الفاتيكان والإسلام / بقلم : د. محمد عمارة

تقليص

عن الكاتب

تقليص

سيف الكلمة مسلم اكتشف المزيد حول سيف الكلمة
X
تقليص
يُشاهد هذا الموضوع الآن: 4 (0 أعضاء و 4 زوار)
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    الفاتيكان والإسلام / بقلم : د. محمد عمارة

    الفاتيكان والإسلام (1)بقلم : د. محمد عمارة
    بقلم : د. محمد عمارة : بتاريخ 29 - 9 - 2007
    عندما انتخب البابا يوحنا بولص الثاني [ 1921 ـ 2005م] بابا للفاتيكان، وحبراً أعظم للكنيسة الكاثوليكية ـ أكبر كنائس النصرانية (1.1 مليار ) ـ وأطل على رعيته من شرفة كنيسة القديس بطرس ـ في 16-10-1978م ـ أعلن "أن المسيح هو الحل".. وسعى وراء "تنصير الثقافة".. وذلك لمواجهة الواقع المسيحي الغربي الذي همشت فيه العلمانية المسيحية ، حتى لقد جعلت الذين يؤمنون ـ في أوروبا ـ بوجود إله لا يتجاوزن 14% من السكان.. والذين يذهبون إلى القداس لا يتجاوزون 10%، وهم في فرنسا ـ أكبر بلاد الكاثوليكية الأوروبية ـ لا يتجاوزون 5% .. أي أقل من تعداد المسلمين الفرنسيين!!..
    وفي مواجهة هذا الواقع ساد في الفاتيكان اتجاه يدعو إلى مقاومة حظر انقراض المسيحية والمسيحيين !.
    ـ وعلى مستوى العلاقات الخارجية للفاتيكان نشط البابا وكنيسته على عدة جبهات ، منها:
    1ـ الانخراط النشط مع أمريكا والغرب الرأسمالي في الحرب الباردة ضد الشيوعية والمعسكر الاشتراكي .. تلك الحرب التي وصفوها بأنها "معركة من أجل الاستيلاء على عقول البشر".
    وفي إطار العمل على هذه "الجبهة" زار البابا وطنه بولندا 1979م .. وحرك نقابة العمال ـ "التضامن" ـ بزعامة "ليخ فاليسا" ضد الشيوعية وحكومتها .. وعمل على إيقاظ القومية السلافية في أوروبا الشرقية .. كما كان تشجيعه لـ "فالكلاف هافل" والمنشقين على الشيوعية في تشيكوسلوفاكيا جزءا من الحرب الباردة الغربية ضد الشيوعية .. ويومها حذر رئيس الاستخبارات السوفييتية (كي . جي . بي) "يوري أندروبوف" الزعماء الشيوعيين البولنديين من أنهم قد ارتكبوا خطأ فادحاً حين سمحوا للبابا بالعودة إلى وطنه زائراً !..
    ـ وفي 1991م امتدح البابا رأسمالية السوق الحرة، وأعلن "أنه على مستوى الأمم المنفردة والعلاقات الدولية، تعتبر السوق الحرة أكثر الأدوات فاعلية لاستخدام الموارد، والاستجابة للحاجات بفاعلية".. وأقر "بالدور الشرعي للربح كمؤشر على أن شركة أعمال ما تقوم بعملها جيداً.." .. وحارب "لا هوت التحرير" وقساوسته ـ في أمريكا اللاتينية ـ أولئك الذين أرادوا إعطاء "بعد اجتماعي تقدمي" للمسيحية والإنجيل..
    ـ وفي إطار دور الفاتيكان في قيادة "الجبهة الدينية" في الحرب الباردة، كانت قد صدرت قرارات المجمع الفاتيكاني في ستينيات القرن العشرين ، لجذب المسلمين تحت لافتات الحوار الكاثوليكي مع غير المسيحيين.. وتبرئة اليهود المعاصرين من دم المسيح!..
    2ـ وعلى جبهة التقرب من اليهود ـ خضوعاً للابتزاز الصهيوني .. واتساقاً مع تحالف الكنيسة الكاثوليكية مع الإمبريالية الأمريكية، والمسيحية البروتستانتية (المسيحية الصهيونية) ـ ولدور اليهود في الحرب الباردة ضد الشيوعية .. بدأ الفاتيكان التوجهات التي سميت "زرع المسيح في إسرائيل" ! .. والحديث عنه باعتباره يهودياً!..
    كما أعلن البابا يوحنا بولص الثاني بمناسبة "سنة الفداء" ـ في 20/4/1984م ـ أن القدس هي شعار الوطن اليهودي ! فقال: "منذ عهد داود، الذي جعل أورشليم عاصمة لمملكته، ومن بعده ابنه سليمان الذي أقام الهيكل، ظلت أورشليم موضع الحب العميق في وجدان اليهود، الذين لم ينسوا ذكرها على مر الأيام ، وظلت قلوبهم عالقة بها كل يوم، وهم يرون المدينة شعاراً لوطنهم"!
    ـ وكان البابا يوحنا بولص الثاني أول بابا كاثوليكي يزور كنيساً يهودياً ـ كنيس روما القديم ـ 1986م..
    ـ وفي 1993م أقام الفاتيكان العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الصهيونية .. وجاء في مقدمة المعاهدة التي عقدت في 31-12-1993م بين الفاتيكان وإسرائيل النص على "العلاقات الفريدة بين الكاثوليكية والشعب اليهودي"! .. بما يتضمنه هذا النص من "إلزام ديني" حتى للكاثوليك العرب بهذه العلاقة الفريدة مع الكيان الصهيوني !!..
    ـ وفي مارس 2000م زار البابا إسرائيل .. وقدم اعتذاراً وندماً ـ غير مسبوقين من الحبر الأعظم المعصوم ! ـ لليهود عما ارتكبته الكاثوليكية في حقهم ـ بسبب المعاداة المسيحية للسامية ـ وكتب بذلك الاعتذار والندم "مذكرة" وضعها في شق بالحائط الغربي ـ حائط المبكي ـ بالقدس ، دعا فيها إلى الصفح عن الكنيسة الكاثوليكية للخطايا التي ارتكبتها في حق اليهود! ..
    ـ وفي 2004م استقبل البابا كبار حاخامات اليهود في الفاتيكان .. وقال في حضرة كبير الحاخامات لطائفة اليهود الغربيين في إسرائيل "مائير لاو" : "حيثما ذهبت أقول دائما: إن علينا ـ بني البشر ـ أن نهتم ونرعى أجيال المستقبل من إخوتنا الكبار، اليهود" ! ..فوصف اليهود بأنهم "الإخوة الكبار"! ..
    3 ـ كذلك قدّم البابا اعتذاراً للبروتستانت، بسبب دور الكنيسة الكاثوليكية في حروب مرحلة ما بعد الإصلاح الديني ـ الحروب الدينية الكاثوليكية ـ البروتستانتية [1562 ـ 1629م].
    4ـ وفي 2004م قدّم البابا اعتذاراً للصينيين عن حالات الظلم التي ارتكبتها الكنيسة في الصين .
    5 ـ كما قدّم اعتذاراً للعالم كله عن الغطرسة الكنسية ، كما في "مسألة تأديب "جاليليو" [1564 – 1642م] ، واضطهاد الفلاسفة والعلماء بواسطة محاكم التفتيش .
    6 ـ وحدهم المسلمون ـ ومعهم الأفارقة والهنود الحمر ـ الذين لم يقدم البابا لهم أي اعتذار .. لا عن الحروب الصليبية التي دامت حملاتها قرنين من الزمان [489 ـ 690هـ/1096 ـ 1291م] ، ولا عن تحالف الكنيسة مع الإمبريالية الغربية في الاستعمار لعالم الإسلام .. ودورها في تنصير المسلمين .. وفي النهب والتدمير لإفريقيا عبر خمسة قرون .. وفي الإبادة لسكان وحضارات أمريكا وأستراليا ونيوزيلاندا .
    ـ ولقد زار البابا يوحنا بولس الثاني مصر وسوريا 2000م.. وفى مصر منعه رهبان دير سانت كاترين فى سيناء ـ وهم من الروم الأرثوذكس ـ من دخول الدير للصلاة لأنه بنظرهم غير مسيحي ! فصلى فى الشارع أمام الدير! .. بينما استقبله شيخ الأزهر بالمطار .. وفتح له أبواب مشيخة الأزهر الشريف .
    وعندما زار سوريا صحبه الرئيس بشار الأسد إلى داخل المسجد الأموي ، فزار قبر النبي يحيى صلى الله عليه وسلم "يوحنا المعمدان" .. ويومئذ رفض البابا زيارة قبر صلاح الدين الأيوبي [532ـ 589هـ / 1137 ـ 1193 م ] وهو فى حرم المسجد الأموي ، وذلك حتى لا تكون زيارته هذه إشارة اعتذار للمسلمين عن الحروب الصليبية !!

    ***
    وفى عهد بابوية يوحنا بولس الثاني [ 1978 ـ 2005م ] تم تعيين جميع الكرادلة فى الكنيسة الكاثوليكية من جديد .. وتكونت " أرثوذكسية كاثوليكية جديدة" داخل الكنيسة .. وساد تيار الخوف
    من الإبداع" .. وكان الكاردينال الألماني "جوزيف راتزينجر" هو المسئول عن قيادة هذا التيار ..
    فقد تولى على امتداد ربع قرن ـ من 1981م حتى انتخابه بابا (بنديكتوس السادس عشر ) فى أبريل 2005م ـ منصب "فرض النقاء العقائدي ، الذي هو امتداد لمنصب "المفتش الأكبر" الذي هو امتداد "لمحاكم التفتيش" .. وتولى عمادة كلية الكاردينالات .
    وبتوجيه منه "وتحت قيادته" ضيقت "لجنة الكرادلة لحماية مبادئ الدين" حدود الانشقاق المسموح به .. وتم استدعاء من شك فى أنهم يقوضون الدين إلى روما للخضوع للمساءلة .. وأعلن أن عشرة من الكرادلة لم يعودوا صالحين لتعليم الطلاب الكاثوليك ، وأمر آخرون بمراجعة كتبهم !.
    ـ وفى 2000م صاغ الكاردينال "راتزينجر" وثيقة "المسيح المهيمن" التي أعلنها البابا يوحنا بولص الثاني .. والتي أعلن فيها على الملأ "أن الكنيسة الرومانية الكاثوليكية هي الكنيسة الوحيدة الحقيقية ليسوع المسيح .. وأن الخلاص للكاثوليك دون سواهم" ، وهى وثيقة معادية للتعددية الدينية حتى في إطار المسيحية !! .
    كما عرف عن الكاردينال "راتزينجر" أنه يؤمن بكنيسة أصولية من الملتزمين وليس "بكنيسة شعبية" تضم غير الملتزمين من ذوي الأصول المسيحية.

    نقلاعن
    http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39124


    المصدر المباشر
    http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9716

    يتبع
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره
  • سيف الكلمة
    إدارة المنتدى

    • 13 يون, 2006
    • 6036
    • مسلم

    #2
    الفاتيكان والإسلام (2) بقلم : د. محمد عمارة
    بموت البابا يوحنا بولص الثاني ـ فى أبريل 2005م ـ فقد معظم كبار الرسميين فى الفاتيكان وظائفهم ، ولم يبق سوى القليلين ، ومنهم :
    1 ـ الياور " الكاردينال أفسبانى إدواردو" ، الذي أعلن نبأ وفاة البابا .. وقام بواجبات المدير الانتقالي.
    2 ـ والكاردينال "جوزيف راتزينجر" ، الذي ألقى العظة وتلا قصة حياة البابا الراحل فى الجنازة.
    وعند انتخابه بابا ـ بنديكتوس السادس عشر ـ كان اختياره لهذا الاسم ذا دلالة على توجهه الفكري .. فبنديكت الرابع عشر [ 1740 – 1758 م] كان هو البابا المعادى للعقلانية وللتنوير !! وبنديكت الخامس [480 ـ 547م ] كان الراهب والبابا الذي وضع أسس الرهبنة الغربية التي ضمنت تجذر المسيحية في الغرب .. والمتبعة حتى الآن .
    ـ وفي 2004م كان البابا بنديكتوس السادس عشر ـ قبل توليه البابوية .. ومن موقع الرجل القوي في الفاتيكان - قد أدلى بتصريح أعرب فيه عن مناهضته انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي ، لأنها دولة مسلمة !! .
    ـ وفى وصف جنازة البابا يوحنا بولص الثاني ـ أبريل 2005 م ـ تحدثت مجلة "نيوزويك" الأمريكية في عدد 19-4-2005م عن أن المطلوب : "بابا يواجه الإسلام ، لأن الإرهاب العالمي ـ [الإسلام] يجعل مشكلات شيوعية الكتلة الشرقية بحداثة التلفزيون الأبيض والأسود! وسيتطلب ظهور الإسلام كقوة ـ فى شكليه الأصولي والمعاصر ـ حبرا أعظم يتمتع بمعرفة لاهوتية وبدبلوماسية رفيعة..
    إن على البابا الجديد أن يتعامل مع التحدي الإسلامي فى قلب أوروبا، حيث يشكل المهاجرون المسلمون ونسلهم الآن قوة اجتماعية ودينية جديدة لم يكن على الكنيسة أن تواجهها من قبل" ! .
    وبهذا الإعلان عبرت "النيوزويك" عن المهام الجديدة للبابا الجديد فى المرحلة الجديدة .. فدور البابا السابق فى الحرب على الشيوعية لا يقارن بالدور المطلوب من البابا الجديد فى الحرب على الإسلام !! ..
    ـ وعقب تولى الكاردينال "جوزيف راتزينجر" للبابوية ـ البابا بنديكتوس السادس عشر ـ :
    1ـ ألغى لجنة "حوار الأديان" وسماها "حوار الثقافات" !!. وذلك تطبيقا لوثيقة "المسيح المهيمن"، الرافضة لوجود ديانات حقيقية غير الكاثوليكية !
    2ـ كما ألغى صدور مجلة "إسلامو كريستيانا"!
    وعند استقباله لممثلين مسلمين فى مدينة "كولونيا" ـ الألمانية ـ قال لهم : "إن على المسلمين نزع ما فى قلوبهم من حقد، ومواجهة كل مظاهر التعصب، وما يمكن أن يصدر عنهم من عنف"!! .
    ـ كما استقبل ـ فى سبتمبر 2005م ـ الصحفية الإيطالية "أوريانا فالاشي"ـ التي اشتهرت بكتاباتها العنيفة والعنصرية والحاقدة ضد الإسلام والمسلمين ! .
    ـ وفى 18 – 4 -2006 م نشرت "لوموند" ـ الفرنسية ـ مقالا للكاتب "هنرى تنك"، تحدث فيه عن "انشغال البابا بتقدم الإسلام" ، جاء فيه على لسان البابا : "إن الإسلام ليس دين توحيد على نمط اليهودية والمسيحية .. لا ينتمي إلى الوحي نفسه الذي تنتمي إليه اليهودية والمسيحية.." .
    ـ كما ألف ـ بالاشتراك مع الكاتب الإيطالي "بيرا" ـ كتابا عنوانه : (بلا جذور .الغرب . النسبية . الإسلام والمسيحية ) ، أعلن فيه عن مخاوفه .. وأهمها ثلاثة مخاوف :
    أولها : تراجع معدلات المواليد فى أوروبا المسيحية .. وأن عدة شعوب ـ خصوصا الألمان والإيطاليين والأسبان ـ ربما لا تعد موجودة قبل نهاية القرن الحالي أو تصبح أقليات داخل دولها .
    وثانيها : إن الذين سيحلون محل هذه الشعوب المسيحية الأوروبية المنقرضة هم المهاجرون المسلمون من إفريقيا والعالم العربي .. الأمر الذي يبعث على القلق من احتمال أن تصبح أوروبا جزءا من دار الإسلام فى القرن الحادي والعشرين.
    وثالثها : تحول مسيحية غالبية الأوروبيين إلى مجرد انتماء لأسر كانت مسيحية فى يوم من الأيام!.
    ـ أما على جبهة علاقة البابا بنديكتوس السادس عشر باليهود ، فقد سار على الطريق الذي سبق للفاتيكان السير فيه : التقرب لليهود .. والاستجابة لابتزازهم .. طريق "زرع المسيح فى إسرائيل" بدلاً من السعي لاعتراف اليهود بالمسيحية والمسيح !! ..
    ويبدو أن الحبر الأعظم للكاثوليكية ـ وله تاريخ فى الجندية بالجيش النازي ـ يدرك احتمالات الابتزاز اليهودي له بسبب هذا التاريخ .. فرأيناه يتحدث عن اليهود باعتبارهم "إخوتنا الأعزاء" ـ كما سبق وتحدث عنهم سلفه باعتبارهم "إخوتنا الكبار" !ـ بل لقد بلغ الأمر الحد الذي جعل هذا البابا ـ بنديكتوس السادس عشر ـ عندما كتب كتابا عن السيدة مريم ـ عليها السلام ـ أن جعل عنوانه: [ ابنة صهيون]!!!.

    ***
    وإذا كان بعض "الواهمين" أو "الجاهلين" أو "المخدوعين" بحوارات الفاتيكان الدينية مع المسلمين، قد صدم بهذا الموقف البابوي من الإسلام ، فإن هذا الموقف الفاتيكانى لم يخرج عن كونه التطبيق لوثيقة "هيمنة المسيح" ، التي تحصر الدين السماوي ـ ومن ثم الخلاص ـ في الكاثوليكية وحدها.
    فالحوار الفاتيكانى مع المسلمين لم يكن سوى جزء من جهود الكنيسة الكاثوليكية لجذب المسلمين فى الحرب الباردة لحساب الغرب "المتدين" ضد الشيوعية "الملحدة" .. ولذلك لم تقم لهذا الحوار مؤسسات أو مشاركات إلا فى البلاد الإسلامية السائرة فى فلك المعسكر الرأسمالي الغربي.
    ولقد ظل الفاتيكان طوال سنوات هذا الحوار ـ وفي كل مؤتمراته ـ على موقفه الديني الثابت الذي لا يعترف بالإسلام دينا سماويا .. ولا برسول الإسلام صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً .. ولا بالقرآن وحيا إلهيا .. وإنما يصنف الإسلام ضمن "الديانات الوضعية" ـ أي الثقافات الدينية ـ مثل البوذية والهندوسية والزرادشتية ـ بل ويُجلس وفود المسلمين فى هذه الحوارات إلى جوار وفود هذه الديانات غير السماوية!!
    وفى المرات التي طلب من ممثلي الفاتيكان الاعتراف بسماوية الإسلام وألوهيته، جاء الرفض الفاتيكانى ـ ومعه مجلس الكنائس العالمي ـ صريحاً وقاطعاً .. كما حدث فى مؤتمر الحوار الإسلامي المسيحي ـ الذي عقد بالقاهرة فى فندق "شيراتون هليوبوليس" فى 29،28 أكتوبر 2001م بدعوة من "المنتدى العالمي للحوار" بجدة ـ ومؤتمر العالم الإسلامي" .. فقد رفض مندوب الفاتيكان ـ القس خالد أكشة ـ ومندوب مجلس الكنائس العالمي ـ الدكتور طارق متري ـ التوقيع على البيان الختامي للمؤتمر، لأن فيه عبارة "الديانات السماوية .. والقيم الربانية" قائلين : نحن لا نعترف بالإسلام ديناً سماوياً، ولا بالقيم الإسلامية قيما ربانية !!.
    وقد تكرر هذا الإعلان ـ صراحة ـ على لسان القس الكاثوليكي "كريستيان فانيسبن" فى الحوار المسجل والمذاع ـ على الهواء ـ بإذاعة الـ "B.B.S" ـ القسم العربي ـ من مكتب القاهرة فى يوم الأحد 17-9-2006 م فى برنامج "حديث الساعة" ، عندما قال: نحن لا نعترف بأن الإسلام دين سماوي! ..

    نقلا عن
    http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39210
    أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
    والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
    وينصر الله من ينصره

    تعليق

    • سيف الكلمة
      إدارة المنتدى

      • 13 يون, 2006
      • 6036
      • مسلم

      #3
      الفاتيكان والإسلام 3 د محمد عمارة
      انطلق البابا بنديكتوس السادس عشر فى التخويف من الإسلام من الواقع الديني الذي تواجهه البابوية فى أوروبا والغرب .. واقع التراجع المسيحي مقارنا بواقع صعود الإسلام .. حيث :
      ـ يسلم فى أمريكا سنويا 20.000 رغم التضييق على الإسلام الذي حدث عقب أحداث 11 سبتمبر 2001 م ..
      ـ ويسلم فى أوروبا ـ سنويا ـ 23.058 بمعدل 67 يومياً.
      ـ بينما الذين يعتقدون بوجود إله فى أوروبا المسيحية 14%.
      ـ والذين يذهبون إلى القداس فى فرنسا ـ أكبر بلاد الكاثوليكية الأوروبية ـ 5% ـ أي أن الإسلام في فرنسا ـ ( 5.000.000) هو الدين الأول وفق هذا الإحصاء !!..
      ـ أما حال الكنائس:
      فهناك نقص فى الرهبان بسبب العزوف عن العزوبة ، ففي أوروبا : راهب واحد لكل 1.200 ، وفي إفريقيا : راهب واحد لكل 4.000.
      ـ وشيوع الشذوذ الجنسي بين رجال الدين وبين الأطفال! .. ولقد فتحت المخابرات الأمريكية "ملفات" هذا الشذوذ فى الكنائس الكاثوليكية الأمريكية للضغط على الفاتيكان وابتزازه ، عندما عارض السعي الأمريكي المحموم لغزو العراق 2003م .
      ـ وفى أمريكا الشمالية انخفض حضور قداس الأحد بنسبة 40% عن خمسينيات القرن العشرين .. وثلثهم هم الذين يداومون على حضور القداس الأسبوعي.. وكانوا ضِعفَيْ هذا العدد قبل جيل من الزمان ..
      ـ و70 % من كاثوليك الولايات المتحدة يطلبون السماح باستخدام موانع الحمل على خلاف موقف الكنيسة.
      ـ 70 % من كاثوليك روما ـ حيث الفاتيكان ـ يوافقون على ممارسة الجنس قبل الزواج!
      ـ ولقد شرعت حكومة بلدية "بيونس أيرس" ـ عاصمة الأرجنتين ـ زواج المثليين!
      ـ ووافقت حكومات أمريكا اللاتينية على قانون الطلاق .. وعلى دعم اختيار المرأة فيما يتعلق بالإجهاض.
      ـ والتحول من الكاثوليكية إلى الكنائس المشيخية والبروتستانتية والإنجيلية يتزايد فى دول أمريكا اللاتينية.
      ـ وفي استطلاع أجرته مؤسسة "جالوب" في إبريل 2005م ـ ظهر أن 74% من الكاثوليك يتصرفون ـ في المسائل الأخلاقية ـ بناء على ضميرهم، وليس بناء على تعاليم الكنيسة ، و 20 % هم الذين يتصرفون أخلاقياً بناء على تعاليم الكنيسة ! .
      ***
      ـ وفى مقابل هذا الواقع المسيحي الذي يقلق البابا والفاتيكان ـ يبرز الواقع الإسلامي، الذي يعلن امتياز الإسلام ونجاعة الحلول الإسلامية .
      ـ ففي جنوب إفريقيا ـ أغنى بلاد القارة السمراء ـ هناك 50 % من السكان مصابون بطاعون العصر : الايذر
      ـ بينما لا أثر لهذا الطاعون في الصومال المسلمة ، وهي أفقر بلاد هذه القارة ! ، بل إن المسلمين ـ حتى في جنوب إفريقيا ـ بعيدون عن الإيذر!..
      ـ وفى البلاد الغربية المسيحية حيث أعلى مستويات المعيشة والإشباع للشهوات والغرائز فى العالم ، هناك أعلى نسبة من القلق والانتحار فى العالم !..
      ـ بينما لا يوجد فى البلاد الإسلامية ـ رغم الفقر الذي يطحن مئات الملايين ـ أي أثر للانتحار! ..
      ـ وكذلك الحال عند المقارنة بين انتشار الاكتئاب والاغتراب وعيادات الأمراض النفسية في البلاد المسيحية .. وندرة ذلك في البلاد الإسلامية ! ..
      ـ وإذا كان الشمال المسيحي ـ وفيه 20% من سكان الأرض ـ يستهلك 86% من خيرات هذا العالم .. فإن أكبر ثلاث تجارات فى هذا الشمال المسيحي هي :
      أولا : تجارة السلاح .. وثانيا : تجارة المخدرات .. وثالثا : تجارة الدعارة !!.
      وجميع هذه الوقائع والحقائق ـ وأمثالها ـ شاهدة صدق على إفلاس الكنائس المحلية ـ التي خانت مسيحيتها ـ وعلى صعود الإسلام .. بذاته .. رغم الحال البائس لكثير من حكام عالمه !.. وعلى ظهور الحلول الإسلامية على جميع ما عداها من الحلول ! ..

      *********
      لهذا كله .. جاءت محاضرة بابا الفاتيكان ـ بنديكتوس السادس عشرـ فى جامعة "ريجنسبورج" الألمانية فى 12 سبتمبر 2006 م ـ والتي فجرت الغضب الإسلامي ـ جاءت هذه المحاضرة فى سياق من الحقائق والوقائع ـ التاريخية .. والمعاصرة ـ التي يغفل عنها الكثيرون .. كما جاءت صادمة للمشاعر الإسلامية بسبب حدتها .. ولما حوته من الأكاذيب والمغالطات والجهالات، التي لا يتصور صدورها من "أستاذ للفلسفة" يتولى منصب الحبر الأعظم لحاضرة الكاثوليكية بالفاتيكان .. عندما يتحدث عن دين ـ كالإسلام ـ يتدين به مليار ونصف المليار من المسلمين ..
      لقد كان موضوع محاضرة البابا عن "علاقة العقل بالإيمان" فى المسيحية .. لكن الغريب ـ بل والعجيب والمريب ـ أن الرجل قد بدأ محاضرته بالهجوم على الإسلام ! بل واستغرق هذا الهجوم على الإسلام ربع هذه المحاضرة !! ـ مائة سطر من أربعمائة سطر، هي جملة سطور النص الكامل للمحاضرة ـ !!
      وكان أخطر ما فى هذه المحاضرة، ليس اقتباس البابا من الإمبراطور البيزنطي "مانويل الثاني" [ 1391ـ 1425م ] ـ كما حسب كثير من المعلقين ـ وإنما تعليقات البابا على الاقتباس !.. فقد استشهد البابا بكلمات الإمبراطور البيزنطي ـ فى معرض ربط الجهاد الإسلامي "بالحرب المقدسة المسيحية " وأورد الكلمات التي قال فيها هذا الإمبراطور لأحد المثقفين الفرس المسلمين :
      "أرني ما الذي أتى به محمد من جديد ؟!. فهنا ستجدون أشياء شريرة وغير إنسانية، مثل أمره بنشر العقيدة التي دعا إليها بحد السيف".
      ولقد وصف البابا الإمبراطور "مانويل الثاني" بالموسوعي ! .. وأغفل ذكر رد المثقف الفارسي المسلم على هذا الإمبراطور! ثم مضي ـ معلقا ومؤيدا ـ فقال : "لا بد أن الإمبراطور كان يعرف أن السورة 2 آية 256 تنص على أنه (لا إكْرَاهَ فِي الدِّينِ) ، وهي إحدي سور العصور الأولى من تاريخ الإسلام ،عندما كان محمد لا يزال مهددا، وتعوزه القوة.
      ولكن من الطبيعي كذلك ـ بالنسبة للإمبراطورـ أن يكون قد عرف التعليمات "أوامر اللئام" بشأن الحرب المقدسة، والتي ذكرت لاحقا ودونت فى القرآن".
      وفي إطار كلام البابا عن علاقة العقل بالإيمان ـ فى المسيحية والإسلام ـ قال: "إن القول الفصل فى النقاش حول التحول العقائدي باستخدام العنف، هو أن عدم التصرف وفقا للعقل هو أمر مناهض لطبيعة الرب.. ولكن بالنسبة للتعاليم الإسلامية فإن الرب مطلق السمو، فمشيئته لا تتماشي مع أي من خصائصنا بما فيها العقلانية .. ولقد ذهب ابن حزم إلى حد الإقرار بأن الرب الله لا يلتزم حتى بكلمته الخاصة، وإنه ما من شيء يلزمه بكشف الحقيقة لنا.. ففيما يتعلق بإرادة الله، فإنه ينبغي علينا التعبد بشكل وثني أعمي"!!.
      ***
      كانت تلك هي أبرز نقاط المغالطات والافتراءات التي وردت عن الإسلام فى محاضرة بابا الفاتيكان .. والتي إن أثارت الغضب فى جماهير الأمة الإسلامية فإنها تستوجب النظر العلمي الموضوعي والهادئ والصبور فى الحوار مع "أستاذ الفلسفة" ، عظيم الفاتيكان .
      وإذا كانت مجلة "نيوزويك " ـالأمريكية ـ قد استنكرت ما جاء بمحاضرة البابا عن الإسلام .. وجعلت عنوان غلافها ـ عدد 26-9-2006 م ـ : "بنديكتوس السادس عشر .. ماذا دهاه ؟ ! " .. ثم وصفت طريقته ـ فى هذا التناول للإسلام ـ بأنها " طريقة خرقاء" ! فإننا نختلف معها فى هذا التوصيف .. فالأمر ليس مجرد "حماقة " .. وإنما هو موقف له تاريخ طويل من العداء للإسلام ! ..إنه فصل جديد ـ ولن يكون الأخيرـ فى فصول العداء للإسلام، والافتراء على مقدساته ورموزه وأمته وحضارته .. يأتي بعد عام من أحداث الرسوم الدانماركية، التي أساءت إلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم .. وممن؟ من عظيم الفاتيكان .. وليس من صحفي دانماركي نشر رسومه فى 30 سبتمبر 2005 م ..
      ـ لقد تحدث البابا ـ بنديكتوس السادس عشرـ فى هذه المحاضرة .. فأساء إلى إله المسلمين ورب العالمين، عندما ادعى أن المشيئة الإلهية ـ فى الإيمان الإسلامي ـ متسامية ومطلقة، لا تتقيد بالعقل ولا بالمنطق .. الأمر الذي يجعل الإيمان الإسلامي ـ برأي البابا ـ إيمانا وثنيا أعمى !! ..
      وعندما أراد الحديث عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم اختارـ واختيار المرء قطعة من عقله ـ عبارات الإمبراطور البيزنطي " مانويل الثاني" [1391- 1425 م] التي تفتري على رسول الإسلام، فتزعم أنه لم يأت إلا بما هو شرير وسييء ولا إنساني .. ومن ذلك أمره نشر دينه بالسيف !!:
      وانطلاقا من ذلك قارن البابا بين مسيحيته وبين الإسلام .. فادعى عقلانية المسيحية ولا عقلانية الإسلام!.
      كما اتهم الإسلام بالتأسيس للعنف والإرهاب ، واتهم المسلمين بهما .. وخلط بين الجهاد الإسلامي والحرب الدينية المقدسة ، التي عرفتها ومارستها الكنيسة الكاثوليكية الغربية ..

      نقلا عن
      http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39275
      أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
      والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
      وينصر الله من ينصره

      تعليق

      • سيف الكلمة
        إدارة المنتدى

        • 13 يون, 2006
        • 6036
        • مسلم

        #4
        الفاتيكان والإسلام 4 د. محمد عمارة

        رغم الدهشة والغضب اللذين يشعر بهما، لا المسلمون وحدهم، بل والمنصفون من غير المسلمين ، الذين عرفوا الإسلام .. بل وحتى المحايدون الذين يفترضون ضرورة الأدب والكياسة فى الحديث عن الديانات .. رغم كل ذلك، فإن الموضوعية يجب أن تكون المعيار الأول فى الرد على هذه الإساءات والمغالطات.
        إن الغضب لله ولرسوله ولدينه أمر مشروع .. بل ومطلوب .. لكن الإسلام يعلمنا أن يمين الغاضب لا تنعقد، وأن قضاء الغاضب لا يجوز؟ لأن الغضب قطعة من الجنون .. ومن ثم فإن العقلانية والموضوعية هي التي يجب أن تحكم الرد على هذه الإساءات .. وتحكم الحوار مع عظيم الفاتيكان .
        ـ وفى البداية .. ولتبديد الاستغراب والاندهاش اللذين أصابا الكثيرين من هذا الذي صنعه الحبر الأعظم للكاثوليكية، المتربع على عرش بابوية الفاتيكان .. أقول : إنه لا غرابة فى حدوث هذا الأمر الغريب ؟ !.
        فهذا الرجل ـ الذي تولى البابوية في إبريل 2005م قد شغل ـ فى الفاتيكان ـ لأكثر من ربع قرن ـ من 1981 م حتى 2005م ـ منصب المسئول الأول عن "النقاء العقائدي"، أي قيادة "الأصولية الأرثوذكسية الكاثوليكية" التي تقسم العالم إلى مؤمنين كاثوليك حقيقيين وإلى من يعتنقون "بعض عناصر الإيمان " .. أي أنه ـ بالمعنى الشائع فى الشرق ـ كان يتولى زعامة ومسئولية "التكفيريين" فى الإطار الكاثوليكي ! .. الأمر الذي يرسم صورته وصورة مواقفه ضد الآخرين من غير الكاثوليك ! .. ويرسم صورة مؤسسته فى هذه المرحلة من التاريخ .
        ـ وهو من هذا المنطلق "الأصولي ـ التكفيري" عدو لدود للعلمانية، التي جعلت أكبر البلاد الكاثوليكية فى أوروبا ـ فرنسا ـ لا يذهب فيها إلى القداس سوى 5 % من السكان الكاثوليك ! .. أي أن تعداد الكاثوليك الفرنسيين ـ بمقاييس هذا البابا ـ هم أقل من تعداد المسلمين الفرنسيين !..
        وهذا المنصب الذي تولاه لأكثر من ربع قرن قبل توليه البابوية ـ منصب "المفتش الأكبر" رئيس مجمع عقيدة الإيمان ـ هو فى الكنيسة الكاثوليكية ـ الامتداد المعاصر "لمحاكم التفتيش"، التي احترفت ـ فى العصور الوسطي الأوروبية ـ التفتيش عن العقائد، وممارسة الحرق والخنق والإغراق ضد العلماء والمفكرين والفلاسفة والمخالفين .. وضد المسلمين بعد إسقاط غرناطة واقتلاع الإسلام من الأندلس 1492 م .. والتي مارست إعدام هؤلاء المخالفين على "الخازوق المقدس " لمدة ثلاثة قرون ! .. والتي بلغ ضحاياها عدة ملايين .
        بل إن اختيار هذا الرجل ـ واسمه قبل البابوية "جوزيف راتزينجر" ـ لاسمه البابوي ـ بنديكتوس السادس عشرـ له ـ كما أسلفنا ـ معنى وثيق الصلة بهذا التوجه "الأصولي ـ التكفيري" فى الموقف من الآخرين .. فالبابا بنديكتوس الرابع عشر ( 1740 ـ 1758م ) ـ فى القرن الثامن عشرـ كان عدوا للعقلانية ولمنهج الشك اللذين قامت عليهما حركة التنوير الأوروبية .. وقبل ذلك ـ فى القرن السادس ـ كان القديس البابا بنديكت الخامس [ 480ـ 547م ] هو مؤسس الأديرة والرهبانية التي ساعدت على بقاء الحضارة المسيحية فى أوروبا .. وهو واضع دستور الرهبانية المتبع حتى الان فى الحضارة الغربية .
        فحتى الاسم ـ بنديكتوس ـ الذي اختاره هذا البابا له توجهات أصولية ـ بالمعنى الغربي ـ وله دلالات .. وله تاريخ ! ..
        ـ وفيما يتعلق بما جاء من الإساءات للإسلام ـ فى محاضرته بجامعة "ريجنسبورج " فى مدينة "رايتسبون " الألمانية ـ فى 12 سبتمبر 2006م ، فإن هذا لم يكن ـ كما أسلفنا ـ بداية إساءاته إلى الإسلام ..
        ـ فالرجل له تاريخ فى "الخوف والتخويف " من الإسلام ـ ذلك الذي أصبح اتجاها فى الغرب يسمونه "الإسلام فوبيا Islam phobia" ـ ففي حوار بينه وبين السياسي الإيطالي البارز "مارسيلو بيرا" ـ نشر فى كتاب عنوانه : [بلا جذور: الغرب، النسبية، الإسلام والمسيحية] يعلن هذا البابا أنه تسيطر عليه مخاوف ثلاثة :
        أولها : الانقراض السكاني للأوروبيين المسيحيين بسبب العلمنة التي أشاعت الأنانية وتفكك الأسرة، فانخفضت الخصوبة والمواليد ـ أحيانا إلى أقل من 1% ـ "ذلك أن معدلات المواليد فى غالبية الدول الأوروبية تراجعت، الشيء الذي أثر على استمرار التوازن السكاني .. وجعل عدة شعوب أوروبية، خصوصا الألمان والإيطاليين والأسبانيين، ربما لا تعود موجودة قبل نهاية القرن الحالي" أو فى أحسن الأحوال والتكهنات تصبح ـ هذه الشعوب ـ أقليات داخل دولها .
        وثاني هذه المخاوف البابوية هو: "أن المكان الذي تتركه الأجيال الأوروبية الجديدة شاغرا يملؤه المهاجرون المسلمون، خصوصا من إفريقيا والعالم العربي .. الأمر الذي يفتح الباب لاحتمال أن تصبح أوروبا مستقبلاً جزءاً من دار الإسلام " !! ..
        وثالث هذه المخاوف البابوية هو : "تراجع المسيحية من الفضاء الأوربي" .. فبسبب العلمانية" أصحبت مسيحية غالبية الأوروبيين تقتصر على انتماء الأسرة التقليدي للمسيحية" ، أي مسيحيون بحكم النسب والتاريخ!! الأمر الذي أدى ـ برأي البابا ـ إلى "افتقار أوروبا إلى القدرة والرغبة والشجاعة الأخلاقية فى القتال من أجل أي شيء، حتى حريتها" !!.
        هكذا ينظر البابا بنديكتوس السادس عشر إلى الإسلام ، فيراه الوارث لمسيحيته وكنيسته .. الذي سيجعل أوروبا ـ وهى قلب العالم المسيحي ـ قبل نهاية هذا القرن "جزءا من دار الإسلام " ، كما سبق وجعل الشرق ـ الذي كان قلب العالم المسيحي ـ قلبا لعالم الإسلام!!..
        وقد انعكس هذا الخوف البابوي من الإسلام في صور تعلن عداءه لهذا الدين، وافتراءه عليه، وإساءته لعقائده ورموزه ومقدساته ، حتى قبل هذه المحاضرة التي فجرت غضب المسلمين ، فالإسلام الذي يبلغ القمة فى التنزيه للذات الإلهية عن التعدد والحلول والاتحاد والتجسيم والتشبيه ، والذروة فى التوحيد الخالص لهذه الذات الإلهية (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ (3) ولَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص 1-4] (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) [ الشورى :11] و"كل ما خطر على بالك فالله ليس كذلك".
        هذا الإسلام، الذي تلخصه كلمة التوحيد، وتعبر عن شعاره شهادة أن لا إله إلا الله ، يقول معه البابا : "إنه ليس دين توحيد على نمط اليهودية والمسيحية، لا ينتمي إلى الوحي نفسه الذي تنتمي إليه اليهودية والمسيحية " !!
        فالتوحيد ـ برأي البابا ـ موجود فى اليهودية، التي جعلت الله خاصا ببني إسرائيل، وللشعوب الأخرى آلهتها ! وموجود فى المسيحية التي تقول بالتثليث ، وتعبد عيسى بن مريم ـ باعتباره الرب ـ وتقول عنه : إنه "الألف والياء، والبداية والنهاية ، القادر على كل شيء .. خالق كل شيء، وبه كان كل شيء .. وبدونه لم يكن شيء مما كان" !! [يوحنا: 1: 3، 11].
        أما الإسلام، الذي يجعل الواحدية والأحدية فقط للذات الإلهية، وينزهه عن المثيل والند والشريك والشبيه والصاحبة والوالد والولد ، فهوـ بنظر البابا بنديكتوس ـ ليس دين توحيد !! ..
        * وإذا كان الكاردينال "جوزيف راتزينجر" قد اتخذ لنفسه اسما بابويا ينم عن التوجهات المحافظة والأصولية ـ بالمعنى المسيحي الغربي ـ فإن عداءه هذا للإسلام .. وإعلانه السافر لهذا العداء .. واتخاذ هذا العداء صور الإساءة والتهجم .. هو الآخر له تاريخ .. بل وتاريخ طويل مليء بثقافة الكراهية السوداء للإسلام والمسلمين .
        ـ ففي تراثه الكاثوليكي، يقول أبرز قديسي وفلاسفة الكاثوليكية ـ فى العصور الأوروبية الوسطي ـ "توما الأكوينى" [ 1225ـ 1274 م ] عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم : " لقد أغوى محمد الشعوب من خلال وعوده لها بالمتع الشهوانية .. وحرّف جميع الأدلة الواردة فى التوراة والأناجيل من خلال الأساطير والخرافات التى كان يتلوها على أصحابه، ولم يؤمن برسالته إلا المتوحشون من البشر الذين كانوا يعيشون فى البادية" ! .
        ـ وفى التراث الفني والأدبي الكاثوليكي الأوروبي ـ تراث بابا الفاتيكان ـ وضع "دانتى" [1295 ـ 1321 م] صاحب "الكومديا الإلهية" رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبى طالب رضي الله عنه "فى الحفرة التاسعة، في ثامن حلقة من حلقات جهنم، لأنهما ـ بنظر دانتى ـ من أهل الشجار والنفاق ، الذين تقطعت أجسادهم فى سعير الكوميديا الإلهية" ! .
        ـ وفي تراث البابا ـ الذي يتهم الإسلام بأنه ليس دين توحيد ـ تزعم "ملحمة رولاندا" ـ الشعبية ـ التي نظمت حوالي 1300م أن المسلمين يعبدون ثالوث :
        1ـ أبولين ـ Apollin
        2ـ وتيرفاجانت ـ Tervagant
        3ـ ومحمد ـ Mohamed (18)
        نقلا عن
        http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39329
        أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
        والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
        وينصر الله من ينصره

        تعليق

        • سيف الكلمة
          إدارة المنتدى

          • 13 يون, 2006
          • 6036
          • مسلم

          #5
          الفاتيكان والإسلام (5) بقلم : د. محمد عمارة
          بشهادات علماء الغرب الذين قارنوا بين حقيقة الإسلام وبين الصورة البائسة والكريهة والشوهاء التي صنعتها المسيحية الغربية لهذا الإسلام .. فإن الخيال الغربي المسيحي المريض قد أطلق لنفسه العنان فى تشويه صورة الإسلام ، ليشحن العامة والغوغاء فى الحروب الصليبية التي شنتها الكنيسة الغربية لإعادة اختطاف الشرق من التحرير الإسلامي .
          ويشهد على هذه الحقيقة المستشرق الفرنسي "مكسيم رودنسون" [1915 -2004م] فيقول: (لقد حدث أن الكتاب اللاتين ـ الذين أخذوا بين 1000م 1140 م على عاتقهم إشباع حاجة الإنسان العامي ـ باتوا يوجهون اهتمامهم نحو حياة محمد دون أي اعتبار للدقة، فأطلقوا العنان "لجهل الخيال المتنصر" ـ كما جاء فى كلمات "ر. وساوثرن" ـ فكان محمد "في عرفهم" : ساحرا، هدم الكنيسة فى إفريقيا والشرق عن طريق السحر والخديعة، وضمن نجاحه بأن أباح الاتصالات الجنسية .. وكان محمد "فى عرف تلك الملاحم" هو صنمهم الرئيسي، وكان معظم الشعراء الجوالة يعتبرونه كبير آلهة السراسنة ـ البدو ـ وكانت تماثليه "حسب أقوالهم" تصنع من مواد غنية، وذات أحجام هائلة ) ! .
          وبشهادة المستشرق الإيطالي "فرنشسكو جابرييلي": " فلقد كانت العصور الوسطي الغربية تنظر إلى ظهور الإسلام وانتشاره باعتباره تمزقا شيطانيا فى صدر الكنيسة المسيحية، وانشقاقا مشئوما قام به شعب بربرى"!.
          وبشهادة المفكر الألماني "هربرت هيركومر" ـ فى دراسته عن "صور الإسلام فى الأدب الوسيط" : "فإن الأوروبيين ادعوا أن رسول الإسلام كان كاردينالا كاثوليكيا، تجاهلته الكنيسة فى انتخابات البابا، فقام بتأسيس طائفة ملحدة فى الشرق انتقاما من الكنيسة، واعتبرت أوروبا المسيحية ـ فى القرون الوسطي ـ محمدا المرتد الأكبر عن المسيحية، الذي يتحمل وزر انقسام نصف البشرية عن الديانة المسيحية".
          وبشهادة المستشرقة الألمانية دكتورة "سيجريد هونكة ": (فلقد استقر فى أذهان السواد الأعظم من الأوروبيين الازدراء الأحمق الظالم للعرب، الذي يصمهم جهلا وعدوانا بأنهم رعاة الماعز والأغنام، الأجلاف، لابسو الخرق المهلهلة ، وعبدة الشيطان، ومحضرو أرواح الموتى ، والسحرة ، وأصحاب التعاويذ وأعمال السحر الأسود ، والذين حذقوا هذا الفن واستحوذ عليهم الشيطان، تحرسهم فيالق من زبانيته من الشياطين .. وقد تربع على عرشهم الذهبي "ماهومد" ـ "مخميد" ـ وقد ركعت تحت أقدامه قرابين بشرية يذبحها أتباعه قربانا وزلفي إليه !
          فهم الكفرة الفجرة، الذين لا يدينون بالمسيح أو الله ، لأنهم لم يعبدوه بعد .. فهم ليسوا سوى ديدان حقيرة .. وسفلة أوغاد .. أعداء الله .. وأعداء المسيح .. مستبيحو قبر المسيح) ! .
          وحسب وصف "جى . توينبى" [1889 – 1975م] : " فهم غير متحضرين .. وخلق غريب مستبعد من العالم الهللينى، أو المتطفلين على الحضارة الهللينية الإغريقية .. أولئك المحمدون البدائيون .. وأقصى القول فيهم : إنهم تقليد بربري جاهل زائف لديانة السريان الغريبة عنهم، وهم ـ لبدائيتهم وقصورهم ـ لا يسعون إلى اعتناق النصرانية" !.
          "ولقد صورت الكنيسة الأوروبية رسول الإسلام ساحرا كبيرا .. وصورت "قرطبة" ـ فى الأندلس ـ وطن عباد الشيطان، المتوسلين بالموتى، الذين قدموا لمحمد الصنم الذهبي الذي كانت تحرسه عصبة من الشياطين، تضحية بشرية" !!
          "فبلاد الإسلام هي عالم الخرافات والأساطير، عبدة الشيطان، والسحرة المتضرعين إلى الشيطان .. بلاد الأضاحي البشرية من أجل صنم ذهبي، تسهر على سلامته عصبة من الشياطين، اسمه محمد" !!.
          "ولقد نظم شاعر الكنيسة القسيس "كونراد" 1300م ـ فى ريجنز بورج ـ "ملحمة رولاند".. التي وصف فيها المسلمين بأنهم الشعب الذي لا يروى تعطشه لسفك الدماء، والذي لعنه رب السماء .. فهم كفرة وكلاب .. وخنازير فجرة .. وهم عبدة الأصنام التي لا حول لها ولا قوة .. الذين لا يستحقون إلا أن يقتلوا وتطرح رممهم في الخلاء، فهم إلى جهنم بلا مراء" ! .
          وفى هذه الملحمة الشعبية يخاطب القس "كونراد" الشعب المسلم، فيقول: "إن مخمت ـ محمد ـ قد أرسلني إليك لأطيح رأسك عن كتفيك وأطرح للجوارح جثتك، وأمتشق برمحي هامتك ، ولتعلم أن القيصر قد أمر كل من يأبى أن تعمده الكنيسة "ليس له إلا الموت شنقا، أو ضربا، أو حرقا" . إن أولئك جميعا دون استثناء حزب الشيطان اللؤماء، خسروا الدنيا والآخرة، وحل عليهم غضب الله، فبطش بهم روحا وجسدا، وكتب عليهم الخلود فى جهنم أبدا"!!.
          أما البابا الذهبي "أوربان الثاني" [ 1088 ـ 1099م] الذي أشعل نيران الحروب الصليبية ضد الإسلام والمسلمين ، فهو الذي خطب فى فرسان الإقطاع الأوروبيين يحثهم على الحرب المقدسة ضد المسلمين، فقال : "أى خزي يجللنا وأي عار، لو أن هذا الجنس من الكفار، الذي لا يليق به إلا كل احتقار، والذي سقط فى هاوية التعري عن كرامة الإنسان، جاعلا من نفسه عبدا للشيطان، قد قدر له الانتصار على شعب الله المختار"!!.
          نعم .. هذه هي صورة الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم.. وصورة المسلمين فى تراث أوروبا الكاثوليكية .. والتي نافستها فيه أوروبا البروتستانتية، تلك التي تحدث بلسانها كبيرها "مارتن لوثر" [1483 ـ 1546م] عن القرآن الكريم فقال : "إنه كتاب بغيض وفظيع وملعون، ومليء بالأكاذيب والخرافات والفظائع! .. وإن إزعاج محمد والإضرار بالمسلمين يجب أن تكون المقاصد من وراء ترجمة القرآن وتعرف المسيحيين عليه .. وإن على القساوسة أن يخطبوا أمام الشعب عن فظائع محمد، حتى يزداد المسيحيون عداوة له، وأيضا ليقوى إيمانهم بالمسيحية، ولتضاعف جسارتهم وبسالتهم فى الحرب ضد الأتراك المسلمين، وليضحوا بأموالهم وأنفسهم فى هذه الحروب " !! ..
          أما صورة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الرحمة المهداة .. والنور والبشير للعالمين .. فإنها عند رأس البروتستانتية ـ وبألفاظه ـ صورة "خادم العاهرات وصائد المومسات" !!.
          ***
          وإذا كان المرء يعجب كل العجب من أن يبلغ "الخيال المظلم والمريض" بالكنيسة الأوروبية ـ بابواتها .. وقساوستها .. وشعرائها .. وعوامها ـ هذا المستوى الغريب والعجيب والمريب فى الافتراء على الإسلام والمسلمين .. فإن هذا العجب يتزايد عندما يرى هذا التراث من ثقافة الكراهية السوداء لا يزال باقيا .. وفاعلأ .. دون نقد أو مراجعة .. بل يراه فاعلا وموجها لبابا الفاتيكان ـ أستاذ الفلسفة ـ بنديكتوس السادس عشر في القرن الواحد والعشرين !! .
          ***
          ويا ليت الأمر قد وقف عند هذا البابا ـ ذي التوجهات المحافظة والأصولية ـ بالمعنى الغربي ـ وإنما الأدهى والأمر أننا أمام تراث من العداء للإسلام والافتراء على رموزه ومقدساته، يحرك هذه المؤسسة الكبرى التي يتربع على عرشها هذا البابا.
          ـ فهذه الكنيسة هي التي هيجت أوروبا 0 وأعلنت وقادت أولى الحروب العالمية على الإسلام ـ الحروب الصليبية ـ التي دامت قرنين من الزمان [ 489 ـ 690هـ / 1096 ـ 1291 م] .
          ـ وهى التي زكت وصمتت صمت الرضا ـ بل وشاركت بالتنصيرـ فى الغزوات الأوروبية الحديثة لاستعمار العالم الإسلامي على امتداد القرون الخمسة الممتدة من إسقاط غرناطة والأندلس 1492م وحتى هذه اللحظات ! .
          ـ وهى التي أرسلت "كريستوفر كولمبس" [1451ـ 1506م ] ليجمح الذهب ـ بعد إبادة سكان الأمريكتين ـ لإعداد حملة صليبية جديدة ضد عالم الإسلام، لإعادة اغتصاب القدس وفلسطين !! .. ويومها كتب "كولمبس" إلى البابا "إسكندر السادس" [1492 ـ 1503م] فقال:
          "لقد اضطلعت بهذه المهمة ـ الرحلات إلى أرض الذهب فى أمريكا ـ لننفق ما سوف نكسبه منها فى رد الديار المقدسة .. وبعد أن ذهبت إلى هناك ورأيت الأرض كتبت إلى الملك "فرديناند" [1479ـ 1516م] والملكة "إيزابيلا" [1474ـ 1504م] : إنه منذ ذلك اليوم، وعلى مدار سبع سنوات، سوف أحتاج إلى خمسين ألفا من الجنود المشاة، وخمسة آلاف فارس لفتح الديار المقدسة " !!.
          ـ وهى التي أرسلت "فاسكو دي جاما" [1469ـ 1524م ] ليلتف حول العالم الإسلامي .. تمهيدا لضرب قلب العالم الإسلامي 1497م .
          ـ وهى التي أرسلت "ماجلان" [ 1480 ـ 1521] ليحارب المسلمين فى الفلبين 1521م .. ولتنصير الفيلبين التي كانت مسلمة .. واسم عاصمتها "أمان الله" .
          ـ وهى التي أعلن مطرانها فى باريس ـ بحضرة الملك الفرنسي "شارل العاشر" [1824ـ 1830م] ـ عند احتلال الجزائر 1830م : "إنه يحمد الله على كون الملة المسيحية انتصرت نصرة عظيمة على الملة الإسلامية، وما زالت كذلك" ! .
          كما أعلن كرادلتها وقساوستها ـ وهم يحتفلون 1930م بمرور مائة عام على احتلالهم للجزائر ـ : "إن عهد الهلال فى الجزائر قد غبر، وإن عهد الصليب قد بدأ، وإنه سيستمر إلى الأبد .. وإن علينا أن نجعل أرض الجزائر مهدا لدولة مسيحية مضاءة أرجاؤها بنور مدنية منبع وحيها الإنجيل !! .. وإن مغزى هذه المهرجانات هو تشييع جنازة الإسلام بهذه الديار" !! .
          ـ وهى التي عهد جنرالها "كليبر" [1753ـ 1800م] ـ إبان الحملة الفرنسية على مصرـ إلى المعلم "يعقوب حنا" [1745ـ 1 180م ] : "أن يفعل بالمسلمين ما يشاء .. حتى تطاولت النصارى على المسلمين بالسب والضرب، ونالوا منهم أغراضهم، وأظهروا حقدهم .. وصرحوا بانقضاء ملة المسلمين وأيام الموحدين" !! .
          ـ وهى المؤسسة الكنسية التي يقود كرادلتها فى واقعنا المعاصرـ وليس فقط البابا بنديكتوس السادس عشرـ حرب التخويف من الإسلام .. فيقول الكاردينال "بول بوبار" ـ مساعد بابا الفاتيكان يوحنا بولص الثاني .. ومسئول المجلس الفاتيكاني للثقافة ـ : "إن التحدي الذي يشكله الإسلام يكمن فى أنه دين وثقافة ومجتمع وأسلوب حياة وتصرف، فى حين أن المسيحيين فى أوروبا يميلون إلى تهميش الكنيسة .. إن الإسلام يمثل تحديا لأوروبا وللغرب عموما .. وإن المرء لا يحتاج إلى أن يكون خبيرا ضليعا لكي يلاحظ تفاوتا متزايدا بين معدلات النمو السكاني فى أنحاء معينة من العالم، ففي البلدان ذات الثقافة المسيحية يتراجع النمو السكاني بشكل تدريجي، بينما يحدث العكس في البلدان الإسلامية.. وفى مهد المسيح، يتساءل المسيحيون بقلق عما سيحمله لهم الغد، وعما إذا لم يكن موتهم مبرمج بشكل ما" .
          أما الكاردينال :"المونسنيور جوزيبي برناردينى" فإنه يقول ـ في حضرة البابا يوحنا
          بولص الثاني ـ : "إن العالم الإسلامي سبق أن بدأ يبسط سيطرته بفضل دولارات النفط .. وهو يبني المساجد والمراكز الثقافية للمسلمين المهاجرين فى الدول المسيحية، بما فى ذلك روما عاصمة المسيحية.. فكيف لنا ألا نرى فى ذلك برنامجا للتوسع وفتحا جديدا" ؟ ! .
          إذن .. فنحن لسنا بإزاء عداء فردى لبابا جديد، يمثل تيار "الأصولية الكاثوليكية" أو تراث محاكم التفتيش .. ومواقف الصليبية القديمة من الإسلام والمسلمين .. وإنما ـ مع ذلك، وفوق ذلك ـ أمام تيار قائد فى مؤسسة كنسية، هي كبرى مؤسسات المسيحية الغربية .. تحمل العداء ذاته للإسلام .. وتروج للتخويف منه باعتباره يفتح أوربا فتحا إسلاميا جديدا !! ويهدد بتحويل أوروبا إلى جزء من "دار الإسلام " في هذا القرن الذي نعيش فيه ! .
          ***
          أما عن محاضرة البابا بنديكتوس السادس عشرـ التي مثلت أحدث فصول الإساءات للإسلام ولن تكون آخر هذه الفصول ـ فلقد تناول الرجل فيها أربع نقاط :
          1ـ الافتراء على رب العالمين وإله المسلمين .. وذلك فى معرض حديثه عن علاقة الإيمان بالعقل .. إذ ادعى أن الإيمان المسيحي عقلاني .. بينما المشيئة الإلهية لإله المسلمين متسامية ولا علاقة لها بالعقل ولا بالمنطق !! الأمر الذي يجعل الإيمان الإسلامي بإله المسلمين إيمانا "وثنيا أعمى"!! .
          2ـ والافتراء على رسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك عندما استشهد بعبارة الإمبراطور البيزنطي "مانويل الثاني" [ 1391 ـ 1425م ] التي زعم فيها أن محمداً لم يأت إلا بما هو سييء وشرير ولا إنساني، ومن ذلك أمره نشر دينه بالسيف ! .
          3ـ وخلطه بين الجهاد الإسلامي وبين الحرب المقدسة ـ التي عرفتها ومارستها النصرانية الغربية لعدة قرون ـ ومن ثم ادعاؤه أن الدين الإسلامي والإيمان به إنما يؤسس لممارسة العنف والإرهاب ضد الآخرين ! .
          4ـ والافتراء على القرآن الكريم، ووصف آياته بأنها "تعليمات أوامر اللئام التي أثبتت فى القرآن " !! .
          ولما كنا قد سبق وكتبنا الكتب والدراسات في الرد على جميع هذه الافتراءات والشبهات.. فإننا ـ مراعاة للمقام وعدم التكرار ـ سنقدم هنا نقاطاً موجزة تدحض هذه الافتراءات .

          نقلا عن

          http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=39429
          أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
          والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
          وينصر الله من ينصره

          تعليق

          • سيف الكلمة
            إدارة المنتدى

            • 13 يون, 2006
            • 6036
            • مسلم

            #6
            الفاتيكان والإسلام (6) د. محمد عمارة
            د. محمد عمارة : بتاريخ 8 - 10 - 2007
            فيما يتعلق بمقام العقل فى الإيمان الإسلامي وفى الفكر الإسلامي .. فقد تجاهل عظيم الفاتيكان ـ الذي درس الفلسفة ودرّسها ـ أن الله سبحانه وتعالى فى الإيمان الإسلامي من أسمائه (الحَكِيمُ) .. وأنه (العَزِيزُ الحَكِيمُ) و (العَلِيمُ الحَكِيمُ) .. وأنه هو الذي [أنزل الكتاب والحكمة] .. وأنه ـ سبحانه وتعالى ـ إنما بعث رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم ليعلم الناس (الكِتَابَ والْحِكْمَةَ) .. وحتى نساء النبي صلى الله عليه وسلم أشار القرآن الكريم إلى ما يتلى فى بيوتهن (مِنْ آيَاتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ).. وأن (ومَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) ، (سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إنَّكَ أَنتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ) [ البقرة: 32] ، (إنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) [ البقرة: 129] ، (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [ البقرة : 209] ، (هُوَ الَذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ويُزَكِّيهِمْ ويُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ والْحِكْمَةَ) [ الجمعة: 24] ، (وأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ والْحِكْمَةَ) [ النساء: 113] ، (واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ) [الأحزاب: 33] ، (ومَن يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [ البقرة: 269].
            ولقد ورد فى القرآن الكريم وصف الذات الإلهية بالحكيم فى مائة آية من آيات هذا القرآن .. كما وردت فيه الآيات التي تتحدث عن العقل والتعقل فى 49 آية .. وعن القلب، كأداة للتعقل، فى 132 آية .. وعن الفقه، بمعنى الوعي العقلي، في 20 آية .. وعن الحكمة فى 19 آية .. وعن التفكر في 18 آية .. وعن اللب، بمعنى العقل والجوهر الإنساني، فى 16 آية .. وعن الاعتبار، بمعنى التعقل، فى 7 آيات .. وعن التدبر في 4 آيات .. وعن النهى، بمعنى التعقل، في آيتين .
            أي أن القرآن الكريم ـ الذي هو معجزة عقلية تستنفر العقل للتعقل، ولا تدهشه كالمعجزات المادية فتشله عن العمل ـ قد جاء فيه الحديث عن العقل والحكمة فيما يقرب من ثلاثمائة آية .. وذلك فضلا عن مائة آية ورد فيها ـ بالنص ـ وصف "الحكيم" كواحد من أسماء الله الحسنى .
            بل لقد جعل القرآن الكريم تنكب العقلانية والتعقل السبيل إلى جهنم والعياذ بالله (وقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السَّعِيرِ (11)) [ الملك :10،11].
            ـ ثم .. ألم يسمع عظيم الفاتيكان أن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم قد قال : "العقل أصل ديني"..
            وقال : "عليكم بالقرآن ، فإنه فهم العقل، ونور الحكمة، وينابيع العلم، وأحدث الكتب بالرحمن عهدا " (رواه الدارمى ) .
            وألم يقرأ لابن رشد [ 520ـ 595 هـ / 1126 ـ 1198 م] ـ الذي أخرجت عقلانيته الإسلامية أوروبا من خرافات اللاهوت الكنسي ـ كيف جعل "دليل العناية والرعاية " ـ وهو قمة الحكمة والعقلانية ـ دليلا على وجود الله سبحانه وتعالى ؟ .. وكيف أعلن أن "الحكمة " هي الأخت الرضيعة "لشريعة الإسلام "؟ .
            وألم يسمع ـ عظيم الفاتيكان ـ عن المعتزلة والتيار العقلاني في الفكر الإسلامي والفلسفة الإسلامية، الذين تجاوزا ما اتفق عليه غيرهم من المسلمين من أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لا يجوز عليه ولا يليق به ـ لفرط الحكمة المطلقة في مشيئته وفعله ـ إلا فعل الصلاح والأصلح .. تجاوز المعتزة ذلك، فأوجبوه على الله !! ..
            ولقد استندوا في ذلك إلى فهمهم للقرآن الكريم، الذي جاء فيه أن الله ـ سبحانه وتعالي ـ قد (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) [ الأنعام: 12].
            * وألم يقرأ ـ عظيم الفاتيكان ـ ما كتبه حجة الإسلام أبو حامد الغزالي [ 450 ـ 505 هـ / 1058 ـ 1111 م] ـ وهو أستاذ للعديد من الفلاسفة والقديسين المسيحيين ـ عن العلاقة العضوية بين العقلانية وبين الشرع والقرآن في الإسلام .. وكيف شبه العقل بنور البصر، والشرع بنور الشمس وضيائها .. ومن ثم حكم بأنه لا قيمة لأي منهما إذا انقطع عن الآخر .. وقال :
            "إنه لا معاندة بين الشرع المنقول والحق المعقول .. فمثال العقل : البصر السليم من الآفات والآذاء، ومثال القرآن: الشمس المنتشرة الضياء .. والمستغني بأحدهما عن الآخر إنما يكون في غمار الأغبياء .. فالمعرض عن العقل، مكتفيا بنور القرآن، مثاله: المتعرض لنور الشمس مغمضًا للأجفان، فلا فرق بينه وبين العميان! فالعقل مع الشرع نور على نور .. وأنّى يستتب الرشاد لمن يقتنع بتقليد الأثر والخبر، وينكر البحث والنظر؟ .
            أولا يعلم أنه لا مستند للشرع إلا قول سيد البشر صلى الله عليه وسلم ، وبرهان العقل هو الذي عرف به صدقه فيما أخبر؟ .. إن العقل أولى باسم النور من العين، بل بينهما من التفاوت ما يصح أن يقال معه إنه
            أولى، بل الحق أنه يستحق الاسم دونها .. وعند إشراق نور الحكمة يصير الإنسان مبصرا بالفعل بعد أن كان مبصراً بالقوة، وأعظم الحكمة كلام الله تعالى، فيكون منزلة آيات القرآن عند عين العقل منزلة نور الشمس عند العين الظاهرة، إذ به يتم الإبصار، فبالحري أن يسمى القرآن نوراً، كما يسمى نور الشمس نوراً، فمثال القرآن: نور الشمس، ومثال العقل : نور العين، وبهذا يفهم معنى قوله تعالى : ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَذِي أَنزَلْنَا) [التغابن : 8] .. وما قضي العقل باستحالته، فيجب فيه تأويل ما ورد السمع به، ولا يتصور أن يشمل السمع على قاطع مخالف للمعقول .. والوحي الإلهي والشرع الحق لا يرد بما ينبو عنه العقل .. فلهذا كان رأسمال كل السعادات العقل" .
            وقول الغزالي ـ كذلك ـ في شرح الآية الكريمة : (ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) [الإسراء: 70] "فكان من أعظم ما شرفه به الله وكرمه : العقل، الذي تنبه به على البهيمة، وألحقه بسببه بعالم الملائكة، حتى تأهل به لمعرفة باريه ومبدعه بالنظر في مخلوقاته، والاستدلال به على معرفة صفاته بما أودعه في نفسه من حكمة" .
            * وألم يعلم ـ عظيم الفاتيكان ـ أن الإسلام قد جعل "الشك المنهجي" علما.. وأوجب تعلمه .. لأنه هو الطريق إلى اليقين .. حتى قال الجاحظ [163 ـ 255 هـ /780 ـ 869 م]: "فاعرف مواضع الشك، وحالاتها الموجبة له، لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له . وتعلّم الشك في المشكوك فيه تعلما، فلو لم يكن في ذلك إلا تعرف التوقف، ثم الثبت، لقد كان ذلك مما يحتاج إليه .. فلو لم يكن يقين قط حتى كان قبله شك، ولم ينتقل أحد عن اعتقاد إلى اعتقاد غيره حتى يكون بينهما حال شك ، فلا تذهب إلى ما تريك العين، واذهب إلى ما يريك العقل، وللأمور حكمان : ظاهر للحواس، وحكم باطن للعقول، والعقل هو الحجة" .
            * وقول الماوردي [ 364 ـ 450هـ / 974ـ 1058 م] : "إن السبب المؤدي إلى معرفة الأصول الشرعية والعمل بها شيئان: أحدهما: علم الحس، وهو العقل ، لأن حجج العقل أصل لمعرفة الأصول، إذ ليس تعرف الأصول إلا بحجج العقول . وثانيهما: معرفة لسان العرب - وهو معتبر- فى حجج السمع خاصة " .
            * وقول القرافى ـ أحمد بن إدريس ـ [ 684 هـ - 1285 م]: " .. والقاعدة المعلومة : أن الشرع لا يرد بخلاف العقل، بل جميع واردات الشرائع يجب انحصارها فيما يجوزه العقل وجودا وعدماً، فيرد الشرع بترجيح أحد طرفيه، وجوده أو عدمه، أو يسوى بينهما، وهو الإباحة" .
            * وقول القاضي عبد الجبار بن أحمد الهمدانى [415 هـ ـ 1024م]: "إن الأدلة، أولها : دلالة العقل لأن به يميز بين الحسن والقبيح، ولأن به يعرف أن الكتاب حجة، وكذلك السنة، والإجماع. ولربما تعجب من هذا الترتيب بعضهم، فيظن أن الأدلة هي : الكتاب، والسنة، والإجماع فقط ، أو يظن أن العقل إذا كان يدل على أمور فهو مؤخر . وليس كذلك: لأن الله تعالي لم يخاطب إلا أهل العقل؛ ولأن به يعرف أن الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع ، فهو أصل فى هذا الباب. وإن كنا نقول: إن الكتاب هو الأصل، من حيث إن فيه التنبيه على ما فى العقول، كما أن فيه الأدلة على الأحكام . وبالعقل يميز بين أحكام الأفعال وبين أحكام الفاعلين، ولولاه لما عرفنا من يؤاخذ بما يتركه أو بما يأتيه، ومن يحمد ومن يذم؛ ولذلك تزول المؤاخذة عمن لا عقل له. ومتى عرفنا بالعقل إلها منفردا بالإلهية، وعرفناه حكيما، نعلم في كتابه أنه دلالة، ومتى عرفناه مرسلاً للرسول، ومميزا له بالأعلام المعجزة من الكاذبين، علمنا أن قول الرسول حجة ، وإذا قال صلى الله عليه وسلم : "لا تجتمع أمتي على خطأ .. وعليكم بالجماعة" .. علمنا أن الإجماع حجة " .
            * وإذا كان بابا الفاتيكان قد جعل موضوع محاضرته عن علاقة الإيمان بالعقل .. فكيف جهل أن فلاسفة الإسلام ـ ومنهم أبو علي الجبائى [ 235ـ 304 هـ ـ 849 – 916م ] قد قالوا : "إن الواجب الأول على الإنسان هو النظر" .
            بل وقال الفيلسوف أبو هاشم الجبائي [ 247 – 321 هـ / 861 – 933 م]: "إن الواجب الأول على الإنسان هو الشك" ! .. وذلك انطلاقا من التأصيل القرآني لمنهاج "الشك المنهجي": (أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى ولَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) [ البقرة: 260].
            *وحتى شيخ الإسلام، وإمام السلفية ابن تيمية [661 ـ 728 هـ / 1263 – 1328م] الذي جعل عنوان كتابه "درء تعارض صريح المعقول مع صحيح المنقول" .. رأيناه يعلن : أن "الحنفية وكثير من المالكية والشافعية والحنبلية يقولون بتحسين العقل وتقبيحه، وهو قول الكرامية والمعتزلة، وهو قول أكثر الطوائف من المسلمين" ، أي أن أغلب تيارات الفكر الإسلامي ـ الفلسفية والفقهية ـ تجعل العقل مرجعية للتحسين والتقبيح .
            * وإذا كان عظيم الفاتيكان ـ وأستاذ الفلسفة ـ قد جهل هذا التراث الفلسفي الإسلامي القديم .. فكيف جهل تراث الإسلام الفلسفي الحديث ـ فى العقلانية الإسلامية ـ والذي قال فيه جمال الدين الأفغاني [1254 – 1314 هـ / 1838 – 1897 م]: "إن الدين الإسلامي يكاد يكون متفردا بين الأديان بتقريع المعتقدين بلا دليل، وتوبيخ المتبعين للظنون، وتبكيت الخابطين في عشواء العماية، والقدح في سيرتهم.
            هذا الدين يطالب المتدينين أن يأخذوا بالبرهان فى أصول دينهم، وكلما خاطب خاطب العقل، وكلما حاكم حاكم إلى العقل، تنطق نصوصه بأن السعادة من نتائج العقل والبصيرة، وأن الشقاء والضلالة من لواحق الغفلة وإهمال العقل وانطفاء نور البصيرة .. وقلما يوجد من الأديان ما يساويه أو يقاربه فى هذه المزية.. وأظن غير المسلمين يعترفون لهذا الدين بهذه الخاصة الجليلة.
            إن العقل مشرق الإيمان، فمن تحوّل عنه فقد دابر الإيمان ، وإن فرقا بين ما لا يصل العقل إلى كنهه، فيعرفه بأثره، وبين ما يحكم العقل باستحالته، فالأول معروف عند العقل، يقر بوجوده، ويقف دون سرادقات عَزّتْهٌ، أما الثاني فمطروح من نظره، ساقط من اعتباره، لا يتعلق به عقد من عقوده، فكيف يصدق به وهو قاطع بعدمه ؟ ! .
            لقد بدأ الإنسان بداية لا تميزه عن غيره من الحيوانات !.. لكن نقطة الافتراق كانت قوته العاقلة .. والله قد جعل قوة العقل للإنسان محور صلاحه وفلاحه .. والحكمة ـ وآلتها العقل ـ هي مقننة القوانين، وموضحة السبل، وواضعة جميع النظامات، ومعينة جميع الحدود ، وشارحة حدود الفضائل والرذائل، وبالجملة، فهي قوام الكمالات العقلية والخلقية .. فهي أشرف الصناعات.
            إن الإنسان من أكبر أسرار هذا الكون، ولسوف يستجلى بعقله ما غمض وخفي من أسرار الطبيعة، وسوف يصل بالعلم وإطلاق سراح العقل إلى تصديق تصوراته، فيرى ما كان من التصورات مستحيلاً قد صار ممكنا، وما صوره جموده بأنه خيال قد أصبح حقيقة.
            إن أول ركن بني عليه الدين الإسلامي : صقل العقول بصقال التوحيد، وتطهيرها من لوث الأوهام، وسعادة الأمم لا تتم إلا بصفاء العقول من كدرات الخرافات وصدأ الأوهام، فإن عقيدة وهمية لو تدنس بها العقل لقامت حجابًا كثيفًا يحول بينه وبين حقيقة الواقع ويمنعه من كشف نفس الأمر، بل إن خرافة قد تقف بالعقل عن الحركة الفكرية وتدعوه بعد ذلك أن يحمل المثل على مثله، فيسهل عليه قبول كل وهم، وتصديق كل ظن، وهذا مما يوجب بعده عن الكمال، ويضرب له دون الحقائق ستاراً لا يخرق، وفوق ذلك ما تجلبه الأوهام على النفوس من الوحشة وقرب الدهشة، والخوف مما لا يخيف، والفزع مما لا يفزع .
            إن دين الإسلام قد فتح أبواب الشرف فى وجوه الأنفس .. وقرر المزايا على قاعدة الكمال العقلي والنفسي لا غير، فالناس إنما يتفاضلون بالعقل والفضيلة .. وعقائد الأمة ـ وهي أول رقم ينقش فى ألواح نفوسهاـ يجب أن تكون مبنية على البراهين القويمة والأدلة الصحيحة، وأن تتحامي مطالعة الظنون فى عقائدها، وتترفع عن الاكتفاء بتقليد الآباء فيها، فإن معتقدا لاحت العقيدة في مخيلته بلا دليل ولا حجة لا يكون موقنّا، فلا يكون مؤمنا .. وأولئك المتبعون للظن ، القانعون بالتقليد تقف بهم عقولهم عند ما تعودت إدراكه، فلا يذهبون مذاهب الفكر، ولا يسلكون طرائق النظر، وإذا استمر بهم ذلك تغشّتهم الغباوة بالتدريج، ثم تكاتفت عليهم البلادة حتى تعطل عقولهم عن أداء وظائفها العقلية بالمرة، فيدركها العجز عن تمييز الخير من الشر، فيحيط بهم الشقاء، ويتعثر بهم البخت، وبئس المآل مآلهم .
            هذا هو الإسلام ".

            نقلا عن

            http://www.almesryoon.com/ShowDetail...Page=1&Part=10
            أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
            والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
            وينصر الله من ينصره

            تعليق

            • سيف الكلمة
              إدارة المنتدى

              • 13 يون, 2006
              • 6036
              • مسلم

              #7
              الفاتيكان والإسلام (7) د. محمد عمارة
              د. محمد عمارة : بتاريخ 10 - 10 - 2007

              ألم يقرأ عظيم الفاتيكان ـ وأستاذ الفلسفة ـ شيئا من هذا الذي كتبه فيلسوف الشرق جمال الدين الأفغاني .. عن تفرد الإسلام ـ دون غيره من الأديان ـ بالعقلانية .. وشهادة خصومه له بهذا التفرد؟ ! ..
              وهل يجوز لمثله ـ عن يتصدى للحديث عن موقف الإيمان الإسلامي من العقل والعقلانية ـ أن يجهل هذه "المقالات " الشهيرة ـ حتى في اللغات الغربية ـ عن
              العقلانية الإسلامية ؟! ..
              ثم .. ألم يسمح بابا الفاتيكان عن الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده [ 1266 – 1323 هـ /1848 – 1905 م] ـ وهو الذي وضعت حول فكره وإبداعاته العديد من الرسائل الجامعية التي كتبها لاهوتيون غربيون .. والذي راسل وحاور العديد من فلاسفة الغرب ومفكريه .. من "تولستوى" [1828ـ 1910م] إلى سبنسر [ 1820 – 1903م] إلى هانوتو [1853ـ 1944م ] .. وغيرهم .. وهو الذي صاغ العقلانية الإسلامية المتفردة مقالا نفيسَا، قارن فيه بين عقلانية الإسلام ولا عقلانية عقيدة بابا الفاتكان !! ..
              ألم يسمع البابا بديكتوس السادس عشر بما كتبه محمد عبده عن:
              "أن الإنسان: كون عقلي، سلطان وجوده العقل، فإن صلح السلطان ونفذ حكمه، صلح ذلك الكون وتم أمره .. والعقل من أجلّ القوي، بل هو قوة القوي الإنسانية وعمادها، والكون صحيفته التي ينظر فيها، وكتابه الذي يتلوه، وكل ما يقرأ فيه فهو هداية إلى الله وسبيل للوصول إليه ..
              والعقل هو جوهر إنسانية الإنسان، وهو أفضل القوى الإنسانية على الحقيقة ..
              ولقد تآخى العقل و الدين ـ [ في الإسلام ] ـ لأول مرة فى كتاب مقدس على لسان نبي مرسل ، بتصريح لا يقبل التأويل، وتقرر بين المسلمين كافة ـ إلا من لا ثقة بعقله ولا بدينه ـ أن من قضايا الدين ما لا يمكن الاعتقاد به إلا من طريق العقل، كالعلم بوجود الله، وبقدرته على إرسال الرسل، وعلمه بما يوحى إليهم، وإرادته لاختصاصهم برسالته، وما يتبع ذلك وما يتوقف عليه فهم معني الرسالة ، كالتصديق بالرسالة نفسها..
              كما أجمعوا على أن الدين إن جاء بشيء، قد يعلو على الفهم، فلا يمكن أن يأتي بما
              يستحيل عند العقل ..
              وأول أساس وضع عليه الإسلام: هو النظر العقلي، والنظر عنده هو وسيلة الإيمان
              الصحيح، فقد أقامك منه على سبيل الحجة، وقاضاك إلى العقل، ومن قاضاك إلى حاكم فقد أذعن إلى سلطته، فكيف يمكنه بعد ذلك أن يجور أو يثور عليه ؟
              بلغ هذا الأصل بالمسلمين أن قال قائلون من أهل السنة : إن الذي يستقصي جهده في الوصول إلى الحق، ثم لم يصل إليه، ومات طالبا غير واقف عند الظن، فهو ناج.
              فأي سعة لا ينظر إليها الحرج أكمل من هذه السعة ؟
              ولقد اتفق أهل الملة الإسلامية ـ إلا قليلاََ ممن لا ينظر إليه ـ على أنه إذا تعارض العقل
              والنقل أخذ بما دل عليه العقل، وبقى فى النقل طريقان : طريق التسليم بصحة المنقول،
              مع الاعتراف بالعجز عن فهمه، وتفويض الأمر إلى الله فى علمه. والطريق الثانية:
              تأويل النقل، مع المحافظة على قوانين اللغة، حتى يتفق معناه مع ما أثبته العقل.
              وإنه لا يقين مع التحرج من النظر، وإنما يكون اليقين بإطلاق النظر في الأكوان،
              طولها وعرضها، حتى يصل إلى الغاية التي يطلبها بدون تقييد.
              فإنه يخاطب ـ فى كتابه ـ الفكر والعقل والعلم بدون قيد ولا حد . والوقوف عند
              حد فهم العبارة مضر بنا، ومناف لما كتبه أسلافا من جواهر المعقولات.. والقرآن قد دعا الناس إلى النظر فيه بعقولهم، فهو معجزة عرضت على العقل، وعرفته القاضي فيها، وأطلقت له حق النظر في أنحائها، ونشر ما انطوى في أثنائها .. فالإسلام لا
              يعتمد على شئ سوى الدليل العقلي، والفكر الإنساني الذي يجري على نظامه الفطري ، فلا يدهشك بخارق للعادة، ولا يعشى بصرك بأطوار غير معتادة، ولا يخرس لسانك بقارعة سماوية، ولا يقطع حركة فكرك بصيحة إلهية ..
              والمرء لا يكون مؤمنا إلا إذا عقل دينه وعرفه بنفسه حتى اقتنع به . فمن ربّيَ على التسليم بغير عقل، والعمل ـ ولو صالحا ـ بغير فقه فهو غير مؤمن، لأنه ليس القصد من الإيمان أن يذلل الإنسان للخير كما يذلل الحيوان، بل القصد منه أن يرتقي عقله
              وتتزكى نفسه بالعلم بالله والعرفان في دينه، فيعمل الخير؛ لأنه يفقه أنه الخير النافع
              المرضي لله، ويترك الشر؛ لأنه يفهم سوء عاقبته ودرجة مضرته فى دينه ودناه ويكون فوق هذا على بصيرة وعقل في اعتقاده .. فالعاقل لا يقلد عاقلاً مثله، فأجدر به أن لا يقلد جاهلاً هو دونه !
              وإذ القول بنفي الرابطة بين الأسباب والمسببات جدير بأهل دين ورد فى كتابه أن
              الإيمان وحده كاف في أن يكون للمؤمن أن يقول للجبل تحول عن مكانك، فيتحول
              الجبل! .. يليق بأهل دين تعد الصلاة وحدهاـ إذا أخلص المصلى فيهاـ كافية فى اقدراه
              على تغيير سير الكواكب وقلب نظام العالم العنصري! .. وليس هذا الدين هو دين الإسلام !
              دين الإسلام هو الذي جاء في كتابه: (وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ) [التوبة: 105] ـ (وأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ ومِن رِّبَاطِ الخَيْلِ)[ الأنفال:60] ـ (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ولَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) [ الأحزاب: 62]. وأمثالها.
              وليس من الممكن لمسلم أن يذهب إلى ارتفاع ما بين حوادث الكون من الترتب في السببية والمسببية إلا إذا كفر بدينه قبل أن يكفر بعقله!.
              إن الله في الأمم والأكوان سننا لا تتبدل .. وهى التي تسمى شرائع أو نواميس، أو قوانين .. ونظام المجتمعات البشرية وما يحدث فيها، هو نظام واحد لا يتغير ولا يتبدل. وعلى من يطلب السعادة في المجتمع أن ينظر فى أصول هذا النظام حتى يرد إليه أعماله، ويبني عليها سيرته، وما يأخذ به نفسه، فإنه غفل عن ذلك غافل فلا ينتظر إلا
              الشقاء، وإن ارتفع في الصالحين نسبه، أو اتصل بالمقربين سببه. فمهما بحث الناظر
              وفكر، وكشف وقرر أتى لنا بأحكام تلك السنن، فهو يجرى مع طبيعة الدين، وطبيعة
              الدين لا تتجافي عنه، ولا تنفر منه (قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ) [آل عمران: 137].
              إن إرشاد الله إيانا إلى أن له في خلقه سننا، يوجب علينا أن نجعل هذه السنن علماً من العلوم المدونة، لتقديم ما فيها من الهداية والموعظة على أكمل وجه، فيجب على
              الأمة ـ في مجموعها ـ أن يكون فيها قوم يبيون لها من سن الله في خلقه، كما فعلوا في
              غير هذا العلم من العلوم والفنون التي أرشد إليها القرآن بالإجمال، وبينها العلماء
              بالتفصيل عملا بإرشاده، كالتوحيد والأصول والفقه.
              والعلم بسنن الله تعالى من أهم العلوم وأنفعها، والقرآن يحيل عليه في مواضع
              كثيرة، وقد دلنا على مأخذه من أحوال الأمم؛ إذ أمرنا أن نسير في الأرض لأجل
              اجتلائها ومعرفة حقيقتها ..
              وبهذا الأصل، الذي قام عليه الكتاب وصحيح السنة وعمل النبي صلى الله عليه وسلم مهدت بين يدي العقل كل سبيل، وأزيلت من سبيله جميع العقبات، واتسع له المجال إلى غير حد .. ".
              وبعد هذا "المقال في العقلانية الإسلامية"، التي تفرد بها الإسلام دون سائر الديانات .. ينبه الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده على تميز هذه العقلانية الإسلامية بأنها "عقلانية مؤمنة " تميزت بالوسطية الإسلامية الجامعة بين "العقل" و "الوحي" ـ بين "السنن الكونية : كتاب الله المنظور" وبين "آيات الوحي والشرع : كتاب الله المسطور" .. فهي بريئة من "اللاهوت الخرافي" براءتها من "الغرور العقلاني" .. بريئة من العقلانية المجردة من النقل ـ كما كان الحال في الحقبة الإغريقية ـ وبريئة من العقلانية المادية الوضعية التي جاءت ـ في النهضة الأوروبية ـ ثورة على اللاهوت اللاعقلاني
              ولذلك، ضبط الإمام محمد عبده هذه العقلانية الإسلامية المؤمنة .. عندما قال :
              " .. فالعقل البشري وحده ليس فى استطاعته أن يبلغ بصاحبه ما فيه سعادته في هذه الحياة، اللهم إلا في قليل ممن لم يعرفهم الزمن، فإن كان لهم من الشأن العظيم ما به عرفهم أشار إليهم الدهر بأصابع الأجيال :
              وقد يكون من الأعمال ما لا يمكن درك حسنه، ومن المنهيات ما لا يعرف وجه
              قبحه، وهذا النوع لا حسن له إلا الأمر ولا قبح إلا النهى ! ..
              إن مجرد البيان العقلي لا يدفع نزاعا ولا يرد طمأنينة، وقد يكون القائم على ما وضع من شريعة العقل يزعم أنه أرفع من واضعها، فيذهب بالناس مذهب شهواته، فتذهب حرمتها، وينهدم بناؤها، ويفقد ما قصد بوضعها ..
              وإذا قدّرنا عقل البشر قدره، وجدنا غاية ما ينتهي إليه كماله إنما هو الوصول إلى معرفة عوارض الكائنات التي تقع تحت الإدراك الإنساني .. أما الوصول إلى كنه حقيقة فمما لا تبلغه قوته ..
              ومن أحوال الحياة الأخرى ما لا يمكن لعقل بشرى أن يصل إليه وحده .. لهذا كان العقل محتاجا إلى معين يستعين به في وسائل السعادة في الدنيا والآخرة ..
              فالعقل هو ينبوع اليقين في الإيمان بالله، وعلمه، وقدرته، والتصديق بالرسالة .. أما النقل، فهو الينبوع فيما بعد ذلك من علم الغيب، كأحوال الآخرة، والعبادات ..
              والذي علينا اعتقاده: أن الدين الإسلامي دين توحيد في العقائد، لا دين تفريق في القواعد، والعقل من أشد أعوانه، والنقل من أقوي أركانه.. ".(48)
              وعلى هذا الدرب .. درب العقلانية الإسلامية، المتميزة بإعلاء مقام العقل، مع الوسطية التي تجمع بين العقل لعالم الشهادة، والإيمان بالنقل المصور لعالم الغيب ..
              أي العقلانية الجامعة بين العلم والغيب .. على هذا الدرب يسير الشيخ حسن البنا [1324 – 1368 هـ / 1906 – 1949 م] عندما يقول:
              "إن الإسلام لم يحجر على أفكار، ولم يحبس العقول .. بل جاء يحرر العقل، ويجث على النظر في الكون، ويرفع قدر العلم والعلماء، ويرحب بالصالح النافع من كل شيء. "والحكمة ضالة المؤمن أنًّى وجدها فهو أحق الناس به".
              "وقد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الآخر، ولكنهما لن يختلفا في القطعي، فلن تصطدم حقيقة علمية بقاعدة شرعية ثابتة، ويؤول الظني منها ليتفق مع القطعي، فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعي أولى بالإتباع حتى يثبت
              العقلي أو ينهار ..
              ولقد تذبذب تاريخ العقل البشرى بين:
              اـ طور الخرافة والبساطة والتسليم المطلق للغيب.
              2ـ وطور الجمود والمادية والتنكر لهذا الغيب المجهول .
              وكلا هذين اللونين من ألوان التفكير خطأ صريح، وغلو فاحش، وجهالة من الإنسان بما يحيط بالإنسان، فلقد جاء الإسلام الحنيف يفصل القضية فصلا حقّا .. فجمع بين الإيمان بالغيب والانتفاع بالعقل ..
              إن المجتمع الإنساني لن يصلحه إلا اعتقاد روحي يبعث فى النفوس مراقبة الله .. في
              الوقت الذي يجب على الناس فيه أن يطلقوا لعقولهم العنان لتعلم وتعرف وتخترع وتكتشف وتسخر هذه المادة الصماء، وتنتفع بما فى الوجود من خيرات وميزات .. فإلى هذا اللون من التفكير الذي يجمع بين العقليتين : الغيبية والعلمية ندعو الناس"(49).
              نقلا عن

              http://www.almesryoon.com/ShowDetail...Page=1&Part=10
              أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
              والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
              وينصر الله من ينصره

              تعليق

              • سيف الكلمة
                إدارة المنتدى

                • 13 يون, 2006
                • 6036
                • مسلم

                #8
                الفاتيكان والإسلام (8) د. محمد عمارة
                د. محمد عمارة : بتاريخ 15 - 10 - 2007
                هكذا تبلورت فى الإسلام ـ الدين .. والحضارة .. والتاريخ ـ عقلانية مؤمنة متميزة عن غيرها من العقلانيات التي عرفتها شرائع أخرى .. وحضارات أخرى .
                ـ فالإنسان كون عقلي .. سلطان وجود العقل ..
                ـ والعقل هو جوهر الإنسان .. ومن أجل القوى الإنسانية .. بل هو قوة القوى الإنسانية وعمادها .
                ـ ولقد تآخى العقل والدين فى القرآن لأول مرة فى تاريخ الشرائع السماوية .
                ـ الله ـ فى القرآن ـ لا يخاطب إلا الفكر والعقل والعلم ، بدون قيد ولا حد .
                ـ والقرآن معجزة عقلية، عرضت على العقل، وعرفته القاضي فيها .
                ـ والمسلم لا يكون مؤمنا حقا إلا إذا عقل دينه وعرفه بنفسه حتى اقتنع به .
                ـ والعقل هو مشرق الإيمان الديني .
                ـ والسعادة الإنسانية هي من نتائج العقل والبصيرة .
                ـ وسعادة الأمم لا تتم إلا بصفاء العقول من كدرات الخرافات وصدأ الأوهام .
                ـ والسببية .. والسنن والقوانين هي الحاكمة للكون والاجتماع .
                ـ وأول واجب على الإنسان هو النظر .. والشك المنهجي هو الطريق إلى اليقين .
                ـ والعقل هو ينبوع اليقين في الإيمان بالله .. والتصديق بالرسالة .. أما النقل فهو الينبوع فيما بعد ذلك من علم الغيب .. فالعقل من أشد أعوان الإسلام .. والنقل من أقوى أركان الإسلام .
                ***
                ثم .. من أين جاء عظيم الفاتيكان ـ أستاذ الفلسفة ـ بهذه "البدعة " التي زعم فيها أن مسيحيته متفوقة في العقلانية على الإسلام ؟ ! .
                ألم يقرأ مقارنة الإمام محمد عبده بين الدينين فى هذا المقام ؟ .. وكيف أن (أحد أصول النصرانية ـ الذي لا يختلف فيه كاثوليك ولا أرثوذكس ولا بروتستانت ـ هو أن الإيمان منحة لا دخل للعقل فيها، وأن من الدين ما لا يقبله العقل ، بمعنى ما يناقض أحكام العقل ومنطقه، وهو مع ذلك مما يجب الإيمان به .. ولقد قال القديس "أنسيلم" [1033ـ 1109م ] : "يجب أن تعتقد أولا بما يعرض على قلبك بدون نظر .. فليس الإيمان في حاجة إلى نظر العقل، والكون وما فيه لا يهم المؤمن أن يجيل فيه نظره"!!.. بينما أول أماس وضع عليه الإسلام هو النظر العقلي، والنظر العقلي هو أساس الإيمان الصحيح..) .
                فأين هي العقلانية المسيحية ـ وهذا كلام القديس "أنسيلم"؟! .. فضلاً عن أن تكون عقلانيتها متفوقة على العقلانية الإسلامية ـ التي قدمنا الشواهد من مقالاتها؟! .
                لقد قرر الإسلام ـ وقرر فلاسفته ومفكروه ـ أن العقل هو الطريق إلى معرفة الله ـ سبحانه وتعالى ـ لأن العقل يتفكر ويتدبر ويتعقل في الخلق، فيدرك أنه لا بد من خالق متصف بكل صفات الجلال والكمال .. ولذلك كانت أول فريضة على الإنسان ـ إسلاميا ـ هي فريضة النظر! حتى قبل الإيمان بالكتب والنبوات والرسالات !! (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ) [يونس: 101] ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ) [ العنكبوت: 20]
                وإذا جاز لبابا الفاتيكان أن يجهل هذا التراث الإسلامي القديم والحديث في العقلية الإسلامية ـ المتميزة .. والمتفوقة .. والمتفردة ـ .. وهذا غير جائزـ فكيف له أن يجهل ـ وهو أستاذ للفلسفة ـ ما كتبه المستشرق الإنجليزي "ألفريد جيوم " عن تفرد الفلسفة الإسلامية بتأسيسها على الدين الإسلامي .. وذلك عندما قال : "إن قوة الحركة الاعتزالية ـ التي أسست علم الكلام الإسلامي .. والفلسفة الإسلامية قبل عصر الترجمة عن الإغريق ـ مردها جهود أولئك الذين حاولوا أقصى ما في طوقهم إقامة علم الكلام الإسلامي على أسس ثابتة من الفلسفة، مصرين في الوقت نفسه على أن تكون تلك الأسس منطقية، ثم الانسجام بينها وبين الفلسفة التي يجب أن تدرس بوصفها من صميم العقيدة الدينية .. " .
                * ثم .. أين هي العقلانية ـ يا عظيم الفاتيكان ـ في الدين الذي ينتهك قوانين السببية، ويقررـ فى كتابه ـ أن الإيمان وحده كاف في أن يكون للمؤمن أن يقول للجبل تحول عن مكانك فيتحول الجبل ! وأن الصلاة وحدها كافية فى إقدار المصلى على تغيير سير الكواكب، وقلب نظام العالم وتركيبه العنصري؟! .
                * بل أين هي حتى ظلال العقلانية فى الدين الذي لا يزال أهله ـ حتى القرن الحادي والعشرين ـ يعتقدون أن " تمتمات" ببعض الكلمات اللاتينية، تحول الخبز والخمر إلى لحم معبودهم ودمه ! .. ثم "يتناولونه" ـ يتناولون معبودهم ويأكلونه ـ ليذهبوا بعد ذلك بفضلات هذا المعبود إلى حيث يعرف الجميع !! .
                * أين هي العقلانية التي تتحدث عنها وتباهى بها يا عظيم الفاتيكان، وها هو القديس "أوغسطين " [ 354ـ 430م ] يقول : "أؤمن بهذا لأنه محال أو غير معقول !! .. كما يقول القس وهيب الله عطا: " إن التجسيد قضية فيها تناقض مع العقل والمنطق والحس والمادة والمصطلحات الفلسفية ، ولكننا نصدق ونؤمن أن هذا ممكن حتى ولو لم يكن معقولاً" !! .
                * أين هي العقلانية عند الذين يقول كتابهم : "اعتقد وأنت أعمي" !!.. "أغمض عينيك ثم اتبعني" !! .
                * وإذا كنت ـ يا عظيم الفاتيكان ـ لم تقرأ ما جاء في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والفلسفة الإسلامية والفكر الإسلامي عن مقام العقل في الإسلام .. فهل يليق بمثلك أن تجهل ما كتبه علماء الغرب عن هذه العقلانية الإسلامية، ودورها في انتشار الإسلام ؟ ! .. وما كتبوه عن لا عقلانية مسيحيتك الرومانية، التي غبشتها وأفسدتها الثقافة الهلينية، وملأتها بالأسرار والألغاز .. ودور هذه اللاعقلانية في
                هزيمة مسيحيتك أمام عقلانية الإسلام ؟ ! .
                كيف جهلت ـ يا عظيم الفاتيكان ـ ما كتبه العلماء الأعلام الغربيون الذين جمعوا بين فقه الإسلام وفقه النصرانية .. ومنهم العلامة سير توماس أرنولد [ 1864- 1930م] عملاق الثقافة الإنجليزية .. الذي أورد فى كتابه الفذ [الدعوة إلى الإسلام] شهادات العلماء والفلاسفة واللاهوتيين والمستشرقين الغربيين على عقلانية الإسلام .. وعلى امتلاء المسيحية بالأسرار والألغاز التي يستحيل فهمها حتى على أهل الاختصاص .
                لقد قال العلامة سير توماس أرنولد : (ولا يستطيع أي فرد أن يوضح الطابع العقلي للعقيدة الإسلامية، وما جنته من هذا الطابع من الفائدة فى نشر الدعوة، توضيحا يبعث على الإعجاب، بأكثر مما وضحه البروفسور "إدوارد مونتيه" [ 1856 – 1927م] فى العبارات التالية : " الإسلام فى جوهره دين عقلي بأوسع معاني هذه الكلمة من الوجهتين الاشتقاقية والتاريخية، فإن تعريف الأسلوب العقلي Rationalism بأنه طريقة تقييم العقائد الدينية على أسس من المبادئ المستمدة من العقل والمنطق، ينطبق على الإسلام تمام الانطباق .. إن لدين محمد كل العلامات التي تدل على أنه مجموعة من العقائد قامت على أساس المنطق والعقل .. إن الإيمان باالله والآخرة ـ فى الإسلام ـ يستقران في نفس المتدين على أساس ثابت من العقل والمنطق، ويلخصان كل تعاليم العقيدة التي جاء بها القرآن. وإن بساطة هذه التعاليم ووضوحها لهى على وجه التحقيق من أظهر القوى الفعالة في الدين وفي نشاط الدعوة إلى الإسلام .
                لقد حفظ القرآن منزلته من غير أن يطرأ عليه تغيير أو تبديل، باعتباره النقطة الأساسية التي بدأت منها تعاليم هذه العقيدة، وقد جهر القرآن دائما بمبدأ الوحدانية في عظمة وجلال وصفاء لا يعتريه التحول . ومن العسير أن نجد فى غير الإسلام ما يفوق تلك المزايا .. وفي هذا تكمن الأسباب الكثيرة التي تفسر لنا نجاح جهود الدعاة المسلمين.
                وكان من المتوقع لعقيدة محددة كل التحديد خالية كل الخلو من جميع التعقيدات الفلسفية ـ ثم هي تبعا لذلك في متناول إدراك الشخص العادي- أن تمتلك ـ وإنها لتمتلك فعلا ـ قوة عجيبة لاكتساب طريقها إلى ضمائر الناس") .
                * وغير شهادة هذا العالم الفرنسي "مونتيه " ـ الخبير بالقرآن والإسلام والخبير بالكاثوليكية ـ يورد العلامة سير توماس أرنولد شهادة اللاهوتي الإيطالي "الأب مراتشى" [ 1612 – 1700 م] ، وهو الذي نشر القرآن متنا وترجمه بالإيطالية .. كما أسهم فى ترجمة العهدين القديم والجديد .. . يورد "أرنولد" شهادة "مراتشي " على عقلانية الإسلام، والتى يقول فيها : "لو قارن إنسان بين أسرار الحالة الطبيعية البسيطة التي فاقت طاقة الذكاء البشري، أو التي هي على الأقل من الصعوبة بمكان، إن لم تكن مستحيلة [ العقيدة المسيحية] وبين عقيدة القرآن، لانصرف عن الأولي في الحال، وأسرع إلى الثانية في ترحيب وقبول..".
                * وغير هاتين الشهادتين الغربيتين على تميز الإسلام وامتيازه في العقلانية ـ بل وتفرده بها ، وخاصة إذا ما قورن بالنصرانية ـ يورد العلامة سير توماس أرنولد شهادات غربية على أن هذه العقلانية هي السر في هذا الانتشار الذي شهدته هذه العقيدة الإسلامية.. يورد شهادة الأمير والمستشرق الإيطالي "كايتاني ـ ليون" Caetani [ 1869ـ 1926م ] ـ وهو الخبير في الإسلام والدراسات الإسلامية .. وصاحب الإنجازات المتميزة في تحقيق التراث الإسلامي ـ التي يقول فيها : " إن انتشار الإسلام بين نصارى الكنائس الشرقية إنما كان نتيجة شعور باستياء من السفسطة المذهبية التي جلبتها الروح الهلينية إلى اللاهوت المسيحي.
                أما الشرق الذي عرف بحبه للأفكار الواضحة البسيطة، فقد كانت الثقافة الهلينية وبالاَ عليه من الوجهة الدينية؛ لأنها أحالت تعاليم المسيح البسيطة السامية إلى عقيدة محفوفة بمذاهب عويصة، مليئة بالشكوك والشبهات، فأدي ذلك إلى خلق شعور من اليأس، بل زعزع أصول العقيدة الدينية ذاتها.
                فلما أهلّت آخر الأمر أنباء الوحي الجديد فجأة من الصحراء، لم تعد المسيحية الشرقية التي اختلطت بالغش والزيف، وغرقت بفعل الانقسامات الداخلية، وتزعزعت قواعدها الأساسية، واستولي على رجالها اليأس والقنوط من مثل هذه الريب، لم تعد المسيحية بعد ذلك قادرة على مقاومة وإغراء هذا الدين الجديد الذي بدد بضربة من ضرباته كل الشكوك التافهة، وقدم مزايا مادية جليلة إلى جانب مبادئه الواضحة البسيطة التي لا تقبل الجدل.. وحينئذ ترك الشرق المسيح وارتمي في أحضان نبي بلاد العرب".
                * وغير هذه "الشهادة ـ الوثيقة" لكايتاني على أن عقلانية الإسلام هي السر في انتشاره السريع، وانتصاره على اللاعقلانية المسيحية ، قدم "أرنولد" شهادة الفيلسوف الأمريكي "جون تايلور" [ 1753 ـ 1824 م] .. والتي يقول فيها: " إنه من اليسير أن ندرك لماذا انتشر هذا الدين الجديد بهذه السرعة في إفريقيا وآسيا. كان أئمة اللاهوت في إفريقيا والشام قد استبدلوا بديانة المسيح عقائد ميتافيزيقية عويصة، وذلك أنهم حاولوا أن يحاربوا ما ساد هذا العصر من فساد بتوضيح فضل العزوبية في السماء، وسمو البكورية إلى مرتبة الملائكة، فكان اعتزال العالم هو الطريق إلى القداسة، والقذارة صفة لطهارة الرهبنة، وكان الناس في الواقع مشركين يعبدون زمرة من الشهداء والقديسين والملائكة، كما كانت الطبقات العليا مخنثة يشيع فيها الفساد ، والطبقات الوسطي مرهقة بالضرائب، ولم يكن للعبيد أمل في حاضرهم ولا مستقبلهم، فأزال الإسلام ـ بعون من الله ـ هذه المجموعة من الفساد والخرافات.
                لقد كان ثورة على المجادلة الجوفاء في العقيدة، وحجة قوية ضد تمجيد الرهبانية باعتبارها رأس التقوى . ولقد بين أصول الدين التي تقول بوحدانية الله وعظمته، كما بين أن الله رحيم عادل يدعو الناس إلى الامتثال لأمره والإيمان به وتفويض الأمر إليه ، وأعلن أن المرء مسئول، وأن هناك حياة آخرة ويوما للحساب، وأعد للأشرار عقاباً أليما، وفرض الصلاة والزكاة والصوم وفعل الخير، ونبذ الفصائل الكاذبة والدجل الديني والترهات والنزعات الأخلاقية الضالة وسفسطة المنازعين في الدين، وأحل الشجاعة محل الرهبنة، ومنح العبيد رجاء، والإنسانية إخاء، ووهب الناس إدراكا للحقائق الأساسية، التي تقوم عليها الطبيعة البشرية" .

                http://www.almesryoon.com/ShowDetail...Page=1&Part=10
                أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                وينصر الله من ينصره

                تعليق

                • سيف الكلمة
                  إدارة المنتدى

                  • 13 يون, 2006
                  • 6036
                  • مسلم

                  #9
                  الفاتيكان والإسلام (9)
                  إذا كان عظيم الفاتيكان ـ أستاذ الفلسفة ـ قد جهل عقلانية الإسلام ـ كما جاءت في مصادره ـ فلماذا تجاهل ما كتبه علماء الغرب في هذا الميدان .. وهو شهير ومنشور بمختلف اللغات الغربية التي يتقنها عظيم الفاتيكان ؟!.. أم أن " الغرض" هو "المرض"! الذي جعل الرجل يتجاهل هذا "المقال الغربي" في عقلانية الإسلام .. ولا عقلانية المسيحية التي انتصر عليها الإسلام ؟!.
                  ***
                  ويا ليت الأمر قد وقف بهذا البابا عند "الجهل" و"التجاهل" ، ذلك أن بابا الفاتيكان ـ بنديكتوس السادس عشر ـ قد استند في حكمه على الإيمان الإسلامي بأنه لا عقلاني ولا منطقي .. وأنه "إيمان وثني أعمي"! ..استند إلى نص منسوب إلى الإمام الفيلسوف والفقيه ابن حزم الأندلسي [ 384 – 456 هـ / 994 – 1064 م] .. فقال: " لقد ذهب ابن حزم إلى حد الإقرار بأن الرب الله لا يلتزم حتى بكلمته الخاصة، وأنه ما من شيء يلزمه بكشف الحقيقة لنا..".
                  ثم علق البابا ـ في محاضرته ـ على هذه "الفكرة" المنسوبة لابن حزم، فقال ـ مقارناً هذه "الفكرة" باعتقاده المسيحي ـ : " إن القول الفصل في النقاش حول التحول العقائدي باستخدام العنف هو أن عدم التصرف وفقا للعقل هو أمر مناهض لطبيعة الرب .. ولكن بالنسبة للتعاليم الإسلامية فإن الرب مطلق السمو، فمشيئته لا تتماشي مع أي من خصائصنا، بما فيها العقلانية".
                  ثم خلص ـ هذا البابا ـ إلى وصف الإيمان الإسلامي بأنه إيمان وثني أعمي.. وبنص عبارته: " ففيما يتعلق بإرادة الله ـ في الإسلام ـ ينبغي علينا التعبد بشكل وثني أعمي"!!.
                  وأمام هذا الحكم الفاجر ـ وليس فقط الجائر ـ على الإيمان الإسلامي .. لابد من وقفات:
                  * إن بابا الفاتيكان ـ بنديكتوس السادس عشر ـ هو أستاذ للفلسفة ، مارس العمل الأكاديمي وتقاليد البحث العلمي الأكاديمية قبل أن ينخرط في سلك الكهنوت.. ولقد تولى ـ في الفاتيكان ـ قبل البابوية "عمادة كلية الكاردينالات" .. ومن تقاليد البحث العلمي ـ التي يعرفها حتى المبتدئون في هذا الميدان ـ الرجوع في الاستشهاد بالنصوص إلى مصادرها الأصلية، فهل صنع ذلك بابا الفاتيكان ـ وهو أستاذ الفلسفة ـ عندما استشهد بابن حزم، وأسس حكمه على الإيمان الإسلامي بأنه لا عقلاني ووثني أعمي، بناء على هذا "الشاهد" الذي استشهد به ؟!.
                  إن أستاذ الفلسفة ـ الحبر الأعظم للفاتيكان ـ قد خان أمانة البحث العلمي.. واستند إلى "شهادة مزور وكاذب"!! فهو لم يرجع إلى ابن حزم ـ وكتبه مترجمة إلى العديد من اللغات الغربية ـ وإنما اعتمد ـ هذا الأستاذ للفلسفة ـ على "منهج العنعنات" ..فاستند إلى مسيحي لبناني هو "عادل تيودور خوري" .. الذي لم يرجع هو الآخر إلى المصادر الأصلية لابن حزم ..وإنما أخذ عن باحث فرنسي في الإسلاميات هو "أرنادليز" ! ..وهذه سقطة وخيانة لتقاليد البحث العلمي ما كان يليق ببابا الفاتيكان ـ أستاذ الفلسفة ـ أن يقع فيها ، خصوصا عندما يتحدث في محاضرة فلسفية ـ عن علاقة الإيمان بالعقل ـ في الجامعة التي كان يدرس فيها الفلسفة .. وإلى نخبة من الأساتذة الجامعيين الأكاديميين! ثم يرتب على هذه السقطة وشهادة الزور ذلك الحكم الجاهل والفاجر على الإيمان الإسلامي ـ الذي يتدين به مليار ونصف المليار من البشر ـ وهو الإيمان الذي يقض انتشاره مضاجع البابا حتى في عقر داره الأوروبية!.
                  * ولقد ظننت في بادئ الأمر ـ لحسن ظني بأمانة الرجل الأكاديمية ـ أن الأمر لا يعدو أن يكون إساءة فهم منه للفكرة المنسوبة لابن حزم ..وظننت أن ابن حزم يدافع عن طلاقة المشيئة الإلهية والقدرة الإلهية في مواجهة المعتزلة الذين "أوجبوا" على الله فعل الصلاح والأصلح ـ الأمر الذي يوهم أنهم قد حدوا من طلاقة القدرة والمشيئة الإلهية ـ وأن الأمر لا يعدو الرفض ـ من ابن حزم ـ لتقييد المشيئة الإلهية والقدرة الربانية.. لكن عنًّ لي أن أختبر مدي الصدق في هذا الذي نسبه البابا إلى ابن حزم، نقلا عن "الأساتذة" الكاثوليك : عادل تيودور خوري .. وأرنادليز.
                  ولم يكن هذا الاختبار بالأمر السهل أو الميسور .. وذلك لأن البابا ـ أستاذ الفلسفة ـ قد وقع في سقطة علمية أخري عندما نسب كلاما لابن حزم، دون أن يقول لنا ما هو الكتاب الذي قال فيه ابن حزم هذا الكلام؟ .
                  إن لابن حزم عشرات الكتب.. وبعض هذه الكتب تبلغ مجلداتها العشرات.. ففي أي كتاب؟.. أو جزء ؟ .. أو صفحة.. وفي أية طبعة من الطبعات يمكن العثور على هذا الذي نسبه البابا إلى الإمام ابن حزم؟ بل في أية لغة من اللغات التي ترجم إليها فكر ابن حزم تم النقل عنه من قبل الذين نقل عنهم بابا الفاتيكان ؟؟!
                  لكن خطر القضية .. وخطورة الحكم الذي حكم به البابا ـ أستاذ الفلسفة ـ على الإيمان الإسلامي، جعلني أستعين بالخبرة في التعامل مع المصادر.. ومظان القضايا والأفكار .. حتى هداني الله فعثرت على المصدر الذي تحدث فيه ابن حزم حول هذا الموضوع في كتابه [ الفصل في الملل والأهواء والنحل].
                  ولقد كانت المفاجأة الأعظم عندما اكتشفت الكذب البواح والاغتيال الفكري الصريح الذي مارسه الحبر الأعظم ـ و"الأساتذة" الكاثوليك الذين نقل عنهم ـ ضد أفكار ابن حزم حول طلاقة المشيئة الإلهية ولا محدودية القدرة الإلهية .
                  منهج الاغتيال الفكري على طريقة [ لا تقربوا الصلاة] و[ ويل للمصلين]!!.. فابن حزم لم يرد في كلامه ولم يخطر بباله أن يقول: " إن الله لا يلتزم حتى بكلمته الخاصة، وإنه ما من شيء يلزمه بكشف الحقيقة لنا.." .. ومن ثم لم يقل إن مشيئة الله منفكة عن العدل والمنطق والمعقول والصلاح والأصلح.. وإنما ميز بين قدرة البشر المحدودة وبين قدرة الله التي لا تحدها حدود .. وأكد ـ في الوقت ذاته ـ بالنصوص الصريحة اتساق المشيئة الإلهية مع الحكمة والرحمة والعدل والمنطق والعقل.. لأنه ـ سبحانه ـ مع طلاقة مشيئته وقدرته، لا يفعل الظلم ولا الجور ولا العبث ولا الكذب، مما لا يليق بذاته المتصفة بصفات الجلال والجمال والكمال ، ومن ثم فلا يصدر عنه ـ سبحانه ـ ما ينافي الحكمة والعقل والمنطق.. لأن فعل ذلك هو من صفات المخلوقين، وليس من صفات الخالق.. وهو ـ سبحانه ـ الذي كتب على نفسه الرحمة.. والذي لا يظلم أحدا .. والذي لا يأمر بالفحشاء ولا المنكر .. والذي أحسن كل شيء خلقه وقدره تقديراً.
                  ولقد كشفت نصوص ابن حزم عن حقيقة الإيمان الإسلامي : الإيمان بمشيئة إلهية وقدرة ربانية لا تعرف الحدود .. ولا تتناهي .. وفي الوقت ذاته منزهة عن مجاوزة الحكمة والرحمة والعدل والمنطق والعقلانية بكل ما تعني هذه المصطلحات عند الذين يفقهون ويعقلون .. وحتى تتكشف "العورة الفكرية" و"السقطة المنهجية" و" الكذبة الكبرى" التي سقط فيها "أستاذ الفلسفة" والحبر الأعظم للفاتيكان ـ هو وحزبه ـ نورد نصوص الإمام ابن حزم حول القدرة الإلهية والمشيئة الربانية في التصور العقدي للإسلام والمسلمين .. وهو في هذه النصوص يقول لمن يسأل:
                  ـ هل طلاقة القدرة الإلهية ـ القادر على كل شيء ـ تجعله فاعلا للكذب مثلا وهو في مقدوره؟
                  فيقول ابن حزم ـ في جواب هذا السؤال ـ : "إن الله تعالي فعال لما يشاء، وعلى كل شيء قدير ..[وكان الله عليما قديرا] ، فأطلق تعالي لنفسه القدرة ، وعم ولم يخص، فلا يجوز تخصيص قدرته بوجه من الوجوه.. فإن قال قائل: فما يؤمنكم إذ هو تعالي قادر على الظلم والكذب والمحال من أن يكون قد فعله أو لعله سيفعله فتبطل الحقائق كلها ولا تصح، ويكون كل ما أخبرنا به كذبا؟".
                  ثم يجيب ابن حزم على سؤال هذا القائل:
                  "وجوابنا في هذا .. أن الله تعالي قادر عليه ولكن لا يفعله ..وأنه تعالي لا يجور ولا يكذب.. ولا يظلم، وأنه تعالي قد أخبرنا بأنه قد تمت كلماته صدقًا وعدلاً ولا مبدل لكلماته، وأنه تعالي قادر، وليس كل ما يقدر عليه يفعله.. وكل من يدين بأن الله حق مجمعون على أنه تعالي لا يكذب ولا يظلم .. وقد صح إطباق جميع سكان الأرض قديما وحديثا، لا نحاشي أحدا، على أن الله لا يظلم ولا يكذب .
                  وقد قام البرهان على أنه تعالي لا يشبه شيء من خلقه في شيء من الأشياء، والخلق عاجزون عن كثير من الأمور، والعجز من صفة المخلوقين، فهو منفي عن الله عز وجل جملة، وليس في الخلق قادر بذاته على كل مسئول عنه، فوجب أن الباري تعالي هو الذي يقدر على كل مسئول عنه .. وكذلك الكذب والظلم من صفات المخلوقين، فوجب يقينًا أنهما منفيان عن الباري تعالي.. فهذا هو الذي آمننا من أن يظلم أو يكذب أو يفعل غير ما علم أنه يفعله، وإن كان تعالي قادرا على ذلك" .
                  هذه هي نصوص الإمام ابن حزم الأندلسي، حول الإيمان الإسلامي بطلاقة المشيئة الإلهية، ولا محدودية القدرة الإلهية.. وفي الوقت ذاته تنزيه الذات الإلهية عن كل ما لا يليق بالحكمة المطلقة .. والعدل المطلق.. والرحمة المطلقة .
                  لقد تنزه ـ سبحانه ـ عن العجز البشري ، وعن فعل ما لا يليق بذاته المنزهة .. لقد خلق كل شيء بقدر.. وكتب على نفسه الرحمة .. وهو (الَذِي أَنزَلَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ والْمِيزَانَ) [ الشورى: 17] ، (وأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ والْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [ الحديد : 25] ، ومن ثم فلا تناقض بين طلاقة قدرته ـ سبحانه ـ وبين الحكمة والمنطق والعقل كما يفهمها الحكماء والعقلاء .
                  تلك هي الحقيقة التي "جهلها ـ وتجاهلها" بابا الفاتيكان ـ أستاذ الفلسفة ـ فافتري على الإمام ابن حزم، ونسب إليه ما لم يقله .. بل افتري عليه عكس ما قاله!!..
                  لقد قال ابن حزم:" لقد أخبرنا الله تعالي بأنه قد تمت كلماته صدقا وعدلاً لا مبدل لكلماته".
                  وافتري البابا على ابن حزم عندما نسب إليه عبارة:" إن الله لا يلتزم حتى بكلمته الخاصة"!!
                  وهكذا بلغ الافتراء حد الفجور .. ثم صعد به إلى حيث عممه على الإيمان الإسلامي، فوصفه بأنه "إيمان وثني أعمي"!! فلم يقف الافتراء عند ابن حزم وإنما عممه البابا على الإسلام .. وكل المؤمنين بالإسلام!.
                  وهكذا تأسس الافتراء الغريب والعجيب على فضيحة علمية من "الوزن الثقيل"! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


                  المصدر المباشر
                  http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=9716
                  أصدق وعد الله وأكذب توازنات القوى
                  والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضـة
                  وينصر الله من ينصره

                  تعليق

                  • الشهيدة
                    مشرفة شرف المنتدى

                    • 15 ديس, 2009
                    • 2314
                    • مترجمة
                    • مسلم

                    #10
                    جزاكم الله خيراً .. وبارك الله فيكم ..
                    .. منْ أُلقيَ عنهُ حُبُّ المالِ فقدْ اسْترَاح ..

                    تعليق

                    مواضيع ذات صلة

                    تقليص

                    المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
                    ردود 0
                    5 مشاهدات
                    0 ردود الفعل
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
                    ردود 3
                    10 مشاهدات
                    0 ردود الفعل
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ يوم مضى
                    ردود 0
                    5 مشاهدات
                    0 ردود الفعل
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                    رد 1
                    10 مشاهدات
                    0 ردود الفعل
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                    ابتدأ بواسطة *اسلامي عزي*, منذ أسبوع واحد
                    ردود 0
                    5 مشاهدات
                    0 ردود الفعل
                    آخر مشاركة *اسلامي عزي*
                    بواسطة *اسلامي عزي*
                    يعمل...