د . كامل النجار : قراءة نقدية غير شريفة (للأخ نيقولا)

تقليص

عن الكاتب

تقليص

الأندلسى مسلم اكتشف المزيد حول الأندلسى
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 1 (0 أعضاء و 1 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الأندلسى
    مشرف شرف المنتدى

    • 21 يون, 2006
    • 965
    • مسلم

    #16
    تحت باب زوجاته :-


    يقول د . كامل :-

    يقول مشائخ الدين ان النبي تزوج كل هولاء النسوة ليستميل القبائل اليه لنصرته. ولكن التاريخ يقول غير ذلك. فالنبي كان في اضعف موقف لما كان في مكة وكانت قريش تحاربه وتضطهده. وظل في مكة ثلاث عشرة سنة بعد بدء الرسالة وهو مضطهد. لكنه ظل طوال هذه المدة مع خديجة لم يتزوج غيرها حتى ماتت قبل ثلاث سنوات من هجرته الى المدينة. وعندما هاجر الى المدينة اصبح في حمى الاوس والخزرج ولم يمضي وقت طويل حتى خضعت الغالبية العظمى من القبائل له واصبح في موقف لا تستطيع اي قبيلة ان تهدده، واصبح غنياً بعد كل الانفال التي جمعها المسلمون من الغزوات. ومن ثم كان جل زواجه في المدينة ما عدا عائشة بنت ابي بكر، تزوجها بمكة بعد وفاة خديجة لكنه لم يدخل بها الا بعد ان هاجر الى المدينة. وتقول بعض الروايات انه تزوج كذلك سؤدة بنت زمعة بن قيس في مكة.
    فلننظر الى نسائه، تزوج عائشة بنت ابي بكر وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وكان الاثنان، ابوبكر وعمر، اول من آمن به وكليهما من قريش، فلو كان بالامكان استمالة قريش له لفعلا ذلك دون ان يتزوج بنتيهما. فزواجه من عائشة وحفصة لم يكن، اذاً، لاستمالة قريش، ولكنه قد يكون مكافأةً لابي بكر وعمر لنصرته والائمان به. ثم تزوج جويرية بنت الحارث وصفية بنت حُيي اليهوديتان بعد ان قتل زوجيهما واعداداً كبيرة من رجال بني قريظة وبني النضير، فهذا الزواج كذلك لم يكن لاستمالة القبائل اليهودية لانه شن عليهم الحرب واجلاهم عن المدينة وقتل رجال بني قريظة قبل ان يأسر ويتزوج جويرية وصفية. ثم تزوج ام حبيبة بنت ابي سفيان وهي بالحبشة، وليس من المعقول ان يستميل مثل هذا الزواج ابا سفيان الذي ظل يكن العداء لمحمذ وللاسلام رغم زواج ابنته من مسلم وهجرتها الى الحبشة، بل بالعكس، قد يكون اسلام ابنته وهجرتها قد زاد من كراهيته للنبي، وزواج محمد منها لا يمكن الا ان يكون قد زاد من هذه الكراهية .


    قد تصاب بالدهشة عندما تجد النصارى ينتقدون تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم رغم أن الكثير من الآباء والانبياء في الكتاب المقدس كانوا كذلك .
    ولكن قمة الدهشة عندما تسمع ذلك من شخص ملحد ككامل النجار .
    فحسب علمي أن شريعة الإلحاد لا تحرم ذلك !!
    ـــــــــــ (1)

    من قال أن كل زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت ليستميل قبائل العرب ؟

    لا أعرف في الحقيقة أحد من المسلمين قال ذلك .
    ربما ينطبق هذا على بعض الزيجات فعلا ولكن ليس كلها بطبيعة الحال .

    زيجات الرسول صلى الله عليه وسلم كانت واحدة من المسئوليات والأعباء الكثيرة التي حملها على عاتقه صلى الله عليه وسلم .

    السيدة أم سلمة مات زوجها بعد ان جرح في معركة أحد

    والسيدة أم حبيبة تركها زوجها وارتد عن الاسلام
    والسيدة سودة مات زوجها في الحبشة

    والسيدة حفصة مات زوجها بجروحه لجهاده في سبيل الله
    وكلهن رضي الله عنهن تركن الغالي والرخيص من أجل الإسلام وهاجرن للحبشة وتركن أوطانهن .
    هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتركهن يتسولن أو يطلبن الشفقة من أحد ؟

    كان عليه الصلاة والسلام كما عرفناه دائما سباقا لتحمل الأعباء بدون أن ينتظر أن تجرح مشاعر إحداهن فأعطاهن الله المكانة اللاتي يستحقنها كأمهات للمؤمنين .

    أما بنات الملوك كالسيدة جويرية والسيدة صفية فربما يكون زواج الرسول صلى الله عليه وسلم منهما كان لإستمالة يهود بني المصطلق وخيبر للإسلام أو على الأقل لإنهاء موقف العداوة الغير مبرر من جانبهم وحدث هذا بالفعل مع بني المصطلق فأعتق المسلمون أسراهم لزواج النبي من جويرية ودخل بعض منهم في الإسلام .

    أما زواج النبي صلى الله عليه وسلم من السيدة زينب بنت جحش فلنا عنده وقفة :-

    سبب هذا الزواج مذكور في سورة الأحزاب :-
    (لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) :-

    - إمرأة من علية القوم كالسيدة زينب تزوجت عبد معتوق مثل زيد بن حارثة فهل هذا مباح ؟

    حسب ( حمية الجاهلية ) فهو غير مباح ولكنه في الإسلام مباح لأن التفضيل في الإسلام ليس بالنسب والمال .

    - طلق زيد السيدة زينب وحسب ( حمية الجاهلية ) أصبحت السيدة زينب الآن في موقف لا تحسد عليه فمن العار أن يتزوجها رجل من علية القوم فهي الآن مطلقة عبد معتوق وبالتالي فقدت مكانتها السابقة كإمرأة من علية القوم .

    - حسب ( حمية الجاهلية ) لا يجوز لرجل أن يتزوج من مطلقة عبده المعتوق فهذا عار ولكنه في الإسلام ليس عارا فلا السيدة زينب فقدت مكانتها بزواجها من عبد معتوق ولا الرسول صلى الله عليه وسلم فقد مكانته بزواجه من مطلقة عبده المعتوق .

    - كما رأينا فالتشريع الإسلامي أعاد الناس لصوابهم فالكل عند الله سواء وهذا هو معنى ( لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ ) .

    - لابد أن نفهم أن هذه الآية ليست هي التي حرمت التبني وإن كانت مرتبطة به .
    - أحببت أن أوضح هذا لأن كثيرين يخلطون بين هذه الآية وآية تحريم التبني الموجودة في نفس السورة والتي تقول :-
    (.......... وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ - ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ..........) :-

    الإسلام لم يحرم كفالة اليتيم كما يدندن البعض فلا يوجد تشريع في الكون حض على كفالة اليتيم مثل الإسلام .

    الإسلام يمنع أن تطلق على الطفل إسما غير اسم أبيه الحقيقي لأن ذلك ليس عدلا فالعدل أن تنسبه لاسم أبيه الحقيقي ( ذلك أقسط عند الله ) .


    [bdr][/bdr]

    يقول د . كامل :-

    اما زواج عائشة فقد ترك المفسرين وكُتاب السيرة في حيرة من امرهم. اذ كيف يفسرون دخول رجل في الربعة والخمسين من عمره بطفلة في التاسعة من عمرها، كانت تتأرجح مع صديقاتها على ارجوحة امام بيتها، وفي يدها جُميمة، اي لُعبة من لعب البنات؟ ولما توفي النبي كانت عائشة في الثامنة عشرة من عمرها، وحرّم عليها الزواج من بعده. " وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابداً ان ذلكم كان عند الله عظيماً" ( سورة الاحزاب، ألآية 53) .
    لا يوجد حيرة ولسنا في حاجة أصلا لتفسير شيء يا عزيزي النجار .
    كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس سواء بشهادته صلى الله عليه وسلم أو شهادة السيدة عائشة رضي الله عنها أو أهل السيدة عائشة أو المجتمع المحيط أو حتي من أعدائه صلى الله عليه وسلم .
    الجميع يشهد أن التجربة ناجحة تماما ولا أحد أبدى تعجبا أو استغرابا .
    العقل البشري اعتاد أن يتعامل بمنهج القياس فطالما العصر الحالي لا يشهد تجارب مماثلة لذا فعقول البعض تراها تجربة غريبة وتشعر بالاضطراب نحوها .

    ينقل لنا الإمام البخاري في باب الشهادات قول الحسن بن صالح ونصه : -
    ( أدركت جارة لنا وهي جدة بنت إحدى وعشرين سنة ) .

    هذه الحالة ليست بدعة فكل التقاليد القديمة كانت تعتبر أن سن زواج البنت هو سن البلوغ وما زال هذا التقليد ساريا في بعض المجتمعات للآن .

    لذلك أنصح من يشعر بالعجب أن يرتاد سفينة الزمن ويرحل ويعيش في الماضي ليزول عجبه .


    [bdr][/bdr]



    تحت عنوان بعثته




    كان اليهود في فلسطين وفي يثرب ينعتون من جاورهم من العرب ب " الاميين"، ولا يعنون بهذه الكلمة الجهل بالقراءة والكتابة، بل يعنون بها شيئاً بمعنى :" القوم " اي " كوييم" و " جوييم" وتعني هذه الكلمات في اللغة العبرية " الغرباء" . لانهم في نظر انفسهم انهم هم شعب الله المختار الذي اختص بالوحي والنبوة، وما غيرهم هم الغرباء عنهم، ويعرفون عندهم ب " Goyim"، وهي صيغة الجمع من المفرد " كوي" "Goy". فكلمة " الامي" و " الاميين" كلمة تطلق على كل من هو غير يهودي . فكلمة " امي" مرادفة لكلمة " كوي" في العبرانية وكلمة " Ethnos" في اليونانية وتعني " الشعب" او " الامة". وقد ورد في القرآن: " فان حاجوك فقل: "اسلمت وجهي لله ومن اتبعن. وقل للذين اوتوا الكتاب والاميين: أأسلمتم" . والمراد بالذين اوتوا الكتاب اليهود والنصارى. أما الاميون فهم الذين لا كتاب لهم اي من غير اليهود والنصاري.
    وكذلك ورد في سورة الجمعة، الاية الثانية " هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم يتلوا عليهم آياته". وكلمة العرب لا تعني فقط الذين في مكة والمدينة، فقد كان هناك عرب في الشام يدينون بالمسيحية وكان جزء كبير منهم يقرأ ويكتب، وكذلك عرب العراق كانوا على قدر كبير من العلم وعرب جنوب الجزيرة كانت القراءة والكتابة متفشية فيهم. وحتى مكة والمدينة كانت فيهما نسبة لا يستهان بها على علم بالقراءة والكتابة، خاصة الجاليات اليهودية. فهل نفهم أن كل هولاء لم يكن محمد قد بُعث فيهم لانهم لم يكونوا أميين؟ ولما كانت كلمة " اميين" تعني " كوييم" اي من امة غير يهودية، فيكون محمد قد بُعث لكل العرب المتعلمين منهم وغير المتعلمين.
    وفي آية اخرى: " ومن اهل الكتاب من ان تأمنه بقنطار يؤده اليك، ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده اليك الا ما دمت عليه قائماً، ذلك بانهم قالوا: ليس علينا في الاميين سبيل" . ومما لا شك فيه ان " الاميين" هنا تعني العرب الذين لم يكونوا يهوداً ولا تعني الذين لا يعرفون القراءة والكتابة. واذا اخذنا بهذا المعنى فان الرسول الامي لا تعني ان محمداً لم يكن يقرأ ويكتب، وانما كان من امة غير يهودية.
    لا أفهم لماذا كل هذا التعقيد ؟

    د . كامل النجار مصر أن كلمة ( أمي ) تطلق على من هم ( غير يهود ) وليس على من لا يجيدون القراءة والكتابة .
    حسنا , تعالوا نقرأ معا سورة البقرة وماذا تقول عن بني اسرائيل لنثبت أن د . كامل النجار مخطيء كعادته :-
    ( أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ - وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ - أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ - وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ) البقرة 75- 78 .

    ها هو القرآن يقول أن بني إسرائيل منهم ( أميون لا يعلمون الكتاب ).
    إذا كانت ( أمي ) معناها ( غير اليهود ) كما يقول د. كامل النجار فهل كان القرآن يصف اليهود بأنهم غير يهود ؟!

    وما قوله في هذه الآية أيضا :-
    (وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [العنكبوت : 48] .

    هذه الآية مكية ولم نسمع أن مشركي مكة كذبوها قط هذا فضلا عن المسلمين الأوائل .

    الجميع كان يعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يكتب أو يقرأ قبل نزول القرآن .


    [bdr][/bdr]


    يقول د . كامل :-


    وكان في مكة في تلك الايام جماعة من النصارى الغرباء النازحين لاسباب من الرق والتجارة والتبشير، ومنهم نفر كانوا على درجة من الفهم والمعرفة، يعرفون القراءة والكتابة. من هولاء رجل روى المفسرون ان اسمه " جبر" وانه كان غلاماً لعامر بن الحضرمي، وانه كان قد قرأ التوراة والانجيل، وكان محمد يجلس اليه .

    الجميع يعلم أن مكة لم يكن بها نصارى لا للتبشير ولا غيره . هذا القول غير صحيح .
    بإمكان أي إنسان أن يقرأ حول مناطق انتشار المسيحية في جزيرة العرب قبل الاسلام وسيجد
    أن مكة لم تكن ضمن هذه المناطق .

    أما جبر فكان غلاما نصرانيا أعجميا مملوك لآل الحضرمي ولم يكن مبشرا ولا قسيسا .

    و كونه كان يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن فهذا قول سخيف سخر منه القرآن .

    كيف لغلام صغير ينطق العربية بالكاد أن يقول مثل القرآن ؟!!!

    يبدو أن البعض يفتش عن أي صلة بين الرسول والنصارى ليزعم أنه كان نصرانيا .


    [bdr][/bdr]


    يقول د . كامل :-


    وفي اول مرة نزل فيها الوحي عليه لما كان بغار حراء، جاءه الملك فقال: اقرأ. فقال محمد: ما انا بقارئ. قال: اخذنئ فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني. فقال: أقرأ. فقلت: ما انا بقارئ. فاخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني. فقال: اقرأ. فقلت: ما انا بقارئ. فاخذني فغطني الثالثه حتى بلغ مني الجهد. ثم ارسلني فقال: " اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الانسان من علق، اقرأ وربك الاكرم. الذي علم بالقلم. علم الانسان ما لم يعلم".
    وخرج محمد من غار حراء وهو يرتجف ودخل على خديجة فقال: زملوني زملوني . والذي يتضح من هذه القصة هو: اما ان يكون محمد قد كان نائماً في الغار فحلم بجبريل، او خُيل اليه وهو صاحٍ، أن رجلاً أتى اليه وطلب منه ان يقرأ ثم غطه لما رفض ان يقرأ. وكون جبريل غطه وطلب منه أن يقرأ توحي لنا بأن جبريل كان عالماً بان محمداً يستطيع ان يقرأ لكنه رفض ان يقرأ، فغطه ثلاث مرات حتى خشى محمد على حياته، او ان يكون جبريل يجهل ان محمداً لا يستطيع القراءة والكتابة، والا لما طلب منه ان يقرأ، وهذا امر بعيد الاحتمال اذا ايقنا ان جبريل هو روح القدس والواسطة بين الله ومحمد. ونستطيع ان نقول ان محمداً كان يقرأ ويكتب ولذا طلب منه جبريل ان يقرأ، أو ان جبريل لم ينزل عليه وانما خُيل له.

    رغم أن موضوع كلمة ( أمي ) ومعناها لا يقدم ولا يؤخر عندنا إلا أن المستشرقين كادوا يصابون بالخبال حتى يثبتوا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجيد القراءة والكتابة .

    د . كامل النجار يزعم أنه طالما أن جبريل عليه السلام قال للنبي ( إقرأ ) فهذا دليل على أن النبي كان يجيد القراءة !

    فات على د. كامل أن جبريل عليه السلام لم يسلم للرسول صلى الله عليه وسلم أوراق حتى يقرأها ؟

    هل عندما أقول ( فلان يقرؤك السلام ) أن القراءة يجب أن تكون من أوراق مكتوبة ؟

    من يردد كلاما وراء آخر فهو ( يقرأ ) ومن يردد كلاما من الذاكرة فهو أيضا ( يقرأ ) .

    الأمر ( إقرأ ) هو أمر لإستعداد النبي صلى الله عليه وسلم لتبليغ الرسالة القادمة للناس وهذا أمر ظننته مفهوما .


    [bdr][/bdr]


    يقول د . كامل :-

    وهناك دليل آخر أن محمد كان يقرأ ويكتب، فقد ذكر البخاري عن أبن عباس أن النبي لما حُضرَ، أي لما كان على فراش موته، وكان في البيت رجال، طلب منهم إحضار الدواة والقلم، وقال لهم: هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده أبداً. فقال بعضهم: إن رسول الله قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتابُ الله. فهاهو الرسول يقول لهم: أكتب لكم كتاب، ولم يقل أُملي عليكم كتاب.

    رغم أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أكتب لكم كتابا ) لا ينفي يقينا أنه صلى الله عليه وسلم كان سيملي ما يقول على أحد الحضور ليكتب ما يسمعه من رسول الله خاصة ان صحته صلوات ربي عليه وسلامه لم تكن لتسمح له بالكتابة , إلا أننا لن نعترض كثيرا على احتمال تعلمه صلى الله عليه وسلم الكتابة بمرور الزمن .

    ولكن الذي يهمنا في الأمر هو الفترة قبل نزول القرآن التي لم يكن النبي يقرأ كتابا أو يكتب شيئا :-

    ( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) [العنكبوت : 48] .


    كما تلاحظون فالآية الكريمة تقول ( من قبله ) .
    ما الفائدة أن تقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم تعلم الكتابة قبل وفاته بقليل وبعد نزول القرآن كاملا ؟

    هذا لا يقدم في موضوعنا ولا يؤخر .

    لكي يبني المستشرقون نظرياتهم حول مصدر القرآن وأن الرسول صلى الله عليه وسلم إقتبسه من قراءاته من الكتاب المقدس وكتب الإغريق والهنود فلابد أولا أن يثبتوا كونه صلى الله عليه وسلم كان يجيد القراءة والكتابة بل ويجيد بعض اللغات أيضا في فترة شبابه ناهيك عن امتلاكه مكتبة ضخمة من الكتب .

    وحتى هذه اللحظة لم يقدم أحد شيئا كدليل سوى بعض المناوشات .

    العرب أنفسهم كانوا أذكى من توريط أنفسهم في أمر خاسر كهذا فالرسول صلى الله عليه وسلم قبل نزول القرآن لم يكن بقارىء ولا بكاتب لذلك ذهبوا إلى مزاعم أخرى قد تجد بعض النجاح مثل أن أحدهم يعلمه هذا الكلام :-

    (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ )
    [النحل : 103] .




    [bdr][/bdr]

    د . كامل النجار كان أذكى من الجميع وطفق يلعب على كل الحبال .

    في البداية كان يقول أن هناك من يعلمه القرآن .
    وإذا لم تفلح هذه فلا مانع أن يقول أنه كان يعلم نفسه لأنه كان يجيد القراءة والكتابة .

    وإذا لم تفلح هذه أيضا فلا مانع أن يكون الرسول مصاب بالصرع . انظر ماذا يقول :-



    ووصف كُتاب السيرة النبوية عن عائشة، ان محمداً عندما كان يأتيه الوحي كانت كل اعضاء جسمه ترتجف لفترة من الزمن، ثم يتصبب عرقاً ثم ينام، وعندما يصحو من نومته يخبرهم بالوحي. ونحن كأطباء، نعلم أن هذه الاوصاف كلها، خاصةً صلصلة الجرس في ألاذن، من أعراض الصرع, وتُسمى " Aura" وعادةً تسبق هذه الاعراض التشنج الذي يحدث لمرضى الصرع.
    ولقد ذهب بعض المستشرقين وخاصة جوستاف فيل " Gustav Weil . الى أن محمداً كان يعاني من داء الصرع، واستشهدوا بأنه ولد وبصره شاخص الى السماء. وإذا جاء المولود وبصره شاخص الى السماء، وهو عكس الوضع الطبيعي للمولود، تتعثر عملية الولادة وتطول وغالباً ما يحدث نزيف بسيط في عدة أماكن من الدماغ تؤدي في بعض الحالات الى حدوث الصرع في الشخص عندما يكبر.

    ولكن جوستاف فيل كان واسع الخيال يا دكتور .
    فيل كان طبيبا لذلك تأثر خياله كثيرا بمهنته .
    مريض الصرع كما يعلم الجميع يخرج من النوبة فاقد الذاكرة مؤقتا ولا يشعر بمن حوله أما أن يخرج مريض الصرع من نوبته يتلو قرآنا يؤمن به مليارات من البشر فهذا شيء فات على جوستاف فيل !.
    أصارحكم القول أشعر بالغيظ من هذه الأقوال العبثية والسخيفة .


    [bdr][/bdr]

    يقول د . كامل :-

    ويقال ان خديجة بعد ان زملت محمداً عندما جاءها يرتجف، ذهبت من توها الى ابن عمهما ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله ان يكتب. فاخبرته بما حدث لمحمد، فقال ورقة بن نوفل لمحمد: يابن اخي، هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى، يا ليتني فيها جذعاً، ليتني اكون حياً، اذ يخرجك قومك. فقال الرسول: " او مخرجي هم؟" فقال: نعم. وان يدركني يومك انصرك نصراً مؤزّراً . وكان ورقة بن نوفل وقتها رجلاً مسناً اعمي. ولم يخطر ببال كُتاب السيرة النبوية ان يسألوا انفسهم: لماذا اذاً لم يسلم ورقة بن نوفل في وقتها إذا عرف أن الذي نزل على محمد انما هو الملك الذي نزل على موسى، وأن محمد نبي الله؟ خاصة إذا عرفنا أن خديجة بنت أخيه قد اسلمت في ذلك الوقت ؟ واي نصرٍ كان سيقدمه لمحمد ان كان حياً حين اخرجوه من مكة، وورقة رجل مسن اعمى؟
    واستمر الوحي لفترة من الزمن ثم توفي ورقة بن نوفل، فتوقف الوحي فترة من الزمن حتى حزن الرسول حزناً جعله يفكر في ان يلقي بنفسه من رؤوس شواهق الجبال. فكلما اوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه تبدى له جبريل فقال: يا محمد انك رسول الله. فيسكن جأشه، فيرجع. فاذا طالت عليه فترة الوحي غدا كمثل هذا .
    وهناك سؤالان يفرضان نفسهما علي القارئ: لمذا حزن محمد على ورقة بن نوفل كل هذا الحزن حتى كاد يقتل نفسه، ولم يبد نفس الحزن عندما مات عمه ابو طالب الذي رباه وحماه من قريش؟ ولماذا لم يظهر نفس الحزن عندما قُتل عمه حمزة ومُثل به؟ والسؤال الثاني: لماذا توقف الوحي بموت ورقة بن نوفل؟ هل حزن عليه جبريل كذلك وقرر عدم النزول بالوحي؟ ام ان ورقة بن نوفل كان هو الوحي؟

    أمام هذا الأسلوب الملتوي للدكتور كامل النجار وأستاذه ابن وراق أجد نفسي حائرا .
    لن أعلق على موضوع أن ورقة بن نوفل كان يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن فهذا الأمر لا يستحق الرد .

    ولكن سأعلق فقط على قول د . كامل النجار :- ( لماذا حزن محمد على ورقة بن نوفل كل هذا الحزن حتى كاد يقتل نفسه ؟ ) .

    أولا :- كل الروايات التي تنقل أن الرسول صلى الله عليه وسلم كاد أن يلقي بنفسه من رؤوس شواهق الجبال هي روايات منقطعة الإسناد وليس لها وزن .

    ربما يقول قائل :- ولكن إحدى هذه الروايات في صحيح البخاري ؟
    أقول نعم إحداها مكتوبة في صحيح البخاري ولكنها ليست للبخاري . هل هذه فزورة ؟؟
    أبدا ليست فزورة .
    الإمام البخاري أخرج حديث عائشة في باب بدء الوحي حتي عبارة ( وفتر الوحي ) ثم قال :-

    ( وزاد الزهري :- حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا - حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال ، فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقى منه نفسه تبدى له جبريل ....... ) .


    كما تلاحظون هذه الزيادة ليست للبخاري بل هي للزهري مرسلة وليس لها أي وزن لذلك فلا تجدها أحيانا في بعض نسخ صحيح البخاري .

    طبعا د . كامل النجار وابن وراق لا يهتما بهذا كله فلو وجدا رواية منقولة عن إبليس نفسه لنقلوها طالما فيها ما يساعدهم !


    ثانيا :- هل كان حزن الرسول صلى الله عليه وسلم كما هو مذكور في الرواية على وفاة ورقة أم على إنقطاع الوحي ؟

    كما هو واضح من الرواية فالحزن كان على انقطاع الوحي أما وفاة ورقة فربما حزن الرسول لوفاته لفقدانه أحد أنصاره وهذا شيء طبيعي .

    تعرفون طبعا أن علاقة الرسول صلى الله عليه وسلم بورقة بن نوفل التي لا تزيد عن سطور قليلة في الكتب الإسلامية كتبت فيها مجلدات ونظريات ومكتبات كاملة من جانب المستشرقين وهي قصص شيقة حقا.... ولكنها تظل خيال خرج من عقل أناس ضلوا طريقهم ولجأوا للإستشراق برغم براعتهم في فن الدراما !!!

    =========================

    (1) يلمح كاتب المقال إلى أن كامل النجار هذا هو مسيحى أو هو على أقل تقدير ملحد من خلفية مسيحية ...
    [frame="10 98"]
    ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

    ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

    وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
    [/frame]

    تعليق

    • محب المصطفى
      مشرف عام

      • 7 يول, 2006
      • 17073
      • مسلم

      #17
      بالفعل موضوع شديد الأهمية

      ويبين مدى سخافة هذا الفكر الهجين الذي ليس له اصل او أساس
      شموس في العالم تتجلى = وأنهار التأمور تتمارى , فقلوب أصلد من حجر = وأنفاس تخنق بالمجرى , مجرى زمان يقبر في مهل = أرواح وحناجر ظمئى , وأفئدة تسامت فتجلت = كشموس تفانت وجلى

      سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك ،،، ولا اله الا انت سبحانك إنا جميعا كنا من الظالمين نستغفرك ونتوب إليك
      حَسْبُنا اللهُ وَنِعْمَ الوَكيلُ
      ،،،
      يكشف عنا الكروب ،، يزيل عنا الخطوب ،، يغفر لنا الذنوب ،، يصلح لنا القلوب ،، يذهب عنا العيوب
      وصل اللهم على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد
      وبارك اللهم على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم إنك حميد مجيد
      عدد ما خلق الله - وملئ ما خلق - وعدد ما في السماوات وما في الأرض وعدد ما احصى كتابه وملئ ما احصى كتابه - وعدد كل شيء وملئ كل شيء
      وعدد ما كان وعدد ما يكون - وعدد الحركات و السكون - وعدد خلقه وزنة عرشه ومداد كلماته




      أحمد .. مسلم

      تعليق

      • الأندلسى
        مشرف شرف المنتدى

        • 21 يون, 2006
        • 965
        • مسلم

        #18
        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....

        الأخ محب المصطفى ود/ أمير عبدالله ... بارك الله فيكما على مروركما وتعليقاتكم .... نعم والله هذا لسان حالنا جميعاً ...

        لنكمل إذن بارك الله فيكم جميعاً .......
        [frame="10 98"]
        ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

        ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

        وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
        [/frame]

        تعليق

        • الأندلسى
          مشرف شرف المنتدى

          • 21 يون, 2006
          • 965
          • مسلم

          #19
          الفصل الرابع :تجميع القرآن

          يقول د. كامل :-

          - وكان عبد الله بن سعد بن ابي سرح من كُتاب الوحي كذلك لفترة قبل ان يترك ويرتد عن الاسلام لانه ادعى انه كان يقترح بعض التعديلات اثناء كتابته الوحي، وكان محمد يوافق عليها، مما جعله يقول لو كان هذا الوحي من عند الله لما وافق على تعديله .
          د . كامل هنا يتحدث عن افتراءات عبد الله بن أبي سرح على النبي صلى الله عليه وسلم في فترة ارتداده وكأنها حقيقة !

          قصة أن بن أبي سرح كان يكتب الوحي ويقترح تعديلات فيه هي قصة فبركها بن أبي سرح أثناء ارتداده وعودته إلى مكة ليكسب ود المشركين . هذا أمر ظننته مفهوما .
          كنت قد قدمت نقدا لقصة عبد الله بن أبي سرح عند حديثي عن فتح مكة وقلت أن كونه كان من كتًاب الوحي هي قصة مشكوك فيها ورغم ذلك لو إفترضنا صحتها فيجب أن نقرأها على لسانه هو وليس على أنها حدث تاريخي يرويها راو ثالث الذي يتقمص الدكتور كامل دوره . الروايات هذه لو صحت تقول أن ابن أبي سرح بعد ارتداده وعودته إلى مكة كان يتفاخر بين المشركين بأنه كان يكتب الوحي للنبي وكان يغير في ألفاظه والنبي يوافقه !!

          اذن الأمر كله كان محاولة منه لكسب ود المشركين ليسامحوه بعد أن كان خانهم من قبل . وهذا كله أمر طبيعي منه لأنه كان يخشى ان يقتلوه .

          الروايات تنقل قوله هو وقت أن كان مشركا ولا تروي واقعة حقيقية حدثت .

          ومرة أخرى أطرح سؤالي على الدكتور كامل :-

          لو كان بن أبي سرح تأكد من عدم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف عاد للإسلام مرة أخرى وتمسك به وقاتل في سبيله ؟


          [bdr][/bdr]

          يقول الدكتور كامل :-

          - ولم يأمر محمد في حياته بجمع القرآن او تبويبه، وانما اكتفي بان القرآن محفوظ في صدور الرجال .


          هذا لأن د. كامل النجار لا يعرف معنى كلمة ( الجمع ) .
          عندما نقول أن القرآن كان له كتًاب للوحي يكتبون ما ينزل فهذا يسمى
          ( جمع ) .
          عندما نقول أن جبريل عليه السلام راجع المكتوب من القرآن في العرضة الأخيرة فهذا يسمى ( جمع ) .
          أما كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يجمع القرآن كله في مجلد واحد فهذا لأن هذه ( التقنية ) لم تكن منتشرة بعد .


          [bdr][/bdr]

          يقول د . كامل :-

          ونحن لا نعرف بالتاكيد متى جُمع القرآن، لان اول شئ مكتوب ظهر عن جمع القران كان في كتاب " الطبقات" لابن سعد في عام 844 للميلاد، ثم البخاري عام 870 للميلاد وصحيح مسلم عام 874 للميلاد. واذا اخذنا في الاعتبار ان محمد توفي عام 632 للميلاد، تظهر لنا حقيقة هذا التاريخ الذي كُتب بعد مرور اكثر من مائتي عام بعد وفاة محمد وكله يعتمد على الاسناد من شخص سمع حديثاً ثم رواه لشخص آخر، وهكذا. وبما انه لم يكن هناك تاريخ مكتوب عن تلك الفترة، فالاعتماد على الاسناد لا يبعث الثغة في نفس القارئ.
          وهناك بلا شك احاديث عديدة ملفقة ومنسوبة للنبي، باسنادٍ جيد. وحتى كتب الحديث المشهورة مثل صحيح البخاري ( توفي عام 238 هجرية) يصعب الاعتماد عليها لانه جمعها بعد حوالي مائتين عاماً بعد وفاة الرسول. ويقول المستشرق جولدزر( Goldziher ) أنه لا يمكن القول ان أي حديث هو حديث صحيح قاله النبي، لان صناعة الحديث وصلت ذروتها في الدولة العباسية التي حاول خلفاؤها تبرير اغتصابهم الحكم من الامويين، فأوعزوا الى علمائهم باختراع احاديث تساندهم وتذم العلويين . وقد جمع بعض رواة الحديث أكثر من ثلاثمائة ألف حديث، بعضها مناقض لبعض. وأعتمد البخاري ألفين فقط من كل هذه الاحاديث واعتبر البقية منحولة. فإذا كذب الناس في الاحاديث المنسوبة للنبي، كيف نصدق رواياتهم عن جمع القرآن؟
          هذا فخ بالتأكيد .

          الدكتور كامل هنا يمهد للقاريء أن القادم سيكون لعبة استنبطاية بحتة ولذلك فهو يريد أن يحيًد الأدلة الإسلامية ويزيحها من البداية تحت السجادة .
          هو افترض من البداية شيئا ما في ذهنه ( ترى ما هو ؟! ) .
          وسيبحث بعد ذلك عما يؤيد هذا الإفتراض ولو كان ضعيفا وسيرفض كل ما يؤيد الفرض ولو كان قويا .
          كان يجب أن ينتبه أنه طالما ليس مسلما فأمامه أحد خيارين :-
          - إما أن يرفض الروايات الإسلامية كلها بصحيحها وضعيفها ويقر بالقرآن الموجود الذي لا يختلف فيه مسلمان ولا يحكم مزاج سيادته في الإنتقاء والفرز .
          - وإما يأخذ بالمنهج الإسلامي الذي يقول :-
          (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) .

          أما ما يفعله من قبول المرفوض ورفض المقبول فهذا غير موضوعي .
          نفس الشيء يفعله المستشرق ( آرثر جفري ) الذي قام باختراع منهج جديد وهو :-

          أولا رفض كل المصادر الإسلامية عن جمع القرآن بإعتبارها مزورة تحت غطاء نفس العبارة التي يقولها الدكتور كامل : ( فإذا كذب الناس في الاحاديث المنسوبة للنبي، كيف نصدق رواياتهم عن جمع القرآن؟ ) وكأن المسلمون لا يعرفون بالأحاديث المكذوبة .
          ثم وافق أن يستند على مصدر واحد هو كتاب المصاحف لإبن أبي داود ولم يقل لنا لماذا إختار هذا ورفض هذا ؟! .
          ثم لا يلتزم بهذا أيضا فيتعامل مع ( كتاب المصاحف ) بمبدأ الفرز والإنتقاء !!!
          وعندما أخبره علماء المسلمين أنه يستشهد بروايات ضعيفة الإسناد , رفض شرط الإسناد واعتبره من السهل تلفيقه !!
          ولأننا نعرف ما يريده من البداية ( فهو إفترضه مسبقا ) , فالسيد ( جفري ) هو صاحب الإدعاء الشهير الذي نعت به نبينا صلى الله عليه وسلم بأنه ( رئيس عصابة ) في كتابه( البحث عن محمد التاريخي ) فوقتها كان يجب ألا نقلده في منهجه . أليس كذلك ؟
          إذا كان التاريخ الإسلامي الموثق بأصح الأسانيد لا يصلح كمرجعية حول جمع القرآن , فلا نزل القطر فلا نزل القطر فلا نزل القطر .


          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-
          وهناك رواية اخرى في جمع القرآن تقول ان الذي جمعه هو الخليفة الاموي عبد الملك بن مروان ( 684 - 704) بمساعدة الحجاج بن يوسف. وذُكر ان الخليفة عبد الملك بن مروان قال: اخاف ان اموت في رمضان، ففيه وُلدتُ، وفيه فُطمتُ، وفيه جَمعتُ القرآن، وفيه أنتخبت خليفة للمسلمين وذكر جلال الدين السيوطي والثعالبي هذه القصة عن عبد الملك .
          لم يذكر لنا في أي كتاب للسيوطي أو الثعالبي .
          أنا بحثت في المتاح لدي فلم أجد شيئا كهذا .
          على العموم حتى لو كانت موجودة فما قيمة رواية كهذه بجانب روايات في منتهى الوضوح لم يختلف حولها إثنان .
          كان د . كامل لا يصدق المصادر الإسلامية في البداية وهاهو يفعل نفس ما يفعله جفري .
          لماذا يقبل هذه الرواية ( لو وجدت ) ويرفض الصحيح ؟
          ربما كان يمزح من البداية !!



          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-


          - اما الكندي، وكان نصرانياً وهو غير ابن الكندي المسلم، كتب في زمن خلافة المأمون سنة830 للميلاد، اي حوالي اربعين عاماً قبل ان يكتب البخاري، الى صديق له مسلم و قال : ( الراهب بُحيرى " واسمه الاصلي سيرجياس Sergius" كان راهباً نسطورياً قد طُرد من كنيسته لذنب كان قد اقترفه، فذهب الى جزيرة العرب متطوعاً ليكفر عن ذنبه. وهناك التقى محمداً وتجادل معه. وعند موت هذا الراهب التقى طبيبان يهوديان هما: عبد الله وكعب، محمداً وكان لهما اثر كبير عليه. وعند موت الرسول، وبإيعاز من اليهود، امتنع علي بن ابي طالب من مبايعة ابي بكر للخلافة. ولما يئس من الخلافة، قدمّ نفسه الى ابي بكر بعد اربعين يوماً من موت الرسول، وعندما بايع ابا بكر، سُئل علي: يا ابا الحسن، ماذا منعك حتى الان؟ فرد عليهم: كنت مشغولاً بجمع كتاب الله الذي كلفني به رسول الله (ص). فقال بعض الحضور ان لديهم اجزاء من القرآن بحوزتهم. واتفق الحاضرون على ان يُجمع كل القرآن في كتاب واحد، فجمعوا كل ما استطاعوا عليه من صدور الرجال، مثل سورة " براءة" التي املاها عليهم احد اعراب البادية، وآيات اخرى من نفر آخرين، وكل ما وجدوه مكتوبا على الواح من عظام او جريد النخل او حجارة .
          - ثم جاء الحجاج بن يوسف وجمع كل المصاحف التي عثر عليها وحرقها، وكتب مصحفاً جديداً حذف منه اجزاءً كثيرة كانت في مصحف عثمان، منها آيات كانت تخص الامويين وفيها اسماء بعض الناس من بني أمية .
          - ثم قال الكندي مخاطباً صديقه المسلم: ( كل الذي ذكرت لك مأخوذ من ثقاة المسلمين، ولم اقدم اي اراء من عندي، وانما ذكرت ما كان مبنيٍ على الادلة المقبولة لكم).

          الدكتور كامل الذي نصب لنا فخا من البداية ورفض كل التاريخ الإسلامي عن جمع القرآن برغم أنه موثق ومدعوم بشكل لا يقبل النقاش يأتي الآن ويستند على رسالة الكندي !!!

          ترى من هو هذا الكندي ؟؟

          سأحكي لكم حكاية هذا الكندي الذي يعده د . كامل النجار وابن وراق مصدر غير قابل للنقاش و ياله من مصدر عظيم !

          اشتهر في طليطلة في القرن العاشر الميلادي ما يسمى ب (رسالة النصراني الشرقي ) وهي عبارة عن مناظرة مكتوبة قالوا أن شخصا مسلما يدعي (عبدالله بن إسماعيل الهاشمي ) وكان قريبا من الخليفة المأمون كتب إلى صديق له نصراني يدعى (عبد المسيح بن إسحاق الكندي ) يدعوه للإسلام ويعدد له مزاياه وفضائله فكتب هذا الكندي ردا طويلا يدافع فيه عن عقائد المسيحية ويثبت فيه أن الإسلام ليس سوى دين وثني لا يجوز إعتناقه وكان من ضمن ما كتبه هذا الكلام عن تحريف الحجاج للقرآن الذي ينقله لنا الدكتور كامل النجار عن ابن وراق .

          بديهي طبعا أن تخمنون أنه لم يوجد شخص اسمه الهاشمي ولا آخر يدعى الكندي والأمر لم يكن اكثر من بروباجندا كانت الكنيسة تلجأ إليها للحفاظ على المسيحيين في الشرق من إعتناق الإسلام .

          لا يوجد في التاريخ الإسلامي شخصا نصرانيا بهذه الشهرة يدعى ( عبد المسيح الكندي ) في عصر الخليفة المأمون ولا أي خليفة غيره .

          البعض يرجح أن كاتب هذه الرسالة بالكامل هو الفيلسوف والطبيب النصراني يحيي بن عدي الذي عاش في العراق في القرن الرابع الهجري ولكن على أي حال لا احد يعرف تحديدا متى كتبت هذه الرسالة .

          إكتسبت هذه الرسالة بالطبع شعبية في الغرب فالطرف النصراني منتصر تماما في المناظرة ولكن طبعا هذا ليس كافيا لجعلها مصدرا يقتبس منه أصدقاؤنا د .النجار وابن وراق الدليل الجازم على صحة أقوالهم بالتحريف .

          الرسالة ترجمها للإنجليزية المبشر وليام مور وهي موجودة على الكثير من مواقع الإنترنت المسيحية .

          الملفت للنظر أن مستشرقا بحجم آرثر جفري يستشهد بقول الكندي في موضوع تحريف الحجاج للقرآن رغم أنه يقول أن تاريخية هذه الرسالة تبقى محل شك !!

          وكذلك فعل ابن وراق ود . النجار يفعل الشيء ذاته بدون ان يهتم أحد
          بتقديم دليل واحد .


          هذه الرسالة قد يكون لها أهمية من الناحية الأدبية أما أن يستخدمها أحد في دراسة نص القرآن فهذا غريب جدا !!

          يا ترى ما موقف د. كامل النجار عندما يعرف أنه ينقل عن شخصية لم نتأكد من وجودها في التاريخ بعد ؟

          على العموم السيد الكندي يقول أن الحجاج جمع المصاحف وأحرقها وكتب مصحفا جديدا محرفا ..ولكن ألم يسأل هذا الكندي كيف للحجاج أن يفعل ذلك وقد كان حاكما على العراق فقط ؟

          كيف فعل الحجاج ذلك بدون أن يعرف المسلمون ؟! هل أعطاهم منوم ؟

          ثم هل المصاحف كانت حكرا على رجال العراق فقط أم تراه كان يظن أن العامة كانوا ممنوعون من حفظ القرآن وتلاوته سوي بتصريح من الحجاج ؟

          قول غريب والأغرب أن ينقله البعض بدون تفكير !

          كان يجب على أي باحث موضوعي أن ينظر لرسالة الكندي على أنها واحدة من المجادلات الإنفعالية المسيحية ولا يعطيها أي أهمية خاصة أن رسالته لم ترفق بأي مخطوطة من المخطوطات التي يزعم أن الحجاج أحرقها .

          على العموم رسالة الكندي هذه في الغالب تنقل هذا القول من كتاب المصاحف لإبن أبي داود تعالوا نقرأه :-

          ( قال أبو بكر كان في كتاب أبي حدثنا رجل . فسألت أبي من هو ؟ فقال حدثنا عباد بن صهيب عن عوف بن أبي جميلة أن الحجاج بن يوسف غير في مصحف عثمان أحد عشر حرفا .... إلخ ) :-

          يبدو واضحا ان هذه الرواية مفبركة نكاية في الحجاج .

          ( عباد بن صهيب البصري ) هذا يقول عنه البخاري ( تركوه ) ويقول عنه النسائي في الضعفاء والمتروكين ( متروك الحديث ) .

          ويقول عنه ابن حبان :- ( عباد بن صهيب , من أهل البصرة , يروي عن هشام عن عروة والأعمش – روى عنه العراقيون – كان قدريا داعيا إلى القدر ورغم ذلك يروي المناكير عن المشاهير التي إذا سمعها المبتديء في هذه الصناعة شهد لها بالوضع ) .

          القصة ببساطة هي رواية مفبركة صاغها أحدهم انتقاما من الحجاج .
          هذا كل شيء .


          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-


          - وكانت هناك اختلافات في المصاحف، بعضها فيه زيادة وبعضها فيه نقصان.
          فمثلاً في سورة المائدة الاية 89: " لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان فكفارته اطعام عشرة مساكين من اوسط ما تطعمون اهليكم او كسوتهم او تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام ذلك كفارة ايمانكم اذا حلفتم". ويخبرنا الطبري ان اُبي بن كعب وعبد الله بن مسعود اضافا كلمة " متتالية" بعد الثلاثة ايام، وبذلك تصير الكفارة اصعب على المسلم إذ يجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام متتالية.

          ‏أولا : الطبري يقول ( متتابعات ) وليس ( متتالية ) . ترى عن أي طبري يتكلم الرجل ؟!

          ثانيا : هذه قراءة ليست متواترة ولذلك فهي تجوز فقط كتفسير .

          نرى ماذا يقول الإمام الطبري :-

          (فأما ما رُوي عن أبـيّ وابن مسعود من قراءتهما «فصيام ثلاثة أيام متتابعات» فذلك خلاف ما فـي مصاحفنا, وغير جائز لنا أن نشهد بشيء لـيس فـي مصاحفنا من الكلام أنه من كتاب الله. غير أنـي أختار للصائم فـي كفّـارة الـيـمين أن يتابع بـين الأيام الثلاثة ولا يفرّق, لأنه لا خلاف بـين الـجميع أنه إذا فعل ذلك فقد أجزأ ذلك عنه من كفّـارته. وهم فـي غير ذلك مختلفون, ففعل ما لا يختلف فـي جوازه أحبّ إلـيّ وإن كان الاَخر جائزا ) .

          ترى هل أصيب الدكتور النجار بالإرهاق فلم يكمل تعليق الطبري أم تراه ينقل من مصدر آخر يثق فيه لهذه الدرجة ؟!


          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-


          - ويظهر ان محمداً كان يغير الايات أو يضيف اليها اذا اشتكى بعض الناس أو سألوه سؤالاً، فمثلاً، كما يقول البخاري، لما نزلت الاية 95 من سورة النساء: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله باموالهم وانفسهم..." اشتكى رجل اعمي ( ابن أم مكتوم) للنبي قائلاً: اني اعمى ولن استطيع الجهاد ولذلك سيفضل الله المجاهدين عليّ. فأضُيفت الى الاية " غير أولي الضرر" واصبحت: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير اولي الضرر والمجاهدون..".
          - ويقول أبن عباس لما نزلت ألآية 228 من سورة البقرة: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلالثة قرؤء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم ألآخر" قام معاذ ( أي معاذ بن جبل) فقال: يا رسول الله: ما عدة اللائي يئسن من المحيض؟ وقام رجل آخر فقال: ألا رأيت يا رسول الله في أللائي لم يحضن للصغر ما عدتهن؟ فقام رجل آخر فقال: أرأيت يا رسول الله ما عدة الحوامل؟ فنزل " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن أرتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن .

          سنوضح هنا لماذا لم ينزل القرآن دفعة واحدة ولماذا ارتبط بعضه بأحداث خاصة في حياة الرسول والمسلمين الأوائل .

          في البداية أنا أوافق على الآراء الجديدة التي تقترح تسمية ( مناسبة النزول ) بدلا من تسمية ( أسباب النزول) .

          لابد أن نعرف أن الجو العام وقت نزول القرآن كان مليئا بالتساؤلات وكان الوحي يجيب على هذه التساؤلات باستمرار .

          كثيرة هي الآيات في القرآن التي تبدأ ب ( يسألونك عن ) ثم تأمر الرسول ( قل كذا ) .

          الآية عندما تتعلق بمناسبة وقت نزولها فهذا يعد أول تفعيل لمعني الآية وأول ربط بين الآيات وواقع الإنسان .

          الدكتور النجار يريد من الآيات أن تكون منفصلة عن واقع الحياة ولا تتدخل في أحداث الإنسان . إذا كان الأمر كذلك فما دور السماء في حياة البشر إذن ؟!

          فمناسبة النزول هي أول تطبيق فعلي للآيات ثم مع مرور الأزمان وتغير الأماكن تظهر المناسبة الثانية والثالثة .......... وهكذا .

          القرآن يشبه قطارا ومناسبة نزوله هي محطة انطلاقه الأولي ولكنه يظل منطلقا مارا بمحطات كثيرة ومتعددة .
          ولكن يجب أن نوضح أن القرآن لا يذكر أسماء الأفراد ولا يذكر الأماكن وتاريخ الحدوث .

          فقط يذكر طبائع النفوس وإنفعالاتها والأجواء المحيطة بها .

          - في المثالين الذين ذكرهما د. كامل النجار حول سؤال ( ابن أم مكتوم عن موقف أولي الضرر من الخروج للجهاد ) وسؤال سعد بن جبل عن ( عدة اللائي يئسن من المحيض ) كان الوحي يجيب عن هذه التساؤلات ليس كحالة خاصة بهذا الشخص أو ذاك ( فالآيات كما قلنا لا تذكر أسماء ) ولكن كحالة عامة وتساؤلات مطروحة في كل زمان ومكان .

          هل تلاحظون أن الآيات تستخدم الفعل المضارع ( يئسن – يحضن – يستوي ) رغم أن الأحداث حدثت في الماضي .

          المضارع هو إشارة لخلود الرسالة وبقائها حاضرة مستمرة فهو زمن حي يسري مع الدهر .

          الأسئلة التي توجه للنبي (صلى الله عليه وسلم) أو التي ينتظر أن توجه إليه في مختلف العقائد والأحكام وجدت إجابتها الشافية في القرآن باعتبار أن السؤال لا يمثل حاجة صاحبه فقط ولكن حاجات الناس طوال الحياة .
          أقول في النهاية أن نزول القرآن بهذا الشكل مقصود للشارع الحكيم ومناسب لمرحلة التعليم والتعلم الأولى وليس كما يقول د. كامل النجار
          ( يظهر ان محمداً كان يغير الايات أو يضيف اليها اذا اشتكى بعض الناس أو سألوه سؤالاً ) !!

          قد أفاجيء د .كامل النجار إذا أخبرته أن تساؤله هذا طرحه المشركون وقت الرسول ونزل الوحي يجيبهم وها هو د. النجار وبن وراق يكرران نفس التساؤل في زمن ومكان مختلفين ومازال الوحي يجيبهم :-

          ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا. وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ) .


          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-

          فنجد مثلاً في سورة الفرقان الاية 48:" وهو الذي ارسل الرياح بُشرا بين يدي رحمته وانزلنا من السماء ماء طهورا"، تُقرأ في بعض الروايات: " وهو الذي ارسل الرياح نُشرأ بين يدي رحمته" . ونُشرا تعني متفرقة قُدام المطر. ولهذا السبب نجد أحمد بن موسى بن مجاهد عدد تسع قراءآت مختلفة .


          البعض يظن أن كلمة ( قراءة ) المقصودة هنا معناها ( Reading ) .

          قراءات القرآن ليست نصوصا مختلفة فالقرآن ليس له سوى نص واحد .

          القراءة هو طريقة تلفظ الرسول صلى الله عليه وسلم للقرآن عند ترتيله وهناك عدد من الصحابة سمعوا القرآن من رسول الله وقرءوه أمامه نعرف منهم :- علي بن أبي طالب – عبد الله بن مسعود – زيد بن ثابت – أبو الدرداء – أبو موسى الأشعري – أبي بن كعب .
          التابعين سمعوا من هؤلاء الصحابة القرآن فحفظوه ثم نقلوه للأجيال التالية وهكذا .. .

          نشأ عن ذلك مدارس لقراءات القرآن انتشرت في المدينة و الكوفة والبصرة والشام وكلها كانت تمثل انحدارا لسلسلة من الرواة تنتهي عند النبي محمد .
          لكي يتم توثيق هذه القراءات لجأ العلماء لتصنيف سلاسل الرواة إلى :-

          - قراءات متواترة :- وهي ليس فقط أن يكون رواة السلسلة ( القرآء ) عدول وجيدي الحفظ ومتصلين بل شرط أيضا أن تكون القراءة منقولة عن عدد كبير من هؤلاء القرآء عند كل مستوى من مستويات السلسلة بداية من المستوى تحت الصحابي وبشرط أن توافق هذه القراءة مصحف عثمان .

          - قراءات شاذة :- وهي كل القراءات التي لم تبلغ مستوى التواتر ولكن السلسلة متصلة والقراء عدول حفظة . هذه القراءات اعتبرها العلماء مجرد تفسير وليس قراءة للقرآن وذلك لأن قراءات القرآن تحديدا لا يجب أن تؤخذ بالظن أو يشوبها شك .

          - أما الروايات التي لم تحقق شرط الصحة فقد رفضت ( قراءات باطلة ) .

          نسمع دائما من المسيحين أن هذه القراءات ليست سوى أخطاء نتجت لأن القرآن من البداية لم يكن منقطا وبدون حروف علة ( هذا ما يريد الدكتور كامل أن يقوله ولكن بشكل مبطن ) .

          القرآن بالفعل لم يكن منقطا من البداية وتم تنفيذ عملية تنقيطه عن طريق أبو الأسود الدؤلي ونصر بن عاصم و يحيي بن يعمر .

          ولكن عملية التنقيط هذه كان يراها الكثير من المسلمين بلا فائدة في ذلك الوقت , فابن عمر مثلا كان يرفض تنقيط القرآن . لماذا ؟

          ببساطة شديدة لأن الثقافة العربية في القرن الهجري الأول كانت كلها شفهية .

          فغياب التنقيط كان لا يمثل أي مشكلة في نطق الكلمات .
          ولكي نعرف أكثر أن القضية ليست قضية تنقيط تعالوا


          نرى هذا المثال :-

          كلمة ( ترجعون ) بدون تنقيط تتشابه مع كلمة ( يرجعون ) , أليس كذلك ؟ :-

          - كلمة ( ترجعون ) جاءت في القرآن 22 مرة . في كل المرات لم يختلف حولها قراءتان , ففي كل القراءات تقرأ ( ترجعون ) رغم أن قراءتها ( يرجعون ) لن يغير المعنى في معظم الآيات .
          - على الطرف الآخر كلمة ( يرجعون ) جاءت أيضا في القرآن 22 مرة . لم يحدث مرة واحدة أن إحدى القراءات قرأتها (ترجعون ) .

          مثال كهذا يضع من يقول أن القراءات المختلفة هي أخطاء لعملية التنقيط في حرج شديد ففرصة وقوع خطأ في المثال الذي ذكرته ( ترجعون – يرجعون ) كبيرة جدا جدا .

          ورغم ذلك لم يحدث .

          في كل هذا أنا كنت أناقش ما يقول الدكتور كامل حسب لعبة الإستنباط والإحتمالات التي يجيدها فهي كما نرى لا تفيده في إثبات أي شيء ولم أقدم الأدلة الإسلامية بعد ( والتي أزاحها من البداية تحت السجادة ) .

          الأدلة الإسلامية على أن قراءات القرآن ليست نتيجة لأخطاء التنقيط تتمثل في :-

          - سلسة متواترة في منتهى الصرامة تنتهي بهذه القراءات إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .

          - طريقة نقل هذه القراءات كانت شفهية طوال القرن الهجري الأول ثم بعد ذلك أصبحت شفهية وخطية معا .

          - القراءات المختلفة لا تغير شيئا في معنى الآيات وإن كانت تعمًقه أحيانا ( وعدم تغير معنى الآيات في كل القراءات يستحيل أن يكون صدفة ) .

          - طوال التاريخ الإسلامي وهذه القراءات معروفة ومتداولة و يتنافس المسلمون فيما بينهم حول إجادة القرآن بقراءاته المتعددة . لم يحدث أبدا أن إنقسم المسلمون حولها .


          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-


          وقال البخاري: حدثنا سعيد بن عقير، حدثنا الليث عن ابن شهاب، قال اخبرني عروة بن الزبير ان المسور بن مخرمة سمع عمر بن الخطاب يقول: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة النبي (ص) فاستمعت لقراءته، فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله (ص)، فكدت اساوره في الصلاة. فصبرت حتى سلّم فلببته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله (ص) فقلت: كذبت، فان رسول الله (ص) قد أقرأنيها على غير ما قرأت فأنطلقت به أقوده الى رسول الله (ص) فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله (ص): " اقرأ يا هشام " فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال (ص): " كذلك اُنزلت "، ثم قال: " اقرأ يا عمر " فقرأت القراءة التي اقراني، فقال رسول الله (ص): " وكذلك اُنزلت، ان القرآن اُنزل على سبعة احرف فأقرؤوا ما تيسر منه".

          وواضح ان النبي نفسه كان يغير قراءة القرآن من وقت لآخر حسب ما يتذكر. فهذا هو هشام سمعه يقرأ سورة الفرقان وحفظها منه حسب قراءتها، ثم جاء عمر في وقت آخر وسمع النبي يقرأ نفس السورة بقراءةٍ مختلفة. فحتى في زمن حياة محمد وبموافقته كان القرآن يُقرأ عدة قراءآت مختلفة، فماذا نتوقع بعد موته. والذي حدث ان القرآن ظل يُقرأ بعدة قرآءات حتى كتب الحجاج المصحف المرقم، واتفق العلماء على السبعة احرف التي قالها محمد.

          الخطأ الذي وقع فيه الدكتور كامل هو خلطه بين ( السبعة أحرف ) و ( قراءات القرآن) .

          اختلط عليه الأمر فظن أنهما نفس الشيء .
          فالقراءات شيء والأحرف شيء آخر .

          أولا : نقول أن القرآن نزل ( عربيا ) وليس ( قريشيا ) ولذلك فهو بسبعة أحرف من لهجات العرب عامة :- قريش – هوازن – تميم – ثقيف – كنانة – هذيل – اليمن .
          هذا هو القول الراجح والأقوى بخصوص مفهوم الأحرف السبعة .
          مثال على ذلك :- كلمة ( مؤمن ) :- بعض القبائل تقولها ( مومن ) وبعضهم يقولها ( مؤمن ) وكذلك كلمة ( صراط ) بعض القبائل تقولها ( زراط ) والأخرى تقولها ( صراط ) وهكذا .

          أما القراءات المختلفة للقرآن فهذه شيء آخر كما أوضحنا .

          على أي حال الرجل يعترف إذن أن القرآن كان يقرأ عدة قراءآت على عهد الرسول . أظن أن هذا كان يكفيه .
          ما معنى قوله ( فحتى في زمن حياة محمد وبموافقته كان القرآن يُقرأ عدة قراءآت مختلفة، فماذا نتوقع بعد موته .) ؟؟؟

          كلام غريب ليس أكثر من فرقعة بالونة .

          إذا كان يظن أن القرآءات تحريفا حدث بعد وفاة الرسول فهو يرد على نفسه فيما يبدو !!

          أم تراه يريدنا أن نفهم أن الرسول نفسه كان يحرف القرآن ؟؟


          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-

          واذا كان صحيحاً ان ابا بكر كلف زيد بن ثابت واُبي بن كعب ومعاذ بن جبل وابا يزيد بجمع القرآن، وجُمع القران وسُلم له وسلمه بدوره لحفصة بنت عمر لتحتفظ به، لماذا إذاً كلف عثمان بن عفان زيد بن ثابت مرة اخرى ليجمع القرآن؟ لماذا لم يأخذ عثمان النسخة المحفوظة عند حفصة ويرسلها للامصار؟ وهو كان على علم بان حفصة لديها كل القرآن الذي جمعه زيد في خلافة ابي بكر بدليل انه ارسل الى حفصة وطلب منها ارسال الصحف التي بحوزتها اليه؟ وعندما كلف عثمان زيد بن ثابت ليجمع له القرآن، لماذا لم يأخذ زيد القرآن الذي جمعه في خلافة ابي بكر ويسلمه لعثمان؟ لماذا اجهد نفسه ومساعديه بجمع القرآن مرة اخرى على مدى عدة سنوات؟ اللهم الا اذا كان يعرف ان القرآن الذي جمعه في خلافة ابي بكر لم يكن مكتملاً او انه كان يحتوي على آيات زائدة لم تكن اصلاً من القرآن؟
          حسناً .....

          تعالوا نرى هذه الكوميديا :-

          يقول د . النجار :- ( إذا كان صحيحا أن أبو بكر جمع القرآن وتركه عند حفصة فلماذا لم يأخذ عثمان النسخة المحفوظة عند حفصة ويرسلها للأمصار ؟ ) .

          ثم يجيب على نفسه بعد قليل ويقول :- ( عثمان كان يعلم أن حفصة لديها كل القرآن بدليل أنه أرسل إليها لترسل له الصحف التي بحوزتها ) .

          هل أخذ عثمان مصحف حفصة أم لم لا ؟!

          في الحقيقة سبب هذه اللعثمة أن د. كامل النجار لا يعرف شيئا عن جمع القرآن ولا مراحله ولا حتى يعرف معنى كلمة ( جمع ) .

          أي مسلم يدرك أن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي والقرآن مكتوبا على العسب والرقاع ومفرق بين الصحابة .

          جاء أبو بكر وجمع ما كان مفرقا في الرقاع والاكتاف والعسب ليجعله في مكان واحد مرتب السور والآيات و مشتملا على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن وظل ذلك عند حفصة ورغم أن ذلك كان يسمي مصحفا إلا أنه لم يكن مجلدا واحدا بل كان صحافا عديدة .

          كل ما فعله عثمان أنه نسخ مصحف حفصة عدة نسخ وأرسل نسخة إلى كل مصر من الأمصار ( والنسخة كانت مجلد واحد ) .

          ما فعله عثمان هو أن جمع الناس على مصحف له شرعيته المستمدة من مصحف حفصة لينهي موضوع الخلاف .

          عثمان لم يجمع ما كان مجموعا بل نسخ ما كان مجموعا عدة نسخ وهذا كل شيء .

          رغم أن جمع أبو بكر رضي الله عنه للقرآن مثبت تاريخيا ومدعوما بقوة في التاريخ الإسلامي إلا أن معظم المستشرقين كان يسيطر عليهم هاجس التاريخ المسيحي في تدوين الأناجيل وما أثير حوله وهذا جعلهم يشككون في كل شيء حتى في الأدلة الغير قابلة للنقاش .
          دائما تسمع منهم هذا السؤال :- إذا كان أبو بكر جمع القرآن فما الذي فعله عثمان ؟

          ودائما نجيبهم بهذه الإجابة :-
          عثمان نسخ ما كان مجموعا عدة نسخ على حرف واحد وأرسل كل نسخة للأمصار .


          ولن يملوا من السؤال ولن نمل من الإجابة !!!!

          [bdr][/bdr]

          يقول د . كامل :-

          # ومما لا شك فيه ان المصاحف العديدة التي جُمعت على مدى السنين كان بها اختلاف كثير، فمثلاً،ابو عبيد القاسم بن سلام، المولود سنة 154 للهجرة، ودرس تحت اساتذة الكوفة والبصرة، وصار معلماً مشهوراً في بغداد، وعالم لغة وقاضياً، كتب كتاب " فضائل القرآن" وقال فيه: " قال لنا اسماعيل بن ابراهيم عن ايوب عن نافع عن ابن عمر، انه قال: ليقولن أحدكم قد أخذ القرآن كله، وما يدريه ما كله، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر.

          # وكذلك قال: " اخبرنا ابن ابي مريم عن ابن الهيعة عن ابي الاسود عن عروة بن الزبير عن عائشة، انها قالت: كانت سورة الاحزاب تُقرأ في ايام رسول الله وبها مائتان من الآيات، ولكن عندما جمع عثمان القرآن لم يتمكن من جمع اكثر مما فيها الان .

          # وقال عن زير بن حُبيش انه قال: " قال لي أبي بن كعب: يا زير، كم آية حسبت او قرأت في سورة الاحزاب؟ فقلت: اثنان وسبعون او ثلاث وسبعون. فقال: كانت مثل سورة البقرة في الطول، وكنا نقرأ فيها آية الرجم. فقلت له: وما هي آية الرجم؟ فقال: “الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله، و الله عزيز حكيم" فرُفع فيما رُفع.

          # وفي مكان آخر يقول: حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن خالد بن يزيد عن صائب بن ابي هلال عن ابي امامة عثمان بن سهل عن خديجة، انها قالت: " كان رسول الله يقرأ لنا آية الرجم". وذكر أبن كثير عن عُتبة بن مسعود أن أبن عباس أخبره بأن عمر بن الخطاب قام في المجلس فحمد الله واثنى عليه وقال" اما بعد، أيها الناس فإن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان فيما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، واني قد خشيت ان يطول بالناس زمان فيقول قائل: والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة انزلها الله. ولولا أن يقول قائل، أو يتكلم متكلم أن عمر زاد في كتاب الله ما ليس فيه لأثبتها كما نزلت ".

          # وروى عبد الغفار بن داود عن لحّي عن علي بن دينار ان عمر بن الخطاب مر برجلٍ وهو يقرأ من مصحف، فقرأٍ: " النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم وهو ابوهم" ( الاحزاب/ ألآية السادسة). فقال له عمر: لا تفارقني حتى نأتى اُبي بن كعب. ولما جاءا اُبي قال له عمر: يا اُبي،هلا سمعناك تقرأ هذه الاية؟ فقرأ اُبي الاية بدون " وهو ابوهم" وقال لعمر: انها من الاشياء التي اُسقطت. وروي نحو ذلك عن معاوية ومجاهد وعكرمة والحسن.


          # وقال أبو عبيد حدثنا أبن أبي مريم عن أبن الهيعة عن يزيد بن عمرو المغافري عن أبي سفيان الكلاعي: أن مسلمة بن مخلد الانصاري قال لهم ذات يوم: أخبروني بآيتين في القرآن لم يُكتبا في المصحف، فلم يخبروه، وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك، فقال أبو مسلمة: " إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا وأنتم المفلحون" و " الذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفسٌ ما أخفي لهم من قرةٍ أعينٍ جزاءً بما كانوا يعملون". فأبو عبيد يدعي أن هاتين ألآيتين أُ سقطتا من المصحف وهو كان قد حفظهما عن ظهر قلب .

          # ويقول ابو عبيد: " هذه الحروف التي ذكرنا في هذه الصفحات من الاشياء الزائده، التي لم يتداولها العلماء لانهم قالوا انها تشبه ما بين دفتي الكتاب، ولكنهم كانوا يقرأونها في الصلاة. ولذلك لم يكفّروا من انكر وجود هذه الحروف الزائدة لان الكافر في نظرهم هو من انكر ما هو مذكور بين دفتي الكتاب".

          # وهناك آيات نزل بها الوحي: كما زعموا، وظلت لفترة تُقرأ ثم اختفت. فهذا هو محمد بن مرزوق يحدثنا عن احدى هذه الآيات، قال: حدثنا عمرو بن يونس عن عكرمة قال: حدثنا اسحاق بن طلحة فقال حدثني انس بن مالك عن اصجاب النبي الذين ارسلهم الى اهل بئر معونة، قال: ارسل النبي اربعين او سبعين رجلاً الى بئر معونة، وعلى ذلك البير عامر بن الطفيل الجعفري، فخرج اصحاب الرسول حتى اتوا غاراً مشرفاً على الماء قعدوا فيه. فخرج ابن ملجان الانصاري ليبلّغ اهل بئر معونة رسالة رسول الله، فخرج اليه من كٍسر البيت رجلٌ برمح فضربه به حتى خرج من جنبه الاخر، فقال: الله اكبر، فزتُ ورب الكعبة! وارتد راجعاً لأصحابه فاتبعوا اثره حتى اتوا اصحابه في الغار، فقتلوهم اجمعين، فانزل الله فيهم قرآناً: " بلّغوا عنا قومنا انا قد لقينا ربنا فرضى عنا ورضينا عنه". ثم نُسخت هذه الاية ورُفعت من الكتاب بعدما قرأناها زمانا، وانزل الله مكانها: " ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون" .
          هذه الروايات معروفة للمسلمين وليست مفاجئة وعندما جمعها السيوطي في كتابه ( الإتقان في علوم القرآن ) كان يتحدث عن فرضية نسخ التلاوة في القرآن وليس دليلا عن التحريف كما يريدنا د . النجار أن نفهم .

          لو افترضنا أن كل هذه الروايات صحيحة من ناحية الإسناد ( البعض يردها كاملة ) فهل معني ذلك صحة ما فيها من أخبار ؟

          هذه الروايات ليست أحاديثا منقولة عن الرسول يا عزيزي الدكتور فهي أقوال آحاد إما لصحابي أو تابعي .

          القرآن ( سواء كان منسوخا أو باقيا ) لا يثبت سوى برواية متواترة وكل هذه الروايات روايات آحاد ليس لها وزن في اثبات نزول قرآن أو نسخه فما بالك بمن يريد أن يثبت بها تحريف القرآن ؟!

          بمعنى آخر :- ماذا لو بلغت هذه الروايات حد التواتر ؟ وقتها فأقصى ما سيثبت لنا أن هذه بالفعل كانت آيات ثم نسخت على عهد النبي ( وليس أن القرآن محرفا كما يقول د. النجار مخالفا حتى نص الروايات التي ينقلها ) .

          وطالما أنها روايات آحاد فلا تثبت أي شيء بخصوص القرآن . فالقرآن تحديدا لا نتعامل معه بالظن .

          هذا لو صحت من ناحية الإسناد ( فأنا افترضت صحتها رغم أنني قرأت تضعيفا لبعضها ) .

          هناك بعض المدارس الإسلامية التي توافق على ( نسخ التلاوة ) في القرآن ولكن هذا الرأي لا يصمد أمام النقد .

          فمثلما أن القرآن لا يثبت سوى بالتواتر فكذلك نسخه لا يثبت سوى بالتواتر وليس بأخبار آحاد ليست حتى منسوبة للرسول بل منسوبة لأحد الصحابة أو التابعين .
          أريد أن أقول أن من يريد التحقق من القرآن فعليه أن يلتزم أحد منهجين :-

          1- إما المنهج الإسلامي المعتمد على الرواية :- وهو ألا يثبت قرآن أو ينسخ إلا بالتواتر .

          2- إما دراسات على نص ومخطوطات القرآن بدون الإعتماد على الروايات الإسلامية .

          الدراسة التي قدمها د. جون برتون بجامعة كامبردج في كتابه ( تجميع القرآن ) الصادر عام 1977 يجده يختتم دراسته بالعبارة التالية :-
          ( المصحف الذي بين أيدينا الآن هو حقا مصحف محمد ) .

          صحيح ان الدكتور برتون رفض الإعتماد على التاريخ الإسلامي في جمع القرآن إلا أنه لم يكن منافقا كغيره ممن ينتقي ويفرز حسب المزاج .

          أنا أستشهد بدراسة دكتور برتون فقط لأثبت أن سلامة نص القرآن ممكن إثباتها حتى بدون الإعتماد على المصادر الإسلامية بشرط الحياد .


          [bdr][/bdr]

          يقول د . كامل :-

          وقال ابو عبيد: حدثنا عبد الله بن صالح عن هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي قال: :ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُوحي اليه أتيناه، فعلمنا مما أوحي اليه، قال: فجئت ذات يوم، فقال: إن الله يقول: " إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، ولو ان لابن آدم وادياً لأحب أن يكون اليه الثاني، ولو كان اليه الثاني لأحب أن يكون اليهما الثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب، ويتوب الله على من تاب".

          هذا الحديث الذي ذكره د. النجار من السنة وليس قرآنا حسب ابن الصلاح الذي ينفي كونه منقولا عن رب العزة . والبعض الذي يوافق على كونه منقولا عن رب العزة كالزبيدي يعتبره حديث قدسي وليس قرآنا أيضا .

          في كلا الحاتين ليس قرآنا ود .النجار كان يحاول خداعنا .



          [line]

          يقول د . كامل :-

          وهناك سور من الواضح جداً انها أُدخلت عليها بعض الاضافات، سواء أُدخلت هذه الاضافات عندما جمع زيد بن ثابت القرآن، أم بعد ذلك، فمن الصعب أن نجزم بذلك، ولكن المهم أن هذه السور توضح لنا أن القرآن لم يُكتب كما قرأه محمد على أصحابه. فمثلاُ سورة المدثر تتكون من آيات قصيرة مسجوعة على الراء، ولكن ألآية 31 في منتصفها لا تنسجم مع طول ألآيات ولو انها تنسجم مع السجع:
          1- " ياأيها المدثر"
          2- " قم فأنذر"
          3- " وربك فكبر"
          4- " وثيابك فطهر"
          5- " والرجز فأهجر"
          31- " وما جعلنا أصحاب النار الا ملائكة وما جعلنا عدتهم الا فتنة للذين كفروا ليستيقين الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا ايماناً ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ما ذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يُضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك الا هو وما هي الا ذكرى للبشر"
          32- " كلا والقمر"
          33- " والليل إذا أدبر
          34- " والصبح إذا أسفر"

          من الواضح جداً أن ألآية 31 لا تنسجم مع بقية ألآيات وأنها أُضيفت اليها لاحقاً. وهذا دليلٌ قاطع على أن القرآن أُدخلت فيه آيات لم تكن أصلاً من السور وحُزفت آياتٌ أخريات، مما يجعلنا نقول أن القرآن الذي بين أيدينا ليس هو القرآن الذي قاله محمد حرفياً.


          لاحظوا كلماته مثل ( من الواضح جدا ) ( وهذا دليل قاطع ) !!

          ما هو الواضح جدا وما هو الدليل القاطع ؟!

          لو قرأ الآيات قبلها التي لم يهتم حتى بنقلها لعرف أن المعنى متسلسل بشكل طبيعي :-

          (سأصليه سقر ‏.‏ وما أدراك ما سقر ‏.‏ لا تبقي ولا تذر ‏.‏ لواحة للبشر ‏.‏ عليها تسعة عشر ) . (المدثر 26-30 ‏)

          ثم يأتي بعد ذلك تفصيل وصف ملائكة جهنم التسعة عشر في الآية 31 التي يظن الدكتور النجار أنها دخيلة على الآيات لمجرد ان الآية طويلة !!!

          من أخبره أن الآيات الطويلة ليست قرآنا ؟!!

          الظريف أن الآية ترد على استهزاء المشركين وأبو جهل بالملائكة واستخفافهم بعددهم ورغم ذلك يزعم د. النجار أن الأية أضيفت على القرآن في وقت لاحق بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام .

          لم أعرف من قبل أن أبو جهل ظل حيا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .

          ما هذا السخف و أي قراءة نقدية هذه ؟؟



          [bdr][/bdr]

          يقول د . كامل :-

          ونستطيع ان نقول ان القرآن ظل يتناقل شفهياً طوال فترة نزول الوحي، وهي ثلاث وعشرون سنةً، وعلى احس الفروض، حتى خلافة عثمان، وذلك ما يقارب الاربعين عاماً بعد نزول الرسالة على محمد، وعلى اسوأ الفروض، حتى زمن الحجاج بن يوسف في الدولة الاموية ( 95 هجرية)، قبل ان يُكتب ويُسجل في المصحف الذي بين ايدينا الان. فهل يُعقل ان يُحفظ كل هذا العدد من الآيات المتشابهات في الذاكرة كل هذه السنين دون ان يحدث بها بعض التداخل والاختلاط؟ فذاكرة الانسان العادي لا يمكن الاعتماد عليها كل هذه السنين، وهناك قصص تثبت ذلك .
          هذا هو إفتراض الدكتور من البداية يكرره مرة أخرى . فهل قدم دليل واحد معتبر عليه ؟؟

          لا شيء سوى التشويش على المصادر التاريخية الإسلامية وفرقعة بعض البالونات .


          [bdr][/bdr]


          يقول د . كامل :-


          فمثلاً عندما اختلف الخليفة المنصور مع احد العلويين واراد ان يثبت له ان العم يمكن ان يقال له " اب"، ذكر سورة يوسف الاية 38، لكنه قال: " واتبعتُ ملة آبائي ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب". ولكن الصحيح هو: " واتبعتُ ملة آبائي ابراهيم واسحاق ويعقوب" بدون ذكر اسماعيل. ويظهر ان الخليفة المنصور كان يقصد الاية 133 من سورة البقرة: " ام كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد الهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق" . وهذه الاية تثبت قول المنصور لان ابو يعقوب هو اسحق ولكن ابناء يعقوب قالوا له نعبد اله آبائك وذكروا عمه اسماعيل قبل ابيه.
          والغريب انه لا المبرد ولا ابن خلدون الذين ذكرا هذه القصة واوردا الآيات المذكورة، تنبه لهذه الغلطة في الاية 38 من سورة يوسف. اما الطبري فقد تنبه لها لكنه لم يتذكر الآية المقصودة في سورة البقرة. وهذا يثبت ان الذاكرة لا يمكن الاعثماد عليها، ولذلك يظهر هذا التكرار والنسخ في القرآن لان المسلمين اعتمدوا على الذاكرة لسنوات طويلة قبل ان يكتبوا القرآن في المصحف الحالي .
          ولكن هذا سوء إستدلال يا دكتور .
          نعم من حق شيخا كالطبري أن ينسى ولا يذكر آية أو بضعة آيات .

          ولكننا نتحدث عن نقل متواتر جماعي لجمهور من الحفاظ أقوياء الذاكرة ( وهذا شرط ) معروفين بالصدق .

          هذا بجانب وجود النسخ المكتوبة في القرن الهجري الأول ( لا أعرف لماذا يتجاهل هذا دوما ؟) .

          أقول في النهاية أن طريقة نقل القرآن كانت شفهية ( صوتية ) وكتابية ( خطية ) معا .

          لو كان القرآن تم نقله شفهيا فقط لربما – أقول ربما - حدث له نفس ما تعرضت له السنة من الدس .

          ولو تم نقله كتابيا فقط لربما تعرض لتغيرات كبيرة لتطور شكل الرسم والخط , نفس الشيء تعرضت له الوثيقة الأصلية لمجتمع المدينة .

          لذلك سار الأمر بالتوازي , هذا يمنع انحراف هذا ( أنا طبعا جعلت أمر حفظ الله للقرآن على الحياد ولم أشركه في الموضوع ) .

          أتمنى أن يفهم الدكتور كامل أن عملية نقل القرآن حتى وصلنا الآن ليست كعملية نقل جثة ميتة من مكان لآخر فالقرآن كان دائما حيا بين الناس وكان قادرا أن ينتقل تلقائيا على قدميه
          [frame="10 98"]
          ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

          ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

          وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
          [/frame]

          تعليق

          • الأندلسى
            مشرف شرف المنتدى

            • 21 يون, 2006
            • 965
            • مسلم

            #20
            البلاغة في القرآن


            في البداية نقول أن مسألة التذوق البلاغي هي مسألة شخصية بحتة كما يقول الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن :-
            ( اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح، والرشيق والأرشق ، والجلي والأجلى، والعلي والأعلى من الكلام، أمر لا يدرك إلا بالذوق ولا يمكن إقامة الدلالة المنطقية عليه ) .
            لذلك عندما يخبرنا د . كامل النجار أن القرآن كتاب غير بلاغي , فهذا شأنه .
            ولكن كنا نتمنى أن يكون رأيه هو .



            نبدأ مع الدكتور كامل :-

            يقول د . كامل :-

            ولم يكن السجع غريباً على محمد، فقد قال الامام احمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا عوف عن زُرارة عن عبد الله بن سلام، قال: لما قدم رسول الله (ص) المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل، فلما تبينت وجهه عرفت انه ليس بوجه كذاب، فكان اول شئ سمعته يقول: " أفشوا السلام، واطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام .
            والسجع هو العمود الفقري في لغة القرآن، لدرجة ان محمداً قد غير اسماء اماكن واشياء لتتماشى مع السجع في السورة. فمثلاً في سورة التين، الاية الثانية، نجد ان " طور سيناء " قد تغير الى " طور سينين " ليتماشى مع السجع:
            1- " والتين والزيتون "
            2- " وطور سينين "
            3- " وهذا البلد الامين "
            4- " لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم ".
            وليس هناك بالطبع مكان او جبل اسمه طور سينين، وكلمة طور نفسها ليست كلمة عربية وانما كلمة عبرية وتعني " جبل"، وهذا الجبل في سيناء، ولذلك دُعي جبل سيناء او طور سيناء. ونجده قد استعمل الاسم الصحيح في سورة " المؤمنون" الاية 20: " وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغٍ للآكلين".

            ونجد في سورة الانعام، الآية 85، ذكر بعض الانبياء: " وزكريا ويحيي وعيسى وإلياس كل من الصالحين". ونجد كذلك في سورة الصافات، الاية 123 إلياس يُذكر مرة اخرة: " وان إلياس لمن المرسلين". ولكن فجأةً في الآية 130 من نفس السورة يتغير اسمه ليصبح إلياسين، ليتماشى مع السجع: " سلام على إلياسين". وهذه ليست " آل ياسين" وانما " إل ياسين" بكسر الالف الاولى.

            أنا مثلا لست شاعرا ولا أجيد الشعر ولكن بالتأكيد أستطيع أن أكتب بضعة أبيات .
            لذلك إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم كلام مسجوع مرة أو مرتين في حياته , فهذا لا ينفي أنه ليس بشاعر ولا يجيد الشعر .
            و السجع ليس العمود الفقري للقرآن , والقرآن لم يحور كلمات لتناسب السجع كما يقول د. كامل بكل ثقة .

            انظر إلى صورة صغيرة في القرآن كسورة التكاثر :-

            ( الهاكم التكاثر * حتى زرتم المقابر ) ثم تتغير الفاصلة مباشرة إلى ( كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون ) :-

            لماذا لم تتلزم السورة بحرف الراء كنهاية للآيات إذا كان كلام د. النجار صحيح ؟

            تعالوا نسمع قول الوليد بن المغيرة عندما سمع القرآن :-
            ( وروى ابن جرير عن عكرمة‏:‏ أن الوليد بن المغيرة جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقرأ عليه القرآن فكأنه رقّ له، فبلغ ذلك أبا جهل بن هشام، فأتاه فقال‏:‏ أي عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، قال‏:‏ لم‏؟‏ قال‏:‏ يعطونكه، فإنك أتيت محمداً تعرض لما قبله، قال‏:‏ قد علمت قريش أني أكثرها مالاً، قال‏:‏ فقل فيه قولاً يعلم قومك أنك منكر لما قال، وأنك كاره له، قال‏:‏ فماذا أقول فيه‏؟‏ فواللّه ما منكم رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجن، واللّه ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ...... إلخ ) .

            فالوليد صادق تماما هنا . فالقرآن ليس شعرا وليس نثرا مسجوعا وليس زجلا .

            القرآن ببساطة هو شكل جديد وفريد من إستعمال اللغة .

            ولكن لماذا نقول أن القرآن ليس سجعا ؟

            السجع كان عند العرب كان مهمة لفظية تأتي لتناسق أواخر الكلمات في الفقرات فكانوا يأتون به لسد الفراغ اللفظي .

            أما الفاصلة القرآنية ( إسمها فاصلة وليس قافية ) فليست كذلك ، ولكن لها دور لفظي و معنوي في نفس الوقت .

            في القرآن لا تجد تفريط في الألفاظ على سبيل المعاني ، ولا اشتطاط بالمعاني من أجل الألفاظ ، بينما السجع تنحصر مهمته الأساسية في الألفاظ فقط لذلك فالفاصلة في القرآن تختلف عن السجع لفظيا ودلاليا رغم أنها قد تتشابه معه صوتيا .

            - بخصوص ( سيناء ) و ( سينين ) :- فأنا لا أعرف تحديدا السبب من ذلك .

            ولكن ما أعرفه جيدا أن كلمة ( سينين ) لم تأتي للسجع . فالآية الأولى من السورة ( والتين والزيتون ) تنتهي بالمقطع ( ون ) .
            وطالما كان التغيير للسجع فلماذا لم يقل ( سينون ) .(1)

            ربما لا يعرف الكثيرون أن من اختار شبه الجزيرة الواقعة في شمال شرق مصر ليطلق عليها إسم ( سيناء ) المذكور في التوراة هو الإمبراطور قسطنطين بناء على رؤيا وحلم رآه ولم يكن إختياره مبني على أي دليل .
            ثم جاءت والدته الإمبراطورة ( هيلانة ) فاختارت جبل محدد وأطلقت عليه جبل موسى أيضا بدون أي دليل سوى التخمين .
            أقول هذا لأنه ربما تكون ( سيناء ) و ( سينين ) مكانين مختلفين لا علاقة لهما بسيناء الحالية (2).


            [bdr][/bdr]

            يقول د . كامل النجار :-


            فإذا أخذنا مثلاً سورة مريم، من ألآية الثانية حتى ألآية الثالثة والثلاثين نجد آخر كلمة من كل آية تنتهي ب " يا"
            2 - " ذكرُ رحمة ربك عبده زكريا"
            3- " إذ نادى ربه نداءً خفيا"
            ثم في ألآيتين 34 و35 تتغير القافية الى " ون"
            34- " ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون"
            35- " ما كان لله أن يتخذ من ولدٍ سبحانه إذا قضى شيئاً أن يقول له كن فيكون"
            ثم تتغير الى "ميم" في ألآيتين 36 و 37
            36- " وإن الله ربي وربكم فأعبدوه هذا سراط مستقيم"
            37- " فأختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يومٍ عظيم"
            ثم ترجع الى النون مرة أخري في ألآيات 38 و 39 و 40
            40- " إنا نحن نرث الارض ومن عليها والينا يرجعون"
            ثم نرجع للقافية الاولى " يا" في ألآيات من 41 الى 74
            41- " واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقاً نبيا"
            ثم تتغير القافية الى " دا" مثل جُنداً و ولداً الى نهاية السورة.
            وادخال آيتين أو ثلاثة في منتصف السورة بسجع يختلف عن معظم آيات السورة حمل بعض الدارسين الى القول بأن هذه ألآيات أُضيفت الى السورة لاحقاً ولم تكن جزءً منها في البداية .
            د . كامل يتبني قاعدة وهي أن ( القرآن كله سجع ) .

            وإذا وجد آيات تكسر القاعدة فيقول أن هذه الآيات أضيفت لاحقا على السورة ولم تكن موجودة من قبل ( هكذا وبكل بساطة ) !

            يا دكتور هل نحن من افترض وجود السجع أم سيادتكم ؟!!


            حسنا , بنفس منهجه أنا أقول أن شكسبير كان عربيا وكان يكتب بالعربية . ولا تسألني كيف ذلك وكتاباته كلها بالإنجليزية ؟ فالرد معروف :-

            كتابات شكسبير الإنجليزية نسبت له لاحقا !!



            [bdr][/bdr]


            يقول د . كامل :-
            ونجد في نفس سورة مريم تكراراً غير مفيد. فعندما يتحدث القرآن عن زكريا وأبنه يحيي، يقول عن ألاخير: " سلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يُبعث حيا . ثم نجد ألآية مكررة عندما يتحدث عن عيسى: " والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أُبعث حيا .
            سورة مريم عبارة عن سرد لقصص مجموعة من الأنبياء .
            شكل السرد فيها يشبه أنواع السرد الدائري فهو يدور بتكرار عبارة مثل
            ( واذكر في الكتاب .. ) ثم تأتي قصة هذا النبي .
            لذلك ستجد فيها كثيرا من التنظير بين القصص وبعضها .

            لذلك تكرار بعض الكلمات له دلالة حتى وإن كان د . كامل لم يفهمها .
            المسيح ويحيي عليهما السلام بينهما أمور متشابهة كثيرة ذكرها القرآن .
            - بشارة الميلاد :- بدأ ببشارة لزكريا ( في حالة يحيي ) وبشارة لمريم ( في حالة المسيح ) .
            - ميلاد معجز :- زوجة عاقر ( في حالة يحيي ) وبتول عذراء ( في حالة المسيح ) .
            - البر بالوالدين :- القرآن يقول عن يحيي (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً ) .
            ويقول عن المسيح (وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً ) .
            - الإسم :- كلاهما على نفس الوزن ( يحيى وعيسى ) .
            يحيى والمسيح عليهما السلام كانا آيتين من آيات الله لبني إسرائيل وكان تكذيبهما وإيذائهما عليهما السلام إيذانا بغضب الله على هؤلاء القوم :-
            ( .... أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) [البقرة : 87] .
            لذلك عرض القرآن قصتيهما عن طريق التنظير الوظيفي للكلمات .


            [bdr][/bdr]

            يقول د . كامل :-

            وفي ألآية 10 من نفس السورة: " قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام سوياً" وفي ألآية 17 كذلك: " فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشراً سويا". وفي ألآية 68 نجد: " فوربك لنحشرهم والشياطين ثم لنحضرهم حول جهنم جثيا"، وفي ألآية 72: " ثم ننجي الذين آمنوا ونذر الظالمين فيها جثيا". وواضح أن التكرار هنا لصعوبة ايجاد كلمات اخرى تماشي السجع .
            وللرد على الدكتور نقول:ــ

            أولا : الآية الأولى تقول ( ثلاث ليال سويا ) وليس ( ثلاثة أيام سويا )

            ( أخبرتكم من قبل أن الدكتور ينقل القرآن من مصادر مترجمة ) .


            ثانيا :- سورة مريم بالكامل ذات إيقاع هاديء حزين وهذا يتجسد في الفونيم الصوتي ( يا ) .
            تكرار بعض الكلمات في السورة له دلالة معنوية في غاية الإبهار :-

            كلمة ( سويا ) تكررت ثلاث مرات في السورة وليس مرتين هم :-
            - ( قَالَ رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ) :-
            هنا كلمة ( سويا ) جاءت حال لزكريا أي لن يتكلم وهو صحيح سوي بلا مرض .

            - ( فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً ) :-
            هنا كلمة ( سويا ) جاءت صفة لجبريل عليه السلام أي بشري كامل تام .

            - (يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً ) :-
            هنا كلمة ( سويا ) جاءت صفة للصراط بمعنى مستقيم غير ذي عوج .


            بالله عليكم , من يستطيع أن يستخدم ( أربع حروف ) بهذا التنوع الدلالي وكأن الكلمات تذوب أمامه فتتشكل كما يريد .


            بخصوص الكلمة الأخرى ( جثيا ) :-
            هناك سورة كاملة في القرآن تسمى ( الجاثية ) نقرأ فيها :-
            (وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) :-
            ( الجثو ) وهو السجود الإجباري يوم الحساب لكل الناس .
            عدم تغير الكلمة ( جثيا ) مواز لعدم تغير الحال

            فالظالمين يظلوا على حالهم بدون نجاة من المولى عز وجل :-

            (وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ ) :-

            من رفض أن يسجد لله في الدنيا فلا ينتظر نجاة في الآخرة ( ونذر الطالمين فيها جثيا ) .

            لذلك فعدم تغيير الكلمة ( جثيا ) هو مواز لعدم تغير الحال .

            نقول للدكتور كامل أن الحروف والكلمات متاحة للجميع ولا ميزة لها في ذاتها . المهم أن تضم الكلمات بعضها ببعض لتخرج ببناء بهذا الشكل .


            [bdr][/bdr]


            يقول د . كامل :-


            واشتقاق الكلمات على غير المعهود نجده في ألآية 74 من نفس السورة: " وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثاً ورءياً". والاشتقاق هنا غريب لانه من رأى والمصدر رؤية، ولكن لتماشي الكلمة السجع قال " رءيا". و لغرابة الاشتقاق وجد المفسرون صعوبة في شرح الكلمة .

            كلمة ( رؤية ) أيضا تماشي السجع . لماذا لا ينتبه د . كامل لما يقول ؟!
            ( الرؤية ) هي النظر .
            ( الرءيا ) هي المنظر .
            من يقرأ الآية يدرك دقة إختيار الألفاظ .


            [bdr][/bdr]


            يقول د . كامل :-


            وفي سورة النبأ، ألآية 35، عندما يصف الله الجنة، نجد:
            31- " إن للمتقين مفازا"
            32- " حدائقَ وأعنابا"
            33- " و كواعبَ أترابا"
            34- " وكأساً دهاقا"
            35- " لا يسمعون فيها لغواً ولا كذابا"

            وكلمة " كذابا" مشتقة من كذّبَ، يُكذّبُ، كذباً. والمصدر كما هو واضح " كذبا"، ولكن لتماشي الكلمة السجع كان لا بد من جعلها " كذابا".
            وقد يلاحظ القارئ هنا أن ألآية 34 لا تماشي السجع مما دعا بعض الدارسين الى القول بأنها أضيفت مؤخراً .
            ترى من هم هؤلاء الدارسين الذي يتحدث عنهم ؟
            الدكتور كامل يقول أن الآية 34 لا تماشي السجع . ألم يلاحظ أيضا أن الآية 31 ( مفازا ) كذلك لا تماشي السجع ؟!

            نحمد الله أنه لم يلاحظها وإلا كان ( بعض الدارسين ! ) سيقولون انها أنها أضيفت للقرآن مؤخرا هي الأخرى !!

            بخصوص كلمة ( كذابا ) نقرأ في القاموس المحيط :-
            ( كَذَبَ يَكْذِبُ كَذِباً وكِذْباً وكِذْبَةً وكَذْبَةً وكِذاباً وكِذَّاباً، ككِتابٍ وجِنَّانٍ، وهو كاذِبٌ وكَذَّابٌ وتِكِذَّابٌ وكذوبٌ وكَذوبَةٌ وكَذْبانُ وكَيْذَبانُ وكَيْذُبانُ وكُذُّبْذُبٌ وكُذَبَةٌ ومَكْذُبانُ ومَكْذَبانَةٌ وكُذُبْذُبانُ‏ ) .


            [bdr][/bdr]

            يقول د . كامل :-


            والتكرار في بعض ألآيات يكون مملاً. فخذ مثلاً سورة " الرحمن" وبها 78 آية كلها مسجوعة على الالف والنون ما عداء آيات بسيطة، ولسبب ما أدخل المؤلف " فبإي ألاء ربكما تكذبان" بعد كل آية ابتداءاً من ألآية الثانية عشر. وتكررت هذه العبارة 31 مرة في سورة طولها 78 آية. فاي غرض يخدمه هذا التكرار الممل.




            ككل المسلمين أجد حرجا في إطلاق المسميات الادبية الحديثة على القرآن
            والسبب ببساطة أن القرآن لا يتبع قواعد أي نوع من أنواع الأدبيات الأخرى فهو ليس شعرا ولا نثرا ولا قصة ولا سيرة ذاتية .
            القرآن نوع فريد يسمي قرآن .

            الإشكالية التي يعانيها منها د . كامل النجار تكمن في انه ينقل آراء ليست أراءه .

            آراء أناس تعاملوا مع القرآن ككتاب سردي تاريخي تماما ككتب السيرة أو كتب الأنبياء في الكتاب المقدس .

            أناس اهتموا بتسلل الأحداث وأي عبارة تتكرر فهي عندهم تكرار ممل !

            لم ينتبه هؤلاء أن القرآن كتاب حواري جدلي بين القاريء والنص وليس مجرد سرد أحداث .

            في سورة الرحمن لو صنفناها ضمن أنواع السرد الإنشادي فنجد أن عبارة (فَبأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِبان) تمثل لازمة قرآنية تتكرر إحدى وثلاثين مرة في السورة .

            اللازمة القرآنية هي مظهر لغوي يعتمد على التكرار البلاغي الهادف ، فمن ينظرإليها مستقلة كالدكتور كامل يظنها تكرارا ولكن من ينظر إليها في السياق - كما سنوضح لاحقاً- فهي ليست تكرارا وما ينبغي لها.

            لو نظرت بدقة للعبارة السابقة تجد أن صياغتها بهذا الشكل تسمح بتكرارها
            بشكل متتالي دون أي ملل لو وظفت بشكل صحيح .

            حرف الفاء ( السببية و التعقيبية ) في البداية الذي يسمح بسرعة التنقل وكذلك اللغة الاستفهامية الاستنكارية للعبارة تجعل العبارة نموذجية كأداة ربط قابلة للتكرارلخلق جو من الحوار .

            تلاحظ أنك عندما تقرأ أحد النصوص وتقابلك جملة إعتراضية فإنك تتشتت للحظات لذلك يقول الفصحاء أن كثرة الجمل الإعتراضية يمثل خطورة على تماسك النص .

            ولكن تركيب هذه الجملة يجعلها تقوم بأمر مختلف تماما .

            فعبارة ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) لا تقطع السياق ولا تجعل الصورة تتغير أو تتشتت بل تجعلها تزداد عمقا وتراكما ( كأن المعنى المقصود تحول إلى متتالية حسابية متزايدة تكبر وتزداد قيمة معاملها باطراد ) .

            أيضا العبارة تخلق حوار جدلي بين القاريء والمقروء يكسر الرتابة الأدبية .

            هذا التفاعل بين القاريء والنص يجعله يذوب في جو النص ويستمر في الحوار للنهاية .

            عقب كل نعمة تجد العبارة تضع استنكارا ( كيف تكذب بهذه النعم ) ويظل إيقاع الحوار يعلو ( نعمة يتبعها استنكار فنعمة أخرى فاستنكار ) هكذا حتى نصل إلى الآية 31 ( سنفرغ لكم أيها الثقلان ) وتبدأ آيات الإنذار ويرتفع الإيقاع أكثر وبعد كل آية وعيد تأتي عبارة ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) لتعيدك لمشاهد النعم والآلاء مرة أخرى .

            ثم نصل للآية 46 ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ويبدأ الإيقاع يقل تدريجيا ليخلق هدوءا يناسب أوصاف الجنة وخيراتها وبعد كل وصف للجنة تأتي ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) لتجعلك تنطق رغما عنك (ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد ‏) .

            ثم تنتهي الآيات في هدوء بعبارة ( تبارك اسم ربك ذو الجلال والاكرام ) .

            ماذا سيحدث لو قللنا تكرار العبارة في سورة الرحمن ؟

            ستشعر بهبوط في إيقاع النص بانتهاء الحوار فجأة يجعلك غير راغب في تكملة السورة كمن يشاهد فيلما متلاحق الأحداث ثم فجأة تصبح الأحداث مملة رتيبة ( يسميه السينمائيون الأنتي كليماكس ) .
            جرب بنفسك وسترى .

            فكما قلت من قبل القرآن ليس كتابا تقرأه مرة واحدة ثم تضعه على الفترينة .

            القرآن يحاورك ويجادلك وكأنه كاتبه يعرفك تمام المعرفة .

            أنا مثلا قد أقرأ سورة الرحمن أكثر من مرة في اليوم الواحد , أليس هذا تكرارا يدعو للملل ؟

            الإجابة لا .

            الحوار مع القرآن يصبح مملا فقط إذا كانت النفس البشرية جامدة ثابتة لا تتقلب ولا تتغير مشاعرها .

            وطالما النفس البشرية ليست جامدة بل تعيش جدلا لا ينتهي فهي في حاجة لقراءة القرآن باستمرار .

            فهذه العبارة المكررة تمثل المرتكز السردي للآيات الذي يقسم الإحساس المتولد من السورة إلى طبقات .
            كل طبقة أعلى من سابقتها في الإحساس .
            شيء آخر تقوم به هذه العبارة :-
            هل رأيتم عقدا من قبل ؟ ما الذي يربط بين حبات الخرز فيه ؟
            هذا بالضبط ما تفعله هذه العبارة ( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .


            [bdr][/bdr]


            يقول د . كامل :-

            وكل سورة " الرحمن" هذه تذكرنا بايام الجاهلية عندما كان الشاعر يخاطب شيطانيه أو صاحبيه ليساعداه على نظم الشعر " قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل.... " فالقرآن هنا ، كعادة الجاهلية، يخاطب شيطانين ( وهناك شياطين مسلمة كما يقول القرآن ) . ويقول علماء الاسلام ان القرآن في هذه السورة يخاطب الانس والجن، ولذا استعمل صيغة المثنى. ولكن في نفس السورة عندما اراد القرآن مخاطبة الانس والجن قال: " يا معشر الجن والانس ان استطعتم ان تنفذوا من اقطار السموات والارض فانفذوا لا تنفذون الا بسلطان". فلم يقل " فانفذان ، او لا تنفذان الا بسلطان".
            المبشرون عندما جاءوا للشرق كانوا متأثرين بأقوال الكنيسة في العصور الوسطى عن الاسلام بأنه دين شيطاني وأن النبي محمد هو ضد المسيح ( الأنتي كريست ) .

            لذلك كانوا يبحثون في القرآن عما يؤكد لهم بأن القرآن كتاب من الشيطان .

            وكان من ضمن ما كتبوه ليؤكد نظرية الوحي الشيطاني هذه أن سورة الرحمن تخاطب الإنس والجان وطبعا حكاية الغرانيق الشهيرة التي صالوا وجالوا حولها وتمسكوا بها تمسك شديد .

            و المكانة الكبيرة التي اعطوها لكاتب مغمور مثل سلمان رشدي بروايته آيات شيطانية تؤكد أن هذه الفكرة ما زالت تسيطر على عقول غربية كثيرة حتى الآن .

            بالمناسبة فسلمان رشدي ليس أول من اخترع لفظ آيات شيطانية بل المبشر
            الإنجليزي وليم مور .


            على أي حال فلنقرأ الآية التي يظن د . كامل أن بها خطأ :-
            (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ ) :-

            في هذه الآية تحديدا القرآن يخاطب الإنس والجن كجماعات عديدة تحت كلمة ( معشر ) لذلك استخدم ( واو الجماعة ) في كلمة ( تنفذوا ) و
            ( انفذوا ) .


            نفس الشيء تجده في سورة الأنعام :-

            ( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ) ( الأنعام 130 ) .

            هنا أيضا القرآن يستخدم صيغة الجمع لأنه يخاطب المعشر وليس الصنفان ( الإنس والجان ) .


            .....




            يقول د . كامل :-




            وفي بعض الاحيان تُضاف كلمات، لا لتوضيح الصورة ولكن لتكملة السجع، فمثلاً في سورة الشعراء في الاية 76 تُضاف كلمة " الاقدمون" دون الحاجة اليها
            72- " قل هل يسمعونكم اذ تدعون"
            73- "او ينفعونكم او يضرون"
            74- " قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون"
            75- " قال أفراءيتم ما كنتم تعبدون"
            76- " انتم وآباؤكم الاقدمون"
            فكلمة " الاقدمون" هنا لا تخدم اي غرض مفيد اذ ليس هناك اباء جُدد واباء اقدمون،

            عجبا . هل لا توجد علاقة بين قدم الشيء والقدسية الزائفة التي يضيفها البشر على بعض العادات والأشخاص والرموز ؟

            من المعروف أنه كلما كانت العادة قديمة كلما تحولت إلى تابو مقدس يصعب المساس به مهما بدت سخافته وعدم معقوليته .

            مجرد رنين كلمة ( الأقدمون ) على الأذن توضح ماذا يريد نبي الله إبراهيم أن يقول .

            هذا الشلل الذي أصاب عقول قوم ابراهيم وجعلهم لا يرون سخافة ما يفعلون لمجرد أنهم توارثوا عبادة الأصنام كعادة قديمة ليس مبرر على الإطلاق وهذا ما يريد أن يصل إليه النبي ابراهيم من مناقشتهم
            .



            =-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=

            (1) إضافة لما قاله الأخ نيقولا حول (سيناء وسينين) ...نقول سيناء لفظ أعجمى والأسماء الأعجمية عندما تنقل إلى العربية يجوز تغيير بعض حروفها أو إبقائها كما هى فتقول العرب ميكائيل وميكائين، ، وفي اسماعيل اسماعين .
            وكذلك قابيل تعريبا لاسم قايين ......

            قال الشاعر:
            يقول اهل السوق لماجينا ***** هذا ورب البيت اسرائينا
            فهو يقصد بقوله اسرائينا أى اسرائيل

            ــ وعلى هذا لا نرى أى قيمة أو وزن لما يقوله الدكتور كامل ...


            (2) أختلف مع الأخ نيقولا هنا فى قوله (أقول هذا لأنه ربما تكون ( سيناء ) و ( سينين ) مكانين مختلفين لا علاقة لهما بسيناء الحالية ) ...فالآية الكريمة تتحدث ليس عن سينين فقط بل تقول(وطور سينين) ... إشارةً إلى طور سيناء ... وقد ذكر الطور منسوباً إلى سيناء فى القرآن أيضا {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاء تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ }المؤمنون20

            فالقرآن يتحدث عن مكان واحد ولا يمكن أن يكون سيناء وسينين مكانين مختلفين ... أما القول بأنه يجوز أنه لا علاقة بين سيناء أو سينين فى القرآن بسيناء الحالية.. فأنا أتفق جزئيا مع الأخ الفاضل بأن سيناء قديما المذكورة فى القرآن ليست نفس سيناء المحددة حسب التقسيمات السياسية الحديثة فقد كانت أشمل من ذلك حيث امتدت حدودها إلى فلسطين .
            [frame="10 98"]
            ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

            ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

            وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
            [/frame]

            تعليق

            • سعيد ابو السندباد
              2- عضو مشارك
              حارس من حراس العقيدة
              • 27 يون, 2006
              • 101

              #21
              اعانك الله اخي الأندلسي
              وللعلم فان النجار لا يستحق ان تتعب نفسك في مراجعة الهلوسة التي يكتبها عن قصد فهو لا يتحدث عن الأديان اذا ما دققت النظر الآ بالقدر الذي يفتح له الطريق من النيل من الإسلام وهذه طريقة تدرس في معاهد اللاهوت النصرانية والتي قد ارتأت انه من الأجدى ان تلقي على كاهل المسلمين الآف الآسئلة والشكوك التي يتم تجميعها مما هب ودب حيث لا يوجد في دين النصارى ما يمكن ان يواجهوا به الإسلام على الإطلاق فكتبهم كما تعرف كلها اضطجع معها واضطجعت معه!!
              وتحاول هذه الفئة من ابناء جاهلية العصر الحالي من متكلمي مصففي الكلام على طريقة زينكو ورينغو ومن فاعلي الأثم الذين يطوفون بلدان كثيرة ليكسبوا دخيلا يدخلوه الى جهنم ، ان يزخرفو من القول الغرور ظنا منهم انهم يكونون بذلك قد هدموا لبنة من لبنة هذا الذين العظيم
              وفي الوقت الذي يقول فيه اكبر علماء الشرق والغرب ان العلم يهدي الى الله وفي الوقت الذي يقول فيه علماء الغرب انفسهم ان هناك حلقات مفقودة في نظرية داروين تفقدها مصداقيتها ووضعت نظرية داروين في سلة القاذورات هناك في الغرب يطل علينا اشخاص مثل النجار هذا مصرا على ان يبقي نفسه من فصيلة الحيوانات المتطورة ومن بعد ذلك يريد هذا الحيوان المتطور ان يوهم الناس انه يكتب بحيادية من الطراز الثقيل موجهه بدون زوايا انحراف باتجاه كل ما يخص هذا الدين العظيم لا بل يتطاول على رب الكون
              انني شخصيا لا ارى في هذا الكاتب ولا هذا الكتاب شيء يستحق الإهتمام فهو جندي من جنود الشيطان وهنالك الكثير ممن يسيرون على هذا النهج الكنسي الذي بدأمنذ منذ ستة عقود او يزيد يستخدمون هذا الأسلوب القذر ولكن هيهات هيهات
              فلا تتعب نفسك ولا تذهب نفسك عليهم حسرات فالرجل يقول لك انه متطور من فصيل الحيوان فلا تؤاخذه على ما يقول وليس بعد انكار ه (( المزعوم )) لله حاجة لأن يخوض معه خائض مبقيا في قلبه ذرة مما ذكرت اللهم إلا اعتبرت هذا الكتاب وغيره مما هو على شاكلته وهذا الكاتب وما على شاكلته عربا كانوا ام اعاجم نساءا ام رجال من بقايا الحيوانات المتطورة
              {قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً }{أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً }

              وكلمة اخيرة هي ان كل هؤلاء يسرقون عبارات الكفر والفجور عن غيرهم من الأعاجم كما اشرت في تعليقك ولوا راجعت كتابات نوال السعدي مثلا فهي ليست من ذلك ببعيد

              [move=right]{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }[/move]

              تعليق

              • الأندلسى
                مشرف شرف المنتدى

                • 21 يون, 2006
                • 965
                • مسلم

                #22
                أكرمك الله أخى الحبيب .... ولكن أعتقد أن على متابعة نقل مداخلات الأخ نيقولا فى الرد على كامل النجار ... نظراً لقوة رد الأخ نيقولا وللمجهود المبذول إضافة إلى الأسلوب الجميل فى الرد والذى ذكرتنى به فى كثير من مداخلاتك أخى الفاضل .. لذا فسأواصل نقل الردود بمشيئة الله لما فيها من فائدة كبيرة للجميع ... حتى لوكان كتاب النجار أو غيره لا يستحق الرد

                .. تحياتى لك أخى الفاضل .. وجزاكم الله كل خير على مروركم وتعقيبكم الكريم ..
                [frame="10 98"]
                ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                [/frame]

                تعليق

                • الأندلسى
                  مشرف شرف المنتدى

                  • 21 يون, 2006
                  • 965
                  • مسلم

                  #23
                  الالتفات في القرآن


                  يقول د/ كامل


                  القرآن يغير صيغة المخاطب في نفس الاية من المفرد الى الجمع ومن المتحدث الى المخاطب، فخذ مثلاً سورة الانعام الاية : 99 " وهو الذي انزل من السماء ماءً فاخرجنا به نباتَ كلٍ شئٍ فاخرجنا منه حباً متراكباً ومن النخل من طلعها قنوانٌ دانيةٌ وجناتٍ من اعنابٍ والزيتون والرمان مشتبهاً وغير متشابهٍ انظروا الى ثمره اذا اثمر وينعه ان في ذلكم لاياتٍ لقوم يؤمنون".
                  فبداية الاية يصف الله " وهو الذي انزل من السماء ماءً "، وبدون اي انذار تتغير اللغة من الشخص الثالث الى الشخص الاول ويصير الله هو المتحدث " فاخرجنا به"، وسياق الاية يتطلب ان يقول " فاخرج به". وانظر الى النحو في الاية ذاتها، اغلب الكلمات منصوبة لانها مفعول به، لان الله انزل المطر فاخرج به حباً وجناتٍ، وفجأة كذلك يتغير المفعول به الى مبتدأ مرفوع في وسط الجملة. وسياق الكلام يقتضي ان يُخرج الله من النخل قنواناً دانيةً، معطوفة علي ما قبلها، ولكن نجد في الاية " قنوانٌ دانيةٌ " بالرفع، وهي مبتدأ خبره " ومن النخل ". ثم تستمر الاية بنصب الكلمات الباقية لانها مفعول به .
                  وخذ ألآية 114 في سورة الانعام، لما طلب اليهود من محمد ان يجعل بينه وبينهم حكماً: " افغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ". ففي بداية الاية المتحدث هو محمد مخاطباً اليهود، فيقول لهم : أغير الله ابتغي حكماً وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلاً؟ وفجأة يصير الله هو المتحدث فيقول لمحمد: والذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين.
                  كثير من المستشرقين كانوا يتسائلون :- من هو المتكلم في القرآن ؟

                  الامر كان محير بالنسبة لهم . بعضهم كان يظن أن النبي محمد كان يخطيء أحيانا فبدلا من أن يكون الكلام على طول الخط بصيغة المتكلم ( باعتبار أن المتكلم هو الله ) نجد الآيات ننتقل إلى صيغة الغائب أو المخاطب .

                  كانوا ينتظرون أيضا أن تكون آيات القرآن في زمن الماضي كأي كتاب سيرة ذاتية .

                  والبعض الآخر قال أن القرآن من تأليف عدة أشخاص وليس شخص واحد مثل ( باتريشا كرون ) التي كتبت كتاب ( الهاجريون ) .

                  كتاب الهاجريون هذا رغم أنه تم رفضه في الأوساط الأكاديمية ورغم أنه ليس فقط ينتقص من الإسلام بل وينتقص من العرب العرب أيضا ومن تاريخهم ورغم ذلك تجد شخصا عربيا مثل السيد ( نبيل فياض ) يقوم بترجمته بكل سعادة وفخر ( كانت ترجمته سيئة جدا في الحقيقة ) .

                  عندما تقرأ كتاب سيرة ذاتية لشخص ما تجد دائما الخطاب يرد بصيغة المتكلم وليس الغائب او المخاطب وكذلك تجد زمن الجمل في الماضي في الغالب .

                  ولكننا عندما نقول أن القرآن هو كلام الله لا نعني بذلك أنه سيرة ذاتية يحكيها الله عن نفسه !!

                  فالقرآن كلام للترتيل والتلاوة في الصلاة والدعاء ببعض آياته مثلما هو كتاب معرفي عميق .

                  فأنا عندما أتلو سورة الفاتحة ( الحمد لله رب العالمين ) فأنا الذي أحمد الله ولكن بالصيغة التي أنزلها الله لي . فالكلام هنا يتشكل على لساني وليس الله هو من يحمد نفسه !!

                  سبب هذه اللخبطة عند المستشرقين هو أنهم افترضوا من البداية أن القرآن هو ( كتاب سيرة ذاتية ) .

                  نعود إلى موضوعنا :-

                  هذا التنقل بين المتكلم والمخاطب والغائب في القرآن يسمى ( الالتفات ) .

                  لا أريد ان أتكلم كثيرا عن الإلتفات فمعظمنا يعرفه .

                  فقط سأضع تعريفا مختصرا له .

                  يقول الموصلي في كتابه ( المثل الثائر) عن الإلتفات :-
                  ( خلاصة علم البيان التي حولها يدندن وإليها تستند البلاغة وعنها يعنعن وحقيقته مأخوذة من التفات الإنسان عن يمينه وشماله فهو يقبل بوجهه تارة كذا وتارة كذا .

                  وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة لأنه ينتقل فيه عن صيغة إلى صيغة كالانتقال من خطاب حاضر إلى غائب أو من خطاب غائب إلى حاضر أو من فعل ماض إلى مستقبل أو من مستقبل إلى ماض أو غير ذلك مما يأتي ذكره مفصلا ويسمى أيضا شجاعة العربية وإنما سمي بذلك لأن الشجاعة هي الإقدام وذاك أن الرجل الشجاع يركب ما لا يستطيعه غيره ويتورد ما لا يتورده سواه ) .

                  الالتفات منه أنواع كثيرة منها التنقل بين الحاضر والغائب والمخاطب ومنها الانتقال بين أزمنة الفعل من مضارع وماض ومستقبل .

                  الإلتفات رغم وجوده في كثير من الكتابات الأدبية سواء العربية أو في اللغات الأخرى إلا أنه يعد أسلوبا مميزا للقرآن .


                  [bdr][/bdr]

                  يقول د . كامل النجار :-


                  وابن مسعود الذي كان يكتب الوحي للرسول، و أحد علماء الحديث المشهورين، اعتبر ان سورة الفاتحة وسورتي الفلق والناس، ليست من القران .

                  هو يريد أن يقول أنه طالما سورة الفاتحة تبدأ هكذا ( الحمد لله رب العالمين ) وطالما أن الله لا يحمد نفسه فالسورة اذن ليست من القرآن بدليل أن الروايات تحكي أن ابن مسعود لم يكن يكتبها في مصحفه .
                  طبعا لو انكر ابن مسعود القرآن كله فهذا قول فردي لا يقدح في تواتر القرآن من شيء .
                  ولا شك أن إجماع الصحابة على عكس هذا القول كاف في الرد على هذا الطعن، ولا يضر ذلك الإجماع مخالفة ابن مسعود.
                  ولكن ابن مسعود لم ينكر كونهما من القرآن .

                  لابد أن يعرف د . كامل أن ابن مسعود كتب مصحفه لنفسه وليس للمسلمين .

                  ولو صح عن ابن مسعود أن مصحفه كان لا يحوي المعوذتين والفاتحة فليس معنى ذلك أنه كان ينكر كونهما من القرآن فربما لم يكتبهم لكثرة قراءتهم في الصلاة وعدم الحاجة لحفظهم فكل من كتب مصحفا كان يفعل ذلك مخافة النسيان وهذه العلة غير مطروحة في الفاتحة والمعوذتين .

                  طبعا هناك دليل لا يمكن رده يثبت أن ابن مسعود لم ينكر قرآنية الفاتحة والمعوذتين وهو أن قراءته قد رواها عاصم وحمزة والكسائي وغيرهم وقراءة هؤلاء الأئمة فيها الفاتحة والمعوذتين .

                  وهذا يكفي كدليل دفاعا عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود .


                  [bdr][/bdr]

                  وفي سورة فاطر ألآية التاسعة : " والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه الي بلد ميت فأحيينا به ألارض بعد موتها ". تغير القائل في نفس ألآية من الشخص الثالث الى الشخص الاول. فبداية ألآية تقول: " والله الذي أرسل الرياح" ثم فجأةً يصير المتحدث هو الله، فيقول: " فسقناه الى بلد ميت فأحيينا به ألارض".


                  تعالوا نحلل هذه الآية :-

                  الآية بدأت بصيغة الغائب ثم تحول الكلام إلى صيغة المتكلم عند الحديث عن إحياء البلد الميت " فسقناه الى بلد ميت فأحيينا به ألارض" . السؤال الآن ما الذي يفيده الإلتفات هنا ؟

                  كما يخبرنا أهل البلاغة أن صيغة المتكلم تجعل الصورة حاضرة ( كأنك ترى المشهد على الهواء مباشرة ) .

                  لاحظ هذا التوافق العجيب بين الكلمات ( فأحيينا ) ودلالة أسلوب الإلتفات هنا ( بث حي ومباشر ) .

                  ما المغزي من كل هذا ؟ الإجابة نجدها في تكملة الآية ( وكذلك النشور ) .

                  النشور والبعث الذي أنكره المكذبون قديما ومازال البعض ينكره حتى الآن ليس خيال بل حقيقة .
                  فمثلما يحي الله الألفاظ والكلمات ويجعلها حية حاضرة ومثلما يحي الله الأرض الميتة هو قادر كذلك على إحياؤكم بعد موتكم . هذا التناظر الوظيفي بين اللفظ و المعنى والمدلول مبهر إلى أقصى الحدود .

                  هناك المزيد عن الإلتفات في الآية الكريمة من الانتقال بين الماضي والمضارع الذي يؤيد نفس ما نقوله . ( ستجد المزيد في كتب المثل السائر للموصلي والايضاح في علوم البلاغة للقزويني و المزاهر في علوم اللغة و أنواعها للسيوطي ) .


                  [bdr][/bdr]


                  يقول د . كامل :-

                  و تحتوي نفس ألآية على فعل مضارع مخلوط مع افعال ماضية. فكلمة " فتثير" فعل مضارع في وسط جملة كلها في الماضي. ويقول العلماء ان الفعل المضارع هنا في وسط جملة كلها في الماضي، " لحكاية الحال الماضية". فهل في هذا اي نوع من البلاغة؟ وفي سورة الحج، الآية 63: " ألم تر ان الله انزل من السماء ماء فتصبح الارض مخضرة ان الله لطيف خبير". مرة اخرى يجمع القرآن بين الفعل الماضي والفعل المضارع في جملة واحدة. وكلمة " فتصبح" يجب ان تكون " فأصبحت" لان الله انزل من السماء ماءً .
                  قبل أن أبدأ ردي على ما يقول أحب أن أتحدث قليلا عن التوظيف القرآني لظاهرة الزمن :-

                  الزمن في التوظيف القرآني ظاهرة خاصة جدا .

                  فالقرآن يتعامل مع الأفعال بمستوياتها الثلاثة ( الماضي والمضارع والأمر ) لاحسب زمنها النحوي ولكن يتجاوز ذلك إلى مستوى دلالي أوسع بكثير يناسب تماما مقدار الغموض المحيط بظاهرة الزمن وإدراك الإنسان له .

                  فمثلا دلالة الماضي تنعكس في القرآن إلى مستقبل كأحداث الساعة ( المفترض أنها مستقبل ) ورغم ذلك ينقلها القرآن في صيغة الماضي .

                  توظيف الزمن في المنظومة القرآنية مختلف تماما عن أي نص آخر بحيث أصبح للقرآن زمن خاص به نستطيع أن نسميه ( زمن القرآن ) .

                  تعامل القرآن مع ظاهرة الزمن بهذه الصورة الجديدة جعل من الآيات صورا فنية تعكس لنا مصدر هذا الكتاب .


                  نعود إلى الآية الكريمة :-

                  كما قلنا سابقا المضارع أو المستقبل هنا يجعل الصورة حية ماثلة أمام عينيك وله أيضا
                  دلالة أخرى ينقلها لنا الموصلي فيقول :-

                  ألا ترى كيف عدل عن لفظ الماضي ههنا إلى المستقبل فقال ( فتصبح الأرض مخضرة ) ولم يقل ( فأصبحت ) عطفا على ( أنزل ) وذلك لإفادة بقاء أثر المطر زمانا بعد زمان فإنزال الماء مضى وجوده واخضرار الأرض باق لم يمض وهذا كما تقول ( أنعم علي فلان فأروح وأغدو شاكرا له ) ولو قلت ( فرحت وغدوت شاكرا له ) لم يقع ذلك الموقع لأنه يدل على ماض قد كان وانقضى وهذا موضع حسن ينبغي أن يتأمل .



                  [bdr][/bdr]

                  يقول د . كامل :-

                  وهذه آية اخرى تخلط بين الماضي والمضارع، ففي سورة الشعراء، الآية الرابعة : " ان نشأ ننزل عليهم من السماء آيةً فظلت اعاناقهم لها خاضعين". ويقول العلماء ان شبه الجملة " فظلت اعناقهم لها خاضعين" استُعملت بمعنى المضارع. فلماذا كل هذا اللف والدوران وكان من السهل ان يقول " فتظل"؟
                  هنا الإلتفات من المضارع إلى الماضي يعكس استبعاد وقوع الحدث ( الذي هو هنا تنزيل آية من السماء ترغم القوم على التسليم ) .

                  النبي حزين على عدم إيمان قومه ولكن الله يلهمه الصبر بأن يعرض عليه صورة بديلة مطلوب من الجميع التأمل فيها ليروا أنها غير مناسبة .

                  هذه الصورة البديلة (إفتراض نظري فقط ) هي تنزيل آية من السماء تجبرهم على الإيمان .

                  هذا التعبير بالماضي بدلا من المستقبل في جواب الشرط موجود أيضا في لغات أخرى ويفيد كما قلنا استبعاد الحدوث ( فرض نظري ) وكنت أظن د . كامل النجار سيفهم هذه اللمحة فهي موجودة أيضا في الإنجليزية .
                  استخدام الفعل الماضي بدلا من المستقبل له دلالات أخرى في أماكن أخرى ولكن ليس موضوعنا الآن .

                  نستمر مع د . كامل النجار في نفس الآية :-


                  وليس الخلط بين الماضي والمضارع هو الشئ الوحيد الخارج عن المألوف في هذه الآية، فقد استعمل القرآن كلمة " خاضعين" وهي حال تصف جمع العقلاء مثل " رجال" ليصف بها " اعناقهم"، وهي ليست جمع عقلاء. والاسم الذي يقع حالاً يطابق صاحب الحال في النوع وفي العدد، ولذا كان الاصح ان يقول " فظلت اعناقهم لها خاضعة". ولكن كل آيات هذه السورة تنتهي بالياء والنون، لذلك اضطر ان يقول " خاضعين".
                  ما يقوله غير صحيح . فنهاية الياء والنون كسرت بعد ذلك مباشرة في الآية السادسة (يَسْتَهْزِئُون ) والآية السابعة (كريم ) .
                  لو أراد الله أن يقول) خاضعة ) لفعل فالقرآن ليس شعرا لكي يتغير اللفظ لمقتضى القافية .


                  فكما قلت من قبل أن نهاية الآيات في القرآن تسمى فاصلة وليس قافية والفاصلة في القرآن لها دلالة في المعنى كما أن لها دلالة صوتية .

                  تعالوا لندقق أكثر في التعبيرين :-
                  ( فظلت اعناقهم لها خاضعة ) :- هذا التعبير ينقل معنى تسلط الظالم على المظلوم فهو يقصر الخضوع على الرقاب دون النفوس وليس هذا هو المعنى المراد .

                  ( فظلت اعناقهم لها خاضعين ) :- هذا التعبير ينقل معنى الإجبار وسلب الحرية وهو الشيء المفترض أن تفعله الآية النازلة من السماء فهي ستجبر نفوسهم على الخضوع في شكل خضوع رقابهم لمراقبتها ولكنها لن تظلمهم بطبيعة الحال .

                  القرآن الكريم مضبوط ضبطا محكما . كل لفظة لها دورها الخاص في مكانها الخاص لتعطي المعنى المراد وأي تبديل أو إحلال سيشوه المعنى أو على الأقل سيأتي بمعنى أضعف .


                  [bdr][/bdr]



                  والقرآن كثيراً ما يخلط بين المفرد والجمع في نفس الآية. فخذ مثلاً الاية 66 من سورة النحل: " وان لكم في الانعام لعبرةٌ نُسقيكم مما في بطونه". والانعام جمع وتعني " حيوانات" وكان يجب ان يقول " نسقيكم مما في بطونها"، لكنه جعلها في حُكم المفرد وقال " بطونه". وقال المفسرون افرده هنا عوداً على معنى النعم والضمير عائد على الحيوان، رغم ان الانعام حيوانات. ونجد نفس الاية تعاد في سورة " المؤمنون" ولكن هذه المرة تغيرت كلمة " بطونه" الى " بطونها". فالآية 21 من سورة " المؤمنون" تقرأ: " وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون".
                  في الآية الأولى نقرأ :-
                  (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ)

                  الحديث كان عن أحد الفوائد فكان الضمير بالمفرد ( بطونه ) ليوازي مستوى الكلام .

                  في الآية الثانية نقرأ :-
                  (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ) :-

                  الحديث شمل الفوائد الكثيرة فكان الضمير بالجمع ( بطونها ) ليوازي مستوى الكلام .



                  [bdr][/bdr]


                  يقول د . كامل :-

                  ويكثر كذلك في القرآن غريب اللفظ والمعنى، فنجد في سورة المرسلات عندما يصف نار جهنم في الآية 32 وما بعدها: " انها ترمي بشرر كالقَصر، كأنه جمالات صُفرٌ ". اولاً كلمة " جمالات " مع انها جمع تكسير ل " جمل"، إلا أنها جمع غريب نادر الاستعمال، والمتعارف عليه هو جمال. ثم وصف الجمال بانها صُفر، وليس هناك جمال صفراء .

                  الآية تشبيه ( كأنه ) وليست واقع دنيوي .
                  فشرر جهنم يشبه قطيع مبعثر من الجمال كثيرة العدد مصطبغة باللون الأصفر . (1)




                  [bdr][/bdr]

                  ثم في سورة الفرقان الآية 68 : " والذين لا يدعون مع الله الهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ". وأثاماً ليست من اللغة العربية في شئ، والقرآن يُفترض انه نزل بلسان عربي مبين. وحتى المفسرين وعلماء اللغة لم يتفقوا على معنى كلمة " أثاماً" .
                  ( الإثم ) هو الذنب و ( الأثام ) هو جزاء الذنب .
                  وكون بعض المفسرين كانوا يقولون أنه اسم واد في جهنم , فهذا بحث عن المدلول أما المعنى المعجمي فواضح .



                  [bdr][/bdr]

                  وفي سورة العنكبوت، ألآية 64 نجد: " وما هذه الحياة الدنيا الا لهوٌ ولعبُ وإن الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون". وقد وجد المفسرون صعوبةً بالغة في تفسير كلمة " حيوان" هذه، فقالوا ان : الحيوان : هنا تعني الحياة الدائمة .

                  عفوا , لم أجد هذه ( الصعوبة البالغة ! ) عند المفسرين .
                  فالجميع تقريبا متفقون على أن ( الحيوان ) هي الحياة الدائمة (2).


                  [bdr][/bdr]

                  وسئل أبو بكر الصديق عن تفسير الفاكهة وألاب فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم؟ وقال أنس بن مالك سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه قرأ هذه ألآية ثم قال: كل هذا عرفناه، فما ألاب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال: هذا لعمر الله التكلف. فإذا كان عمر وابو بكر وابن عباس لا يعرفون معناها، فهل يُعقل أن يكون الشاعر الذي نظم البيت المذكور كان على علم بمعنى الكلمة؟
                  والكلمة قد تكون سريالية واصلها Ebba أو قد تكون مشتقة من الكلمة العبرية Ebh، ولكنها قطعاً ليست عربية، ولا يعرف العرب معناها .


                  د . كامل لا يفهم أن توقف أبو بكر وعمر عن الخوض في مداليل القرآن هو دليل ورع وتقوى وتحرج من الفتوى رغم أنهم يعرفون المعنى إجمالا وكان هذا دأب علماء المسلمين الأفاضل .
                  فيحكى أن الأصمعي ـ وهو إمام أهل اللغة ـ كان لا يفسر شيئاً من القرآن وعندما سئل عن قوله سبحانه : ( قد شغفها حبا ... ) فسكت و قال : هذا في القرآن ثم ذكر قولا لبعض العرب في جارية لقوم أرادوا بيعها : أتبعونها ، وهي لكم شغاف …..
                  ولم يزد على ذلك ، أو نحو من هذا الكلام .

                  ( الأب ) في اللغة كما يقول الفيروز أبادي :-
                  (الأبُّ‏:‏ الكَلأَ، أو المَرْعَى، أو ما أنْبَتَتِ الأرضُ، والخَضِرُ ) .
                  لذلك تجد كل المفسرين تقريبا يدورون حول نفس المعنى .


                  [bdr][/bdr]
                  وفي سورة الحج ألآية 29 نجد: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق". فكلمة " تفثهم" قد لا تكون عربية ولا أحد يعرف معناها ووقعها على ألاذن ثقيل .
                  من أخبره أنها ليست عربية ؟
                  ومن أخبره أنه لا أحد يعرف معناها ؟


                  في القاموس المحيط :-

                  (التَّفَثُ :- مُحَرَّكَةً في المنَاسكِ‏:‏ الشَّعَثُ، وما كان من نحو قَصِّ الْأَظْفار والشَّاربِ، و حَلْقِ العانَةِ وغير ذلك‏.‏ وككَتِفٍ‏:‏ الشَّعِثُ، والمُغْبَرُّ‏ ) .

                  هل هناك مناسك في نيويورك مثلا حتى يزعم أنها غير عربية ؟! أما وقعها الثقيل على الأذن فلأنها بالفعل شيء ثقيل .
                  وهذا هو معنى الدلالة الصوتية للكلمة القرآنية .


                  ===============================================


                  (1) سكت الأخ نيقولا هنا عن جزء من اعتراض كامل النجار وهو
                  (فنجد في سورة المرسلات عندما يصف نار جهنم في الآية 32 وما بعدها: " انها ترمي بشرر كالقَصر، كأنه جمالات صُفرٌ ". اولاً كلمة " جمالات " مع انها جمع تكسير ل " جمل"، إلا أنها جمع غريب نادر الاستعمال، والمتعارف عليه هو جمال)
                  ... وربما سقط ذلك سهواً من الأخ نيقولا نظرا لكبر حجم الموضوع .. أما بالنسبة لقول كامل النجار فنجيب عليه .. بأن هناك (جِمَالَتٌ) .. وقراءة أخرى(جِمَالَاتٌ)
                  ــ وبالنسبة لاعتراضه على جمع جمل جمالات ... فهذا لأنه لا يفقه العربية ... جمالات جمع لجمالة .. وجمالة جمع لجمل .. فنقول جمل جمالة مثل حجر حجارة وذكر ذكارة ... إلخ .

                  (2) تأييداً لقول الأخ الفاضل نيقولا بشأن كلمة (الحيوان) بمعنى الحياة الدائمة .. ننقل كلام المفسرين : ــ

                  الطبري في كتابه "جامع البيان في تفسير القراّن"يقول :أي إن الدار الاّخرة لفيها الحياة الدائمة التي لا زوال لها ولا انقطاع ولا موت فيها.

                  الزمخشري في كتابه "الكشاف" يقول:أي ليس فيها إلا حياة مستمرة خالدة لا موت فيها فكأنها في ذاتها حياة.
                  [frame="10 98"]
                  ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                  ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                  وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                  [/frame]

                  تعليق

                  • سعيد ابو السندباد
                    2- عضو مشارك
                    حارس من حراس العقيدة
                    • 27 يون, 2006
                    • 101

                    #24
                    أعانك الله أخي اندلسي

                    ولكن " لعلك باغع نفسك على آثارهم ان لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفا "

                    فقد ذكرت في بداية عملك : " سننتقل لمناقشة موضوع الكتاب و سأحاول أن أكون هادئا قدر الإمكان ولكن لا أعدكم بشيء فالكتاب كبير وتسبب في انفجار شرايين مخي من الغيظ وأنا الآن رجل أملك مخا بلا شرايين فاغفروا لي زلاتي وأنا في هذه الحالة ."
                    فاردت ان اسري عليك وانقل إشارة في نفس الوقت على صورة مقدمة عرضية لتهيئة من سيتابع معك رحلة نقل الرد من القراء ذوي المنابت المتفرقة ولا شك ان اية اعتداءات إعلامية ثقافية تحتاج منا جميعا حشد كل ما هو متاح فهي ساحة من ساحات "" وأعدوا لهم ""

                    جزاك الله كل خير وانا اتابع معك هذه الردود ولا اريد التدخل كي لا احدث خلل في خطة الرد التي بدأها نيقولا وتابعتها انت من بعده والردود بلا شك مفيدة للأخوة الذين يعدون انفسهم للدخول الى هذه الساحة الجهادية وانا اليوم اناشدك ان تتابع لأن معركة الجدل والمراء والكيد والدس والتربص والتدبير والحملات الإعلامية والتحرش بالمسلمين بالأقاويل الباطله وبما تحتويه من سوء الأدب مع الله سبحانه وتعالى هي هي كما بدات منذ فجر الإسلام لا بل زادت ضراوة بالتطاول المكشوف الذي يختلف عن تطاول ذلك الوقت بانهم جمعوا له جيوشا كبيرة من ابناء السواليل لما رأوه من عدم جدوى قيامهم هم بذلك وتوصلوا الى ان الدفع بالسواليل وابنائهم (( بالقلم والسيف ))اجدى مع ما في حملاتهم ضد الإسلام من ضعف ووهن وفرصة لتقوية الظهور المكسورة لدى المسلمين والبقاء على حذر ، فهؤلاء لن يرضوا بشيء اقل من ان يخرجوا المسلمين من دينهم وان لم تجدي الكلمات فهنالك قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة الرموز الدينية التي بدأوها بايدي تسمي انفسها مسلمة لتجبر النساء على ازالة قطعة القماش التي تشكل في نظرهم قنابل موقوته على رؤوس النساء المسلمات.

                    تابع يا أخي فنحن جميعا بحاجة الى كشف اباطيلهم وسوء مواقفهم واقاويلهم ودسهم وكيدهم ضد الإسلام والمسلمين

                    تابع يا اخي رعاك الله فان في هذا تبصرة لي ولك ولعموم المسلمين

                    تابع يا اخي فان في هذا تربية وتبصرة لما يدور بيننا وما يدور حولنا

                    تابع يا اخي فانك تضع يدك على خطر من أشد الأخطار التي تتعرض لها امة الإسلام فلعلها تتلمس وتعي من جديد طبيعة
                    واهداف اعدائها ملحدين كانوا ام صهاينة ام صليبيين ام منافقين من ابناء السواليل

                    تابع يا اخي فان المطبات والعقبات والمكائد والألغام الفكرية تمكر في ليل ونهار دون توقف فهو كما علمنا ربنا مكر الليل والنهار

                    تابع يا اخي فلعل الأمة تتذكر أو تخشى وليمحص الله من يثبت ممن ينكص على عقبيه

                    تابع يا أخي رعاك الله فانك تثير فينا نخوة الإيمان وتوقظنا من سباتنا وغينا ولهونا وتعيدنا الى فطرتنا التي فطرنا الله عليها

                    تابع يا اخي فانك تنادينا الى عدم النكوص وتدعونا الى هبة ربانية جهادية دعوية منظمة مبرمجمة للصد والذود

                    جزالك الله كل الجزاء ولكن لا تذهب نفسك عليهم حسرات وهاك بعضا مما شيب الرسول عليه الصلاة والسلام:

                    [move=right]أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُواْ مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{13} فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ{14} مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ{15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{16} أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ{17} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ{18} الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ{19} أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ{20} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{21} لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ{22}[/move].

                    تعليق

                    • Dexter
                      4- عضو فعال

                      حارس من حراس العقيدة
                      عضو شرف المنتدى
                      • 8 أكت, 2006
                      • 518
                      • مسلم

                      #25
                      الله الله الله .. جميل و رائع .. و الله إن هذا الكلام لا يزيدنا إلا إيماناً و يلفت أنظارنا إلى ما كنا قد غشينا أبصارنا عنه.
                      الله الله إلى هذه اللفتات البيانية الرائعة .. الله الله إلى هذه الدراسة البسيطة الجميلة .. أكمل أخي أكمل .. فإن هذا الكتاب و الرد عليه يستحق التدارس مع العائلة .. أكمل أخي الكريم بارك الله فيك

                      نحن بانتظار البقية و بانتظار من سيقوم بجمعه في كتاب الكتروني لنقوم بطباعته و حفظه في مكتباتنا ..
                      دائماً أنت بقلبي دائماً موردي العذب إذا اشـــــتد الظما
                      دائماً أنت ضيائي في الدجى كيف لا تكشف عني الظلما
                      أنت يا من ذكره ملء فمي فاستحالت كل أعضـــائي فما
                      يا رســـول الله يا من حبه دائمــــاً في القلب يبقى دائماً
                      أرشيفي

                      تعليق

                      • الأندلسى
                        مشرف شرف المنتدى

                        • 21 يون, 2006
                        • 965
                        • مسلم

                        #26
                        جزاكم الله خيرا على المرور والتعقيب ...تذكروا أن كاتب الموضوع هو الأخ نيقولا جزاه الله خير الجزاء ..
                        [frame="10 98"]
                        ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                        ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                        وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                        [/frame]

                        تعليق

                        • الأندلسى
                          مشرف شرف المنتدى

                          • 21 يون, 2006
                          • 965
                          • مسلم

                          #27

                          السبع المثاني




                          يقول د . كامل :-
                          فنجد في سورة الحُجر، الآية 87: " ولقد اتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم". فقال بعض المفسرين ان المقصود بها السبع سور الطوال وقال آخرون المقصود بها سورة الفاتحة، وأتوا بحديث يستدلون به. وقال القرطبي في تفسيره أن المثاني تعني القرآن كله بدليل ان الله قال في سورة الزمر ألآية 23: " كتاباً متشابهاً مثاني". وواضح أن تفسير القرطبي هذا لا يتفق والآية المذكورة اذ تقول الآية " أتيناك سبعاً من المثاني والقرآن الكريم"، فلن يستقيم معنى ألآية إذا قلنا أن المثاني تعنى القرآن كله، إذ كيف يكون قد أعطاه القرآن كله والقرآن الكريم؟ والسور السبع الطوال هي جزء من القرآن فليس من البلاغة ان يُعطف الكل على الجزء. وحتى لو جاز هذا، فلا أحد يعلم ما المثاني، والافضل ان يُخاطب القرآن الناس بلغةٍ يفهمونها .

                          في نهاية هذا الكتاب سيخبرنا الدكتور كامل بالأشياء التي اقتبسها الإسلام من الأديان الأخرى حسب زعمه .
                          ومن ضمن هذه الأشياء سيقول أن كلمة ( المثاني ) كلمة غير عربية وأصلها هي كلمة ( مشنا ) العبرية .

                          أنا سأعلق على موضوع لغة القرآن في النهاية ولكن دعوني الآن أخبركم ببعض مناهج المستشرقين ونظرياتهم حول مصدر القرآن .

                          لأن المستشرقين من البداية إستبعدوا إحتمال كون النبي محمد رسول من الله بالفعل فكان يجب أن يضعوا بديلا آخر لمصدر القرآن غير الوحي .

                          بعضهم كان يقول أصله مسيحي سرياني وبعضهم كان يقول أصله يهودي عبري وهكذا .

                          لذلك عمدوا إلى بعض المفردات في القرآن التي لم يتفق المفسرون حولها برأي واحد فيفترضون أن هذه المفردات غير عربية .

                          ثم يبحثون في المعاجم السريانية والعبرية على كلمة تتشابه معها صوتيا ويقولون ببساطة أن هذه الكلمة عبرية أو سريانية مقتبسة .

                          في مثالنا الحالي ( السبع المثاني ) نسى الدكتور كامل أن اختلاف المفسرين ليس حول المعنى المعجمي لكلمة ( المثاني ) , فمعناها المعجمي معروف للجميع وهو ( الشيء يثنى على الآخر أي يتكرر ) ولكن الإختلاف كان حول ( مدلول ) السبع المثاني ولماذا هم سبع .

                          ما هي السبع المثاني ؟

                          في سورة الزمر نقرأ :-

                          ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ)

                          سنتخذ من هذه الآية منطلقا لنا :-
                          الله يقول أنه أنزل ( أحسن الحديث ) في صورة ( كتاب متشابه مثاني ) أي كتاب أحاديثه متكررة متشابهة .

                          صفة هذه الأحاديث ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ) .


                          ننتقل لسورة ( هود ) نجدها تبدأ هكذا : -

                          (الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) .

                          نستمر مع الآيات فنجدها تحكي لنا ( سبع ) قصص ( متشابهة ) لسبعة أنبياء الواحدة وراء الأخري هكذا :-

                          1- (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ - أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ ) .

                          2- (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ ) .

                          3- ( وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ) .

                          4 – ( وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) .

                          5 – (وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ ) .

                          6 – (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ ) .

                          7 – (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ - إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ ) .

                          الآن لاحظوا معي الآتي :-
                          - كل قصة من القصص السبع تكررت في القرآن أكثر من مرة ( مثاني ) .

                          - هذه القصص كلها متشابهة جدا ببعضها فكل نبي يذهب إلى قومه ويدعوهم لله – ويوضح لهم أنه لا يريد منهم أجرا – فيكفر به قومه – فينجي الله الأنبياء والذين آمنوا معهم ويجعل الكافرين هم الخاسرون .
                          نفهم من ذلك أن هذه القصص متشابهة ( متشابه ) .

                          - بعد أن يذكر القرآن السبع قصص يقول في الآية 120 من سورة هود :-

                          ( وكلا نقص عليك ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين ) :-

                          ثم ننظر لآية سورة الزمر فنجد :-

                          ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَالَهُ مِنْ هَادٍ) .

                          نرجع الآن إلى آية سورة ( الحجر ) :-

                          ( وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) [الحجر : 87]

                          الكتاب يحتوى قصص عقاب أخرى تكررت ( مثاني ) غير السبعة السابق ذكرهم منها :-

                          - أصحاب الرس :- جاء ذكرهم في ( الفرقان 32 ) و ( ق 12 ) .

                          - قوم تبع :- جاء ذكرهم في ( الدخان 37 ) و ( ق 17 ) .

                          وعلى هذا فأحسن الحديث هو ( كتاب متشابه مثاني ) أي فيه قصص عقاب متكررة ومتشابهة كموعظة للناس ( تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ) ومن ضمن هذه المثاني هناك سبع كبرى يعرفها الجميع جيدا لشهرتها .


                          بخصوص عطف ( السبع المثاني ) على ( القرآن العظيم ) فهذا لا يعني أن السبع المثاني ليست جزءا من الكتاب ولكن يفيد تغير الحال .

                          بمعنى أنه قديما كان تكذيب الرسل يستوجب عقابا دنيويا . كما تقول نفس السورة في الآيات السابقة لها عن أصحاب الحجر :-

                          (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ - وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ - وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ - فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ - فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ) .
                          ( الحجر 80 – 84 ) .

                          أما في حال النبي محمد والقرآن فالعقاب أصبح أخرويا وسيسألهم الله عن ذلك يوم القيامة :- تجد ذلك في الآيات التالية في نفس السورة :-

                          (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ - كَمَا أَنزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ - الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ - فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ - عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ - فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ )
                          ( الحجر 89 – 94 ) .

                          هذا الذي أقول ليس جديدا فقد قاله ابن عباس من قبل :-
                          (بيَّن الأمثال والخبر والعبر، ولم يعطهن أحد إلا النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأعطي موسى منهن ثنتين) .

                          فقط أنا قدمته بالتفصيل .

                          الدكتور محمد شحرور له رأي آخر وهو ان السبع المثاني هي فواتح بعض السور ودلالتها الصوتية واعتبرها أصل الكلام الإنساني وهو رأي جدير بالإحترام .

                          على أي حال ما أود قوله أن الإختلاف بين المسلمين في ( مدلول الكلمة ) لا يعني أنهم لا يعرفون ( معناها المعجمي ) فمعناها المعجمي معروف ولا يوجد مبرر لما يفعله المستشرقون في البحث في المعاجم العبرية والسريانية وكأن المعاجم العربية ساكتة عن هذه الكلمات .

                          ============================



                          يقول د . كامل :-


                          وفي سورة الحاقة، الآية 36: " ولا طعام الا من غسلين". ولا احد يدري معنى غسلين، ولكنها تنسجم مع سجع السورة، " ولا يحض على طعام المسكين، فليس له اليوم ههنا حميم، ولا طعام الا من غسلين".
                          يقول أبو عبيد القاسم بن سلام (157- 224هـ) في كتابه ( لغات القبائل الواردة في القرآن الكريم ) :-

                          ( من غسلين ) الحار الذي قد انتهى غليانه شدة بلغة أزد شنوءة .
                          ( أزد شنودة ) هي إحدى قبائل العرب .

                          ترى ما سر هذه الثقة الكبيرة التي يتكلم بها الدكتور النجار وكل ما يقدمه لا يشير أبدا أنه يستحقها ؟!

                          ============================



                          يقول د . كامل :-

                          وفي سورة الانسان، الآية 18: " عيناً فيها تُسمى سلسبيلا". وهنا كذلك لا احد يعرف ما هي سلسبيلا.

                          يا سلام على الكلام !
                          أنا أعرف معناها .
                          سلسبيل هي اسم عين في الجنة .
                          الآية تخبرك بهذا يا دكتور ( عينا فيها تسمى سلسبيلا ) .


                          ============================



                          يقول د . كامل :-


                          اما سورة المطففين ففيها عدة آيات تحتوي علي كلمات يصعب فهمها: فمثلاً الآيات 7 و 8 و9 " كلا ان كتاب الفجار لفي سجين. وما ادراك ما سجين. كتاب مرقوم". والآيات 18 و19و20 من نفس السورة: " كلا ان كتاب الابرار لفي عليين. وما ادراك ما عليون. كتاب مرقوم". ومعنى هذا ان عليين وسجين كلاهما يعني كتاباً مرقوماً، أحدهما للفجار والآخر للابرار. فالقرآن هنا أستعمل غريب اللغة لينقل الينا حقيقة بسيطة: هي أن هناك كتابين، واحد للفجار وواحد للابرار. فهل من المهم لنا أن نعرف أسماء هذين الكتابين؟
                          ثم إن القرآن يقول أن هناك كتاب واحد " وعنده أم الكتاب " و " اللوح المحفوظ" الذي يحفظه الله منذ الازل في السماء السابعة، وقد سجل الله فيه كل كبيرة وصغيرة عن كل أنسان حتى قبل أن يولد، وهناك كذلك لكل شخص كتابه الخاص به الذي سوف يتسلمه يوم القيامة، فمنهم من يُعطى كتابه بيمينه ومنهم من يعطى كتابه بشماله ليقرأ منه ما فعل في الدنيا. فما الحكمة إذاً في أن يكون هناك كتاب للابرار وآخر للفجار مادام لكل شخص كتابه الخاص وهناك اللوح المحفوظ الذي فيه كل التفاصيل ولا يمكن لهذا اللوح أن يضيع أو يصيبه تغيير؟ وحتى لو قلنا إنه من باب الاحتياط أن يكون للأبرار كتاب وللفجار كتاب آخر، هل يستدعي هذا نزول آية تخبرنا بأسماء هذين الكتابين؟ هل سيغير هذا من سلوكنا أو يدعونا للايمان؟

                          الدكتور كامل يظن أن ( سجين ) و ( عليين ) هي أسماء ( الكتاب المرقوم ) !!

                          عبارة ( كتاب مرقوم ) تماما مثل عبارة ( وكان أمرا مقضيا ) في سورة مريم .
                          ومثل عبارة ( وكان وعدا مفعولا ) في سورة الإسراء .

                          يقول ابن كثير في تفسيره :-

                          (وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏كتاب مرقوم‏}‏ ليس تفسيراً لقوله‏:‏ ‏{‏وما أدراك ما سجين‏}‏، وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا يتقص منه أحد ) .


                          ============================



                          يقول د . كامل :-


                          في سورة الفيل، ألآية 3، نجد : " وأرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل". ويقول أبن كثير: طير أبابيل يعني طيراً من البحر امثال الخطاطيف والبلسان. ويقول القرطبي: طيراً من السماء لم يُر قبلها ولا بعدها مثلها. وروي الضحاك أن أبن عباس قال سمعت رسول الله يقول: " إنها طيرٌ تعشعش وتفرخ بين السماء وألارض". وقال أبن عباس: كانت لها خراطيم كخراطيم الطير، وأكف كأكف الكلاب. وقال عكرمة: كانت طيراً خُضراً خرجت من البحر لها رءوس كرءوس السباع. أما سجيل فلا أحد يعرف معناها. وأصل الكلمة ربما يكون من اللغة ألأرامية ( Sgyl ) وتعني حجر المعبد. والشئ الملفت للنظر أن كل هولاء المفسرين أتوا بتفسيرات لا تمت لبعضها البعض بصلة، مما يؤكد انهم كانوا يخمّنون معاني هذه الكلمات الغريبة التي لم يكونوا قد سمعوا بها من قبل .


                          كل المفسرون تقريبا متفقون أن ( سجيل ) هو الطين المحروق الشديد الصلابة ( الآجر ) وهذا يعني أنهم يعرفون الكلمة جيدا وليس كما يقول الدكتور كامل ( يخمنون ) .

                          الدكتور كامل يقول أن الكلمة ( آرامية Sygl ) وهذا غير صحيح ( لا أعرف من أين يجيء بهذا الكلام ؟! ) .

                          أبو عبيد القاسم بن سلام يقول أن كلمة ( سجيل ) كانت مستعملة عند الفرس :-
                          ( حجارة من سجيل ) يعني من طين وافقت لغة الفرس ) .

                          الدكتور فريستغ ( Kees Verstegh ) أستاذ اللغة العربية يقول في كتابه ( تطور العربية الكلاسيكية ) أن كلمة ( سجيل ) تشبه الكلمة الفارسية ( sang+ geel ) ومعناها ( الحجر الطيني ) .
                          رابط رقم (1) .

                          ولكن عندما نقول بتشابه بعض كلمات القرآن مع كلمات في اللغات الأخرى لا يعني ذلك أن القرآن غير عربي فلغات الأرض تشترك مع بعضها في كلمات كثيرة .

                          القرآن يقول ( لسان عربي ) أي هذه الكلمات كانت مستعملة وشائعة على لسان العرب وسواء كان أصل كلمة ( سجيل ) عربي أم فارسي فالمهم أنها لسان عربي .
                          الكلمة عربية وهذا يكفي .


                          على العموم سيكون لي تعليق أخير على لغة القرآن في نهاية الأمر .

                          ============================



                          يقول د . كامل :-

                          وكلمة " الفرقان" وردت في القرآن مرات عديدة بمعاني مختلفة. فمثلاً في سورة البقرة، ألآية 53: " وأتينا موسى الكتاب والفرقان". وفي نفس السورة، ألآية 185: " شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان". وفي سورة آل عمران، ألآية 4: " من قبل هدى للناس وانزل الفرقان". وسورة ألانفال، ألآية 29: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم". وفي سورة ألانفال، ألآية 41: " أعلموا إنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان". وفي سورة ألانبياء، ألآية 48: " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً وذكراً للمتقين". وفي سورة الفرقان، ألآية 1: " تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً".
                          وأتفق أغلب المفسرين ان الفرقان هو ما يفرق بين الحق والباطل ولكن ابن عباس قال: فرقاناً يعني مخرجاً وزاد مجاهد " في الدنيا والاخرة". وفي رواية اخرى قال ابن عباس ان فرقاناً تعني نصراً. وقالوا انها تعني يوم بدر لان الله فرق فيه بين الحق والباطل. وقال قتادة انها تعني التوراة، حلالها وحرامها. ويقول الرازي قد يكون التوراة او جزء منها او حتى معجزات موسى مثل عصاه. وقد تعني إنشطار البحر لموسى، واستقر رأيه علي انها التوراة. وقالوا الفرقان تعني القرآن. فالله قد انزل الفرقان على موسى وكذلك انزله على محمد، مما يجعلنا نقول أن الفرقان ربما تعني " كتاب" ولكن كيف نوفق بين هذا المعنى وألآية 29 من سورة ألانفال: " ياأيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً". فالمراد هنا أن يجعل لكم مخرجاً. ولكن ألآية 41 من سورة ألانفال تقول: " وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان". فالمعنى هنا لا يتفق مع أي من المعاني السابقة. فماذا تعني كلمة الفرقان إذاً؟



                          هنا د . كامل يورط نفسه فيما لا يعلم .

                          لا يوجد إختلاف بين أحد حتى بين المستشرقين أنفسهم في أن الجذر ( ف - ر - ق ) هو جذر عربي خالص .

                          ومعنى ( فرقان ) هو ما يفرق به بين الحق والباطل أيا كان هذا الشيء .

                          مدلول اللفظ كما نعرف يختلف بإختلاف السياق ولكن المعنى المعجمي ثابت كما قلنا و (هو ما يفرق به بين الحق والباطل ) في حالتنا هذه .

                          لذلك لفظ ( الفرقان ) يختلف مدلوله بإختلاف السياق أما معناه المعجمي فثابت .

                          نأتي إلى الآية التي يراها د . كامل النجار مشكلة :-

                          (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) :-

                          تجد مفسرا قديما مثل ابن كثير لا يرى شيئا غريبا في الآية ويورد الرأي الأرجح بعد أن نقل عدد من الآراء المأثورة كعادته ثم يقول :-

                          (فإن من اتقى اللّه بفعل أوامره وترك زواجره، وفّق لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره ونجاته ومخرجه من أمور الدنيا وسعادته يوم القيامة وتكفير ذنوبه ) .

                          ابن كثير هنا فسر القرآن بالقرآن فتوصل لمدلول كلمة ( فرقانا ) من خلال آية شبيهة وهي :-

                          (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) [الحديد : 28]

                          كما ترون فمدلول كلمة ( فرقان ) في صورة الأنفال مازال مرتبطا بالجذر العربي ( فرق ) أي ما يفرق به بين الحق والباطل وهناك حديث شريف أيضا يقول نفس الشيء :-

                          ( وما زال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ........ ) .

                          هذا هو مدلول كلمة ( الفرقان ) في سورة الأنفال وهو أن من يتقي الله يعطيه قوة تفرق له بين الحق والباطل ليستمر في نهجه وتقواه .


                          تعالوا الآن لنعرف كيف تورط د . كامل النجار :-

                          في محاولة لبعض المستشرقين مثل آرثر جفري لإثبات أن القرآن أصله مسيحي سرياني تجده يحاول أن يربط بين كلمة ( فرقان ) وكلمة ( بركانا ) السيريانية .

                          الكلمة السريانية معناها ( الخلاص ) حسب المفهوم المسيحي للكلمة ( الخلاص من الخطيئة الأصلية ) .

                          ولكن واجهته مشكلة وهي أن السياق لكلمة ( فرقان ) الواردة في القرآن أكثر من مرة لا يتماشى مع الكلمة السريانية بإستثناء آية واحدة وهي آية سورة الانفال التي شرحناها منذ قليل والتي من الممكن تحويرها لتتماشي مع معنى ( الخلاص في المسيحية ) .

                          لذلك عمد إلى نفخ بعض الصوف في العيون ليوهمنا أن كلمة ( الفرقان ) الواردة في القرآن أكثر من مرة غامضة المعنى وأصلها ليس الجذر العربي ( فرق ) وعلى المسلمين أن يبحثوا لها عن معنى جديد .

                          ابن وراق لأنه ينقل كالببغاء قال نفس الشيء ووراءه د . كامل النجار خطوة بخطوة .



                          ============================



                          يقول د . كامل النجار :-

                          وهناك كلمة أخرى لم تكن معروفة للعرب قيل نزول القرآن، ألا وهي " كلالة". ففي سورة النساء، ألآية 4: " وإن كان رجلٌ يورث كلالةً ام إمرأة". وسئل ابو بكر الصديق عن كلمة كلالة فقال: أقول فيها برائي فإن يكن صواباً فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه، الكلالة من لا ولد له ولا والد. وقال القرطبي في تفسيره: الكلالة مشتقة من الاكليل وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه والمراد هنا من يرثه من حواشيه لا أصوله ولا فروعه. وهذا بلا شك تخمين وليس هناك أي دليل أن كلمة كلالة مشتقة من إكليل. وقد أورد الطبري 27 معنى للكلالة مما يدل على انهم لا يعرفون معناها .

                          مرة أخرى نقول للدكتور كامل أن حذر الصحابة في الإدلاء برأيهم في القرآن هو دليل ورع وتقوى وليس جهلا بالمعنى المعجمي للكلمة .
                          وهذا هو معنى قول أبو بكر رضي الله عنه برغم أنه ذكر المعنى الصحيح للكلمة .
                          أما وجود أكثر من مدلول للكلمة حسب السياق وثقافة المفسر وبيئته فهذا شيء طبيعي يعرفه من له أدنى معرفة بعلوم اللغويات .
                          بالله عليكم هل عندما يورد الطبري 27 مدلول للكلمة ( وليس معنى ) فهو دليل لجهله بالكلمة أم إستعراض لثقافته الواسعة والتوظيفات المتعددة للكلمة؟؟! .




                          ============================



                          يقول د . كامل :-

                          ويقدر مونتجمري واط أن هناك حوالي سبعين كلمة غير عربية أُستعملت في القرآن، حوالي نصف هذه الكلمات مقتبسة من الكلمات التي كانت مستعملة في الديانة المسيحية، وخاصة اللغة السريانية والاثيوبية، وحوالي خمسة وعشرون كلمة من اللغة العبرية والارامية وكلمات بسيطة من الفارسية .


                          لقت لغة القرآن اهتماما مبالغا من الغربيين مع بداية القرن العشرين .
                          - ( ألفونس منجانا ) كان يحاول أن يثبت الأصل المسيحي للقرآن بالقول أن الرسول استخدم كلمات سريانية وآرامية كثيرة في القرآن وخلطها بالعربية وأخرج لأتباعه ما يسمى بالقرآن . ثم ذهب أبعد من ذلك بالقول أنه وقت الرسول كانت السريانية أوالآرامية هي اللغة السائدة في مكة والمدينة وليست العربية .

                          - مارجليوث في دراسته ( أصول الشعر العربي )
                          إفترض أن كل الشعر الجاهلي الذي وصلنا اليوم تم تزويره في العصر الأموي ولا يجب أن نقارن بينه وبين لغة القرآن لأنه أصلا تم تأليفه ليحاكي لغة القرآن , ونفس الشيء قاله د . طه حسين في كتابه ( في الشعر الجاهلى ) .

                          - ( آرثر جفري ) الذي ألف كتابا عن الالفاظ الغريبة في القرآن قال أن هناك 75 لفظا في القرآن لا يوجد دليل مكتوب على استعمال هذه الالفاظ بين العرب في الفترة قبل الاسلام وان كان لا ينفي احتمال تدوال هذه الكلمات بين العرب بشكل شفهي وقال أن هذه الالفاظ من المحتمل ان يكون العرب استعاروها من اللغات السيريانية والارامية والاثيوبية ( وهو ليس قول مونتجمري وات كما يقول د . كامل النجار ) بل يرجعه وات لجيفري بدون أن يعلق عليه .

                          كتاب وات - بيل تجده في رابط رقم (2) .



                          هناك من رفض طبعا هذا الكلام مثل ( رابين ) الذي قال أن اللفظ القرآني هو لفظ عربي صافي وهو يقصد بالعربية الصحراء العربية وليس مكة أو قريش . أي ان القرآن هو مزيج من لهجات القبائل العربية عامة وإن كان يطغى عليه لغة قريش .

                          قول ( منجانا ) تم إحياؤه من جديد عن طريق كريستوف لوزنبرج ( نشرت له مجلات النيويورك تايمز والجارديان والنيوزويك ترجمة لأجزاء من كتابه القراءة السيريوآرامية للقرآن ) الذي أصر على أن مكة لم تكن تتكلم العربية بل السيريانية وذهب يفسر القرآن بطريقته الخاصة بعد تجريد الكلمات من حروف العلة و التنقيط والبحث في المعاجم السيريانية .

                          ترجمة لجزء من مقال لوزنبرج على رابط رقم (3) .

                          قبل أن نبدأ النقاش حول ما يقوله لوزنبرج ومنجانا أحب أن نتوقف عند بعض النقاط :-

                          - رغم أنه ليس محسوما أي اللغات ظهر قبل الآخر وما مدى التأثير بين اللغات وبعضها البعض إلا أنك تجد هؤلاء المستشرقين يتحدثون بكل ثقة ويذهبوا يطبخون ويقلبون لذلك ترى أعمالهم في النهاية تخرج في صورة أقرب لأعمال الهواة كما حدث مع السيد ( لوزنبرج ) .

                          - أوائل المسلمين كانوا يعرفون أن هناك كلمات في القرآن كانت مستعملة في اللغات الأخرى أيضا ولكن من أخذ من الآخر؟ يبدو كسؤال ساذج لأن اللغات تتطور وتتداخل كلماتها . فحتى لو كانت بعض الكلمات ظهرت في الآرامية مثلا قبل العربية فهذا لا يعني أنها ليست عربية ولا ينفي أنها كانت متداولة على لسان العرب قبل القرآن فلا يوجد قانون كان يمنع العرب قبل الإسلام من إستخدامها إلا بتصريح من الأخوة الآراميين !

                          - قول مرجليوث والدكتور طه حسين تم رفضه منذ مدة طويلة وكل الدراسات الجديدة على العربية الكلاسيكية ( نسميها الفصحى ) تعتمد على مصدرين هما الشعر الجاهلي والقرآن :-
                          رابط رقم (4) .


                          كذلك تجد السيد ( أ . ج . أربري ) قد فند هذه الآراء منذ فترة طويلة .

                          هنا تقرأ كتابه ( القصائد السبع :- الفصل الأول من الأدب العربي ) .
                          رابط رقم (5) & (6) .


                          - هناك فارق بين كلمة ( لسان عربي ) كما يقول القرآن وكلمة ( لغة عربية ) كما يقول اللغويون فكلمة ( لسان عربي ) أي الكلام المتداول على لسان العرب أيا كان أصله وجذوره ، أما كلمة ( لغة ) فهي تجرنا إلى متاهات منشأ اللغات وجذور الكلمات وكلها أمور وضعية غير محسومة .

                          - كون المفسرين كانوا يختلفون حول بعض الكلمات فليس معناه عدم معرفتهم بالمعنى المعجمي للفظ ولكن الإختلاف حول (مدلول اللفظ ) فاللفظة القرآنية تخضع إلى ثلاث حالات :-

                          مفهومها في ذاتها . -
                          مفهومها حين تتداول عليها حركات الإعراب .
                          - مفهومها حين تأخذ مكاناً خاصاً في الكلام وضمن السياق .

                          فلابد أن نعرف أنك حين تقوم بالتأليف فالمعني موجود والبحث يكون عن اللفظ ( المعنى يسبق اللفظ ) أما أثناء القراءة والتفسير فالعكس يحدث ( اللفظ يسبق المعنى ) لذلك كان الجميع يجتهد للبحث عن المدلول .

                          - النقطة الاخيرة قبل أن نبدأ نقاشنا حول ما يقوله لوزنبرج هي أن تمسكنا بالأصل العربي للقرآن ليس عنصرية فلا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ولكن لأن هذه هي الحقيقة.. أما الإلتواءات والتلفيقات الإستشراقية لإثبات الأصل السيرياني للقرآن فهي أساليب غير نظيفة تخفي ورائها أهدافا خبيثة .

                          نبدأ من هنا :-

                          - السبب الرئيسي في اصرار البعض على الأصل السرياني للقرآن يتلخص في ما يقوله ألفونس منجانا في كتابه ( التأثير السرياني على لغة القرآن ) حيث يقول :-

                          ( كان على مؤلف القرآن أن يواجه صعوبات شتى , فكيف يكيف كلمات وعبارات جديدة لأفكار ناشئة وبلغة لم تكن قد ترسخت أو خضعت للقومسة . فإما أن ينحت كلمات جديدة كثيرة أو يلجأ للحل الأسهل وهو اقتباس كلمات يفهمها الجميع من لغة كنسية ودينية كان أتبعاها منتشرين في كل مكان ما بين الكنائس والأديرة ) .

                          ثم يواصل بعد قليل :-

                          .( وهذه اللغة كانت السريانية بدون أدنى شك )

                          كما تلاحظون فإن منجانا كان يظن أن السريانية كانت منتشرة في منطقة مكة وما يجاورها .

                          لوزنبرج يسير على نفس خطى منجانا فهو أيضا يفترض أن مكة كان تتحدث الآرامية السريانية .
                          لوزنبرج يقول :-
                          ( في وقت نزول القرآن لم يكن هناك وجود للأبجدية العربية المكتوبة مما يؤكد لنا أن الآرامية فيما بين القرنين الرابع والسابع الميلادي لم تكن فقط لغة التواصل المكتوبة الوحيدة بل اللغة الصريحة الوحيدة لهذه المنطقة في غرب آسيا ) .

                          كما قلنا من قبل أن مسألة وجود كلمات مشتركة بين العربية ولغات أخرى في القرآن هو أمر ليس غريبا فالله هو خالق اللغات جميعا ومن الطبيعي أن يحدث تأثير للغة على أخرى فاللغتان العربية والسريانية قريبتان من بعضهما جدا وفي الغالب كانوا لغة واحدة .

                          ولكن المشكلة أن لوزنبرج لا يقول ان القرآن فيه بعض كلمات مشتركة ولكن يقول أن القرآن كله عبارة عن خليط من كلمات ( هجين ) خليط من عربية و سريانية .

                          لذلك تجده يجرد المفردة القرآنية من حروف العلة والتنقيط ويحاول نطقها بشكل مختلف بإعادة وضع حروف علة أو تنقيط في مواضع أخرى حتى يصل إلى نطق يشبه كلمة سريانية مقابلة .
                          ثم يبحث عن معنى المفردة السيريانية الجديدة التي أخترعها في المعاجم السريانية فيخرج بمعنى جديد تماما للمفردة القرآنية ثم يرجع بظهره للوراء ويبتسم ابتسامة العباقرة .


                          دراسة لوزنبرج رغم طرافتها إلا أنها مبنية على إفتراض مسبق في ذهنه وهو طالما أن المفسرين مختلفون حول كلمة في القرآن فلابد أن يكون لهذه الكلمة جذر سرياني .

                          وكما قلت من قبل فالمفردة القرآنية ليست قاصرة على معناها المعجمي لذلك فمعظم الإختلاف يكون حول مدلول الكلمة وليس المعنى المعجمي .

                          الرجل يتعامل مع القرآن وكأنه يحل شفرة غير مفهومة ليخرج في النهاية بقرآن جديد .

                          لوزنبرج يفعل ذلك حتي مع الكلمات العربية الشهيرة جدا بشكل أقرب إلى الهوس !

                          ما يجعلنا نقول أن قراءة لوزنبرج للقرآن هي قراءة خيالية هو الآتي :-

                          أولا :- وقت الإسلام لم يكن للسريانية أي وجود في مكة أو منطقة الحجاز بصفة عامة بل كانت منحصرة في منطقة إديسا ( Edessa ) جنوب تركيا . وبخصوص التنقيب عن النقوش السريانية فلا يوجد لها أثر بدءا من جنوب دمشق باستثناء بعض الكتابات الخاصة بالحجاج .
                          البروفيسور / جون هيلي بقسم الدراسات الشرق أوسطية بجامعة مانشستر له مجموعة من المقالات والكتب تؤكد ذلك :-
                          (The Old Syriac In******ions of Edessa and Osrhoene 1999 by Prof. John Healey )

                          ثانيا :-هناك مخطوطات مكتوبة بالأبجدية العربية قبل ظهور الإسلام أشهرهم الآتي :-

                          1- مخطوطة راكش :- تقدر بعام 267 ميلاديا .
                          2- مخطوطة جبل الرام :- تقدر منذ القرن الرابع الميلادي .
                          3- مخطوطة أم الجمال :- و الكتابة فيها قريبة جدا من الخط العربي التقليدي .
                          ومخطوطات أخرى غيرهم .



                          ثالثا :-

                          أول قاموس سرياني مرتب أبجديا كتبه ( حنين ابن اسحق )عام 873 ميلاديا ولم يكن دقيقا تماما .

                          تبعه (عيشو بن علي ) تلميذ ( حنين ) بقاموس آخر سرياني عربي .

                          أما أشهر قاموس سرياني كتبه ( بار بهلول ) في القرن العاشر الميلادي وهو قاموس عربي سرياني أشبه بموسوعة كاملة .

                          السؤال الآن :-

                          علام يعتمد السيد ( لوزنبرج ) في بحثه لإثبات أسبقية اللغة السريانية كلغة للقرآن على اللغة العربية ؟

                          المفاجأة أنه يعتمد على معاجم ( بيان سميث ) و ( بروكلمان ) الذين بدورهم يعتمدان على معجم (عيشو بن علي ) ومعجم ( بار بهلول ) .

                          وعندما نعرف أن المعجمين الاخيرين تم كتابتهم بعد الإسلام ب 250 عاما وقد سبقهم الخليل بن أحمد في تاليف أول معجم عربي ب 100 عام فوقتها نشعر بالدهشة مما يفعله الرجل !!

                          أليس ما يفعله السيد ( لوزنبرج ) بأن يفك شفرة القرآن من معاجم كتبت بعد القرآن ب250 عام يمثل نوع من العبث بعقول البسطاء ؟!

                          بالنسبة لقواعد السريانية الكتابية فهناك مخطوطات تشير أن أول عمل منظم بشأنها كان بواسطة ( يعقوب الاديسا ) وطبعا وصلنا منه أجزاء صغيرة ولكن القواعد الأصلية للسيريانية المكتوبة لا نعرف عنها الكثير .


                          يقول الدكتور فريستيغ :-

                          (لسوء الحظ لا نعلم الكثير عن أصول الكتابة والنحو في السيريانية الأولى .
                          معظم ما وصلنا عنها لاحقا كان بعد أن تأثرت بقواعد اللغة العربية الأمر الذي يجعلنا نقول أن معظم قواعد اللغة والكتابات السيريانية والعبرية التي بين أيدينا الآن مقتبسة من اللغة العربية ! )


                          ( prof. dr. Kees Versteegh )
                          Arabic grammar and Qur'anic exegesis in early Islam (Leiden, 1993)

                          و يقول أبي الفرج الملقب ب ( ابن العبري ) : - أن السريانية تفرعت إلى فروع كثيرة جدا بسبب تفرق التاس بين بلاد متباعدة مما خلق بونا شاسعا بين لهجة و أخرى .

                          لذلك فمن حقنا أن نسأل :- هل ما يقوم به البعض من دراسات على القرآن هو لأهداف علمية محايدة أم تحت قاعدة ( لماذا لا أعبث مع العابثين ) ؟!




                          ============================





                          يقول د . كامل :-


                          فمثلاُ في سورة طه، ألآية 15 " إن الساعة آتيةٌ أكاد أخفيها"، وهي أصلاً مخفية ولا يعلم أحد متى تأتى، فالقرآن هنا لا بد انه قصد " أظهرها" بدل أخفيها. وقد قال القرطبي في تفسير هذه ألآية:( آيةٌ مشكلة. فروى سعيد بن جبير " أكاد أخفيها" بفتح الهمزة، قال: أظهرها. وقال الفراء: معناها أظهرها، من خفيت الشئ أخفيه إذا أظهرته. وقال بعض النحوين يجوز أن يكون " أخفيها" بضم الهمزة معناها أظهرها.) ويتضح هنا أن النحويين أنفسهم وجدوا مشقة في تفسير هذه ألآية، فكيف بعامة الناس؟

                          كما قلت من قبل أن الإختلاف حول كلمة أو عبارة في القرآن هو اختلاف في المدلول أما المعنى فقد وصلهم جميعا إجمالا .

                          أنت عندما تكتب أو تؤلف تفسيرا فإنك تبحث عن لفظ مناسب ينقل المدلول أو المعنى الذي فهمته من الآيات ومن هنا كانت تأتي معاناة المفسرين .

                          أما لو كنت مجرد قاريء فقد وصلك المعنى وشعرت به إجمالا ولست في حاجة لنقله لأحد .

                          كما نعرف جميعا فالفكرة أوسع من الكلمة وأكثر ثراءا والبراعة هي أن تأتي بكلمة تحمل كل الفكرة أو المعنى وهذا ما يفعله القرآن ولا يجب أن ننتظر من المفسرين أو غيرهم أن يفعلوا الشيء ذاته فهذا ليس في مقدورهم .
                          لو نظرنا لتعبير ( أكاد أخفيها ) :-

                          لا أجد أفضل من القرآن نفسه ليعبر عن المراد منه في سورة المعارج :-
                          - ( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً - وَنَرَاهُ قَرِيباً ) .

                          وأظن أن هذا يكفي للتوضيح .



                          ============================




                          يقول د . كامل :-

                          وفي بعض الاحيان يعكس القرآن الاشياء المألوفة للناس، فمثلاً في سورة البينة، ألايتين أثنين وثلاثة نجد: "رسول من الله يتلوا صحفاً مطهرة، فيها كُتبٌ قيمة". والمعروف لدى كل الناس أن الكتب تحتوي على الصحف، وليس العكس كما جاء في القرآن. ولكن دعنا نقرأ ما كتب القرطبي في تفسيره لهذه ألآية: ( الكتب هنا بمعنى الاحكام، فقد قال الله عز وجل " كَتَبَ الله لأغلبن . بمعنى حكم. وقال " والله لأقضين بينكما بكتاب الله" ثم قضى بالرجم، وليس الرجم مسطوراً في الكتاب. فالمعنى لأقضين بينكما بحكم الله. وقيل الكُتب القيمة هي القرآن، وجعله كُتباً لانه يشتمل على أنواع من البيان.)
                          فهل اقتنع القارئ بهذا التفسير؟ أنا لم أقتنع. فالقرطبي كغيره من المفسرين راح يدور في حلقة مفرغة في محاولة منه للخروج من هذه المعضلة التي جعلت الصحف تحتوي على الكتب، وليس العكس.

                          يقع د . كامل في أخطاء كثيرة لأنه ينقل عن ناس كتبوا ما كتبوا عن القرآن للمشاكسة والتشويش وليس من أجل الحق .
                          د . كامل يرى أن ( الصحف ) تكون في ( الكتب ) وليس العكس .
                          رغم أن أي مسلم يعرف أن القرآن لم يسمى ( مصحفا ) إلا بعد أن طبع على ورق وأصبح مجلدا .
                          وقبل ذلك و طوال فترة نزوله كان يسمى ( كتاب ) أي كلام يتلى :-


                          ( ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ) .

                          المعنى المتداول حاليا لكلمة ( كتاب ) بمعنى مجموعة من الأوراق أو مجلد هو معنى مستحدث وغير صحيح كالكثير من الكلمات الأخرى التي تستخدم في غير مكانها .

                          بالمناسبة لفظ ( قرأ ) أيضا ليس معناه قراءة كلمات مكتوبة على ورق ولكن معناه تلاوة أو ترتيل كلمات سواء بترديدها وراء شخص أو ترديدها من الذاكرة .




                          ============================




                          يقول د . كامل :-



                          وقد لاحظ هذا جماعة من المعتزلة في صدر الاسلام، منهم ابراهيم النظام الذي قال ان ترتيب القرآن ولغته ليس فيهما اى اعجاز. وقد دافع عن هذا الرأي الكاتب والقاضي الاندلسي ابو محمد علي بن احمد بن حازم في كتابه " الملل والنحل" وكذلك ابو الحسين عبد الرحمن بن محمد الخياط من المعتزلة .
                          الموضوع ليس كما يقول د . كامل فهو يخلط الأمور كثيرا !

                          في تفسير العرب لمعنى الإعجاز في القرآن فسر جماعة من المعتزلة ومنهم النظام معنى الإعجاز ب ( الصرفة ) ومعناها أن الله أعجز البشر وصرفهم عن معارضة القرآن وسلبهم القدرة على الإتيان بمثله .

                          قول النظام هذا ليس صحيح وعارضه الجميع ومنهم باقي أئمة المعتزلة مثل الإمام (عبد الجبار) .

                          عبد الجبار في كتابه ( المغني ) يضع تعريفا آخر للصرفة وهو أن محاولة البشر الإتيان بمثيل للقرآن لم تنجح ( إنصرفت ) لإستحالة تقليد القرآن .

                          ولكن لابد أن نقول أن النظام بقوله هذا يعترف بإعجاز القرآن ويعترف أيضا أنه فوق مستوى البشر وليس كما يقول د .كامل النجار .

                          لاحظوا أن النظام كان يفسر ماهية الإعجاز فكيف يقول د . كامل أنه كان ينكر الإعجاز ؟!

                          قد تكون نظرية الصرفة هذه تناسب موقف المعتزلة من قضية خلق القرآن ولكن سواء كان هناك اعجاز أو تعجيز فالأمر سيان .

                          فهناك شيء خارق للعادة فوق مستوى البشر وهو المهم .



                          شيء أخير أقوله في النهاية بخصوص بلاغة القرآن :-

                          شاع بين الناس أن ( توماس كارليل ) صاحب كتاب ( الأبطال وعبادة البطولة ) وصف القرآن بأوصاف غير لائقة مثل (كتاب ممل مضطرب فج ركيك غباء لا يحتمل ) .
                          ولكن الحقيقة أن السيد كارليل كان لا يصف القرآن بل كان يصف ترجمة ( جورج سال ) للقرآن وليس القرآن نفسه . الكتاب موجود على مشروع جوتنبرج رابط رقم (7) .

                          Thomas Carlyle, Heroes and Hero Worship

                          أقتبس لكم عبارته التي أساء البعض استخدامها :-

                          We also can read the Koran; our Translation of it, by Sale, is known to be a very fair one. I must say, it is as toilsome reading as I ever undertook. A wearisome confused jumble, crude, incondite; endless iterations, long-windedness, entanglement; most crude, incondite;–insupportable stupidity, in short !

                          الكثيرين أساءوا إستخدام هذه الفقرة عن كارليل لإسكات المسلمين عند استشهادهم بكتابه قي مكانة النبي محمد كأعظم شخصية في التاريخ .
                          وهذا تسبب طبعا في تشويه سمعة الرجل بدون ذنب .
                          لذلك أحببت أن أوضح ذلك لأن الرجل في باقي كتابه يشيد كثيرا بالقرآن .


                          ========================================


                          الروابط : ــ


                          (1)http://arabworld.nitle.org/****s.php...=17&sequence=3



                          (2) http://www.truthnet.org/Islam/Watt/



                          (3) http://www.metransparent.com/****s/l..._the_koran.htm



                          (4) http://arabworld.nitle.org/****s.php...=17&sequence=1



                          (5)http://www.worldcatlibraries.org/wcp...0460aab31.html



                          (6) http://umcc.ais.org/~maftab/ip/pdf/bktxt/odes.pdf



                          (7)http://www.gutenberg.org/e****/1091
                          [frame="10 98"]
                          ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                          ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                          وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                          [/frame]

                          تعليق

                          • الأندلسى
                            مشرف شرف المنتدى

                            • 21 يون, 2006
                            • 965
                            • مسلم

                            #28
                            سيتكلم د . كامل بعد ذلك عن الأخطاء النحوية في القرآن .

                            موضوع الأخطاء النحوية المزعومة لا يستحق الرد في الحقيقة .

                            فالدكتور كامل يعرف أن قواعد علم النحو وضعت بعد القرآن .

                            والدكتور كامل يعرف أيضا أن العرب الذي تحداهم القرآن كانوا بارعين ومهرة ولم يكونوا ليتركوا شيئا كهذا يمر بدون حملة تشنيع .
                            فمن يقول بوجود اخطاء نحوية في القرآن كمن يقول بوجود أخطاء قانونية في مادة القانون .


                            الأخوة المسلمون كتبوا ردودا كثيرة .

                            لن أقول جديدا في هذا الأمر لذلك لن أعلق عليه (1).


                            =-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=
                            (1) بالفعل كما قال الأخ نيقولا فهذا الموضوع قد قُتِلَ بحثاً إن جاز التعبير .... وللاستزادة حول هذا الموضوع يرجى مراجعة الروابط التالية .

                            القرآن والنحو .. وحقائق غائبة

                            (1) بالفعل كما قال الأخ نيقولا فهذا الموضوع قد قُتِلَ بحثاً إن جاز التعبير .... وللاستزادة حول هذا الموضوع يرجى مراجعة الروابط التالية .

                            القرآن والنحو .. وحقائق غائبة
                            http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=4510

                            الرد على الأخطاء اللغوية المزعومة حول القرآن الكريم

                            http://www.ebnmaryam.com/Lang-mistakes.htm
                            [frame="10 98"]
                            ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                            ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                            وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                            [/frame]

                            تعليق

                            • الأندلسى
                              مشرف شرف المنتدى

                              • 21 يون, 2006
                              • 965
                              • مسلم

                              #29
                              السحر في القرآن



                              سأمر سريعا على موضوع السحر والقصص في القرآن .

                              يقول د . كامل :-


                              في سورة الناس نجد:
                              1- " قل اعوذ برب الناس"
                              2- "ملك الناس"
                              3- "إله الناس"
                              4- "من شر الوسواس الخناس"
                              5- " الذي يوسوس في صدور الناس"
                              6- "من الجنة والناس "
                              وهاهو الرسول مرة اخرى يستعيذ من شر الوسواس الخناس، سواء أكان من الجن او الانس. وهذا كذلك اعتراف بالسحر ومقدرة الجن والانس ان يلقوا الضرر بالمسلم عن طريق الوسوسة في صدره. وهذا منتهى الايمان بالغيبيات ومنها السحر.

                              وهاهو القرآن في سورة البقرة الآية 102 يحدثنا عن جن سليمان والسحر وهاروت وماروت: " يعلّمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ...... وما هم بضارين به من احد الا بأذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم". فهاهم السحرة، مرة اخرى، يضرون الناس باذن الله. فاذا كان السحرة بمقدورهم ضرر الناس بتعاويذهم، فعلى الناس حماية انفسهم من هذا الضرر بتعاويذ مضادة لتعاويذ الساحر وبتعليق التمائم والرقي على اعناقهم .




                              د . كامل يعترف في البداية أن الإسلام يحرم السحر ولكن لأنه يعيش حالة من الإزدواجية بين ما يعرفه عن الإسلام وبين ما يقرأه ويود نقله فيعود ويقول :-

                              (وهاهو الرسول مرة اخرى يستعيذ من شر الوسواس الخناس، سواء أكان من الجن او الانس. وهذا كذلك اعتراف بالسحر ومقدرة الجن والانس ان يلقوا الضرر بالمسلم ) :-

                              ونحن نقول له أن الإستعاذة بالله هي دعاء إسلامي ليس مرتبطا بموضوع السحر فقط .

                              فالمسلم يستعيذ بالله من الجهل :-

                              ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِين ) .

                              والمسلم يستعيذ بالله من السفسطة والجدال بلا معنى :-

                              ( َ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

                              ويستعيذ بالله مما ليس له به علم :-

                              ( قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ) .

                              الإستعاذة هي دعاء يا دكتور وليست تميمة أو شعوذة .



                              =====================================




                              يقول د . كامل :-

                              لغة القرآن نفسها فيها شئ من السحر والطلاسم، فبعض السور تبتدئ بحروف ليس لها اي معنى معروف، فهي كالرموز التي تُستعمل في الشفرة. فهناك خمسة سور تبتدئ ب " الف، لام، ر" وسورة واحدة، سورة الرعد، تبتدئ ب " الف، لام، ميم، ر" وسورة مريم تبتدئ ب " كاف، هاء، ياء، عين، صاد"، وسورتين بدايتهما " طاء، سين، ميم" وسورة النمل، بينهما، تبتدئ ب " طاء، سين"، وستة سور تبتدئ ب " حاء، ميم"، وسورة الشورى تبتدي ب " حاء، ميم، عين، سين، قاف". وسورة الاعراف تبتدئ ب " الف، لام، ميم، صاد" وهناك سور تبتدئ بحرف واحد مثل سورة قاف و سورة ص، وبعض السور تبتدئ بحرفين مثل طه ويس. وباختصار هناك تسع وعشرون سورة تبتدئ بالغاز لا يفهم معناها احد.
                              وقد ذهب بعض المستشرقين ( هيرشفيلد) الى القول بانها الحروف الاولى من اسماء اشخاص ساعدوا زيد بن ثابت في كتابة القرآن، وذهب آخرون الى انها محاولة للايعاز للعرب الذين كانوا وما زالوا يؤمنون بالسحر وبالكهان الذين كانوا يستعملون الالغاز في طلاسمهم، بأن القرآن ليس من عند محمد بدليل ان فيه الغاز لا يفهمها حتى محمد نفسه. وعلى كل حال، هذه الالغاز لا تخدم غرضاً منطقياً اذ ان القرآن نزل ليوصل للناس رسالة معينة، ونزل بلسانهم، فما الفائدة من انزال رموز لا يفهمها الناس المخاطبون بها ؟
                              الحروف المقطعة في بداية السور وإن كانت لا تشكل كلمات مفهومة إلا أنها تثير بعض المعاني في النفس بوقعها الصوتي فقط .

                              وهل الموسيقى تعتبر كلمات مفهومة ؟!

                              فبنفس منطقه بإمكاني أن أقول أن الموسيقى تعتبر سحر وطلاسم وشعوذات . أليس كذلك ؟

                              الوقع الصوتي للحروف المقطعة في بداية السور وإن كنا لا نعرف لها معنى من ناحية المنطق إلا أننا نعرف لها معنى من ناحية الشعور والعاطفة .

                              المعاني ليست مرتبطة بالفكر فقط فلها أيضا إمتداد للعاطفة .

                              بخصوص قول ( هيرشفيلد ) أن هذه المقاطع هي الحروف الأولى من أسماء أشخاص ساعدوا ( زيد بن ثابت ) في جمع القرآن , فهذا يحتاج دليلا بالتأكيد .
                              وطالما الرجل لم يبذل أي مجهود لإثبات ما يقول , فلماذا نشغل أنفسنا بتفنيد إدعاءات بدون دليل ؟!
                              ولكن سأذكَره بشيء بسيط هو :- لماذا لم يظهر هؤلاء الأشخاص ليدَعوا ذلك ؟!
                              هل كانوا من النوع الخجول ؟!


                              =====================================



                              يقول د . كامل :-

                              والسؤال الذي يطرأ على الذهن هو: لماذا احتاج الله ان يقسم لعبيده، وكلنا عبيد الله. وهل يحتاج السيد لان يقسم لعبيده ليصدقوه؟ وفي رأيي ان القرآن، مرة اخرى، يحاول ان يجاري الجاهليين في عاداتهم، ومنها القسم المتكرر. فالجاهليون كانوا مولعين بالقسم في كلامهم، فكانوا دائماُ يقولون: تالله لافعلن هذا، ووالله لاضربن عنقك، وهكذا.
                              وكل اشكال القسم في القرآن ادخلت المفسرين في مأزق عندما حاولوا تفسيرها، فأغلبها يبتدئ ب "لا": " لا اقسم بيوم القيامة" و " لا اقسم بالشفق" و" ولا أقسم بالخنس". فالمفسرون قالوا ان " لا" زائدة، واراد الله ان يقول: " اقسم بيوم القيامة". وهذا خطأ لان الله ما كان ليحتاج ان يدخل "لا" زائدة في كل مرة يقسم فيها. لو حصلت مرةً واحدة لفهمناها، أما ان تحدث في كل مرة يقسم فيها فأمرٌ غير مستساغ. ولو تنبه المفسرون الى ان في الفترة التي جُمع فيها القرآن، لم تكن هناك علامات ترقيم في اللغة العربية، وان الآية كانت : " لأقسم" واللام هنا للتاكيد، مثل ان نقول " لأفعلن كذا"، ولكن لانها كُتبت بغير الهمزة على الالف، قُرئت " لا" فصارت لا اقسم بدل لأقسم.


                              قبل الإسلام كان هناك نوعين من القسم في الخطاب العربي :-

                              - قسم الشعراء ( مثل :- لعمري – ورمحي – وفرسي ) :- وهذا النوع من القسم الذي كان منتشرا في الشعر العربي كان يهدف لتأكيد خطاب الشاعر .

                              - القسم الآخر كان ( قسم الكهان ) :- الكاهن كان يقسم بأشياء غامضة لا علاقة لها بالخطاب . وهو بذلك كان يلعب على الإيحاء النفسي للمستمع وإحاطة نفسه بجو من الغموض .

                              كل المستشرقين تقريبا الذين تعاملوا مع القسم في القرآن صنفوه ضمن النوع الثاني ( قسم الكهان ) .

                              المستشرقين بهذا كانوا يتجاهلون آيات واضحة في القرآن تعارض قولهم وهي :-
                              فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ( الطور 29 ) .

                              وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ( الحاقة 42 ) .

                              ما الذي يدعو الكاهن أن ينكر كونه كاهن ؟!

                              الكهانة لم تكن عيبا عند العرب .

                              أيضا الكاهن كان لا يدعو لعبادة الله الواحد الاحد .

                              هذا الاتهام تم توجيهه لكل الانبياء من قبل كما يقول القرآن وكأنهم يتوارثونه أو تأمرهم به أحلامهم فهو على ما يبدوا حيلة عقلية يلجأ إليها المكذب :-

                              ( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ - أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ) .


                              أجمل ما كتب عن القسم في القرآن هو كتاب الشيخ ( عبد الحميد الفراهي ) رحمه الله ( إمعان في اقسام القرآن ) .

                              الرجل تعامل مع موضوع القسم من منظور لغوي تاريخي ثم وصل إلى مدلول القسم في القرآن .
                              تلخيص ما قاله هو :-
                              القسم في المجتمعات كان دائما أداة لتأكيد العهود والمواثيق .

                              هذا النوع من التصديق على المعاهدات أخذ أشكال كثيرة منها المصافحة بالأيدي أو ذبح حيوان ونشر دمائه ( كما فعل موسى في سفر الخروج الإصحاح 24 كعلامة على عهد الرب مع بني إسرائيل ) .

                              هذه الأفعال كانت تتم أمام شهود وهذا هو صلب الموضوع كله .

                              لو نظرنا لأسلوب القسم في القرآن نجده يتكون من عنصرين :-
                              - المقسم به .
                              - المقسم عليه ( جواب القسم ) .
                              بين المقسم به وجواب القسم علاقة من نوع ما .
                              هذا العلاقة هي علاقة حجة أو دليل أو برهان أو شاهد .
                              بمعنى أن المقسم به يمثل برهانا أو شاهدا على المقسم عليه .

                              مثال :- ( والعصر – إن الإنسان لفي خسر – إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) :-
                              المقسم به هو :- العصر .
                              المقسم عليه أو جواب القسم هو : - إن الإنسان لفي خسر .
                              لو نظرنا سنرى أن أن كل القصص المذكورة عن العصور الماضية ( العصر ) تمثل شاهدا أو دليلا على أن الإنسان خاسر إلا الذين آمنوا .
                              أو بمعنى آخر أن مرور العمر هو الشاهد والدليل على أن الإنسان خاسر إلا الذين آمنوا .

                              مثال آخر :- ( والذاريات ذروا ) :-

                              جواب القسم هنا ( إنما توعدون لصادق ) .

                              فالرياح الشديدة والأعاصير هي الشاهد والدليل على أن الإنسان ( أي إنسان ) ليس في مأمن من الموت .

                              وعلى هذا فالقسم في القرآن هو أحد أدوات المنطق القرآنى وإن كنا لا ننكر دوره البلاغي .

                              ولكن بدون شك هناك قصور شديد في الدراسات المقدمة حول القسم في القرآن فمعظمها يغفل دوره كأحد أدوات المنطق في القرآن ويقتصر على الناحية البلاغية فقط .
                              نتمنى ألا يستمر ذلك إن شاء الله (1).


                              =-=-=-=-=-=-=-==-=-=-=-=-=-=-=

                              (1) بالنسبة لقول كامل النجار : ــ
                              وكل اشكال القسم في القرآن ادخلت المفسرين في مأزق عندما حاولوا تفسيرها، فأغلبها يبتدئ ب "لا": " لا اقسم بيوم القيامة" و " لا اقسم بالشفق" و" ولا أقسم بالخنس". فالمفسرون قالوا ان " لا" زائدة، واراد الله ان يقول: " اقسم بيوم القيامة". وهذا خطأ لان الله ما كان ليحتاج ان يدخل "لا" زائدة في كل مرة يقسم فيها. لو حصلت مرةً واحدة لفهمناها، أما ان تحدث في كل مرة يقسم فيها فأمرٌ غير مستساغ. ولو تنبه المفسرون الى ان في الفترة التي جُمع فيها القرآن، لم تكن هناك علامات ترقيم في اللغة العربية، وان الآية كانت : " لأقسم" واللام هنا للتاكيد، مثل ان نقول " لأفعلن كذا"، ولكن لانها كُتبت بغير الهمزة على الالف، قُرئت " لا" فصارت لا اقسم بدل لأقسم
                              ــ الأستاذ كامل النجار يعلم جيداً ... أن لا (زائدة) وهى تستعمل للتوكيد .... وكثير من شعراء العرب قد استعملوها فى أشعارهم ... مثل قول الشاعر : ــ

                              تذكرت ليلى فاعترتني صبابة *** وكاد صميم القلب لا يتصدع

                              والمعنى أى يتصدع ...


                              لا وأبيك ابنة العامري *** لا يدعي القوم أني أفر

                              ــ بالنسبة لما يقوله الأستاذ من أن أصل (لا أقسم) أصلها لأقسم ... وأنه نظراً لغياب علامات الترقيم فى ذلك الوقت فقد تطور النص من (لأقسم) إلى (لا أقسم) !!!!

                              أقول للأستاذ أبوجهل النجار :ــ
                              1 ــ وهل تم ذلك فى جميع آيات القرآن التى تبتدىء بنفس الصيغة للقسم مثل: ــ
                              فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ــ فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ــ فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ ــ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ــ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ــ َلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ــ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ )

                              هل حدث الخطأ فى كل هذه الآيات وعدلت من (لأقسم) إلى (لا أقسم) دون أن يلحظ ذلك أحد من حفظة القرآن من الصحابة والتابعين فى كل البلاد على مدار التاريخ ؟؟؟!!!

                              2 ــ نقطة أخرى تدل على الجهل الشديد لـ (كامل النجار) ... أنه لو كانت أصل عبارة(لا أقسم) هى (لأقسم) .. لوردت مقترنة بنون التوكيد وجوباً .. فتكون لأقسمنّ .. وليس لأقسم .. حيث أن الفعل وقع فى جواب القسم وقد جاء ( مثبتا مستقبلا متصلا بلام القسم) فكان اقتران نون التوكيد به واجباً . أما عدم اقتران الفعل (أقسم) بنون التوكيد فهذا دليل على عدم اقترانه بلام القسم أصلا (والتى افترض وجودها الأستاذ النجار) !!

                              3 ــ بعد أن وصل الهوس بهذا الدكتور (ولا أعلم أى دكتوراة تلك التى حصل عليها) بأن يضرب بكل علوم وقواعد اللغة عرض الحائط من أجل أن يأتينا بهذا الاكتشاف العجيب .. وأنه ( لا يوجد ما يسمى ب(لا الزائدة) فى القرآن وأن أصلها كان لام للقسم جاءت بعدها !!!!

                              ــ وفقاً لهذه النتيجة هل يستطيع الدكتور الجهبذ أن يقول لنا عن سبب وجود لا (الزائدة) فى هذه الآية الكريمة:

                              {قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }

                              ــ ترى كيف سيفسر وجود (لا الزائدة) هنا ... وماذا كان أصل العبارة قبل أن تتطور ؟؟؟؟!!!

                              ــ شىء يدعو للشفقة حقيقةً على حال الدكتور وأمثاله!!
                              [frame="10 98"]
                              ـ لقد كنا العلمـاء والمعلِّمين .. يوم كانوا يعيشون في ظلام العصور الوسطى ويدفعون ثمن إلغاء (الكنيسة) لدور العقل .. بينما كنا على الضدّ .. فقد كان (المسجد) في حضارتنا .. جامعاً وجامعةً معاً ..

                              ـ وما زال الطريق مفتوحاً أمامنا للعودة إلى قيادة الحضـارة .. وما زلنا نملك المؤهلات ..

                              وإننـا بإذن الله ـ لعـــائدون ...
                              [/frame]

                              تعليق

                              • محب عيسى بن مريم
                                4- عضو فعال

                                حارس من حراس العقيدة
                                • 14 سبت, 2006
                                • 623
                                • ---
                                • مسلم

                                #30
                                لا أدري إن كان الأخ نيقولا هو نبيل الكرخي والذي له مساجلات مع كامل النجار

                                على كل حال نبيل هذا باحث شيعي يعمل في مجال الرد على العلمانيين والنصارى وله موقع يمكن الوصول إليه عبر البحث في جووجل

                                تعليق

                                مواضيع ذات صلة

                                تقليص

                                المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                                ابتدأ بواسطة Islam soldier, 6 يون, 2022, 01:23 م
                                ردود 0
                                217 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة Islam soldier
                                بواسطة Islam soldier
                                ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:22 ص
                                ردود 0
                                46 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة Islam soldier
                                بواسطة Islam soldier
                                ابتدأ بواسطة Islam soldier, 29 ماي, 2022, 11:20 ص
                                ردود 0
                                64 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة Islam soldier
                                بواسطة Islam soldier
                                ابتدأ بواسطة عادل خراط, 6 أكت, 2021, 07:41 م
                                ردود 0
                                103 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة عادل خراط
                                بواسطة عادل خراط
                                ابتدأ بواسطة Ibrahim Balkhair, 4 سبت, 2020, 05:14 م
                                ردود 3
                                118 مشاهدات
                                0 ردود الفعل
                                آخر مشاركة Ibrahim Balkhair
                                بواسطة Ibrahim Balkhair
                                يعمل...