بسم الله الرحمن الرحيم
صدق الله القائل "لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ"
إن من العجيب أن نجد الكتاب المقدس يقول في سفر التكوين "خَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ" سفر التكوين 5 : 1 .. إذن فالكتاب المقدس يقر أن الإنسان مخلوق .. ثم يقول في سفر العدد بأن الله ليس انسانا و لا ابن انسان "لَيْسَ اللهُ إِنْسَانًا فَيَكْذِبَ وَلاَ ابْنَ إِنْسَانٍ فَيَنْدَمَ" سفر العدد 23 : 19 .. و لذلك نجد المسيح عليه السلام يخاطب بني اسرائيل مقرا بأنه انسان حين يقول في انجيل يوحنا "وَلكِنَّكُمُ الآنَ تَطْلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي وَأَنَا إِنْسَانٌ قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالْحَقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ اللهِ" يوحنا 8 : 40 .. و قال لهم ايضا في انجيل يوحنا "فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ" يوحنا 8 : 28 .. أي يقول لهم أنه هو ابن الإنسان المسيح الذي مسحه الله بالروح القدس كما مسح داود و هارون من قبل .. إلا أن المسيحيين أصروا على أن يسوع هو الله .. و نحن هنا في هذا البحث بإذن الله تعالى نثبت لهم من الكتاب المقدس أن اعتقادهم هذا ليس حقا و ليس صدقا
مقدمة
ايها الإخوة .. إن الموضوع الذي سنناقشه جد خطير.. إنه الموضوع الذي أرسل الله لأجله الرسل .. وهو عبادة الله وحده لا شريك له وعدم الشرك به .. إنه موضوع التوحيد الصحيح الذي أتى به الأنبياء جميعا الأولين والآخرين .. ولن يقبل الله غيره أبدا .. إن الله لا يقبل مثقال ذرة من شرك .. ولم لا فهل تقبل أنت أن تشرب كوبا من اللبن به نقطة دم أو بعض البول النجس؟! .. ولله المثل الأعلى .. فكيف تريد من الله الغني أن يقبل إشراكك به أحدا من خلقه في الوهيته .. لقد قال الله في الحديث القدسي "أنا أغنى الأغنياء عن الشرك" و القرآن يقول "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" .. إننا سنناقش اليوم موضوع جد خطير .. وهو قول المسيحيين .. بإلوهية المسيح بن مريم عليه السلام .. و الكتاب المقدس يعلنها صريحة في العهد القديم في سفراشعياء45: 15-18 حيث يقول الله الواحد الأحد "انا الرب وليس آخر .. أليس انا الرب ولا اله آخر غيري .. إله بار ومخلّص ليس سواي .. التفتوا اليّ واخلصوا يا جميع اقاصي الارض لاني انا الله وليس آخر" .. ألم يقل المسيح عليه السلام بلسانه مخاطبا بني اسرائيل قائلا عنهم وعن نفسه أن الله هو ربه و ربهم "وأول هذه الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا إله واحد" أليس من حق الله أن يغار على الوهيته وهو الخالق ذو النعم التي لا تُعد ولا تُحصى؟ ألم يقل الله في التوراة في سفرالخروج 34:14 "فانك لا تسجد لإله آخر لان الرب اسمه غيور" .. ألم يقل في التوراة في سفر التثنية 6:15 "لان الرب الهكم اله غيور في وسطكم لئلا يحمى غضب الرب الهكم عليكم فيبيدكم عن وجه الارض" إن الموضوع الذي سنناقشه هو التوحيد أو الشرك .. عبادة الله وحده أو الإشراك به أحدا من خلقه .. إنه رضا الله أو سخط الله .. إنها فردوس أبدا أو نار أبدا .. فقد قال الله في القرآن الكريم"إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا"
انني ابدأ هنا متسائلا ماهي حقيقة المسيح عليه السلام من الكتاب المقدس؟ .. هل هو نبي كريم من أولي العزم من الرسل وعبد لله كما يقول القرآن وكما يقول الكتاب المقدس ايضا؟ .. أم هو الله الابن وهو الأقنوم الثاني في الثالوث الأقدس كما يقول المسيحيون؟ .. والحق أحق أن يتبع .. وقد قال المسيح عليه السلام .. في انجيل يوحنا 5 : 39 "فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية وهي التي تشهد لي"
قبل أن ابدأ.. أحب أن اوضح حقيقة المسيح عليه السلام من الكتاب المقدس من كلامه الواضح الصريح الذي لا يحتمل تأويلا ولا ليا لأعناق الكلمات. إن المسيح عليه السلام قبل إصعاده إلى السماء مباشرة يقول لمريم المجدلية في انجيل يوحنا 20 : 17 "ولكن اذهبي الى اخوتي وقولي لهم اني اصعد الى ابي وابيكم والهي والهكم" .. نعم "اني اصعد إلى الهي" إن المسيح هنا له إله. فمن هو إله المسيح ابن مريم عليه السلام؟ بالتأكيد إنه الله. وبما أن المسيحيين يقولون أن المسيح هو الله فقد كان يجب علي المسيح أن يقول لمريم المجدلية إني أنا الله وصاعد إلى نفسي؟ .. أرجو أن لايقول أحد المسيحيين إن الناسوت "المسيح الإنسان الكامل" صاعد إلى اللاهوت "المسيح الله" .. لأنكم تقولون إن اللاهوت لم يفارق الناسوت طرفة عين بل كانا ممتزجين معا فكيف يصعد إليه و هم ممتزج به؟. يقول بعض المسيحيون إن المسيح في العدد السابق من انجيل يوحنا 20 : 17 يفرق بين طبيعته و طبيعة التلاميذ بحروف العطف ولذلك فهو ليس مثل باقي البشر "الهي و الهكم" ولذلك استخدم كلمة الهي والهكم .. وإني أرد هنا بقولي إن نفس الاسلوب الذي تحتجون به موجود في سفر التكوين الاصحاح 43 العدد 23 نجد يوسف عليه السلام يتكلم مع إخوته قائلا لهم .. "فقال سلام لكم لا تخافوا الهكم و اله ابيكم اعطاكم كنزا في عدالكم" وبناءا على تفسيركم هل أبناء يعقوب آلهه كما تقولون أنتم عن المسيح بن مريم عليه السلام؟ ويتكونون من "لاهوت إله وناسوت إنسان" و أبيهم يعقوب عبد إنسان؟ .. أم هل أبناء يعقوب عبيد .. و أبوهم يعقوب إله "لاهوت وناسوت"؟ بالطبع لا .. إن أبناء يعقوب من بني الإنسان وكذلك أبوههم يعقوب إنسان .. أليس كذلك؟ .. وإله أبناء يعقوب وإله أبيهم واحد .. أليس كذلك؟ إذن ليس هناك فرق بين قول يوسف" إلهكم واله ابيكم" وقول المسيح "الهي وإلهكم" .. وإلا فلتعبدوا يعقوب! وحتى لايقول أحد المسيحيين أن المسيح هو الذي صعد بنفسه إلى السماء فإني أرد عليهم مسبقا وأقول له إن الكتاب المقدس يقول في أعمال الرسل 5:31 "هذا رفّعه الله بيمينه" أي أن الله هو الرافع ويسوع هو المرفوع .. فالمسيح لم يقدر أن يفعل من نفسه شيئا! وفي لوقا 24 : 51 "وفيما هو يباركهم انفرد عنهم واُصعد الى السماء" .. هناك فرق بين الفعل الماضي صعد والفعل المبني للمجهول اُصعد .. المسيح هنا لم يصعد من نفسه .. ولكنه اُصعد أي أن الله هو الرافع ويسوع هو المرفوع .. المسيح صاعد إلى إلهه .. و إلهه هو الله.
تعليق