بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول عز من قائل { قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}
و الظاهر من قوله تعالى أن النمل يخاطب بعضه ، و لكن ليس بالضرورة أن يكون خطابا كخطاب البشر
و الظاهر في قوله تعالى {لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} أن النملة وجهت إنذارا للنمل من خطر محتمل و غير محقق باقتراب سليمان و جنوده منهم
{فَتَبَسَّمَ ضَـٰحِكاً من قولها} الظاهر من قوله تعالى أن سليمان عليه السلام عرف خطاب النملة و مقصدها ، و لكن كيفية ذلك لا علم لنا به ، فيحتمل أن يكون سمعها أو رآها أو غير ذلك أو كان وحيا من الله
و يُروى أن هذه النملة كان لها جناحان ، فتكون بذلك هذه النملة قد بلغت مبلغ الطير
قال الشعبي: كان للنملة جناحان فصارت من الطير، فلذلك علم منطقها ولولا ذلك لما علمه.
{ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ }
و الظاهر من قوله تعالى أن سليمان عليه السلام كان يعرف منطق الطير خاصة .
فقد جاء في تفسير القرطبي :
و جاء في تفسير الطبري
و جاء في تفسير ابن كثير :
و جاء في تفسير البيضاوي :
و في إشارة إلى جنس النملة
فقد جاء في تفسير الجلالين:
و جاء في تفسير فتح القدير
أقول هذا و أستغفر الله
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول عز من قائل { قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}
و الظاهر من قوله تعالى أن النمل يخاطب بعضه ، و لكن ليس بالضرورة أن يكون خطابا كخطاب البشر
و الظاهر في قوله تعالى {لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} أن النملة وجهت إنذارا للنمل من خطر محتمل و غير محقق باقتراب سليمان و جنوده منهم
{فَتَبَسَّمَ ضَـٰحِكاً من قولها} الظاهر من قوله تعالى أن سليمان عليه السلام عرف خطاب النملة و مقصدها ، و لكن كيفية ذلك لا علم لنا به ، فيحتمل أن يكون سمعها أو رآها أو غير ذلك أو كان وحيا من الله
و يُروى أن هذه النملة كان لها جناحان ، فتكون بذلك هذه النملة قد بلغت مبلغ الطير
قال الشعبي: كان للنملة جناحان فصارت من الطير، فلذلك علم منطقها ولولا ذلك لما علمه.
{ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ }
و الظاهر من قوله تعالى أن سليمان عليه السلام كان يعرف منطق الطير خاصة .
فقد جاء في تفسير القرطبي :
تفسير الجامع لاحكام القرآن/ القرطبي (ت 671 هـ) مصنف و مدقق
قوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِي ٱلنَّمْلِ } قال قتادة: ذكر لنا أنه واد بأرض الشام. وقال كعب: هو بالطائف. { قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ } قال الشعبي: كان للنملة جناحان فصارت من الطير، فلذلك علم منطقها ولولا ذلك لما علمه. وقد مضى هذا ويأتي. وقرأ سليمان التيمي بمكة: «نَمُلَةٌ» و«النَّمُلُ» بفتح النون وضم الميم. وعنه أيضاً ضمهما جميعاً. وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها. قال كعب: مرّ سليمان عليه السلام بوادي السَّدير من أودية الطائف، فأتى على وادي النمل، فقامت نملة تمشي وهي عرجاء تتكاوس مثل الذئب في العظم؛ فنادت: { يَأَيُّهَا النَّمْلُ } الآية. الزمخشري: سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال، وكانت تمشي وهي عرجاء تتكاوس؛ وقيل: كان اسمها طاخية. وقال السهيلي: ذكروا اسم النملة المكلِّمة لسليمان عليه السلام، وقالوا اسمها حرميا، ولا أدري كيف يتصوّر للنملة اسم عَلم والنمل لا يسمي بعضهم بعضاً، ولا الآدميون يمكنهم تسمية واحدة منهم باسم عَلَم، لأنه لا يتميز للآدميين بعضهم من بعض، ولا هم أيضاً واقعون تحت ملكة بني آدم كالخيل والكلاب ونحوها، فإن العلمية فيما كان كذلك موجودة عند العرب. فإن قلت: إن العلمية موجودة في الأجناس كثُعَالة وأسَامة وجَعَار وقَثَامِ في الضّبع ونحو هذا كثير؛ فليس اسم النملة من هذا؛ لأنهم زعموا أنه اسم عَلَم لنملة واحدة معينة من بين سائر النمل، وثعالة ونحوه لا يختص بواحد من الجنس، بل كل واحد رأيته من ذلك الجنس فهو ثُعالة، وكذلك أُسامة وابن آوى وابن عرس وما أشبه ذلك. فإن صح ما قالوه فله وجه، وهو أن تكون هذه النملة الناطقة قد سميت بهذا الاسم في التوراة أو في الزبور أو في بعض الصحف سماها الله تعالى بهذا الاسم، وعرفها به الأنبياء قبل سليمان أو بعضهم. وخصت بالتسمية لنطقها وإيمانها فهذا وجه. ومعنى قولنا بإيمانها أنها قالت للنمل: { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } فقولها: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } التفاتة مؤمن. أي من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده لا يحطمون نملة فما فوقها إلا بألاّ يشعروا. وقد قيل: إن تبسم سليمان سرور بهذه الكلمة منها؛ ولذلك أكد التبسم بقوله: { ضَاحِكاً } إذ قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضا، ألا تراهم يقولون تبسم تبسم الغضبان وتبسم تبسّم المستهزئين. وتبسم الضحك إنما هو عن سرور، ولا يُسرّ نبيّ بأمر دنيا؛ وإنما سُرّ بما كان من أمر الآخرة والدّين. وقولها: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } إشارة إلى الدِّين والعدل والرأفة. ونظير قول النملة في جند سليمان: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } قول الله تعالى في جند محمد صلى الله عليه وسلم:
قوله تعالى: { حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِي ٱلنَّمْلِ } قال قتادة: ذكر لنا أنه واد بأرض الشام. وقال كعب: هو بالطائف. { قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ } قال الشعبي: كان للنملة جناحان فصارت من الطير، فلذلك علم منطقها ولولا ذلك لما علمه. وقد مضى هذا ويأتي. وقرأ سليمان التيمي بمكة: «نَمُلَةٌ» و«النَّمُلُ» بفتح النون وضم الميم. وعنه أيضاً ضمهما جميعاً. وسميت النملة نملة لتنملها وهو كثرة حركتها وقلة قرارها. قال كعب: مرّ سليمان عليه السلام بوادي السَّدير من أودية الطائف، فأتى على وادي النمل، فقامت نملة تمشي وهي عرجاء تتكاوس مثل الذئب في العظم؛ فنادت: { يَأَيُّهَا النَّمْلُ } الآية. الزمخشري: سمع سليمان كلامها من ثلاثة أميال، وكانت تمشي وهي عرجاء تتكاوس؛ وقيل: كان اسمها طاخية. وقال السهيلي: ذكروا اسم النملة المكلِّمة لسليمان عليه السلام، وقالوا اسمها حرميا، ولا أدري كيف يتصوّر للنملة اسم عَلم والنمل لا يسمي بعضهم بعضاً، ولا الآدميون يمكنهم تسمية واحدة منهم باسم عَلَم، لأنه لا يتميز للآدميين بعضهم من بعض، ولا هم أيضاً واقعون تحت ملكة بني آدم كالخيل والكلاب ونحوها، فإن العلمية فيما كان كذلك موجودة عند العرب. فإن قلت: إن العلمية موجودة في الأجناس كثُعَالة وأسَامة وجَعَار وقَثَامِ في الضّبع ونحو هذا كثير؛ فليس اسم النملة من هذا؛ لأنهم زعموا أنه اسم عَلَم لنملة واحدة معينة من بين سائر النمل، وثعالة ونحوه لا يختص بواحد من الجنس، بل كل واحد رأيته من ذلك الجنس فهو ثُعالة، وكذلك أُسامة وابن آوى وابن عرس وما أشبه ذلك. فإن صح ما قالوه فله وجه، وهو أن تكون هذه النملة الناطقة قد سميت بهذا الاسم في التوراة أو في الزبور أو في بعض الصحف سماها الله تعالى بهذا الاسم، وعرفها به الأنبياء قبل سليمان أو بعضهم. وخصت بالتسمية لنطقها وإيمانها فهذا وجه. ومعنى قولنا بإيمانها أنها قالت للنمل: { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } فقولها: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } التفاتة مؤمن. أي من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده لا يحطمون نملة فما فوقها إلا بألاّ يشعروا. وقد قيل: إن تبسم سليمان سرور بهذه الكلمة منها؛ ولذلك أكد التبسم بقوله: { ضَاحِكاً } إذ قد يكون التبسم من غير ضحك ولا رضا، ألا تراهم يقولون تبسم تبسم الغضبان وتبسم تبسّم المستهزئين. وتبسم الضحك إنما هو عن سرور، ولا يُسرّ نبيّ بأمر دنيا؛ وإنما سُرّ بما كان من أمر الآخرة والدّين. وقولها: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } إشارة إلى الدِّين والعدل والرأفة. ونظير قول النملة في جند سليمان: { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } قول الله تعالى في جند محمد صلى الله عليه وسلم:
تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق
يعنـي تعالـى ذكره بقوله: { حتـى إذَا أتَوْا عَلـى وَادِي النَّـمْلِ } حتـى إذا أتـى سلـيـمان وجنوده علـى وادي النـمل { قالَتْ نَـمْلَةٌ يا أيُّها النَّـمْلُ ادْخُـلُوا مَساكِنَكُمْ لا يحْطِمَنَّكُمْ سلَـيْـمانُ وَجُنُودُهُ } يقول: لا يكسرنكم ويقتلنكم سلـيـمان وجنوده { وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ } يقول: وهم لا يعلـمون أنهم يحطمونكم.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ويحيى، قالا ثنا سفـيان، عن الأعمش، عن رجل يقال له الـحكم، عن عوف، فـي قوله: { قالَتْ نَـمْلَةٌ يا أيها النَّـمْلُ } قال: كان نـمل سلـيـمان بن داود مثل الذبـاب.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن ويحيى، قالا ثنا سفـيان، عن الأعمش، عن رجل يقال له الـحكم، عن عوف، فـي قوله: { قالَتْ نَـمْلَةٌ يا أيها النَّـمْلُ } قال: كان نـمل سلـيـمان بن داود مثل الذبـاب.
تفسير تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
{ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ } أي: أخبر سليمان بنعم الله عليه فيما وهبه له من الملك التام، والتمكين العظيم، حتى إنه سخر له الإنس والجن والطير، وكان يعرف لغة الطير والحيوان أيضاً، وهذا شيء لم يعطه أحد من البشر فيما علمناه مما أخبر الله به ورسوله، ومن زعم من الجهلة والرعاع أن الحيوانات كانت تنطق كنطق بني آدمقبل سليمان بن داود، كما قد يتفوه به كثير من الناس، فهو قول بلا علم، ولو كان الأمر كذلك، لم يكن لتخصيص سليمان بذلك فائدة، إذ كلهم يسمع كلام الطيور والبهائم، ويعرف ما تقول، وليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا، بل لم تزل البهائم والطيور وسائر المخلوقات من وقت خلقت إلى زماننا هذا على هذا الشكل والمنوال. ولكن الله سبحانه كان قد أفهم سليمان ما يتخاطب به الطيور في الهواء، وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها، ولهذا قال تعالى: { ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىْءٍ } أي مما يحتاج إليه الملك، { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } أي: الظاهر البين لله علينا.
.............
{ حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِي ٱلنَّمْلِ } أي: حتى إذا مر سليمان عليه السلام بمن معه من الجيوش والجنود على وادي النمل، { قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أورد ابن عساكر من طريق إسحاق بن بشر عن سعيد عن قتادة عن الحسن: أن اسم هذه النملة حرس، وأنها من قبيلة يقال لهم: بنو الشيصان، وأنها كانت عرجاء، وكانت بقدر الذئب، أي: خافت على النمل أن تحطمها الخيول بحوافرها، فأمرتهم بالدخول إلى مساكنهم،ففهم ذلك سليمان عليه السلام منها { فَتَبَسَّمَ ضَـٰحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ } أي: ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها عليّ من تعليمي منطق الطير والحيوان. وعلى والدي بالإسلام لك، والإيمان بك، { وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ } أي: عملاً تحبه وترضاه، { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } أي: إذا توفيتني، فألحقني بالصالحين من عبادك، والرفيق الأعلى من أوليائك، ومن قال من المفسرين: إن هذا الوادي كان بأرض الشام أو بغيره، وإن هذه النملة كانت ذات جناحين كالذباب، أو غير ذلك من الأقاويل، فلا حاصل لها.
وعن نوف البكالي أنه قال: كان نمل سليمان أمثال الذئاب، هكذا رأيته مضبوطاً بالياء المثناة من تحت، وإنما هو بالباء الموحدة، وذلك تصحيف، والله أعلم. والغرض أن سليمان عليه السلام فهم قولها، وتبسم ضاحكاً من ذلك، وهذا أمرعظيم جداً. وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد ابن بشار، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا مسعر عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي قال: خرج سليمان بن داود عليهما السلام يستسقي، فإذا هو بنملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ولا غنى بنا عن سقياك، وإلا تسقنا، تهلكنا. فقال سليمان: ارجعوا، فقد سقيتم بدعوة غيركم. وقد ثبت في الصحيح عند مسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قرصت نبياً من الأنبياء نملة، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح؟ فهلا نملة واحدة؟ ".
{ وَقَالَ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ } أي: أخبر سليمان بنعم الله عليه فيما وهبه له من الملك التام، والتمكين العظيم، حتى إنه سخر له الإنس والجن والطير، وكان يعرف لغة الطير والحيوان أيضاً، وهذا شيء لم يعطه أحد من البشر فيما علمناه مما أخبر الله به ورسوله، ومن زعم من الجهلة والرعاع أن الحيوانات كانت تنطق كنطق بني آدمقبل سليمان بن داود، كما قد يتفوه به كثير من الناس، فهو قول بلا علم، ولو كان الأمر كذلك، لم يكن لتخصيص سليمان بذلك فائدة، إذ كلهم يسمع كلام الطيور والبهائم، ويعرف ما تقول، وليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا، بل لم تزل البهائم والطيور وسائر المخلوقات من وقت خلقت إلى زماننا هذا على هذا الشكل والمنوال. ولكن الله سبحانه كان قد أفهم سليمان ما يتخاطب به الطيور في الهواء، وما تنطق به الحيوانات على اختلاف أصنافها، ولهذا قال تعالى: { ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَىْءٍ } أي مما يحتاج إليه الملك، { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ } أي: الظاهر البين لله علينا.
.............
{ حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِي ٱلنَّمْلِ } أي: حتى إذا مر سليمان عليه السلام بمن معه من الجيوش والجنود على وادي النمل، { قَالَتْ نَمْلَةٌ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } أورد ابن عساكر من طريق إسحاق بن بشر عن سعيد عن قتادة عن الحسن: أن اسم هذه النملة حرس، وأنها من قبيلة يقال لهم: بنو الشيصان، وأنها كانت عرجاء، وكانت بقدر الذئب، أي: خافت على النمل أن تحطمها الخيول بحوافرها، فأمرتهم بالدخول إلى مساكنهم،ففهم ذلك سليمان عليه السلام منها { فَتَبَسَّمَ ضَـٰحِكاً مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ } أي: ألهمني أن أشكر نعمتك التي مننت بها عليّ من تعليمي منطق الطير والحيوان. وعلى والدي بالإسلام لك، والإيمان بك، { وَأَنْ أَعْمَلَ صَـٰلِحاً تَرْضَـٰهُ } أي: عملاً تحبه وترضاه، { وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ } أي: إذا توفيتني، فألحقني بالصالحين من عبادك، والرفيق الأعلى من أوليائك، ومن قال من المفسرين: إن هذا الوادي كان بأرض الشام أو بغيره، وإن هذه النملة كانت ذات جناحين كالذباب، أو غير ذلك من الأقاويل، فلا حاصل لها.
وعن نوف البكالي أنه قال: كان نمل سليمان أمثال الذئاب، هكذا رأيته مضبوطاً بالياء المثناة من تحت، وإنما هو بالباء الموحدة، وذلك تصحيف، والله أعلم. والغرض أن سليمان عليه السلام فهم قولها، وتبسم ضاحكاً من ذلك، وهذا أمرعظيم جداً. وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد ابن بشار، حدثنا يزيد بن هارون، أنبأنا مسعر عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي قال: خرج سليمان بن داود عليهما السلام يستسقي، فإذا هو بنملة مستلقية على ظهرها، رافعة قوائمها إلى السماء، وهي تقول: اللهم إنا خلق من خلقك، ولا غنى بنا عن سقياك، وإلا تسقنا، تهلكنا. فقال سليمان: ارجعوا، فقد سقيتم بدعوة غيركم. وقد ثبت في الصحيح عند مسلم من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " قرصت نبياً من الأنبياء نملة، فأمر بقرية النمل فأحرقت، فأوحى الله إليه: أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح؟ فهلا نملة واحدة؟ ".
{ حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِي ٱلنَّمْلِ } واد بالشام كثير النمل، وتعدية الفعل إليه بـ { عَلَىٰ } إما لأن إتيانهم كان من عال أو لأن المراد قطعة من قولهم: أتى على الشيء إذا أنفده وبلغ آخره كأنهم أرادوا أن ينزلوا أخريات الوادي. { قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ } كأنها لما رأتهم متوجهين إلى الوادي فرت عنهم مخافة حطمهم فتبعها غيرها فصاحت صيحة نبهت بها ما بحضرتها من النمال فتبعتها، فشبه ذلك بمخاطبة العقلاء ومناصحتهم ولذلك أجروا مجراهم مع أنه لا يمتنع أن خلق الله سبحانه وتعالى فيها العقل والنطق. { لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَـٰنُ وَجُنُودُهُ } نهي لهم عن الحطم، والمراد نهيها عن التوقف بحيث يحطمونها كقولهم: لا أرينك ها هنا، فهو استئناف أو بدل من الأمر لا جواب له فإن النون لا تدخله في السعة. { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بأنهم يحطمونكم إذ لو شعروا لم يفعلوا كأنها شعرت عصمة الأنبياء من الظلم والإِيذاء. وقيل استئناف أي فهم سليمان والقوم لا يشعرون.
{ فَتَبَسَّمَ ضَـٰحِكاً مّن قَوْلِهَا } تعجباً من حذرها وتحذيرها واهتدائها إلى مصالحها، وسروراً بما خصه الله تعالى به من إدراك همسها وفهم غرضها ولذلك سأل توفيق شكره. { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ } أي اجعلني أزع شكر نعمتك عندي، أي أكفه وأرتبطه لا ينفلت عني بحيث لا أنفك عنه،......
{ فَتَبَسَّمَ ضَـٰحِكاً مّن قَوْلِهَا } تعجباً من حذرها وتحذيرها واهتدائها إلى مصالحها، وسروراً بما خصه الله تعالى به من إدراك همسها وفهم غرضها ولذلك سأل توفيق شكره. { وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ } أي اجعلني أزع شكر نعمتك عندي، أي أكفه وأرتبطه لا ينفلت عني بحيث لا أنفك عنه،......
فقد جاء في تفسير الجلالين:
{ حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِي ٱلنَّمْلِ } هو بالطائف أو بالشام، نمله صغار أو كبار { قَالَتْ نَمْلَةٌ } هي ملكة النمل وقد رأت جند سليمان { يَٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَٰكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ } يكسرنكم { سُلَيْمَٰنُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } نزل النمل منزلة العقلاء في الخطاب بخطابهم.
{ ياأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَـٰكِنَكُمْ } جعل خطاب النمل كخطاب العقلاء لفهمها لذلك الخطاب، والمساكن هي الأمكنة التي يسكن النمل فيها. قيل: وهذه النملة التي سمعها سليمان هي أنثى بدليل تأنيث الفعل المسند إليها. وردّ هذا أبو حيان، فقال: لحاق التاء في قالت لا يدلّ على أن النملة مؤنثة، بل يصحّ أن يقال في المذكر: قالت، لأن نملة وإن كانت بالتاء فهي مما لا يتميز فيه المذكر من المؤنث بتذكير الفعل ولا بتأنيثه، بل يتميز بالإخبار عنه بأنه ذكر، أو أنثى، ولا يتعلق بمثل هذا كثير فائدة، ولا بالتعرّض لاسم النملة، ولما ذكر من القصص الموضوعة، والأحاديث المكذوبة. قرأ الحسن وطلحة ومعمر بن سليمان: «نملة» والنمل بضم الميم وفتح النون بزنة رجل وسمرة. وقرأ سليمان التيمي بضمتين فيهما.
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعليق