إعداد الشيخ دين أبو البشر – رئيس منظمة تضامن الروهنجا، أراكان بورما
تقع بورما في جنوب شرق آسيا، يحدها من الشرق تايلاند، ومن الغرب الهند وبنغلاديش، ومن الشمال يحدها الصين، بينما يحدها من الجنوب خليج البنغال وماليزيا.
دخل الاسلام إلى بورما عن طريق أراكان في القرن الاول الهجري بواسطة تجار العرب وعلى رأسهم الصحابي الجليل وقاص بن مالك رضي الله عنه ومجموعة من التابعين وأتباعهم. حيث كان العرب يمارسون مهن التجارة، ولأجلها يسافرون الى قاصي البلاد ودانيها. وفي يوم من الايام انكسرت سفينتهم اثناء سفرهم للتجارة في وسط خليج البنغال على مقربة من ساحل اراكان. فاضطروا الى اللجوء الى جزيرة رحمبي بأراكان. وبعد ذلك توطنوا في اراكان وتزوجوا من بنات السكان المحليين. وحيث انهم تلقوا الارشادات النبوية ووعوا قوله : 'بلغوا عني ولو آية' وقوله: 'فليبلغ الشاهد الغائب' فهم بدأوا بممارسة الاعمال الدعوية فيما بين السكان المحليين، ويدعونهم الى الدين السماوي الخالد بالحكمة والموعظةالحسنة. فبدأوا يدخلون في دين الله أفواجا. وبعد ذلك يتردد عليها الدعاة من مختلف مناطق العالم. ويزداد عدد المسلمين يوما فيوما الىان استطاع المسلمون تأسيس دولة اسلامية في اراكان منذ عام 1430م بيد سليمان شاه. واستمرت الحكومة الاسلامية فيها لمدة اكثر من ثلاثة قرون ونصف الى ان هجم عليها البوذيون عام 1784م...
إنتشار الإسلام
وهكذا انتشر الاسلام في جميع مناطق بورما. حتى وصل عدد المسلمين حاليا في بورما الى عشرة ملايين مسلما من بين مجموع سكانها البالغ عددهم خمسين مليون نسمة. فمنهم اربعة ملايين في اراكان. والبقية منتشرون في جميع المناطق. تشكل نسبة المسلمين في بورما 20% من مجموع السكان. اما في اراكان وحدها فتبلغ نسبة المسلمين الى 70% ويشكلون اغلبية ساحقة فيها. ومنهم حوالي اكثر من مليوني مسلم من الشعب الروهنجيا يعيشون حياة المنفي والهجرة في مختلف دول العالم.
محنة المسلمين
وكانت بورما منذ سيطرتها على اراكان المسلمة عام 1784م تحاول القضاء على المسلمين ولكنها فقدت سلطتها بيد الاستعمار البريطاني عام 1824م. وبعد مرور اكثر من مائة سنة تحت سيطرة الاستعمار نالت بورما الحكم الذاتي عام 1938م. فأول أمر قامت به بورما هو القتل وتشريد المسلمين بشكل عام في جميع مناطق بورما حتى في عاصمة رانغون. حيث استشهد عدد كبير، واضطر اكثر من 500000 خمسمائة الف مسلم الى مغادرة بورما. وفي عام 1942م قام البوذيون المشاغبون بمساعدة السلطة الداخلية بالقتل والدمار الشامل على المسلمين في جنوب اراكان، حيث استشهد حوالي مائة الف مسلم. ومنذ ان أخذت بورما استقلالها من بريطانيا عام 1948م كانت اول خطتها هي برمنة جميع الشعوب والاقليات التي تعيش في بورما. وفعلا نجحت في تطبيق خطتها في خلال عدة سنوات. لكنها فشلت تماما في حق المسلمين لكونهم مستمدين مباشرة من المنبع الصافي للهداية الذي قال فيه الرسول : 'تركت فيكم امرين لن تضلوا بعدي ما ان تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله'. فلا يوجد اي احد من المسلمين ارتد عن الاسلام واعتنق الديانة البوذية او اي دين آخر.
فلما احست بورما هذه الحقيقة وشعرت جيداً غيرت موقفها وخطتها الى 'القضاء على المسلمين واقتلاع جذور الاسلام من ارض بورما'، وذلك بقتل ونهب وتشريد المسلمين ومسخ هويتهم وطمس شعائرهم وتراثهم وتغيير معالمهم وثقافتهم ودس السموم في نفوسهم وما الى ذلك من الاساليب والبرامج للظلم والعدوان. ومنذ ان استولى الجيش على مقاليد الحكم عام 1962م اشتدت المظالم على المسلمين بطريق اوسع من السابق. ففي عام 1978م شردت بورما اكثر من 300000 ثلاثمائة الف مسلم الى بنغلاديش. وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنين في بورما بعد عام 1824م (عام دخول الاستعمار البريطاني الى بورما) رغم ان الواقع والتاريخ يكذب ذلك. وفي عام 92-1991م شردت بورما حوالي ثلاثمائة الف (300،000) مسلم الى بنغلاديش مرة اخرى.
وهكذا كان نزوح المسلمين الى بنغلاديش ومنها إلى بلاد اخرى مستمر كل يوم. لأن الحكومة خلقت جو الهجرة. فالوضع الذي يعيشه مسلمو اراكان مأساوي جدا، فهم محرومون من أبسط الحقوق الانسانية، وهناك مئات الآلاف من الاطفال تمشي في ثياب بالية ووجوه شاحبة، واقدام حافية، وعيون حائرة لما رأوا من مظالم واعتداءات البوذيين. تثقل الاجواء بصرخات الثكالى والارامل اللائي يبكين بدماء العفة، يخطف رجالهن ويعلقون على جذوع الاشجار بالمسامير وحيث تقطع انوفهم واذانهم ويفعل بهم الافاعيل. وعشرات المساجد والمدارس تدمر بأيد نجسة مدنسة.
انتهاك حقوق الانسان
وفي الآونة الاخيرة تكثف تحديد النسل فيما بين المسلمين، حيث اصدرت قرارات عدة، منها قرار ينص على ان 'المرأة المسلمة لا يمكن زوجاها الا بعد ان تبلغ 52 سنة من عمرها، بينما لا يسمح للرجل بالزواج الا بعد مرور 30 سنة من عمره'. ولا يمكن الزواج الا بعد الحصول على التصريح المكتوب من ادارة قوات الامن الحدودية 'ناساكا' والذي لا يعطى لا اذا توفرت الشروط وهي: تقديم الطلب مع الصور الفوتوغرافية لكل من العريس والعروس الى 'ناساكا' ثم احضارهما الى قاعدة 'ناساكا' للفحص والتأكيد على عمرهما، وأنهما راضيان ومؤهلان للزواج ام لا؟ وعلى الرغم من الانتهاء من جميع هذه الاجراءات فإن 'ناساكا' لا تسمح بالزواج الا بعد تقديم الرشوة بمبلغ كبير يرضيها، والذي لا يقدر الجيمع على تسديده. كما انها لا تسمح في سنة كاملة لأكثر من عشرين اسرة بالزواج في القرية التي تتكون من الفي اسرة على اقل تقدير. فإذا خالف احد هذا القرار المرير فعقوبته تفكيك الزواج والاعتقال لمدة ستة اشهر وغرامة 500.000 (خمسمائة الف) كيات بورمي'.
ومنها: قرار يهز مشاعر المسلمين وانطباعاتهم، ويهدد كيانهم ووجودهم، والذي لا يوجد له نظير في تاريخ الانسانية. فهذا القرار الشنيع ينص على 'احضار المرأة المسلمة الحامل الى قاعد ادارة قوات الامن الحدودية 'ناساكا' لأخذ صورتها الملونة مكتشفة بطنها بعد مرور كل شهر حتى تضع حملها، وفي كل مرة لا بد من دفع الرسوم بمبلغ كبير' وذلك للتأكد - كما تقول السلطة - على سلامة الجنين، ولتسهيل احصائية لمولود بعد الولادة. ولكن لسان الواقع يلح بأن الهدف من اصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنه ليس لهم اي حق للعيش في أراكان بأمن وسلام.
وعلى صعيد السكاني فإن الحكومة مازالت تقوم بإحداث تغيرات ملموسة في التركيبة الديمو غرافية لمناطق المسلمين. فلا توجد أي قرية أو منطقة إلا وفيها منازل البوذيين المستوطنيين. وتكون السلطة حتى في القرية بأدي البوذيين. ومنذ عام 1988م قامت الحكومة بإنشاء ما يسمى 'القرى النموذجية' في شمال أراكان من بورما حتى يتسنى تشجيع أسر الريكهاين البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق. ومن ناحية استيطان البوذيين الذين ينتقلون من أماكن مختلفة حتى من بنغلادش إلى هذه القرى النموذجية، وتمنح لهم الأراضي وبيوت جاهزة التي شيدت بأيدي المسلمين بدون أجر. فمصادرة الأراضي من المسلمين ومنحها إلى الريكهاين البوذيين بهذه الطريقة خلق توتر شديدا فيما بين المسلمين.
هدم المساجد
وفي ظل اجواء عدم الاستقرار الامني والديني والاجتماعي للمسلمين في بورما بيد السلطة البوذية العسكرية التي تتخذ وتطبق قرارات وخطوات شنيعة ومفجعة من أجل القضاء على المسلمين وطمس شعائرهم ومسخ ثقافتهم وتراثهم، فإن السلطة اقدمت على اصدار قرار يمس مشاعر المسلمين وهو: 'حظر تأسيس مسجد جديد، وعدم اصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تم بناؤها او اصلاحها في خلال عشر سنوات منصرمة في اقليم اراكان'. وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت الى الآن اكثر من 72 مسجدا.
وجدير بالذكر ان في بورما يوجد اكثر من 2566 مسجدا، كما يوجد اكثر من 5901 مدرسة وجامعة اسلامية. ومنها في اراكان 1538 مسجدا، و405 مدرسة وجامعة اسلامية.
وفي بداية شهر فبراير قام المشاغبون البوذيون في مدينة اكياب بإحراق وتدمير قرى المسلمين، وقتل وتشريد سكانها بشكل شامل حيث راح ضحيتها حوالي خمسمائة شهيد واكثر من ألفي جريح.
وفي شهر مايو قام المشاغبون البوذيون بشن الهجوم على المسلمين في مدينة تونجو على مقربة من عاصمة رانغون بإثارة وتعاون السلطة العسكرية. مما ادى الى استشهاد عشرات من المسلمين، ودمرت اربعة مساجد.
وفي الاونة الاخيرة اصدرت السلطة قرارا يقتضي بأن العاملين والموظفين في الحكومة لا يسمح لهم باطلاق لحاهم وارتداء الزي الاسلامي في الدوائر الرسمية وكل من لا يمتثل لهذا الامر يفصل من الوظيفة. وفعلا تم العمل بهذا القرار، واعفي المسلمون من العديد من الوظائف.
صرخة واستغاثة
ان قضية مسلمي بورما تشكل محنة كبيرة، وهي كارثة انسانية بكاملها. وجريمة عظيمة في حق المجتمع الدولي وضد القانون الدولي. وان ابادة حنس بشري او فئة معينة داخل بورما لا تعتبر شأنا داخليا يخص بورما وحدها، بل هو يستدعي اهتمام وعناية الجميع في العالم. لأنه يتعلق بحقوق الانسان التي لحمايتها اعلنت هيئة الامم المتحدة وثيقة دولية قبل نصف قرن من الزمان.
فهؤلاء المستضعفون في بورما من الرجال والنساء والولدان يصرخون ويستنصرون بالامة الاسلامية حكومات وشعوبا الذين قال فيهم الرسول : ' مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كجسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى' ويناشدون المسلمين في العالم ان يقفوا بجانب مسلمي بورما وان يقوموا بأخذ الاجراءات اللازمة لوقف العمليات العدوانية التي تمارسها الحكومة البورمية ضد مسلمي بورما. وأن يمارسوا كافة الاساليب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لحماية مسلمي بورما من بطش السلطة العسكرية البوذية. وهم ينادون ربهم: }رَبنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (النساء: من الآية75) فهل من ناصر ينصرهم؟ والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدينِ فَعَلَيْكُمُ النصْرُ{ (لأنفال: من الآية72).
__________________
تقع بورما في جنوب شرق آسيا، يحدها من الشرق تايلاند، ومن الغرب الهند وبنغلاديش، ومن الشمال يحدها الصين، بينما يحدها من الجنوب خليج البنغال وماليزيا.
دخل الاسلام إلى بورما عن طريق أراكان في القرن الاول الهجري بواسطة تجار العرب وعلى رأسهم الصحابي الجليل وقاص بن مالك رضي الله عنه ومجموعة من التابعين وأتباعهم. حيث كان العرب يمارسون مهن التجارة، ولأجلها يسافرون الى قاصي البلاد ودانيها. وفي يوم من الايام انكسرت سفينتهم اثناء سفرهم للتجارة في وسط خليج البنغال على مقربة من ساحل اراكان. فاضطروا الى اللجوء الى جزيرة رحمبي بأراكان. وبعد ذلك توطنوا في اراكان وتزوجوا من بنات السكان المحليين. وحيث انهم تلقوا الارشادات النبوية ووعوا قوله : 'بلغوا عني ولو آية' وقوله: 'فليبلغ الشاهد الغائب' فهم بدأوا بممارسة الاعمال الدعوية فيما بين السكان المحليين، ويدعونهم الى الدين السماوي الخالد بالحكمة والموعظةالحسنة. فبدأوا يدخلون في دين الله أفواجا. وبعد ذلك يتردد عليها الدعاة من مختلف مناطق العالم. ويزداد عدد المسلمين يوما فيوما الىان استطاع المسلمون تأسيس دولة اسلامية في اراكان منذ عام 1430م بيد سليمان شاه. واستمرت الحكومة الاسلامية فيها لمدة اكثر من ثلاثة قرون ونصف الى ان هجم عليها البوذيون عام 1784م...
إنتشار الإسلام
وهكذا انتشر الاسلام في جميع مناطق بورما. حتى وصل عدد المسلمين حاليا في بورما الى عشرة ملايين مسلما من بين مجموع سكانها البالغ عددهم خمسين مليون نسمة. فمنهم اربعة ملايين في اراكان. والبقية منتشرون في جميع المناطق. تشكل نسبة المسلمين في بورما 20% من مجموع السكان. اما في اراكان وحدها فتبلغ نسبة المسلمين الى 70% ويشكلون اغلبية ساحقة فيها. ومنهم حوالي اكثر من مليوني مسلم من الشعب الروهنجيا يعيشون حياة المنفي والهجرة في مختلف دول العالم.
محنة المسلمين
وكانت بورما منذ سيطرتها على اراكان المسلمة عام 1784م تحاول القضاء على المسلمين ولكنها فقدت سلطتها بيد الاستعمار البريطاني عام 1824م. وبعد مرور اكثر من مائة سنة تحت سيطرة الاستعمار نالت بورما الحكم الذاتي عام 1938م. فأول أمر قامت به بورما هو القتل وتشريد المسلمين بشكل عام في جميع مناطق بورما حتى في عاصمة رانغون. حيث استشهد عدد كبير، واضطر اكثر من 500000 خمسمائة الف مسلم الى مغادرة بورما. وفي عام 1942م قام البوذيون المشاغبون بمساعدة السلطة الداخلية بالقتل والدمار الشامل على المسلمين في جنوب اراكان، حيث استشهد حوالي مائة الف مسلم. ومنذ ان أخذت بورما استقلالها من بريطانيا عام 1948م كانت اول خطتها هي برمنة جميع الشعوب والاقليات التي تعيش في بورما. وفعلا نجحت في تطبيق خطتها في خلال عدة سنوات. لكنها فشلت تماما في حق المسلمين لكونهم مستمدين مباشرة من المنبع الصافي للهداية الذي قال فيه الرسول : 'تركت فيكم امرين لن تضلوا بعدي ما ان تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله'. فلا يوجد اي احد من المسلمين ارتد عن الاسلام واعتنق الديانة البوذية او اي دين آخر.
فلما احست بورما هذه الحقيقة وشعرت جيداً غيرت موقفها وخطتها الى 'القضاء على المسلمين واقتلاع جذور الاسلام من ارض بورما'، وذلك بقتل ونهب وتشريد المسلمين ومسخ هويتهم وطمس شعائرهم وتراثهم وتغيير معالمهم وثقافتهم ودس السموم في نفوسهم وما الى ذلك من الاساليب والبرامج للظلم والعدوان. ومنذ ان استولى الجيش على مقاليد الحكم عام 1962م اشتدت المظالم على المسلمين بطريق اوسع من السابق. ففي عام 1978م شردت بورما اكثر من 300000 ثلاثمائة الف مسلم الى بنغلاديش. وفي عام 1982م ألغت جنسية المسلمين بدعوى أنهم متوطنين في بورما بعد عام 1824م (عام دخول الاستعمار البريطاني الى بورما) رغم ان الواقع والتاريخ يكذب ذلك. وفي عام 92-1991م شردت بورما حوالي ثلاثمائة الف (300،000) مسلم الى بنغلاديش مرة اخرى.
وهكذا كان نزوح المسلمين الى بنغلاديش ومنها إلى بلاد اخرى مستمر كل يوم. لأن الحكومة خلقت جو الهجرة. فالوضع الذي يعيشه مسلمو اراكان مأساوي جدا، فهم محرومون من أبسط الحقوق الانسانية، وهناك مئات الآلاف من الاطفال تمشي في ثياب بالية ووجوه شاحبة، واقدام حافية، وعيون حائرة لما رأوا من مظالم واعتداءات البوذيين. تثقل الاجواء بصرخات الثكالى والارامل اللائي يبكين بدماء العفة، يخطف رجالهن ويعلقون على جذوع الاشجار بالمسامير وحيث تقطع انوفهم واذانهم ويفعل بهم الافاعيل. وعشرات المساجد والمدارس تدمر بأيد نجسة مدنسة.
انتهاك حقوق الانسان
وفي الآونة الاخيرة تكثف تحديد النسل فيما بين المسلمين، حيث اصدرت قرارات عدة، منها قرار ينص على ان 'المرأة المسلمة لا يمكن زوجاها الا بعد ان تبلغ 52 سنة من عمرها، بينما لا يسمح للرجل بالزواج الا بعد مرور 30 سنة من عمره'. ولا يمكن الزواج الا بعد الحصول على التصريح المكتوب من ادارة قوات الامن الحدودية 'ناساكا' والذي لا يعطى لا اذا توفرت الشروط وهي: تقديم الطلب مع الصور الفوتوغرافية لكل من العريس والعروس الى 'ناساكا' ثم احضارهما الى قاعدة 'ناساكا' للفحص والتأكيد على عمرهما، وأنهما راضيان ومؤهلان للزواج ام لا؟ وعلى الرغم من الانتهاء من جميع هذه الاجراءات فإن 'ناساكا' لا تسمح بالزواج الا بعد تقديم الرشوة بمبلغ كبير يرضيها، والذي لا يقدر الجيمع على تسديده. كما انها لا تسمح في سنة كاملة لأكثر من عشرين اسرة بالزواج في القرية التي تتكون من الفي اسرة على اقل تقدير. فإذا خالف احد هذا القرار المرير فعقوبته تفكيك الزواج والاعتقال لمدة ستة اشهر وغرامة 500.000 (خمسمائة الف) كيات بورمي'.
ومنها: قرار يهز مشاعر المسلمين وانطباعاتهم، ويهدد كيانهم ووجودهم، والذي لا يوجد له نظير في تاريخ الانسانية. فهذا القرار الشنيع ينص على 'احضار المرأة المسلمة الحامل الى قاعد ادارة قوات الامن الحدودية 'ناساكا' لأخذ صورتها الملونة مكتشفة بطنها بعد مرور كل شهر حتى تضع حملها، وفي كل مرة لا بد من دفع الرسوم بمبلغ كبير' وذلك للتأكد - كما تقول السلطة - على سلامة الجنين، ولتسهيل احصائية لمولود بعد الولادة. ولكن لسان الواقع يلح بأن الهدف من اصدار هذا القرار المرير هو الاستهتار بمشاعر المسلمين، وتأكيدهم على أنه ليس لهم اي حق للعيش في أراكان بأمن وسلام.
وعلى صعيد السكاني فإن الحكومة مازالت تقوم بإحداث تغيرات ملموسة في التركيبة الديمو غرافية لمناطق المسلمين. فلا توجد أي قرية أو منطقة إلا وفيها منازل البوذيين المستوطنيين. وتكون السلطة حتى في القرية بأدي البوذيين. ومنذ عام 1988م قامت الحكومة بإنشاء ما يسمى 'القرى النموذجية' في شمال أراكان من بورما حتى يتسنى تشجيع أسر الريكهاين البوذيين على الاستقرار في هذه المناطق. ومن ناحية استيطان البوذيين الذين ينتقلون من أماكن مختلفة حتى من بنغلادش إلى هذه القرى النموذجية، وتمنح لهم الأراضي وبيوت جاهزة التي شيدت بأيدي المسلمين بدون أجر. فمصادرة الأراضي من المسلمين ومنحها إلى الريكهاين البوذيين بهذه الطريقة خلق توتر شديدا فيما بين المسلمين.
هدم المساجد
وفي ظل اجواء عدم الاستقرار الامني والديني والاجتماعي للمسلمين في بورما بيد السلطة البوذية العسكرية التي تتخذ وتطبق قرارات وخطوات شنيعة ومفجعة من أجل القضاء على المسلمين وطمس شعائرهم ومسخ ثقافتهم وتراثهم، فإن السلطة اقدمت على اصدار قرار يمس مشاعر المسلمين وهو: 'حظر تأسيس مسجد جديد، وعدم اصلاح وترميم المساجد القديمة، وتدمير المساجد التي تم بناؤها او اصلاحها في خلال عشر سنوات منصرمة في اقليم اراكان'. وبموجب هذا القرار فإن السلطة هدمت الى الآن اكثر من 72 مسجدا.
وجدير بالذكر ان في بورما يوجد اكثر من 2566 مسجدا، كما يوجد اكثر من 5901 مدرسة وجامعة اسلامية. ومنها في اراكان 1538 مسجدا، و405 مدرسة وجامعة اسلامية.
وفي بداية شهر فبراير قام المشاغبون البوذيون في مدينة اكياب بإحراق وتدمير قرى المسلمين، وقتل وتشريد سكانها بشكل شامل حيث راح ضحيتها حوالي خمسمائة شهيد واكثر من ألفي جريح.
وفي شهر مايو قام المشاغبون البوذيون بشن الهجوم على المسلمين في مدينة تونجو على مقربة من عاصمة رانغون بإثارة وتعاون السلطة العسكرية. مما ادى الى استشهاد عشرات من المسلمين، ودمرت اربعة مساجد.
وفي الاونة الاخيرة اصدرت السلطة قرارا يقتضي بأن العاملين والموظفين في الحكومة لا يسمح لهم باطلاق لحاهم وارتداء الزي الاسلامي في الدوائر الرسمية وكل من لا يمتثل لهذا الامر يفصل من الوظيفة. وفعلا تم العمل بهذا القرار، واعفي المسلمون من العديد من الوظائف.
صرخة واستغاثة
ان قضية مسلمي بورما تشكل محنة كبيرة، وهي كارثة انسانية بكاملها. وجريمة عظيمة في حق المجتمع الدولي وضد القانون الدولي. وان ابادة حنس بشري او فئة معينة داخل بورما لا تعتبر شأنا داخليا يخص بورما وحدها، بل هو يستدعي اهتمام وعناية الجميع في العالم. لأنه يتعلق بحقوق الانسان التي لحمايتها اعلنت هيئة الامم المتحدة وثيقة دولية قبل نصف قرن من الزمان.
فهؤلاء المستضعفون في بورما من الرجال والنساء والولدان يصرخون ويستنصرون بالامة الاسلامية حكومات وشعوبا الذين قال فيهم الرسول : ' مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كجسد واحد اذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى' ويناشدون المسلمين في العالم ان يقفوا بجانب مسلمي بورما وان يقوموا بأخذ الاجراءات اللازمة لوقف العمليات العدوانية التي تمارسها الحكومة البورمية ضد مسلمي بورما. وأن يمارسوا كافة الاساليب السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لحماية مسلمي بورما من بطش السلطة العسكرية البوذية. وهم ينادون ربهم: }رَبنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً} (النساء: من الآية75) فهل من ناصر ينصرهم؟ والله سبحانه وتعالى يقول: {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدينِ فَعَلَيْكُمُ النصْرُ{ (لأنفال: من الآية72).
__________________
تعليق