بسم الله الرحمن الرحيم
المسيح عليه السلام برىء من قولهم
مقدمة
لقد سبق ونشرت تعليقاً على المثل الذي جاء ذكره على لسان المسيح عليه السلام في إنجيل متى والذي يعرف في كتاب النصارى بمثل الكرامين ، هذا المثل خاطب فيه ابن مريم عليهما السلام اليهود وأعلن لهم صراحة ما كان منهم وما سيؤول إليه أمرهم ، وبشر فيه بمبعث الأمة التي ستحمل أعباء الدعوة إلى الله عز و جل بعد أن تخاذل اليهود وركنوا إلى شهوات الدنيا وحظوظ النفس .
ولقد جمعني لقاء طيب مبارك ببعض إخواني وأحبائي ممن أسمع لقولهم وأسترشد برأيهم وعرضوا علىّ بعض الأفكار التي تثري التعليق على المثل ، فكان علىّ بعدها أن أعيد صياغته بصورته الجديدة ، بعد أن وجدت أن نفعه صار أكبر وأفكاره صارت أكثر .
وقد وفقني الله عز وجل إلى تقسيم التعليق إلى تمهيد وعدة فصول ، بحيث يسهل على قارئه أن يلم بكل فكرة على حدة ، كما أنني أرجأت التعليق على العدد الذي قال فيه المسيح عليه السلام وهو يصف أمة الإسلام بالحجر : " وَمَنْ سَقَطَ عَلَى هذَا الْحَجَرِ يَتَرَضَّضُ ، وَمَنْ سَقَطَ هُوَ عَلَيْهِ يَسْحَقُهُ " إلى مقال آخر خشية التطويل على القارىء الكريم ، وذلك لأن العدد المومى إليه يتعلق الكلام فيه بسفر من أسفار الأنبياء في العهد القديم ألا وهو سفر دانيال الذي جاء فيه بشارة بأمة وصفت بقديسي العلي ، وقد اضطررنا إلى مناقشة أراء علماء النصارى الذين خاضوا في شرح رؤى سفر دانيال بما ستراه قريباً إن شاء الله تعالى .
وقد تضمن المقال الذي بين يديك الآتي :
التهيئة و الإعداد لتسليم الشريعة .
إساءة اليهود .
لقاء الفرصة الأخيرة .
القتل لم يكن إلا سبب الهلاك .
ثمرة العصيان .
بنو إسماعيل .
وكتبه
حنظلـــة
حنظلـــة
تمهيد
قبل الدخول في التعليق على كلام المسيح عليه السلام الذي وجهه إلى اليهود من خلال السياق الذي رواه متى في نهاية الإصحاح الحادي والعشرين من البشارة المنسوبة إليه
علينا أن نرجع إلى صدرالإصحاح العشرين حيث بدأ المسيح عليه السلام يلمح إلى العقوبة التي تنتظر إسرائيل ـ وكل أمة تنتهج سيرتهم ـ إذا خالفت وصايا الله عزوجل ، وهي عقوبة الاستبدال .
قال المسيح عليه السلام : "إِنَّ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلاً رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ لِيَسْتَأْجِرَ فَعَلَةً لِكَرْمِهِ، فَاتَّفَقَ مَعَ الْفَعَلَةِ عَلَى دِينَارٍ فِي الْيَوْمِ، وَأَرْسَلَهُمْ إِلَى كَرْمِهِ " . متى 20 : 1 – 2 .
قال متى هنري : " لم يكن هنالك في عصر الإنجيل أكثر غموضا من رفض اليهود ودعوة الأمم ، والسماح للأمم بأن يكونوا شركاء في الميراث ، ولم يكن هناك شيء يغيظ اليهود أكثر من الإشارة إلى هذا ... وفي هذا المثل نجد أمرين : الاتفاق مع الفعلة ، ثم محاسبتهم .
حيث تبرز الأسئلة الآتية :
1 ـ من هو الذي استأجرهم ؟ .
ج : " رجل رب بيت " الله هو رب البيت الأعظم الذي نحن له والذي نعبده .
2 ـ من أي مكان استأجرهم ؟ .
ج : " في السوق " حيث كانوا قياما بطالين قبل أن يستأجروا لخدمة الله .
3 ـ لماذا استأجروا ؟ .
ج : ليعملوا في كرمه . " (1)
حيث تبرز الأسئلة الآتية :
1 ـ من هو الذي استأجرهم ؟ .
ج : " رجل رب بيت " الله هو رب البيت الأعظم الذي نحن له والذي نعبده .
2 ـ من أي مكان استأجرهم ؟ .
ج : " في السوق " حيث كانوا قياما بطالين قبل أن يستأجروا لخدمة الله .
3 ـ لماذا استأجروا ؟ .
ج : ليعملوا في كرمه . " (1)
ماذا كان يقصد المسيح عليه السلام بملكوت السماوات ؟ .
إن الكرم الذي يقصده المسيح عليه السلام هو الشريعة ، أنه يضرب مثلاً لشريعة الله عز و جل فالشريعة كالكرم الذي يحتاج إلى عمال فعلة يقومون بالمحافظة عليه ، ورعايته ، وإعطاء أثماره في موعدها لصاحبه .
إنّ صاحب الكرم خرج يستأجر لكرمه عمالاً ، وبالفعل وجد ضالته في بعضهم واتفق معهم على العمل طوال اليوم في مقابل دينار فوافقوه .
إنه يقصد أنّ الله عز و جل اختار أمة من الناس لكي يتحملوا أداء الأمانة ، ويقيموا شريعته في أرضه ، ووعدهم بأن لهم الفضل في الدنيا ، والنعيم المقيم في الآخرة .
ثم قال المسيح عليه السلام : " ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ وَرَأَى آخَرِينَ قِيَامًا فِي السُّوقِ بَطَّالِينَ فَقَالَ لَهُمُ : اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا إِلَى الْكَرْمِ فَأُعْطِيَكُمْ مَا يَحِقُّ لَكُمْ . فَمَضَوْا . وَخَرَجَ أَيْضًا نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ وَالتَّاسِعَةِ وَفَعَلَ كَذلِكَ . " متى 20 : 3 – 5 .
الساعة الثالثة هنا يقصد بها الساعة التاسعة صباحاً كما جاء في ترجمة أخرى : " ثم خرج نحو الساعة التاسعة ، فرأى عمالا آخرين واقفين في الساحة بطالين " المشتركة .
وكذلك يقصد بالساعة السادسة وقت انتصاف النهار ـ الثانية عشر ظهراً بتوقيتنا المعاصر ـ وكذلك يقصد بالساعة التاسعة وقت العصر ـ الثالثة بعد الزوال بتوقيتنا المعاصر ـ كما جاء في ترجمة أخرى قوله : " وخرج أيضا نحو الظهر، ثم نحو الساعة الثالثة ، وعمل الشيء نفسه " المشتركة .
والسؤال : ما الذي دعا صاحب الكرم ليخرجَ عدة مرات من أجل أن يستأجر عمالاً لكرمه رغم أنه قد اسـتأجر بالفعل عمالاً في الصباح الباكر ؟ .
حتما ً هناك ما حمله على فعل ذلك .
إنْ جاز لنا أنْ نخمنَ فيمكننا القول : إنّ الفعلة الأولين قد تكاسلوا في عملهم ، أو لعلهم عجزوا عن القيام بأعباء العمل كما ينبغي .
لقد أراد صاحب الكرم أن يَتم العمل كما كان يريد ، فخرج في الساعة التاسعة صباحا ً فوجد عمالاً بطالين بدون عمل ، فاستأجرهم ، ولكنهم كانوا أردياء مثل الأولين ، فخرج في ساعة الظهيرة ليبحث عن غيرهم ، ولم يكد الوقت يمر حتى تخاذلوا كالسابقين ، فخرج في الساعة الثالثة في وقت العصر ، فوجد عمالاً بطالين بدون عمل ، فساومهم على العمل مقابل أجراً فوافقوه .
ثم قال المسيح عليه السلام : " ثُمَّ نَحْوَ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ خَرَجَ وَوَجَدَ آخَرِينَ قِيَامًا بَطَّالِينَ فَقَالَ لَهُمْ : لِمَاذَا وَقَفْتُمْ ههُنَا كُلَّ النَّهَارِ بَطَّالِينَ؟ . قَالُوا لَهُ : لأَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْجِرْنَا أَحَد ٌ. قَالَ لَهُمُ:اذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا إِلَى الْكَرْمِ فَتَأْخُذُوا مَا يَحِقُّ لَكُمْ " متى 20 : 6 – 7 .
والساعة الحادية عشرة توافق الساعة الخامسة بعد العصر كما جاء في ترجمة أخرى : " وخرج نحو الخامسة مساء ، فلقي عمالا آخرين واقفين هناك ، فقال لهم : ما لكم واقفين هنا كل النهار بطالين؟ " المشتركة .
لقد سألهم صاحب الكرم : لماذا تقفون هنا بطالين طوال اليوم ؟ .
فقالوا له : لم يستأجرنا أحد .
فقالوا له : لم يستأجرنا أحد .
وهذا يذكرنا بقول المسيح عليه السلام لليهود في مثل الكرامين : "أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ فِي الْكُتُبِ : الْحَجَرُ الَّذِي رَفَضَهُ الْبَنَّاؤُونَ هُوَ قَدْ صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ ؟ " متى 21 : 42 .
إن العمال الذين وجدهم صاحب الكرم هم الحجر الذي رفضه البناؤون ، هم الذين لم يستأجرهم أحد طوال النهار ، إنهم الأمة التى تُعطى ملكوت الله حتى تؤدي أثماره . وسيأتي بيانه .
ثم جاء وقت الحساب .
قال المسيح عليه السلام : " فَلَمَّا كَانَ الْمَسَاءُ قَالَ صَاحِبُ الْكَرْمِ لِوَكِيلِهِ : ادْعُ الْفَعَلَةَ وَأَعْطِهِمُ الأُجْرَةَ مُبْتَدِئًا مِنَ الآخِرِينَ إِلَى الأَوَّلِينَ . فَجَاءَ أَصْحَابُ السَّاعَةِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ وَأَخَذُوا دِينَارًا دِينَارًا . فَلَمَّا جَاءَ الأَوَّلُونَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَكْثَرَ . فَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا دِينَارًا دِينَارًا . "
متى 20 : 8 – 10 .
متى 20 : 8 – 10 .
لقد أعطى صاحب الكرم العمال الآخرين نفس أجر العمال الأولين . رغم أنهم لم يعملوا نفس المقدار من الزمن ، ولكنه كافأهم لأن العمل تمّ بهم ، وقد أدّوا ما طلب منهم ، بعد أن أعطوا الأثمار لصاحب الكرم بينما عجز عن تأديتها الأولون .
ثم قال المسيح عليه السلام : " وَفِيمَا هُمْ يَأْخُذُونَ تَذَمَّرُوا عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ قَائِلِينَ : هؤُلاَءِ الآخِرُونَ عَمِلُوا سَاعَةً وَاحِدَةً ، وَقَدْ سَاوَيْتَهُمْ بِنَا نَحْنُ الَّذِينَ احْتَمَلْنَا ثِقَلَ النَّهَارِ وَالْحَرَّ! فَأجَابَ وَقَالَ لِوَاحِدٍ مِنْهُم : يَا صَاحِبُ ، مَا ظَلَمْتُكَ ! أَمَا اتَّفَقْتَ مَعِي عَلَى دِينَارٍ؟ فَخُذِ الَّذِي لَكَ وَاذْهَبْ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَ هذَا الأَخِيرَ مِثْلَكَ . أَوَ مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَفْعَلَ مَا أُرِيدُ بِمَا لِي ؟ أَمْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةٌ لأَنِّي أَنَا صَالِحٌ؟ " متى 20 : 11 – 15 .
" هنا نرى طبيعة الحسد ، هو عين شريرة . كثيرا ما كانت العين هى المدخل لهذه الخطية ـ يقصد الحسد ـ إنها عين شريرة تلك التي تستاء من خير الآخرين وتتمنى ضررهم .... الحسد هو عدم التمثل بالله ، بل هو مقاومة لله والاعتراض عليه ، هو كراهية لتصرفاته ، واستياء مما يعمل ومما يسر به ، هو كسر مباشر للوصيتين العظيمتين في وقت واحد : محبة الله الذي ينبغي أن نخضع لإرادته ، ومحبة القريب الذي ينبغي أن نفرح لخيره (2) " (3) .
لقد اعترض العمال الأولون على صاحب الكرم ، بل تذمروا عليه قائلين : كيف تساوي بيننا وبين الآخرين في الأجر ولم يعملوا مثل ما عملنا ؟ .
فقال لهم صاحب الكرم : أنا أعطيتكم حقكم الذي وافقتموني عليه وقبلتوه . فما الذي يمنعني بعد أنْ أعطيتكم حقكم الذي لكم أنْ أفعل في مالي ما أريد ؟!.
فقال لهم صاحب الكرم : أنا أعطيتكم حقكم الذي وافقتموني عليه وقبلتوه . فما الذي يمنعني بعد أنْ أعطيتكم حقكم الذي لكم أنْ أفعل في مالي ما أريد ؟!.
ولما انتهى المسيح عليه السلام من سرد المثل قال مقرراً : " هكَذَا يَكُونُ الآخِرُونَ أَوَّلِينَ وَالأَوَّلُونَ آخِرِينَ ، لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ " . متى 20 : 16
لقد صار عمال الساعة الخامسة مساءً في مقدمة الناس ، لأن العمل الذي كُـلِّفوا به قد تمّ على أيديهم ، أما العمال الذين جاؤا قبلهم فقد صاروا بعدهم في المنزلة ، لأنهم عجزوا عن تأدية الأثمار في أوقاتها .
إنّك إنْ تأملتَ في هذا المثل (4) بعمق ٍ ، وتفكرت َ فيه بتدبرٍ ، سيتحقق لديك أنّ المسيح عليه السلام يلمح إلى أنّ ملكوت الله ـ الشريعة ـ سيؤول إلى أمة آخرى غير اليهود .
هذا التلميح هو خير مدخل نستهل به كلامنا قبل أن نبدأ في محاولة تبيين المثل الذي نحن بصدده .
تم الجزء الأول الذي اشتمل على مقدمة وتمهيد
ويليه الجزء الثاني بعنوان التهيئة والإعداد لتسليم الشريعة
أتم الله إخراج الكل على خير
ويليه الجزء الثاني بعنوان التهيئة والإعداد لتسليم الشريعة
أتم الله إخراج الكل على خير
الهوامش
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) متى هنري ، تفسير انجيل متى صـ 171 و 172 بتصرف ، طبعة م . المحبة .
(2) يشير إلى النص الآتي : " فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَأَلَهُ: « أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟ » فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ : اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ . هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى . وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ : تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ . لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ . فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ : « جَيِّداً يَا مُعَلِّمُ . بِالْحَقِّ قُلْتَ لأَنَّهُ اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ اْلمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ ». فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْلٍ قَالَ لَهُ: « لَسْتَ بَعِيداً عَنْ مَلَكُوتِ اللَّه ِ» " .
مرقس 12 : 28 ـ 34 .
(3) متى هنري ، تفسير انجيل متى صـ 180 بتصرف . طبعة م . المحبة .
(4) وقد قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم : " إنما بقائكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أعطى أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فاعطوا قيراطا قيراطا وأعطى أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر ثم عجزوا فاعطوا قيراطا قيراطا ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غروب الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين فقال أهل التوراة والأنجيل ربنا هؤلاء أقل عملا وأكثر أجرا فقال هل ظلمتكم من أجركم من شيء قالوا لا فقال فضلي أوتيه من أشاء " البخاري .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) متى هنري ، تفسير انجيل متى صـ 171 و 172 بتصرف ، طبعة م . المحبة .
(2) يشير إلى النص الآتي : " فَجَاءَ وَاحِدٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَسَأَلَهُ: « أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ أَوَّلُ الْكُلِّ؟ » فَأَجَابَهُ يَسُوعُ: إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ : اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ . هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى . وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ : تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ . لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ . فَقَالَ لَهُ الْكَاتِبُ : « جَيِّداً يَا مُعَلِّمُ . بِالْحَقِّ قُلْتَ لأَنَّهُ اللَّهُ وَاحِدٌ وَلَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ. وَمَحَبَّتُهُ مِنْ كُلِّ الْقَلْبِ وَمِنْ كُلِّ الْفَهْمِ وَمِنْ كُلِّ النَّفْسِ وَمِنْ كُلِّ الْقُدْرَةِ وَمَحَبَّةُ الْقَرِيبِ كَالنَّفْسِ هِيَ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ اْلمُحْرَقَاتِ وَالذَّبَائِحِ ». فَلَمَّا رَآهُ يَسُوعُ أَنَّهُ أَجَابَ بِعَقْلٍ قَالَ لَهُ: « لَسْتَ بَعِيداً عَنْ مَلَكُوتِ اللَّه ِ» " .
مرقس 12 : 28 ـ 34 .
(3) متى هنري ، تفسير انجيل متى صـ 180 بتصرف . طبعة م . المحبة .
(4) وقد قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم : " إنما بقائكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أعطى أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فاعطوا قيراطا قيراطا وأعطى أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر ثم عجزوا فاعطوا قيراطا قيراطا ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غروب الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين فقال أهل التوراة والأنجيل ربنا هؤلاء أقل عملا وأكثر أجرا فقال هل ظلمتكم من أجركم من شيء قالوا لا فقال فضلي أوتيه من أشاء " البخاري .
وفي رواية أخرى أنه قال : " مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوما يعملون عملا يوما إلى الليل على أجر معلوم فعملوا إلى نصف النهار ثم قالوا لا حاجة لنا في أجرتك التي شرطت لنا ما عملنا باطل فقال لهم لا تفعلوا اعملوا بقية يومكم ثم خذوا أجركم كاملا فأبوا وتركوا ذلك عليه واستأجر قوما آخرين من بعدهم فقال اعملوا بقية يومكم هذا ولكم الذي شرطت لهؤلاء من الأجر فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا لا حاجة لنا فيه فقال لهم كملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير خذوا أجركم فأبوا عليه فاستأجر قوما آخرين فعملوا له بقية يومه حتى إذا غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين والأجر كله فذلك مثل اليهود والنصارى الذين تركوا ما أمرهم الله ومثل المسلمين الذين قبلوا هدى الله وما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم " البخاري .
إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقررُ أنّ ما تنبأ به المسيح عليه السلام منذ قرون قبله قد تمّ ، وصارت الأمة البطالة هي الأمة العاملة . وصار الأولون آخرون ، والآخرون أولون . وهي سُنّة من سُنن الله في كونه ، قال الله تعالى : " وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ " سورة " محمد " " 38 " . اهـ
تعليق