الفاتيكان والإسلام (1)بقلم : د. محمد عمارة
بقلم : د. محمد عمارة : بتاريخ 29 - 9 - 2007عندما انتخب البابا يوحنا بولص الثاني [ 1921 ـ 2005م] بابا للفاتيكان، وحبراً أعظم للكنيسة الكاثوليكية ـ أكبر كنائس النصرانية (1.1 مليار ) ـ وأطل على رعيته من شرفة كنيسة القديس بطرس ـ في 16-10-1978م ـ أعلن "أن المسيح هو الحل".. وسعى وراء "تنصير الثقافة".. وذلك لمواجهة الواقع المسيحي الغربي الذي همشت فيه العلمانية المسيحية ، حتى لقد جعلت الذين يؤمنون ـ في أوروبا ـ بوجود إله لا يتجاوزن 14% من السكان.. والذين يذهبون إلى القداس لا يتجاوزون 10%، وهم في فرنسا ـ أكبر بلاد الكاثوليكية الأوروبية ـ لا يتجاوزون 5% .. أي أقل من تعداد المسلمين الفرنسيين!!..
وفي مواجهة هذا الواقع ساد في الفاتيكان اتجاه يدعو إلى مقاومة حظر انقراض المسيحية والمسيحيين !.
ـ وعلى مستوى العلاقات الخارجية للفاتيكان نشط البابا وكنيسته على عدة جبهات ، منها:
1ـ الانخراط النشط مع أمريكا والغرب الرأسمالي في الحرب الباردة ضد الشيوعية والمعسكر الاشتراكي .. تلك الحرب التي وصفوها بأنها "معركة من أجل الاستيلاء على عقول البشر".
وفي إطار العمل على هذه "الجبهة" زار البابا وطنه بولندا 1979م .. وحرك نقابة العمال ـ "التضامن" ـ بزعامة "ليخ فاليسا" ضد الشيوعية وحكومتها .. وعمل على إيقاظ القومية السلافية في أوروبا الشرقية .. كما كان تشجيعه لـ "فالكلاف هافل" والمنشقين على الشيوعية في تشيكوسلوفاكيا جزءا من الحرب الباردة الغربية ضد الشيوعية .. ويومها حذر رئيس الاستخبارات السوفييتية (كي . جي . بي) "يوري أندروبوف" الزعماء الشيوعيين البولنديين من أنهم قد ارتكبوا خطأ فادحاً حين سمحوا للبابا بالعودة إلى وطنه زائراً !..
ـ وفي 1991م امتدح البابا رأسمالية السوق الحرة، وأعلن "أنه على مستوى الأمم المنفردة والعلاقات الدولية، تعتبر السوق الحرة أكثر الأدوات فاعلية لاستخدام الموارد، والاستجابة للحاجات بفاعلية".. وأقر "بالدور الشرعي للربح كمؤشر على أن شركة أعمال ما تقوم بعملها جيداً.." .. وحارب "لا هوت التحرير" وقساوسته ـ في أمريكا اللاتينية ـ أولئك الذين أرادوا إعطاء "بعد اجتماعي تقدمي" للمسيحية والإنجيل..
ـ وفي إطار دور الفاتيكان في قيادة "الجبهة الدينية" في الحرب الباردة، كانت قد صدرت قرارات المجمع الفاتيكاني في ستينيات القرن العشرين ، لجذب المسلمين تحت لافتات الحوار الكاثوليكي مع غير المسيحيين.. وتبرئة اليهود المعاصرين من دم المسيح!..
2ـ وعلى جبهة التقرب من اليهود ـ خضوعاً للابتزاز الصهيوني .. واتساقاً مع تحالف الكنيسة الكاثوليكية مع الإمبريالية الأمريكية، والمسيحية البروتستانتية (المسيحية الصهيونية) ـ ولدور اليهود في الحرب الباردة ضد الشيوعية .. بدأ الفاتيكان التوجهات التي سميت "زرع المسيح في إسرائيل" ! .. والحديث عنه باعتباره يهودياً!..
كما أعلن البابا يوحنا بولص الثاني بمناسبة "سنة الفداء" ـ في 20/4/1984م ـ أن القدس هي شعار الوطن اليهودي ! فقال: "منذ عهد داود، الذي جعل أورشليم عاصمة لمملكته، ومن بعده ابنه سليمان الذي أقام الهيكل، ظلت أورشليم موضع الحب العميق في وجدان اليهود، الذين لم ينسوا ذكرها على مر الأيام ، وظلت قلوبهم عالقة بها كل يوم، وهم يرون المدينة شعاراً لوطنهم"!
ـ وكان البابا يوحنا بولص الثاني أول بابا كاثوليكي يزور كنيساً يهودياً ـ كنيس روما القديم ـ 1986م..
ـ وفي 1993م أقام الفاتيكان العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الصهيونية .. وجاء في مقدمة المعاهدة التي عقدت في 31-12-1993م بين الفاتيكان وإسرائيل النص على "العلاقات الفريدة بين الكاثوليكية والشعب اليهودي"! .. بما يتضمنه هذا النص من "إلزام ديني" حتى للكاثوليك العرب بهذه العلاقة الفريدة مع الكيان الصهيوني !!..
ـ وفي مارس 2000م زار البابا إسرائيل .. وقدم اعتذاراً وندماً ـ غير مسبوقين من الحبر الأعظم المعصوم ! ـ لليهود عما ارتكبته الكاثوليكية في حقهم ـ بسبب المعاداة المسيحية للسامية ـ وكتب بذلك الاعتذار والندم "مذكرة" وضعها في شق بالحائط الغربي ـ حائط المبكي ـ بالقدس ، دعا فيها إلى الصفح عن الكنيسة الكاثوليكية للخطايا التي ارتكبتها في حق اليهود! ..
ـ وفي 2004م استقبل البابا كبار حاخامات اليهود في الفاتيكان .. وقال في حضرة كبير الحاخامات لطائفة اليهود الغربيين في إسرائيل "مائير لاو" : "حيثما ذهبت أقول دائما: إن علينا ـ بني البشر ـ أن نهتم ونرعى أجيال المستقبل من إخوتنا الكبار، اليهود" ! ..فوصف اليهود بأنهم "الإخوة الكبار"! ..
3 ـ كذلك قدّم البابا اعتذاراً للبروتستانت، بسبب دور الكنيسة الكاثوليكية في حروب مرحلة ما بعد الإصلاح الديني ـ الحروب الدينية الكاثوليكية ـ البروتستانتية [1562 ـ 1629م].
4ـ وفي 2004م قدّم البابا اعتذاراً للصينيين عن حالات الظلم التي ارتكبتها الكنيسة في الصين .
5 ـ كما قدّم اعتذاراً للعالم كله عن الغطرسة الكنسية ، كما في "مسألة تأديب "جاليليو" [1564 – 1642م] ، واضطهاد الفلاسفة والعلماء بواسطة محاكم التفتيش .
6 ـ وحدهم المسلمون ـ ومعهم الأفارقة والهنود الحمر ـ الذين لم يقدم البابا لهم أي اعتذار .. لا عن الحروب الصليبية التي دامت حملاتها قرنين من الزمان [489 ـ 690هـ/1096 ـ 1291م] ، ولا عن تحالف الكنيسة مع الإمبريالية الغربية في الاستعمار لعالم الإسلام .. ودورها في تنصير المسلمين .. وفي النهب والتدمير لإفريقيا عبر خمسة قرون .. وفي الإبادة لسكان وحضارات أمريكا وأستراليا ونيوزيلاندا .
ـ ولقد زار البابا يوحنا بولس الثاني مصر وسوريا 2000م.. وفى مصر منعه رهبان دير سانت كاترين فى سيناء ـ وهم من الروم الأرثوذكس ـ من دخول الدير للصلاة لأنه بنظرهم غير مسيحي ! فصلى فى الشارع أمام الدير! .. بينما استقبله شيخ الأزهر بالمطار .. وفتح له أبواب مشيخة الأزهر الشريف .
وعندما زار سوريا صحبه الرئيس بشار الأسد إلى داخل المسجد الأموي ، فزار قبر النبي يحيى صلى الله عليه وسلم "يوحنا المعمدان" .. ويومئذ رفض البابا زيارة قبر صلاح الدين الأيوبي [532ـ 589هـ / 1137 ـ 1193 م ] وهو فى حرم المسجد الأموي ، وذلك حتى لا تكون زيارته هذه إشارة اعتذار للمسلمين عن الحروب الصليبية !!
***
وفى عهد بابوية يوحنا بولس الثاني [ 1978 ـ 2005م ] تم تعيين جميع الكرادلة فى الكنيسة الكاثوليكية من جديد .. وتكونت " أرثوذكسية كاثوليكية جديدة" داخل الكنيسة .. وساد تيار الخوف
من الإبداع" .. وكان الكاردينال الألماني "جوزيف راتزينجر" هو المسئول عن قيادة هذا التيار ..
فقد تولى على امتداد ربع قرن ـ من 1981م حتى انتخابه بابا (بنديكتوس السادس عشر ) فى أبريل 2005م ـ منصب "فرض النقاء العقائدي ، الذي هو امتداد لمنصب "المفتش الأكبر" الذي هو امتداد "لمحاكم التفتيش" .. وتولى عمادة كلية الكاردينالات .
وبتوجيه منه "وتحت قيادته" ضيقت "لجنة الكرادلة لحماية مبادئ الدين" حدود الانشقاق المسموح به .. وتم استدعاء من شك فى أنهم يقوضون الدين إلى روما للخضوع للمساءلة .. وأعلن أن عشرة من الكرادلة لم يعودوا صالحين لتعليم الطلاب الكاثوليك ، وأمر آخرون بمراجعة كتبهم !.
ـ وفى 2000م صاغ الكاردينال "راتزينجر" وثيقة "المسيح المهيمن" التي أعلنها البابا يوحنا بولص الثاني .. والتي أعلن فيها على الملأ "أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي الكنيسة الوحيدة الحقيقية ليسوع المسيح .. وأن الخلاص للكاثوليك دون سواهم" ، وهى وثيقة معادية للتعددية الدينية حتى في إطار المسيحية !! .
كما عرف عن الكاردينال "راتزينجر" أنه يؤمن بكنيسة أصولية من الملتزمين وليس "بكنيسة شعبية" تضم غير الملتزمين من ذوي الأصول المسيحية.
نقلاعن
http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39124
المصدر المباشر
http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9716
يتبع
تعليق