حقاً إلى الصواب حولها قلم الكتبة الكاذب
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
ثم أما بعد
قد يبدو عنوان الموضوع غريباً بعض الشيء لكنه يعبر عن حالة غريبة من التحريف وردت في (مرقص 2:1)فالتحريف هذه المرة ليس لتدعيم فكر لاهوتي كالمعتاد وإنما لتصويب خطأ تاريخي ورد في الكتاب فيا عجباً لكتاب ٍ مقدس يحمل أخطاءًا ويا عجباً لبشرٍ يصحح كتاب ربه
Mar 1:2 كما هو مكتوب في الأنبياء: «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك.
وبمقارنة بسيطة لهذا النص بالنصوص المقابلة له في الترجمات الأخرى نجد هناك اختلاف في القراءة
(2SVD)كما هو مكتوب في الأنبياء: «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك.
(ALAB)كما كتب في كتاب إشعياء:«ها أنا أرسل قدامك رسولي الذي يعد لك الطريق؛
(GNA)بدأت كما كتب النبـي إشعيا: ((ها أنا أرسل رسولي قدامك ليهيّئ طريقك
(JAB)كتب في سفر النبي أشعيا: ((هاءنذا أرسل رسولي قدامك ليعد طريقك.
ترى ما لسبب في هذا الاختلاف وأي القراءتين أصح هل أشعياء أم الأنبياء؟؟؟؟
إن كاتب إنجيل مرقص قد استشهد من العهد القديم والاقتباس في بداية النص من ملاخي فالنص في الفانديك صحيح
Mal 3:1 هئنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي. ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرون به. هوذا يأتي قال رب الجنود.
لماذا إذن اختلفت ترجمة الفانديك عن باقي الترجمات وهل أقدم المخطوطات وأصحها تتفق مع الفانديك أم مع الترجمات الأخرى؟؟ بالرجوع إلى أقدم المخطوطات نجد أمر عجيب جداَ لقد ورد النص في أقدم المخطوطات بقراءة ( كما هو في أشعياء النبي )
صورة النص من المخطوطة الفاتيكانية
صورة النص من المخطوطة السينائية
Mar 1:2 Καθὼς γέγραπται ἐν τῷἨσαΐᾳ τῷ προφήτῃ, Ἰδοὺἀποστέλλω τὸν ἄγγελόν μου πρὸ προσώπου σου, ὃς κατασκευάσει τὴν ὁδόν σου·
وكما يتضح من صور أقد م المخطوطات قراءة ( كما في أشعياء النبي )ἐν τῷἨσαΐᾳ τῷ προφήτῃ
كذلك الحال مع مخطوطة سانت كاترين ومخطوطه سانت كاترين هي أقدم مخطوطة عربية للأناجيل الأربعة المعتمدة في الكنائس المسكونية كافة
)متى (متاؤس( مرقص)،( لوقا)، (يوحنا، (يُحنَّا.. ومعنص الأناجيل، تضم المخطوطة إشارات، كُتبت بالمداد الأحمر للمناسبات التيتُقرأ فيها الآيات، بحسب ما هو معمول به في الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية وبالتالي في الكنيسة الأرثوذكسية المصرية
صورة النص من المخطوطة سانت كاترين
والصوره توضح أنه حتى مخطوطة سانت كاترين المعترف بها من الكنيسة الأرثوذكسية قدر أوردت قراء ( أشعياء النبي )
وهذا يخالف الاقتباس فالاقتباس من ملاخي بينما النص في أقدم المخطوطات وأصحها يقول( كما في أشعياء النبي) لقد اتفقت أقدم المخطوطات مع الترجمات الأخرى واختلفت مع الفانديك فنحن الآن أمام مشكله فقراءة أشعياء برغم أنها الأصل فهي خطأ تاريخي وقد أشار العالم بروس متزجر في كتابه نص العهد الجديد إلى هذه المشكلة ضمن المشاكل النسخية الموجودة في العهد الجديد تحت عنوان إزالة الصعوبات التاريخية والجغرافية
لقد تسبب الخطأ الفادح الذي وقع فيه كاتب إنجيل مرقص في مشكله للنساخ فلو بقي النص بقراءة " كما في أشعياء النبي " لأثار العديد من التساؤلات إذ كيف يقال كما هو مكتوب في أشعياء بينما الاقتباس التالي هو من ملاخي ؟؟؟
ويبدو أن بعض النساخ في العصور التالية قد تنبهوا لهذه المشكلة ولهذا الخطأ التاريخي وسارعوا إلى التعديل حيث أوردت كل من المخطوطة واشنجتون والمخطوطة السكندرية النص بالقراءة الصحيحة
صورة النص من المخطوطة واشنجتون
صورة النص من المخطوطة السكندرية
Mar 1:2ως γεγραπται εν τοις προφηταις ιδου εγω αποστελλω τον αγγελον μου προ προσωπου σου ος
κατασκευασει την οδον σου εμπροσθεν σου
وكما يتضح من صور المخطوطات يرد النص بقراءة( كما في الأنبياء)εν τοις προφηταις
فقد تم تغيير
كما في اشعياء النبي = ἐν τῷἨσαΐᾳ τῷ προφήτῃ
إلى
كما في الأنبياء= εν τοις προφηταις
فالنص إذن قد تم تعديله في المخطوطات المتأخرة وحتى نعرف الهدف الخطير وراء هذا التحريف نعود لنقرأ بداية إنجيل مرقص مره أخرى وتحديداً النصين ( مرقص 2:1) ، (مرقص 3:1)
Mar 1:2 كما هو مكتوب في الأنبياء: «ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك.
Mar 1:3 صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة».
إن القارئ الجيد للكتاب المقدس سيلاحظ أن كاتب إنجيل مرقص عند اقتباسه أو استشهاده بالعهد القديم جمع في اقتباسه بين سفرين فالجزء الأول
(ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك) من سفر ملاخي بينما الجزء الثاني(صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب اصنعوا سبله مستقيمة) من سفر إشعياء
Mal 3:1هئنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي. ويأتي بغتة إلى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرون به. هوذا يأتي قال رب الجنود.
Isa 40:3 صوت صارخ في البرية: أعدوا طريق الرب. قوموا في القفر سبيلا لإلهنا.
العالم بروس متزجر قد أشار إلى الهدف من وراء قيام بعض النساخ بتغيير النص في كتابه التفسير النصي للعهد الجديد الجزء الثاني صفحة (64)
A Textual Commentary On The Greek New Testament - Second Edition
by BRUCE M. METZGER Page 64
Mark 1.2εν τω ησαια τω προφητη {A}
The quotation in verses 2 and 3 is composite, the first part being from Mal 3.1 and the second part from Is 40.3. It is easy to see, therefore, why copyists would have altered the words “in Isaiah the prophet” (a reading found in the earliest representative witnesses of the Alexandrian and the Western types of text) to the more comprehensive introductory formula “in the prophets.”
الترجمه
((الاقتباس في الآيات 2 و 3 مركب ، الجزء الأول من ملاخي 3.1 والجزء الثاني من اشعياء 40.3. ومن السهل بالتالي أن نرى ، لماذا غير النّساخ عبارة "أشعيا النبي" ( وهي قراءه موجوده في أقدم شواهد تمثل النص السكندري والغربي) إلى صيغه تمهيديه أكثر شمولا في الأنبياء))
والبروفيسور عزرا جولد بروفيسور العهد الجديد في كتابه الدراسات النقدية يشير إلى الهدف من تصحيح القراءة الأصلية
EZRA P. GOULD
Professor of the New Testament Literature and Language, Divinity School of the Protestant Episcopal Church, Philadelphia
Gould, E. P. (1922). A critical and exegetical commentary on the Gospel according to St. Mark (i). New York: C. Scribner's sons
ἐν τοῖς προφήταις.—There is no doubt that this is a correction of the original, to meet the difficulty of ascribing the double quotation from Malachi and Isaiah to Isaiah alone. The reading of all the critical texts is ἐν τῷἩσαΐᾳ τῷ προφήτῃ.
الترجمه
((مما لاشك فيه أن هذا التصحيح للأصل" كما في اشعياء النبي" كان لمواجهة صعوبة نسبة الاقتباس المزدوج من ملاخي وأشعياء إلى أشعياء وحده جميع النسخ النقدية تقرأ "كما في الأنبياء"))
هذا بالإضافة إلى عدم دقه الاقتباس نفسه حيث أن المكتوب في ملاخي "هئنذا أرسل ملاكي فيهيئ الطريق أمامي"في حين كتب مرقص " ها أنا أرسل أمام وجهك ملاكي الذي يهيئ طريقك قدامك"كما أن كلمة قدامك εμπροσθεν σου غير موجودة في أغلب المخطوطات كل ما أوردناه يلفت الانتباه لشيء خطير جدا وهو أن كاتب إنجيل مرقص لم يكن يكتب بوحي فهو لا يعرف الفرق بين أشعياء وملاخي ويبدو أن الروح القدس قد تخلى عن الكاتب حال كتابته لهذا النص وإزاء هذا الوضع المحرج لمرقص فقد تطوع النّساخ وقاموا بتعديل النص ليكون" الأنبياء "ليوافق الاقتباس الآتي بعدهفحقاً إلى الصواب حولها قلم الكتبة الكاذب
أختكم منة الله
تعليق