كانت الدراسات الجادة عندهم غير قابلة للنقاش، وما تقوله الكنيسة واجب على كل العالم بمختلف معتقداته، وبكافة توجهاته أن يُأمِّن على كلامها، وأن يخضع لأوامرها وتفسيراتها، دون نقاش أو جدال بالحسنى. وذلك عملاً بما قاله بولس فى وصفه لحكماء العالم بالجهل وأن جهَّال العالم أعلم منهم: (27بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ) كورنثوس الأولى 1: 27 (مع الأخذ فى الاعتبار أن الأنبياء هم الذين يختارهم الرب)
                وطالب أتباعه أن يصيروا أغبياء ، لأن فى غبائهم الحكمة. فقال: (إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ حَكِيمٌ بَيْنَكُمْ فِي هَذَا الدَّهْرِ فَلْيَصِرْ جَاهِلاً لِكَيْ يَصِيرَ حَكِيماً! 19لأَنَّ حِكْمَةَ هَذَا الْعَالَمِ هِيَ جَهَالَةٌ عِنْدَ اللهِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «الآخِذُ الْحُكَمَاءَ بِمَكْرِهِمْ». 20وَأَيْضاً: «الرَّبُّ يَعْلَمُ أَفْكَارَ الْحُكَمَاءِ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ».) كورنثوس الأولى 3: 18-20
                ولكى يمرر عقيدته التى ناقد فيها تعاليم موسى وعيسى والناموس طالبهم بعدم الجدال. فقال: (14اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ) فيليبى 2: 14
                ونتيجة للسلطة المطلقة التى أُتيحت للكنيسة ـ فى العصور الوسطى ـ فقد رأت أن أى مصدر من مصادر العلوم والمعرفة ، لا بد أن يكون صادرًا عنها ، وأن أى رأى يُخالِف رأيها فهو باطل يجب مقاومته بكل ما يُستطاع.
                لهذا فقد أخذت تراقب المطبوعات (وحُتِّمَ على كل مؤلف وكل طابع أن يعرض مؤلفه أو ما يريد طبعه على القسيس أو المجلس الذى عُيِّنَ للمراقبة، وصدرت أحكام المجمع المقدس بحرمان من يطبع شيئًا لم يُعرَض على المراقب أو ينشر شيئًا لم يأذن المراقب بنشره ، وأوعز إلى هذا المراقب أن يدقق النظر حتى لا ينشر ما فيه شىء يومىء إلى مخالفة العقيدة الكاثوليكية.)
                وإلى جانب ذلك فقد زعم رجال الكنيسة أن الكتب المقدسة تحتوى على كل ما يحتاج إليه البشر من علوم الدين والدنيا ، وعلى الإنسان المؤمن أن يُصدِّق كل ما فيه أولاً ، ثم يجتهد ثانيًا فى حمل نفسه على فهمه وتأويل فهمه ليصل إلى النتائج التى أتى بها الكتاب المقدس مهما عارض ذلك العقل أو خالف شاهد الحس ، كما صرَّحَ بذلك ترتوليان.
                بالإضافة إلى ذلك فقد احتجزت الكنيسة لنفسها حق فهم وتفسير الكتاب المقدس ، وحظَّرت على أى عقل ـ خارج جهازها الكهنوتى ـ أن يحاول فهمه أو تفسيره أو مناقشة أى مسألة فيه ، ومثال ذلك "مسألة العشاء الربانى" التى لا يستسيغها العقل ، حيث فرضتها الكنيسة على الناس ، وحذَّرت عليهم مناقشتها ، وإلا عرضوا أنفسهم للطرد والحرمان ، ناهيك عن محاكم التفتيش.
                ومن الجدير بالذكر أن الكنيسة نفسها لم تفعل تجاه آراء آباء القرون الأول للمسيحية ما تطالبنا وتطالب أتباعها به. فقد قبلت منها ما قبلت، ورفضت منها ما رفضت. فعلى سبيل المثال يقول المدخل إلى العهد الجديد للآباء اليسوعيين ص10: «وكانت الرسالة إلى العبرانيين والرؤيا موضوع أشد المنازعات. وقد أُنكرت صحة نسبتها إلى الرسل انكارًا شديدًا مدة طويلة. فأنكرت فى الغرب صحة الرسالة إلى العبرانيين وفى الشرق صحة الرؤيا. ولم تُقبل من جهة أخرى إلا ببطء رسالتا يوحنا الثانية والثالثة ورسالة بطرس الثانية ورسالة يهوذا».
                لذلك عندما جاء أوريجانُس رئيسًا على مدرسة الإسكندرية، وظل خمسين عامًا يكتب ويعلم فيها أولاً ثم فى قيصرية، تحقق من المشكلة التى تعانى منها كنائس العالم بخصوص الأسفار القانونية للعهد الجديد، فلم يجد لها حلاً، ولكنه أخذ فى تحليلها أولاً بأن قسَّم الأسفار إلى قسمين: ”أسفارًا معتمدة“ و”أسفارًا تحت البحث“. واعتبر رسالة يعقوب والرسالة الثانية والثالثة ليوحنا ورسالة يهوذا ورسالة بطرس الثانية ورسالة برنابا والراعى لهرماس من الأسفار التى تحت البحث. (فكرة عامة عن الكتاب المقدس ص73-74)
                وقد أنكر على كليمندس اعترافه برسالة يوحنا الثانية ورسالة برنابا ولم يصرح باعترافه برسالة يوحنا الثالثة ولا رسالة يهوذا ولا رسالة يعقوب ولا رسالة بطرس الثانية، وأضاف إليها كتاب الراعى لهرماس.
                وفى ص 72-73 يقول نفس الكتاب السابق: إن القديس إيرينيئوس أسقف ليون (180-189) اعترف بقانونية رسائل بطرس الأولى ويوحنا الأولى والثانية والثالثة، ورؤيا يوحنا وكتاب الراعى لهرماس. ومعنى ذلك أنه أنكر رسالة يعقوب، ولم يوضح موقفه بالنسبة لرسائل بولس.
                وفى ص73 يقول نفس المرجع السابق: إن كليمندس السكندرى كان فى نهاية القرن الثانى وبداية الثالث «يعترف بعدد كبير من أسفار العهد الجديد أكثر مما كانت تعترف به كنيسة روما.» وذكر الكتب التى كان يعترف بها ولم يدرج فيها رسالة بطرس الثانية ولا رسالة يوحنا الثالثة ولا رسالة يعقوب، بل وأضاف رسائل أخرى غير موجودة الآن داخل الكتاب، وهى: رسائل كليمندس الرومانى، ورسالة برنابا الرسولى.
                ويقول المرجع السابق ص74: إن القديس ديونيسيوس الذى ترأس مدرسة الإسكندرية سنة 231-237م بعد أوريجانوس كان يرى أن سفر الرؤيا لم يكتبه يوحنا الرسول كاتب الإنجيل المسمّى باسمه ، وإنما يوحنا آخر ، كان معاصرًا له أيام إقامته فى مدينة أفسس.
                كذلك فإن هيبوليتس تلميذ إيريناوس وكان معاصرًا لأوريجانوس لم يعترف بالرسالة إلى العبرانيين، لأن كاتبها غير معروف، ولم يقبل سوى ثلاث رسائل جامعة وهى: بطرس الأولى ويوحنا الأولى والثانية. إلا أنه أقر باستخدامه لكتابات مسيحية أخرى كان يعتبرها البعض الآخر قانونية ، منها الرسالة إلى العبرانيين ورسائل بطرس الثانية ويعقوب ويهوذا وكتاب الراعى لهرماس. (فكرة عامة عن الكتاب المقدس ص75)
                ثم جاء العلامة ترتليان (197-223) وأنكر اعترافه بقانونية كتاب الراعى لهرماس، والرسالة الثانية والثالثة ليوحنا، ورؤيا يوحنا، ويعقوب، وذكر رسائل بطرس الأولى ويوحنا الأولى فقط ويهوذا. ثم اعترفت الكنيسة فقط بقانونية كل هذه الكتب ورفضت كتاب الراعى لهرماس. لماذا؟ على أى أساس؟
                ويقول القس عبد المسيح بسيط ص100 فى كتابه (الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس) مستشهداً باقتباسات بوليكاربوس (65-155م) من الكتاب المقدس ، إن بوليكاربوس استشهد 122 مرة من الكتاب المقدس. وذكر أسماء بعض الكتب التى استشهد منها بوليكاربوس ، ولم يذكر منهم إنجيل يوحنا ، ولا رسالة بطرس الثانية ، ولا رسالتى يوحنا الثانية والثالثة ، ولا رؤيا يوحنا.
                فعلى أى أساس تريد الكنيسة المصرية أن نتقبل منها ما يرفضه العقل، ويُخالف العلم، ويأباه التاريخ، وتُنكره الجغرافية، بل وتحرم علينا أن نختلف معهم فى قداسة بعض النصوص كما فعله الآباء السابقون من قبل؟
                لذلك نُطالبكم عزيزى القمص بسعة الصدر ، والترحاب بالنقاش ، والجدال بالحسنى، وتبنى فكرة إقامة مناظرات علمية بنَّاءة يتعلم منها الصغار والكبار أن الإختلاف ظاهرة صحية ، نتعلَّم منها، وليست صفة مذمومة، يجب أن ننفر منها. فكم نختلف يوميًّا عدة مرات فى مباريات كرة القدم، فى اللغة، فى العلم، فى السياسة، فى الإقتصاد، فى الأخلاق، فى إدارة الأعمال، فى قيادة السيارة، فى رؤيتنا للجمال، وفى تقيمنا للقبح.
                ولذلك أنادى برفع شعار دعونا نختلف لنتفق! دعونا نختلف لنتعلم ونتحد لو فى حب كل منا الخير للآخر! فإن لم يكن ذلك فدعونا نختلف لنتفق فى حبنا لمصر ونتحد على نهضتها!
                وأرى أن يظل هذا الاختلاف حكرًا على العلماء والمتخصصين فقط، ويجب أن يتم تحت سمع وبصر أجهزة الأمن، حفاظًا على الأمن العام، وعدم إستغلال أعداء البلد والكارهين لأمنه مثل هذه المناظرات. ولو أننى أفضل أن تتم مثل هذه المناظرات فى قنوات التليفزيون أو على برامج الإنترنت، تجنبًا لإزعاج الأمن، وقطعًا للطريق على أعداء البلد.
                * * *

                تعليق

                • abubakr_3
                  مشرف عام

                  • 15 يون, 2006
                  • 849
                  • مسلم

                  #23
                  وبعد أن علمنا أن الكتاب الذى يقدسونه محرفًا فى تعاليمه (قلَّت أو كثُرت ليس هذا هو لبُّ البحث)، وفى قصصه، وفى الكثير من تاريخه، وفى جغرافيته، وفى بعض عقائده، وتناول التحريف أيضًا إضافة بعض الكتبة الجهلاء لإشارات علمية لا يصدقها العلم اليوم بأى حال من الأحوال. فبعد كل هذا، علينا أن نقرأ نص المزمور الذى تسبب فى هذا الخلاف:
                  يقول المزمور 84: (1مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ. 2تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلَهِ الْحَيِّ. 3اَلْعُصْفُورُ أَيْضاً وَجَدَ بَيْتاً وَالسُّنُونَةُ عُشّاً لِنَفْسِهَا حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ مَلِكِي وَإِلَهِي. 4طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ أَبَداً يُسَبِّحُونَكَ. سِلاَهْ. 5طُوبَى لِأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. 6عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعاً. أَيْضاً بِبَرَكَاتٍ يُغَطُّونَ مُورَةَ. 7يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ اللهِ فِي صِهْيَوْنَ. 8يَا رَبُّ إِلَهَ الْجُنُودِ اسْمَعْ صَلاَتِي وَاصْغَ يَا إِلَهَ يَعْقُوبَ. سِلاَهْ. 9يَا مِجَنَّنَا انْظُرْ يَا اللهُ وَالْتَفِتْ إِلَى وَجْهِ مَسِيحِكَ. 10لأَنَّ يَوْماً وَاحِداً فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ. اخْتَرْتُ الْوُقُوفَ عَلَى الْعَتَبَةِ فِي بَيْتِ إِلَهِي عَلَى السَّكَنِ فِي خِيَامِ الأَشْرَارِ. 11لأَنَّ الرَّبَّ اللهَ شَمْسٌ وَمِجَنٌّ. الرَّبُّ يُعْطِي رَحْمَةً وَمَجْداً. لاَ يَمْنَعُ خَيْراً عَنِ السَّالِكِينَ بِالْكَمَالِ. 12يَا رَبَّ الْجُنُودِ طُوبَى لِلإِنْسَانِ الْمُتَّكِلِ عَلَيْكَ!) ترجمة الفاندايك
                  واختلفت معها الترجمة اليسوعية: فى ترجمة الفقرة السادسة والخاصة بالمرور فى وادى بكة، فقالت الترجمة اليسوعية عليه وادى البلسان: (إِذا مَرُّوا بِوادي البَلَسان جَعَلوا مِنه يَنابيع وباكورَةُ الأَمطارِ تَغمُرُهم بِالبَرَكات.). وقد أضافت تعليقًا على هذا المزمور قائلة: (نشيد صهيون يشيد بضيف الهيكل الإلهى. ينبوع السعادة والنعمة للحجَّاج (الآيات 6-8) ولسكَّان المقدس (الآيتان 5 و11))
                  وفى الصفحة التالية ص1231 يعترف الهامش أن هذا الوادى يمثِّل المرحلة الأخيرة للحج، على مفترق الطرق الآتية من الشمال والغرب والجنوب.
                  واختلفت الترجمة العربية المشتركة وكتبتها (وادى الجفاف). وكتبت المزمور نفسه تحت عنوان (نشيد الحُجَّاج). وعلقت على شرح جملة «يتجهون إليك» بقولها: يأخذون طريق الحج إلى أورشليم.
                  فالمزمور 84 إذن خاص بالحج، كما أنه نبوءة مستقبلة لما سيحدث يومًا ما، حيث لم يكن وقتها هناك معبدًا قد بُنى على جبل عيبال، ولم يكن اليهود السامرة قد انفصلوا عن اليهود العبرانيين. ولم يكن هناك بيتًا يحجون إليه ويقصدونه بالتبرك غير بيت إيل فى أرض فاران، التى ذهب إليها داود كما ذكرنا.
                  تؤكد دائرة المعارف الكتابية على أن مزامير داود تشير إلى نبوءة مستقبلية، تتحدث عن مدينة الله، وشريعته الأبدية، وملكوته العادل الذى سيحكم به المسِّيِّا بين كل البشر:
                  فتحت حرف (الزاى) مادة (مزمور – سفر المزامير) تقول دائرة المعارف الكتابية: (وكذلك تناولت المزامير- في الصورة التاريخية التي تعرضها- مستقبل إسرائيل، فتتحدث بعض المزامير عن عناية الله العجيبة بعد السبي: "عندما رد الرب سبي صهيون … حينئذ امتلأت أفواهنا ضحكاً وألسنتنا ترنماً" (مز 126: 1-3). "لأن الله هذا هو إلهنا إلي الدهر والأبد" (مز 48: 14)، والله يذكر عهده الأبد (مز 105: 8- 10، 106: 45). وقد عبرت المزامير بكل وضوح عن رجاء إسرائيل، فيما يعرف باسم "أغاني صهيون" (مز 48: 84، 87، 122). وصهيون هنا تتعدي معناها الضيق- أورشليم ومقادسها- لترمز لحالة البشر في المصالحة الروحية مع الله (مز 87: 5- 7)، كما تتخطي حدود اليهودية لتصبح مدينة عالمية بالنسبة إلي "الصالحين وإلي المستقيمي القلوب" (مز 125: 4). كما ان هذه المزامير التاريخية تتوقع مملكة أرضية تتحقق بانتصار الله النهائي في أواخر الأيام: "يخضع الشعوب تحتنا والأمم تحت أقدامنا" (مز 47: 3، انظر ايضاً 44: 58، 68: 23)، وستكون مملكة عدل حيث "يوجد إله قاض في الأرض" (مز 58: 11)، يرجع فيها شعب إسرائيل إلي الله: "يالله أرجعنا وأنر بوجهك فنخلص" (مز 80: 3, 7, 19). وحينئذ يتحقق الانتصار الأدبي مع الانتصار المادي: "الحق من الأرض ينبت والبر من السماء يطلع…" (مز 85: 11- 13). وفي النهاية يصل التاريخ إلي ذروته، حين يتحدث عن أورشليم الجديدة (انظر رؤ 21: 22) الأبدية (مز 48: 8, 11)، وإليها تأتي كل شعوب الأرض لتسجد لله (مز 66: 4, 68 : 29 - 32) وهكذا يتحقق القصد من إسرائيل في أن يكون وسيطاً لخلاص كل العالم (مز 83: 18، 106: 8).)
                  ويتضح مما قالته دائرة المعارف الكتابية أن هناك أورشليم أخرى غير التى فى فلسطين، وهذه المدينة يُسجد فيها لله، وهى مدينة عالمية، يتعبَّد فيها كل البشر لله الواحد الأحد، بمعنى أنها مدينة النبى صاحب الملكوت الأبدى، وقبلة البشر. وستظهر فى نهاية زمان النبوة، على يد آخر الأنبياء.
                  وأهمس فى أذنك عزيزى القمص متسائلا: هل كان هناك فى ذلك الوقت حج إلى أورشليم؟ بالطبع لا. فمن الذى ابتدعه إذن فى دينكم إن لم يكن موسى قد شرعه لكم؟ فلم يكن داود قد شرع فى بناء هيكلا للرب، والذى يزعم اليهود أن سليمان هو الذى بناه بالحجارة على جبل عيبال، على الرغم من أمر الرب فى وصاياه أن يُبنى بيته بالتراب،أو من حجارة لا يمسها الأزميل. الأمر الذى يعنى أنها لن تعيش طويلا, ولا مُشرِّع فى بنى إسرائيل بعد موسى إلا المسِّيِّا r: (مَذْبَحاً مِنْ تُرَابٍ تَصْنَعُ لِي وَتَذْبَحُ عَلَيْهِ مُحْرَقَاتِكَ وَذَبَائِحَ سَلاَمَتِكَ غَنَمَكَ وَبَقَرَكَ.فِي كُلِّ الأَمَاكِنِ الَّتِي فِيهَا أَصْنَعُ لاِسْمِي ذِكْراً آتِي إِلَيْكَ وَأُبَارِكُكَ. 25وَإِنْ صَنَعْتَ لِي مَذْبَحاً مِنْ حِجَارَةٍ فَلاَ تَبْنِهِ مِنْهَا مَنْحُوتَةً.إِذَا رَفَعْتَ عَلَيْهَا إِزْمِيلَكَ تُدَنِّسُهَا)خروج20: 24-25
                  وقد اعترض عليهم السامرة لبناء هذا الهيكل على جبل عيبال فى أورشليم، وخالفوهم فيما بعد، وبنوا لهم هيكلا على جبل جرزيم. وجاء عيسى u وأقر أن الحج ليس لهذا الجبل، ولا للجبل الآخر، وسيأتى وقت ستنتقل فيه شعائر الحج والقبلة إلى اتجاه آخر، ومدينة جديدة (أورشليم الثانية/ الجديدة/ النازلة من السماء) وسماء جديدة: (19قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! 20آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي هَذَا الْجَبَلِ وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». 21قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. 23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.) يوحنا 4: 19-23
                  وطبعًا التحريف واضح فى مقولة (23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ)، وذلك لأنه لو كان السجود فى أورشليم هو الصحيح، لما قال لها من قبل أن الاتجاهين خطأ. ولم يوضح لها أى اتجاه هو الاتجاه الصحيح، لأنه لم يُأمر أن يبلغ السامريين بشىء، فهو مرسل فقط لخراف بيت إسرائيل الضالة: («لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ». 25فَأَتَتْ وَسَجَدَتْ لَهُ قَائِلَةً: «يَا سَيِّدُ أَعِنِّي!» 26فَأَجَابَ: «لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلاَبِ».) متى 15: 24-26
                  وللقساوسة فى أمور هذه القبلة الجديدة شؤون: فهم يُفهمون أتباعهم أن هذه القبلة الجديدة هى كنيسة المسيح. وبالتالى نسوا أن يفهمونهم أى كنيسة قصدها المسيح: هل هى كنيسة الكاثوليك أم الأرثوذكس أم البروتستانت أو المارمون أم السبتيين أم المحدين أم .. أم ..؟
                  كما نسوا أن يقولوا لهم إن سؤال المرأة السامرية عن أى اتجاه للصلاة أو تعنى بالسجود الحج، والبيت الذى ينبغى أن يتوجه إليه الناس مسبحين لله، ليقيموا شعائر حجهم، حيث يدعى العبرانيون أن معبدهم فى جبل عيبال هو مكان الحج السليم، وادعى السامريون أن معبدهم على جبل جرزيم هو مكان الحج الأصح. واتجاه الصلاة أو الحج هى القبلة، فلا تؤوَّل مُطلقًا على أنها كنيسة. خاصة وأن الكنائس بهذا الشكل الذى نراه اليوم لم تكن موجودة أيام عيسى u ولا تلاميذه، ولم يعلموا عنها شيئًا، بل كانت تعنى فى القرن الأول والثانى جماعة المؤمنين. الأمر الذى ينفى وجود اتجاه جديد نهائيًا لصلاتهم.
                  ونسى المسيحيون أنفسهم أن يسألوا قساوستهم عما إذا كانت قبلتهم التى يتخذونها حاليًا إلى الشرق لها علاقة بدين عيسى u، الذى كان من اليهود العبرانيين ، ويُصلى مثلهم فى الهيكل؟ ولماذا اتُخذت قبلة فقط فى زمن قسطنطين عابد الشمس؟
                  هذا ويتكلم النص عن السجود، وأن هذه القبلة هى اتجاه للسجود، فهل يسجد المسيحيون فى صلواتهم إلا للفطير المقدس والأيقونات وتماثيل يسوع والصليب؟
                  وإذا ربطنا القبلة الجديدة بأورشليم الجديدة النازلة من السماء علمنا أنه كان يتكلم عن قبلة، وبيت للصلاة والحج فى أرض جديدة، لأن الأولى قد زالت، وهى لن تكون على بحر ما ، بل فى الصحراء، وعلمنا علم اليقين أنه يتكلم عن مكة: (1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.) الرؤيا 21: 1
                  وإذا استمرت قراءتنا فى نفس الإصحاح السابق، علمنا أن هذه المدينة مكعبة الشكل: (16وَالْمَدِينَةُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً مُرَبَّعَةً، طُولُهَا بِقَدْرِ الْعَرْضِ. فَقَاسَ الْمَدِينَةَ بِالْقَصَبَةِ مَسَافَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ غَلْوَةٍ. الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالاِرْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ.) الرؤيا 21: 16
                  قارن هذا بما قاله الله تعالى لرسوله الأمين r: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ * وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} (144-147) سورة البقرة
                  أما قوله للمرأة السامرية عن الساجدين الحقيقيين لله بالحق: (23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.) يوحنا 4: 23، فهذا يدل على أن هناك سجدود لا حق فيه، وهو سجود اليهود العبرانيين والسامريين، حيث رفض القبلتين، وتنبأ بوقت سيأتى فيه الساجدون لله بالحق، خلافًا لما عليه اليهود العبرانيون أو السامريون، وستكون القبلة أو مكان الحج مغايرة لهذين الاتجاهين. فهل أنتم تسجدون فى صلاتكم؟
                  لا. فأنتم إذًا عزيزى القمص خارج المنافسة ، فأنتم لا تسجدون فى صلاتكم، وتركتم ناموس ربكم، وأخرجكم بولس من عهد إلهكم، وتركتم الختان أيضًا، الذى هو بمثابة العهد الأبدى بين الله وشعبه، فأغضبتم خالقكم:
                  (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
                  (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                  (26مَلعُونٌ مَنْ لا يُقِيمُ كَلِمَاتِ هَذَا النَّامُوسِ لِيَعْمَل بِهَا. وَيَقُولُ جَمِيعُ الشَّعْبِ: آمِينَ».) تثنية 27: 26
                  وأخرجكم بولس، وعرضكم للعنة الله الأبدية بسبب هذا العمل، فأصبحتم بذلك أتباع بولس، وأعداءً للمسيح: (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
                  وفى الوقت الذى قال فيه الله لإبراهيم u: (9وَقَالَ اللهُ لإِبْرَاهِيمَ: «وَأَمَّا أَنْتَ فَتَحْفَظُ عَهْدِي أَنْتَ وَنَسْلُكَ مِنْ بَعْدِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ. 10هَذَا هُوَ عَهْدِي الَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ 11فَتُخْتَنُونَ فِي لَحْمِ غُرْلَتِكُمْ فَيَكُونُ عَلاَمَةَ عَهْدٍ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. 12اِبْنَ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ يُخْتَنُ مِنْكُمْ كُلُّ ذَكَرٍ فِي أَجْيَالِكُمْ: وَلِيدُ الْبَيْتِ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّةٍ مِنْ كُلِّ ابْنِ غَرِيبٍ لَيْسَ مِنْ نَسْلِكَ. 13يُخْتَنُ خِتَاناً وَلِيدُ بَيْتِكَ وَالْمُبْتَاعُ بِفِضَّتِكَ فَيَكُونُ عَهْدِي فِي لَحْمِكُمْ عَهْداً أَبَدِيّاً. 14وَأَمَّا الذَّكَرُ الأَغْلَفُ الَّذِي لاَ يُخْتَنُ فِي لَحْمِ غُرْلَتِهِ فَتُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ شَعْبِهَا. إِنَّهُ قَدْ نَكَثَ عَهْدِي».) تكوين 17: 9-14
                  قال لكم بولس: (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                  وقال: (أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!)غلاطية5: 2
                  وتقول النبوءة التى استشهد بها متى إنه سيرعى شعب إسرائيل فقط: (6وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ».) متى 2: 6
                  وعندما أرسل التلاميذ للتبشير أوصاهم ألا يدخلوا إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة: (5هَؤُلاَءِ الاِثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. 6بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ.) متى10: 5-6
                  بل قال ملاك الرب ليوسف: (لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ.) متى 1: 21
                  وعلى ذلك فإن عيسى u لم يكن هو النبى العالمى المرسل إلى الناس كافة، ولم يُؤْثَر على لسانه أنه خاطب ملوك العالم ودعاهم إلى الإيمان به بصفته المسِّيِّا ، بل أنكر أنه المسِّيِّا أمام بيلاطس. ولم يكن هو الشبيه بموسى u تبعًا لقول سفر التثنية 18: 18-20، الذى سينسخ شريعة موسى u بشريعته هو.
                  وطبعًا تعلم عزيزى القمص أن عيسى u لم يأتى بتشريع جديد، بل جاء تابعًا لما جاء به موسى والأنبياء عليهم السلام أجمعين: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
                  وأنه سمَّى الذى يُغيِّر فى هذا الناموس «الأصغر فى ملكوت السماوات» ويقصد آخر الأنبياء فى سلسلة النبوة، وهو أيضًا أعظم رسل الله: (11اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ وَلَكِنَّ الأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ أَعْظَمُ مِنْهُ. 12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 11-14
                  ووافقت الترجمة الانجليزية للعدد الخامس من الفصل 84 من نفس المزمور في "الترجمة العالمية الحديثة" "The New International Version" تذكر صراحة كلمة "Pilgrimage" "حج". وقد اعترف بتعلق النص بالحج المعلّقون على الترجمة الانجليزية "ترجمة الملك جيمس" "King James Version Study Bible" وغيرهم ممن علّق على المزمور.
                  وفي الحديث عن الحج هنا إشارة ودلالة لا تخطئهما العين على بعثة نبي صاحب أهمــية خاصـة, وأنّ مكان بعثته سيكون قبلة للناس. علمًا بأنه كما يقول القس المهتدي إلى الإسلام عبد الأحد داود في كتابه "محمد r في الكتاب المقدس "فإنّ كلمة "حج" العربية مرادفة تمامًا من حيث المعنى والأصل لنفس الكلمة في العبرية واللغات السامية الأخرى. فكلمة "حَجَاج" "Hagag" العبرية هي نفس كلمة "حجاج" العربية "Hajaj" والفرق الوحيد لفظ الحرف الثالث من الأبجدية السامية وهو الجيم التي يلفظها العرب جيما. وشريعة موسى تستخدم هذه الكلمة بعينها وهي "Hagag" أو "حجاج" "haghagh" وذلك عندما تأمر بآداء طقوس الإحتفال. وتعني الكلمة الدوران حول بناء أو مذبح أو حجر, بخطوات مهرولة منتظمة ومدرّبة, تأدية لطقس أو عيد ديني يحتوي على السرور والإنشاد"!!
                  أمّا النبع فهو بئر زمزم, النبع الفياض. علمًا بأنّه قد جاء في هامش الترجمة الفرنسية "La Bible de Semeur" أنّ "العديد من المخطوطات العبرية والترجمة اليونانية القديمة جاء فيها: "هو (الله) أنشأ واحة". ونسبة الفعل إلى الله تؤكد تمحور الحديث هنا عن زمزم الذي نبع بمعجزة إلهية.
                  وهذا يعنى أنهم يتفقون معنا أن هذا الطريق يصب فى بكة، لأنها «المرحلة الأخيرة للحج»، حيث يوجد بها البيت الذى يتم الحج فيه والطواف حوله، وأعتقد أنه إلى هذه النقطة ممكن أن يُحسم الخلاف، لكننى أفضل أن نواصل الحوار.
                  ما هو المذبح المقصود فى النبوءة؟
                  وقبل أن نختلف معهم فى هذه النقطة أو نتفق فى نقطة أخرى يقطع علينا الطريق للتفكير أو للبحث القمص مرقس عزيز قائلاً: إن المقصود لا يُمكن أن تكون بكه التى هى مكة، لأن النص يتكلم عن مذابح فى بيت الرب، وبما أن مكة لا يوجد بها مذابح فهى ليست المقصودة.
                  فى الحقيقة إن من يقول بهذا فقد جانب الصواب. فإن كان يقصد المعبد الذى على جبل عيبال ، فهو لم يكن قد بُنىَ بعد، لأن النبوءة قيلت فى زمن داود، وبُنى المعبد فى زمن ابنه سُليمان فى أورشليم. وقد مر بنا كيف يُفرِّق الكتاب بين صهيون وأورشليم، وأن صهيون هذه أخذت معنى (مدينة الله) التى بها بيته، الذى سيُحج إليها. وعلى ذلك فإن معبد سليمان خارج المناقشة، لأنه ليس هو المقصود.
                  بل الباحث فى الكتاب يجد أن موسى u نفسه قد بنى ثلاثة مذابح للرب خارج أورشليم (خروج 17: 15) و(خروج 20: 24) و(خروج 24: 4)، هذا غير ما بناه يشوع فى الأردن (يشوع 22: 10). هذا غير ما بناه الأنبياء الآخرون وبنو إسرائيل من مذابح أخرى فى أماكن أخرى.
                  وإذا كان المقصود أى مذبح آخر فالمذابح التى بنيت قبل داود u أو بعده كثيرة ، ومن الممكن أن تكون أي مدينة أو قرية أخرى بها هذا المذبح هى صهيون، ومنها مكة (بيت إيل) أيضًا، التى بنى فيها نوح u مذبحًا للرب، وصلى بها إبراهيم u، وتربى بها سليمان u، وعاش فيها إبراهيم u وذريته أو جزء منها. وبذلك لا يُمكن الجزم بواحدة منها. وستجد أن الكثير من المذابح بٌنيت فى بيت إيل أو بالقرب منه، حتى بنو إسرائيل أنفسهم بنوا هناك مذبحًا للرب (قضاة 21: 4)، فى الوقت الذى لم توجد يُفكروا فيه أن تكون أورشليم مقدسة.
                  يقول نص النبوءة: (1مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ. 2تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلَهِ الْحَيِّ. 3اَلْعُصْفُورُ أَيْضاً وَجَدَ بَيْتاً وَالسُّنُونَةُ عُشّاً لِنَفْسِهَا حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ مَلِكِي وَإِلَهِي. 4طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ أَبَداً يُسَبِّحُونَكَ. سِلاَهْ. 5طُوبَى لِأُنَاسٍ عِزُّهُمْ بِكَ. طُرُقُ بَيْتِكَ فِي قُلُوبِهِمْ. 6عَابِرِينَ فِي وَادِي الْبُكَاءِ [وادى بكه] يُصَيِّرُونَهُ يَنْبُوعاً.) مزمور 84: 1-7
                  إن المدقق فى قراءته للنبوءة يجد أن المرنم يتكلم عن مساكن الرب بصيغة الجمع (1مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ)، وبقوله (2تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ الرَّبِّ)، ومساكن الرب ودياره أجملها فى قوله (مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ مَلِكِي وَإِلَهِي)، ثم حدد هذه المساكن والديار والمذابح بأنها بيته فأفردها بقوله (4طُوبَى لِلسَّاكِنِينَ فِي بَيْتِكَ). الأمر الذى يعنى أن مذابح الله هى أماكن عبادته، بيوته، ودياره ومساجده.
                  ومن الجدير بالذكر أن يعرف القارىء أن المذابح التى بناها الأنبياء وغيرهم ، لم تكن لذبح الحيوانات، وإنما كانت مساجد يتعبدون فيها لله، لأن الله تعالى لم يطلب منهم تقديم كل هذه المحرقات والذبائح التى ادعوا أن الرب كان يرضى ويستريح عندما يشم رائحة الشى، ويندم على ما يفعل، حتى لا يفقد هذه الرائحة فيما بعد: (20وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ 21فَتَنَسَّمَ الرَّبُّ رَائِحَةَ الرِّضَا. وَقَالَ الرَّبُّ فِي قَلْبِهِ: «لاَ أَعُودُ أَلْعَنُ الأَرْضَ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الإِنْسَانِ لأَنَّ تَصَوُّرَ قَلْبِ الإِنْسَانِ شِرِّيرٌ مُنْذُ حَدَاثَتِهِ. وَلاَ أَعُودُ أَيْضاً أُمِيتُ كُلَّ حَيٍّ كَمَا فَعَلْتُ. 22مُدَّةَ كُلِّ أَيَّامِ الأَرْضِ زَرْعٌ وَحَصَادٌ وَبَرْدٌ وَحَرٌّ وَصَيْفٌ وَشِتَاءٌ وَنَهَارٌ وَلَيْلٌ لاَ تَزَالُ.) تكوين 8: 20-22
                  ونفهم ذلك من قول دائرة المعارف الكتابية مادة (مذبح): (خامساً: إساءة استخدام المذبح: لم تكن هذه المذابح تستخدم على الدوام في عبادة اللـه الحقيقة، بل كثيراً ما نجسوها بعبادات وثنية حتى أصبحت عبادتهم مكروهه أمام الرب (انظر إش 11:1-13، عاموس 14:3، 21:5و22). )
                  الأمر الذى يعنى أنها مكان إقامة شعائر، استبدلوا فيها الرب بالأوثان. حتى ولو كان الذبح على غير اسم الله. لكن العجيب هو قول الرب أنه لم يأمرهم بتقديم ذبائح، فلماذا إذن كانت تُبنى مذابح لذبح الحيوانات ، وتلطيخ جدران المعابد بدم الذبيحة، وكل هذه الطقوس الوثنية؟
                  (22لأَنِّي لَمْ أُكَلِّمْ آبَاءَكُمْ وَلاَ أَوْصَيْتُهُمْ يَوْمَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ جِهَةِ مُحْرَقَةٍ وَذَبِيحَةٍ.) إرمياء 7: 22
                  (6بِذَبِيحَةٍ وَتَقْدِمَةٍ لَمْ تُسَرَّ. أُذُنَيَّ فَتَحْتَ. مُحْرَقَةً وَذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لَمْ تَطْلُبْ.) مزمور 40: 6
                  (16لأَنَّكَ لاَ تُسَرُّ بِذَبِيحَةٍ وَإِلاَّ فَكُنْتُ أُقَدِّمُهَا. بِمُحْرَقَةٍ لاَ تَرْضَى. 17ذَبَائِحُ اللهِ هِيَ رُوحٌ مُنْكَسِرَةٌ. الْقَلْبُ الْمُنْكَسِرُ وَالْمُنْسَحِقُ يَا اللهُ لاَ تَحْتَقِرُهُ.) مزمور 51: 16-17
                  (22فَقَالَ صَمُوئِيلُ: «هَلْ مَسَرَّةُ الرَّبِّ بِالْمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ كَمَا بِاسْتِمَاعِ صَوْتِ الرَّبِّ؟ هُوَذَا الاِسْتِمَاعُ أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ وَالْإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ.) صموئيل الأول 15: 22 ، إذن فإن هذا المذبح هو المكان الذى تُذبح فيه ذنوب المذنب، وتُستبدل بمغفرة الله ورضوانه، حتى يرجع كيوم ولدته أمه بلا ذنوب. لذلك يقول المزمور الذى نحن بصدد الحديث عنه: (10لأَنَّ يَوْماً وَاحِداً فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ.) مزمور 84: 10
                  فاقرأ وتدبر أقوال الرسول r: عن جابر رضي الله عنه أن النبي r قال {صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة} رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين،
                  وعن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا: {الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة} رواه الطبراني في الكبير وابن خزيمة في صحيحه؛
                  وأن الذبيحة الحقيقية التى تسر الله هى ذكره بالتسبيح وفعل الخيرات، وهى لا تحتاج مذبح يُبنى وتُذبح عليه الحيوانات: (15فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ لِلَّهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ، أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ. 16وَلَكِنْ لاَ تَنْسُوا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هَذِهِ يُسَرُّ اللهُ.) عبرانيين 13: 16
                  وليس فقط العمل الصالح والتسبيح والذكر، هو ما يعبر عنها الكتاب الذى تقدسه بالذبيحة، ولكن الصلاة أيضًا سماها ذبيحة: (2خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَماً وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ. قُولُوا لَهُ: «ارْفَعْ كُلَّ إِثْمٍ وَاقْبَلْ حَسَناً فَنُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا.) هوشع 14: 2
                  يؤيد ما تذهب إليه النصوص، وما نراه نحن أيضًا وليم باركلى فى تفسيره لسفر العبرانيين، فهو يقول ص170:«إن الذبيحة الوحيدة التي يرغبها الله من الإنسان هي الطاعة لإرادته. إن الذبيحة في جوهرها شيء عظيم ونبيل فهي تدل على أن الإنسان قد أخذ شيئًا غاليًا لديه وقدمه لله إظهارًا لحبه له. ولكن الطبيعة البشرية كما نعرفها جيدًا كان من السهل عليها أن تنحدر بفكرة الذبيحة شيئًا فشيئًا. فكان من السهل أن تفهم الذبيحة على أنها وسيلة لشراء الغفران من الله. أما الذبيحة في جوهرها فينبغي أن تكون رمزًا للمحبة والولاء لله. ومما يؤسف له أنه كثيرًا ما كان ينظر إلى الذبيحة على أنها الثمن الذي يدفعهالإنسان لقاء حصوله على غفران الله. ولم يقل كاتب الرسالة إلى العبرانيين شيئًاجديدًا عندما أعلن جهارًاأن الطاعة لله هي الذبيحة الوحيدةالحقيقية. وقبله بزمن طويل رأى الأنبياء كيف شوه الناس معنى الذبيحةوقالوا للشعب إن مايريده الله ليس دماء وأجساد الذبائح ولكن الطاعة هي الشيء المقبول عند الله. وهذه الفكرة من أنبل الأفكار التي عبر عنها أنبياء الله فيالعهد القديم
                  ويواصل ص172 قائلا: «وعلى مر العصور كانت الأصوات تنادي بلسان الله أن الذبيحة الوحيدة هي ذبيحة الطاعة. ولا شيء يقدر أن يفتح الطريق إلى الله إلا الطاعة. إن العصيان والعناد والتمرد تضع حاجزًا بين الله والإنسان لا تستطيع الذبائح أن تزيل»
                  ويؤيد تفسيره بما ذكرنا من نصوص، وبالنصوص الآتية:
                  (10إِسمَعوا كَلِمَةَ الرَّبِّ ياقُوَّادَ سَدوم أَصْغِ إِلى تَعْليمِ إِلهِنا يا شَعبَ عَمورَة. 11ما فائِدَتي مِن كَثرَةِ ذَبائِحِكم يَقولُ الرَّبّ؟ قد شَبِعتُ مِن مُحرَقاتِ الكِباش وشَحمِ المُسَمَّنات وأَصبَحَ دَمُ اكيرانِ والحُمْلانِ والتُّيوسِ لا يُرْضيني. 12حينَ تَأتونَ لِتَحضروا أَمامي مَنِ الَّذيآلتَمَسَ هذه مِن أَيديكم حتَّى تَدوسوا دِياري؟ 13لا تَعودوا تأتوني بِتَقدِمَةٍباطِلَة إِنَّما إِحراقُ البَخورِ قَبيحَةٌ لَدَيَّ. رَأسُ الشَّهرِ والسَّبتُوالدَّعوةُ إِلى الحَفلِ لا أُطيقُها إِنَّما هي إِثمٌ وآحتِفال. 14رُؤُوسُ شُهورِكم وأَعياكم كَرِهَتها نَفْسي صارَت عَلَيَّ حِملاً وقد سَئِمتُ آحتِمالَها. 15فحينَ تَبسُطونَ أَيدِيَكم أَحجُبُ عَينَيَّ عنكم وإِن أَكثَرتُم مِنَ الصَّلاةِلا أَستَمعُ لَكم لِأَنَّ أَيدِيَكم مَمْلوءَةٌ مِنَ الدِّماء. 16 فأغتَسِلوا وتَطَهَّروا وأَزيلوا شَرَّ أَعْمالِكم مِن أَمامِ عَينَيَّ وكُفُّوا عنِ الإِساءَة 17تَعَلَّموا الإِحسانَ وآلتَمِسوا الحَقّ قَوِّموا الظَّالِمَ وأَنصِفوا اليَتيم وحاموا عنِ الأَرمَلَة. 18تَعالَوا نَتَناقَش، يَقولُ الرَّبّ لَو كانَت خَطاياكم كالقِرمِزِ تَبيَضُّ كالثلْج ولو كانَت حَمْراءَ كالأُرجُوان تَصيرُ كالصُّوف. 19إِن شِئتُم أَن تَسمَعوا فإِنَّكم تأكُلونَطَيِّباتِ الأَرض 20وإِن أَبَيتُم وتَمَرَّدتُم فالسَّيفُ يأكُلُكم لِأَنَّ فَمَالرَّبِّ قد تَكَلَّم.) إشعياء 1: 10-20
                  (6بِمَ أَتَقَدَّمُ إِلَى الرَّبِّ وَأَنْحَنِي لِلإِلَهِ الْعَلِيِّ؟ هَلْ أَتَقَدَّمُ بِمُحْرَقَاتٍ بِعُجُولٍ أَبْنَاءِ سَنَةٍ؟ 7هَلْ يُسَرُّ الرَّبُّ بِأُلُوفِ الْكِبَاشِ بِرَبَوَاتِ أَنْهَارِ زَيْتٍ؟ هَلْ أُعْطِي بِكْرِي عَنْ مَعْصِيَتِي ثَمَرَةَ جَسَدِي عَنْ خَطِيَّةِ نَفْسِي؟ 8قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعاً مَعَ إِلَهِكَ.) ميخا 6: 6-8
                  ولم يعلم المسلم إلا أن مكة كلها مذبح لله ، فكلها حرم ، كما أن مِنى كلها مذبح. والاحاديثُ الصحيحة دليل على ذلك , في حينِ لا تستقيمُ لهم هم ، لأن مذابِحَهُمهُدِّمَت وكانت مذابِحُ أوثانٍ. ولا وجود لهما الآن، لأنهما تنجسا بأوثاناليبوسيينفكيف يُقاما فيأورشاليم؟
                  فإن مكة المكرمة ـ شرفها الله تعالى ـ كلها حرم ، وحدود الحرم معلومة معروفة ، ومعنى كونها حرمًا هو ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس أن النبي r قال: "إن الله حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمعرف قال العباس يا رسول الله إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا فقال: إلا الإذخر".
                  وقوله r: (إن مكة حرَّمها الله يوم خلق السماوات والأرض لم يحرِّمها الناس فهي حرام بتحريم الله لها)
                  وقد ذهب بعض أهل العلم أن مكة كلها حرم، استدلالاً بقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (28) التوبة
                  وبقوله جل جلاله: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (1) الإسراء، وقد قيل: إنه أسري به من بيت أم هانئ رضي الله عنها، وهو خارج المسجد يقيناً، وبفعل النبي r حين نزل بالحديبية، كان نازلاً خارجالحرم، فإذا أراد أن يصلي دخل الحرم أي صلى داخل الأميال.
                  وقال آخرون: إن التضعيف في أجر الصلاة يُراد به مسجد الكعبة خاصة، ودليلهم ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي r قال {صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة} فاستثنى فقط مسجد الكعبة.
                  وأجابوا عن الاستدلال بقصة الإسراء أن الثابت أنه أسري به r من الحجر، قال ابن حجر رحمه الله تعالى: والجمع بين كونه أسري به منه ـ أي من الحجر ـ ومن بيت أم هانئ ـ إن كان هذا اللفظ محفوظاً ـ أنه كان في أول الليل في بيت أم هانئ نائماً، ثم أوقظ وخرج إلى المسجد ونام في الحجر، وأما فعله بالحديبية فنحن نسلم أن الصلاة في الحرم أفضل من الصلاة في الحل لكن كلامنا على الفضل المخصوص وهو كون الصلاة فيه بمائة ألف صلاة. وعليه فهم يرون أن التضعيف في الأجر مخصوص بالمسجد الذي فيه الكعبة، والله تعالى أعلم.
                  يقول الله تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} (34) سورة الحـج
                  ويقول جل شأنه: {لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} (67) سورة الحـج، والمنسك هو المذبح
                  ثم إن الله تعالى يُشير إلى مذبح (بيت للخلاص) سيُقام فى نهاية الزمان بأيدى المسِّيِّا، مذبح بلا أوثان, بلا كهنة، ذبيحة بلا كاهن ... كذبيحة إبراهيم بلا كاهن
                  لقد تنبأ نبي الله هوشع أنه سيأتي وقت على بنى إسرائيل سيغفر الله لهم بدون كهنوت أو ذبائح ومذابح الدم، ولا ملك لهم (4لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَيَقْعُدُونَ أَيَّاماً كَثِيرَةً بِلاَ مَلِكٍ وَبِلاَ رَئِيسٍ وَبِلاَ ذَبِيحَةٍ وَبِلاَ تِمْثَالٍ وَبِلاَ أَفُودٍ وَتَرَافِيمَ. 5بَعْدَ ذَلِكَ يَعُودُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبَّ إِلَهَهُمْ وَدَاوُدَ مَلِكَهُمْ وَيَفْزَعُونَ إِلَى الرَّبِّ وَإِلَى جُودِهِ فِي آخِرِ الأَيَّامِ.) هوشع 3: 4-5، أى سينزع الله منهم النبوة والملك والشريعة، ويطلبون من الله أن يتوب عليهم، ويعطيهم مسيحهم الذى من نسل داود، وهكذا يظل حالهم إلى نهاية الأيام. (مع الأخذ فى الاعتبار أن عيسى u أفهمهم أن المسِّيِّا لن يكون من نسل داود.)
                  وتكون الذبيحة المكفرة عن آثامهم هى التوبة، والصلاة والدعاء الذى يخرج من شفاههم، والعمل الصالح، دون حاجتهم إلى وسيط أو كاهن اعتراف: (2خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَماً وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ. قُولُوا لَهُ: «ارْفَعْ كُلَّ إِثْمٍ وَاقْبَلْ حَسَناً فَنُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا.) هوشع 14: 2
                  (2خُذُوا مَعَكُمْ كَلاَماً وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ. قُولُوا لَهُ: «ارْفَعْ كُلَّ إِثْمٍ وَاقْبَلْ حَسَناً فَنُقَدِّمَ عُجُولَ شِفَاهِنَا.) هوشع 14: 2
                  وعن أبى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ r يَقُولُ: (مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْرَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) البخارى (1424)
                  ويكون خلاصهم بالتوبة واتباع القبلة الجديدة، والتى ستخرج من صهيون الجديدة أو أرشليم النازلة من السماء: (7لَيْتَ مِنْ صِهْيَوْنَ خَلاَصَ إِسْرَائِيلَ.) مزمور 14: 7
                  (2يُرْسِلُ الرَّبُّ قَضِيبَ عِزِّكَ مِنْ صِهْيَوْنَ. تَسَلَّطْ فِي وَسَطِ أَعْدَائِكَ.) مزمور 110: 3
                  (2وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ الْجِبَالِ وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ. 3وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ.) إشعياء 2: 2-3، وميخا 4: 2
                  (26وَهَكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «سَيَخْرُجُ مِنْ صِهْيَوْنَ الْمُنْقِذُ وَيَرُدُّ الْفُجُورَ عَنْ يَعْقُوبَ.) رومية 11: 26
                  ومن الجدير بالفهم أن نعى مفهوم الله لكلمة مذبح، حيث إنه لا يريد مذبح ولا ذبيحة ، ولكن مراده هو الرحمة: (11فَلَمَّا نَظَرَ الْفَرِّيسِيُّونَ قَالُوا لِتَلاَمِيذِهِ: «لِمَاذَا يَأْكُلُ مُعَلِّمُكُمْ مَعَ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ؟» 12فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ لَهُمْ: «لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. 13فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ».) متى 9: 11-13
                  إن المذبح هو قدس الأقداس (خروج 29: 37) ، وقدس الأقداس هذا لا يدخله إلا رئيس الكهنة، ويقع فى آخر المعبد فى مكان مُغلق. فلو كان المذبح لا يعنى قدس الأقداس الذى تقام فيه الصلوات، ويعنى مكان ذبح الأضاحى وتنظيفها فقط، فمعنى ذلك أنه مكان نتن الرائحة من كثرة الدماء التى تُراق عليه يوميًا. ولا يجوز السجود فيه، لأن الدم الذى يخرج من الذبيحة نجس.
                  وفى الحقيقة إن هناك عدة معانى لكلمة مذبح تتضح من أقوال الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص. فهناك مذابح تتعلق بالأضحية من ذبح وتنظيف وتقدمة، وهناك مذابح للبخور، وهناك مذابح يُسجد فيها لله، وهناك مذابح يطوف بها المصلين: (26فَقُلْنَا نَصْنَعُ نَحْنُ لأَنْفُسِنَا. نَبْنِي مَذْبَحاً, لاَ لِلْمُحْرَقَةِ وَلاَ لِلذَّبِيحَةِ) يشوع 22: 26
                  فعندما يتكلم الرب عن الذين يسجدون فيه، فهو مكان آخر يدخله كل الناس للسجود فيه، فهو إذن مسجد: (1ثُمَّ أُعْطِيتُ قَصَبَةً شِبْهَ عَصاً، وَوَقَفَ الْمَلاَكُ قَائِلاً لِي: «قُمْ وَقِسْ هَيْكَلَ اللهِ وَالْمَذْبَحَ وَالسَّاجِدِينَ فِيهِ.) رؤيا 11: 1، وأذكرك أن المذبح الذى يُسجد فيه ، النازل من السماء، هو مكعب الشكل فى نفس الرؤيا: (16وَالْمَدِينَةُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً مُرَبَّعَةً، طُولُهَا بِقَدْرِ الْعَرْضِ. فَقَاسَ الْمَدِينَةَ بِالْقَصَبَةِ مَسَافَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ غَلْوَةٍ. الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالاِرْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ.) رؤيا 21: 16
                  وهو قد يكون الاتجاه الذى يُتجه إليه فى السجود، أى القبلة أو المحراب أو الكعبة: (22وَإِذَا قُلْتُمْ لِي: عَلَى الرَّبِّ إِلَهِنَا اتَّكَلْنَا، أَفَلَيْسَ هُوَ الَّذِي أَزَالَ حَزَقِيَّا مُرْتَفَعَاتِهِ وَمَذَابِحَهُ، وَقَالَ لِيَهُوذَا وَلِأُورُشَلِيمَ: أَمَامَ هَذَا الْمَذْبَحِ تَسْجُدُونَ فِي أُورُشَلِيمَ؟) ملوك الثانى 18: 22 وإشعياء 36: 7، أخبار الأيام الثانى 32: 12
                  يؤكد أكثر أنها الكعبة التى يطوف حولها الحجاج والمعتمرون قول المزامير: (6أَغْسِلُ يَدَيَّ فِي النَّقَاوَةِ فَأَطُوفُ بِمَذْبَحِكَ يَا رَبُّ) مزامير 26: 6
                  وهو فى نفس الوقت بيت الله لكل الشعوب، وبالتالى فإن من يدخله يؤمن بكل أنبياء الله، ولا يرفض منهم نبيًا، وهم من الذين يحفظون فرائض الله تعالى وتعاليمه، ودعوتهم دعوة عالمية أبدية، وصاحب الدعوة إليه هو المسِّيِّا ، النبى الذى يرسله الله تعالى للعالمين: (5إِنِّي أُعْطِيهِمْ فِي بَيْتِي وَفِي أَسْوَارِي نُصُباً وَاسْماً أَفْضَلَ مِنَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ. أُعْطِيهِمُِ اسْماً أَبَدِيّاً لاَ يَنْقَطِعُ. 6وَأَبْنَاءُ الْغَرِيبِ الَّذِينَ يَقْتَرِنُونَ بِالرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَلِيُحِبُّوا اسْمَ الرَّبِّ لِيَكُونُوا لَهُ عَبِيداً كُلُّ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ السَّبْتَ لِئَلاَّ يُنَجِّسُوهُ وَيَتَمَسَّكُونَ بِعَهْدِي 7آتِي بِهِمْ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي وَأُفَرِّحُهُمْ فِي بَيْتِ صَلاَتِي وَتَكُونُ مُحْرَقَاتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي لأَنَّ بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ».) إشعياء 56: 5-7
                  وبالتالى فاليهود هم خارج هذا العهد ليس فقط لأنهم لا يؤمنون بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، ولكنهم لعنوا على لسان كل الأنبياء، وأخبرهم عيسى u بانتهاء النبوة والشريعة من بينهم، بل جفف شجرة التين التى ترمز للأمة اليهودية، وقال للمرأة السامرية إن الخلاص من اليهود، وأخبرهم أنهم طالما لم يقبلوه، فعليهم إذن بقبول إيليا ، الذى بات قدومه وشيك: (14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 14
                  وهم أيضًا ليسوا النصارى، لأنهم رفضوا الناموس، وكسروا السبت، ولا يتمسكون بعهده، فقد ألغى بولس الختان. (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ
                  أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
                  (16إِذْ نَعْلَمُ أَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَتَبَرَّرُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ، بَلْ بِإِيمَانِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، آمَنَّا نَحْنُ أَيْضاً بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِنَتَبَرَّرَ بِإِيمَانِ يَسُوعَ لاَ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ. لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ لاَ يَتَبَرَّرُ جَسَدٌ مَا.) غلاطية 2: 16
                  (20لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ. 21وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ مَشْهُوداً لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ.) رومية 3: 20-21
                  (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                  (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                  (أَنَا بُولُسُ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئاً!) غلاطية 5: 2
                  (4قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَةِ. 5فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. 6لأَنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئاً وَلاَ الْغُرْلَةُ، بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ.) غلاطية 5: 4-6
                  * * *

                  تعليق

                  • abubakr_3
                    مشرف عام

                    • 15 يون, 2006
                    • 849
                    • مسلم

                    #24
                    وهنا علينا أن نلقى بعض الضوء على النص ومحتواه، فنتساءل:
                    1- هل كلمة (بكة) "Bacah " "הבכא" اسم علم لا يُترجم أم كلمة مثل باقى الكلمات التى تترجم معناها؟
                    نعم إنها اسم وادى مثل وادى قدرون، ووادى هنوم، ووادى الغور، ووادى الأورنت، ووادى الرفائيين، ووادى يزرعيل، وغيرهم. فكل أسماء هذه الوديان لم تترجم، باستثناء وادى بكة ، التى يترجمونها ليصرفوا القارىء عن أن الحج الحقيقى هو الحج إلى مكة، وما لها أن تُترجم، لأن أسماء الأعلام تُكتب كما هى بحروف اللغة المترجم إليها، كما فعلت ترجمة KJV, Darby, ESV, Geneva, JPS, KJV+, KJV-1611, KJVR, Webster!! وفى كل هذه التراجم كتب الحرف الأول من الكلمة كبيرا Capital. وهى تحت رقم (1056) .
                    ومن الجدير بالذكر أن (بكه / بكة) (و"الهاء" في آخر الكلمة دليل على أنّ هذا المكان معروف بين الناس.) هو اسم من أسماء مكّة المكرّمة، وقد ورد هذا الاسم بهذا المعنى في القرآن الكريم: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} سورة آل عمران (96)
                    ومن الملاحظ أن ترجمة الفاندايك قد أخذت ترجمتها من ترجمة الملك جيمس، إلا أنها خالفتها وغيرت كلمة بكة التى التزمت بها طبعات الملك جيمس المختلفة إلى وادى البكاء.
                    هذا وقد غيرتها أيضًا بعض التراجم الأخرى إلى (وادى العويل) أو (وادى البكاء) أو (وادى الجفاف)، الأمر الذى يُشير إلى وجود بيت تنتهى إليه أسفار الحجَّاج القادمون من كل صوب، وهو وادى جاف، وتذرف عنده الدموع ندمًا على ما اقترفه الشخص من ذنوب، وطمعًا وتضرعًا لله تعالى أن يتكرم عليه بحلمه وعفوه، وأن يغفر له، ويطهره من ذنوبه، كما يُطهَّر الثوب الأبيض من الدنس. وكل هذه إشارات وعلامات لا تنطبق إلى على مكة المشرفة.
                    2- ما معنى كلمة (بكة / بكه / بكا) بالضبط كما يقترحها اليهود والمسيحيون؟
                    تحت كلمة (بكا – وادى البكاء) تقول دائرة المعارف الكتابية: «يقول المرنم: "عابرين وادي البكاء يصيرونه ينبوعاً" (مز 84: 6)، فهو وادي الدموع. ولا تذكر هذه الكلمة "البكاء" كاسم علم إلا في معركة داود مع الفلسطينيين، عندما سأل الرب: "هل يصعد إليهم؟" فقال له الرب: "لاتصعد بل در من ورائهم وهلم عليهم مقابل أشجار البكا، وعندما تسمع صوت خطوات في رؤوس اشجار البكا حينئذ احترص لأنه إذ ذاك يخرج الرب أمامك لضرب محلة الفلسطينيين: (2صم 5: 23و 24، اأخ 14: 14و15)، ولعل المقصود بها أشجار البلسان لأنها تفرز مادة صمغية وكأنها الدموع.
                    ويعتقد رينان (في حياة يسوع) أن هذا الوادى كان المرحلة الأخيرة في الرحلة من شمالي فلسطين إلى أروشليم، أي "عين الحرامية" وهو واد ضيق كئيب تنضح فيه المياه المالحة من الصخور، ومن هنا أخذ اسمه "وادي البكا" أو "وادي الدموع".
                    ولكن الأرجح أن وادي البكاء (مز 84: 6)، ليس موضعاً جغرافياً معيناً ولكنه تصوير مجازي لاختبار المؤمنين الذين كل قوتهم في الرب، والذين بنعمته يجدون أحزانهم وقد تبدلت إلى بركات.»
                    وكنا قد رأينا كيف اعتبرتها تقريبًا كل تراجم الكتاب المقدس الأوروبية اسم مكان، وكتبت الحرف الأول منها كبيرًا. وبذلك فهم يعتبرونها مكانًا، ويصرح البعض منهم أنها مكان، ولكنه مجهول، لا يعلمه أحد. ويُرجح البعض أنه تعبير مجازى لا يعلمونه أيضًا. فالمهم عندهم أن ينكروا أنه مكة، ويكون أى شىء آخر بعد ذلك!!
                    والله إنهم ينطبق عليهم قول عيسى u فى اليهود: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13
                    ونقلا عن رد الأستاذ سامى العامرى فى رده على مقال القس رفعت، الذى نشرته جريدة الأهرام، ردًا على مقال الدكتور زغلول النجار، ننقل آراء دوائر المعارف ومفسرى الكتاب حول كلمة (بكة):
                    Ûجاء في كتاب "The Harper Collins Study Bible" (وهو تعليق على الترجمة الشهيرة "The New Revised Standard Version", وقد وصفه الباحث بيل مويرز بقوله: "ليس بإمكان أيّ أحد يبحث عن معنى في الكتاب المقدس دون أن يكون هذا الكتاب بين يديه"), في الصفحة 879 تعليقا على المزمور 84: 6 : "وإذ يعبرون في وادي البكاء الجاف": "وادي بكة" مجهول, لكن يظهر أنها منطقة قاحلة في الطريق إلى أورشليم."،
                    وبالطبع يقصد أورشليم الجديدة النازلة من السماء، والتى هى أرض جديدة، وسماء جديدة كما سنرى بعد قليل. وليست بأى حال من الأحوال أورشليم الحالية، لأن هذه المدينة لعنها الله، ولعنها يسوع، ولم تكن مطلقًا مدينة للسلام، ومازالت. (37«يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَنِي مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!».) متى 23: 37-39
                    وبالطبع لا يقصد أنه سيحدث له خراب فى عام 70 أو غير ذلك ، فقوله سيترك لكم خراب، أى سيترك بانتهاء رسالته ورفعه هو إلى السماء، وهذا ما حدث، فقد كان آخر أنبياء بنى إسرائيل، ومُجفف شجرة النبوة فيها، لذلك قام بلعن شجرة التين التى هى رمز الأمة اليهودية، فجفت فى الحال: (18وَفِي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعاً إِلَى الْمَدِينَةِ جَاعَ 19فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ. 20فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟»)متى 21: 18-20
                    ودلل على ذلك أيضًا بقوله: (17هَكَذَا كُلُّ شَجَرَةٍ جَيِّدَةٍ تَصْنَعُ أَثْمَاراً جَيِّدَةً وَأَمَّا الشَّجَرَةُ الرَّدِيَّةُ فَتَصْنَعُ أَثْمَاراً رَدِيَّةً 18لاَ تَقْدِرُ شَجَرَةٌ جَيِّدَةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً رَدِيَّةً وَلاَ شَجَرَةٌ رَدِيَّةٌ أَنْ تَصْنَعَ أَثْمَاراً جَيِّدَةً. 19كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَراً جَيِّداً تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. 20فَإِذاً مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ.) متى 17: 17-20
                    وقال لهم: (34يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. 35اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْبِ يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ.) متى 12: 34-35
                    Û جاء في كتابThe New John Gill Exposition of the Entire Bible أنّ بعض المعلّقين قالوا إنّ أرض "بكة" تقع في المكان المذكور في سفر صموئيل الثاني 5: 22- 23 وقال آخرون إنّها تقع في المكان المذكور في سفر القضاة 2: 1- 5(!!) .. ثم أضاف هذا التعليق الموسّع أنّ هذا المكان هو كلّ منطقة يمرّ عبرها الحجاج إلى صهيون!!!
                    Û وفي التعليق المسمى "The International Bible Commentary" جاء عنوان هذا المزمور هكذا: "شهادة حاج".. ورغم أنّ المشرف على هذا التعليق هو الاعتذاري الشهير ف. ف. بروس صاحب الجدليات الأكروباتية في الانتصار للكتاب المقدس فإننا لم نقرأ أيّ تعليق على كلمة "بكة"!! .. ولو أنّها كانت تعني ذاك المكان في فلسطين لما تردّد في ذكره!
                    Û وفى ترجمة "The New American Bible" وهي الترجمة الانجليزية الرسمية للكنيسة الكاثوليكية. وقد طبعت معها دراسة مقتضبة هامة (مقدمات وشروح). جاء في التعليق في الهامش: "وادي بكة: عبرية غامضة, ربما هو وادي في الطريق إلى أورشليم".
                    Û وجاء في كتابC. H. Spurgeon's The Treasury of David "من الراجح أنّه توجد هنا إشارة إلى مكان, وهو مكان لن يُفَكَّ لُغزه , لكنّ المعنى العام واضح بصورة كافية . هناك فرحة الحجاج ... "
                    Û وجاء فى التعليق المسمى "The International Study Bible" (وهو تعليق على أكثر التراجم الانجليزية استعمالا في الولايات المتحدة (كما تدلّ على ذلك الاحصائيات) ... وقد لاقى هذا التعليق المرافق رواجا ونجاحا. جاء في الصفحة 868 تعليقا على ورود كلمة "بكّة": "المكان مجهول و ربما هو رمزي"!!
                    خلاصة هذه النقطة:
                    × إن قول القمص مرقس عزيز عن تحديد الموقع الجغرافى لوادى بكة قد أوقعه فى تناقض مع نفسه. ففى الوقت الذى يقرر فيه ص40 أن المرنم ”يصف صعود الشعب للعبادة فى الهيكل مرورًا بمنطقة وادى البكاء“، تناسى أنه لم يكن هناك هيكلاً قد بنى بعد. وأن الكتاب الذى يقدسه يحدد زمن سليمان لبناء الهيكل.
                    × وعن المعنى الروحى لوادى البكاء لا يزال القمص (ص40) متمسِّكًا أن المرنم ”يصف جموع الصاعدين فى أورشليم أى صهيون فى كل من وادى البكاء ومورة“ ، على الرغم من عدم وجود هيكل أو معبد فى أورشليم. إلا أنه فى اعتراضه هذا يعترف أن هذا اسم وادى وعطفه على مورة معتبرًا إيَّاها أيضًا اسم مكان. فلماذا ترجم الاسم العبرى بكة إلى البكاء والعويل والجفاف؟
                    × اعترفت هذه الشروح التي يشرف عليها أئمة الدراسات الكتابية في الغرب , على اختلاف مشاربهم المعرفية وتوجهاتهم , أنّ "بكّة" هي أرض لا يعلمون مكانها .. ولو أنّها كانت المكان الذي أشار إليه المعترض لقطعوا بذلك!
                    × غاية ما استطاعه المعلّقون هو الاجتهاد .. الفضفاض .. الذي يظهر أنّه لا حجة لهم في اجتهادهم.
                    ×أوردت جلّ التراجم الإنجليزية الحديثة هذه الكلمة على صورتها الأولى دون ترجمتها.
                    ×اعترفت الشروح السابقة بأنّ نص المزمور متعلق بالحج .
                    ×لا يملك المسيحيون تفسيرًا يقينيا لورود كلمة "بكة" في نص المزمور.
                    الحقائق الثلاث الأخيرة تقوى حجة المسلمين الذين يقررون أنّهم يعرفون أين تقع "بكّة" (دون حاجة إلى ترجمة معناها) ..كما أنهم قادرون على ربط هذا المكان بالحج و"النبع الفيّاض" (بئر زمزم).
                    n جاء في معجم الكتاب المقدس: "The Treasury of Scripture Knowledge" حول عبارة "بكا" في هذا المزمور: "بكا" ربما هي شجيرة عريضة, مازال العرب يسمّونها بهذا الاسم (انظر سفر صموئيل الثاني 5: 23) .."
                    n وجاء في التعليق الكلاسيكي (في 10 مجلدت) على العهد القديم لـ س. ف. كيل C. F. Keil وفرانتس دليتزش Franz Delitzsch والمسمى: Commentary on the Old Testament والذي نشرت أول طبعاته سنة 1866م وأظهر فيه مؤلفاه معرفة باللغة العربية بالإضافة إلى اتقانهما للغة العبرية, أنّ كلمة "بكا" هي اسم لشجرة معروفة في "مكة". وهي باللغة العربية شجرة "التوت".
                    nأمر مكة والكعبة قد جاء خبره أيضا في كتب دينية ظهرت قبل الإسلام, وإن كانت كنيسة اليوم لا تراها وحيًا, من ذلك ما جاء في كتاب "آدم وحواء" قول آدم لابنه شيث : إنّ الله سوف يدلّ الناس الأمناء على المكان الذي يبنون فيه بيته (بيت الله) (كتاب آدم وحواء 29: 5-7).
                    وقد علّق البحاثة تشارلز صاحب الكتاب الذي حوى الترجمة الإنجليزية لهذا السفر على هذا النص بقوله: عدم ذكر معبد أورشليم في الفصل 29 (المذكور فيه بيت الله) يدلّ على أنّ هذا الكتاب قد ألّف في مدينة غربية, واكتفاء الكتاب بقوله: المكان الذي اعتاد الصلاة فيه هو الذي تعلم المسلمون أن يبنوا عليه احترامهم للكعبة.
                    ويظهر كما ترى أنّ هذا الباحث غير المسلم قد أدرك هذا التشابه والتطابق بين كعبة المسلمين وبيت الله في سفر آدم وحواء!
                    nمما يؤكد أنّ المكان الذي سيحجّ إليه الناس هو في غير فلسطين, ما جاء في أحد مخطوطات البحر الميت (174 – 4q): "سأختار مكانا لشعبي إسرائيل وأزرعهم فيه فيقيمون فيه, فلا يزعجهم بعد ذلك أعداؤهم ,ولن يؤذيهم مرة أخرى أي أحد من أبناء الضلال .. إنّه هذا هو البيت الذي سيبنيه لهم في آخر الأيام (الزمان) كما هو مكتوب في كتاب موسى, في الحرم الذي أقامته أيديهم." (Dead Sea Scrolls in English , 3rd edition , by G.vermes , p 293).
                    ولا يمكن أن يكون المقصود هو مدينة أورشليم بفلسطين، لأنها مدينة الدماء والحرب والدمار واللعنة: (..... لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجاً عَنْ أُورُشَلِيمَ. 34يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا .... 35هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! ....».) لوقا 13: 33-35
                    إنها أورشليم أخرى، مدينة السلام، يأمن فيها الإنسان على نفسه، والطير على نفسه، فلا صيد فيها، ولا رفث ولا فسوق ولا عصيان: (1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. 2وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. 3وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْباً. وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلَهاً لَهُمْ. 4وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». 5وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيداً».) رؤيا يوحنا 21: 1-5
                    (18لاَ يُسْمَعُ بَعْدُ ظُلْمٌ فِي أَرْضِكِ وَلاَ خَرَابٌ أَوْ سَحْقٌ فِي تُخُومِكِ بَلْ تُسَمِّينَ أَسْوَارَكِ «خَلاَصاً» وَأَبْوَابَكِ «تَسْبِيحاً».) إشعياء 60: 18
                    وهو نفس ما يطبقه المسلمون فى شعائر حجهم، طاعةً لقول الله تعالى:
                    {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ...} (125) سورة البقرة
                    {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ...} (97) سورة آل عمران
                    {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ...} (95) سورة المائدة
                    {... وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ ...} (2) سورة المائدة
                    وأن مدينة الله هذه أورشليم الجديدة، صهيون مكعبة طولها كعرضها كارتفاعها (16وَالْمَدِينَةُ كَانَتْ مَوْضُوعَةً مُرَبَّعَةً، طُولُهَا بِقَدْرِ الْعَرْضِ. فَقَاسَ الْمَدِينَةَ بِالْقَصَبَةِ مَسَافَةَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ غَلْوَةٍ. الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالاِرْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ.) رؤيا 21: 16
                    ومن مراسم العبادة هناك الطواف حولها: (12طُوفُوا بِصِهْيَوْنَ وَدُورُوا حَوْلَهَا. عُدُّوا أَبْرَاجَهَا.) مزمور 48: 12
                    واقرأ قول الله تعالى للطواف حول البيت:
                    {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (26) سورة الحـج
                    {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (29) سورة الحـج
                    {... وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة
                    وهيكل سليمان ما بني في آخر الزمان , كما أنّ اليهود قد نالهم "أذى" شديد فيه! ولا يمكن أن يكون المقصود من شعب الله المختار بنى إسرائيل، حيث هم المغضوب عليهم، والملعونين من كل نبى، وقد لعنهم يسوع نفسه، ووصفهم بالمرائين والمنافقين وأولاد الأفاعى، وأنهم أبناء الشيطان، وأبناء الجحيم: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ ... 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ أَيُّمَا أَعْظَمُ: ... ... 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ .... 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! .... 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! .... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ ..... 37«يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا وَلَمْ تُرِيدُوا. 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَاباً! .....») متى 23: 13-38
                    وعليه فقد أعلمهم بسحب الله تعالى لملكوته (شريعته) منهم، وأنها ستعطى لأمة أخرى تعمل أثمارها: (40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 40-46
                    وأخبر المرأة السامرية عند البئر أن الخلاص من اليهود، أى من خارجهم، وبتخليص الملكوت من بين أيديهم، وليس كما يترجمونها اليوم فى التراجم الجديدة (من عند [كتاب الحياة]) أو (يجىء من اليهود [الترجمة العربية المشتركة]) أو (يأتى من اليهود [الترجمة اليسوعية]) لأن هذا يتناقض تناقضًا تامًا مع رأيه فى اليهود، وقوله بانتزاع ملكوت الله منهم: (22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ.) يوحنا 4: 22 [الفاندايك]
                    على الرغم من أن كلمة ἐκ / ἐξ [ek / ex] استعملت بمعانى عديدة منها أيضًا (بعيدًا عن، فصلوا فرعًا أو قطعوه من الأصل) كما استعملت فى مرقس 11: 8 (8وَكَثِيرُونَ فَرَشُوا ثِيَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ وَآخَرُونَ قَطَعُوا أَغْصَاناً مِنَ الشَّجَرِ وَفَرَشُوهَا فِي الطَّرِيقِ.)
                    واستعملت كذلك فى مرقس 6: 51 ، بمعنى (خارج، بعيدًا عن beyond) ولكنها لم تظهر فى الترجمات العربية، لذلك سأضع عدة تراجم أجنبية تؤكد ما أذهب إليه، ومن هذه التراجم ترجمة (Bishops) وترجمة (Darby) وترجمة (EMTV) وترجمة (KJV) وترجمة (KJV+) وترجمة (KJV-1611) وترجمة (KJVA) وترجمة (KJVR) وترجمة (MKJV) وترجمة (LITV) وترجمة (Webster).
                    وتصديقًا على ما ذهبت إليه أسوق إليكم هذه الترجمة، التى ترجمتها خارجًا عن، بعيدًا عن كما حدد قاموس Strong أن هذا من ضمن معانى حرف الجر هذا، وكما قال أيضًا قاموس Thayer (out of, from, by, away from):
                    (YLT) And he went up unto them to the boat, and the wind lulled, and greatly out of measure were they amazed in themselves, and were wondering,
                    nزعم شمعون أنّ رحلة الحج إلى أورشليم غير معقولة لبعد المسافة .. والردّ هو أنّ سليمان بن داود عليهما السلام (وداود هو صاحب المزمور) كان عليه أن يمرّ على مكة لبلوغ أرض شيبا ليتزوج ملكتها .. وقد حكم u منطقة شيبا , وهذا يدلّ على صلة قومه بمكة والعبور إليها وعلى أنّ الرحلة ليست شاقة على الصورة التي يصورها شمعون , كما أنّ المشقة لا تمنع من آداء الفرئض وإظهار الإذعان لأمر الله.. ثم راجع الأبحاث الأثارية الجديدة التى تثبت عدم وجود داود وسليمان فى فلسطين، وأنهما كانا يعيشان باليمن، يتأكد لك قرب المسافة!!
                    ثم , إنّ داود نفسه قد انتقل إلى بلاد العرب (صحراء فاران) بعد موت صموئيل كما هو مذكور في سفر صموئيل الأول 25 : 2 (كما هو في كثير من التراجم العربية والإنجليزية ..).
                    3- فى أى إطار ذكرت هذه الكلمة؟ وما هو مدلولها فى ذلك الإطار؟
                    قلنا إنها ذكرت فى إطار وصف طريق الحج، واعترفوا فى كتبهم أن هذا الإصحاح (نشيد الحُجَّاج) [الترجمة العربية المشتركة]، وأن وادى بكة نهاية طريق الحجاج، بمعنى أن مكة أو بكة هى المكان الذى يتوجه إليه الحاج لأداء مراسم الحج!!
                    4- هل ترجمة كلمة بكة (بوادى البلسان) كما جاءت فى الترجمة اليسوعية أو كما تقترح دائرة المعارف الكتابية يُغيِّر من كونها مكة؟
                    فها هى نفس دائرة المعارف تقرر أن هذه الشجرة تُزرع فى الجزيرة العربية، وأنها كانت ضمن صادرات نبى الله إسماعيل u للمصريين، وأنهم لم يجدوا أثرًا لهذه الشجرة فى فلسطين، الأمر الذى ينفى وجود بكة وبلسانها فى فلسطين، وأن الرهبان يقومون بالنصب على السواح ويبيعون لهم بلسان وادى الغور باسم بلسم مكة، مخالفين للحقيقة:
                    فتحت كلمة (بلسان) تقول دائرة المعارف الكتابية: «بلسان جلعاد مادة صمغية ذات رائحة نفاذة جاء ذكره لأول مرة في الكتاب المقدس بين البضائع التي كانت تحملها قافلة الإِسماعيليين القادمين من جلعاد في طريقهم إلى مصر ( تك 37 : 25 ) إذ كان يستخدم في عملية التحنيط عند قدماء المصريين. كما كان من بين الهدايا التي أرسلها يعقوب بيد أولاده إلى يوسف (تك 43: 11). وجاء في حزقيال (27: 17) أنه كان أحد صادرات اليهودية إلى صور.
                    ويذكره إرميا النبي مجازياً بالإِشارة إلى منافعه الطبية في علاج الجروح وتسكين الألم (إرميا 8: 22، 46: 11، 51: 8). والاسم في العبرية مشتق من أصل يعنى "ينضح أو يقطر" لأنه يستخرج من جرح شجرة البلسان بفاس فيخرج العصير من القشرة، ويجمع في أوعية خزفية.
                    وهناك مادة صمغية لزجة شبيهه بالعسل يحضرها الرهبان في أريحا في العصر الحالي، من شجرة الزقوم (Balanites Aegyptiaca) التي تنمو في وادي الغور، وتباع للسائحين في علب صغيرة على أنها "بلسان جلعاد"، ولكن من المستبعد جداً أن تكون هو البلسان الحقيقي، إذ ليس لها أي منفعة علاجية. أما البلسان الحقيقى الذي ذكره المؤلفون القدماء فهو "بلسم مكة" الذي مازالت مصر تستورده من شبه الجزيرة العربية كما كان الأمر قديماً وهو عصير الشجرة المعروفة علميا باسم (Balsamo Dendron Apabatsmum) والتي تنمو في جنوب الجزيرة العربية وفي الحبشة. وهي شجرة صغيرة غير منتظمة الشكل، قشرتها ضاربة إلى الصفرة في لون شجرة الدلب. وأفضل البلسان ما أستخرج من الغصون الصغيرة ويرجع أن " المقل " المذكور في الأصحاح الثاني من سفر التكوين ( 2 : 12 )، والذي كان يظن أنه إشارة إلى حج كريم، هو المادة الصمغية التي تفرزها الشجرة التي تنمو في بلاد العرب والمعروفة بأسمCommopharaafricana) ويسمونها هناك "المقل الهندي".
                    وشجرة البلسان لا تنمو الآن في فلسطين، وقد بحث عنها دكتور بوست وغيره من علماء النبات في الغور وفي جلعاد، ولم يعثروا لها على أثر، كما لم يعثروا عليها فيما حول أريحا التي يذكر بليني أنها كانت موطن الشجرة. ويقول استرابو إنها كانت تنمو حول بحر الجليل وكذلك حول أريحا ولكنهما وغيرهما من الكتاب القدماء اختلفوا في وصف الشجرة مما يدل على أنهم كانوا ينقلون عن مصادر غير موثوق بها.
                    ونعلم من "ثيوفراستس" أن الكثير من أطياب الشرق، كان ينقل إلى سواحل البحر المتوسط عن طريق فلسطين، فكانت تحمله قوافل العرب مخترقه الطريق الممتدة في منطقة شرقي الأردن، والتي كان يطلق عليها اسم "جلعاد" ، ولعل من هنا جاء اسم "بلسان جلعاد" لأنه جاء عن طريقها.
                    و"بلسان مكة" لونه أصفر برتقالي مائع القوام، مهيج خفيف للجلد، وقد يكون له مفعول موضعى منبه ومطهر، ولكنه قليل القمية كعلاج. وحيث أن إرميا النبي يقول: "أليس بلسان في جلعاد أم ليس هناك طبيب؟" فمعنى ذلك أنه كانت له قيمة طبية، ولذلك يظن البعض أن المقصود به هو شجرة التربنتين (Silpphiunterebinthinaeeun)، والتي تفرز مادة صمغية لها رائحة خفيفة تنمو في الولايات المتحدة وكندا، حيث يسمونها "حماض البراري" (Prairie Dock)، وهي ليست من نباتات فلسطين، ولكنها تنمو الآن بالقرب من جلعاد، ويقول العرب إن صمغ هذه الشجرة عظيم الفائدة.»
                    * * *

                    وما معنى كلمة مورة؟
                    أما عن كلمة مورة التى ظن أنها مكان فسأذكر له رأى علماء ترجمة الكتاب المقدس الكاثوليكى أولا: (إِذا مَرُّوا بِوادي البَلَسان جَعَلوا مِنه يَنابيع وباكورَةُ الأَمطارِ تَغمُرُهم بِالبَرَكات.).، إنهم ترجموها إلى الأمطار، وهى الأمطار الخريفية التى اعتاد الحجاج على نزولها عليهم بغزارة أثناء الحج.
                    وقد وافق على ترجمة كلمة مورة بالأمطار أو أمطار الخريف كل من التراجم الأجنبية تقريبًا ، منها الآتية:
                    ASV, BBE, CEV, Darby, ESV, Geneva, GW, JPS, KJV, KJV+, KJV-1611, KJVA, KJVR, LITV, MKJV, Webster,
                    (CEV) When they reach Dry Valley, springs start flowing, and the autumn rain fills it with pools of water.
                    ويقول قاموس Strong عن كلمة مورة ببرنامج e-Sword
                    môreh
                    mo-reh'

                    From H3384; an archer; also teacher or teaching; also the early rain (see H3138): - (early) rain.
                    وبالذهاب إلى الكلمة رقم H3138 المشار إليها قالت:
                    yo-reh'
                    Active participle of H3384; sprinkling; hence a sprinkling (or autumnal showers): - first rain, former [rain].
                    أى ليست مكان مورة التى ذهب إليها نبى الله إبراهيم u، والتى تعنى جبل المروة الواقعة بجوار جبل الصفا، وبالقرب من بئر زمزم بالحرم المكى، كما اتضح لنا من مكان إقامة إبراهيم u وذريته. وحيث تُحدد بعض القواميس العبرية مثل قلموس Strong وقاموس BDB كلمة مورة بـ ”التل“.
                    والغريب أن بعض الترجمات تخلت عن كلمة (شجرة)، التى يرجحون أنها هى المعنى المباشر لكلمة بلوطة، وكتبتها (سهل)، أى أرض منبسطة!! (راجع فى برنامج e-Sword شروح هذه الكلمة تحت تكوين 12: 6 تحت رقم 4176) (6وَاجْتَازَ أَبْرَامُ فِي الأَرْضِ إِلَى مَكَانِ شَكِيمَ إِلَى بَلُّوطَةِ مُورَةَ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ حِينَئِذٍ فِي الأَرْضِ. 7وَظَهَرَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ وَقَالَ: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هَذِهِ الأَرْضَ». فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ الَّذِي ظَهَرَ لَهُ. 8ثُمَّ نَقَلَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى الْجَبَلِ شَرْقِيَّ بَيْتِ إِيلٍ وَنَصَبَ خَيْمَتَهُ. وَلَهُ بَيْتُ إِيلَ مِنَ الْمَغْرِبِ وَعَايُ مِنَ الْمَشْرِقِ. فَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحاً لِلرَّبِّ وَدَعَا بِاسْمِ الرَّبِّ.)
                    والأكثر غرابة أن الكلمة العبرية لكلمة بلوط لها عدة معانى منها (elah) و(a’llah) و(elim) و (,elon) و(a’llon)، كما تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (بلوط). وكل هذه الكلمات المذكورة اشتقاقات لكلمة إله. وعلى ذلك فإن بلوطة مورة، تعنى جبل الرب، وهى المكان الى ظهر فيه الرب (أى أوحى إليه)، وهو المكان الذى وعد الله به إبراهيم أن يعطيه لنسله، وهناك بنى إبراهيم بيتًا للرب، وسكن شرق هذا البيت الذى بناه. على جبل الرب، وهو جبل المروة الذى يقع بالفعل شرق الكعبة.
                    والأغرب من ذلك أنهم يترجمون إيل فى كل مكان فى الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص مرقس عزيز بكلمة الله، ما عدا، بيت إيل، أو قل ما يتعلق بهاجر وابنها فيتركونها هكذا بدون ترجمة. لأن الله تعالى لم يكن له بيتًا (فى زعمهم) قبل بيت المقدس، والهيكل المزعوم إلا وقت سليمان u. وذكر بيت الله يدل على الكعبة، وهم لا يريدون ذلك!!
                    ولاحظ الاختلاف بين ترجمتهم لاسم إله هاجر وترجمتهم لاسم إله سارة:
                    فإله هاجر اسمه إيل، ولم يترجموه الله: (13فَدَعَتِ اسْمَ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعَهَا: «أَنْتَ إِيلُ رُئِي». لأَنَّهَا قَالَتْ: «أَهَهُنَا أَيْضاً رَأَيْتُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ؟») تكوين 16: 13
                    أما إله سارة وإبراهيم فهو يهوه، ويترجمونه الله: (2فَحَبِلَتْ سَارَةُ وَوَلَدَتْ لإِبْرَاهِيمَ ابْناً فِي شَيْخُوخَتِهِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي تَكَلَّمَ اللهُ عَنْهُ.) تكوين 21: 2
                    كذلك استبدلوا اسم الإله (إيل) فى الأصل العبرى الذى ظهر لإبراهيم فى نص (تكوين 17: 1) ، وفى وصية إسحاق لابنه يعقوب (تكوين 28: 3)، وكذلك الإله الذى ظهر ليعقوب وتصارع معه (تكوين 28: 13؛ و35: 11) بلفظ الجلالة (الله) .
                    وفى سفر القضاة 18: 31 يترجمون (بيت هـ إلوهيم) العبرية إلى (بيت الله)، وفى صموئيل الأول 3: 15 يترجمون (بيت يهوه) إلى (بيت الرب).
                    فالملاحظ أن الرب (يهوه أو إلوهيم)، وهو نفس الإله الذى ظهر لإبراهيم، ونفس الإله الذى ضرب فرعون مصر بسبب أخذه سارة من إبراهيم u، ونفس الإله الذى تعرفه سارة. أما إله هاجر فهو (إيل). وبذلك أرادوا فصل هاجر ونسلها عن إبراهيم وسارة وإسحاق تمامًا، حتى فى اسم الإله الواحد المعبود. وهكذا وصل التعصب الأعمى حتى أوهموا القارىء أن اسم إله سارة وإبراهيم، هو الإله يهوه، الذى اخترعوه بعد ما فقد اسم الله الأصلى. وذلك كما قالت دائرة المعارف الكتابية مادة (يهوه) ومادة (الله). ("نبى أرض الجنوب" ص28-30)
                    ويترجمها القاموس العبرى كالاتى، مع الأخذ فى الاعتبار أنه لم يترجمها مطلقًا كاسم علم لمكان:
                    (moreh, morah)
                    archer, shooter; teacher, master, instructor, educator, tutor; early rain; rebellious, mutinous; rebel; razor; fear.

                    (مورِه, مورَه): رامي السهام, المُطلِق ,المُعلِّم, المُشرِّع, المُدرِّس, المطر المُبكِّر, موسى الشفرة, التقي، الثائر, المُتمرِّد .[أى معلم الشريعة المحارب التقى.]

                    وقد ترجمتها كل التراجم الإنجليزية تقريبًا (كما رأينا توًا) إلى المطر أو المطر الخريفى، شاركهم فى ذلك ترجمة كتاب الحياة، والترجمة اليسوعية، والترجمة العربية المشتركة. والترجمة الوحيدة التى خالفتهم هى ترجمة الفاندايك، المترجمة أساسًا عن ترجمة الملك جيمس. على الرغم من أن كل تراجم الملك جيمس القديمة والحديثة من عام 1611 تذكرها «المطر».
                    وبذلك خالفت فقط ترجمة الفاندايك النص الإلهى وكل تراجم الكتاب، وجعلت من كلمة مورة اسم مكان، فذكرتها دون ترجمة، على الرغم من قيامها بترجمتها فى كل المواضع التى ذكرت فيها فى الكتاب، ليلتبس على القارىء الأمر بين (مورة)، و(بلوطة مورة) و(تل مورة)، وليُعمى عين القارىء عن معانى الكلمة فى مواضعها المختلفة، التى سبق وأن أوضحها القاموس العبرى، ولذلك ترجم أيضًا كلمة (بكه) هى الأخرى بكلمة وادى البكاء إمعانًا فى التضليل.
                    وتخيَّل أن هذه الترجمة الأكثر انتشارًا بين المسيحيين العرب قد ترجمت هذه الكلمة بمعنى (رامى السهام أو القوس) أو (واضع الشريعة) أو (صانع الرعب)، وتخيل أيضًا أنها تركت (بكه) كما هى دون ترجمة، فماذا سيظن القارىء المسيحى أو المسلم العربى الفطن؟ إن اتجاه فكرهم سيتجه إلى إسماعيل الذى تربى فى فاران راميا للقوس (تكوين 21: 20-21)، وسيتحول فكرهم إلى قول إشعياء عن النبى الذى تنتظر الجزائر شريعته (إشعياء 42: 1-5)، وسيتجه فكرهم إلى قول عيسى u عن إيليا الذى سيأتى بعده، ويضع شريعة بنى إسرائيل، ويُحكم شريعة الله النازلة عليه، ومن وقع على هذا الحجر يترضض، ومن وقع هو عليه يسحقه (متى 21: 42-44)، ويقع نظرهم على (صانع الرعب) فيتذكرون قول الله تعالى: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ} (151) سورة آل عمران، وبالتالى فسيتجه تفكيرهم وقلوبهم إلى مكة ومحمد r والإسلام. وهو الأمر الذى يخشونه.
                    فهل تعرفون ماذا قالتها الترجمة السبعينية والفولجاتا التى يدعون أنهم ينقلون عنهما؟ لقد قاما بترجمتها ب (واضع الشريعة).
                    هذه هى الترجمة السبعينية:
                    ἐν τῇ κοιλάδι τοῦ κλαυθμῶνος εἰς τόπον, ὃν ἔθετο· καὶ γὰρ εὐλογίας δώσει ὁ νομοθετῶν.
                    νομοθετῶν = واضعالشريعة

                    ويقول البرت بارنز في تفسيره للنص: Albert Barne's, Notes on The Bible
                    " السبعينية والفولجاتايكتبانها (المعلم , واضع الشريعة - مُعطي البركات)
                    The Septuagint and the Vulgate render it, "The teacher - the lawgiver - ὁ νομοθετῶν ho nomothetōn - "legislator" – gives blessings."

                    والأكثر تشويقًا لك عزيزى القمص مرقس عزيز أن تعلم أن نفس الكلمة تُترجم فى الصلوات اليومية، والمعروفة بصلاة الساعة السادسة ب(واضع الناموس) فتقول: (مَساكِنُك محبوبة يارب إله القوات. تشتاق وتذوب نفسى للدخول إلى ديار الرب. قلبى وجسمى قد ابتهجابالإله الحى. لأن العصفور وَجَد له بيتاً واليمامة عُشاً لتضع فيه أَفراخَها،مذابحَك يارب إله القوات ملكى وإلهى. طوبى لكل السكان فى بيتك، يباركونك إلى الأبد. طوبى للرجل الذى نَصَرْته من عندك يارب. رتب مَصَاعِدَ فى قلبه. فى وادى البكاء، فىالمكان الذى قرره. لأن البركات يعطيهاواضع الناموس. يسيرون من قوة إلى قوة. يَتَجَلّى إلهٌالآلهة فى صهيون.)
                    لقد ترجمها هنا ب (واضع الناموس)، فهل يخبرنا القارىء المسيحى الفطن بالسبب؟
                    يقول الحق تبارك وتعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (18) سورة الأنبياء
                    http://www.geocities.com/micmagazine/prayers.htm
                    http://st-takla.org/Agpeya/Agbeya_06_Sext_.html
                    5- إن الحج عند المسلمين له مناسك، منها الطواف حول الكعبة، ومنها الوقوف بعرفات. فهل ذكر أى منهما؟
                    نعم ففي الحديث عن الحج هنا إشارة ودلالة واضحة لا تخطئهما العين على بعثة نبي صاحب أهمية خاصـة, وأنّ مكان بعثته سيكون قبلة للناس. وقد ذكرت رأى العلماء والكتب المقدسة وهوامشها أن هذا المزمور يشير إلى الحج.
                    ونقلا بتصرف عن نبى أرض الجنوب ص104-107 يقول العميد مهندس جمال الدين شرقاوى: إن ترجمة المزمور 68: 4 تتناول زيارة الحجاج إلى عرفات، ومن المعروف أن هذه المزامير تتكلم عن رحلة الحجاج، واختلفت التراجم فى ترجمة كلمة ما ، فمنهم من قالها القفار، ومنهم من ترجمها البرارى، ومنهم من ترجمها الغمام، وبذلك نقل الأرض إلى السماء. وهذا كله غير مهم بالنسبة لهم. المهم أن لا تُذكر الترجمة الحقيقية لهذه الكلمة، ولا يُذكر اسم الرسول r ، ولا أى شىء يُشير إليه أو إلى دينه. وهكذا جاءت التراجم الأوروبية أيضًا، فمنهم من كتبها السماوات، ومنهم من قالها الصحراء. المهم أنَّ تلك الكلمة التى هى عند اليهود اسم علم لمكان جغرافى له مقفر أى صحراوى وله علاقة بالسماء ، حتى أطلقوا اسم عرفات على السماء السابعة.
                    نسخة فانديك المعتمدة
                    نسخة كتاب الحياة
                    غنُّوا للهِ رنِّموا لاسمهِ. أعِدُّوا طريقا للراكب فى القفار باسمه ياه واهتفوا أمامه.
                    رنِّموا للهِ. اشدوا لاسمهِ. مهِّدوا طريقا للراكب فى القفار ظافرا.

                    نسخة الكاثوليك
                    نسخة الآباء اليسوعيين
                    أنشدوا للهِ ورتِّلوا لاسمه. مهِّدوا للراكب فى البرارى (1).
                    (1) .. مهِّدوا أو عظِّموا أو سبِّحوا. فى البرارى أو فى الغيوم.
                    أنشدوا للهِ واعزفوا لاسمه. مهِّدوا للراكب على الغمام.

                    إن هذه الكلمة تحمل رقم (6160)وتكتب فى العبرية بالحروف الأربعة الآتية: (ع ر ف ت עךבת ). مع ملاحظة أنَّ حرف الفاء توجد تحته علامة الفتحة الطويلة ( T ) التى تستوجب ظهور حرف الألف بعده .. إنها عرفات ..!!
                    ثم تحولت الفاء نُطقا عندهم فى العبرية المعاصرة إلى باء ثقيلة ( p ) فقالوا عربات التى اختصرت إلى عربة الواردة فى الترجمات العربية المعاصرة ، فقالوا وادى عربة بدلا من وادى عرفة . وهكذا انتقل مكان عرفات الجغرافى بذلك التحريف اللغوى مِن قلب أرض الجنوب إلى شرقى سيناء ..!!
                    وأحيانا أخرى تتحول الفاء الخفيفة إلى الفاء الثقيلة ( v ) فى العبرية المعاصرة . ولكن الباء الثقيلة والفاء الثقيلة ليس لهما وجود فى العبرية القديمة أو الآرامية أو العربية .
                    ومن الجدير بالذكر أنهم كانوا يُطلقون قديمًا ـ فى أسفار التوراة ـ على البحر الأحمر اسم بحر عرفات أى البحر الذى يركبه الذاهبون إلى عرفات ، هذا البحر قد تحول اسمه عندهم الآن إلى بحر عربة ـ بعد التحريف اللغوى للكلمة ـ ويعنون به حاليا فرع البحر الأحمر المطل على وادى عربة عند العقبة أى خليج العقبة ..!!
                    اقرؤا معى مطلع سفر التثنية (1: 1) "هذا هو الكلام الذى كلَّم به موسى جميع إسرائيل فى عبر الأردن فى البرية فى العربة ، قبالة سوف بين فاران وتوفل ولابان وحضيروت وذى ذهب". مِنَ المتفق عليه عند الجميع أنَّ موسى u لم يذهب إلى عبر الأردن فقد مات بسيناء ولم يدخل الأرض المقدسة . المهم أنَّ تلك المنطقة قبالة سوف أى بحر سوف أى البحر الأحمر . وبالتحديد التوراتى بين فاران وتوفل ولابان وحضيروت وذى ذهب .. إنها أسماء مواقع جغرافية قديمة لا يعرفون أماكنها تحديدا لأنها بأرض الجنوب وهم دائما يبحثون فى شرقى سيناء ، إنها مواقع لا نعرف منها إلا فاران أى جبال مكة المكرمة والتى وضعوها فى سيناء ..!!
                    وإن نظرنا إلى باقى كلمات النصّ سنجد الأمر فيه واضح حيث يحث المسئولين بتمهيد وإعداد طريق المسافرين إلى عرفات . وكذا إعلام المسافرين أثناء توجههم إلى عرفات بالجهر والترنيم والشدو باسم الله . إنه حقا واقع ما يفعله الحُجَّاج والمعتمرون المسلمون المتجهون إلى عرفات (التلبية والتكبير والتهليل والتسبيح). إنه واقع لا وجود له فى اليهودية أو المسيحية. وإليكم مثالا آخرا (أشعياء 40: 3-5) وإن كانت الأمثلة كثيرة :
                    نسخة فانديك المعتمدة
                    نسخة كتاب الحياة
                    صوت صارخ فى البرية أعِدُّ طريق الرب. قوِّموا فى القفر ( עךבת ) سبيلا لإلهنا. كل وطَّاء يرتفع وكل جبل وأكمة ينخفض ويصير المعوجّ مستقيما والعراقيب سهلا. فيُعلن مجد الرب ويراه كل بشر جميعا لأنَّ فم الرب تكلم.
                    صوت يصرخ ويقول: أعِدُّوا فى البرية ( עךבת ) طريق الرب. وأقيموا طريقا مستقيما لإلهنا. كل واد يرتفع وكل تل ينخفض وتُمهد كل أرض مُعوجَّة وتُعبَّد كل بقعة وعرة ويتجلى مجد الله، فيشاهده كل ذى جسد لأنَّ فم الرب تكلم.
                    نسخة الكاثوليك
                    نسخة الآباء اليسوعيين
                    صوت صارخ فى البرية : هيئوا طريق الرب مهِّدوا فى البادية ( עךבת ) دربا قويما لإلهنا كل واد يرتفع، كل جبل وتل ينخفض. يصير المعوج قويما، ووعر الأرض سهلا. فيظهر مجد الرب ويراه جميع البشر معا لأنَّ الرب تكلم.
                    صوت مُناد فى البرية : أعِدُّوا طريق الرب ، واجعلوا سُبُل إلهنا فى الصحراء ( עךבת ) قويمة. كل واد يرتفع وكل جبل وتل ينخفض والمنعرج يُقوَّم ووعر الطريق يصير سهلا. ويتجلى مجد الرب ويعاينه كل بشر لأنَّ فم الرب قد تكلم.

                    وهنا أجمعت التراجم على أنها الصحراء أو البادية أو القفر، حتى نسخة الآباء اليسوعيين التى ترجمت نفس الكلمة من قبل (السماء). وهذه الكلمة (القفر والبرية والبادية والصحراء) هى فى الأصل عرفات ( עךבת ) والتى تحمل الرقم (6160) فى جميع القواميس الكتابية.
                    فهل فهم القارىء لماذا يتلاعبون فى التراجم، ويحرفون المواقع الجغرافية؟
                    ويقول قاموس KJC (برنامج e-Sword) إن هذه الكلمة استخدمت 22 مرة بكلمة (البرية)، و20 مرة بكلمة (عربات)، و8 مرات بكلمة (الصحراء)، 5 مرات بكلمة (قفر)، و2 مرة بكلمة (عربة)، و... ومرة واحدة بمعنى السماوات وهى فى المزمور 68: 4. فكيف هذا؟ ولماذا؟ وبالطبع سوف تختلف التراجم العربية عما أورده القاموس السابق ذكره لترجمة الملك جيمس.
                    plain, 22
                    Deu_1:1, Deu_2:7-8 (2), Deu_3:17 (2), Deu_4:49 (2), Jos_3:16, Jos_8:14, Jos_11:16, Jos_12:1, Jos_12:3 (2), 1Sa_23:24, 2Sa_2:29, 2Sa_4:7, 2Sa_15:28, 2Ki_14:25, 2Ki_25:4, Jer_39:4, Jer_52:7, Zec_14:10
                    plains, 20
                    Num_22:1, Num_26:3, Num_26:63, Num_31:12, Num_33:48-50 (3), Num_35:1, Num_36:13, Deu_34:1, Deu_34:8, Jos_4:13, Jos_5:10, Jos_11:2, Jos_12:8, Jos_13:32, 2Sa_17:16, 2Ki_25:5, Jer_39:5, Jer_52:8
                    desert, 8
                    Isa_35:1, Isa_35:6, Isa_40:3, Isa_41:19, Isa_51:3, Jer_17:6, Jer_50:12, Eze_47:8
                    wilderness, 5
                    Job_39:5-6 (2), Isa_33:9, Jer_51:43, Amo_6:14
                    arabah, 2
                    Jos_18:18 (2)
                    champaign, 1
                    Deu_11:30
                    deserts, 1
                    Jer_2:6
                    evenings, 1
                    Jer_5:6 (2)
                    heavens, 1
                    Psa_68:4
                    وأذكركم بسؤال قلته من قبل: أين كان يحج اليهود وقت موسى u وهو لم يدخل فلسطين؟
                    وأين كان يحج بنو إسرائيل مدة 1100 عامًا من موسى u حتى رجعوا من السبى؟ فلا يمكن أن يكون فى فلسطين، لأن موسى صاحب الشريعة ليس فى توراته تحديد مكان للحج فى فلسطين. وليس مشرعًا لبنى إسرائيل من بعد موسى u إلا المسِّيِّا r. ولو حدَّد موسى u مكان الحج، لما اختلف اليهود، ولما احتاروا بين جبل عيبال وجبل جرزيم.
                    ولو لم يكن هناك حج بالمرة، لصدقت نبوءة المزامير على المسلمين فقط دون منازع، ولكان ما يفعلونه اليوم من حج إلى فلسطين من عند أنفسهم، وما كلفهم به أحد.
                    * * *

                    تعليق

                    • abubakr_3
                      مشرف عام

                      • 15 يون, 2006
                      • 849
                      • مسلم

                      #25
                      صهيون أو أورشليم الجديدة وعلاقتها بمكة:
                      6- وبما تُفسَّر كلمة (صهيون) فى النص؟
                      سؤال يطرحه القمص كما يثيره أى مسلم أو مسيحى لفهم النص. فى الحقيقة لم تتفق التراجم على ترجمة كلمة "بكة" أو وادى البكاء أو وادى الجفاف، أو وادى الدموع، ولكنهم اتفقوا على تغير حال الحجاج، وأنهم يستمدون قوة من الله تعالى فى صهيون: (7يَذْهَبُونَ مِنْ قُوَّةٍ إِلَى قُوَّةٍ. يُرَوْنَ قُدَّامَ اللهِ فِي صِهْيَوْنَ.)، على الرغم من أنهم لا يعرفون معنى صهيون على وجه التحديد، وهذا شأنهم فيما يتعلق بمكة أو أى شىء يتعلق بتغيير ملكوت الله أو نقله من بين أيديهم، حتى أنهم أرادوا قتل يسوع لأنه ذكرهم بذلك: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 40-46
                      وقد يتعجب القارىء أنهم إلى الآن لا يعرفون مدلول كلمة ملكوت الله، التى هى لب رسالة عيسى u!!
                      فهم لا يعرفون صهيون التى هى أرض صحراوية، تأتى منها الشريعة الجديدة، وسيكون بها شعب الله المختار، الذى يُستَبدَلُ به شعبه القديم العاصى الملعون، أبناء قتلة الأنبياء. مدينة السلام التى لا يفلح معتدٍ فى غزوها.
                      تقول دائرة المعارف الكتابية مادة (صهيون): «مرات وروده في الكتاب : يرد اسم "صهيون" أكثر من 150 مرة في العهد القديم ، فيذكر في سفر المزامير ثماني وثلاثين مرة، وفي سفر مراثي إرميا خمس عشرة مرة، وفي اسفار الأنبياء وبخاصة في سفر إشعياء سبعاً وخمسين مرة.
                      ( 2 ) معناه : لا يعرف معنى "صهيون" على وجه التحديد ، فيقول "جسنيوس" (Gesenuis) وآخرون إنه مشتق من أصل عبري "صها" بمعنى "يبس" أو "جف" ويقول.(Delitzsh) " ديلتزك " إنه مشتق من الكلمة العبرية " سوَّى " بمعنى أقام ويقول "وتزشين" إنه مشتق من كلمة "صان" بمعنى "حمى" بينما يرى جسيوس أيضاً حلا لها في الكلمة العربية "صهوة" بمعنى قمة الجبل أو "القلعة"، وهو معنى يطابق موقع المدينة (Wetesteem) حيث كانت تدعى أصلاً "حصن صهيون" (2صم 5: 7).»
                      وبمرور الزمن أصبح اسم صهيون يُطلق على أورشليم [الجديدة، التى وعدهم الله تعالى بها]، فتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (صهيون): «اورشليم: ولم يلبث أن أصبح اسم "صهيون" يطلق على العاصمة التي تحتل عددا من التلال، فأصبح مرادفاً لاسم "أورشليم" (إش 40: 9، ميخا 3: 12 وكلمة "جبل صهيون" في مز 133: 3 ، هي أصلاً في صيغة الجمع في العبرية: "جبال صهيون"). وعند الأنبياء المتأخرين أصبحت "صهيون" (زك 1: 17) أو "بنو صهيون" (مراثي 4: 2)، وبنات صهيون (نش 3: 11، إش 10: 32) تعني سكان أورشليم (إرميا 51: 35).»
                      وفى الحقيقة إن مدينة صهيون الأورشليمية لا ينطبق عليها لا وصف الجفاف ولا وصف الحماية، فقد أمر الرب بتخريبها إلى الأبد. ولكن بمزيد من القراءة فى دائرة المعارف يتضح لك أنهم أطلقوا اسم صهيون ليس فقط على التل الجنوبى الشرقى لأورشليم، بل أطلقوه أيضًا على الجزء الجنوبى الغربى من التل فى العصر المسيحى الأول بصورة خاطئة، وكل هذا فى محاولة منهم للإحتفاظ بميراثهم لملكوت الله: «ولم يحدث أن أطلق اسم صهيون خطأ على التل الجنوبي الغربي إلا بعد العصر المسيحي الأول
                      لاحظ أوصاف هذه المدينة المقدسة ، مع الأخذ فى الاعتبار أن داود هو الذى يقول هذا الوصف عنها، وأنها مقدسة، ومدينة الله من قبل أن يبنى سليمان الهيكل. لقد وصف داود صهيون هذه بأنها «"مدينة الله" و"مدينة الملك العظيم" (مز 46: 4 ، 48: 2)، و"الجبل المقدس" (مز 2: 6، انظر أيضاً يؤ 2: 1، زك 8: 3)، و"مقدس الله" (انظر أيضاً مز 20: 2، 78: 69)، ومقصد الذاهبين لعبادة الله (مز 84: 5 و8) ومكان عونه وخلاصه (مز 20: 2، 69: 35) وتسبيحه وعبادته (مز 9: 14، 65: 1).» وكل هذا لا ينطبق تماما الانطباق إلا على مكة!!
                      كما كانت صهيون الثانية «رمزاً للمتكلين على الرب (مز 125: 1). بل إن مدينة "صهيون" بأبراجها ومتاريسها وقصورها، تقوم دليلاً على رضى الله عليهم إلى الأبد (مز 48: 1214)، ولذلك يقال عنها: "صهيون كمال الجمال" (مز 50: 2)، و"جبل صهيون الذي أحبه (الرب)" (مز 78: 68)، وأكثر من جميع مساكن يعقوب" (مز 87: 2)، و"الرب عظيم في صهيون" (مز 99: 2)، ويبارك الرب شعبه "من صهيون" (مز 128: 5، 134: 3) فقد أصبح "جبل صهيون" مسكناً للرب (مز 74: 2) وموضع رحمته ورأفته (مز 102: 13) و"يحدَّث في صهيون باسم الرب" (مز 102: 20 و 21، 135: 21)، بالترنيم (مز 137: 3، 149: 2)،وفي الأعياد (إش 33: 20).»
                      وكل هذه الصفات لا تنطبق على صهيون الفلسطينية/ بيت إسرائيل (بيت يعقوب) الذى صب الله عليه جام غضبه ، ولعنها ، وتوعدهم بسحب ملكوته منهم، وقرر أنه سيتركهم هم وبنيهم.
                      وهى التى سمَّتها الرسالة إلى العبرانيين بالمدينة العتيدة، وهو بيت الله العتيق، بعد أن آمن بزوال أورشليم مدينتهم: (14لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لَكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ.) العبرانيين 13: 14
                      وهو نفس ما قالته الكتب السبيلية اليهودية. فيقول عبد الأحد داود أسقف أرمينيا السابق فى كتابه ( محمد r فى كتاب اليهود والنصارى ص214): "تنفرد الكتب السبيلية (Sibyllian Books) اليهودية وأخص بالذكر منها كتاب إدريس ـ إخنوخ ـ الذى كُتِب بعد خراب مدينة القدس والهيكل على يد الرومان سنة 70م وفى الفترة التى نُشِرت فيها رؤيا يوحنا اللاهوتى. حيث جاء فى سفر رؤيا إدريس تحول بيت الله فى أورشليم القدس إلى جهة أخرى صوب الجنوب. أى بأرض الجنوب عند بيت الله العتيق بمكة المكرمة". (قضايا مثيرة فى المسيحية والإسلام ص24)
                      تواصل دائرة المعارف الكتابية فتقول: بعد بناء الهيكل أُطلق اسم صهيون على الجبل الذى بنى عليه الهيكل، ثم أطلقت على أورشليم [أى إن تسمية صهيون جاءت تأسيًا بصهيون التى وعد الله بها، لسرقة الملكوت، ونوع من عدم الإذعان لله تعالى وإرادته]. ومعنى ذلك أن أصل كلمة صهيون هو بيت الله أو مدينة الله المقدسة، التى يذهب إليها الحجاج، يسبحون الله تعالى فيها دائمًا، وهى مدينة السلام والبركة.
                      فشعب الله كان يسكن فى صهيون هذه قبل بناء الهيكل(إش 10: 24، 51: 16)
                      والرب يسكن فى صهيون «كما يقول المسبيون: "قوموا فنصعد إلى صهيون، إلى الرب إلهنا" (إرميا 31: 6)»
                      وأبناء وبنات صهيون هم عباد الله المؤمنين، الذين لهم علاقة خاصة بالله تعالى، وهى لا تنطبق بأى حال على بنى إسرائيل: (إش 4: 4، يؤ 2: 23، زك 9: 9)
                      وأن الله يحب جبل صهيون أكثر من مساكن يعقوب: «"جبل صهيون الذي أحبه (الرب)" (مز 78: 68) ، وأكثر من جميع مساكن يعقوب" (مز 87: 2)»
                      وأن صهيون هذه مدينة منيعة لا تُقتحم: «(مراثي 2: 13) وذلك لعناية الرب بها (انظر "العذراء ابنة بابل" إش 47: 1 و "عذراء بنت مصر" إرميا 46: 11)». وهذا لا ينطبق على مدينة أورشليم الفلسطينية التى خربت ودُمِّرت عدة مرات، بل تركها يسوع مخربة أى أعلن لهم خروج الشريعة والنبوة من بين أيديهم.
                      سينزل الله بها أحكام، تسر بنات يهوذا: «"تبتهج بنات يهوذا من أجل أحكامك" (مز 48: 11 ، 97: 8).» وبنات يهوذا أو أورشليم أى سكانها.
                      وأن جبل صهيون يعمه السلام ولا يتزعزع: «و"جبل صهيون الذي لا يتزعزع بل يسكن الى الدهر»
                      وأن الرب يبارك شعب صهيون: «ويبارك الرب شعبه "من صهيون" (مز 128: 5، 134: 3)» وأعتقد أن هذا النص لا يفيد من قريب أو من بعيد بنى إسرائيل، ويقر بذلك كل قارىء فى العهد القديم أو الجديد.
                      وأن الخلاص الذى قال عنه يسوع إنه من اليهود قال عنه إشعياء إنه قادم من صهيون (أورشليم السماوية): «"قد قرَّبت بري. لا يبعد وخلاصي لا يتأخر. وأجعل في صهيون خلاصاً" (إش 46: 13، انظر أيضاً 52: 1 و 2 و 7 و 8).». مع الأخذ فى الاعتبار أن كل الدلائل تؤيد شرحنا وفهمنا لصهيون، ولا تؤكد تحليل دائرة المعارف، الذى نفته هى بتعليقها السلبى عن هذه المدينة، التى يحب الله شعبها، لأنهم عباده، وهذه الصفة لصيقة بالمؤمنين، ولا تسحب على أناس كافرين ملعونين، أغضبوا الله، ثم تركوه وعبدوا الأصنام.
                      وفى ذلك تقول دائرة المعارف الكتابية: «(ب) سلبيا: هذه العلاقة الخاصة مع الله، التي يتضمنها اسم "صهيون"، لم تكن دائما علاقة رضى عنها، بل كانت أحياناً رفضها لها لابتعاد الشعب عن الله (انظر إش 3: 17، 49: 14، إرميا 6: 2، 9: 19) كما يتنبأ النبي بالويلات لصهيون (ارميا 4: 31 ، 6: 23) ، ولذلك يتساءل النبي: "ألعل الرب ليس في صهيون؟" (إرميا 8: 19) كما ينذر ميخا النبي بهلاكها لأن إثمها أصبح لا يحتمل (ميخا 3: 1012، انظر أيضاً مراثي 2: 4) وأصبحت "بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الأعناق وغامزات بعيونهن " (إش 3: 16)، وأصبح الشعب "مستريحين في صهيون" (عا 6: 1)، وكأنهم أصبحوا من "مبغضي صهيون" (مز 129: 5) ، كما يقول إشعياء: "ارتعب في صهيون الخطاة . أخذت الرعدة المنافقين" (إش 33: 14) لأن الله قد كره "صهيون" (إرميا 14: 19، انظر 30: 17). كما يحذرهم إرميا النبي من الاتكال على كلام الكذب لمجرد وجود هيكل الرب في وسطهم (إرميا 7: 4 و8 و12)، فالخطية ستجلب الخراب على صهيون (ارميا 9: 19)، وهو ما حدث في 586 ق.م.(ارميا 51: 24 و35)، عندما خرجت بنت صهيون من المدينة لتسكن في البرية وتأتي إلى بابل (ميخا 4: 10). ولم يكن في استطاعة المسبيين إلا أن يبكوا عندما تذكروا صهيون (مز 137: 1)»
                      إذن لم تكن صهيون الفلسطينية هى صهيون التى أحبها الله وأحب شعبها، ولم تكن هى صهيون الآمنة ، التى تكلمت عنها النصوص السابقة، ولكنها سرقة المسميات الجغرافية ، حتى لا يخرج ملكوت الله من بين أيديهم. ولكن هيهات .. هيهات! لقد أعلمهم عيسى u أنه لا يستطيع أحد أن يغير قدر الله، ولا أن ينتزع شيئًا من يديه، أى إن قدر الله نافذ لا محالة: (وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي.) يوحنا 10: 29
                      وترى دائرة المعارف نفسها أن الاسم أُطلق على عدة مواقع أخرى، منها جبل حرمون فى لبنان (التثنية 4: 48، والمزامير 133: 3)، جبل الهيكل، الجبل الجنوبى الشرقى ، جبل المريا، أورشليم نفسها عند الأنبياء المتأخرين، ثم أُطلق صهيون على أرض يهوذا ، ثم أرض السبى كلها بعد عودتهم من السبى، ثم على بيت لحم نفسها من قبل المسيحيين. ومن المسيحيين من يراها ترمز إلى الكنيسة، أو المسيح، أو مريم العذراء. هذا إضافة إلى كونها المدينة السماوية التى سيظهرها الله تعالى فى نهاية الزمان، والتى تعنى أيضًا أورشليم الجديدة أو السماوية.
                      لكنهم اجتمعوا على أن صهيون هى المكان الذى يجتمع فيه الناس أفواجًا, يتجهون إليه، بقلوب تملأها الفرحة لزيارة بيت الله، يسبحونه هناك ويعبدونه. وعلى ذلك يُمكننا تعريف صهيون أنها مكان يصب فيه الحجاج، قاصدين بيت الله لإقامة مراسم الحج هناك. لأنه لو كان المقصد هو الصلاة فقط، فما الذى يجعل كل مؤمنى العالم أن يتزاحموا على مصلى واحد فى وقت واحد؟
                      وهذا ما أكده John H. Hayes, فى مقاله The Tradition of Zion's Inviolability ، المنشور فى Journal of Biblical Literature, Vol. 82, No. 4 (Dec., 1963), pp. 422
                      ويمكنك مطالعته على هذا العنوان:

                      http://img510.imageshack.us/my.php?image=clipir1.jpg

                      فهو يؤكد أن صهيون ليست اسمًا لمدينة بعينها، ولكنها رمزًاللمكان الذي يتواجد فيه هيكل الرب أو بيته.فصهيونيُمكن أن تكون المكان الذي فيه الهيكل , والمكان الذي فيه بيت الرب , والمكان الذى فيه الجبل المُقدس, ولذا فصهيون حين صارت أورشاليم, لم تكن كذلك إلا عندما انتقل إليها الهيكل , فقد كانت صهيون قبل ذلك مع داود ليستاورشاليم وإنما جبل اليبوسيين , ثم انتقل الإسم صهيون من مكان لمكان مع انتقالالهيكل!
                      وقد أورد الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص العديد من الفقرات التى يفرق فيها بين صهيون وأورشليم:
                      فها هو الكتاب الذى تقدسه يُفرِّق بين أورشليم وبين بنت صهيون: (21هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ عَلَيْهِ: احْتَقَرَتْكَ وَاسْتَهْزَأَتْ بِكَ الْعَذْرَاءُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ. وَنَحْوَكَ أَنْغَضَتِ ابْنَةُ أُورُشَلِيمَ رَأْسَهَا.) ملوك الثانى 19: 21
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يميِّز بين أورشليم وجبل صهيون (31لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ وَالنَّاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا.) ملوك الثانى 19: 31
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يفصل بين صهيون (مدينة داود) وأورشليم سليمان: (2حِينَئِذٍ جَمَعَ سُلَيْمَانُ شُيُوخَ إِسْرَائِيلَ وَكُلَّ رُؤُوسِ الأَسْبَاطِ رُؤَسَاءَ الآبَاءِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ مِنْ مَدِينَةِ دَاوُدَ (هِيَ صِهْيَوْنُ).) أخبار الأيام الثانى 5: 2
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يميِّز بين أورشليم حيث مظلة الرب، وبين صهيون حيث مسكنه: (2كَانَتْ فِي سَالِيمَ مَظَلَّتُهُ وَمَسْكَنُهُ فِي صِهْيَوْنَ.) مزامير 76: 2
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يُفرِّق بين صهيون حيث يُحدَّث فيها باسم الرب، وبين أورشليم التى يُسبحه الناس فيها: (21لِكَيْ يُحَدَّثَ فِي صِهْيَوْنَ بِاسْمِ الرَّبِّ وَبِتَسْبِيحِهِ فِي أُورُشَلِيمَ) مزامير 102: 21
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يفصل بين أورشليم وصهيون: (سَبِّحِي يَا أُورُشَلِيمُ الرَّبَّ. سَبِّحِي إِلَهَكِ يَا صِهْيَوْنُ.) مزامير 147: 12
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يمايز بين صهيون وأورشليم: (... لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ.) إشعياء 2: 3
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يُفرِّق بين جبل صهيون وأورشليم: (12فَيَكُونُ مَتَى أَكْمَلَ السَّيِّدُ كُلَّ عَمَلِهِ بِجَبَلِ صِهْيَوْنَ وَبِأُورُشَلِيمَ أَنِّي أُعَاقِبُ ثَمَرَ عَظَمَةِ قَلْبِ مَلِكِ أَشُّورَ وَفَخْرَ رِفْعَةِ عَيْنَيْهِ.) إشعياء 10: 12
                      وها هو الكتاب الذى تقدسه يُفرِّق بين أورشليم وصهيون: (9وَصَخْرُهُ مِنَ الْخَوْفِ يَزُولُ وَمِنَ الرَّايَةِ يَرْتَعِبُ رُؤَسَاؤُهُ يَقُولُ الرَّبُّ الَّذِي لَهُ نَارٌ فِي صِهْيَوْنَ وَلَهُ تَنُّورٌ فِي أُورُشَلِيمَ.) إشعياء 31: 9
                      وصهيون هى أيضًا حجر الزاوية مثل المسِّيِّا، ومنها يُخرج هذا النبى الذى تنتظره الجزائر، وتتشوق الأمم لمعرفته، واتباع شريعته: (1هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. 2لاَ يَصِيحُ وَلاَ يَرْفَعُ وَلاَ يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. 3قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لاَ يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. 4لاَ يَكِلُّ وَلاَ يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ وَتَنْتَظِرُ الْجَزَائِرُ شَرِيعَتَهُ.) إشعياء 42: 1-5
                      (6 لِذَلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضاً فِي الْكِتَابِ: «هَئَنَذَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَاراً كَرِيماً، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى».) بطرس الأولى 2: 6
                      (14لأَنْ لَيْسَ لَنَا هُنَا مَدِينَةٌ بَاقِيَةٌ، لَكِنَّنَا نَطْلُبُ الْعَتِيدَةَ.) العبرانيين 13: 14
                      وكان ذلك مصداقًا لقول عيسى u: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44
                      وأوضحها بطرس فى رسالته الأولى أيَّما توضيح، فكلها توضيح على أن المسِّيِّا هو حجر الزاوية، وهو من نسل إسماعيل، الذى تربى فى مكة، الحجر الذى رفضه البناؤون، والذى صار رأس الزاوية: (6لِذَلِكَ يُتَضَمَّنُ أَيْضاً فِي الْكِتَابِ: «هَئَنَذَا أَضَعُ فِي صِهْيَوْنَ حَجَرَ زَاوِيَةٍ مُخْتَاراً كَرِيماً، وَالَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لَنْ يُخْزَى». 7فَلَكُمْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تُؤْمِنُونَ الْكَرَامَةُ، وَأَمَّا لِلَّذِينَ لاَ يُطِيعُونَ فَالْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ، 8وَحَجَرَ صَدْمَةٍ وَصَخْرَةَ عَثْرَةٍ. الَّذِينَ يَعْثُرُونَ غَيْرَ طَائِعِينَ لِلْكَلِمَةِ، الأَمْرُ الَّذِي جُعِلُوا لَهُ. 9وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ، وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ، أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ، شَعْبُ اقْتِنَاءٍ، لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. 10الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْباً، وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ، وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ.) بطرس الأولى 2: 6-10
                      وجاءت صفاته هنا: فهو الصادق الأمين حتى من قبل نزول الوحى عليه، كما كان لون عينيه شديد الحُمرة، وأصبح ملكًا أى حاكما بشرع الله تعالى على بلاد عديدة، حارب من أجل تحكيم شرع الله (ملكوته): (11ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِيناً وَصَادِقاً، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ. 12وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِلَّا هُوَ.) رؤيا 19: 11-12
                      فهو نبى آخر مثل عيسى u ، ستكون رسالته خالدة لكل العالم: (15«إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ 16وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّياً آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ 17رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ.) يوحنا 14: 15-17
                      ووصف بأنه قدوس، روحه طاهرة، مرسل من عند الله: (26وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ.) يوحنا 14: 26
                      يؤكد أيضًا وجود أورشليمين أو مدينتين باسم صهيون وجود اسم أورشليم في سفر نشيد الإنشاد 5: 16 في النص العبري في صيغة المثنّى، ويمكن الرجوع إليها تحت رقم (3389H)
                      وكذلك تسمية العهد الجديد لها باسم أورشليم الجديدة: (12مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُوداً فِي هَيْكَلِ إِلَهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلَهِي أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ.) رؤيا يوحنا 3: 12 ،
                      و(2وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا.) رؤيا 21: 2
                      وسميت أيضًا بأورشليم الحاضرة أو أورشليم هذا الدهر أو الحالية، فى مقابل أورشليم الغائبة أو البائدة: (25لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِي الْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا.) غلاطية 4: 25
                      وهذا النص من الأهمية بمكان ، لذلك سأذكر تراجمه المختلفة: (24وفي ذلِكَ رَمْز، لأَنَّ هاتَينِ المَرأَتَينِ هُما العَهْدان: أَحَدُهُما مِن طُورِ سِيناء يَلِدُ لِلعُبودِيَّة وهو هاجَر 25(لأَنَّ سِيناءَ جَبَلٌ في دِيارِ العَرَب) وهاجَرُ تُقابِلُ أُورَشَليمَ هذا الدَّهْر، فهي في العُبودِيَّةِ مع أَولادِها. 26أَمَّا أُورَشَليمُ العُلْيا فحُرَّةٌ وهي أُمُّنا) ترجمة الآباء اليسوعيين
                      وبغض النظر عن فهم كاتب هذه الرسالة، فهو يعرف أورشليمين، يُمثلان عهدين: أورشليم القديمة والتى تمثلها سارة ونسلها، وأورشليم القادمة وتمثلها هاجر ونسلها إسماعيل. وقوله فهى فى العبودية مع أولادها إشارة عنصرية لحرمانهم من النبوة التى وعد الله بها إبراهيم فى إسماعيل أيضًا، ومُخالفة للقانون اليهودى ولأمر الرب:
                      فهى مخالفة للقانون اليهودى لأن اليهود اعترفوا بأربعة من أسباطهم جاؤوا من خادمتين: فقد كان (دان) و(نفتالى) ابنى يعقوب من بلهة جارية راحيل، كما كان (جاد) و(أشير) ابنى يعقوب من زلفة جارية ليئة. وحسبوا هؤلاء الأربعة من ذرية يعقوب (تكوين 35: 22-26)، وجاء من نسل (دان) النبى شمشون، ذلك الإنسان الممسوح بالروح القدس.
                      وأما مخالفتهم لكتابهم، حيث يقول الرب: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) التثنية 21: 15-17
                      وجاء في الترجمة العربية المشتركة: (وَلَفْظَةُ هَاجَرَ تُطْلَقُ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ، وَتُمَثِّلُ أُورُشَلِيمَ الْحَالِيَّةَ، فَإِنَّهَا مَعَ بَنِيهَا فِي الْعُبُودِيَّةِ) غلاطية 4: 25 فهناك إذن أورشليمان .. وصهيونان.
                      وقد قال سهيل التغلبي, المسيحى, في كتابه "الصهيونية تحرّف الإنجيل" هامش ص6 بعد أن ذكر أنّ صهيون الأولى تقع في القدس: "نسخ السيد المسيح هذ المفهوم وأصبح "صهيون" يعني ملكوت السموات التي بشّر بها وبأورشليم الجديدة التي ستكون في اليوم الأخير مأوى للصالحين والأبرار." وهذا القول يظهر وجود أورشليمين , وإن كان قد ظهر خطأ سهيل التغلبي في معرفة أورشليم الثانية.
                      وأن هذه المدينة سيجتمع عليها الفئة الباغية فى معركة الهرمجدون (معركة نهاية الزمان)، وسينصرها الله فيها. وأعتقد أنه بات واضحًا للجميع أن هذه المعركة سيكون المسلمون طرفًا فيها، وعلى ذلك فإن النصر فيها سيكون حليفًا لمدينة السلام التى يُذكر فيها الله دائمًا.
                      تقول دائرة المعارف الكتابية: «(جـ) صهيون في آخر الأيام: لم يكن ما حدث لصهيون في 586 ق. م. أو في 70م، هو نهاية المطاف، إذ أن لها مكاناً بارزاً عما في نبوات آخر الأيام ، فقد قال داود بروح النبوة في حوإلي1000 ق. م .. أن ابن الله، المسيا سيُمسح ملكاً فيها (مز 2: 2 و6 و7) وسيملك على أعدائه (مز 110: 1 و2). وصلى من أجل أن يأتي إليوم الذي فيه سيأتي الخلاص من صهيون، فيهتف شعبه ويفرح (مز 14: 7، 53: 6، انظر أيضاً صف 3: 14). كما تنبأ إشعياء بأن الله سيؤسس في صهيون "حجر زاوية كريماً أساساً مؤسساً. من آمن لا يهرب" (إش 28: 16) كما تنبأ عن هتاف الفرح في صهيون عندما يأتي إليها قدوس إسرائيل عظيماً في وسطها ( إش 12 : 6 ، 59 : 20 ) ، ولن يكون هناك بكاء بل يهرب الحزن والتنهد (إش 30: 9 ، 35: 10)، ويزمجر الرب كأسد من صهيون (يؤ 3: 16) ، ويعود ويجمع شعبه المفدي ( إش 35 : 9 و 10 ) ، وأخيرا يكون أن الذي يبقى في صهيون يسمى "قدوسا" بعمل روح الله ويكون عليهم غطاء مجد (إش 4: 3-5) . وسيؤدي ظهور هذا المجد السماوي الى اجتماع الأمم إلي للهجوم على المدينة بلا جدوى (إش 29: 7 و 8 ، انظر أيضاً زك 12: 2 و 3 ، 14: 1 و 2) ، كجزء من معركة هرمجدون (رؤ 16: 16) ولكن سينقذ الله الأمناء (يؤ 2: 32 ، عوبديا 17) ، ويأتي يوم الأنتقام وسنة الجزاء "من أجل دعوى صهيون" (إش 2: 2 و 3 ، 60: 14، ميخا 4: 2 ) لأنها ستكون مركز ملكه (ميخا 4: 8) لأنه لن يهدأ حتى يخرج برها كضياء (إش 62: 1) ، وليحول نوحها إلى فرح (إش 63: 3) ، فسيملك الرب إله صهيون إلى الابد (مز 146: 10 ، ميخا 4: 7) في مدينته التي "لن تنتقل ، ولن تقلع أوتادها الى الابد" (إش 33: 20 انظر أيضاً إش 24: 22 و 23 ، رؤ 20: 11 21: 5 ، 22 : 5).»
                      وحجر الزاوية الذى سيؤسسه الرب فيها يتطابق مع قول يسوع عن النبى محمد r وعن انتقال ملكوت الله تعالى إليه: (متى 21: 40-46)، وهو نفس قول يعقوب بعدم انتقال الملكوت من نسله حتى يأتى شيلون: (10لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ)تكوين49: 10
                      ومعنى هذا أن الحكم والنبوة (ملكوت الله) سينتقل يومًا ما من بنى إسرائيل، ولكن حينما يأتى شيلون / شيلوه. ويدل هذا أيضًا على أن يسوع لا بد أن يكون نبيًّا من الأنبياء، ولا يُمكن أن يكون هو شيلون، وإلا لما انتقل الملكوت. ولا يُمكن أن يكون من نسل داود، وإلا لقلنا برسوخ الملكوت ، وعدم انتقاله. (39فَتِّشُوا الْكُتُبَ لأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ الَّتِي تَشْهَدُ لِي.) يوحنا 5: 39
                      ونصل بهذا إلى وجود مدينتين يُطلق عليهما صهيون أو أورشليم: المدينة الأولى التى تسمت بهذا الاسم بعد زمن داود، وصهيون الجديدة التى ستصبح قبلة الحجاج فى آخر الزمان، والتى كانت مدينة الله المقدسة، قبل بناء الهيكل، وهى بيت إيل، التى بنى فيها نوح مذبحًا للرب، وعاش فيها إبراهيم وذريته، بجوار بئر الله الحى. وهى التى تنبأ داود أن المسِّيِّا سيُمسح نبيًا فى آخر الزمان فيها،وسيملك على أعدائه، ومنها سيأتى الخلاص. وهذا ليس له علاقة بيسوع لا من قريب ولا من بعيد. فلم يكن المسِّيِّا، الذى سيأتى من خارج نسل اليهود، ولا علاقة له بداود، ولم يملك على أعدائه، ولم يُخلص نفسه ، حتى نقول إنه يملك تخليص غيره، بل دعا الله تعالى أن يُخلصه من الموت واستجاب الله له: (39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ». ..... 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ أَنْ أَشْرَبَهَا فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». ..... 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.) متى 26: 39-44
                      بل نزل ملاك من السماء يقويه، بعدما رأى أن عرقه تحول إلى دماء: (41وَانْفَصَلَ عَنْهُمْ نَحْوَ رَمْيَةِ حَجَرٍ وَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَصَلَّى 42قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ». 43وَظَهَرَ لَهُ مَلاَكٌ مِنَ السَّمَاءِ يُقَوِّيهِ. 44وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ.) لوقا 22: 41-44
                      وقد استجاب الله له ونجَّاه: (7الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ) عبرانيين 5: 7
                      فقد نفى عيسى u أن المسِّيِّا سيكون من نسل داود، فسأل اليهود عنه بصيغة الغائب قائلا: (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                      وتنبأ إشعياء أن الله سيؤسس هناك حجر الزاوية، وهذا مطابق لقول عيسى u لليهود عن محمد r: (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ. 46وَإِذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يُمْسِكُوهُ خَافُوا مِنَ الْجُمُوعِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ.) متى 21: 40-46
                      وتحت كلمة (شيلون (شيلوه)) تقول دائرة المعارف الكتابية: «يقول يعقوب في بركته الأخيرة ليهوذا : "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه ، حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع شعوب" (تك 49 : 10) .
                      ويري الكثيرون أن الاشارة هنا إلي شخص "المسيا" الذي جاء من سبط يهوذا . والكلمة - كاسم علم - قد تعني "مانح الراحة"، فقد كان يعقوب يتطلع إلي المستقبل، ويتساءل من نسل أي ابن من أبنائه سيأتي "المسيا"، نسل المرأة الموعود به (تك 3: 15) . كان أبناؤه الكبار الثلاثة، رأوبين وشمعون ولاوي، قد فقدوا حق البكورية، بسبب ما أقترفوه من خطايا (انظر تك 49: 4-7)، وهكذا كان من الطبيعي أن ينتقل هذا الحق - مع ما يصاحبه من بركات إلهية - إلي الابن الرابع يهوذا، إلي أن يأتي "شيلون" (مانح الراحة) ، وله ستخضع الشعوب. ........
                      3- لن يزول قضيب من يهوذا "إلي أن يأتي الذي له حق الحكم" (كما جاءت في بعض الترجمات) وهو رأي يعود بنا إلي الرأي القائل بأن البركة إشارة إلي المسيا. ويدعم ذلك ما قاله حزقيال النبي: "منقلباً منقلباً منقلباً أجعله. هذا أيضا لا يكون حتى يأتي الذي له الحكم فاعطيه إياه" (حز 21: 27).»
                      وفى الحقيقة أرى مكابرة وعناد وجهل من كاتب دائرة المعارف الكتابية، ففى الوقت الذى يقول فيه النص إن الحكم سينتقل من يهوذا، أراه يُصر أن الحكم سيكون من نسل يهوذا وأن المسِّيِّا سيأتى من نسل يهوذا. لا أعرف كيف يفسرون النص، وكيف يفهمه أتباعهم بهذه الكيفية؟
                      وفى الوقت الذى يمنع رأوبين وشمعون ولاوي من حق البكورية بسبب ما اقترفوه من خطايا، نسى أنه لو حكَّم منطقه هذا فى يعقوب لحرم يعقوب نفسه من النبوة إن لم يكن من الحياة نفسها، لأنه تصارع مع الرب وضربه، وأجبره على مباركته (تكوين 32: 24-30)!!! وأكثر من ذلك فقد قام بعملية نصب على أبيه وأخيه وسرقة بركة أخيه بمساعدة أمه، وبسكوت الرب وموافقته فيما بعد! (تكوين الإصحاح 27)
                      أما يهوذا الذى حصل على حق البكورية بسبب خطايا أخويه، فلا يستحق هذا الحق هو الآخر لأنه زنى بثامار زوجة ابنه (تكوين الإصحاح 38). فهل الزنى فى نظر الكاتب شىء طبيعى وليس بخطيئة؟
                      فإذا كان هذا شىء طبيعى فانظر إلى قول كتابك المقدس، الذى يقرر أنه لا يدخل ابن الزنى فى جماعة الرب إلى الأبد: (1«لا يَدْخُل مَخْصِيٌّ بِالرَّضِّ أَوْ مَجْبُوبٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 2لا يَدْخُلِ ابْنُ زِنىً فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. 3لا يَدْخُل عَمُّونِيٌّ وَلا مُوآبِيٌّ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. حَتَّى الجِيلِ العَاشِرِ لا يَدْخُل مِنْهُمْ أَحَدٌ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلى الأَبَدِ) تثنية 23: 1-3
                      وعلى ذلك فإن يهوذا أيضًا غير داخل فى جماعة الرب ولن يأت من نسله المسِّيِّا أو الذى له الحكم للسببين المذكورين أعلاه. وكذلك لا يدخل داود ولا يسوع فى جماعة الرب لأنهما من نسل يهوذا.
                      تؤكد هذا النسب دائرة المعارف الكتابية نفسها مادة (داود) فتقول: «ثانياً - النسب: كان داود أحد أبناء يسى البيتلحمي، وأصغر ثمانية من الأخوة (1صم 16: 1 و10 و11 و13، 1صم 17: 12). ويذكر نسبه في سفر راعوث إلى عشرة أجيال سابقة فهو ابن يسَّى بن عوبيد بين بووعز بن سلمون بن نحشون بن عميناداب، بن رام بن حصرون بن فارص بن يهوذا (راعوث 4: 18-22) وفارص هو ابن يهوذا من ثامار (تك 38: 1-30).»
                      وشيلوه (شيلون) تعنى رسول الله المسِّيِّا كما جاء فى برنامج (e-Sword برقم H7886).
                      دليل على ذلك هو قول نبى الله إشعياء أنه سيخرج منها الشريعة. ومعلوم أن الشريعة الأولى أتت على يد موسى u ، وأن الشريعة الثانية ستكون من صهيون الجديدة أو أورشليم الأخرى: (3فَإِنَّ الرَّبَّ قَدْ عَزَّى صِهْيَوْنَ. عَزَّى كُلَّ خِرَبِهَا وَيَجْعَلُ بَرِّيَّتَهَا كَعَدْنٍ وَبَادِيَتَهَا كَجَنَّةِ الرَّبِّ. الْفَرَحُ وَالاِبْتِهَاجُ يُوجَدَانِ فِيهَا. الْحَمْدُ وَصَوْتُ التَّرَنُّمِ. 4اُنْصُتُوا إِلَيَّ يَا شَعْبِي وَيَا أُمَّتِي اصْغِي إِلَيَّ. لأَنَّ شَرِيعَةً مِنْ عِنْدِي تَخْرُجُ وَحَقِّي أُثَبِّتُهُ نُوراً لِلشُّعُوبِ. 5قَرِيبٌ بِرِّي. قَدْ بَرَزَ خَلاَصِي وَذِرَاعَايَ يَقْضِيَانِ لِلشُّعُوبِ. إِيَّايَ تَرْجُو الْجَزَائِرُ وَتَنْتَظِرُ ذِرَاعِي.) إشعياء 51: 3-5
                      وهذا هو البر الأبدى الذى تكلم عنه دانيال فى سفره، وقال إن مسيح الرب (المسِّيِّا، النبى الخاتم) سيمكث على الأرض 62 أسبوعًا أى 62 سنة هجرية أو 63 سنة ميلادية، ويموت دون أن يكون له ولد، ويُبطل الذبيحة (24سَبْعُونَ أُسْبُوعاً قُضِيَتْ عَلَى شَعْبِكَ وَعَلَى مَدِينَتِكَ الْمُقَدَّسَةِ لِتَكْمِيلِ الْمَعْصِيَةِ وَتَتْمِيمِ الْخَطَايَا وَلِكَفَّارَةِ الإِثْمِ وَلِيُؤْتَى بِـالْبِرِّ الأَبَدِيِّ وَلِخَتْمِ الرُّؤْيَا وَالنُّبُوَّةِ وَلِمَسْحِ قُدُّوسِ الْقُدُّوسِينَ. 25فَاعْلَمْ وَافْهَمْ أَنَّهُ مِنْ خُرُوجِ الأَمْرِ لِتَجْدِيدِ أُورُشَلِيمَ وَبَنَائِهَا إِلَى الْمَسِيحِ الرَّئِيسِ سَبْعَةُ أَسَابِيعَ وَاثْنَانِ وَسِتُّونَ أُسْبُوعاً يَعُودُ وَيُبْنَى سُوقٌ وَخَلِيجٌ فِي ضِيقِ الأَزْمِنَةِ. 26وَبَعْدَ اثْنَيْنِ وَسِتِّينَ أُسْبُوعاً يُقْطَعُ الْمَسِيحُ وَلَيْسَ لَهُ وَشَعْبُ رَئِيسٍ آتٍ يُخْرِبُ الْمَدِينَةَ وَالْقُدْسَ وَانْتِهَاؤُهُ بِغَمَارَةٍ وَإِلَى النِّهَايَةِ حَرْبٌ وَخِرَبٌ قُضِيَ بِهَا. 27وَيُثَبِّتُ عَهْداً مَعَ كَثِيرِينَ فِي أُسْبُوعٍ وَاحِدٍ وَفِي وَسَطِ الأُسْبُوعِ يُبَطِّلُ الذَّبِيحَةَ وَالتَّقْدِمَةَ وَعَلَى جَنَاحِ الأَرْجَاسِ مُخَرَّبٌ حَتَّى يَتِمَّ وَيُصَبَّ الْمَقْضِيُّ عَلَى الْمُخَرَِّبِ].) دانيال 9: 24-27 (راجع التعليق عليها باستفاضة فى كتابى «عيسى ليس المسيح»)
                      ووصف آخر يؤكد أن صهيون هى مكة وليست المدينة التى أسموها أورشليم أو صهيون من عند أنفسهم طمسًا لنبوءات الأنبياء بانتهاء ملكوت الله من بين يديهم، وهو ما عبر عنه يسوع بقوله: (13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ!) متى 23: 13، وذلك على الرغم من تحذيرهم أنه لا يمكن أن يخطف أحد شىء من يد الله أو يُجبره على شىء: (وَلاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي) يوحنا 10: 29
                      وهو ما عبر عنه سفر المزامير بقوله: (1لِمَاذَا ارْتَجَّتِ الأُمَمُ وَتَفَكَّرَ الشُّعُوبُ فِي الْبَاطِلِ؟ 2قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعاً عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ قَائِلِينَ: 3[لِنَقْطَعْ قُيُودَهُمَا وَلْنَطْرَحْ عَنَّا رُبُطَهُمَا]. 4اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ. 5حِينَئِذٍ يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِمْ بِغَضَبِهِ وَيَرْجُفُهُمْ بِغَيْظِهِ. 6أَمَّا أَنَا فَقَدْ مَسَحْتُ مَلِكِي عَلَى صِهْيَوْنَ جَبَلِ قُدْسِي. 7إِنِّي أُخْبِرُ مِنْ جِهَةِ قَضَاءِ الرَّبِّ. قَالَ لِي: [أَنْتَ ابْنِي. أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. 8اِسْأَلْنِي فَأُعْطِيَكَ الأُمَمَ مِيرَاثاً لَكَ وَأَقَاصِيَ الأَرْضِ مُلْكاً لَكَ. 9تُحَطِّمُهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ. مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ]. 10فَالآنَ يَا أَيُّهَا الْمُلُوكُ تَعَقَّلُوا. تَأَدَّبُوا يَا قُضَاةَ الأَرْضِ. 11اعْبُدُوا الرَّبَّ بِخَوْفٍ وَاهْتِفُوا بِرَعْدَةٍ. 12قَبِّلُوا الاِبْنَ لِئَلاَّ يَغْضَبَ فَتَبِيدُوا مِنَ الطَّرِيقِ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيلٍ يَتَّقِدُ غَضَبُهُ. طُوبَى لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ.) مزامير 2: 1-12
                      وهو ما عبر عنه يسوع باغتصاب اليهود لملكوت الله بقوله: (12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ.) متى 11: 12
                      وهذا يعنى أن هناك ملكوتان (رسالتان، شريعتان) شريعة موسى u، وهو الملكوت الذى بين أيديهم، والذى تنبأ يسوع أنه سيُنزع منهم بقوله: (43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.) متى 21: 43
                      وبقوله: (12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ.) متى 8: 12
                      ثم الملكوت الآخر وهو شريعة النبى الشبيه بموسى r، وهو ما تسميه الكتب بالعهد القديم، والعهد الجديد، الذى اغتصبه المسيحيون لأنفسهم، وسمُّوا أناجيلهم بهذا الاسم على الرغم من أن عيسى u لم يأت بتشريع، وجاء تابعًا ومنفِّذًا لتعاليم موسى u: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                      ولاحظ قوله حتى يكون الكل، والتى تعنى أنه سيكون هناك نسخ لشريعة موسى u، ولكن حينما يأتى آخر الأنبياء، الذى تبقى، والذى بشَّر بقدومه قائلاً: (14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 14
                      يقول هذا الوصف: (8«اُذْكُرُوا هَذَا وَكُونُوا رِجَالاً. رَدِّدُوهُ فِي قُلُوبِكُمْ أَيُّهَا الْعُصَاةُ. 9اُذْكُرُوا الأَوَّلِيَّاتِ مُنْذُ الْقَدِيمِ لأَنِّي أَنَا اللَّهُ وَلَيْسَ آخَرُ. الإِلَهُ وَلَيْسَ مِثْلِي. 10مُخْبِرٌ مُنْذُ الْبَدْءِ بِالأَخِيرِ وَمُنْذُ الْقَدِيمِ بِمَا لَمْ يُفْعَلْ قَائِلاً: رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي. 11دَاعٍ مِنَ الْمَشْرِقِ الْكَاسِرَ. مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ رَجُلَ مَشُورَتِي. قَدْ تَكَلَّمْتُ فَأُجْرِيهِ. قَضَيْتُ فَأَفْعَلُهُ. 12«اِسْمَعُوا لِي يَا أَشِدَّاءَ الْقُلُوبِ الْبَعِيدِينَ عَنِ الْبِرِّ. 13قَدْ قَرَّبْتُ بِرِّي. لاَ يَبْعُدُ وَخَلاَصِي لاَ يَتَأَخَّرُ. وَأَجْعَلُ فِي صِهْيَوْنَ خَلاَصاً. لإِسْرَائِيلَ جَلاَلِي».) أشعياء 46: 8-13
                      ويستحيل أن يكون رجل مشورة الله تعالى القادم من المشرق من بنى إسرائيل، بعد أن وصفهم بأنهم غلاظ القلوب، وبعيدين عن البرِّ, وبعد أن فضح محاولاتهم فى طمس عمل الله، وفى إبعاد الناس عن هذا المسِّيِّا بقوله (رَأْيِي يَقُومُ وَأَفْعَلُ كُلَّ مَسَرَّتِي) وقوله (قَدْ تَكَلَّمْتُ فَأُجْرِيهِ. قَضَيْتُ فَأَفْعَلُهُ).
                      وإرسال الله تعالى لهذا المسِّيِّا هو الخلاص الحقيقى، وليس الصلب وإراقة الدماء، لتخليص البشرية من وهم أسموه الخطيئة الأزلية نفاها الرب نفسه فى كتابه، وندَّدَ بالقائلين بها: (29فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لاَ يَقُولُونَ بَعْدُ:[الآبَاءُ أَكَلُوا حِصْرِماً وَأَسْنَانُ الأَبْنَاءِ ضَرِسَتْ]. 30بَلْ: [كُلُّ وَاحِدٍ يَمُوتُ بِذَنْبِهِ].كُلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ الْحِصْرِمَ تَضْرَسُ أَسْنَانُهُ.) إرمياء31: 29-30
                      وبقوله: (19[وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ: لِمَاذَا لاَ يَحْملُ الاِبْنُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ؟ أَمَّا الاِبْنُ فَقَدْ فَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً. حَفِظَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَعَمِلَ بِهَا فَحَيَاةً يَحْيَا. 20اَلنَّفْسُ الَّتِي تُخْطِئُ هِيَ تَمُوتُ. الاِبْنُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الأَبِ وَالأَبُ لاَ يَحْمِلُ مِنْ إِثْمِ الاِبْنِ. بِرُّ الْبَارِّ عَلَيْهِ يَكُونُ وَشَرُّ الشِّرِّيرِ عَلَيْهِ يَكُونُ. 21فَإِذَا رَجَعَ الشِّرِّيرُ عَنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُ الَّتِي فَعَلَهَا وَحَفِظَ كُلَّ فَرَائِضِي وَفَعَلَ حَقّاً وَعَدْلاً فَحَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 22كُلُّ مَعَاصِيهِ الَّتِي فَعَلَهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. فِي بِرِّهِ الَّذِي عَمِلَ يَحْيَا. 23هَلْ مَسَرَّةً أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ؟ أَلاَ بِرُجُوعِهِ عَنْ طُرُقِهِ فَيَحْيَا؟) حزقيال 18: 19-23
                      وبقوله: (11قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ, إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ, بَلْ بِأَنْ يَرْجِعَ الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. إِرْجِعُوا ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الرَّدِيئَةِ. فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ؟ 12وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ فَقُلْ لِبَنِي شَعْبِكَ: إِنَّ بِرَّ الْبَارِّ لاَ يُنَجِّيهِ فِي يَوْمِ مَعْصِيَتِهِ, وَالشِّرِّيرُ لاَ يَعْثُرُ بِشَرِّهِ فِي يَوْمِ رُجُوعِهِ عَنْ شَرِّهِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُ الْبَارُّ أَنْ يَحْيَا بِبِرِّهِ فِي يَوْمِ خَطِيئَتِهِ.13إِذَا قُلْتُ لِلْبَارِّ حَيَاةً تَحْيَا, فَـاتَّكَلَ هُوَ عَلَى بِرِّهِ وَأَثِمَ, فَبِرُّهُ كُلُّهُ لاَ يُذْكَرُ, بَلْ بِإِثْمِهِ الَّذِي فَعَلَهُ يَمُوتُ. 14وَإِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتاً تَمُوتُ! فَإِنْ رَجَعَ عَنْ خَطِيَّتِهِ وَعَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ, 15إِنْ رَدَّ الشِّرِّيرُ الرَّهْنَ وَعَوَّضَ عَنِ الْمُغْتَصَبِ وَسَلَكَ فِي فَرَائِضِ الْحَيَاةِ بِلاَ عَمَلِ إِثْمٍ, فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا. لاَ يَمُوتُ. 16كُلُّ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا لاَ تُذْكَرُ عَلَيْهِ. عَمِلَ بِـالْعَدْلِ وَالْحَقِّ فَيَحْيَا حَيَاةً.) حزقيال 33 :11-16
                      ووصف آخر لهذه المدينة ذكره إشعياء أيضًا، فهى مدينة لم يخرج منها رسول صاحب رسالة من قبل، وسيُخز الله أعداءها (كما أخزى أبرهة الحبشى الذى جاء بأفيال لهدمها)، ويأمر الرب بتوسيعها لتتسع لزائريها، وسيخضع لحكمها جميع الملوك والجبابرة، ويُخرج منها هادميها ومخربيها: (14وَقَالَتْ صِهْيَوْنُ: «قَدْ تَرَكَنِي الرَّبُّ وَسَيِّدِي نَسِينِي». 15هَلْ تَنْسَى الْمَرْأَةُ رَضِيعَهَا فَلاَ تَرْحَمَ ابْنَ بَطْنِهَا؟ حَتَّى هَؤُلاَءِ يَنْسِينَ وَأَنَا لاَ أَنْسَاكِ. .... 17قَدْ أَسْرَعَ بَنُوكِ. هَادِمُوكِ وَمُخْرِبُوكِ مِنْكِ يَخْرُجُونَ. ...... إِنَّكِ تَكُونِينَ الآنَ ضَيِّقَةً عَلَى السُّكَّانِ وَيَتَبَاعَدُ مُبْتَلِعُوكِ. 20يَقُولُ أَيْضاً فِي أُذُنَيْكِ بَنُو ثُكْلِكِ: «ضَيِّقٌ عَلَيَّ الْمَكَانُ. وَسِّعِي لِي لأَسْكُنَ». 21فَتَقُولِينَ فِي قَلْبِكِ: «مَنْ وَلَدَ لِي هَؤُلاَءِ وَأَنَا ثَكْلَى وَعَاقِرٌ مَنْفِيَّةٌ وَمَطْرُودَةٌ؟ وَهَؤُلاَءِ مَنْ رَبَّاهُمْ؟ هَئَنَذَا كُنْتُ مَتْرُوكَةً وَحْدِي. هَؤُلاَءِ أَيْنَ كَانُوا؟». 22هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هَا إِنِّي أَرْفَعُ إِلَى الأُمَمِ يَدِي وَإِلَى الشُّعُوبِ أُقِيمُ رَايَتِي فَيَأْتُونَ بِأَوْلاَدِكِ فِي الأَحْضَانِ وَبَنَاتُكِ عَلَى الأَكْتَافِ يُحْمَلْنَ. 23وَيَكُونُ الْمُلُوكُ حَاضِنِيكِ وَسَيِّدَاتُهُمْ مُرْضِعَاتِكِ. بِالْوُجُوهِ إِلَى الأَرْضِ يَسْجُدُونَ لَكِ وَيَلْحَسُونَ غُبَارَ رِجْلَيْكِ فَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي لاَ يَخْزَى مُنْتَظِرُوهُ».) أشعياء 49: 14-23
                      لذلك كان من الضرورى أن يتم توسيع هذه الخيمة (صهيون الجديدة/المدينة المكعبة) لتتسع من كل اتجاه، لتستوعب الزائرين لها من كل مكان: (2أَوْسِعِي مَكَانَ خَيْمَتِكِ وَلْتُبْسَطْ شُقَقُ مَسَاكِنِكِ. لاَ تُمْسِكِي. أَطِيلِي أَطْنَابَكِ وَشَدِّدِي أَوْتَادَكِ 3لأَنَّكِ تَمْتَدِّينَ إِلَى الْيَمِينِ وَإِلَى الْيَسَارِ وَيَرِثُ نَسْلُكِ أُمَماً وَيُعَمِّرُ مُدُناً خَرِبَةً. 4لاَ تَخَافِي لأَنَّكِ لاَ تَخْزِينَ وَلاَ تَخْجَلِي لأَنَّكِ لاَ تَسْتَحِينَ. فَإِنَّكِ تَنْسِينَ خِزْيَ صَبَاكِ وَعَارُ تَرَمُّلِكِ لاَ تَذْكُرِينَهُ بَعْدُ. 5لأَنَّ بَعْلَكِ هُوَ صَانِعُكِ رَبُّ الْجُنُودِ اسْمُهُ وَوَلِيُّكِ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ. إِلَهَ كُلِّ الأَرْضِ يُدْعَى.) إشعياء 54: 2-5، ولا يخفى عليك التوسعة الدائمة التى تُقام فى الحرم المكى ليتسع للمعتمرين والحجاج.
                      وقدوس إسرائيل (المسِّيِّا) هو سيد الخلق وأفضلهم أجمعين، وهذه هى المدينة التى خرج منها، وخرجت منها الشريعة. ثم جاء اسمها فى المزمور 84: 6 بالتصريح وليس بالتلميح، فهى بكة (مكة).
                      وفى المزامير يأمر الله الناس بالطواف حولها وتأمل أبراجها وقصورها، وذكر رحمته، فهذا مما أنعم الله به على صهيون التى كانت صحراء، وهى مكان للتعبُّد يُذكر فيها اسم الله، ويُحمد على رحمته وكرمه: (9ذَكَرْنَا يَا اللهُ رَحْمَتَكَ فِي وَسَطِ هَيْكَلِكَ. ... 12طُوفُوا بِصِهْيَوْنَ وَدُورُوا حَوْلَهَا. عُدُّوا أَبْرَاجَهَا. 13ضَعُوا قُلُوبَكُمْ عَلَى مَتَارِسِهَا. تَأَمَّلُوا قُصُورَهَا لِكَيْ تُحَدِّثُوا بِهَا جِيلاً آخَرَ. 14لأَنَّ اللهَ هَذَا هُوَ إِلَهُنَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ. هُوَ يَهْدِينَا حَتَّى إِلَى الْمَوْتِ.) مزامير 48: 9-14، فأين هذا من أورشليم الحالية مدينة الظلم والقتل والإرهاب الصهيونى، التى لعنها الله على لسان أنبيائه وقديسيه؟
                      ولو تقارن هذا بقول دائرة المعارف الكتابية مادة (الله) أن اسم الله فقد، ومن ثم فقدت الصفات الدالة عليه ، مما اضطر بنى إسرائيل إلى اختراع اسم جديد للرب فأسموه يهوه: «ثالثا - أسماء الله : كانت كل أسماء الله أصلا تدل على صفاته ، ولكن اشتقاقات الكثير منها – ومن ثم معانيها الأصلية – قد فقدت، فكان لابد من البحث عن معان جديدة لها»، لتملكك التعجب، فباسم أى إله سينادون فى صهيون الفلسطينية بعد أن ضيعوا اسم الرب؟ واسم أى إله يذكرون بعد أن أضاعوه؟ ألا يعلمون أنهم ليسوا شعب الله، لأن شعب الله يعرفون اسمه؟
                      لذلك قالها الله صراحة: إن عبادى يعرفون اسمى. (6لِذَلِكَ يَعْرِفُ شَعْبِيَ اسْمِي. لِذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ الْمُتَكَلِّمُ. هَئَنَذَا».) أشعياء 52: 6، وعلى ذلك فإن كلا من اليهود والمسيحيين ليسا من شعب الله.
                      (14لأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِي أُنَجِّيهِ. أُرَفِّعُهُ لأَنَّهُ عَرَفَ اسْمِي. 15يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ. مَعَهُ أَنَا فِي الضِّيقِ. أُنْقِذُهُ وَأُمَجِّدُهُ. 16مِنْ طُولِ الأَيَّامِ أُشْبِعُهُ وَأُرِيهِ خَلاَصِي.) مزامير 91: 14-16
                      ولم يعرف اسمه الحقيقى إلا المسلمون، وهو الله: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (14) سورة طـه
                      {إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} (51) سورة آل عمران
                      ولو رجعت إلى الموقع أدناه لعرفت أن اسم الرب، الذى مازالوا يترجمونه يهوه، بل عملوا لكى يُنسوا الناس اسم الرب الحقيقى، الذى وجدوه فى سفر دانيال الآرامى، والذى عثروا عليه فى خبيئة قمران، ليس هو اسمه، ولكنه الله. (راجع: معالم أساسية ضاعت من المسيحية)
                      وجود اسم الله عشر مرات فى سفر دانيال، وهذا بيانها كما ذكرها: (3: 26 ؛ 4: 2 ، 17 ، 24 ، 25، 32، 34 ؛ 5: 18، 21 ؛ 7: 25)، وستجدها كتبت تحت رقم 5943: il-lah’eeوكتب نطقها الآرامى كما قال موقع المذكور (`illay (Aramaic) {il-lah'-ee}) وقاموا بترجمتها إلى الإنجليزية طبعة الملك جيمس The Most High God أى الرب الأعلى.
                      http://www.blueletterbible.org/tmp_dir/words/5/1142174262-461.html
                      الأمر الذى جعل الرب يُجزم أن هذا ليس شعبه، وطردهم من رحمته، واتخذ لنفسه شعبًا من الأمميين: (14سِمْعَانُ قَدْ أَخْبَرَ كَيْفَ افْتَقَدَ اللهُ أَوَّلاً الْأُمَمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُمْ شَعْباً عَلَى اسْمِهِ.) أعمال 15: 14، قارن هذا بما قاله يسوع لليهود فى (متى23)!
                      لذلك أخرج الرب ترنيمة جديدة (شريعة جديدة، صلاة جديدة) لكل الأرض، وليست فقط لخراف بيت إسرائيل الضالة، تحمل اسمه الذى ضيعه من سبقهم. (1رَنِّمُوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً. رَنِّمِي لِلرَّبِّ يَا كُلَّ الأَرْضِ. 2رَنِّمُوا لِلرَّبِّ بَارِكُوا اسْمَهُ بَشِّرُوا مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ بِخَلاَصِهِ. 3حَدِّثُوا بَيْنَ الأُمَمِ بِمَجْدِهِ بَيْنَ جَمِيعِ الشُّعُوبِ بِعَجَائِبِهِ. 4لأَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ وَحَمِيدٌ جِدّاً مَهُوبٌ هُوَ عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ. 5لأَنَّ كُلَّ آلِهَةِ الشُّعُوبِ أَصْنَامٌ أَمَّا الرَّبُّ فَقَدْ صَنَعَ السَّمَاوَاتِ. 6مَجْدٌ وَجَلاَلٌ قُدَّامَهُ. الْعِزُّ وَالْجَمَالُ فِي مَقْدِسِهِ. 7قَدِّمُوا لِلرَّبِّ يَا قَبَائِلَ الشُّعُوبِ قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْداً وَقُوَّةً. 8قَدِّمُوا لِلرَّبِّ مَجْدَ اسْمِهِ. هَاتُوا تَقْدِمَةً وَادْخُلُوا دِيَارَهُ. 9اسْجُدُوا لِلرَّبِّ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ. ارْتَعِدِي قُدَّامَهُ يَا كُلَّ الأَرْضِ. 10قُولُوا بَيْنَ الأُمَمِ: [الرَّبُّ قَدْ مَلَكَ. أَيْضاً تَثَبَّتَتِ الْمَسْكُونَةُ فَلاَ تَتَزَعْزَعُ. يَدِينُ الشُّعُوبَ بِالاِسْتِقَامَةِ]. 11لِتَفْرَحِ السَّمَاوَاتُ وَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ لِيَعِجَّ الْبَحْرُ وَمِلْؤُهُ. 12لِيَجْذَلِ الْحَقْلُ وَكُلُّ مَا فِيهِ. لِتَتَرَنَّمْ حِينَئِذٍ كُلُّ أَشْجَارِ الْوَعْرِ 13أَمَامَ الرَّبِّ لأَنَّهُ جَاءَ. جَاءَ لِيَدِينَ الأَرْضَ. يَدِينُ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ وَالشُّعُوبَ بِأَمَانَتِهِ) مزمور 96،
                      ومجىء الرب تعنى مجىء شريعته كما جاءت فى الكتاب من قبل: (2فَقَال: «جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ وَأَشْرَقَ لهُمْ مِنْ سَعِيرَ وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لهُمْ.) تثنية 33: 2
                      وقد ذكرنا ذلك من قبل تحت عنوان (مقدمة قبل الحديث عن بكة أو مكة) وذلك فى ص
                      وعلى ذلك فهو قد جاء ومعه عشرة آلاف ، وليست آلاف كثيرة. ويتضح لك سوء نية المترجم فى قوله (وَأَتَى مِنْ رَبَوَاتِ القُدْسِ) على الرغم من أنها تعنى أتى مع ، كما أوضحت الترجمة الأخيرة على النت ، وكما أفصحت التراجم الألمانية والإنجليزية (جَاءَ مُحَاطاً ب) وليست ”من“ كمكان.
                      ناهيك عن تغيير النسخة العربية لكلمة (الشريعة المنيرة) التى سيأتى بها نور الرب الذى سيتلألأ من جبل فاران (مكة) ومعه عشرة آلاف من المؤمنين أتباعه (فتح مكة) إلى (وَعَنْ يَمِينِهِ يُوْمِضُ بَرْقٌ عَلَيْهِمْ). وحذا حذوها ترجمة الـ NLV والـ NLT . فلصالح مَن هذا التزوير؟ لصالح مَن هذه التعمية للحقائق الساطعة؟
                      وعلى العموم حتى بعد تغيير كلمة الشريعة إلى كلمة نار، تطابقت النبوءة أيضًا على النبى محمد r، فقد أمر الرسول r أتباعه عند دخول مكة أن يشعلوا المشاعل. فدخلوا مكة فاتحين منتصرين وبأيديهم المشاعل ، وجاء محمد r بالشريعة المنيرة.
                      وكدليل آخر على أنها عشرة آلاف وتشير إلى فتح مكة ماذكره سفر نشيد الإنشاد: (10حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ. مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ.) نشيد الإنشاد 5: 10، (ولون الرسول r أزهر)، وكلمة معلم تُطلق على رسل الله، فنحن فى غنى عن أن نبين ذلك، فالأناجيل مليئة بهذه التسمية لعيسى u.
                      10My beloved is white and ruddy, Chief among ten thousand.
                      http://bible.gospelcom.net/bible?showfn=on&showxref=on&interface=print&passag e=SONG+5&language=engli...
                      ولكى نزيل خلاف تحديد مكان (جبل فاران) الذى ستظهر منه شريعة الرب ، الذى هو فى مكة، كما أن فاران اسم من أسماء مكة، نذكر القارىء أن فاران هذه هى موطن إسماعيل، وجاء الرسول r من نسله، وعلى ذلك فإن فاران هى مكة. وبهذا قال أيضًا جيروم ويوسابيوس، وهما من أشهر رموز الكنيسة في القرنين الرابع والخامس. فقد قالا إن: «فاران بلد عند بلاد العرب على مسيرة ثلاثة أيام إلى الشرق من إيله.» (راجع ص71 من Encyclopedia Biblica) نقلا عن (محمد r فى الكتب المقدسة)
                      وعلى ذلك فإنه لدينا مدينتان باسم صهيون أو اسم أورشليم، حيث يُطلق أيضًا على أورشليم اسم صهيون. ونعرف من كتبهم أن هناك أورشليم / صهيون القديمة، وأورشليم / صهيون الجديدة النازلة من السماء، والتى ستحتضن ملكوت الله تعالى إلى الأبد، بعد انتزاع الله تعالى له من بنى إسرائيل، كما مرَّ بنا.
                      ويؤخذ فى الاعتبار أن كلمة أورشاليم تعنى مدينة السلام، أو مدينة إله السلام، وهذا الاسم لا ينطبق بالمرة على واقع أورشليم (فلسطين). فهى قد لعنها الأنبياء، ولعن شعبها من الله وأنبيائه، فكيف تكون هى مدينة السلام؟ وكيف يباركها الله ويبارك شعبها فى الوقت الذى يلعنهم فيه؟
                      (يَا أُورُشَلِيمُ يَا أُورُشَلِيمُ يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا) متى 23: 37
                      وذلك بعد سلسلة من الشتائم والتحقير لأناس يُفترض أنهم صفوة أهل أورشليم، فما بالك بمن يتبعهم، إن كان هذا حال رجال الدين لديهم؟ فقد قال لهم: (... «عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَلَسَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ 3فَكُلُّ مَا قَالُوا لَكُمْ أَنْ تَحْفَظُوهُ فَاحْفَظُوهُ وَافْعَلُوهُ وَلَكِنْ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ لاَ تَعْمَلُوا لأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلاَ يَفْعَلُونَ. 4فَإِنَّهُمْ يَحْزِمُونَ أَحْمَالاً ثَقِيلَةً عَسِرَةَ الْحَمْلِ وَيَضَعُونَهَا عَلَى أَكْتَافِ النَّاسِ وَهُمْ لاَ يُرِيدُونَ أَنْ يُحَرِّكُوهَا بِإِصْبِعِهِمْ ..... 13«لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ! 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلاً وَاحِداً وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْناً لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفاً! .... 25وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ وَهُمَا مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوآنِ اخْتِطَافاً وَدَعَارَةً! .... 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُوراً مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً وَهِيَ مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. 28هَكَذَا أَنْتُمْ أَيْضاً: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَاراً وَلَكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِلٍ مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْماً! ... 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلَأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ أَوْلاَدَ الأَفَاعِي كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟) متى 23: 1-34
                      (لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَهْلِكَ نَبِيٌّ خَارِجاً عَنْ أُورُشَلِيمَ.) لوقا 13: 33
                      (4أَوْ أُولَئِكَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ أَتَظُنُّونَ أَنَّ هَؤُلاَءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟ 5كَلاَّ أَقُولُ لَكُمْ! بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ».) لوقا 13: 4-5
                      وتوعَّد بخرابها، وأمرهم بعدم مقاومتها، بل الهرب من أمامها، وكل هذا سيحدث أكيد، لأن أزمنة الأمم لم تكمل بعد فى وجوده، فقد كان قد تبقى المسِّيِّا، الذى سيأتى بعد عيسى u ، وليس من نسل داود كما ادعوا: (20وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا. 21حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ وَالَّذِينَ فِي وَسَطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجاً وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا 22لأَنَّ هَذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ. 23وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هَذَا الشَّعْبِ. 24وَيَقَعُونَ بِالسَّيْفِ وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ.) لوقا 21: 20-24
                      (28فَالْتَفَتَ إِلَيْهِنَّ يَسُوعُ وَقَالَ: «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ 29لأَنَّهُ هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي يَقُولُونَ فِيهَا: طُوبَى لِلْعَوَاقِرِ وَالْبُطُونِ الَّتِي لَمْ تَلِدْ وَالثُّدِيِّ الَّتِي لَمْ تُرْضِعْ. 30حِينَئِذٍ يَبْتَدِئُونَ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ: اسْقُطِي عَلَيْنَا وَلِلآكَامِ: غَطِّينَا. 31لأَنَّهُ إِنْ كَانُوا بِالْعُودِ الرَّطْبِ يَفْعَلُونَ هَذَا فَمَاذَا يَكُونُ بِالْيَابِسِ؟».) لوقا 23: 28-31
                      ولم يمدح نبى من الأنبياء هذا الشعب صلب الرقبة، فقد قال عنهم نبى الله موسى إنهم شعب صلب الرقبة، وتنبأ أنهم سيزيغون من بعده، وحذرهم من تحريف الكتاب، بل منعهم من الاقتراب من التابوت الذى يحتوى على عهد الرب. فقد عبدوا العجل وتركوا الرب الذى ناصرهم ونصرهم على فرعون وجنوده فور خروجهم من مصر، ووصفهم الرب بأنه شعب صلب الرقبة، بل أراد أن يفنيهم، واكتفى بقتل عابد الأوثان، وراح منهم 3000 نفسًا بين عشية وضحاها، وضرب التيه فى الصحراء 40 سنة على الباقين: (25أَمَرَ مُوسَى اللاوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ: 26«خُذُوا كِتَابَ التَّوْرَاةِ هَذَا وَضَعُوهُ بِجَانِبِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ إِلهِكُمْ لِيَكُونَ هُنَاكَ شَاهِداً عَليْكُمْ. 27لأَنِّي أَنَا عَارِفٌ تَمَرُّدَكُمْ وَرِقَابَكُمُ الصُّلبَةَ. هُوَذَا وَأَنَا بَعْدُ حَيٌّ مَعَكُمُ اليَوْمَ قَدْ صِرْتُمْ تُقَاوِمُونَ الرَّبَّ فَكَمْ بِالحَرِيِّ بَعْدَ مَوْتِي! 28اِجْمَعُوا إِليَّ كُل شُيُوخِ أَسْبَاطِكُمْ وَعُرَفَاءَكُمْ لأَنْطِقَ فِي مَسَامِعِهِمْ بِهَذِهِ الكَلِمَاتِ وَأُشْهِدَ عَليْهِمِ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ. 29لأَنِّي عَارِفٌ أَنَّكُمْ بَعْدَ مَوْتِي تَفْسِدُونَ وَتَزِيغُونَ عَنِ الطَّرِيقِ الذِي أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ وَيُصِيبُكُمُ الشَّرُّ فِي آخِرِ الأَيَّامِ لأَنَّكُمْ تَعْمَلُونَ الشَّرَّ أَمَامَ الرَّبِّ حَتَّى تُغِيظُوهُ بِأَعْمَالِ أَيْدِيكُمْ».) تثنية 31: 25-29
                      (9وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «رَأَيْتُ هَذَا الشَّعْبَ وَإِذَا هُوَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. 10فَالآنَ اتْرُكْنِي لِيَحْمَى غَضَبِي عَلَيْهِمْ وَأُفْنِيَهُمْ ....) الخروج 32: 9-10
                      (5وَكَانَ الرَّبُّ قَدْ قَالَ لِمُوسَى: «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةُِ. إِنْ صَعِدْتُ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي وَسَطِكُمْ أَفْنَيْتُكُمْ. وَلَكِنِ الآنَ اخْلَعْ زِينَتَكَ عَنْكَ فَأَعْلَمَ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ».) الخروج 33: 5
                      وقال نبى الله إرميا: (لأَنَّهُمْ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ كُلُّ وَاحِدٍ مُولَعٌ بِالرِّبْحِ مِنَ النَّبِيِّ إِلَى الْكَاهِنِ كُلُّ وَاحِدٍ يَعْمَلُ بِالْكَذِبِ.) إرميا 8: 10
                      (فَأَتْرُكَ شَعْبِي وَأَنْطَلِقَ مِنْ عِنْدِهِمْ لأَنَّهُمْ جَمِيعاً زُنَاةٌ جَمَاعَةُ خَائِنِينَ. 3يَمُدُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ كَقِسِيِّهِمْ لِلْكَذِبِ. لاَ لِلْحَقِّ قَوُوا فِي الأَرْضِ. لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شَرٍّ إِلَى شَرٍّ وَإِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا يَقُولُ الرَّبُّ.) إرميا 9: 2-3
                      ألا يذكركم هذا النص بقرار سحب الله لشريعته من هذا الشعب وعدم جعل النبوة فى نسلهم بسبب ما اقترفوه من الزنا والكذب وعبادة الأوثان والافتراء على الله؟ فقد سحب الله ثقته منهم ، فكيف تقتنع أنت اليوم بالثقة فيهم وفى كتاباتهم وأقوالهم؟
                      بالطبع تعرفون أنهم يفهمون أن كلمة إنجيل تعنى البشارة (الحسنة)، فما هى بشارة بولس التى بشر بها؟ وماهى بشارة عيسى u التى نادى بها؟
                      إن رسالة عيسى u هى اقتراب ملكوت السموات أو ملكوت الله (التى تعنى شريعة الله) والتى قرر أن يحرم بنى إسرائيل من أن يكون فيهم النبوة: (11وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ 12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.) متى 8: 11-12
                      وستذهب النبوة إلى رجل من نسل إسماعيل الابن الأول لإبراهيم، وسيكون آخر من يتولى النبوة: (28هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ مَتَى رَأَيْتُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوتِ اللهِ وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ خَارِجاً.29وَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَمِنَ الْمَغَارِبِ وَمِنَ الشِّمَالِ وَالْجَنُوبِ وَيَتَّكِئُونَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ. 30وَهُوَذَا آخِرُونَ يَكُونُونَ أَوَّلِينَ وَأَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ») لوقا 13: 28-30
                      (42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ».) متى 21: 42-44

                      تعليق

                      • abubakr_3
                        مشرف عام

                        • 15 يون, 2006
                        • 849
                        • مسلم

                        #26
                        ولا أريد أن أطيل ويكفينا أن نذكر أقوال الرب عن أنبيائه، الذين هم صفوة خلقه، ثم اعمل خيالك لتعلم إذا كان رب البيت بالدف ضاربًا، فكيف تكون شيمة أهل البيت؟
                        (31اَلأَنْبِيَاءُ يَتَنَبَّأُونَ بِالْكَذِبِ وَالْكَهَنَةُ تَحْكُمُ عَلَى أَيْدِيهِمْ وَشَعْبِي هَكَذَا أَحَبَّ.) إرمياء 5: 31
                        (3هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرُوا شَيْئاً. 4أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَـالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ.) حزقيال 13: 3
                        (26كَهَنَتُهَا خَالَفُوا شَرِيعَتِي وَنَجَّسُوا أَقْدَاسِي. لَمْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ الْمُقَدَّسِ وَالْمُحَلَّلِ, وَلَمْ يَعْلَمُوا الْفَرْقَ بَيْنَ النَّجِسِ وَالطَّاهِرِ, وَحَجَبُوا عُيُونَهُمْ عَنْ سُبُوتِي فَتَدَنَّسْتُ فِي وَسَطِهِمْ. 27رُؤَسَاؤُهَا فِي وَسَطِهَا كَذِئَابٍ خَاطِفَةٍ خَطْفاً لِسَفْكِ الدَّمِ, لإِهْلاَكِ النُّفُوسِ لاِكْتِسَابِ كَسْبٍ. 28وَأَنْبِيَاؤُهَا قَدْ طَيَّنُوا لَهُمْ بِـالطُّفَالِ, رَائِينَ بَاطِلاً وَعَارِفِينَلَهُمْ كَذِباً, قَائِلِينَ: هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَالرَّبُّ لَمْ يَتَكَلَّمْ!) حزقيال 22: 26-28
                        (11وَأَقَمْتُ مِنْ بَنِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَمِنْ فِتْيَانِكُمْ نَذِيرِينَ. أَلَيْسَ هَكَذَا يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ يَقُولُ الرَّبُّ؟ 12لَكِنَّكُمْ سَقَيْتُمُ النَّذِيرِينَ خَمْراً وَأَوْصَيْتُمُ الأَنْبِيَاءَ قَائِلِينَ: لاَ تَتَنَبَّأُوا.) عاموس 2: 11-12
                        (6فَأَجَابَ: «حَسَناً تَنَبَّأَ إِشَعْيَاءُ عَنْكُمْ أَنْتُمُ الْمُرَائِينَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيداً 7وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَنِي وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ. 8لأَنَّكُمْ تَرَكْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ وَتَتَمَسَّكُونَ بِتَقْلِيدِ النَّاسِ: .. .. .. 9ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «حَسَناً! رَفَضْتُمْ وَصِيَّةَ اللَّهِ لِتَحْفَظُوا تَقْلِيدَكُمْ. .. .. .. 13مُبْطِلِينَ كَلاَمَ اللَّهِ بِتَقْلِيدِكُمُ الَّذِي سَلَّمْتُمُوهُ. وَأُمُوراً كَثِيرَةً مِثْلَ هَذِهِ تَفْعَلُونَ».) مرقس 7: 7-13
                        (5هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: [مَاذَا وَجَدَ فِيَّ آبَاؤُكُمْ مِنْ جَوْرٍ حَتَّى ابْتَعَدُوا عَنِّي وَسَارُوا وَرَاءَ الْبَاطِلِ وَصَارُوا بَاطِلاً؟ 6وَلَمْ يَقُولُوا: أَيْنَ هُوَ الرَّبُّ الَّذِي أَصْعَدَنَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ الَّذِي سَارَ بِنَا فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضِ قَفْرٍ وَحُفَرٍ فِي أَرْضِ يُبُوسَةٍ وَظِلِّ الْمَوْتِ فِي أَرْضٍ لَمْ يَعْبُرْهَا رَجُلٌ وَلَمْ يَسْكُنْهَا إِنْسَانٌ؟ 7وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى أَرْضِ بَسَاتِينَ لِتَأْكُلُوا ثَمَرَهَا وَخَيْرَهَا. فَأَتَيْتُمْ وَنَجَّسْتُمْ أَرْضِي وَجَعَلْتُمْ مِيرَاثِي رِجْساً. 8اَلْكَهَنَةُ لَمْ يَقُولُوا: أَيْنَ هُوَ الرَّبُّ؟ وَأَهْلُ الشَّرِيعَةِ لَمْ يَعْرِفُونِي وَالرُّعَاةُ عَصُوا عَلَيَّ وَالأَنْبِيَاءُ تَنَبَّأُوا بِبَعْلٍ وَذَهَبُوا وَرَاءَ مَا لاَ يَنْفَعُ. 9[لِذَلِكَ أُخَاصِمُكُمْ بَعْدُ يَقُولُ الرَّبُّ وَبَنِي بَنِيكُمْ أُخَاصِمُ. 10فَاعْبُرُوا جَزَائِرَ كِتِّيمَ وَانْظُرُوا وَأَرْسِلُوا إِلَى قِيدَارَ وَانْتَبِهُوا جِدّاً وَانْظُرُوا: هَلْ صَارَ مِثْلُ هَذَا؟ 11هَلْ بَدَلَتْ أُمّةٌ آلِهَةً وَهِيَ لَيْسَتْ آلِهَةً؟ أَمَّا شَعْبِي فَقَدْ بَدَلَ مَجْدَهُ بِمَا لاَ يَنْفَعُ!) إرمياء 2: 5-11
                        فقرر الله تعالى أن يسحب منهم ملكوته، ويعطيه لأمة تعمل أثماره: (فَأَتْرُكَ شَعْبِي وَأَنْطَلِقَ مِنْ عِنْدِهِمْ لأَنَّهُمْ جَمِيعاً زُنَاةٌ جَمَاعَةُ خَائِنِينَ. 3يَمُدُّونَ أَلْسِنَتَهُمْ كَقِسِيِّهِمْ لِلْكَذِبِ. لاَ لِلْحَقِّ قَوُوا فِي الأَرْضِ. لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ شَرٍّ إِلَى شَرٍّ وَإِيَّايَ لَمْ يَعْرِفُوا يَقُولُ الرَّبُّ.) إرميا 9: 2-3
                        وبعد أن أمهلهم الله تعالى ليُصلحوا أحوالهم، استمروا فى عصيانهم وطغيانهم، ولم يكتفوا بهذا العصيان،بل أفسدوا الأنبياء، وعبدوا البعل، حتى قرر استبدالهم على ملكوته بأمة أخرى ، يأتى المخلص منها من قيدار، والتى جاءت منها قبيلة قريش، ومنها رسول الله r. وهناك العديد والعديد من النبوءات التى تبشِّر بقدوم النبى محمد r خاتم الأنبياء ، وسيد المرسلين، وهناك الكتب العديدة التى تتناول هذا الموضوع بالتفصيل. أخص بالذكر منها كتاب (نبى أرض الجنوب)، وكتاب (عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا)، وكتاب (محمد r فى الكتب المقدسة) وراجع فهرس الكتاب الأخير.
                        فهل تعتقد أنه بعد كل ما قاله الرب من تسفيه لأورشليم وساكنيها وكهنتها وأنبيائها يأتى من هذه المدينة نجاة أو خير؟ اقرأ ما قاله الرب عن أورشليم الثانية ليتأكد لك وجود مدينتين بهذا الاسم: (31لأَنَّهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ تَخْرُجُ الْبَقِيَّةُ وَالنَّاجُونَ مِنْ جَبَلِ صِهْيَوْنَ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا.) ملوك الثانى 19: 31
                        ويتكلم العهد الجديد عن مدينة صهيون السماوية أو أورشليم السماوية، التى اختارها الرب مقرًا لسكناه، بعد أن توعَّد بنى إسرائيل بنقل ملكوت الله منهم، وإعطائه لأمة محاربة ”تعمل أثماره“.
                        وبنو الملكوت ليسوا اليهود ولا أتباع يسوع اليهودى، (لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ.) يوحنا 4: 22، وتبعًا لقول يسوع لليهود فإنهم سيطرحون فى الظلمة: (12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ.) متى 8: 12، وسيُنتزع منهم الملكوت ويُعطى لأمة أخرى: (43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.) متى 21: 43
                        أما أبناء الملكوت القادم، الذى طالبهم يسوع أن يطلبوه دائمًا فى صلاتهم حتى لا ينسوه، ونوع من الاعتراف به إلى أن يأتى: (9«فَصَلُّوا أَنْتُمْ هَكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ. 10لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ.) متى 6: 9-10
                        (12وَمِنْ أَيَّامِ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ إِلَى الآنَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ يُغْصَبُ وَالْغَاصِبُونَ يَخْتَطِفُونَهُ. 13لأَنَّ جَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ وَالنَّامُوسَ إِلَى يُوحَنَّا تَنَبَّأُوا. 14وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوا فَهَذَا هُوَ إِيلِيَّا الْمُزْمِعُ أَنْ يَأْتِيَ.) متى 11: 12-14
                        فإذا كان المعمدان ليس هو إيليا باعترافه نفسه: (19وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: «مَنْ أَنْتَ؟» 20فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. 21فَسَأَلُوهُ: «إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ: «لاَ».) يوحنا 1: 19-21
                        فتُرى من هو إيليا هذا الذى أنبأ يسوع بقرب مجيئه غير أحمد الذى يساوى اسمه بحروف الجُمَّل 53 مثل إيليا مثل التاحب التى استخدمها يوحنا فى حديثه مع المرأة السامرية (يوحنا 4: 25)، حتى أن الكاتب اضطر لشرحه بقوله (مَسِيَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ)!!
                        والذى يجعلنى أجزم بذلك أن السامريين لم يكونوا يستخدمون لفظ المسِّيِّا، الذى وضع على لسان المرأة السامرية هنا، بل كانوا يعرفونه باسم التاحب، كما قال العلامة المفسر (بارناباس لندارس) فى شرحه لإنجيل يوحنا (The New Century Bible Commentary , the Gospel of John written by ; Barnabas Lindars page 190 – 191) عن هذه الفقرة باللغة الإنجليزية ما نصه :
                        )Her words are not quite accurate, because the Samaritans did not use the title Messiah . She should have said : I know that the Taheb comes , whom you call the Messiah.)
                        وترجمتها: إن كلماتها [المستخدمة فى هذا النص] ليست دقيقة بصورة كافية. وذلك لأن السامريون لم يستخدموا لقب المسِّيِّا. وعلى ذلك ينبغى أن يكون قولها: أعلم أن التاحب سيأتى، الذى تسمونه أنتم المسِّيِّا.
                        مع الأخذ فى الاعتبار أن الدافع الذى جعل (بارناباس لندارس) يتوصل لهذا القول هو استخدامه الكبير لوثائق البحر الميت المكتوبة باللغة الآرامية فى عصر يسوع، والتى تؤيد ما ذهب إليه. (نقلا بتصرف عن نبى أرض الجنوب ص427).
                        ويؤكد قول (بارناباس لندارس) هذا العلامة شانكنبرج فى بحثه عن عقيدة السامريين، والتى ذكرها الأب متى المسكين فى تفسيره لإنجيل يوحنا ج1 ص298.
                        وأعلم أن النص بعده قيل فيه على لسان يسوع أنه هو الذى يكلمها، ولكنه من إضافات الكتَّاب، وقد شرحت هذا بالتوضيح فى كتابى (يسوع ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا).
                        أى إلى اليوم ، حتى فى عصره يحاول الغاصبون أن يسرقوا الملكوت لأنفسهم ، لكن من أراد أن يقبل الملكوت ، فهذا هو إيليا القادم قريبًا ، هو صاحبه الحقيقى.
                        ويكفى أن أذكر قول الرب لإرميا أنه: (20[هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: إِنْ نَقَضْتُمْ عَهْدِي مَعَ النَّهَارِ وَعَهْدِي مَعَ اللَّيْلِ حَتَّى لاَ يَكُونَ نَهَارٌ وَلاَ لَيْلٌ فِي وَقْتِهِمَا 21فَإِنَّ عَهْدِي أَيْضاً مَعَ دَاوُدَ عَبْدِي يُنْقَضُ فَلاَ يَكُونُ لَهُ ابْنٌ مَالِكاً عَلَى كُرْسِيِّهِ وَمَعَ اللاَّوِيِّينَ الْكَهَنَةِ خَادِمِيَّ.) إرميا 33: 21
                        لذلك فعيسى ليس المسِّيِّا لأنه من نسل داود كما تقول كتبكم، فهو من المحرومين من الملكوت ، وليس له أن يتولى الحكم أو حتى النبوة. وهذا هو السبب الذى جعلهم يحذفون يهوياقيم من نسله: (30لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ عَنْ يَهُويَاقِيمَ مَلِكِ يَهُوذَا: لاَ يَكُونُ لَهُ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَتَكُونُ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً لِلْحَرِّ نَهَاراً وَلِلْبَرْدِ لَيْلاً.) إرميا 36: 30
                        كما أن المسِّيِّا له مواصفات لا تنطبق بأى حال من الأحوال على عيسى u، منها أنه: (11ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِيناً وَصَادِقاً، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ. 12وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِلَّا هُوَ.) رؤيا يوحنا 19: 11-12، ومن النص يتضح لك أن من أسمائه الصادق الأمين،وأنه سيحكم بالعدل، وأنه سيحارب أعداءه، وأن عيناه حمراء شديدة الحمرة، وأنه يملك على بلاد كثيرة، وممالك عديدة. ولا تنطبق أى صفة من هذه على عيسى u، فبالإضافة إلى أنه لم يحارب ولم يدعوا إلى قتال، فهو لم يكن ملك ، ولم يحكم لا على المرأة التى أمسكها اليهود وهى تزنى وكانوا شهودًا عليها (يوحنا 8: 1-11)، ولا قسَّمَ الميراث بين الأخين المختلفين فى الميراث (لوقا 12: 13-14)، ولا منع اعطاء الجزية لقيصر،ولا أخذها من أعدائه.
                        وأؤكد مرة أخرى أنه من المستحيل أن تكون أورشليم هذه التى لُعنت وتُنُبِّأ بخرابها هى أورشليم (صهيون) الجديدة التى سيسكن فيها الرب ويجعلها العاصمة الدينية لكل البشر: (10[تَرَنَّمِي وَافْرَحِي يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ لأَنِّي هَئَنَذَا آتِي وَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ يَقُولُ الرَّبُّ. 11فَيَتَّصِلُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ بِـالرَّبِّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً فَأَسْكُنُ فِي وَسَطِكِ فَتَعْلَمِينَ أَنَّ رَبَّ الْجُنُودِ قَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكِ. 12وَالرَّبُّ يَرِثُ يَهُوذَا نَصِيبَهُ فِي الأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَيَخْتَارُ أُورُشَلِيمَ بَعْدُ. 13اُسْكُتُوا يَا كُلَّ الْبَشَرِ قُدَّامَ الرَّبِّ لأَنَّهُ قَدِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَسْكَنِ قُدْسِهِ].) زكريا 2: 10-13
                        وذلك لأن: (17وَأَمَّا جَبَلُ صِهْيَوْنَ فَتَكُونُ عَلَيْهِ نَجَاةٌ وَيَكُونُ مُقَدَّساً وَيَرِثُ بَيْتُ يَعْقُوبَ مَوَارِيثَهُمْ. 18وَيَكُونُ بَيْتُ يَعْقُوبَ نَاراً وَبَيْتُ يُوسُفَ لَهِيباً وَبَيْتُ عِيسُو قَشّاً فَيُشْعِلُونَهُمْ وَيَأْكُلُونَهُمْ وَلاَ يَكُونُ بَاقٍ مِنْ بَيْتِ عِيسُو لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ. 19وَيَرِثُ أَهْلُ الْجَنُوبِ جَبَلَ عِيسُو وَأَهْلُ السَّهْلِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَيَرِثُونَ بِلاَدَ أَفْرَايِمَ وَبِلاَدَ السَّامِرَةِ وَيَرِثُ بِنْيَامِينُ جِلْعَادَ.) عوبديا 1: 17-19
                        وتحت مادة (مدينة الله) تقول دائرة المعارف الكتابية: «(1)أحد الأسماء التي تطلق علي أورشليم (مز 46: 24، 48: 1و 2و 8) لأن الله اختارها مقراً لسكناه (تث 12: 5)، فقد احب الرب "أبواب صهيون أكثر من جميع مساكن يعقوب. قد قيل بك أمجاد يا مدينة الله" (مز 87: 2و 3). كما يطلق هذا الاسم علي المدينة السماوية التي "صانعها وبارئها الله" (عب 11: 10، 12: 22، رؤ 3: 12، 21: 10- 23).»
                        مع الأخذ فى الاعتبار أن كلمة يعقوب وبيت يعقوب [ومساكن يعقوب] هى اسم يُشير إلى بنى إسرائيل، وذلك كما جاء فى دائرة المعارف الكتابية مادة (يعقوب).
                        وتقول دائرة المعارف الكتابية مادة (أورشليم الجديدة): «يرد هذا الاسم في سفر الرؤيا (21: 2) ويذكر في العدد العاشر "أورشليم المقدسة"،ويرجع هذا المفهوم إلي النبوات عن المستقبل المجيد لأورشليم بعد الدينونة (إش 52: 1)، ومع ذلك فإنها في سفر الرؤيا ليست وصفاً لأي مكان علي الأرض، ولكنها تستخدممجازياً لوصف الحالة النهائية للكنيسة (العروس، امرأة الخروف- رؤ 21: 2و 9) بعدظهور السماء الجديدة والأرض الجديدة. والصورة مأخوذة عن وجهة نظر مزدوجة: فأورشليمالجديدة استرداد للفردوس (رؤ 21: 6 ، 22: 1و 2و 14) كما أنها المثل الأعلي لتحقيق "الثيوقراطية" (حكم الله -رؤ 21: 3و 12و 14و 22) ، وتشرح لنا وجهة النظر الثانية،معني الصورة الفريدة من أن المدينة "نازلة من السماء من عند الله" (رؤ 21: 2و 10) مما يدل علي أنها -من ناحية- نتيجة عمل الله الفائق ، ومن الناحية الأخري، ذروةالمسار التاريخي للفداء. وفي مواضع أخري من العهد الجديد، حيث وجهة النظر الثيوقراطية أقل بروزاً، تبدو أورشليم المرموز إليها بأن مركزها في السماء ، وليست- كما هنا- نازلة من السماء إلي الأرض (انظر غل 4: 26، عب 11: 10، 12: 22)
                        هذا ما فهموه عن أورشليم الجديدة النازلة من السماء، فهى مدينة تقع على سفح جبل، وتُرى كاملة من أعلى جبل عظيم: (10وَذَهَبَ بِي بِالرُّوحِ إِلَى جَبَلٍ عَظِيمٍ عَالٍ، وَأَرَانِي الْمَدِينَةَ الْعَظِيمَةَ أُورُشَلِيمَ الْمُقَدَّسَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ) رؤيا يوحنا 21: 10، ويعرف كل مسلم أنه من غار حراء أعلى الجبل الذى كان يعتكف فيه سيد الخلق أجمعين r توجد صخرتان تسمحان بمرور شخص واحد فقط، ومن بين هاتين الصخرتين ترى الكعبة كاملة، لا يحجبها شىء لليوم.
                        وتكلم الرائى عن حجر كريم موجود بهذا البيت المكعب الشكل، الذى رآه من أعلى قمة جبل، فقال: (3وَكَانَ الْجَالِسُ فِي الْمَنْظَرِ شِبْهَ حَجَرِ الْيَشْبِ وَالْعَقِيقِ) رؤيا 4: 3، ويوجد في الزاوية الجنوبية الشرقية من الكعبة، وقد أشار إليها داود فى المزامير، ويسوع فى الأناجيل: (22الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. 23مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا) مزامير 118: 22-23، واليشب هذا هو أكرم الأحجار، وهذا يُقابل قول الرسول r إن الحجر والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما، ولولا أن طمس نورهما لأضاء ما بين المشرق والمغرب. وقد ورد في الحديث أيضًا إن الحجر الأسود نزل منالجنة أشد بياضًا من اللبن، فسودته خطايا بني ادم ....
                        وهى فى منطقة صحراوية جرداء لا بحر فيها، وهى غير ما اعتادوا على تسميتها بأورشليم سابقًا: (1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.) رؤيا يوحنا 21: 1، وقال أيضًا: (21وَرَفَعَ مَلاَكٌ وَاحِدٌ قَوِيٌّ حَجَراً كَرَحىً عَظِيمَةً، وَرَمَاهُ فِي الْبَحْرِ قَائِلاً: «هَكَذَا بِدَفْعٍ سَتُرْمَى بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، وَلَنْ تُوجَدَ فِي مَا بَعْدُ.) رؤيا 18: 21، ولذلك أسْمَوْها صهيون الجديدة، حيث تعنى صهيون الصحراء أو الأرض الجرداء. وهى إشارة أيضًا إلى نزع النبوة والشريعة من بنى إسرائيل مصداقًا لقول الرب لموسى u وقومه عن قدوم نبى آخر الزمان: (18أُقِيمُ لهُمْ نَبِيّاً مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ.) التثنية 18: 18
                        وهى مكعبة الشكل (الطُّولُ وَالْعَرْضُ وَالاِرْتِفَاعُ مُتَسَاوِيَةٌ) رؤيا يوحنا 21: 16، وليس فيها هيكلا (22وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلاً ..) رؤيا 21: 22، (27وَلَنْ يَدْخُلَهَا شَيْءٌ دَنِسٌ وَلاَ مَا يَصْنَعُ رَجِساً وَكَذِباً ...) رؤيا 21: 27، وهو مصداقًا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ...} (28) سورة التوبة
                        وهى لا تغلق أبوابها أبدًا أمام الطائفين أو الراكعين أو الساجدين أو المرتلين "بترنيمة جديدة" أى بكتاب وشريعة أخرى، أو التائبين المستغفرين: (25وَأَبْوَابُهَا لَنْ تُغْلَقَ نَهَاراً، لأَنَّ لَيْلاً لاَ يَكُونُ هُنَاكَ.) الرؤيا 21: 25، وهذه إشارة أيضًا إلى دوام شريعتها وكتابها الذى يحفظه الله تعالى بنفسه، ولم يستحفظ عليه أحدًا من البشر كما كانت الكتب السابقة: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (9) سورة الحجر
                        يؤكد ذلك قول الرائى: (5وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الْإِلَهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.) الرؤيا 22: 5
                        أما الكتب السابقة فيقول الكتاب الذى يقدسه القمص عن حافظيها وخيانتهم: (53الَّذِينَ أَخَذْتُمُ النَّامُوسَ بِتَرْتِيبِ مَلاَئِكَةٍ وَلَمْ تَحْفَظُوهُ؟».) أعمال الرسل 7: 53
                        ويقول: (1إِذاً مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟ 2كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلاً فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ. 3فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟ 4حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقاً وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِباً.) رومية 3: 1-4
                        ويقول إرمياء: (كَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ حُكَمَاءُ وَلَدَيْكُمْ شَرِيعَةَ الرَّبِّ بَيْنَمَا حَوَّلَهَا قَلَمُ الْكَتَبَةِ المُخَادِعُ إِلَى أُكْذُوبَةٍ؟) إرمياء 8: 8،
                        ويقول داود: (4اَللهُ أَفْتَخِرُ بِكَلاَمِهِ. عَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُهُ بِي الْبَشَرُ! 5الْيَوْمَ كُلَّهُ يُحَرِّفُونَ كَلاَمِي. عَلَيَّ كُلُّ أَفْكَارِهِمْ بِالشَّرِّ.) مزمور 56: 4-5
                        ويقول إرمياء: (36أَمَّا وَحْيُ الرَّبِّ فَلاَ تَذْكُرُوهُ بَعْدُ لأَنَّ كَلِمَةَ كُلِّ إِنْسَانٍ تَكُونُ وَحْيَهُ إِذْ قَدْ حَرَّفْتُمْ كَلاَمَ الإِلَهِ الْحَيِّ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِنَا.) إرمياء 23: 36
                        إن هذه المدينة مُقامة على اثنى عشر دعامة، ويحرسها اثنى عشر ملاكًا. وبأى حال من الأحوال لن تكون أورشليم فلسطين، لأن الله تعالى قد رماها ، وتخلى عنها، وقذفها الملاك فى البحر، كما مر علينا، ولعنها يسوع، كما لعن بنى إسرائيل. فمثل هذه المدينة لا يُرسل الله ملائكته لحراستها: (12وَكَانَ لَهَا سُورٌ عَظِيمٌ وَعَالٍ، وَكَانَ لَهَا اثْنَا عَشَرَ بَاباً، وَعَلَى الأَبْوَابِ اثْنَا عَشَرَ مَلاَكاً، وَأَسْمَاءٌ مَكْتُوبَةٌ هِيَ أَسْمَاءُ أَسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الاِثْنَيْ عَشَرَ.) الرؤيا 21: 12، ولكنها قد تكون تحريف لنبوءة للرسول r فى صحيح مسلم تحت رقم (3397) تقول: (لَايَزَالُهَذَاالدِّينُ عَزِيزًامَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً‏ ‏فَقَالَ كَلِمَةً ‏‏صَمَّنِيهَا ‏النَّاسُ فَقُلْتُ لِأَبِي مَا قَالَ قَالَ ‏كُلُّهُمْ مِنْ ‏‏قُرَيْشٍ)
                        وفيها بئر ماء (وَمَنْ يَعْطَشْ فَلْيَأْتِ. وَمَنْ يُرِدْ فَلْيَأْخُذْ مَاءَ حَيَاةٍ مَجَّاناً) رؤيا 22: 17، وقد قال فيها رشاد فكرى فى تفسيره لسفر حزقيال ص463: إنه يوجد عند مدخل البيت مياه تخرج، وماء هذا النبع ماء حياة لامع كالبلور، وفيها شفاء.
                        قلت لا تعليق غير ما ذُكر عن معاوية رضي الله عنه موقوفاً بلفظ (زمزم شفاء وهي لما شرب له) وحسَّن إسنادهالحافظ. ويشهد له كذلك حديث أبي ذر t (إنها طعام طعم وشفاء سقم)وأصله في مسلم وهذ اللفظ عند الطيالسي
                        وهذا هو نص الكتاب عن المدينة المقدسة الجديدة: (1ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ. 2وَأَنَا يُوحَنَّا رَأَيْتُ الْمَدِينَةَ الْمُقَدَّسَةَ أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةَ نَازِلَةً مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُهَيَّأَةً كَعَرُوسٍ مُزَيَّنَةٍ لِرَجُلِهَا. 3وَسَمِعْتُ صَوْتاً عَظِيماً مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً: «هُوَذَا مَسْكَنُ اللهِ مَعَ النَّاسِ، وَهُوَ سَيَسْكُنُ مَعَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ لَهُ شَعْباً. وَاللهُ نَفْسُهُ يَكُونُ مَعَهُمْ إِلَهاً لَهُمْ. 4وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ، وَالْمَوْتُ لاَ يَكُونُ فِي مَا بَعْدُ، وَلاَ يَكُونُ حُزْنٌ وَلاَ صُرَاخٌ وَلاَ وَجَعٌ فِي مَا بَعْدُ، لأَنَّ الأُمُورَ الأُولَى قَدْ مَضَتْ». 5وَقَالَ الْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ: «هَا أَنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيداً».) رؤيا يوحنا 21: 1-5
                        إنها مدينة قدسها الله تعالى من السماء، ليست فى عيبال ولا فى جرزيم، مدينة يسجد فيها المؤمنون لله تعالى، {... وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (125) سورة البقرة
                        كما قال يسوع: («يَا امْرَأَةُ صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ تَسْجُدُونَ لِلآبِ. 22أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَمَّا نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ - لأَنَّ الْخلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ. 23وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ السَّاجِدِينَ لَهُ.) يوحنا 4: 21-23، ولكنها أرض جديدة وسماء جديدة، لأن الأرض الأولى، والسماء الأولى، قد سحب الله تعالى منهم الملكوت، لأنهم لم يؤتوا ثماره، بل قتلوا أنبياءهم، ورجموا مرسليهم، وعبدوا الأوثان، وحرفوا كتبهم. وهى مدينة لا تقع على بحر، فى أرض قفار (صهيون)، والله تعالى سيستبدل شعبه القديم بأهلها، وسيعوضهم عن تعب معيشتهم فى الصحراء.
                        فقارن ذلك بقول عيسى u: (33«اسْمَعُوا مَثَلاً آخَرَ: كَانَ إِنْسَانٌ رَبُّ بَيْتٍ غَرَسَ كَرْماً وَأَحَاطَهُ بِسِيَاجٍ وَحَفَرَ فِيهِ مَعْصَرَةً وَبَنَى بُرْجاً وَسَلَّمَهُ إِلَى كَرَّامِينَ وَسَافَرَ. 34وَلَمَّا قَرُبَ وَقْتُ الأَثْمَارِ أَرْسَلَ عَبِيدَهُ إِلَى الْكَرَّامِينَ لِيَأْخُذَ أَثْمَارَهُ. 35فَأَخَذَ الْكَرَّامُونَ عَبِيدَهُ وَجَلَدُوا بَعْضاً وَقَتَلُوا بَعْضاً وَرَجَمُوا بَعْضاً. 36ثُمَّ أَرْسَلَ أَيْضاً عَبِيداً آخَرِينَ أَكْثَرَ مِنَ الأَوَّلِينَ فَفَعَلُوا بِهِمْ كَذَلِكَ. 37فَأَخِيراً أَرْسَلَ إِلَيْهِمُ ابْنَهُ قَائِلاً: يَهَابُونَ ابْنِي! 38وَأَمَّا الْكَرَّامُونَ فَلَمَّا رَأَوْا الاِبْنَ قَالُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ: هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ! 39فَأَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْكَرْمِ وَقَتَلُوهُ. 40فَمَتَى جَاءَ صَاحِبُ الْكَرْمِ مَاذَا يَفْعَلُ بِأُولَئِكَ الْكَرَّامِينَ؟» 41قَالُوا لَهُ: «أُولَئِكَ الأَرْدِيَاءُ يُهْلِكُهُمْ هَلاَكاً رَدِيّاً وَيُسَلِّمُ الْكَرْمَ إِلَى كَرَّامِينَ آخَرِينَ يُعْطُونَهُ الأَثْمَارَ فِي أَوْقَاتِهَا». 42قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ: الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ. مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ كَانَ هَذَا وَهُوَ عَجِيبٌ فِي أَعْيُنِنَا؟ 43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ. 44وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ». 45وَلَمَّا سَمِعَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْفَرِّيسِيُّونَ أَمْثَالَهُ عَرَفُوا أَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِمْ.) متى 21: 33-45
                        ومصداقًا لنبوءته u: (11وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ 12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ.) متى 8: 11-12
                        (28هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ مَتَى رَأَيْتُمْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَمِيعَ الأَنْبِيَاءِ فِي مَلَكُوتِ اللهِ وَأَنْتُمْ مَطْرُوحُونَ خَارِجاً. 29وَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَمِنَ الْمَغَارِبِ وَمِنَ الشِّمَالِ وَالْجَنُوبِ وَيَتَّكِئُونَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ. 30وَهُوَذَا آخِرُونَ يَكُونُونَ أَوَّلِينَ وَأَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ») لوقا 13: 28-30
                        وأنها لن تكون فى فلسطين ، لأنها أرض جديدة، وسماء جديدة، أى مكان غير ما يتوهمونه تمامًا، إنها أرض قفار صحراوية (صهيون)، وذلك مصداقًا لقول الكتاب: (4غَنُّوا لِلَّهِ. رَنِّمُوا لاِسْمِهِ. أَعِدُّوا طَرِيقاً لِلرَّاكِبِ فِي الْقِفَارِ بِاسْمِهِ يَاهْ وَاهْتِفُوا أَمَامَهُ. 5أَبُو الْيَتَامَى وَقَاضِي الأَرَامِلِ اللهُ فِي مَسْكَنِ قُدْسِهِ. 6اَللهُ مُسْكِنُ الْمُتَوَحِّدِينَ فِي بَيْتٍ. مُخْرِجُ الأَسْرَى إِلَى فَلاَحٍ. إِنَّمَا الْمُتَمَرِّدُونَ يَسْكُنُونَ الرَّمْضَاءَ.) مزامير 68: 4-6
                        وهذا مصداقًا لقول إشعياء من قبل: (1أَصْغَيْتُ إِلَى الَّذِينَ لَمْ يَسْأَلُوا. وُجِدْتُ مِنَ الَّذِينَ لَمْ يَطْلُبُونِي. قُلْتُ: «هَئَنَذَا هَئَنَذَا» لأُمَّةٍ لَمْ تُسَمَّ بِاسْمِي. 2بَسَطْتُ يَدَيَّ طُولَ النَّهَارِ إِلَى شَعْبٍ مُتَمَرِّدٍ سَائِرٍ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ صَالِحٍ وَرَاءَ أَفْكَارِهِ. 3شَعْبٍ يُغِيظُنِي بِوَجْهِي. دَائِماً يَذْبَحُ فِي الْجَنَّاتِ وَيُبَخِّرُ عَلَى الآجُرِّ. 4يَجْلِسُ فِي الْقُبُورِ وَيَبِيتُ فِي الْمَدَافِنِ. يَأْكُلُ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَفِي آنِيَتِهِ مَرَقُ لُحُومٍ نَجِسَةٍ. 5يَقُولُ: «قِفْ عِنْدَكَ. لاَ تَدْنُ مِنِّي لأَنِّي أَقْدَسُ مِنْكَ». هَؤُلاَءِ دُخَانٌ فِي أَنْفِي. نَارٌ مُتَّقِدَةٌ كُلَّ النَّهَارِ. 6هَا قَدْ كُتِبَ أَمَامِي. لاَ أَسْكُتُ بَلْ أُجَازِي. أُجَازِي فِي حِضْنِهِمْ 7آثَامَكُمْ وَآثَامَ آبَائِكُمْ مَعاً قَالَ الرَّبُّ الَّذِينَ بَخَّرُوا عَلَى الْجِبَالِ وَعَيَّرُونِي عَلَى الآكَامِ فَأَكِيلُ عَمَلَهُمُ الأَوَّلَ فِي حِضْنِهِمْ. 8هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «كَمَا أَنَّ السُّلاَفَ يُوجَدُ فِي الْعُنْقُودِ فَيَقُولُ قَائِلٌ: لاَ تُهْلِكْهُ لأَنَّ فِيهِ بَرَكَةً. هَكَذَا أَعْمَلُ لأَجْلِ عَبِيدِي حَتَّى لاَ أُهْلِكَ الْكُلَّ. 9بَلْ أُخْرِجُ مِنْ يَعْقُوبَ نَسْلاً وَمِنْ يَهُوذَا وَارِثاً لِجِبَالِي فَيَرِثُهَا مُخْتَارِيَّ وَتَسْكُنُ عَبِيدِي هُنَاكَ. 10فَيَكُونُ شَارُونُ مَرْعَى غَنَمٍ وَوَادِي عَخُورَ مَرْبِضَ بَقَرٍ لِشَعْبِي الَّذِينَ طَلَبُونِي. 11«أَمَّا أَنْتُمُ الَّذِينَ تَرَكُوا الرَّبَّ وَنَسُوا جَبَلَ قُدْسِي وَرَتَّبُوا لِلسَّعْدِ الأَكْبَرِ مَائِدَةً وَمَلَأُوا لِلسَّعْدِ الأَصْغَرِ خَمْراً مَمْزُوجَةً 12فَإِنِّي أُعَيِّنُكُمْ لِلسَّيْفِ وَتَجْثُونَ كُلُّكُمْ لِلذَّبْحِ لأَنِّي دَعَوْتُ فَلَمْ تُجِيبُوا تَكَلَّمْتُ فَلَمْ تَسْمَعُوا بَلْ عَمِلْتُمُ الشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ وَاخْتَرْتُمْ مَا لَمْ أُسَرَّ بِهِ». 13لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «هُوَذَا عَبِيدِي يَأْكُلُونَ وَأَنْتُمْ تَجُوعُونَ. هُوَذَا عَبِيدِي يَشْرَبُونَ وَأَنْتُمْ تَعْطَشُونَ. هُوَذَا عَبِيدِي يَفْرَحُونَ وَأَنْتُمْ تَخْزُونَ. 14هُوَذَا عَبِيدِي يَتَرَنَّمُونَ مِنْ طِيبَةِ الْقَلْبِ وَأَنْتُمْ تَصْرُخُونَ مِنْ كآبَةِ الْقَلْبِ وَمِنِ انْكِسَارِ الرُّوحِ تُوَلْوِلُونَ. 15وَتُخْلِفُونَ اسْمَكُمْ لَعْنَةً لِمُخْتَارِيَّ فَيُمِيتُكَ السَّيِّدُ الرَّبُّ وَيُسَمِّي عَبِيدَهُ اسْماً آخَرَ. 16فَالَّذِي يَتَبَرَّكُ فِي الأَرْضِ يَتَبَرَّكُ بِإِلَهِ الْحَقِّ وَالَّذِي يَحْلِفُ فِي الأَرْضِ يَحْلِفُ بِإِلَهِ الْحَقِّ لأَنَّ الضِّيقَاتِ الأُولَى قَدْ نُسِيَتْ وَلأَنَّهَا اسْتَتَرَتْ عَنْ عَيْنَيَّ. 17«لأَنِّي هَئَنَذَا خَالِقٌ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً فَلاَ تُذْكَرُ الأُولَى وَلاَ تَخْطُرُ عَلَى بَالٍ. 18بَلِ افْرَحُوا وَابْتَهِجُوا إِلَى الأَبَدِ فِي مَا أَنَا خَالِقٌ لأَنِّي هَئَنَذَا خَالِقٌ أُورُشَلِيمَ بَهْجَةً وَشَعْبَهَا فَرَحاً. 19فَأَبْتَهِجُ بِأُورُشَلِيمَ وَأَفْرَحُ بِشَعْبِي وَلاَ يُسْمَعُ بَعْدُ فِيهَا صَوْتُ بُكَاءٍ وَلاَ صَوْتُ صُرَاخٍ.) إشعياء 65: 1-19
                        وعن (محمد r فى الكتب المقدسة) يقول ص292: يفهم من هذه النصوص أنّ من أبناء يعقوب ويهوذا من سيرثون "جبال الله".. وقد كان, فقد أسلم طائفة من أبناء يعقوب ويهوذا, وملكوا جبالا كثيرة ما ملكها من بقوا على اليهودية من بني إسرائيل.
                        أما "شارون" فهي أرض خصبة في فلسطين معروفة بزهورها الحمراء, وقد ربطت شارون هذه ببلاد العرب في سفر إشعياء 33: 9 ، حيث جاء النص العبري "ها شارون ك عربه" أي كما يقول فديارتي"شارون هي مثل البلاد العربية" ولكن حُوِّلَت "البلاد العربية" إلى "البرية" في التراجم المتداولة. وقد أعطيت خصوبة شارون إلى البلاد العربية كما جاء فى قول النبي إشعياء 35: 1-2: (1تَفْرَحُ الْبَرِّيَّةُ وَالأَرْضُ الْيَابِسَةُ وَيَبْتَهِجُ الْقَفْرُ وَيُزْهِرُ كَالنَّرْجِسِ. 2يُزْهِرُ إِزْهَاراً وَيَبْتَهِجُ ابْتِهَاجاً وَيُرَنِّمُ. يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَجْدُ لُبْنَانَ. بَهَاءُ كَرْمَلَ وَشَارُونَ. هُمْ يَرُونَ مَجْدَ الرَّبِّ بَهَاءَ إِلَهِنَا.)
                        وقد اختلفت الآراء فيما يتعلّق بـ "وادي عخور", لكنّ معناها الحرفي هو "أرض حزن وفقر" وهي ستصبح أرض طمأنينة وأمن, وكذلك كانت مكة وصارت مع ظهور نبي الإسلام r.
                        ومن رفضوا الإسلام من بني إسرائيل بكوا من سويداء قلوبهم وولولوا من انكسار أنفسهم , أمّا من قبلوا الإسلام منهم فقد ترنّموا في غبطة القلب .
                        السماء والأرض الجديدتان: هما أمة وشريعة تظهران بعد خمول ذكر بني إسرائيل. فالأمة: أمة الإسلام , والشريعة هي شريعة الإسلام. (انتهى بتصرف)
                        ومصداقًا لقول بطرس: (13وَلَكِنَّنَا بِحَسَبِ وَعْدِهِ نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضاً جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ.) بطرس الثانية 3: 13
                        وقبل أن أنهى التدليل على أن صهيون (أو أورشليم) الجديدة هى مكة، نقرأ هذه النبوءة ونرى الإحداثيات الجغرافية لها: هل تنطبق على أورشليم الحالية أم لا. يقول سفر حجى 2: 7-9
                        نسخة فانديك المعتمدة ( 1977 )
                        نسخة كتاب الحياة ( 1988 )

                        7 .. وأزلزل كل الأمم ويأتى مُشتهى كل الأمم فأملأ هذا البيت مجدا . قال رب الجنود
                        8 .. لى الفضة ولى الذهب يقول رب الجنود
                        9 .. مجد هذا البيت الأخير يكون أعظم من مجد الأول قال رب الجنود . وفى هذا المكان أعطى السلام يقول رب الجنود .


                        7 .. وأزعزع أركان جميع الأمم فتجلب نفائسهم إلى هذا المكان وأملأ هذا الهيكل بالمجد .
                        8 .. فالذهب والفضة لى يقول الرب القدير .
                        9 .. ويكون مجد هذا الهيكل الأخير أعظم من مجد الهيكل السابق ، وأجعل السلام يسود هذا الموضع يقول الرب القدير .
                        نسخة الكاثوليك ( 1993 )
                        نسخة الآباء اليسوعيين ( 1991 )

                        7 .. وأزلزل جميع الأمم فتأتى كنوزها لتملأ هذا البيت مجدا .

                        8 .. لى الفضة ولى الذهب يقول الرب القدير .
                        9.. وسيكون مجد هذا البيت الأخير أعظم من مجده الأول وفى هذا الموضع أعطى السلام يقول الرب القدير .

                        7 .. وأزلزل جميع الأمم وتأتى نفائس جميع الأمم فأملأ هذا البيت مجدا قال رب القوات .
                        8 .. لى الفضة ولى الذهب يقول رب القوات .
                        9.. وسيكون مجد هذا البيت الأخير أعظم من الأول، قال رب القوات. وفى هذا المكان أعطى السلام يقول رب القوات .


                        ونرى هنا تلاعب المترجمين المغرضة لطمس اسم الرسول r: فمثلا الكلمة العبرية التى تُرْجمت إلى (مُشتهى وكنوز ونفائس) نجدها فى الأصل العبرى تُكتب هكذا ( ح م ى د ة תחידה ) وتنطق حِمِيدة وتحمل الرقم ( 2532 ) فى القواميس الكتابية المتخصصة. وتقول هذه القواميس إنَّ هذه الكلمة مشتقة من الجذر العبرى حِمِد ( תחיד ) الذى يحمل الرقم ( 2531 ) وهو مأخوذ عن الجذر الآرامى حَامِد وحامَد والذى يحمل الرقم ( 2530 ).
                        ويواصل المهندس جمال الدين شرقاوى (قضايا مثيرة فى المسيحية والإسلام ص26-28 قوله): ويلاحظ جيدا أنَّ حرف الحاء فى العبرية مكسور ( حـِ ) وفى الآرامية نجد أنَّ الحاء مفتوحة بفتحة طويلة تتطلب ظهور حرف الألف بعدها ( حَا ) كما هو ظاهر فى الرسم الذى أمامك .
                        المهم أنَّ الكلمة مُشتقة من الجذر اللغوى ( ح م د ) وهو ثابت فى معناه فى اللغات الثلاث العربية والعبرية والآرامية ، ففيه معنى الاطراء والمديح والثناء .
                        والكلمة فى هذا النصّ تشير إلى اسم شخص سيأتى إلى جميع الأمم وليس لبنى إسرائيل وحدهم . وأصل الفقرة رقم 7 فى الأصل العبرى هو (فى يافوا حِمِيده كول هاجوييم) ومعناها حرفيا: (وسوف يأتى حِمِيده لكل الأمم).
                        وهذا الشخص حِمِيده سيملأ بيت الله مجدا وفخرا كما هو مذكور فى الترجمات العربية. والمجد والفخر شيئان معنويان كعلو الذكر والتقديس والتوجه بالعبادة لرب هذا المكان ، وليس من المعقول أن تكون النفائس والكنوز هى التى ستملأ البيت مجدا وفخرا ..!!
                        وتأملوا جيدا استبدال كلمة بيت بكلمة هيكل فى نسخة كتاب الحياة المصرية . إنهم مُصِرُّونَ على قلب الحقائق وصرف أنظار الناس عن الحق . ففى الأصل العبرى نجد كلمة بيت ( בית ) وتنطق بيت ولا نجد كلمة هيكل فى النصّ . فلماذا هذا التحريف المقصود من العرب المسيحيين ..!؟
                        المهم أنه فى هذا المكان ( بيت الله ) سوف يُعطى الله السلام للناس وكلمة السلام فى أصلها العبرى ( שלןח ) شالوم أو ( שלח ) شالم وكلاهما يحملان الرقم ( 7965 ) مع ملاحظة أنَّ حرف الشين العبرى هنا يعادل حرف السين فى العربية والآرامية ، وهما مأخوذين من الجذر ( שלח ) شلم ( س ل م ) الذى يحمل الرقم ( 7999 ) . فالكلمة العبرية شالوم و شلام ليس لها فى العربية مرادف سوى سلام و إسلاموهما بمعنى الأمان والإسلام .
                        وفى بيت الله أورشليم الجديدة (مكة) أعطى الله الإسلام والسلام للناس كافة. فقال تعالى ]ومن دخله كان آمنا[ أى أمِّنوه يا مُسلمون. فتحقق المعنيان فى بيت الله بمكة ولم يشهد التاريخ أنه قد تحقق شىء من ذلك فى بيت المقدس. ولا يزال التاريخ والواقع يشهد على ذلك بعد أن وقع بيت المقدس أسيرا تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلى. فقد حَمَى الله بيته بمكة من الغزاة ومن الدمار، وحادثة أصحاب الفيل ماثلة أمام الأعين. ولم يَِحْم بيت المقدس من الغزاة ومن الدمار، فقد دَمَّره الآشوريون ثم الرومان ولم تقم له قائمة فى العصر المسيحى والاسلامى .
                        وإلى يومنا هذا لا يوجد منه حجران يشهدان عليه وإنما هناك المسجد الأقصى الذى بارك الله حوله. فأعطى الله فى بيته هناك السلام ولم يعطه فى بيت المقدس.

                        وأنهى بنبوءة لا خلاف عليها عن مقدم نبى من نسل إبراهيم (تكوين 17: 20) من بلاد العرب: (13وَحْيٌ مِنْ جِهَةِ بِلاَدِ الْعَرَبِ: فِي الْوَعْرِ فِي بِلاَدِ الْعَرَبِ تَبِيتِينَ يَا قَوَافِلَ الدَّدَانِيِّينَ. 14هَاتُوا مَاءً لِمُلاَقَاةِ الْعَطْشَانِ يَا سُكَّانَ أَرْضِ تَيْمَاءَ. وَافُوا الْهَارِبَ بِخُبْزِهِ. 15فَإِنَّهُمْ مِنْ أَمَامِ السُّيُوفِ قَدْ هَرَبُوا. مِنْ أَمَامِ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ وَمِنْ أَمَامِ الْقَوْسِ الْمَشْدُودَةِ وَمِنْ أَمَامِ شِدَّةِ الْحَرْبِ. 16فَإِنَّهُ هَكَذَا قَالَ لِي السَّيِّدُ: «فِي مُدَّةِ سَنَةٍ كَسَنَةِ الأَجِيرِ يَفْنَى كُلُّ مَجْدِ قِيدَارَ 17وَبَقِيَّةُ عَدَدِ قِسِيِّ أَبْطَالِ بَنِي قِيدَارَ تَقِلُّ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ قَدْ تَكَلَّمَ».) إشعياء 21: 13-17
                        وأنقل إليكم ما تقوله دائرة المعارف الكتابية عن تيماء وقيدار لتعلموا أنه تخص قبيلة قريش بالتحديد، التى جاء منها رسول الله r.
                        فتحت (تيما أو تيماء) تقول دائرة المعارف الكتابية: «اسم عبري معناه "الجنوبي" وهو اسم أحد أبناء إسماعيل الاثني عشر (تك 25: 15، 1 أخ 1: 30)، وأيضاً اسم القبيلة التي جاءت منه (ارميا 25: 23)، واسم المكان الذي استوطنه نسله (أيوب 6: 19، آسيا 21: 14).
                        وهذا الموطن هو "تيماء" في شمالي شبه الجزيرة العربية، وهو واحة واسعة تقع تقريبا في منتصف المسافة بين دمشق ومكة، وبين بابل ومصر. وكانت تقع على طريق القوافل القديم الذي كان يربط خليج العقبة بالخليج العربي، وهي من اجمل واحات شبه الجزيرة العربية، ومازالت أحد المراكز التجارية الهامة.
                        وتذكر تيماء في موضعين في الكتاب المقدس باعتبارها مركزا هاما للقوافل، حيث يطلب من سكان ارض تيماء ان يأووا قوافل الدادانيين ويقدموا لهم ماء وطعاما،»
                        وتحت كلمة (قيدار) تعترف دائرة المعارف الكتابية أن نبوءة إشعياء وظهور المسِّيِّا وملكوت الله خاصة بهم: «... وهو اسم الابن الثاني من أبناء إسماعيل بن إبراهيم (تك 13:25، 1 أخ 29:1) وهو جد القبائل العربية التي يطلق عليها هذا الاسم في النبوات الكتابية من عصر سليمان إلى زمن السبي البابلي. وفي نبوة إشعياء عن بلاد العرب (إش 21: 13-17) تذكر "قيدار" مع الدادنيين وتيماء" وكيف أنه في مدة سنة... يفني كل مجد قيدار (إش 16:21 ....
                        والصورة التي يقدمها لنا الكتاب المقدس عن قيدار هي صورة شعب من البدو من نسل إسماعيل لم يكونوا يعبدون الرب (يهوه). ولكن إشعياء يتنبأ بأنهم سيكونون من الشعوب التي ستستمتع في المستقبل بملكوت الله (إش 11:42 ، 60: 7).»
                        ونفهم من هذا أن الأمة النى وعدها الله تعالى بوراثة ملكوته ستكون من نسل قيدار. وأعتقد أنه إلى هذا القدر يكون من السهل استيعاب أن المسلمين هم من تمتعوا بهذا الملكوت، وأن عيسى u قصد أمة الإسلام، عندما قال لليهود: (43لِذَلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَلَكُوتَ اللَّهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ.) متى 21: 43
                        وبقوله: (12وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ.) متى 8: 12
                        وهذا اعتراف أن ملكوت الله نزعه الله من بنى إسرائيل ، وأعطاه بنى إسماعيل، وصدقت نبوءة عيسى u، فى تجفيفه لشجرة التين، رمز الأمة اليهودية، وكان ذلك إعلانًا بسحب الله تعالى لملكوته من بنى إسرائيل، واعطائه لأمة تعمل أثماره.
                        ومازلنا نؤكد أن صهيون هى مدينة الله الفاضلة، مدينة السلام، مدينة البر، المدينة التى يسبح شعبها الله تعالى ليل نهار، وهى مكة، وقد سرق اليهود الاسم وأسموا به مدينة لهم فى فلسطين، حتى يعطوا لأنفسهم الحق فى عدم التخلِّى عن ملكوت الله، وبذلك ينتقل ملكوت الله إليهم، ولكن فى نسل داود، حيث صهيون يُطلق عليها أيضًا مدينة داود.
                        ويُدهشنى أن يسير المسيحيون على دربهم على الرغم من نفى u أن يكون المسِّيِّا (النبى الخاتم المرسل للعالمين) من نسل داود. (41وَفِيمَا كَانَ الْفَرِّيسِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ سَأَلَهُمْ يَسُوعُ: 42«مَاذَا تَظُنُّونَ فِي الْمَسِيحِ؟ ابْنُ مَنْ هُوَ؟» قَالُوا لَهُ: «ابْنُ دَاوُدَ». 43قَالَ لَهُمْ: «فَكَيْفَ يَدْعُوهُ دَاوُدُ بِالرُّوحِ رَبّاً قَائِلاً: 44قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ؟ 45فَإِنْ كَانَ دَاوُدُ يَدْعُوهُ رَبّاً فَكَيْفَ يَكُونُ ابْنَهُ؟» 46فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يُجِيبَهُ بِكَلِمَةٍ. وَمِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَمْ يَجْسُرْ أَحَدٌ أَنْ يَسْأَلَهُ بَتَّةً.) متى 22: 41-46
                        وطلب من التلاميذ ألا يقولوا لأحد إنه المسِّيِّا، بل سمَّى بطرس شيطانًا لأنه دعاه المسِّيِّا. ويُرجع للتفصيل فى ذلك إلى كتابى (عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا).
                        بل ويزيد من دهشتى أن الشياطين هم أول من دعوا يسوع المسِّيِّا: (41وَكَانَتْ شَيَاطِينُ أَيْضاً تَخْرُجُ مِنْ كَثِيرِينَ وَهِيَ تَصْرُخُ وَتَقُولُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ!» فَانْتَهَرَهُمْ وَلَمْ يَدَعْهُمْ يَتَكَلَّمُونَ لأَنَّهُمْ عَرَفُوهُ أَنَّهُ الْمَسِيحُ.) لوقا 4: 41
                        وأكثر من ذلك فإن المسِّيِّانية هذه كانت تهمته أمام الحاكم الرومانى، لأنه معروف من سفر دانيال أن المسِّيِّا هو الذى سيقضى على الإمبراطورية الرومانية، ولما تحقق بيلاطس من الأمر، رآه بريئًا ، وأراد إطلاق سراحه. وعلى ذلك فقد نفى يسوع أنه هو المسِّيِّا، وإلا لما أُطلق سراحه!!
                        ونستزيد من البحث عن (صهيون) فى الكتب العالمية، نقلا عن (محمد r فى الكتب العالمية) بتصرف بسيط:
                        ومما يظهر أنّ صهيون المذكورة هي مكّة, ما جاء في سفر إشعياء 52: 1-2: (اسْتَيْقِظيِ، اسْتَيْقِظِي تَسَرْبَلِي بِقُوَّتِكِ يَاصِهْيَوْنُ، ارْتَدِي ثِيَابَ بَهَائِكِ يَاأُورُشَلِيمُ، الْمَدِينَةُ الْمُقَدَّسَةُ، إِذْ لَنْ يَدْخُلَكِ بَعْدَ الْيَوْمِ أَغْلَفُ وَلاَ نَجِسٌ. انْفُضِي عَنْكِ الْغُبَارَ، وَانْهَضِي وَاجْلِسِي وَفُكِّي عَنْ عُنُقِكِ الأَغْلاَلَ يَاأُورُشَلِيمُ، أَيَّتُهَا الْمَسْبِيَّةُ ابْنَةُ صِهْيَوْنَ.)
                        والأوصاف المذكورة في هذه النبوءة لا تنطبق إلا على مكة:
                        × ثياب البهاء التي تحلّت بها مكّة هي التحلّل من الأوثان والأزلام , في حين أنّ القدس كانت معمورة بأوثان الرومان قبل المسيح وبعده بقرون.
                        ×مكّة هي التي لا يدخلها غير المختونين , أمّا القدس فقد عاش فيها أيام المسيح وإلى اليوم الكثير من الذين لا يختتنون كالمسيحيين والوثنيين,وقد اضطر المسيحيون إلى الزعم أنّ كلمة "الأغلف" لها دلالة مجازية! ومازالوا يُحاولون أن تكون لهم كنيسة فى مكة، ليصرفوا هذه النبوءة عن المسلمين!!
                        × قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا} (سورة التوبة 28). أما القدس فأخلاط الناس يرتعون فيها, وقد فَرَّخَ فيها الكثير ُمن المارقين عن الحق, أديانهم الباطلة (شهود يهوه, القاديانية, البهائية ...).
                        كما تنطبق الصفات الواردة حول "صهيون" في سفر إشعياء على مكّة وليست على القدس: (1اَلأُمُورُ الَّتِي رَآهَا إِشَعْيَاءُ بْنُ آمُوصَ مِنْ جِهَةِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ: 2وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ الْجِبَالِ وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ وَتَجْرِي إِلَيْهِ كُلُّ الأُمَمِ. 3وَتَسِيرُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ. 4فَيَقْضِي بَيْنَ الأُمَمِ وَيُنْصِفُ لِشُعُوبٍ كَثِيرِينَ فَيَطْبَعُونَ سُيُوفَهُمْ سِكَكاً وَرِمَاحَهُمْ مَنَاجِلَ. لاَ تَرْفَعُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ سَيْفاً وَلاَ يَتَعَلَّمُونَ الْحَرْبَ فِي مَا بَعْدُ.) إشعياء 2: 1-4
                        وكرر الكتاب خروج شريعة الرب من صهيون فى ميخا 4: 1-2 (1وَيَكُونُ فِي آخِرِ الأَيَّامِ أَنَّ جَبَلَ بَيْتِ الرَّبِّ يَكُونُ ثَابِتاً فِي رَأْسِ الْجِبَالِ وَيَرْتَفِعُ فَوْقَ التِّلاَلِ وَتَجْرِي إِلَيْهِ شُعُوبٌ. 2وَتَسِيرُ أُمَمٌ كَثِيرَةٌ وَيَقُولُونَ: «هَلُمَّ نَصْعَدْ إِلَى جَبَلِ الرَّبِّ وَإِلَى بَيْتِ إِلَهِ يَعْقُوبَ فَيُعَلِّمَنَا مِنْ طُرُقِهِ وَنَسْلُكَ فِي سُبُلِهِ». لأَنَّهُ مِنْ صِهْيَوْنَ تَخْرُجُ الشَّرِيعَةُ وَمِنْ أُورُشَلِيمَ كَلِمَةُ الرَّبِّ.)
                        ومن المعروف أنه لا شريعة لبنى إسرائيل بعد موسى u إلا شريعة النبى المماثل له، وهو الرسول r ، حيث لم يأت عيسى u بشريعة جديدة، بل جاء تابعًا لشريعة موسى u ، ولم يأت لينقضها، وأنه لن يُنسخ أى شىء من هذه الشريعة حتى يأتى الكل، فبمجىء آخر الأنبياء سيتم النسخ، والعمل بشريعته: (17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. 18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ.) متى 5: 17-18
                        بل قال عنه يعقوب رئيس التلاميذ: (10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ، وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ) يعقوب 2: 10-11
                        × الحديث عن آخر الزمان , وظهور أمر مكّة واجتماع الناس حـولها جاء بعد علو شأن القدس .
                        × أمر مكّة هو الذي ازداد علوا وقدرا بتوسيع دائرة أرض الإسلام , في حين أنّ القدس قد انتقلت ملكيتها بين أمم عدّة على مدى القرون التي بيننا وبين النبي إشعياء، وما كانت أرضًا للسلام فى يوم من الأيام.
                        ×تحجّ شعوب كثيرة إلى مكّة كلّ سنة. ويعتبر الحج أحد خمس قواعد بني عليها الإسلام. أمّا الحج إلى القدس فلا يوجد به نص عندهم، وليس من قواعد دينهم أو أسسه.
                        × من مكّة خرجت "شريعة الأمم". وما خرجت من القدس شريعة يسوعية وإنما تمّ فيها, طبق اعتقاد الكنيسة, إلغاء الشريعة الموسوية لأنها كما قال بولس "معيبة"!
                        (18فَإِنَّهُ يَصِيرُ إِبْطَالُ الْوَصِيَّةِ السَّابِقَةِ مِنْ أَجْلِ ضُعْفِهَا وَعَدَمِ نَفْعِهَا، 19إِذِ النَّامُوسُ لَمْ يُكَمِّلْ شَيْئاً.) عبرانيين 7: 18-19
                        (20وَأَمَّا النَّامُوسُ فَدَخَلَ لِكَيْ تَكْثُرَ الْخَطِيَّةُ.) رومية 5: 20
                        (56أَمَّا شَوْكَةُ الْمَوْتِ فَهِيَ الْخَطِيَّةُ وَقُوَّةُ الْخَطِيَّةِ هِيَ النَّامُوسُ) كورنثوس الأولى 15: 56
                        × كلمة الربّ (القرآن والسنّة النبوية) قد أعلنت من مكة حيث نزلت الكثير من السور القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة. أما أناجيلكم عزيزى القمص ورسائل بولس , فلم تكتب في القدس كما هو معلوم.
                        وجاء في سفر إشعياء نبوءة عن ترك الله لشعبه القديم، أورشليم القديمة، واتخاذه سكان أورشليم الجديدة (صهيون الجديدة) شعبًا، لنقل ملكوته إليهم للأبد: (19الشَّعْبَ الشَّرِسَ لاَ تَرَى: الشَّعْبَ الْغَامِضَ اللُّغَةِ عَنِ الإِدْرَاكِ الْعَيِيَّ بِلِسَانٍ لاَ يُفْهَمُ. 20اُنْظُرْ صِهْيَوْنَ مَدِينَةَ أَعْيَادِنَا. عَيْنَاكَ تَرَيَانِ أُورُشَلِيمَ مَسْكَناً مُطْمَئِنّاً خَيْمَةً لاَ تَنْتَقِلُ. لاَ تُقْلَعُ أَوْتَادُهَا إِلَى الأَبَدِ وَشَيْءٌ مِنْ أَطْنَابِهَا لاَ يَنْقَطِعُ. 21بَلْ هُنَاكَ الرَّبُّ الْعَزِيزُ لَنَا مَكَانُ أَنْهَارٍ وَتُرَعٍ وَاسِعَةِ الشَّوَاطِئِ. لاَ يَسِيرُ فِيهَا قَارِبٌ بِمِقْذَافٍ وَسَفِينَةٌ عَظِيمَةٌ لاَ تَجْتَازُ فِيهَا. 22(فَإِنَّ الرَّبَّ قَاضِينَا. الرَّبُّ شَارِعُنَا. الرَّبُّ مَلِكُنَا هُوَ يُخَلِّصُنَا). 23ارْتَخَتْ حِبَالُكِ. لاَ يُشَدِّدُونَ قَاعِدَةَ سَارِيَتِهِمْ. لاَ يَنْشُرُونَ قِلْعاً. حِينَئِذٍ قُسِمَ سَلْبُ غَنِيمَةٍ كَثِيرَةٍ. الْعُرْجُ نَهَبُوا نَهْباً. 24وَلاَ يَقُولُ سَاكِنٌ: «أَنَا مَرِضْتُ». الشَّعْبُ السَّاكِنُ فِيهَا مَغْفُورُ الإِثْمِ.) إشعياء 33: 19-24
                        صهيون هنا أيضا هي مكة لا القدس , ومن الأدلة على ذلك:
                        ×بيت الربّ يقع في أرض قوم يتكلّمون لغة أجنبية ,أي غير لغة بني إسرائيل. وقد كان عرب مكة يتكلمون اللغة العربية.
                        × صهيون الموعودة ستكون مقرّ أمان إلى يوم القيامة , ومعلوم بالاضطرار حرمة الحرب في مكة , فهى لم تعرف الحروب قاطبةً , في حين أنّ القدس قد حلّت بها الكثير من الحروب والمجازر، ومازالت، لذلك سمَّى الله تعالى مكة بالبلد الأمين: {وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} (3) سورة التين.
                        × ظهرت الشريعة الإلهية والحكم والسلطان الأرضي لنبي الإسلام r في مكة, وما عرفت القدس سلطة المسيح عليها .
                        × ظهرت الغنائم الوفيرة لأهل مكة مع ظهور الإسلام , وانتصار نبيه وقومه، بينما كان يدفع عيسى uالجزية لقيصر، ومات مصلوبًا كما تعتقد عزيزى القمص مرقس عزيز.
                        وجاء في سفر إشعياء (عَلَى جَبَلٍ عَالٍ اصْعَدِي يَا مُبَشِّرَةَ صِهْيَوْنَ. ارْفَعِي صَوْتَكِ بِقُوَّةٍ يَا مُبَشِّرَةَ أُورُشَلِيمَ. ارْفَعِي لاَ تَخَافِي. قُولِي لِمُدُنِ يَهُوذَا: «هُوَذَا إِلَهُكِ. 10هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ. 11كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ».) إشعياء 40: 9-11
                        ويظهر من هذه النبوءة أنّ المنتظرظهوره في صهيون:
                        × سيكون قويا جلدا , لا ضعيفا مهينا .
                        × سيكون صاحب ذراع قوية يقيم بها دولة .
                        × سيرى ثمرة جهاده في أيام حياته .
                        × سيرعى بنفسه قومه، وسيكون قائدهم الحقيقي.
                        × سيكون رفيقا بالضعفاء, خافضا لجناح الرحمة لمن هم تحت أمره .
                        هذه الصفات دقيقة في وصف محمد r القائد الحاكم في أمة الإسلام الذي أقام دولة الإسلام في حياته ، ولا تنطبق على يسوع الكنيسة الذي عاش مستضعفا ومات
                        (كم تقول الكنيسة) مقتولا !!
                        وجاء في سفر إشعياء (1قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ. 2لأَنَّهُ هَا هِيَ الظُّلْمَةُ تُغَطِّي الأَرْضَ وَالظَّلاَمُ الدَّامِسُ الأُمَمَ. أَمَّا عَلَيْكِ فَيُشْرِقُ الرَّبُّ وَمَجْدُهُ عَلَيْكِ يُرَى. 3فَتَسِيرُ الأُمَمُ فِي نُورِكِ وَالْمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ. 4اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ حَوَالَيْكِ وَانْظُرِي. قَدِ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ. جَاءُوا إِلَيْكِ. يَأْتِي بَنُوكِ مِنْ بَعِيدٍ وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَيْدِي. 5حِينَئِذٍ تَنْظُرِينَ وَتُنِيرِينَ وَيَخْفُقُ قَلْبُكِ وَيَتَّسِعُ لأَنَّهُ تَتَحَوَّلُ إِلَيْكِ ثَرْوَةُ الْبَحْرِ وَيَأْتِي إِلَيْكِ غِنَى الأُمَمِ. 6تُغَطِّيكِ كَثْرَةُ الْجِمَالِ بُكْرَانُ مِدْيَانَ وَعِيفَةَ كُلُّهَا تَأْتِي مِنْ شَبَا. تَحْمِلُ ذَهَباً وَلُبَاناً وَتُبَشِّرُ بِتَسَابِيحِ الرَّبِّ. 7كُلُّ غَنَمِ قِيدَارَ تَجْتَمِعُ إِلَيْكِ. كِبَاشُ نَبَايُوتَ تَخْدِمُكِ. تَصْعَدُ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي وَأُزَيِّنُ بَيْتَ جَمَالِي. 8مَنْ هَؤُلاَءِ الطَّائِرُونَ كَسَحَابٍ وَكَالْحَمَامِ إِلَى بُيُوتِهَا؟ 9إِنَّ الْجَزَائِرَ تَنْتَظِرُنِي وَسُفُنَ تَرْشِيشَ فِي الأَوَّلِ لِتَأْتِيَ بِبَنِيكِ مِنْ بَعِيدٍ وَفِضَّتُهُمْ وَذَهَبُهُمْ مَعَهُمْ لاِسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكِ وَقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَجَّدَكِ. 10وَبَنُو الْغَرِيبِ يَبْنُونَ أَسْوَارَكِ وَمُلُوكُهُمْ يَخْدِمُونَكِ. لأَنِّي بِغَضَبِي ضَرَبْتُكِ وَبِرِضْوَانِي رَحِمْتُكِ. 11وَتَنْفَتِحُ أَبْوَابُكِ دَائِماً. نَهَاراً وَلَيْلاً لاَ تُغْلَقُ. لِيُؤْتَى إِلَيْكِ بِغِنَى الأُمَمِ وَتُقَادَ مُلُوكُهُمْ.) إشعياء 60: 1-12
                        وتحمل هذه النبوءة:
                        × ذهاب النبوة من قوم، حيث تغطيها الظلمة برفع الله تعالى لشريعته منها، وتنتقل لأمة أخرى تنير لديها، ويستضيىء بها باقى أمم الأرض.
                        × أمة محاربة لا تتبنى منطق (لاَ تُقَاوِمُوا الشَّرَّ بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ الأَيْمَنِ فَحَوِّلْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً. 40وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَاصِمَكَ وَيَأْخُذَ ثَوْبَكَ فَاتْرُكْ لَهُ الرِّدَاءَ أَيْضاً. 41وَمَنْ سَخَّرَكَ مِيلاً وَاحِداً فَاذْهَبْ مَعَهُ اثْنَيْنِ.) متى 5: 39-41، بل تُخضع الكل لحكم الله تعالى، ليكون الله هو الحاكم الأوحد على الأرض، وهو ما يُعرف بملكوت الله أى دولة الله التى لا يحكمها إلا الله.
                        × سيأتيها الناس بكل وسائل المواصلات، برًا وجوًا وبحرًا.
                        × ذكر الجمال هنا دليل على أنها فى أرض العرب الذين كانوا يستعملون الجمال فى تنقلاتهم.
                        × وذكر غنم قيدار ابن إسماعيل الذى جاءت من نسله قبيلة قريش، ومنها جاء النبى محمد r ، وذكر غنم نبايوت الابن البكر لإسماعيل، دليل على علو قدر العرب، بإشراق الرب بشريعته عليهم، ونصره لهم، واتباع الأمم لهم.
                        × إن ذكر نبايوت وقيدار وبُكْرَانُ ومِدْيَانَ وَعِيفَةَ وشبا يشير إلى الأصل العربى لصهيون الجديد. وهى مكة، حيث يعلم القارىء أن نبايوت وقيدار من أبناء إسماعيل، ومديان ابن إبراهيم من زوجته (قطورة)، وشبا بن يقشان ابن إبراهيم من زوجته (قطورة)، وعيفا بن مديان بن إبراهيم من زوجته (قطورة)
                        × ولم تسلم ترشيش من التحريف أو سوء الفهم: فيضعها كثير من الباحثين المسيحيين المعاصرين فى أسبانيا على ساحل الأطلنطى!! ولكن نصوص الأسفار اليهودية وخاصة التى تتحدث عن فترة عصر سليمان بن داود عليهما السلام تشير إلى أنَّ سفن ترشيش كانت تبحر فى خليج العقبة والبحر الأحمر، أى أنها تقع فى مكان ما على شاطىء البحر الأحمر ربما الإفريقى أو العربى. وإذا نظرنا إلى حمولة السفن عرفنا من أين تأتى, فقد كانت تجلب الذهب والفضة والعاج ، والقرود والطواويس (1مل 10: 22؛ 2 أخبار 9: 21). وهذه الأصناف لا توجد فى أسبانيا ولكنها من منتجات أفريقيا. فترشيش تقع على الساحل الإفريقى جنوبى البحر الأحمر وليست على البحر الأبيض أو على شاطىء الأطلنطى!! أى إنها بلد ساحلى أفريقى يبعد مسافة كبيرة عن ميناء عصيون جابر بخليج العقبة (إيلات حاليا). (قضايا مثيرة فى المسيحية والإسلام ص31-32).
                        × أما أبوابها المفتوحة ليل نهار ليطوف الحجاج والمعتمرون والزائرون، فهو لا ينطبق إلا على مكة، التى لا ينقطع فيها الطواف حول الكعبة. وهى تؤكدّ أنّ البشارة المذكورة متعلقة بمكة, وليست بأورشليم القدس , إذ مكة هي التي فتحت أبوابها ليل نهار ولم توصد حتى أنّ الواحد ليس بإمكانه أن يطوف بالكعبة لوحده ولو كان في آخر الليل لكثرة الطائفين ولاستمرار هذه العبادة منذ قرون طويلة, أما القدس فقد تعرّضت إلى نكبات شديدة وتوقفت العبادة في الهيكل مرات عديدة. بل دُمِّر الهيكل ومازال البحث جاريًا عنه.
                        وجاء في سفر إشعياء (12لأَنَّ الأُمَّةَ وَالْمَمْلَكَةَ الَّتِي لاَ تَخْدِمُكِ تَبِيدُ وَخَرَاباً تُخْرَبُ الأُمَمُ. 13مَجْدُ لُبْنَانَ إِلَيْكِ يَأْتِي. السَّرْوُ وَالسِّنْدِيَانُ وَالشَّرْبِينُ مَعاً لِزِينَةِ مَكَانِ مَقْدِسِي وَأُمَجِّدُ مَوْضِعَ رِجْلَيَّ. 14وَبَنُو الَّذِينَ قَهَرُوكِ يَسِيرُونَ إِلَيْكِ خَاضِعِينَ وَكُلُّ الَّذِينَ أَهَانُوكِ يَسْجُدُونَ لَدَى بَاطِنِ قَدَمَيْكِ وَيَدْعُونَكِ «مَدِينَةَ الرَّبِّ» «صِهْيَوْنَ قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ». 15عِوَضاً عَنْ كَوْنِكِ مَهْجُورَةً وَمُبْغَضَةً بِلاَ عَابِرٍ بِكِ أَجْعَلُكِ فَخْراً أَبَدِيّاً فَرَحَ دَوْرٍ فَدَوْرٍ. 16وَتَرْضَعِينَ لَبَنَ الأُمَمِ وَتَرْضَعِينَ ثُدِيَّ مُلُوكٍ وَتَعْرِفِينَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُخَلِّصُكِ وَوَلِيُّكِ عَزِيزُ يَعْقُوبَ. 17عِوَضاً عَنِ النُّحَاسِ آتِي بِالذَّهَبِ وَعِوَضاً عَنِ الْحَدِيدِ آتِي بِالْفِضَّةِ وَعِوَضاً عَنِ الْخَشَبِ بِالنُّحَاسِ وَعِوَضاً عَنِ الْحِجَارَةِ بِالْحَدِيدِ وَأَجْعَلُ وُكَلاَءَكِ سَلاَماً وَوُلاَتَكِ بِرّاً. 18لاَ يُسْمَعُ بَعْدُ ظُلْمٌ فِي أَرْضِكِ وَلاَ خَرَابٌ أَوْ سَحْقٌ فِي تُخُومِكِ بَلْ تُسَمِّينَ أَسْوَارَكِ «خَلاَصاً» وَأَبْوَابَكِ «تَسْبِيحاً». 19لاَ تَكُونُ لَكِ بَعْدُ الشَّمْسُ نُوراً فِي النَّهَارِ وَلاَ الْقَمَرُ يُنِيرُ لَكِ مُضِيئاً بَلِ الرَّبُّ يَكُونُ لَكِ نُوراً أَبَدِيّاً وَإِلَهُكِ زِينَتَكِ. 20لاَ تَغِيبُ بَعْدُ شَمْسُكِ وَقَمَرُكِ لاَ يَنْقُصُ لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ لَكِ نُوراً أَبَدِيّاً وَتُكْمَلُ أَيَّامُ نَوْحِكِ. 21وَشَعْبُكِ كُلُّهُمْ أَبْرَارٌ. إِلَى الأَبَدِ يَرِثُونَ الأَرْضَ غُصْنُ غَرْسِي عَمَلُ يَدَيَّ لأَتَمَجَّدَ. 22اَلصَّغِيرُ يَصِيرُ أَلْفاً وَالْحَقِيرُ أُمَّةً قَوِيَّةً. أَنَا الرَّبُّ فِي وَقْتِهِ أُسْرِعُ بِهِ.) إشعياء 60: 12- 22
                        إنها أوامر إلهية من الله تعالى لكل أمم الأرض أن تخضع لهذه الأمة البارة، التى سترث الملكوت، وتكون نورًا لكل العالم يستضىء الناس به.
                        وقوله: (12لأَنَّ الأُمَّةَ وَالْمَمْلَكَةَ الَّتِي لاَ تَخْدِمُكِ تَبِيدُ وَخَرَاباً تُخْرَبُ الأُمَمُ.) هو نفس قول الله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران ، لأن الدين عند الله هو الإستسلام لأوامره ونواهيه أى الخضوع لملكوته {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ} (19) آل عمران
                        مكة (الكعبة) هي التي أقبلت إليها الشعوب حاملة الخيرات,وهي التي خضع لها الملوك والجبابرة, وكان نور العدل والخير ملازما لها ولأهلها. أما القدس فلم تتوجّه لها الأمم قبل ظهور المسيحية, وما توجّه لها المسيحيون توجّه المسلمين إلى مكة, بل الحجّ عند القوم شعيرة مهملة وعبادة منسية .
                        ومكة (الكعبة) هي التي أشرق عليها نور التوحيد وامتنع على ظلمة الشرك أن تقتحم حصونها إلى الأبد وأنزل الله سبحانه قوله: {وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} (سورة الإسراء 81), أما القدس فقد عربد فيها المشركون قرونا طوالا قبل المسيح وبعده ..
                        ومكة (الكعبة) هى أورشليم الجديدة، أرض السلام، التى يأمن فيها الكل على نفسه: الإنسان والحيوان والطير والحشرات:(18لاَ يُسْمَعُ بَعْدُ ظُلْمٌ فِي أَرْضِكِ وَلاَ خَرَابٌ أَوْ سَحْقٌ فِي تُخُومِكِ) ، مصداقًا لوصف الله تعالى لها: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (97) سورة آل عمران، ولا ينطبق ما قالته النبوءة عن أورشليم الفلسطينية من ناحية كونها أرض السلام.
                        وهذا السفر الأخر (أشعياء 60: 4) فيه إشادة بمكانة المرأة فى هذا الدين (الإسلام)، فهو يقول: (يَأْتِي بَنُوكِ مِنْ بَعِيدٍ وَتُحْمَلُ بَنَاتُكِ عَلَى الأَيْدِي.)، ويكفينا أن نذكر أنه فى الشريعة الموسوية كما يحكيها كتابهم يحق للأب أن يبيع ابنته القاصر كما يُباع العبيد أو النعاج والأحذية: (7وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ ابْنَتَهُ أَمَةً لاَ تَخْرُجُ كَمَا يَخْرُجُ الْعَبِيدُ.) خروج 21: 7
                        بل عاقب الرب المرأة عقابًا لا يرتضيه أقسى الناس قلبًا: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
                        وفى فرنسا عقد الفرنسيون فى عام 586م ـ أى فى زمن شباب النبى محمد صلى الله عليه وسلم ـ مؤتمراً (مجمع باكون) لبحث: هل تُعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانياً ، فهل هى على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً: قرروا أنها إنسان ، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل فحسب. وأنها خالية من الروح الناجية ، التى تنجيها من جهنم ، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام.
                        وكان العالم المسيحي المشهور إيكويناس يعتبر المرأة أرذل من العبد بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطرياً من قبل الأب والابن والزوج (انظر) Thomas Acquinas : "Summa Theologica" , XXXIX,3
                        وكان من حق الزوج القانوني ، حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر ، أن يبيع زوجته كما تباع الحيوانات
                        Cady Stanton: History of Women's Suffrage, vol.3, p.290 (quoted in Rationalist Encyclopaedia by J.McCabe, London, 1950 , p. 625
                        لذلك لا نتعجب أن نقرأ ما قاله جيروم أنه على المرأة أن تفقد أنوثتها وتصبح رجلاً لتخلص فى الآخرة: لقد كتب جيروم يقول: "بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال، فهى تختلف عن الرجل، كما يختلف الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم، فعندئذ سوف تكف عن أن تكون امرأة، وستسمى رجلاً" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى أهل أفسس) نقلاً عن اللواء مهندس أحمد عبد الوهاب
                        ولا نتعجب أن يُبيِّن ترتليان – أحد أقطاب المسيحية الأولى وأئمتها للبشرية نظرة المسيحية فى المرأة: (إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، وإنها دافعة إلى الشجرة الممنوعة ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله – أي الرجل) مستندا فى ذلك إلى قول الكتاب المقدس (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
                        وفى المزمور 92 نبوءة تشبه ما ذكرت فى أشعياء 60، يُضاف عليها الآتى: (وَيُصَلِّي لأَجْلِهِ دَائِماً. الْيَوْمَ كُلَّهُ يُبَارِكُهُ. ... 17يَكُونُ اسْمُهُ إِلَى الدَّهْرِ. قُدَّامَ الشَّمْسِ يَمْتَدُّ اسْمُهُ. وَيَتَبَارَكُونَ بِهِ. كُلُّ أُمَمِ الأَرْضِ يُطَوِّبُونَهُ.) مزامير 92: 15 و17
                        ولا يُصلى ولا يُسلَّم ولا يُبارك طوال اليوم ، فى الصلاة، وفى التسبيح، وأثناء الكلام العادى، إلا على خاتم الأنبياء، وسيد المرسلين، عبد الله ورسوله محمد r.
                        اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، فى العالمين، إنك حميد مجيد.)
                        وصلاة الله على العبد هى أن يرحمه، وصلاة الملائكة على العبد أن تدعو له بالمغفرة والرحمة، وصلاة العبد لله اعتراف بعبوديته لله، وبحقه العظيم عليه.
                        وأخيرًا فإن المزمور 84 الذى ذكر فيه اسم (بكة)، يقول إنه فى هذا المكان سيسبح الزائرون الله دائمًا. وهذا لا ينطبق إلا على سكان مكّة أهل التعبّد والتبتّل وكذلك الحجّاج والمعتمرون المتوافدون على مكة للتعبّد والتبتّل. شرفها الله تعالى، وأعلى من قدرها!
                        وقوله فى المزمور 84 (3اَلْعُصْفُورُ أَيْضاً وَجَدَ بَيْتاً وَالسُّنُونَةُ عُشّاً لِنَفْسِهَا حَيْثُ تَضَعُ أَفْرَاخَهَا مَذَابِحَكَ يَا رَبَّ الْجُنُودِ مَلِكِي وَإِلَهِي.) ، دليل على أن الطيور تكون آمنة فى هذا المكان، وهو لا ينطبق إلا على مكة، حيث يطير فيها الحمام واليمام، ولا يحق لمعتمر أو حاج أن يمسس أيًا منها بسوء. ومن الجدير بالذكر أن هذه الطيور تشعر بقداسة هذا المكان، فلا يتبرز طائر داخل الحرم المكى ولا يتبوَّل فيه مطلقًا .
                        أما قول المزمور 84 (10لأَنَّ يَوْماً وَاحِداً فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ.)، فهو مصداقًا لقول الرسول r: (‏صَلَاةٌ فِي‏ مَسْجِدِي‏ ‏هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُإِلَّا ‏ ‏الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) صحيح البخارى (1116)، الأمر الذى يعنى تشريف مكة عن سائر بقاع الأرض.
                        * * *

                        وبهذا نكون قد أثبتنا أن بكه هى مكة، وأثبتنا عدم صدق الكتاب الذى تقدسه عزيزى القمص، وأنه ليس بكتاب الله الذى يعوَّل عليه، ولا يُصدَّق ما به من معارف تاريخية أو جغرافية. وأن القرآن جاء مهيمنًا على هذا الكتاب بالعلم الصحيح. وصدق الله تعالى فى قوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ * قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (96-102) سورة آل عمران

                        وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
                        وصل اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم
                        سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك

                        تعليق

                        • abubakr_3
                          مشرف عام

                          • 15 يون, 2006
                          • 849
                          • مسلم

                          #27
                          فهرس المراجع


                          القرآن الكريم
                          الكتاب المقدسة، طبعة فاندايك
                          الكتاب المقدس، طبعة الترجمة العربية المشتركة
                          الكتاب المقدس، طبعة الآباء اليسوعيين
                          الكتاب المقدس، طبعة كتاب الحياة
                          دائرة المعارف الكتابية CD
                          قاموس الكتاب المقدس (الطبعة العربية) CD
                          قاموس الكتاب المقدس (الطبعة الألمانية)
                          الإمام أبو حامد الغزالى، الرد الجميل لإلهية عيسى بصريح الإنجيل، دراسة وتحقيق
                          د. محمد عبد الله الشرقاوى
                          فرج الله صالح ديب، كذبة السامية وحقيقة الفينيقية
                          أحمد الدبش، كنعان وملوك بنى إسرائيل فى جزيرة العرب
                          أحمد الدبش، موسى وفرعون فى جزيرة العرب
                          توماس طومسون، التاريخ القديم للشعب الإسرائيلى
                          ريتشارد إليوت فريدمان، من كتب التوراة؟، ترجمة عمرو زكريا
                          د. كمال الصليبى ، التوراة جاءت من جزيرة العرب
                          رشاد فكرى، تفسير حزقيال
                          ع. م./ جمال الدين شرقاوى، نبى أرض الجنوب
                          ع. م./ جمال الدين شرقاوى، قضايا مثيرة فى المسيحية والإسلام
                          سامى العامرى، محمد r فى الكتب المقدسة
                          د/ أحمد حجازى السقا، الحج فى التوراة والزبور والإنجيل
                          د/ أحمد حجازى السقا، البشارة بنبى الإسلام فى التوراة والإنجيل والقرآن
                          د/ منقذ السقار، هل بشَّرَ الكتاب المقدس بمحمد r
                          د/ منقذ السقار، هل العهد القديم كلمة الله
                          د/ روبرت كيل تسلر، حقيقة الكتاب المقدس تحت مجهر علماء اللاهوت، ترجمة
                          وتعليق علاء أبو بكر
                          د. موريس بوكاى، التوراة والإنجيل والقرآن والعلم الحديث
                          د/ مها محمد فريد عقل، هيمنة القرآن المجيد على ما جاء فى العهد القديم والجديد
                          علاء أبو بكر، المسيحية الحقة كما جاء بها المسيح بين الإلتزام والتحريف ودعوة الإسلام
                          علاء أبو بكر، المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول ألوهية عيسى u
                          علاء أبو بكر، المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول صحة الكتاب المقدس
                          علاء أبو بكر، المناظرة الكبرى مع القس زكريا بطرس حول عقيدة الصلب والفداء
                          علاء أبو بكر، بولس يقول: دمروا المسيح وأبيدو أهله
                          علاء أبو بكر، عيسى ليس المسيح الذى تفسيره المسِّيِّا
                          القمص مرقس عزيز خليل، هل حقًا وادى البكاء هو مكة؟ وهل هذا هو الإعجاز العلمى؟
                          فكرة عامة عن الكتاب المقدس ، مكتبة دار مرقس
                          د. القس منيس عبد النور، شبهات وهمية حول الكتاب المقدس
                          القس عبد المسيح بسيط، الوحى الإلهى وإستحالة تحريف الكتاب المقدس
                          سعيد أيوب، المسيح الدجال .. قراءة سياسية فى أصول الديانات الكبرى
                          قاموس Strong's Hebrew and Greek Dictionaries ببرنامج e-Sword
                          مقالات على النت (يُنصح أيضًا بقراءتها)
                          د/ ربيع بن محمد بنعلي،حقائق حول عدم أحقية اليهود في أرضفلسطينبموجب ما جاء في التوراة والإنجيلوفي آي التنزيل،
                          http://saaid.net/mktarat/flasteen/67.htm

                          د. ياسين سويد، تزوير التوراة
                          http://www.ghaaly.com/vb/showthread.php?t=15650
                          د. سهيل زكار، القدس بين حقائق التاريخ وزيفالإسرائيليات

                          http://www.thaqafa.org/main/default.aspx?xyz=BOgLkxlDHteZpYqykRlUuI1kx%2FVDUOF oE0v%2FmhR%2FngzSv1PgdTs4kBDbZvG7%2FENnd1hiWIU9782 Uu1sx57YV7jecfKQhzk5BWac06o4Dc%2FcRp2hlSc9ayznAfiz ZUiOnyFLYJUcPB28%3D

                          د. ظافر مقدادي، القدس بين التوراة وعلم الآثارالحديث
                          http://www.alhaqaeq.net/defaultch.asp?action=showarticle&secid=5&articleid =31958
                          د. بشارخليف، التوراة .. انتحالات وتزييف
                          http://www.halwasat.com/content/view/771/
                          خليل أبو عرفة،الأسئلة حول مكانة بني إسرائيل في المسطرة التاريخية لفلسطين القديمة
                          http://www.palestine-info.net/arabic/shoonalkaian/researches/makanat.htm
                          علم الآثار يكشف زيف الحق التاريخي الإسرائيلي
                          http://members.tripod.com/Gizapyramid/Artical/1_5.htm
                          http://www.alda3wa.com/ib/index.php?showtopic=29

                          https://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=5362&page=6 حوار مثمر بين د. أمير عبد الله ومستنير

                          بدون سفك دم لا تحصل مغفرة، م. عمرو المصرى
                          https://www.hurras.org/vb/showthread.php?p=42159


                          جميع الحقوق محفوظة للمؤلف علاء أبو بكر

                          تعليق

                          • abubakr_3
                            مشرف عام

                            • 15 يون, 2006
                            • 849
                            • مسلم

                            #28
                            السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

                            أعلم أن الكتاب كبير الحجم، ولن أنتظر تعليقاتكم إلا بعد أن تكونوا قد قرأتموه، ومن يعلق على نقطة محددة فيذكرها من فضلكم.
                            وأنتظر رأى اخوتى وأساتذتى الذين تعرضوا لهذا الموضوع من قبل، بالتحليل والتصويب والإضافة إن لزم الأمر.

                            كما أرحب بالمناقشة والحوار حول محتوى هذا الكتاب
                            كما أرحب برد القمص مرقس عزيز خليل، ومناظرته أو مناظرة غيره فى محتوى الكتاب

                            والقارىء يلاحظ أننى سحبت البساط العلمى والتاريخى والجغرافى من تحت أرجل الكتاب الذى يقدسونه، الأمر الذى يجعل كل عاقل أن يتحاكم لهذا الخلط، كما فندت ادعاءاتهم فى كون مكة أو بكة هى وادى البكاء، وأنها نهاية طريق الحج للمؤمنين، وفيها يتم الطواف، وذكر اسم الله، الذى حُذف من كتابهم أو أضاعوه عمدًا أو جهلا. وأثبت تحاملهم من كل جانب على العرب، وسببه هو معرفتهم أن الله تعالى وعد إبراهيم والأنبياء عليهم السلام بنبى وبوحى يأتى من جزيرة العرب، ويكون مثيل لموسى عليه السلام (تثنية 18: 15-20) وبه يبدأ العهد الجديد، والملكوت الأخير الملكوت الثانى، الذى يجب أن يخضع له الكل.

                            وأترك القارىء الذى أعلم أنه لن يهدأ له بال حتى ينتهى من قراءته وتقييمه سواءً كان تقييمه إيجابيًا أم سلبيًا.

                            علاء أبو بكر

                            تعليق

                            • believer
                              4- عضو فعال

                              عضو اللجنة العلمية
                              حارس من حراس العقيدة
                              عضو شرف المنتدى
                              • 18 يون, 2006
                              • 688
                              • مسلم

                              #29
                              وأثبت تحاملهم من كل جانب على العرب، وسببه هو معرفتهم أن الله تعالى وعد إبراهيم والأنبياء عليهم السلام بنبى وبوحى يأتى من جزيرة العرب، ويكون مثيل لموسى عليه السلام (تثنية 18: 15-20) وبه يبدأ العهد الجديد، والملكوت الأخير الملكوت الثانى، الذى يجب أن يخضع له الكل.


                              مجهود هائل ،سحتاج بعض الوقت لانهاء قرائته بتمعن ، بارك الله فيك ونفع بعلمك المؤمنين و الباحثين عن الحق بضمير حى بعيدا عن الحقد و التعصب ، و لى تعليق بسيط على هذه الجزئية :

                              كما أن إسماعيل غير محروم من الميراث ولا من النبوة كما يدعون. فقد اشترك فى دفن أبيه، والاشتراك فى الدفن يعنى الاشتراك فى الميراث، كما أن الله وعد إبراهيم فى أن يجعل نسله أمة، مثل ما وعده فى إسحاق عليهما السلام: (18وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِلَّهِ: «لَيْتَ إِسْمَاعِيلَ يَعِيشُ أَمَامَكَ!» 19فَقَالَ اللهُ بَلْ سَارَةُ امْرَأَتُكَ تَلِدُ لَكَ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ إِسْحَاقَ. وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْداً أَبَدِيّاً لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ. 20وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ فَقَدْ سَمِعْتُ لَكَ فِيهِ. هَا أَنَا أُبَارِكُهُ وَأُثْمِرُهُ وَأُكَثِّرُهُ كَثِيراً جِدّاً. اثْنَيْ عَشَرَ رَئِيساً يَلِدُ وَأَجْعَلُهُ أُمَّةً كَبِيرَةً. 21 [mark=#ffffcc]وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ»[/mark].) تكوين 17: 18-21
                              فكيف يكون قد سمع له فى إسماعيل لو ذرية إسماعيل محرومة من النبوة؟ فقد أقام الله عهده أولا مع إسحاق، ثم العهد الأخير سيأتى مع إسماعيل.

                              كما أن قانون الرب واضح فى هذا المجال: (15«إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا مَحْبُوبَةٌ وَالأُخْرَى مَكْرُوهَةٌ فَوَلدَتَا لهُ بَنِينَ المَحْبُوبَةُ وَالمَكْرُوهَةُ. فَإِنْ كَانَ الاِبْنُ البِكْرُ لِلمَكْرُوهَةِ 16فَيَوْمَ يَقْسِمُ لِبَنِيهِ مَا كَانَ لهُ لا يَحِلُّ لهُ أَنْ يُقَدِّمَ ابْنَ المَحْبُوبَةِ بِكْراً عَلى ابْنِ المَكْرُوهَةِ البِكْرِ 17بَل يَعْرِفُ ابْنَ المَكْرُوهَةِ بِكْراً لِيُعْطِيَهُ نَصِيبَ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ مَا يُوجَدُ عِنْدَهُ لأَنَّهُ هُوَ أَوَّلُ قُدْرَتِهِ. لهُ حَقُّ البَكُورِيَّةِ.) تثنية 21: 15-17
                              وحتى لا يقول قائل إن الذى ذهب منه هو حق البكورية ، أى الضعف فى الميراث ، فاقرأ قول دائرة المعارف الكتابية مادة (بكر - بكورية): «والكلمة تعني أساساً الابن الأكبر (خر 6: 14، 11: 5)، وفي حالة تعدد الزوجات كان البكر هو أول من يولد للرجل سواء من زوجة أو جارية. وكان البكر يستمتع ببعض الامتيازات أكثر من سائر إخوته، فكان من نصيبه بركة ابيه (تك 27: 1-4، 35-37)، وله مكانة مفضلة (تك 43: 33)، كما كان له نصيب اثنين في الميراث (تث 21: 15-17)».
                              وعلى ذلك فالابن البكر لإبراهيم هو إسماعيل وليس لإسحاق!!!


                              ان مسألة من هو الذبيح محسومة من النص المقتبس أعلاه من هذا العدد:
                              وَلَكِنْ عَهْدِي أُقِيمُهُ مَعَ إِسْحَاقَ الَّذِي تَلِدُهُ لَكَ سَارَةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ
                              فالواضح ان هذا الحوار تم قبل ولادة اسحق بسنه كاملة أى أن اسماعيل كان عمره فى هذا الوقت 13 سنة و الرب وعد ابراهيم فى هذا الحوار باقامة عهده مع اسحق و ذلك قبل أن يولد اسحق بسنة كما قال لابراهيم أيضا :

                              وَأُقِيمُ عَهْدِي مَعَهُ عَهْداً أَبَدِيّاً لِنَسْلِهِ مِنْ بَعْدِهِ

                              [mark=#ffff99]و بذلك نرى أن الرب أكد على أن اسحق سيعيش و يكون له نسل و ذلك قبل ولادته فهل يمكن ان يأتى الرب بعد ولادة اسحق و يطلب من ابراهيم ذبحه ؟؟[/mark]

                              ان هذا مستحيل لأن وعد الله حق فلا يمكن ان يؤكد الرب لابراهيم قبل ولادة اسحق انه سيكون له عهد معه ومع نسله من بعده اى انه سيعيش ثُم يطلب منه ذبحه بعد ذلك ، فهذا محال و لن يكون اختبارا بأى شكل لأن ابراهيم متأكد من بشارة الله السابقة بان اسحق سيعيش و سيكون له نسل .

                              ان هذه الفقرة تدل دلالة لا يمكن دحضها أنه فى اثناء هذا الحوار بين الرب و ابراهيم قبل ولادة اسحق بسنة كانت قصة الذبيح قد حدثت و انتهت تماما و لكن مع البن الوحيد الفعلى وهو اسماعيل.
                              وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ{69} وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ

                              تعليق

                              • abubakr_3
                                مشرف عام

                                • 15 يون, 2006
                                • 849
                                • مسلم

                                #30
                                السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                                بارك الله فيك أخى بليفر، فأنت محق فى طرحك هذا
                                وسأزيدك من هذا الأمر فيمن هو الذبيح فى التوراة فى موضوع منفصل بعنوان (الذبيح فى التوراة)
                                وفى انتظار باقى تعليقاتكم
                                علاء أبو بكر

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ أسبوع واحد
                                ردود 2
                                22 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                                ردود 4
                                22 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                ابتدأ بواسطة الفقير لله 3, منذ 2 أسابيع
                                ردود 0
                                13 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة الفقير لله 3
                                بواسطة الفقير لله 3
                                ابتدأ بواسطة زين الراكعين, 9 سبت, 2024, 08:31 م
                                ردود 0
                                27 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة زين الراكعين
                                ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, 24 يول, 2024, 11:33 م
                                ردود 0
                                61 مشاهدات
                                0 معجبون
                                آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                                بواسطة *اسلامي عزي*
                                يعمل...