بسم الله الرحمن الرحيم
هذه المقالة للمفكر التركي أورخان محمد علي
لا اشك بان معظم القراء سيستغربون من عنوان الكتاب...إذ ما العلاقة بين علم الفيزياء وبين فرضية التطور ؟!!...وأنا أعلم أن هذا الاستغراب لن يكون مقتصرا على الشخص العادي، بل سيستغرب منه حتى أ ساتذة الفيزياء واساتذة علم الأحياء أيضا وهذا مما يحز في النفس؛ فالجميع يعتقدون ان فرضية التطور لا علاقة لها بالعلوم الأخرى كالفيزياء والفلك والرياضيات؛ بل تتعلق بعلم الأحياء مع بعض العلاقة بالجيولوجيا وبعلم المتحجرات. وهذا أحد الأخطاء العلمية الشائعة عندنا . لأن هؤلاء ينسون العلاقة الوثيقة الموجودة بين مختلف العلوم، كما ينسون تأثير العلوم في الفلسفة .
بعد ان استقلت العلوم عن الفلسفة، وشقت طريقها الخاص بها وتوسعت وتفرعت تصاعد تأثيرها على ساحة الفلسفة شيئا فشيئا. وفي القرنين الماضيين اتضح هذا الدور الخطير والمهم للعلم وتأثيره العميق في الفلسفة وفي ظهور المدارس الفلسفية العديدة وضوحا تاما. فقد لعبت فرضية التطور لدارون ونظرية فرويد في التحليل النفسي والنظرية النسبية الخاصة والعامة لانشتاين والنظرية الكمية لماكس بلانك "Quantum Theory" ومبدأ "هايزنبرغ "في عدم التحديد أو مبدأ اللادقة uncertainty principle ...لعبت هذه النظريات والاكتشافات العلمية دورا كبيرا في عالم الفلسفة وأثرت بشكل عميق على مختلف المدارس الفلسفية .لذا اصبح لزأما على العاملين في حقل الفلسفة متابعة التطورات العلمية عن كثب، ولاسيما في علوم الفيزياء والفلك وعلم الكونيات وان يكونوا ملمين بعلم الرياضيات. وهذا في رأيي من أهم الاسباب في اننا لا نملك حاليا فلاسفة، فاساتذة الفلسفة عندنا قلما يملكون أي باع في الفيزياء أو في الرياضيات لانهم لا يملكون خلفية علمية، اذ ان خريجي الفرع الادبي هم الذين يتقدمون لاقسام الفلسفة في الكليات، لذا يعجزون عن فهم معاني ومدلولات المعادلات الرياضية والمعادلات الفيزيائية .كما ان أساتذة علوم الرياضيات والفيزياء قلما يقبلون على دراسة الفلسفة، لذا فهم نادرا ما ينتبهون إلى الجوانب الفلسفية الخطيرة للعلوم التي يقومون بتدريسها لطلابهم، فهم يقدمون لطلابهم القوانين والمفردات العلمية دون الاشارة الىمعانيها الفلسفية ...انهم يقومون بوظيفة النقل فحسب ...نقل المعلومات إلى عقول الطلاب نقلا آليا. ومن الطبيعي انه لا يتسنى في مثل هذا الجو تربية العقول والاذهان التربية العلمية الصحيحة، ولا التربية الفلسفية الصحيحة.
كمثال على ما نقول سنتنأول في هذا الفصل بالشرح قانونا فيزيائيا ذا دلالات فلسفية عميقة، وهو ا لأن محل اهتمام العلماء في الغرب. إلا اننا لم نجد -حسب علمنا -كاتبا أو مفكرا تناوله بالبحث والتحليل في العالم العربي *.
وسنتنأول إن شاء الله تعإلى في الكتب القادمة من هذه السلسلة موقف علم الكيمياء والفلك والرياضيات وعلم المتحجرات وعلم الأحياء...إلخ من نظرية التطور ونبرهن أن هذه العلوم تتناقض مع نظرية التطور.
( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)
الفصل الاول
إن السمة العامة للحياة على كرتنا الارضية وفي الكون الهائل المحيط بنا هي سمة الحركة والتغير، فالملايين من النجوم تشع الطاقة الحرارية والضوئية، والآلاف من النجوم تنفجر وتنشر عناصرها الثقيلة في الكون، ومئات الآلاف من الشهب والكواكب تسير في مداراتها المرسومة لها بانواع مختلفة ومعقدة من الحركات (كوكبنا الارضي له 14 حركة معقدة ومتداخلة )(1). وهناك تفاعلات نووية في مركز الشمس وفي مراكز جميع النجوم الأخرى. أما سمة الحركة على سطح كوكبنا الفريد والمتميز فغنية عن الشرح والبيان، ولاسيما انه زاخر بالحياة -بمختلف انواعها واشكالها -والتي تعني فيما تعني الحركة والتغير .
فما طبيعة هذه الحركات والتغيرات سواء أكانت في أرضنا أم في الكون ؟
أنستطيع اكتشاف سمتها الأساسية وصفتها العامة وراء جميع تفاصيلها وأنواعها ؟وما العلم ان لم يقم بهذه المهمة ؟...أي بمهمة رصد ومراقبة هذه الحركات والتغيرات والتفاعلات والوصول إلى معرفة القوانين العامة التي تحكم كل حركة وكل تغير في اطاره الخاص ثم معرفة القانون الأساسي أو السمة الأساسية التي تحيط بكل هذه الحركات والتغيرات ضمن اطار عام .
الغريب ان هناك نظرتين متناقضتين ومتضادتين في هذا الموضوع .
إحداهما نظرة فلسفية نبعت من فرضية التطور.
والأخرى هي النظرة العلمية التي وضعت قانونا عأما يمكن مشاهدته في جميع الأرجاء المنظورة للكون، كما يمكن إجراء آلاف التجارب المختبرية عليه .
وقد يعجب القارىء ... فكيف يمكن لأي نظرة فلسفية أن تبقى موجودة وحية وهي تناقض وبشكل صريح أحد القوانين العلمية الثابتة !!.
وهو فعلا شىء غريب .
لكنه موقت وعارض.
إذ لا بد أن تنتصر النظرة العلمية في نهاية المطاف.
ولا بد للنظرة الفلسفية أن تنسحب وتخلي مكانها لنظرة فلسفية أخرى تتوافق وتتجاوب مع النظرة العلمية ولا تتناقض معها.
ولكي يتجلى هذا التناقض ويتوضح تمأما فإننا ندرج فيما يأتي كلا من نظرة فرضية التطور ونظرة علم الفيزياء إلى طبيعة التغيرات الحاصلة في الكون وفي الأرض :
1- فرضية التطور
تقول فرضية التطوران الكون كان في حالة بدائية وفي حالة فوضى وعدم نظام ,فالنظريات القديمة حول نشوء الكون ترى أن الكون نشأ من سديم ومن غبار كوني، ونظرية " الانفجار الكبير"(2) ترى ان الكون نشأ من كرة أو من حساء كوني هو خليط من المادة والطاقة فتكونت الاجزاء دون الذرية أولا (كالبروتونات والنيوترونات) ثم تكونت الذرات فالعناصر....الخ.
أي ان النظريات القديمة والجديدة تقول ان الفوضى والبساطة كانت طابع الكون عند نشوئه وعند بدايته، وانه انتقل بعد ذلك وبعوامل ميكانيكية ومادية بحتة وبعوامل المصادفات العشوائية من الفوضى إلى النظام، ومن الحالة البدائية البسيطة إلى تركيب معقد والىنظام دقيق، فظهرت النجوم وتولدت الكواكب والمجموعات الشمسية وتشكلت المجرات وعناقيد المجرات ووصل الكون إلى حالةالنظام الدقيق والشامل الحالي(3)، وان هذا التطور التصاعدي إلى الأعلى وإلى الافضل لا يزال مستمرا. وفي أرضنا - كما تقول فرضية التطور - ظهرت الحياة أول مرة بظهور الخلية الحية عن طريق المصادفات؛ وعند توفر الظروف الملائمة لذلك. ثم تطورالكائن الحي ذو الخلية الواحدة إلى كائنات متعددة الخلايا، واستمر في التطوربعوامل الإنتخاب الطبيعي والطفرات العشوائية حتى ظهور الإنسان الحالي.
يقول العالم التطوري المعروف"ثيودوسيوس دوبزانسكي(4) TheodosiuDobzhansky (Evolution comprises all the stages of the development of the universe : The cosmic,bioligical and human or cultural devolopments. Attempts to ristrict the concept of evolution to biology are gratuitous.Life is a product of the evolution of inorganic nature,and man is a product of the evolution of life ) أي :
( يشمل التطور كل مراحل النمو والتقدم الحادثة في الكون ؛أي جميع صور التقدم والتطور الكوني والبيولوجي والانساني والثقافي, وان محاولة حصر التطور في عالم البيولوجيا لا مبرر ولا مسوغ له، فالحياة نتاج للتطور اللاعضوي للطبيعة، والإنسان نتاج لتطور الحياة )(5)
إذن فالتطور يشمل كل مراحل التقدم والتطور والنمو في الكون وليس محصورا على تطور الأحياء في الارض. ..أي ان التطوريين يعممون ظاهرة التطور على الكون باكمله.
ويقول عالم تطوري آخر ومعروف أيضا وهو "جوليان هكسلي Julian Huxley"عندما يتنأول تعريف التطور :
Evolution in the extended sense can be defined as a directional and essantially irreversible process ,occuring in time ,which in its course gives rise to an increase of variety and an increasingly high level of organization in its time أي:
( يمكن تعريف التطور بمعناه الواسع كعمليات متجهة وغير قابلة للتراجع اساسا تحدث في اطار الزمن وتؤدي في سيرها إلى زيادة في التنوع وإلى نتاجات ذات مستوى عال من التنظيم)(6)
ويقول عالم تطوري آخر:
Most enlightened persons now acceptas a fact that every thing in the cosmos_from heavenly bodies to human beings_has developed and continues to develop throughevolutionary processes. أي :
) ان معظم المثقفين يتقبلون ا لأن كحقيقة واقعية بان كل شىء في الكون -اٍبتداء من الاجرام السماوية وانتهاء بالانسان-قد ترقى وتطور خلال عمليات التطور. وان هذا التطور لا يزال مستمرا )(7)
إذن فهناك تطور على مستوى الكون وعلى مستوى الحياة على أرضنا وهذا التطور يسير بشكل متصاعد ويتكامل ويترقى ولا يمكن ان يتراجع إلى الوراء، أي يزداد نظام الكون وتعقيده، كما يزداد نظام الحياة في أرضنا تنوعا وتعقدا بوتائر متصاعدة إلى أعلى على الدوام وهو (أي التطور ) عبارة عن عمليات شاملة تشمل كل صور التقدم والنمو بدء من الاجرام السماوية وانتهاء بالانسان، كما انها عملية مستمرة ولا تتوقف.
هذا هو ملخص نظرية التطور حول طبيعة التغيرات الحاصلة في الكون في اطارها العام.
إذن نستطيع تلخيص هذه النظرية بالشكل البياني الاتي :
فهل هذا هو ما نشاهده في الكون وفي أرضنا هذه ؟
وماذا يقول العلم في هذا الخصوص ؟ ايؤيد هذه النظرة ام يعارضها ام سكت عنها حتى ا لأن ؟ ان كان هذا هو ما نشاهده في الكون وفي أرضنا الزاخرة بمظاهر الحياة، واذا كان العلم يؤيد هذا فلا يبقى امامنا سوى التسليم بصحة فرضية التطور. أما ان كان العكس هوالصحيح وهو المشاهد، واذا كان العلم يقول العكس فلا نملك سوى رد هذه الفرضية لكونها تتعارض مع العلم، مثلما ردت نظريات سابقة اظهر العلم بطلانها (كنظرية بطليموس عن دوران الشمس حول الأرض).
لقد تنأول علم الفيزياء - وبالذات فرع الديناميكا الحرارية "الثيرموداينمك Thermodynamics"- هذا الموضوع ووضع قوانينه حوله.
ولكي تتوضح الأمور للقارىء فسنقدم له معلومات مختصرة ومبسطة عن "الديناميكاالحرارية ".
تتكون كلمة Thermodynamic" من كلمتين يونانيتين هما Thermo وتعني الحرارة، وكلمة Dunamis وتعني "القوة" Power.إذن فالديناميكية الحرارية هي العلم الذي يتعامل مع القوة أو الطاقة الحرارية التي تحتويها الحرارة، وتتعامل مع تحول هذه الطاقة إلى الأشكال الأخرى للطاقة (كالطاقة الحركية والطاقة الكهربائية. ..الخ ).وكلمة الطاقة "Energy " نفسها مشتقة من الكلمة اليونانية "Energiea " وتعني " الشغل Working "،وتعرف الطاقة بانها "القابلية على انجاز شغل ".
ومع ان "الديناميكا الحرارية " بدأت وكانها دراسة حول تحول الطاقة الحرارية إلى حركة ميكانيكية على يد علماء بارزين امثال "نيوتن " و" ماكسويل" و"كالفن " إذ تم وضع القوانين حولها، إلا انه عندما تم اكتشاف الأشكال الأخرى من الطاقة (كالطاقة الكهربائية والكيماوية والنووية. ..الخ ) فقد تبين ان قوانين الديناميكا الحرارية تنطبق أيضا على هذه الأشكال من الطاقة. ولكن ما ان وضع انشتاين نظريته في النسبية وعد فيها المادة شكلا من اشكال الطاقة بقانونه المشهور E=MC2 حيث: سرعة الضوء= C كتلة المادة= M الطاقة=E حتى اصبحت قوانين ( الديناميكا الحرارية ) أشمل قانون على الاطلاق في هذا الكون، اذ ضمت في اطارها كل شىء، ولم يبق خارج اطارها أي شىء على الاطلاق.
وا لأن لنشرح القانون الأول والقانون الثاني للديناميكا الحرارية :
القانون الأول :
"ان مجموع الطاقة ثابت في الكون ولا يتغير، ولكن يمكن تحويل الطاقة من شكل إلى آخر" أي يمكن تحويل ا لطاقة من طاقة حرارية مثلا إلى طاقة كهربائية أو حركية. ..الخ، ويمكن تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية أو حرارية مثلا. ولكن مجموع الطاقة في الكون ثابت لا يتغير، أي لا ينقص ولا يزيد. وبعبارة أخرى: لا يمكن خلق أو افناء الطاقة، بل يمكن تحويلها من شكل إلى آخر.
ولكن بعد ان وضع انشتاين قانونه المشهور حول علاقة الطاقة بالمادة (الذي اوردناه سابقا ) وامكانية تحول إحداهما إلى الأخرى فقد أصبحت صيغة القانون الأول اكثر شمولا وكما يأتي:
(ان مجموع المادة والطاقة ثابت في الكون، ولكن يمكن تحويل الطاقة من شكل إلى آخر).
القانون الثاني
لهذا القانون عدة صيغ أشهرها صيغة "كلفن" و "كلوسيوس ". ولكي نجنب القارئ الخوض في مواضيع معقدة قد تصرفه عن مطالعة هذا الكتاب فسنسهل له الأمر ونقدم له هذا القانون في أبسط صيغة ممكنة:
ان الطاقة الحرارية تنتقل من الأجسام الحارة إلى الأجسام الأقل حرارة، ولا يحدث العكس. لذا يستحيل في أي منظومةSystem انتقال الحرارة من جسم درجة حرارته منخفضة إلى جسم درجة حرارته مرتفعة ما لم يبذل شغل خارجي على المنظومة.
أو نستطيع التعبير عن هذا القانون كما يأتي :
(لا توجد هناك عمليات تحول في الطاقة دون ان يكون هناك تحول جزء من الطاقة إلى شكل لا يمكن الاستفادة منه ).
فلو أدخلت مثلا (1..) وحدة من الطاقة إلى أي جهاز فانك لن تستطيع الاستفادة إلا من (9.) او(95) وحدة منها، وذلك حسب كفاءة الجهاز الذي تستعمله، ولكن لا يوجد جهاز كفاءته1.. ./. إذ لابد من ضياع جزء من الطاقة (مثلا يتحول جزء من هذه الطاقة الىحرارة في أثناء التغلب على مقاومة الاحتكاك ).
يقول البروفيسور (ف. بوش )في كتابه (أسس الفيزياء (principles of physics عند شرحه هذا القانون :
(علق بعضهم ذات مرة على الكون فقال :" الأحوال تسير فيه من حسن إلى سيء ثم إلى الأسوأ ".وهذا يلخص القانون الثاني للديناميكا الحرارية بشكل فج جدا، وكما رأينا فان القانون الأول هو صيغة لبقاء الطاقة، ولكنه لا يذكر شيئا عن طريقة سير الحوادث في الكون. فالطاقة محفوظة عندما يسقط حجر على الارض، إذ تتحول طاقة وضعه التثاقلية إلى طاقة حركية. وعندما يصطدم الحجر بالأرض ويصل إلى السكون تتحول طاقة حركته إلى طاقة حرارية، ومع ذلك فان حجرا مستقرا على الأرض لا يستطيع أبدا القيام بتحويل الطاقة الحرارية الموجودة فيه وبجانبه إلى طاقة حركية لينطلق إلى أعلى في الهواء. وبالرغم من ان القانون الأول يحكم مثل هذه الامكانية أيضا، لأن الطاقة محفوظة في هذه العملية العكسية، إلا ان هذه العملية العكسية لا تحدث تلقائيا.
هناك عمليات كثيرة أخرى لا يحكمها القانون الاول، ولكنها لا تحدث، فالماء يتبخر من الطبق، ولكن البخار الموجود في الهواء لا يتكثف تلقائيا في الطبق. كذلك تتحلل الجثة وتتحول إلى تراب، ولكن عناصر الأرض لا تقوم بتكوين الجسم تلقائيا في العملية العكسية. إذن للطبيعة اتجاه مفضل لسير الأحداث التلقائية، ويحدد هذا الاتجاه بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية )(8)
نستطيع ضرب عدة أمثلة حول سير الأحداث التلقائية وكونها في اتجاه وأحد فقط :
لنفرض إننا آتينا بزجاجة عطر وفتحناها في غرفة مقفلة...فماذا يحدث ؟...بعد فترة قصيرة تنتشر جزيئات العطر في هواء الغرفة وتنتشر رائحة العطر فيها ...ولكن أيمكن آن تسير العملية بوتيرة معاكسة؟ ...أي أيمكن رجوع كل جزيئات هذا العطر ودخولها إلى الزجاج مرة أخرى بشكل تلقائي ؟.
يستحيل وقوع هذه العملية المعاكسة التلقائية من الناحية العملية.
لناخذ مثإلا آخر:
لنفرض اننا وضعنا مائة قطعة مرقمة (بأرقام متسلسلة من الرقم وأحد حتى الرقم مائة ) في صندوق ورتبناها حسب تسلسل أرقامها ثم غطينا هذا الصندوق وقمنا برجه ...عندما نفتح الصندوق نجد ان هذه القطع لم تعد متسلسلة حسب أرقامها، ومهما أعدنا عملية الرج فلن ترجع هذه القطع إلى نظامها المتسلسل .
لماذا ؟
لأن عملية الرج عملية تحريك عشوائية، وكل عملية عشوائية ينطبق عليها قانون الاحتمالات الرياضية Probability وقوانين الاحتمالات الرياضية تجعل من الصعب (حتى درجة الاستحالة) الوصول إلى ترتيب وإلى نظام، ولا سيما ان كان عدد العناصر الموجودة في العملية عددا كبيرا (عدد جزيئات العطر في المثال الأول وعدد القطع المرقمة في المثال الثاني)
ولكي يتم شرح مفهوم النظام والفوضى في الكون أو في أي نظام System فقد استعان العلماء بمفهوم ومصطلح الـ " الانتروبيا Entropy"(9) والانتروبيا تعني مقدار الفوضى أو مقدار الطاقة التي تحولت إلى شكل لا يمكن الاستفادة منه .
فاذا رمزنا إلى زيادة "الانتروبيا " في أي منظومة " SYSTEM" بالرمز ds وإلى مقدار الحرارة التي دخلت إلى هذه المنظومة بالرمز dq وإلى درجة الحرارة المطلقة بالرمز T فان
ds=dq/T
أي ان اكتساب المنظومة لحرارة مقدارها dq أدى إلى زيادة في الفوضى بمقدار dS
(درجة الحرارة المطلقة للجسم هي درجة حرارته المئوية مضافة اليها درجة حرارة 273، أي إن كانت درجة حرارة جسم ما تساوي10 . درجة مئوية فان درجة حرارته المطلقة = 10+ 273 =283).
كانت هذه المقدمة المختصرة ضرورية لكي نفهم طبيعة التغيرات التلقائية التي تحدث في الكون ( أو في أي منظومة system))، ذلك لأن جميع التغيرات الحادثة في الكون تؤدي إلى زيادة "الانتروبيا "، أي إلى زيادة الفوضى وإلى زيادة عدم القدرة على الاستفادة من الطاقة . ويعرف القانون الثاني للديناميكا الحرارية بانه قانون زيادة الانتروبيا .
يقول البروفيسور (ف . بوش ):
(تحدث جميع التغيرات التلقائية بحيث تزداد الفوضى في الكون، وهذه ببساطة هي صيغة القانون الثاني مطبقة على الكون ككل )(11)
ماذا يعني هذا القانون بالنسبة إلى الكون ؟ وإلى ماذا يشير ؟
عندما يتنأول البروفيسور ( ف . بوش ) مؤشرات هذا القانون بالنسبة إلى مصير الكون يقول :
)وخلال ذلك الزمن سوف تزداد انتروبيا الكون باستمرار، وفي نفس الوقت سوف تستمر الشمس والأجسام الساخنة الأخرى في فقد الانتروبيا بمعدل قدره dQ/T حيث dQ =كمية الحرارة التي يفقدها الجسم الساخن في الثانية عند درجة حرارة قدرها (Th .)وبالرغم من ان الاجسام الباردة في الكون سوف تستقبل هذه الطاقة فانها سوف تمتص هذه الحرارة عند درجة حرارة اقل هيTc .)) نتيجة لذلك سوف تكتسب هذه الاجسام الباردة كمية من الانتروبيا تساوي dQ/Tc. وهي اكبر من كمية الانتروبيا التي في الجسم الساخنdQ/Th .) ) إذن سوف تستمر انتروبيا وفوضى الكون في الزيادة نتيجة لانخفاض درجة حرارة الأجسام الساخنة وارتفاع درجة الأجسام الباردة .
ويمكننا ان نتخيل ما سوف يحدث عندما تتساوى درجات حرارة جميع الأجسام في الكون. عندئذ لن يحدث أي انتقال للحرارة، وسوف تصل الفوضى (الانتروبيا ) في الكون إلى القيمة القصوى. وبالرغم من ان الطاقة الاصلية للكون لا تزال ثابتة، فان الطاقة سوف تصبح عديمة الفائدة، وعندئذ لن تنمو النباتات لعدم وجود جسم ساخن يمدها بالضوء، ولن تعمل المحركات لعدم وجود مكان بارد يمكن تصريف الحرارة اليه. أي ان الحياة سوف تتوقف تمأما في كل مكان في الكون (وفي هذه الحالة يكون الكون قد وصل إلى ما يعرف بالموت الحراري ).(12)
يقول العالم الامريكي المعروف " اسحاق ازيموف " :
As far as we know all changes are in the direction of increasing entropy, of increasing disorder , of increasing randomnes, of running down.
أي :
)حسب معلوماتنا فان التغيرات والتحولات باجمعها هي باتجاه زيادة الانتروبيا وباتجاه زيادة عدم النظام، وزيادة الفوضى وإلى الانهدام والتقوض ).(13)
ويقول في مقالة أخرى :
What the second law tells us , then, is that in the great game of the universe ,we not only cannot win ,we cannot even break even أي :
(ان ما يخبرنا القانون الثاني هو اننا لا نعجز فقط عن الفوز في اللعبة الكونية الكبرى بل اننا نعجز حتى عن الخروج من اللعبة لا لنا ولا علينا ).(14)
ويقول هارولد بلوم Harold Blom :
All real processes go with an increase of entropy. The entropy also measures the randomness, or lack of orderliness of the system ,the greater the randomness, the greater the entropy.
اي:
(ان جميع العمليات الحقيقية تترافق مع زيادة في الانتروبيا . والانتروبيا تقيس أيضا درجة الفوضى أو التناقص في درجة النظام في أي منظومة، وكلما زادت الفوضى زادت الانتروبيا)(15)
وفي موضع آخر من المقالة نفسها يقوم " اسحاق ازيموف " بشرح اكثر تفصيلا للقانون الثاني فيقول :
Another way of stating the second law then is : " The universe is constantly getting more disorderly ' viewed that way , we can see the second law all about us. We have to work hard to straighten a room ,but left it to itself ,it becomes a mess again very quickly and very easily. Even if we never enter it ,it becomes dusty and musty. How difficult to maintain houses ,and machinery ,and our own bodies in perfect working order ,how easy to let them deteriorates.In fact ,all we have to do is nothing , and every thing deteriorates collapes , break down , wears out ,all itself -and that is what the second law is all about.
أي:
(هناك طريقة أخرى لشرح القانون الثاني وهي ان الكون يسير بوتيرة ثابتة نحو زيادة الانتروبيا، ونحن نرى تأثير القانون الثاني حوالينا في كل شىء، فنحن نعمل بكل جد لكي نرتب غرفة وننسقها، ولكن ما ان نتركها لشأنها حتى تنتشر فيها الفوضى من جديد بسرعة وبكل سهولة حتى وان لم ندخلها، اذ سيعلوها الغبار والعفن، وكم نلاقي من الصعوبات عندما نقوم باعمال صيانة البيوت والمكائن وصيانة اجسادنا ونجعلها في افضل وضع .ولكن كم يكون سهلا تركها للتلف وللبلى . والحقيقة هي ان ما يتعين علينا عمله هو لا شئ(16)، فكل شئ يسير ذاتيا نحو التلف ونحو الانهدام ونحو الانحلال والتفكك والبلى وهذا هو ما يعنيه القانون الثاني ).(17)
إذن فان علم الفيزياء يؤكد لنا بان جميع التغيرات والتحولات والتفاعلات الجارية في الكون منذ نشأته تسير نحو زيادة الانتروبيا، أي نحو زيادة الفوضى وزيادة التفكك والانهدام والانحلال، فكيف يمكن إذن ان يتم أي تطور نحو نظام افضل واعقد وارقى ؟!...كيف يمكن هذا وفي ظل أي قانون ؟.
نستطيع تلخيص القانون الأول والقانون الثاني للديناميكا الحرارية بالشكل البياني آلاتي :
ففي هذا الشكل يظهر ان مجموع الطاقة في الكون ( بما في ذلك كمية المادة الموجودة فيه ) مجموع ثابت لا يتغير (Constant ) لذا تم تمثيله بخط افقي مستقيم . وهذا هو محتوى القانون الأول للديناميكا الحرارية .
أما مقدار الطاقة المتاحة للاستفادة منها فيسير نحو الاسفل، أي يتناقص علىالدوام ويصل إلى الصفر في المستقبل . وهذا هو منطوق القانون الثاني للديناميكا الحرارية .
والحقيقة ان القانون الثاني قانون شامل وقانون عام، ولعله أشمل قانون كوني على الاطلاق .
يقول البروفسور الدكتور " هنري م . موريس prof.Dr. Henry M. Morris " ما يأتي حول شمولية هذا القانون :
Oneof the interesting things about this second law is that it is so universal that many scientists seem to think it belongs only to their particular fields. I frequently encounter physicists and chemists ,for example ,who think of it only as an equation involving the flow of heat ,or the direction of a chamical reaction. In my own field of hydrolics ,it is a fundamental equation of water flow. Many biologists are apparently unware that it is basic in all biological prosses. It is being frequently applied today even to economic and social systems. As a matter of fact -so far as all studies have shown to date - it applies to the whole universe.
أي:
(ان الشىء الذي يجلب النظر في هذا القانون الثاني هو انه قانون شامل إلى درجة ان كل عالم يتصور انه (أي القانون الثاني ) يعود إلى ساحته واختصاصه العلمي، وكثيرا ما جابهت وواجهت علماء الفيزياء وعلماء الكيمياء الذين يحسبون ان هذا القانون ليس إلا عبارة عن معادلة حول انسياب الحرارة وانتقالها، أو حول اتجاه التفاعل الكيماوي .وفي مجال علم"الهيدروليكاHydraulic " وهو مجال تخصصي فهذا القانون يعد من المعادلات الأساسية حول انسياب المياه وتدفقها، ومن الواضح ان كثيرا من علماء الأحياء لا يدركون ان هذا القانون هو قانون رئيسي في جميع الفعاليات الحياتية، وهو يطبق في كثير من الأحيان في الوقت الحالي حتى على علم الاقتصاد وعلى النظم الاجتماعية . وفي الحقيقة فانه_ حسبما اظهرت الدراسات جميعها حتى الآن _ يطبق ويسري على الكون بأكمله ).(18)
ويقول العالم الاشتراكي التطوري " جيرمي رفكن Jeremy Rifkin " عندما يتحدث عن هذا القانون :
Albert Einstein said that it is the premier law of all science,Sir Eddington refferd to it as the supreme ****physical law of the entire universe.
أي :
( لقد قال البرت آنشتاين انه (أي هذا القانون )القانون الأساسي للعلم بأجمعه .واشار السير "آرثر ادنجتون" إليه باعتباره القانون الميتافيزيقي للكون بأجمعه ).(19)
ويقول "بريجمان P.W.Bridgman":
The two laws of Thermodynamics are ,I suppose accepted by physicsts as perhaps the most secure generalizations from experience that we have.
أي :
( انني اظن بان قانوني الديناميكا الحرارية مقبو لأن من قبل علماء الفيزياء ربما كأكثر القوانين أو المبادئ العامة المضمونة والمأمونة التي استقيناها من تجاربنا ).(2.)
إذن فنحن أمام قانونين شاملين يسريان على الكون وعلى جميع الفعاليات التي تقع فيه .
والآن لنجمع كلا من نظرة فرضية التطور ونظرة علم الفيزياء حول طبيعة التغيرات الحادثة في الكون في شكل واحد، أي لنجمع مدلول الشكل رقم(1) مع مدلول الشكل رقم (2)
فالمستقيم رقم (2) في الشكل أعلاه يمثل نظرة فرضية التطور نحو طبيعة التغيرات الحاصلة في الكون وفي أرضنا والتي تقول بان النظام يزداد مع مرور الزمن، أي ان هناك اتجاها تطوريا وتصاعديا عأما إلى الأعلى، وان الكون والحياة تسيران نحو زيادة الرقي ونحو درجات افضل من النظام ومن التعقيد.
أما الخط المستقيم رقم (1) فيمثل نظرة علم الفيزياء ( حسبما يشير اليها القانون الثاني للديناميكا الحرارية )والتي تقول بان الكون يسير نحو الاسفل ...نحو التحلل والانهدام ونحو زيادة الفوضى وزيادة الانتروبيا، أي نحو تناقص الطاقة المتاحة للاستفادة منها ...بعبارة أخرى فالكون يسير نحو الموت ...نحو الموت الحراري .الشمس تسير نحو الموت لأنها تفقد في كل ثانية اكثر من اربعة الاف طن من كتلتها نتيجة تحولها إلى طاقة حرارية وا شعاعية وضوئية، وهذا يعني ان الموت هو مصير أرضنا أيضا، لأنها تعتمد في حياتها على الطاقة المستمدة من الشمس . وهذه هي حال النجوم الأخرى كذلك.إذن فالكون يسير بأجمعه نحو التحلل ونحو الموت .
وكما يبدو جليا فان النظرتين متناقضتان ومتضادتان تمأما ولا يمكن الجمع بينهما، فان كانت احداهما صحيحة فلابد ان تكون الأخرى خاطئة.
فأي النظرتين صحيحة في ميزان العلم ؟.
ان نظرة التطور تستند _في احسن احوالها _إلى "نظرية "Theory لأن بعض العلماء يعدونها مجرد فرضيةHypotheais أي لم تصل بعد حتى إلى مرتبة النظرية ...نظرية لها مناصرون ولها معارضون من العلماء، والمعارضون في تزايد مستمر ...أي لم تكتسب بعد صفة الثبوت والقطعية.(21)
أما نظرة علم الفيزياء فتستند إلى " قانون Law " أي إلى قانون علمي يمكن التأكد من صحته باجراء آلاف التجارب المختبرية عليه ( هذا إضافة إلى مشاهداتنا للعديد من الظواهر حوالينا). وهو قانون عام وشامل ومقبول من قبل جميع العلماء دون أي استثناء، وكل آلة أو جهاز يملكه الإنسان يشير إلى صحة هذا القانون، وكل عملية تغير أو تفاعل تشير إلى صحته .
ولكن قد يعتقد البعض بان القانون الثاني صحيح ولكنه لا يعارض التطور، لذا فسنشير هنا إلى بعض المصادر العلمية التي تنفي هذه الشبهة .
يشرح عالم الفيزياء والفلك الامريكي البروفيسور " هارولد س. سلوشر Prof, Harold S. Slusher "معارضة القانون الثاني للديناميكا الحرارية لفرضية التطور في كتابه القيم "أصل الكون The origin of the universe " فيقول :
The concept of " disorder to order ,chaos to cosmos " (The evolutionary claim) is directly contradicted by the very basic and underlying principle of physics called the second law of Thermodynamics.
Thermal energy is disordered energy. The amount of energy of a system is measured by the state function U and the amount of disorder by a state function S called the Entropy. In any process that occurs in nature,the total entropy increases.The principle of entropy -increase ( a corollary of the second law of Thermodynamics ) is one of the most profound laws of physics. Its ramifications extend throughout chemistry and biology ,as well as physics and engineering.The second law of Thermodynamics ,as formulated by Clausius and Lord Kelvin ,has been stated in many different but logically *****alent ways ,Clausius stressed the utility of entropy and showed that the second law was the same as saying that the total entropy increases in any process.The microscopic interpretation of entropy as a measure of molecular disorder was discovered by Boltzmann.
أي :
(ان ادعاء النظرية التطورية بان عدم النظام (الفوضى ) تحول إلى نظام، وان حالة الكون المختلطة والمشوشة تحولت إلى كون منظم يناقض ويصادم وبشكل مباشر مبدأ ا ساسيا ورئيسيا للفيزياء يدعى "القانون الثاني للديناميكا الحرارية ".
ان الطاقة الحرارية هي طاقة غير نظامية، وتقاس كمية الطاقة الموجودة في نظام ما بواسطة دالة ( U )،وتقاس كمية عدم النظام أو الفوضى disorder بوساطة دالةS) ) وتدعى بـ "الانتروبيا " .وفي أي عملية تتم في الطبيعة يزداد مجموع الانتروبيا .وزيادة الانتروبيا (وهي النتيجة الطبيعية للقانون الثاني للديناميكا الحرارية ) تعد أحد اعمق قوانين الفيزياء، وتمتد نتائجها وفروعها إلى علم الكيمياء وإلى علم الأحياء مثلما تمتد إلى علم الفيزياء والهند سة، وقد صيغ القانون الثاني للديناميكا الحرارية من قبل "كلاسيوس"و "اللورد كلفن " بصيغ مختلفة، ولكنها صيغ مترادفة ومتكافئة من الناحية المنطقية .فقد اكد "كلاسيوس"على استخدام الانتروبيا واشار إلى ان القانون الثاني ليس إلا تعبيرا آخر عن زيادة الانتروبيا في أي عملية .أما التفسير الجزيئي الدقيق للانتروبيا كمقياس للفوضى الجزيئية فقد اكتشف من قبل" بولتزمان" )
ويستمر هذا العالم في شرحه فيقول:
Many processes that would seem possible according to the first law of thermodynamics ,because they do conserve energy ,in fact never occur. For example,a brick resting on a horizontal road never spontaneously accelerates along the road by gathering up thermal energy from the road. If this process occured,the energy which is randomly distributed over many molecules of the road would be converted into an ordered motion of the brick as a whole. This transformation from disorder to order is quite compatible with the first law ,but it does not happens. The reverse process does occur and it illustrates a feature present in all our experience.When a brick is projected along the road ,it slows down as the kinetic energy due to the ordered motion of the brick as a whole is transformed into thermal energy associated with disordered melecular motion within the road and the brick. Examination of this and many other processes reveals that there is a general rule which determines the direction in which energy is transformed into disordered energy ,that is ,order to disorder. But the reverse transformation is not observed. The disorder in one object can be reduced in a process only if there is more than compensating increase in the disorder of other objects that participate in the process.
أي :
ان عمليات كثيرة تبدو ممكنة الوقوع حسب القانون الأول للديناميكا الحرارية _لانه يتضمن مبدأ حفظ الطاقة _ ولكنها في الحقيقة لا تقع ابدا . فمثلا لناخذ طابوقة موضوعة على طريق افقي، فهذه الطابوقة لا يمكنها ان تتحرك ذاتيا حركة متسارعة على الطريق وذلك بقيامها بتجميع الطاقة الحرارية من الطريق.ولو حدثت هذه العملية لانقلبت الطاقة _التي هي منتشرة بشكل عشوائي بين جزيئات عديدة من جزيئات الطريق _إلى حركة منتظمة للطابوقة ككل .وهذا الانتقال من حالة اللانظام (الفوضى )إلى حالة النظام لا يحدث مع انه منسجم مع القانون الأول .
ولكن العملية المعاكسة لهذه العملية هي التي تحدث، وهذه هي ما تقدمه لنا ملامح جميع تجاربنا .فعندما تقذف طابوقة على طريق فانها تتباطأ نتيجة تحول الطاقة الحركية _الناشئةعن الحركة المنتظمة للطابوقة ككل_إلى طاقة حرارية مصاحبة لحركة الجزيئات العشوائية للطريق وللطابوقة.
ان فحص وتدقيق هذه العملية وغيرها من العمليات يبين لنا وجود قاعدة عامة تقرر الاتجاه الذي تحدث فيه عمليات التحول. فالطاقة المنتظمة تتحول إلى طاقةغير منتظمة، أي ان "النظام" يتحول إلى "لانظام". ولكن لا يشاهد حدوث الاتجاه المعاكس للتحول. ولا يمكن تقليل "اللانظام" ( أو الفوضى) في شيء في أثناء عملية ما إلا عند وجود زيادة معوضة وبشكل اكبر في "اللانظام" للاشياء الأخرى المساهمة في تلك العملية )
تابع ............
هذه المقالة للمفكر التركي أورخان محمد علي
لا اشك بان معظم القراء سيستغربون من عنوان الكتاب...إذ ما العلاقة بين علم الفيزياء وبين فرضية التطور ؟!!...وأنا أعلم أن هذا الاستغراب لن يكون مقتصرا على الشخص العادي، بل سيستغرب منه حتى أ ساتذة الفيزياء واساتذة علم الأحياء أيضا وهذا مما يحز في النفس؛ فالجميع يعتقدون ان فرضية التطور لا علاقة لها بالعلوم الأخرى كالفيزياء والفلك والرياضيات؛ بل تتعلق بعلم الأحياء مع بعض العلاقة بالجيولوجيا وبعلم المتحجرات. وهذا أحد الأخطاء العلمية الشائعة عندنا . لأن هؤلاء ينسون العلاقة الوثيقة الموجودة بين مختلف العلوم، كما ينسون تأثير العلوم في الفلسفة .
بعد ان استقلت العلوم عن الفلسفة، وشقت طريقها الخاص بها وتوسعت وتفرعت تصاعد تأثيرها على ساحة الفلسفة شيئا فشيئا. وفي القرنين الماضيين اتضح هذا الدور الخطير والمهم للعلم وتأثيره العميق في الفلسفة وفي ظهور المدارس الفلسفية العديدة وضوحا تاما. فقد لعبت فرضية التطور لدارون ونظرية فرويد في التحليل النفسي والنظرية النسبية الخاصة والعامة لانشتاين والنظرية الكمية لماكس بلانك "Quantum Theory" ومبدأ "هايزنبرغ "في عدم التحديد أو مبدأ اللادقة uncertainty principle ...لعبت هذه النظريات والاكتشافات العلمية دورا كبيرا في عالم الفلسفة وأثرت بشكل عميق على مختلف المدارس الفلسفية .لذا اصبح لزأما على العاملين في حقل الفلسفة متابعة التطورات العلمية عن كثب، ولاسيما في علوم الفيزياء والفلك وعلم الكونيات وان يكونوا ملمين بعلم الرياضيات. وهذا في رأيي من أهم الاسباب في اننا لا نملك حاليا فلاسفة، فاساتذة الفلسفة عندنا قلما يملكون أي باع في الفيزياء أو في الرياضيات لانهم لا يملكون خلفية علمية، اذ ان خريجي الفرع الادبي هم الذين يتقدمون لاقسام الفلسفة في الكليات، لذا يعجزون عن فهم معاني ومدلولات المعادلات الرياضية والمعادلات الفيزيائية .كما ان أساتذة علوم الرياضيات والفيزياء قلما يقبلون على دراسة الفلسفة، لذا فهم نادرا ما ينتبهون إلى الجوانب الفلسفية الخطيرة للعلوم التي يقومون بتدريسها لطلابهم، فهم يقدمون لطلابهم القوانين والمفردات العلمية دون الاشارة الىمعانيها الفلسفية ...انهم يقومون بوظيفة النقل فحسب ...نقل المعلومات إلى عقول الطلاب نقلا آليا. ومن الطبيعي انه لا يتسنى في مثل هذا الجو تربية العقول والاذهان التربية العلمية الصحيحة، ولا التربية الفلسفية الصحيحة.
كمثال على ما نقول سنتنأول في هذا الفصل بالشرح قانونا فيزيائيا ذا دلالات فلسفية عميقة، وهو ا لأن محل اهتمام العلماء في الغرب. إلا اننا لم نجد -حسب علمنا -كاتبا أو مفكرا تناوله بالبحث والتحليل في العالم العربي *.
وسنتنأول إن شاء الله تعإلى في الكتب القادمة من هذه السلسلة موقف علم الكيمياء والفلك والرياضيات وعلم المتحجرات وعلم الأحياء...إلخ من نظرية التطور ونبرهن أن هذه العلوم تتناقض مع نظرية التطور.
( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون)
الفصل الاول
إن السمة العامة للحياة على كرتنا الارضية وفي الكون الهائل المحيط بنا هي سمة الحركة والتغير، فالملايين من النجوم تشع الطاقة الحرارية والضوئية، والآلاف من النجوم تنفجر وتنشر عناصرها الثقيلة في الكون، ومئات الآلاف من الشهب والكواكب تسير في مداراتها المرسومة لها بانواع مختلفة ومعقدة من الحركات (كوكبنا الارضي له 14 حركة معقدة ومتداخلة )(1). وهناك تفاعلات نووية في مركز الشمس وفي مراكز جميع النجوم الأخرى. أما سمة الحركة على سطح كوكبنا الفريد والمتميز فغنية عن الشرح والبيان، ولاسيما انه زاخر بالحياة -بمختلف انواعها واشكالها -والتي تعني فيما تعني الحركة والتغير .
فما طبيعة هذه الحركات والتغيرات سواء أكانت في أرضنا أم في الكون ؟
أنستطيع اكتشاف سمتها الأساسية وصفتها العامة وراء جميع تفاصيلها وأنواعها ؟وما العلم ان لم يقم بهذه المهمة ؟...أي بمهمة رصد ومراقبة هذه الحركات والتغيرات والتفاعلات والوصول إلى معرفة القوانين العامة التي تحكم كل حركة وكل تغير في اطاره الخاص ثم معرفة القانون الأساسي أو السمة الأساسية التي تحيط بكل هذه الحركات والتغيرات ضمن اطار عام .
الغريب ان هناك نظرتين متناقضتين ومتضادتين في هذا الموضوع .
إحداهما نظرة فلسفية نبعت من فرضية التطور.
والأخرى هي النظرة العلمية التي وضعت قانونا عأما يمكن مشاهدته في جميع الأرجاء المنظورة للكون، كما يمكن إجراء آلاف التجارب المختبرية عليه .
وقد يعجب القارىء ... فكيف يمكن لأي نظرة فلسفية أن تبقى موجودة وحية وهي تناقض وبشكل صريح أحد القوانين العلمية الثابتة !!.
وهو فعلا شىء غريب .
لكنه موقت وعارض.
إذ لا بد أن تنتصر النظرة العلمية في نهاية المطاف.
ولا بد للنظرة الفلسفية أن تنسحب وتخلي مكانها لنظرة فلسفية أخرى تتوافق وتتجاوب مع النظرة العلمية ولا تتناقض معها.
ولكي يتجلى هذا التناقض ويتوضح تمأما فإننا ندرج فيما يأتي كلا من نظرة فرضية التطور ونظرة علم الفيزياء إلى طبيعة التغيرات الحاصلة في الكون وفي الأرض :
1- فرضية التطور
تقول فرضية التطوران الكون كان في حالة بدائية وفي حالة فوضى وعدم نظام ,فالنظريات القديمة حول نشوء الكون ترى أن الكون نشأ من سديم ومن غبار كوني، ونظرية " الانفجار الكبير"(2) ترى ان الكون نشأ من كرة أو من حساء كوني هو خليط من المادة والطاقة فتكونت الاجزاء دون الذرية أولا (كالبروتونات والنيوترونات) ثم تكونت الذرات فالعناصر....الخ.
أي ان النظريات القديمة والجديدة تقول ان الفوضى والبساطة كانت طابع الكون عند نشوئه وعند بدايته، وانه انتقل بعد ذلك وبعوامل ميكانيكية ومادية بحتة وبعوامل المصادفات العشوائية من الفوضى إلى النظام، ومن الحالة البدائية البسيطة إلى تركيب معقد والىنظام دقيق، فظهرت النجوم وتولدت الكواكب والمجموعات الشمسية وتشكلت المجرات وعناقيد المجرات ووصل الكون إلى حالةالنظام الدقيق والشامل الحالي(3)، وان هذا التطور التصاعدي إلى الأعلى وإلى الافضل لا يزال مستمرا. وفي أرضنا - كما تقول فرضية التطور - ظهرت الحياة أول مرة بظهور الخلية الحية عن طريق المصادفات؛ وعند توفر الظروف الملائمة لذلك. ثم تطورالكائن الحي ذو الخلية الواحدة إلى كائنات متعددة الخلايا، واستمر في التطوربعوامل الإنتخاب الطبيعي والطفرات العشوائية حتى ظهور الإنسان الحالي.
يقول العالم التطوري المعروف"ثيودوسيوس دوبزانسكي(4) TheodosiuDobzhansky (Evolution comprises all the stages of the development of the universe : The cosmic,bioligical and human or cultural devolopments. Attempts to ristrict the concept of evolution to biology are gratuitous.Life is a product of the evolution of inorganic nature,and man is a product of the evolution of life ) أي :
( يشمل التطور كل مراحل النمو والتقدم الحادثة في الكون ؛أي جميع صور التقدم والتطور الكوني والبيولوجي والانساني والثقافي, وان محاولة حصر التطور في عالم البيولوجيا لا مبرر ولا مسوغ له، فالحياة نتاج للتطور اللاعضوي للطبيعة، والإنسان نتاج لتطور الحياة )(5)
إذن فالتطور يشمل كل مراحل التقدم والتطور والنمو في الكون وليس محصورا على تطور الأحياء في الارض. ..أي ان التطوريين يعممون ظاهرة التطور على الكون باكمله.
ويقول عالم تطوري آخر ومعروف أيضا وهو "جوليان هكسلي Julian Huxley"عندما يتنأول تعريف التطور :
Evolution in the extended sense can be defined as a directional and essantially irreversible process ,occuring in time ,which in its course gives rise to an increase of variety and an increasingly high level of organization in its time أي:
( يمكن تعريف التطور بمعناه الواسع كعمليات متجهة وغير قابلة للتراجع اساسا تحدث في اطار الزمن وتؤدي في سيرها إلى زيادة في التنوع وإلى نتاجات ذات مستوى عال من التنظيم)(6)
ويقول عالم تطوري آخر:
Most enlightened persons now acceptas a fact that every thing in the cosmos_from heavenly bodies to human beings_has developed and continues to develop throughevolutionary processes. أي :
) ان معظم المثقفين يتقبلون ا لأن كحقيقة واقعية بان كل شىء في الكون -اٍبتداء من الاجرام السماوية وانتهاء بالانسان-قد ترقى وتطور خلال عمليات التطور. وان هذا التطور لا يزال مستمرا )(7)
إذن فهناك تطور على مستوى الكون وعلى مستوى الحياة على أرضنا وهذا التطور يسير بشكل متصاعد ويتكامل ويترقى ولا يمكن ان يتراجع إلى الوراء، أي يزداد نظام الكون وتعقيده، كما يزداد نظام الحياة في أرضنا تنوعا وتعقدا بوتائر متصاعدة إلى أعلى على الدوام وهو (أي التطور ) عبارة عن عمليات شاملة تشمل كل صور التقدم والنمو بدء من الاجرام السماوية وانتهاء بالانسان، كما انها عملية مستمرة ولا تتوقف.
هذا هو ملخص نظرية التطور حول طبيعة التغيرات الحاصلة في الكون في اطارها العام.
إذن نستطيع تلخيص هذه النظرية بالشكل البياني الاتي :
فهل هذا هو ما نشاهده في الكون وفي أرضنا هذه ؟
وماذا يقول العلم في هذا الخصوص ؟ ايؤيد هذه النظرة ام يعارضها ام سكت عنها حتى ا لأن ؟ ان كان هذا هو ما نشاهده في الكون وفي أرضنا الزاخرة بمظاهر الحياة، واذا كان العلم يؤيد هذا فلا يبقى امامنا سوى التسليم بصحة فرضية التطور. أما ان كان العكس هوالصحيح وهو المشاهد، واذا كان العلم يقول العكس فلا نملك سوى رد هذه الفرضية لكونها تتعارض مع العلم، مثلما ردت نظريات سابقة اظهر العلم بطلانها (كنظرية بطليموس عن دوران الشمس حول الأرض).
لقد تنأول علم الفيزياء - وبالذات فرع الديناميكا الحرارية "الثيرموداينمك Thermodynamics"- هذا الموضوع ووضع قوانينه حوله.
ولكي تتوضح الأمور للقارىء فسنقدم له معلومات مختصرة ومبسطة عن "الديناميكاالحرارية ".
تتكون كلمة Thermodynamic" من كلمتين يونانيتين هما Thermo وتعني الحرارة، وكلمة Dunamis وتعني "القوة" Power.إذن فالديناميكية الحرارية هي العلم الذي يتعامل مع القوة أو الطاقة الحرارية التي تحتويها الحرارة، وتتعامل مع تحول هذه الطاقة إلى الأشكال الأخرى للطاقة (كالطاقة الحركية والطاقة الكهربائية. ..الخ ).وكلمة الطاقة "Energy " نفسها مشتقة من الكلمة اليونانية "Energiea " وتعني " الشغل Working "،وتعرف الطاقة بانها "القابلية على انجاز شغل ".
ومع ان "الديناميكا الحرارية " بدأت وكانها دراسة حول تحول الطاقة الحرارية إلى حركة ميكانيكية على يد علماء بارزين امثال "نيوتن " و" ماكسويل" و"كالفن " إذ تم وضع القوانين حولها، إلا انه عندما تم اكتشاف الأشكال الأخرى من الطاقة (كالطاقة الكهربائية والكيماوية والنووية. ..الخ ) فقد تبين ان قوانين الديناميكا الحرارية تنطبق أيضا على هذه الأشكال من الطاقة. ولكن ما ان وضع انشتاين نظريته في النسبية وعد فيها المادة شكلا من اشكال الطاقة بقانونه المشهور E=MC2 حيث: سرعة الضوء= C كتلة المادة= M الطاقة=E حتى اصبحت قوانين ( الديناميكا الحرارية ) أشمل قانون على الاطلاق في هذا الكون، اذ ضمت في اطارها كل شىء، ولم يبق خارج اطارها أي شىء على الاطلاق.
وا لأن لنشرح القانون الأول والقانون الثاني للديناميكا الحرارية :
القانون الأول :
"ان مجموع الطاقة ثابت في الكون ولا يتغير، ولكن يمكن تحويل الطاقة من شكل إلى آخر" أي يمكن تحويل ا لطاقة من طاقة حرارية مثلا إلى طاقة كهربائية أو حركية. ..الخ، ويمكن تحويل الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية أو حرارية مثلا. ولكن مجموع الطاقة في الكون ثابت لا يتغير، أي لا ينقص ولا يزيد. وبعبارة أخرى: لا يمكن خلق أو افناء الطاقة، بل يمكن تحويلها من شكل إلى آخر.
ولكن بعد ان وضع انشتاين قانونه المشهور حول علاقة الطاقة بالمادة (الذي اوردناه سابقا ) وامكانية تحول إحداهما إلى الأخرى فقد أصبحت صيغة القانون الأول اكثر شمولا وكما يأتي:
(ان مجموع المادة والطاقة ثابت في الكون، ولكن يمكن تحويل الطاقة من شكل إلى آخر).
القانون الثاني
لهذا القانون عدة صيغ أشهرها صيغة "كلفن" و "كلوسيوس ". ولكي نجنب القارئ الخوض في مواضيع معقدة قد تصرفه عن مطالعة هذا الكتاب فسنسهل له الأمر ونقدم له هذا القانون في أبسط صيغة ممكنة:
ان الطاقة الحرارية تنتقل من الأجسام الحارة إلى الأجسام الأقل حرارة، ولا يحدث العكس. لذا يستحيل في أي منظومةSystem انتقال الحرارة من جسم درجة حرارته منخفضة إلى جسم درجة حرارته مرتفعة ما لم يبذل شغل خارجي على المنظومة.
أو نستطيع التعبير عن هذا القانون كما يأتي :
(لا توجد هناك عمليات تحول في الطاقة دون ان يكون هناك تحول جزء من الطاقة إلى شكل لا يمكن الاستفادة منه ).
فلو أدخلت مثلا (1..) وحدة من الطاقة إلى أي جهاز فانك لن تستطيع الاستفادة إلا من (9.) او(95) وحدة منها، وذلك حسب كفاءة الجهاز الذي تستعمله، ولكن لا يوجد جهاز كفاءته1.. ./. إذ لابد من ضياع جزء من الطاقة (مثلا يتحول جزء من هذه الطاقة الىحرارة في أثناء التغلب على مقاومة الاحتكاك ).
يقول البروفيسور (ف. بوش )في كتابه (أسس الفيزياء (principles of physics عند شرحه هذا القانون :
(علق بعضهم ذات مرة على الكون فقال :" الأحوال تسير فيه من حسن إلى سيء ثم إلى الأسوأ ".وهذا يلخص القانون الثاني للديناميكا الحرارية بشكل فج جدا، وكما رأينا فان القانون الأول هو صيغة لبقاء الطاقة، ولكنه لا يذكر شيئا عن طريقة سير الحوادث في الكون. فالطاقة محفوظة عندما يسقط حجر على الارض، إذ تتحول طاقة وضعه التثاقلية إلى طاقة حركية. وعندما يصطدم الحجر بالأرض ويصل إلى السكون تتحول طاقة حركته إلى طاقة حرارية، ومع ذلك فان حجرا مستقرا على الأرض لا يستطيع أبدا القيام بتحويل الطاقة الحرارية الموجودة فيه وبجانبه إلى طاقة حركية لينطلق إلى أعلى في الهواء. وبالرغم من ان القانون الأول يحكم مثل هذه الامكانية أيضا، لأن الطاقة محفوظة في هذه العملية العكسية، إلا ان هذه العملية العكسية لا تحدث تلقائيا.
هناك عمليات كثيرة أخرى لا يحكمها القانون الاول، ولكنها لا تحدث، فالماء يتبخر من الطبق، ولكن البخار الموجود في الهواء لا يتكثف تلقائيا في الطبق. كذلك تتحلل الجثة وتتحول إلى تراب، ولكن عناصر الأرض لا تقوم بتكوين الجسم تلقائيا في العملية العكسية. إذن للطبيعة اتجاه مفضل لسير الأحداث التلقائية، ويحدد هذا الاتجاه بالقانون الثاني للديناميكا الحرارية )(8)
نستطيع ضرب عدة أمثلة حول سير الأحداث التلقائية وكونها في اتجاه وأحد فقط :
لنفرض إننا آتينا بزجاجة عطر وفتحناها في غرفة مقفلة...فماذا يحدث ؟...بعد فترة قصيرة تنتشر جزيئات العطر في هواء الغرفة وتنتشر رائحة العطر فيها ...ولكن أيمكن آن تسير العملية بوتيرة معاكسة؟ ...أي أيمكن رجوع كل جزيئات هذا العطر ودخولها إلى الزجاج مرة أخرى بشكل تلقائي ؟.
يستحيل وقوع هذه العملية المعاكسة التلقائية من الناحية العملية.
لناخذ مثإلا آخر:
لنفرض اننا وضعنا مائة قطعة مرقمة (بأرقام متسلسلة من الرقم وأحد حتى الرقم مائة ) في صندوق ورتبناها حسب تسلسل أرقامها ثم غطينا هذا الصندوق وقمنا برجه ...عندما نفتح الصندوق نجد ان هذه القطع لم تعد متسلسلة حسب أرقامها، ومهما أعدنا عملية الرج فلن ترجع هذه القطع إلى نظامها المتسلسل .
لماذا ؟
لأن عملية الرج عملية تحريك عشوائية، وكل عملية عشوائية ينطبق عليها قانون الاحتمالات الرياضية Probability وقوانين الاحتمالات الرياضية تجعل من الصعب (حتى درجة الاستحالة) الوصول إلى ترتيب وإلى نظام، ولا سيما ان كان عدد العناصر الموجودة في العملية عددا كبيرا (عدد جزيئات العطر في المثال الأول وعدد القطع المرقمة في المثال الثاني)
ولكي يتم شرح مفهوم النظام والفوضى في الكون أو في أي نظام System فقد استعان العلماء بمفهوم ومصطلح الـ " الانتروبيا Entropy"(9) والانتروبيا تعني مقدار الفوضى أو مقدار الطاقة التي تحولت إلى شكل لا يمكن الاستفادة منه .
فاذا رمزنا إلى زيادة "الانتروبيا " في أي منظومة " SYSTEM" بالرمز ds وإلى مقدار الحرارة التي دخلت إلى هذه المنظومة بالرمز dq وإلى درجة الحرارة المطلقة بالرمز T فان
ds=dq/T
أي ان اكتساب المنظومة لحرارة مقدارها dq أدى إلى زيادة في الفوضى بمقدار dS
(درجة الحرارة المطلقة للجسم هي درجة حرارته المئوية مضافة اليها درجة حرارة 273، أي إن كانت درجة حرارة جسم ما تساوي10 . درجة مئوية فان درجة حرارته المطلقة = 10+ 273 =283).
كانت هذه المقدمة المختصرة ضرورية لكي نفهم طبيعة التغيرات التلقائية التي تحدث في الكون ( أو في أي منظومة system))، ذلك لأن جميع التغيرات الحادثة في الكون تؤدي إلى زيادة "الانتروبيا "، أي إلى زيادة الفوضى وإلى زيادة عدم القدرة على الاستفادة من الطاقة . ويعرف القانون الثاني للديناميكا الحرارية بانه قانون زيادة الانتروبيا .
يقول البروفيسور (ف . بوش ):
(تحدث جميع التغيرات التلقائية بحيث تزداد الفوضى في الكون، وهذه ببساطة هي صيغة القانون الثاني مطبقة على الكون ككل )(11)
ماذا يعني هذا القانون بالنسبة إلى الكون ؟ وإلى ماذا يشير ؟
عندما يتنأول البروفيسور ( ف . بوش ) مؤشرات هذا القانون بالنسبة إلى مصير الكون يقول :
)وخلال ذلك الزمن سوف تزداد انتروبيا الكون باستمرار، وفي نفس الوقت سوف تستمر الشمس والأجسام الساخنة الأخرى في فقد الانتروبيا بمعدل قدره dQ/T حيث dQ =كمية الحرارة التي يفقدها الجسم الساخن في الثانية عند درجة حرارة قدرها (Th .)وبالرغم من ان الاجسام الباردة في الكون سوف تستقبل هذه الطاقة فانها سوف تمتص هذه الحرارة عند درجة حرارة اقل هيTc .)) نتيجة لذلك سوف تكتسب هذه الاجسام الباردة كمية من الانتروبيا تساوي dQ/Tc. وهي اكبر من كمية الانتروبيا التي في الجسم الساخنdQ/Th .) ) إذن سوف تستمر انتروبيا وفوضى الكون في الزيادة نتيجة لانخفاض درجة حرارة الأجسام الساخنة وارتفاع درجة الأجسام الباردة .
ويمكننا ان نتخيل ما سوف يحدث عندما تتساوى درجات حرارة جميع الأجسام في الكون. عندئذ لن يحدث أي انتقال للحرارة، وسوف تصل الفوضى (الانتروبيا ) في الكون إلى القيمة القصوى. وبالرغم من ان الطاقة الاصلية للكون لا تزال ثابتة، فان الطاقة سوف تصبح عديمة الفائدة، وعندئذ لن تنمو النباتات لعدم وجود جسم ساخن يمدها بالضوء، ولن تعمل المحركات لعدم وجود مكان بارد يمكن تصريف الحرارة اليه. أي ان الحياة سوف تتوقف تمأما في كل مكان في الكون (وفي هذه الحالة يكون الكون قد وصل إلى ما يعرف بالموت الحراري ).(12)
يقول العالم الامريكي المعروف " اسحاق ازيموف " :
As far as we know all changes are in the direction of increasing entropy, of increasing disorder , of increasing randomnes, of running down.
أي :
)حسب معلوماتنا فان التغيرات والتحولات باجمعها هي باتجاه زيادة الانتروبيا وباتجاه زيادة عدم النظام، وزيادة الفوضى وإلى الانهدام والتقوض ).(13)
ويقول في مقالة أخرى :
What the second law tells us , then, is that in the great game of the universe ,we not only cannot win ,we cannot even break even أي :
(ان ما يخبرنا القانون الثاني هو اننا لا نعجز فقط عن الفوز في اللعبة الكونية الكبرى بل اننا نعجز حتى عن الخروج من اللعبة لا لنا ولا علينا ).(14)
ويقول هارولد بلوم Harold Blom :
All real processes go with an increase of entropy. The entropy also measures the randomness, or lack of orderliness of the system ,the greater the randomness, the greater the entropy.
اي:
(ان جميع العمليات الحقيقية تترافق مع زيادة في الانتروبيا . والانتروبيا تقيس أيضا درجة الفوضى أو التناقص في درجة النظام في أي منظومة، وكلما زادت الفوضى زادت الانتروبيا)(15)
وفي موضع آخر من المقالة نفسها يقوم " اسحاق ازيموف " بشرح اكثر تفصيلا للقانون الثاني فيقول :
Another way of stating the second law then is : " The universe is constantly getting more disorderly ' viewed that way , we can see the second law all about us. We have to work hard to straighten a room ,but left it to itself ,it becomes a mess again very quickly and very easily. Even if we never enter it ,it becomes dusty and musty. How difficult to maintain houses ,and machinery ,and our own bodies in perfect working order ,how easy to let them deteriorates.In fact ,all we have to do is nothing , and every thing deteriorates collapes , break down , wears out ,all itself -and that is what the second law is all about.
أي:
(هناك طريقة أخرى لشرح القانون الثاني وهي ان الكون يسير بوتيرة ثابتة نحو زيادة الانتروبيا، ونحن نرى تأثير القانون الثاني حوالينا في كل شىء، فنحن نعمل بكل جد لكي نرتب غرفة وننسقها، ولكن ما ان نتركها لشأنها حتى تنتشر فيها الفوضى من جديد بسرعة وبكل سهولة حتى وان لم ندخلها، اذ سيعلوها الغبار والعفن، وكم نلاقي من الصعوبات عندما نقوم باعمال صيانة البيوت والمكائن وصيانة اجسادنا ونجعلها في افضل وضع .ولكن كم يكون سهلا تركها للتلف وللبلى . والحقيقة هي ان ما يتعين علينا عمله هو لا شئ(16)، فكل شئ يسير ذاتيا نحو التلف ونحو الانهدام ونحو الانحلال والتفكك والبلى وهذا هو ما يعنيه القانون الثاني ).(17)
إذن فان علم الفيزياء يؤكد لنا بان جميع التغيرات والتحولات والتفاعلات الجارية في الكون منذ نشأته تسير نحو زيادة الانتروبيا، أي نحو زيادة الفوضى وزيادة التفكك والانهدام والانحلال، فكيف يمكن إذن ان يتم أي تطور نحو نظام افضل واعقد وارقى ؟!...كيف يمكن هذا وفي ظل أي قانون ؟.
نستطيع تلخيص القانون الأول والقانون الثاني للديناميكا الحرارية بالشكل البياني آلاتي :
ففي هذا الشكل يظهر ان مجموع الطاقة في الكون ( بما في ذلك كمية المادة الموجودة فيه ) مجموع ثابت لا يتغير (Constant ) لذا تم تمثيله بخط افقي مستقيم . وهذا هو محتوى القانون الأول للديناميكا الحرارية .
أما مقدار الطاقة المتاحة للاستفادة منها فيسير نحو الاسفل، أي يتناقص علىالدوام ويصل إلى الصفر في المستقبل . وهذا هو منطوق القانون الثاني للديناميكا الحرارية .
والحقيقة ان القانون الثاني قانون شامل وقانون عام، ولعله أشمل قانون كوني على الاطلاق .
يقول البروفسور الدكتور " هنري م . موريس prof.Dr. Henry M. Morris " ما يأتي حول شمولية هذا القانون :
Oneof the interesting things about this second law is that it is so universal that many scientists seem to think it belongs only to their particular fields. I frequently encounter physicists and chemists ,for example ,who think of it only as an equation involving the flow of heat ,or the direction of a chamical reaction. In my own field of hydrolics ,it is a fundamental equation of water flow. Many biologists are apparently unware that it is basic in all biological prosses. It is being frequently applied today even to economic and social systems. As a matter of fact -so far as all studies have shown to date - it applies to the whole universe.
أي:
(ان الشىء الذي يجلب النظر في هذا القانون الثاني هو انه قانون شامل إلى درجة ان كل عالم يتصور انه (أي القانون الثاني ) يعود إلى ساحته واختصاصه العلمي، وكثيرا ما جابهت وواجهت علماء الفيزياء وعلماء الكيمياء الذين يحسبون ان هذا القانون ليس إلا عبارة عن معادلة حول انسياب الحرارة وانتقالها، أو حول اتجاه التفاعل الكيماوي .وفي مجال علم"الهيدروليكاHydraulic " وهو مجال تخصصي فهذا القانون يعد من المعادلات الأساسية حول انسياب المياه وتدفقها، ومن الواضح ان كثيرا من علماء الأحياء لا يدركون ان هذا القانون هو قانون رئيسي في جميع الفعاليات الحياتية، وهو يطبق في كثير من الأحيان في الوقت الحالي حتى على علم الاقتصاد وعلى النظم الاجتماعية . وفي الحقيقة فانه_ حسبما اظهرت الدراسات جميعها حتى الآن _ يطبق ويسري على الكون بأكمله ).(18)
ويقول العالم الاشتراكي التطوري " جيرمي رفكن Jeremy Rifkin " عندما يتحدث عن هذا القانون :
Albert Einstein said that it is the premier law of all science,Sir Eddington refferd to it as the supreme ****physical law of the entire universe.
أي :
( لقد قال البرت آنشتاين انه (أي هذا القانون )القانون الأساسي للعلم بأجمعه .واشار السير "آرثر ادنجتون" إليه باعتباره القانون الميتافيزيقي للكون بأجمعه ).(19)
ويقول "بريجمان P.W.Bridgman":
The two laws of Thermodynamics are ,I suppose accepted by physicsts as perhaps the most secure generalizations from experience that we have.
أي :
( انني اظن بان قانوني الديناميكا الحرارية مقبو لأن من قبل علماء الفيزياء ربما كأكثر القوانين أو المبادئ العامة المضمونة والمأمونة التي استقيناها من تجاربنا ).(2.)
إذن فنحن أمام قانونين شاملين يسريان على الكون وعلى جميع الفعاليات التي تقع فيه .
والآن لنجمع كلا من نظرة فرضية التطور ونظرة علم الفيزياء حول طبيعة التغيرات الحادثة في الكون في شكل واحد، أي لنجمع مدلول الشكل رقم(1) مع مدلول الشكل رقم (2)
فالمستقيم رقم (2) في الشكل أعلاه يمثل نظرة فرضية التطور نحو طبيعة التغيرات الحاصلة في الكون وفي أرضنا والتي تقول بان النظام يزداد مع مرور الزمن، أي ان هناك اتجاها تطوريا وتصاعديا عأما إلى الأعلى، وان الكون والحياة تسيران نحو زيادة الرقي ونحو درجات افضل من النظام ومن التعقيد.
أما الخط المستقيم رقم (1) فيمثل نظرة علم الفيزياء ( حسبما يشير اليها القانون الثاني للديناميكا الحرارية )والتي تقول بان الكون يسير نحو الاسفل ...نحو التحلل والانهدام ونحو زيادة الفوضى وزيادة الانتروبيا، أي نحو تناقص الطاقة المتاحة للاستفادة منها ...بعبارة أخرى فالكون يسير نحو الموت ...نحو الموت الحراري .الشمس تسير نحو الموت لأنها تفقد في كل ثانية اكثر من اربعة الاف طن من كتلتها نتيجة تحولها إلى طاقة حرارية وا شعاعية وضوئية، وهذا يعني ان الموت هو مصير أرضنا أيضا، لأنها تعتمد في حياتها على الطاقة المستمدة من الشمس . وهذه هي حال النجوم الأخرى كذلك.إذن فالكون يسير بأجمعه نحو التحلل ونحو الموت .
وكما يبدو جليا فان النظرتين متناقضتان ومتضادتان تمأما ولا يمكن الجمع بينهما، فان كانت احداهما صحيحة فلابد ان تكون الأخرى خاطئة.
فأي النظرتين صحيحة في ميزان العلم ؟.
ان نظرة التطور تستند _في احسن احوالها _إلى "نظرية "Theory لأن بعض العلماء يعدونها مجرد فرضيةHypotheais أي لم تصل بعد حتى إلى مرتبة النظرية ...نظرية لها مناصرون ولها معارضون من العلماء، والمعارضون في تزايد مستمر ...أي لم تكتسب بعد صفة الثبوت والقطعية.(21)
أما نظرة علم الفيزياء فتستند إلى " قانون Law " أي إلى قانون علمي يمكن التأكد من صحته باجراء آلاف التجارب المختبرية عليه ( هذا إضافة إلى مشاهداتنا للعديد من الظواهر حوالينا). وهو قانون عام وشامل ومقبول من قبل جميع العلماء دون أي استثناء، وكل آلة أو جهاز يملكه الإنسان يشير إلى صحة هذا القانون، وكل عملية تغير أو تفاعل تشير إلى صحته .
ولكن قد يعتقد البعض بان القانون الثاني صحيح ولكنه لا يعارض التطور، لذا فسنشير هنا إلى بعض المصادر العلمية التي تنفي هذه الشبهة .
يشرح عالم الفيزياء والفلك الامريكي البروفيسور " هارولد س. سلوشر Prof, Harold S. Slusher "معارضة القانون الثاني للديناميكا الحرارية لفرضية التطور في كتابه القيم "أصل الكون The origin of the universe " فيقول :
The concept of " disorder to order ,chaos to cosmos " (The evolutionary claim) is directly contradicted by the very basic and underlying principle of physics called the second law of Thermodynamics.
Thermal energy is disordered energy. The amount of energy of a system is measured by the state function U and the amount of disorder by a state function S called the Entropy. In any process that occurs in nature,the total entropy increases.The principle of entropy -increase ( a corollary of the second law of Thermodynamics ) is one of the most profound laws of physics. Its ramifications extend throughout chemistry and biology ,as well as physics and engineering.The second law of Thermodynamics ,as formulated by Clausius and Lord Kelvin ,has been stated in many different but logically *****alent ways ,Clausius stressed the utility of entropy and showed that the second law was the same as saying that the total entropy increases in any process.The microscopic interpretation of entropy as a measure of molecular disorder was discovered by Boltzmann.
أي :
(ان ادعاء النظرية التطورية بان عدم النظام (الفوضى ) تحول إلى نظام، وان حالة الكون المختلطة والمشوشة تحولت إلى كون منظم يناقض ويصادم وبشكل مباشر مبدأ ا ساسيا ورئيسيا للفيزياء يدعى "القانون الثاني للديناميكا الحرارية ".
ان الطاقة الحرارية هي طاقة غير نظامية، وتقاس كمية الطاقة الموجودة في نظام ما بواسطة دالة ( U )،وتقاس كمية عدم النظام أو الفوضى disorder بوساطة دالةS) ) وتدعى بـ "الانتروبيا " .وفي أي عملية تتم في الطبيعة يزداد مجموع الانتروبيا .وزيادة الانتروبيا (وهي النتيجة الطبيعية للقانون الثاني للديناميكا الحرارية ) تعد أحد اعمق قوانين الفيزياء، وتمتد نتائجها وفروعها إلى علم الكيمياء وإلى علم الأحياء مثلما تمتد إلى علم الفيزياء والهند سة، وقد صيغ القانون الثاني للديناميكا الحرارية من قبل "كلاسيوس"و "اللورد كلفن " بصيغ مختلفة، ولكنها صيغ مترادفة ومتكافئة من الناحية المنطقية .فقد اكد "كلاسيوس"على استخدام الانتروبيا واشار إلى ان القانون الثاني ليس إلا تعبيرا آخر عن زيادة الانتروبيا في أي عملية .أما التفسير الجزيئي الدقيق للانتروبيا كمقياس للفوضى الجزيئية فقد اكتشف من قبل" بولتزمان" )
ويستمر هذا العالم في شرحه فيقول:
Many processes that would seem possible according to the first law of thermodynamics ,because they do conserve energy ,in fact never occur. For example,a brick resting on a horizontal road never spontaneously accelerates along the road by gathering up thermal energy from the road. If this process occured,the energy which is randomly distributed over many molecules of the road would be converted into an ordered motion of the brick as a whole. This transformation from disorder to order is quite compatible with the first law ,but it does not happens. The reverse process does occur and it illustrates a feature present in all our experience.When a brick is projected along the road ,it slows down as the kinetic energy due to the ordered motion of the brick as a whole is transformed into thermal energy associated with disordered melecular motion within the road and the brick. Examination of this and many other processes reveals that there is a general rule which determines the direction in which energy is transformed into disordered energy ,that is ,order to disorder. But the reverse transformation is not observed. The disorder in one object can be reduced in a process only if there is more than compensating increase in the disorder of other objects that participate in the process.
أي :
ان عمليات كثيرة تبدو ممكنة الوقوع حسب القانون الأول للديناميكا الحرارية _لانه يتضمن مبدأ حفظ الطاقة _ ولكنها في الحقيقة لا تقع ابدا . فمثلا لناخذ طابوقة موضوعة على طريق افقي، فهذه الطابوقة لا يمكنها ان تتحرك ذاتيا حركة متسارعة على الطريق وذلك بقيامها بتجميع الطاقة الحرارية من الطريق.ولو حدثت هذه العملية لانقلبت الطاقة _التي هي منتشرة بشكل عشوائي بين جزيئات عديدة من جزيئات الطريق _إلى حركة منتظمة للطابوقة ككل .وهذا الانتقال من حالة اللانظام (الفوضى )إلى حالة النظام لا يحدث مع انه منسجم مع القانون الأول .
ولكن العملية المعاكسة لهذه العملية هي التي تحدث، وهذه هي ما تقدمه لنا ملامح جميع تجاربنا .فعندما تقذف طابوقة على طريق فانها تتباطأ نتيجة تحول الطاقة الحركية _الناشئةعن الحركة المنتظمة للطابوقة ككل_إلى طاقة حرارية مصاحبة لحركة الجزيئات العشوائية للطريق وللطابوقة.
ان فحص وتدقيق هذه العملية وغيرها من العمليات يبين لنا وجود قاعدة عامة تقرر الاتجاه الذي تحدث فيه عمليات التحول. فالطاقة المنتظمة تتحول إلى طاقةغير منتظمة، أي ان "النظام" يتحول إلى "لانظام". ولكن لا يشاهد حدوث الاتجاه المعاكس للتحول. ولا يمكن تقليل "اللانظام" ( أو الفوضى) في شيء في أثناء عملية ما إلا عند وجود زيادة معوضة وبشكل اكبر في "اللانظام" للاشياء الأخرى المساهمة في تلك العملية )
تابع ............
تعليق