علي محمد موري ( اليابان )
باحث اجتماعي وواعظ
منذ حوالي ثمانية عشر عاما كنت في منشوريا وكان اليابانيون مسيطرين عليها وكان لقائي الأول مع جماعة مسلمة في صحراء قريبا من بيكنج . كانت التقوى بادية في حياتهم وقد تأثرت بنمط عيشهم وسلوكهم في الحياة وكان هذا الأثر يزداد في نفسي عمقا كلما تعمقت في سفري داخل منشوريا .
وعدت إلى اليابان في صيف سنة 1946م بعد هزيمتها فوجدت الأوضاع قد تبدلت كلية فيها . ورأيت تغيرا رهيبا في تفكير الجماهير فالبوذية التي كانت يؤمن بها غالبية اليابانيين قد استشرى فيها الفساد وبعد أن كانت تلهم الناس سبل الخلاص إذا بها تصبح ذات تأثير مضلل في صفوف المجتمع .
وبعد الحرب أخذت المسيحية في الانتشار السريع بين اليابانيين بعد أن ظلت خلال التسعين سنة الأخيرة لا تعدو كونها دينا شكليا فقد بدأ الشباب النقي البسيط يعتنق المسيحية بعد أن فقدوا عواطفهم نحو البوذية ، ولكن سرعان ما خابت ظنونهم ورأوا خلف أستار المسيحية أصابع رأس المال البريطاني والأمريكي وأطماعه , لقد بدأت الشعوب المسيحية تتخلى عن مسيحيتها في بلادهم وها هم الآن يصدرونها إلى خارج بلادهم لخدمة مصالحهم الرأسمالية .
والموقع الجغرافي لليابان بين روسيا من جانب وأمريكا من الجانب الآخر ، يجعل كلا الطرفين يطمع في بسط نفوذه على الشعب الياباني وليس هناك من يستطيع أن يجد دائما حلا دائما موفقا لمشكلة الروحانية المضطربة لدى شعب اليابان .
وفي يقيني أن تعاليم الإسلام وحدها ولا شيء سواها هي التي تقدم ولا ريب الحل الذي طال البحث عنه لا سيما في مبدأ الأخوة في الإسلام الذي ينال مني كل إعجاب فالمسلمون كلهم أخوة , ويأمرهم الله أن يعيشوا في سلام ، وأن تسودهم روح الألفة ، وإنني مؤمن بأن هذا الطراز من الأخوة الحية هو أشد ما يفتقر إليه العالم في يومنا هذا .
وفي الصيف الماضي قد من الباكستان ثلاثة من المسلمين إلى توكوشيما وقد تعلمت منهم الشيء الكثير عن الإسلام ودعوته . ثم حظيت بمعاونة كل من السيدين موتيوالا من كوبا وميتا من طوكيو فاعتنقت الإسلام .
وأخيرا فإنني أتطلع ويحدوني الأمل الواسع إلى أن يأتي يوم تضفي فيه روابط الإسلام روحا جديدة على المسلمين في العالم من كل حدب وصوب وأن تعود هذه الرسالة الربانية لتملأ مسامع الدنيا من جديد وأن تسود كل بقاعها فيصبح كوكبنا الأرضي جنة نعيم تغمر فيها السعادة الحقة خلق الله جميعا ، بالغين في ظلها ما يريد الله لهم من كمال الحياة بشطريها المادي والروحي .
تعليق