شخصيـات صامتـة
فى الأناجيـل
فى الأناجيـل
ربى وإلهى : هل يرضيك ما جناه عليك تلاميذك البُـلْه ، كُتّابُ الأناجيل مسوقين من الروح القدس ، جلبوا عليك النقدَ أحياناً، والاستهـزاءَ دائما ، لم تَسلَم من حصـائد الألسنة ، ومقالات السخـرية ، ثمرة ما خطّته أقلامُهم الهزيلة ، وسطروه فى كتاباتهم . أليس الإنجيـلُ كلمتَـك ؟ إذن كل عيب وقصـور ينسب إلى الأناجيـل ، هو طعنةٌ توجـه إليك ، فأنت الكلمـة والحكمـة والعقـل الإلهـى ، موحِـى الكتاب .
اسمع ما يقول الناس ، وإن كنت تعلم خفايا القلوب والأفكار ، ولكننى أذكّر ، والذكرى تنفع المؤمنين .
يقولون : اهتمت الأناجيل الأربعة بالجحـش والأتان اللذين ركبهما يسـوع فى دخوله أورشليـم ، وكتبتْ عنهما بالتفصيل المُمـِلّ ، إذن علينـا أن نتابـع ما هو أهـم من الجحش والأتان ، ونرى كيف عالج إنجيـل يسـوع مثل هذه الأمـور :
· يقولون : يقول متّى عن موت يسوع على الصليب : " ... والقبور تفتحت ، وقام كثـير من أجساد القديسين الراقدين ، وخرجوا من قبورهم بعد قيـامته ، ودخلوا المدينة المقدسة ، وظهـروا لكثـيرين " مت 27/ 52 – 53 .
فماذا قال هؤلاء القائمون من الأموات ؟ هل أنشـدوا : " الرب قام ، بالحقيقة قام " ؟ ؟
هل توجهوا إلى العذراء لتعزيتها فى ابنها البكر ؟ ؟
هل ذهبوا إلى زوجاتهم يقضون منهن وطرا ؟ ويتعرفون على أحوال بنيهم وأموالهم ؟ ؟
هل سبحوا الله وصعدوا إلى السماء ؟ ؟ أم مجدوه وابتلعتهم الأرض ؟ ؟
هل شهدوا بتثـليث الأقـانيم ، الأمر الذى خـاف يسوع أن يعلنـه ؟ ؟
لقد كانوا وقـوفـا فى قبورهم المفتـوحة منذ موته قبل غروب شمس الجمعة إلى فجر الأحد ، ألم يكلموا أحدا ممن شهـدهم على هذه الحال ؟
فى خروجهم من القبور صبيحة الأحد ، كيف لم يلتقـوا بالمجدلية والذاهبات إلى القبر ، وكذلك بطرس ويوحنا ؟ وفى رجوعهم منه .
ولا واحد من جمـوع القائمين أُثِـرَتْ عنه كلمة ؟ صف لنا هؤلاء الخـرس يا متّى .
وهل كان فيهم أجداد الرب : يهوذا وثامار وفارص ، وداود والتى لأوريا ، وسلمون وراحاب ، وبوعز وراعوث ، ونعمى العمونية ؟
متّـى لا يسمعـنى يـا يسـوع ، هل تجيبـنى أنت ، فأنت مـوحى الكتـاب ؟
· ويقولون : وأحيى يسوع لعازر أمام جمع من الناس ، رجالا ونساء ، " فخرج الميت ويداه ورجلاه مربوطات بأقمطة ، ووجهه ملفوف بمنديل ، فقال لهم يسوع : حلوه ودعوه يذهب " يو 11/44 .
فماذا قال لعازر عندما قام من قبره ؟ ؟ بم تكلم عندما فكوا عنه الأربطة والمنديل ؟
بم شهد الرجل لمحيى الموتى ، ولجموع الحاضرين ؟
هل روى لهم مشـاهداتـه فى المطهـر ؟ ؟
هل طلب " جزءا من سمـك مشـوى ، وشيئا من شهـد عسـل " ؟
هل لعن الفريسيـين والصدوقيـين والناموسـيين والقـادة العميـان ؟
ولا كلمـة قالهـا تستحـق أن ينقلهـا الإنجيـلى عنـه !!!!
أين الروح القدس الذى يتكلم فيهم ؟ وأين الرب يسوع ، رب الكتاب ؟
· ويقولون : وأحيى يسوع ابن أرملة نايين " ثم تقدم ولمس النعش ، فوقف الحاملون ، فقال : أيها الشاب لك أقول قم ، فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه إلى أمه " لو 7/ 14 – 15 .
ماذا قال ليسوع ومشيعيه عند قيامه ؟ هل قال " اسمع يا إسرائيل ، الرب إلهنا رب واحد " ؟ أم رتل الوصايا العشر ؟ أم قرأ العصائب ؟ ماذا قال ؟ ؟
حتى اسمـه لم تعرفه يا لـوقـا . واحسـرتاه على تـاريخ النصـارى !!!!!
· ويقولون : أقام يسوع ابنة بايروس " فرجعت روحها وقامت فى الحال . فأمر أن تُعطَى لتأكل " لو 8/55 .
تُرَى بم شهدت الصبية عند قيامها من الموت ؟
ماذا قالت ليسوع ، ولجموع المعزين ، والمزمرين ، والضاربين بالعود ، والنادبات ؟
هل شهدت أن لا إله إلا الله ؟
أم قالت : " قـام فينـا نبـى عظيـم ، وافتقـد الله شعبـه " ؟ .
هل شهـدت أن يسـوع إله حـق ، من إله حـق ، ضابـط الكـل ؟
· ويقولون : أقام الله يسوع من الأموات ( أع 4/10 ) فلقيته مريم المجدلية ومريم الأخرى " وأمسكتا برجليه وسجدتا له " مت 28/9 ، كما لقيته المجدلية منفردة مرة أخرى فقال لها : " لا تلمسينى لأنى لم أصعد بعد إلى أبى " يو 20/17 . إنها المجدلية صاحبة الحظوة ، والمقام الرفيع ، التى تتسابق الأناجيل إلى الثناء الجميل عليها .
فماذا عن مريم بنت يواقيم ، أم يسوع ، هذه الشخصية الفريدة :
لم تذكر الأناجيل عنها شيئا قط بعد أن قام فلذة كبدها من الأموات ، إنها غريبة عنه تماما ، كأنها لم تلقمه ثدييها ، لم ترحب به أو تضمه إلى صدرها ، ولا هو ضمها إلى صدره ولا قبّـل يديها ، إنها لا تستحق أن تؤثَـرعنها كلمة ، لك الله يا مريم . ألا تتذكر كيف كانت الصبية الصغيرة تقطع سرتك وتقمطك وهى وحيدة فى مخاضها ؟ أو كيف ربتك من غزل يديها النحيلتين ؟ أو كيف كانت تتوارى بك من سفالات اليهود ؟ ألم يكن ذكرها أجدى وأجدرَ من رواية : " فناولوه جزءا من سمك مشـوى ، وشيئا من شهد عسل . " لو 24/43 ( إياك أن تظنه سمك مقـلـى ) . إنها أيضا شخصية صامتة .
يا يسوع : أما علمتَ أن " الجنةُ تحت أقدامِ الأمّهات " حديث شريف .
يقول محمـد عن أم أيمن ( الأمَة ، السوداء ، الحبشية ، العجوز ) : " أمّ أيمـنَ أمّـى بعد أمّـى " . ما أبـرّكَ بالإنسـانيـة يا ابن عبـد الله .
* ويقولون : ما بال القيام من الموت خُرْساً لا ينطقون ، لم تُؤْثَرْ عنهم كلمة واحدة ؟
ما بال هذا الصمت المطبق يلفّ القيامَ من الأمواتِ وأقوالَهم ؟ هل أصيبوا بالبـكم ؟
هل قالوا ما يحجـم عنه كتبةُ الأناجيـل ؟
هل قالوا ما قال المسيح فى مهده : " إنى أنـا عبـدُ الله " ؟
هل أصبحت هذه الأمورُ من نفايات النصرانية ، فيما عدا الجحش والأتان ، اللذين أصبحا عقيدة النصرانى ؟
* ويقولون : هكذا الأناجيل - كلمتك يا الله - قَصصُها مبتـورةٌ ، وأحداثُها ناقصةٌ غيرُ كاملةٍ ، وحبكتُها مفقـودةٌ ، والعبـرةُ منها ضائعةٌ ، وتتسم باللاوعى وعـدمِ العقـلانية ، تنزِع إلى الشطط ، لا تُظهِر دائما أهدافَ يسوع ، وتدل بوضوح على سطحيـةِ مؤلفيـها ، وعفْـوِيّةِ مَن تداولـوها . ينقص الجميع التفكـير بشكل واضـح ومنطقـى ومترابـط ، مع اضطراب فى الروايـة بين إنجيلى وآخر ، وانفصـامٍ عن المشـاعر والتفكير والسلـوك ، تثير كثيرا من الشك فى مصداقية ما جاء بها ، والتثبتِ من موثوقيتها ، وبالتالى تنتقص من قدسيتها وقيمتها الدينية .
إن الفـرق بين هذه الأناجيـل وبين غيـرها من الكتب السمـاويـة ، كما بيـن الأرض والسمـاء .
وإذا كانت الشمـسُ طالعـةً ، فلا تسـألْ عن النجـوم الآفلـة .
· ربى يسوع : ما بال الموتى فى قَصص القرآن يتكلمون ، تُؤثَر عنهم الموعظة ، والحفاظ على القيم الفاضلة ، قَصص صافيةٌ منزهةٌ كاملةٌ مبرأةٌ فى سياقها وأهدافها ، فى وضوح وترابط ، بلا عفوية ، يضفى الأسلوبُ القرآنىّ على الحدث قدسيةَ النص ، والمرجعيةَ الإلهية ، تكشف عن الخالق ، وليست كشفا عن رسوله ، فليست سردا لحياة محمـد ، ترتبط ارتباطا تاما بالرؤية الدينية ، أى أنها لم تكن عملا مضـافا أو فكـرة لاحقـة .
" فلماذا الناموس . قد زِيـدَ بسبب التعديات " ( غل3/19 ) ، زيـد أى أنه لـم يكـن فى فكـر الله الأصـلى ، لكن سَمـَحَ به ليريَنا عجـزَ الإنسـان " (1)
* أرأيت ربى وإلـهى ، كيف أن سقـوط ديانتـك النصرانيـة كان من داخلـها وليس من خـارجـها ؟ ؟
ــــــــــــــــــــــ
(1) دراسات فى إنجيل متى – تعريب وهيب ملك صـ 72
تعليق